• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة البقرة.. الآيات (92: 98)

تفسير سورة البقرة (28)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2012 ميلادي - 20/5/1433 هجري

الزيارات: 33242

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة.. الآيات (92: 98)

 

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [92].

هذه الآية من جملة الآيات الفاضحة لليهود، والمبطلة لدعاويهم الطويلة العريضة، والمكذبة لهم في زعمهم الإيمان، وقصرهم له على ما أنزل إليهم، واحتكارهم رسالات الله على شعبهم، بأن الله يقول لهم: يا معشر يهود الذين رفضتم الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، محتجين بأنكم تؤمنون بما أنزل عليكم فقط، وتكفرون بما وراءه، وهو الحق مصدقاً لما معكم، إنكم كاذبون في زعمكم، وكافرون بما أنزل إليكم قبل كفركم بمحمد صلى الله عله وسلم، فاذكروا (إذ جاءكم موسى بالبينات)، بالآيات القاهرة، والمعجزات الباهرة، جاءكم بما لم يأت به نبي في العالمين، جاءكم بمعجزات تبهر العقول، وتخضع الرقاب، من اليد والعصا، وفلق البحر، وإخراج عيون الماء من الحجر الصغير، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى، كما جاء بسلطان مبين، شل حركة فرعون وطاغوتيَّته المتسلطة، وجعله يشحذ السحرة، معلناً اتباعهم عن كانوا هم الغالبين، كما جاء بآيات زاجرات من الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات، أرهبت آل فرعون، ورفعت من شأن بني إسرائيل ثم بعد ذلك حصل إنجاؤهم من آل فرعون وإغراقهم، وأنتم يا بني إسرائيل تنظرون إليهم... بعد هذه الآيات الباهرات، وهذه النعم العظيمة، يأتيكم موسى بالبينات، فما كان موقفكم منها؟ كان موقفكم هو أن ﴿ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ يا عجباً من أمة هذه أفعالها، وحصيلة عقولها، وغاية تربيتها، وفساد ضمائرها، كيف لا يستحون من الدعاوى الباطلة؟ إنهم إن يكذبوا على محمد صلى الله عليه وسلم فهل يعتبرونه كرجل عادي لا يخبره الله بما يفضحهم، ويهتك سرائرهم؟ إنهم لا يكذبون على رجل عادي تنطلي عليه أوهامهم وأباطيلهم، بل كذبوا والحمد لله على أشرف رسول مؤيد من بربه بالوحي الذي يفضحهم، وينقد زيفهم، ولهذا تعقبهم سبحانه بكشف حقيقتهم، لينصر نبيه صلى الله عليه وسلم بالحجج التي تدينهم من أفعالهم وأقوالهم، وقد جاء ذكر عبادتهم العجل قبل هذه الآية جاء في سياق تعداد النعم عليهم، هذه الآية، وسيأتي بعدها ذكر له، وكل محل منها فائدة، فذكر العجل قبل هذه الآية جاء في سياق تعداد النعم عليهم، تلك النعم العظيمة التي لم يكن لها من الشكر عندهم إلا اتخاذ عجل يعبدونه من دون الله المنعم المتفضل، أما ذكر العجل هنا، فهو للتدليل على أن جمع الآيات البينات، المؤيدة لنبوة موسى، والشاهدة على وحدانية الله، وعظيم قدرته، وقوة قهره وسلطانه، لم تزدهم - والعياذ بالله – إلا تعمقاً في الشرك، وانهماكاً في الوثنية، ووجه الارتباط بين هذه الآية والتي قبلها، هو المقابلة بين معاملتهم لموسى عليه السلام وبين معاملتهم لمحمد صلى الله عليه وسلم ليكشف الله حقيقتهم، ويهلهل شبهاتهم في دعواهم الإيمان بما أنزل إليهم، والاكتفاء به دون ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم عاملوا موسى أفظع مما عاملوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنهم لم يؤمنوا بما أنزل إليهم من قبل، وذلك لأن من آمن بالبعض وكفر بالبعض صار كافراً بجميع الأنبياء والمرسلين، فلا يستقيم لليهود دعوى الإيمان بموسى حتى يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما أنزل إليه لأن كلاً منهما جاء مصدقاً للآخر. وما نزل على موسى ذكر مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته الكاملة، والأمر بالإيمان به، وفيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم تكرار ذكر موسى، وما أيده الله به من الآيات، ووجوب الإيمان به وبجميع إخوته من الأنبياء والمرسلين، كما لا يستقيم الإيمان بعيسى، ممن يزعم النصرانية أو المسيحية، حتى يؤمن بجميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين عموماً، وبمحمد صلى الله عليه سلم خصوصاً، لأن عيسى عليه السلام جاء مبشراً به، فكل من لم يؤمن به من زاعمي المسيحية، فهو كافر بعيسى، ولا يقبل منه دعوى الإيمان أبداً. وقد قدمنا الكلام في أن تحميل ما جرى من أسلافهم، إنما هو لارتباطهم بهم، وتقليدهم لهم، وتكافلهم معهم، واشتراكهم في تلك الأخلاق والسجايا التي عابها القرآن، وأنهم كالشخص الواحد في المسئولية، وأن ما تبلى به الأمم من الحسنات والسيئات، إنما هو بسبب الأخلاق الغالبة عليها، والأعمال المنبعثة منها، وأن ما جرى من بني إسرائيل من صنوف المنكرات، وضروب التمرد، ليس صادراً من مصادفة، وإنما هو عن خبث سريرة، وفسوق عميق، وأن مشاركة بعضهم بعضاً في الإثم، سببه الإقرار من جهة، وعدم الإنكار من جهة أخرى لأن من أنكر المنكر فقد سلم، ولكن البلية فيمن رضي وتابع، كما قاله صلى الله عليه وسلم، ولو أنكر بعضهم ما جرى من البعض الآخر لما أشركهم الله جميعاً في الجريمة، فليتنبه المسلمون لإنكار المنكر من أي فئة أو موطن، حتى لا يعمهم العذاب.

 

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [93].

 

بعد ما ذكرهم الله بظلمهم الشنيع الفظيع باتخاذهم العجل إلهاً من دون الله كإنكار لهم في زعمهم الإيمان بما أنزل إليهم، أعاد تذكيرهم بأخذ الميثاق عليهم، ورفع الطور فوقهم، وقد قال فيما مضى ﴿ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ﴾ يعنى: احفظوه، وقال هنا: ﴿ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ﴾ يعنى: افهموا وأطيعوا، لأن من لم يحقق الطاعة لم يحقق الاستماع، وعبارة الأولى والثانية تلتقيان في المعنى الذي هو للحث على الفهم والعمل، وحفظ حدود ما أنزل إليهم من ربهم بالتطبيق العملي، وقد التفت الله في هذه الآية عن خطاب الحاضرين إلى الحكاية عن أسلافهم الأولين، حيث أخبر عنهم أنهم: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ يعنى: أنهم قبلوا الميثاق وفهموه، ولكنهم لم يعلموا به، بل خالفوه بالتأويل تارة وبالتعنت والهجران تارة، والتأويل للنصوص القاطعة يعتبر تحريفاً وتزييفاً، ثم إنهم هل قالوا: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ بلسان الحال أو بلسان المقال؟ قال بعض المفسرين: إن هذا خبر عن لسان حالهم بإصرارهم على المخالفة وعدم انفتاح قلوبهم للأوامر، فموقفهم من التمادي في الإعراض تعلن عن حالهم أنهم قالوا: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ وبعض المفسرين حمل النص على ظاهره، إذ لا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل، فقالوا إن بني إسرائيل نطقوا بهذه الكلمة البشعة بأفواههم فقالوا: سمعنا قولك (خذوا واسمعوا) وعصينا أمرك فلا نأخذ ولا نسمع سماع الطاعة، قال ابن عباس: كانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا سمعنا وأطعنا، وإذ نظروا إلى الكتاب، قالوا سمعنا وعصينا - وفي هذا دليل على قوة لجاجتهم وبشاعتها وأن أعظم المخيفات لا تؤثر في قلوبهم القاسية، لأن رفع الجبل فوقهم كأنه ظلة من أعظم المخيفات، ومع هذا فقد أصروا على كفرهم وعنادهم حتى صرحوا بقولهم سمعنا وعصينا، فكيف هذا التخويف والإرهاق لا يجرهم إلى الانقياد؟ إن قلوبهم مريضة وضمائرهم فاسدة.

 

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾ الإشراب: هو مخالطة المائع للجامد، وتوسعوا فيه حتى صار للونين يقال بياض مشرب بحمرة، وإشراب الشيء بالشيء مخالطته إياه، وامتزاجه به، أو هو من الشرب، كأن الشيء المحبوب شراب مستساغ يسري في قلب المحب ويمازجه، قال الشاعر:

إذا ما القلب (أُشرب) حب شيء ♦♦♦ فلا تأمل له عنه انصرافا

 

وهذه الاستعارة من فرائد الاستعارات التي يتمثل بها عند ذكر بلاغة القرآن، وفي هذه الآية حذف مضاف يعني: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ ﴾ حُب ﴿ الْعِجْلَ ﴾ وذكر القلوب لبيان مكان الإشراب، يفيد المبالغة في إثباته، والمعنى داخَلَهم حب العجل ورسخ في قلوبهم صورته، لفرط شغفهم به، كما يداخل الصبغ الثوب، ومن عادة العرب أنهم إذا عبروا عن مخامرة حب أو بغض استعاروا له اسم الشراب، لأنه أبلغ مستساغ في البدن. وذهب بعض الجامدين على الظواهر إلى أن المراد به الشرب الحقيقة وغفلوا عن قوله تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ والشراب الحقيقي لا يكون في القلب، وأيضاً فإن الإشراب غير الشرب، فالإشراب يعبر عنه بالمخالطة والامتزاج في الصرف اللغوي الذي لا يقبل الجدل، فما أبعدهم عن الصواب، وقد عبر الله عن إشراب قلوبهم حب العجل بكفرهم ليصور لنا أقبح أمثلة عصيانهم، بعبارة مدهشة في بلاغتها، وقوله سبحانه: ﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ الباء هنا للسببية، أي سبب هذا الحب الشديد بعبادة العجل، هو ما كانوا عليه من الوثنية كابراً عن كابر، بحيث لم تنفع فيهم تربية النبوة في وقت قصير.

 

وهذه الآية فيها تذكير لبني إسرائيل، تذكير آخر بأسلوب آخر، بما أخذ الله عليهم عهده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً من الأشياء أبداً، وأن يعملوا بشريعته، ويتقبلوا وصاياه، ويأخذوها بقوة، وكان آخر هذا العهد عليهم في موقف رهيب مدهش مخشع، يعينهم على أخذه بالجد والعزيمة لأن الجبل كان مرفوعاً فوقهم بصفة خارقة للعادة غير معهودة، بحيث يظنون أنه واقع بهم، ومع هذا لم يلبثوا أن نقضوا هذا الميثاق، وتركوا العمل به، وعبدوا عجلاً صاغوه بأيديهم من حليهم، بأيديهم عن حب متعمق في قلوبهم، قد خالط نفوسهم، وغلب على عقولهم، وأحاسيسهم، لما فيها من الخواء الروحي والعياذ بالله، وقد ذكر الله في غير هذه الآية، وذلك في الآية (63) قبلها أنهم تولوا عن الأخذ بالميثاق بعد الأمر بالتزامه وحفظه رجاء التقوى وسيأتي في الآية (172) من سورة الأعراف تكرار لذلك بزيادة، والآية التي نحن في تفسيرها، مع ما فيها من المخالفة للآية (63)، في الأسلوب، فإنها متحدة معها في المعنى، إذ هي لإقامة الحجة على اليهود الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم محتجين أنهم يؤمنون بشريعة لا يطالبهم الله بالإيمان بغيرها، فجاء الله بهذه الآية تكذيباً لهم، مخبراً أنهم قد تمردوا على موسى من قبل، وأنه لم تجْد معهم المواقف الرهيبة، من رفع الجيل فوق رءوسهم، ولذا ختم الله هذه الآية بالأمر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم ﴿ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾، يعنى: إن صح ما تزعمونه من الإيمان، والإيمان الحقيقي يسلتزم العمل بما له من السلطان على النفوس، فبئسما يأمركم به ذلك الإيمان من عبادة العجل، ونقض ميثاق الله، وقتل الأنبياء، هذا في أولائكم فما عملتموه من الكفر ببعض الكتاب الذي يعتبر كفراً بجميعه، ومن إعراضهم عما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فبئسما يأمركم به إيمانكم حسبما تزعمون، وإسناد الأمر إلى الإيمان وإضافته إلى ضميرهم للتهكم، كما في قوله تعالى: ﴿ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ ﴾ [هود: 87] والمخصوص بالذم محذوف أكثره في هذه الآية، لم يذكر منه إلا قولهم: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾، ولكن ذكر فيما مضى، وقد أشرنا إليه في تفسيرها بالذات من قتلهم الأنبياء وغيره، وقوله سبحانه: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ قدح في دعواهم الإيمان بالتوراة، وإبطال لتلك الدعوى الكاذبة، يعني: إن كنتم مؤمنين، فإن إيمانكم لم يرخص لكم في القبائح التي فعلتم، فإن كنتم مؤمنين فقد أمركم إيمانكم بالباطل، فبئسما يأمركم به ذلك الإيمان، لكنكم في الحقيقة غير مؤمنين لأن الإيمان لا يأمر بالباطل، فهذه حجة عليهم بطبيعة الإيمان وأثره في النفوس، إذ أي إيمان يبقى معهم بعد قولهم: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾، سواء قالوه بأفواههم أو بسوء أفعالهم، لأن المبدأ الكلي في دين الله أنه لا قيمة للأقوال ما لم تصدقها الأعمال، لأن الدعاوى لا تتعذر على أحد، لكن المحك الذي يظهر به صدق الدعاوى والأقوال هو صلاح الأعمال ومطابقتها لحكم الله ومرضاته.

 

قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [94].

 

هذا دحض من الله وردٌّ قامع قاطع لدعاويهم لطويلة العريضة، وأمانيهم المفتراة، فإنهم يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأنهم أحباب الله، وأنهم الفائزون في الدار الآخرة وحدهم، ليس لسواهم فيها نصيب، والله سبحانه لا يعبأ بهذه الدعاوى والمفتريات، لكن لما كان هدفهم من ترويج هذه الدعاوى والأباطيل زعزعة ثقة المسلمين بدينهم وبوعود ربهم، تصدى الله سبحانه لدحضهم وكشف مخازيهم وأباطيلهم بهذا التحدي القاطع الدامغ، آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ﴾ الذي يوصلكم إلى ذلك النعيم العظيم الذي لا مثيل له، والذي يصفو لكم لكم وحدكم ولا يشرككم فيه أحد ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في دعواكم لأن التمتع بنعيم الآخرة ساعة واحدة أفضل من التمتع بنعيم الدنيا آلاف السنين لأن نعيم الدنيا مشوب بالمصائب والأحزان والأكدار، وأنواع الشقاء والنصب بخلاف دار النعيم في الآخرة فإن أهلها ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر: 48] فإن المؤمل لنعيم الآخرة لا يفضل عليه شقاء الدنيا وأحزانها، إذ لا يفضل حياة الدنيا على نعيم الآخرة إلا من ليس مؤمناً به أو لا يرجوه، بل يخشى من جحيم الآخرة، لما يعرف من مساوئه وقبيح أفعاله التي تجعله مستوحشاً من ربه، كما قال الشاعر:

أسأتَ إلي فاستوحشتَ مني ♦♦♦ ولو أحسنتَ أنَّسكَ الجميلُ

 

ولقد كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان، يسارعون إلى الجهاد تعشقاً للموت، وحرصاً عليه، وشراء للجنة رغبة في نعيمها، فلقد ألقى عمرو بن الحمام يوم بدر تمرات في يده يأكل منها دفعاً للجوع قائلاً: (لئن بقيت إلى أن آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة)[1]، وأمثال هذا كثير كالشهيد عبد الله بن رواحة لما أتاه ابن عمه يعرق من لحم، وقال له: أقم صلبك فقد لبثت أياماً في المعركة لم تأكل، فلما نهشها سمع الحطمة في جانب الجيش، فقال لنفسه: أنأكل اللحمة وأنت تسمع الحطمة؟ فرمى بها وشد حملته على الروم حتى قتل وهو يرتجل:

يا حبذا الجنة واقترابها ♦♦♦ طيبة وبارد شرابها[2]

 

وأمثال هؤلاء كثير في تاريخ المسلمين قد ملأ الطروس، وذلك لصدقهم في رجاء الجنة، وثقتهم القوية بوعد ربهم، الذي أحسنوا معه المعاملة، أما اليهود فعلى النقيض من ذلك، يتبجحون بالدعاوى الكاذبة التي هي افتراء على الله وهم أحرص الناس على الحياة كما سنفصله.

 

نعم إن اليهود على النقيض مما يزعمون، وإنهم يعرفون أنهم كاذبون في زعم اختصاصهم بنعيم الدار الآخرة، وكونها خالصة لهم من دون الناس، ولهذا تحداهم الله بهذا التحدي القاطع الدامغ قائلاً: ﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ لأن الصادق لا يكتفي بمجرد تمني الموت، بل يحرص عليه، ويقذف بنفسه في المعمعة، ويكون في طليعة المجاهدين، ويضرع إلى الله بطلب الشهادة صادقاً، ويسأله أن يلحقه بالصالحين. وهذا التحدي الإلهي القاطع يقمع رءوس اليهود، ويخرس ألسنتهم، ويجعل المسلم يشهر عليهم هذا السلاح الداحض، لأنهم يقصدون بتلك الدعاوى زعزعة إيمان المسلمين وتغفيلهم، فالله العليم الحكيم، واسع العطاء، أعطى المسلمين هذا السلاح يشهرونه أمام دعاوئهم، متْحدين لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين، وبهذا التحدي يظهر زيفهم، لأن الصادق يتمنى، بل يحرص عليه غاية الحرص، إذا كان صادقاً في دعواه من اختصاصه برضوان الله من دون الناس، ولكن لما لم يحصل ذلك، بل حصل نقيضه، صاروا كاذبين كذباً مفضوحاً مكشوفاً لا ينطلي على أحد، ولذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 95]. يعني: أنه لن يقع منهم هذا التمني أبداً بأي حال، فإنهم لن يقولوا: (يا ليتنا نموت) بل ولا يحركون شفاههم بكلمة تعطي هذا المعنى، لأنهم يعرفون ما اجترحوا من الكفر والسيئات ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ من تحريف كلام الله بعد ما عقلوه وفهموه، ومن كفرهم ببعضه، وتصميمهم على قتل كل نبي يأتيهم بما لا تهواه أنفسهم، فهم لا ينطقون بأي كلمة تدل على تمني الموت، حتى ولو كذباً، مع عدم اكتراثهم بالكذب، ولكن يخافون قبول الدعوة من الله وهم يوقنون بسوء مصيرهم، وقد أسند الله العمل إلى الأيدي، ولذا جرى العرف اللغوي على جعل اليد كناية عن الشخص، فهذه الآية أوضحت لنا مراد الله من فتح باب التحدي لهم بتمني الموت، إنه للتعجيز الذي سببه عرفانهم بسوء فعالهم، وشدة وحشتهم من الله، فالآية تدل على أن الذي أعجزهم عن النطق بالتمني ليس مجرد النطق، وإنما هو خوفهم مما يستقبلهم من العذاب بما عملته أيديهم، فإن مجرد النطق لا يعجز أحداً، بل كما تفوهوا بتلك الدعاوى يتفوهون بتمني الموت تمنياً كاذباً، لولا ما يعرفونه من قبيح أعمالهم، وشنيع كفرهم، فإنهم لن يقبلوا هذه المباهلة أبداً، خشية أن يستجيب الله دعاءهم فيها، فيسخروا الدنيا التي هي غاية مطلبهم، ويخسروا الآخرة التي ليس لهم فيها نصيب، بما قدمت أيديهم، فيا له من سلاح أعطاه الله لعباده المسلمين المؤمنين، يقمعون به دعاوى المبطلين الذي يتمنون على الله، ولذا ختم الله هذه الآية بقوله: ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ ليوضح لنا سوء طريقتهم وأنهم ظالمون في إصدار الحكم لأنفسهم على الله، بأن الدار الآخرة لهم وحدهم خالصة من دون الناس، أنهم ظالمون ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ علماً كاملاً محيطاً لا يخفى عليه شيء مما ينطقونه أو يخفونه في أنفسهم، فإنه سبحانه يعلم خطرات القلوب ونقراتها، وفي ختام هذه الآية بأن الله عليم بالظالمين، تخويف وتهديد لهم، ولكل من سلك مسالكهم في التمني على الله، وإصدار الحكم لأحد أو فئة أو أمة بجنة أو نار، إلا ما ورد النص به على الإطلاق أو التقييد، ككون الجنة للمتقين، والنار للكافرين على الإطلاق، أو ما ورد النص بأنه من أهل الجنة، أو من أهل النار، وما عدا ذلك فلا يجوز إصدار حكم لأحد، أو على أحد بلا برهان من الله، فإن مثل هذا من عمل اليهود الظالمين.


ثم أخبر الله عباده المؤمنين عن الطبيعة الأصيلة المتأصلة في اليهود والمشركين في كونهم أحرص الناس على الحياة، فكيف يباهلون المسلمون على الموت وهذه طبيعتهم، فقال تعالى: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 96].

 

يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن طبيعتهم المتأصلة فيهم منذ القدم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وذلك بعد ما أرشدنا إلى مباهلتهم لنكولهم وإخراسهم، وعدم السماح لهم بإطلاق الكلم على عواهنه، يخبرنا عن طبيعتهم المشابهة لطبيعة الوثنيين، إنهم أحرص الناس على حياة، وذلك لعدم تقديمهم ما يرجون ثوابه، ولكثرة مساوئهم التي لا تحصى، فإنهم مهما كابدوا في حياتهم من أنواع العقوبات لا يزهدون بها، ولا يسأمون منها، لعدم رجائهم رب العرش العظيم من ورائها؛ لأنهم قد أخربوا آخرتهم بدنياهم، فهم يرتضون عيشة الذل والمهانة، والإرهاق والإرهاب، ويألفونها ويحبونها، دون أن يتطلعوا إلى ما سواها، أو يعملوا على عمارة آخرتهم التي هم واردون عليها، ولا بد له منها وهم راغمون، هكذا ديدن اليهود، وهكذا رغبتهم في الحياة، وحرصهم عليها، وصبرهم على ما يلقون فيها، وإن كانوا لا يرفعون رءوسهم حتى تختفي الهراوات عنها، فهم لا يبالون بما يلاقونه في سبيل الإبقاء على تلك الحياة الرخيصة، فقد شابهوا الوثنيين المشركين، وشاركوهم في الحرص على الحياة، أي حياة كانت ولكن بينهما فارق، لأن المشركين الوثنيين لا يؤمنون بما وراء هذه الحياة من الدار الآخرة فيحق لهم الحرص عليها، وقصر النظر إليها، وأما اليهود فهم أهل كتاب يؤمنون بالدار الآخرة، ويستنصرون على جميع الناس فيها، زاعمين أنها خالصة لهم من دون الناس، وأنهم أحباب الله وأبناؤها وشعبه المختار، فكيف يشابهون الوثنيين في الحرص الشديد على الحياة الدنيا، مع ما يدعونه من اختصاصهم بالفوز في الدار الآخرة؟ حتى صاروا كالمشركين الذين ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ بل كانت تحية الوثنيين ومخاطبة بعضهم بعضاً في العطاس: (عش عشرة الآلف سنة)، من شدة حرصهم على الحياة، دون إلى ما وراءها، وما هذا إلا من بعض عقوبات الله القدرية عليهم، فإن الإيمان بالآخرة نعمة عظيمة، يفيضها الله على قلوب المؤمنين الذين يرجون لقاءه، فتسكن نفوسهم، وتطمئن قلوبهم، ويقل جشعهم وهلعهم، ويسلمون من شرور الحيرة والقلق، وتنتعش أرواحهم بالآمال الصحيحة، وانبعاث الفرحات بين الحين والحين، مما يدفع به عنهم شرور الغم والهم والحزن، لأنهم موصولون بالله بخلاف الكفرة الوثنيين، فإن عدم إيمانهم بالآخرة هو من أفظع عقوبات الله لهم لتضاعف أحزانهم وهمومهم وغمومهم بالمصائب والأحداث، وتزايد وقعها عليهم، مما يجعل بعضهم ينتحر من شدة الجزع والقلق، ثم هل حرصهم على الحياة - لو طالت أعمارهم - يجديهم نفعا؟ لا. كما قال تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ﴾ أي ما هو بمبعده من العذاب ولا منجيه، بل على العكس يكون زيادة عمره زيادة في سيئاته، ومضاعفة لعقوباته في الدنيا والآخرة، والتزحزح في اللغة الابتعاد كما قال الشاعر:

فقالت تزحزح ما بنا كبر حاجة ♦♦♦ إليك وما بنا لفقرك رافعُ

 

قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ لا تخفى عليه خافية من أمرهم ولو عرفوه تماماً لعلموا أن طول العمر لا يخرجهم من قبضته، وأصل ﴿ بَصِيرٌ ﴾ مبصر، ولكن صرف إلى (فعيل) كما صرف مسمع إلى سميع، ومبدع إلى بديع، فالمعنى أنه ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو محيط بجميعها، وحافظ لها وذاكر، حتى يذيقهم جزاءهم عليها، كيف: وهو يبصر النملة الشهباء، على الصخرة الصماء، في اللية الظلماء، ويبصر جناح البعوض في ظلمة الليل البهيم، ويبصر نياط عروقها في جسمها، بل يبصر مخها في ذلك الجسم الحقير النحيل، لو أن المسلمين عاملوا الله بمقتضى هذا الاسم لاستحوا من إبصاره لهم، واطلاعه عليهم في فعل ما لا يرتضيه، أو ترك ما يوجبه، فحسنت أحوالهم، ونالوا درجات المحسنين.

 

ووجه ذكره تعالى المشركين بعد ذكر الناس في قوله: ﴿ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾. أنهم داخلون فيهم للدلالة على مزيد حرص المشركين على الحياة، ولكن اليهود أحرص منهم، لأنهم يعلمون ما يحل بهم من العذاب في الآخرة بخلاف المشككين المنكرين لها، وقد أخرج البخاري وغيره من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا عن آخرهم، ولرأوا مقاعدهم من النار))[3].

 

قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [97].

 

مدلول هذه الآية متصل بما قبلها من مدلولات الآيات السابقة، لأن فيها ذكر شبهات اليهود وتعللاتهم عن الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم زعموا تارة أنهم مؤمنون بكتاب عندهم لا حاجة بهم إلى سواه، فاحتج الله عليهم بما ينقض دعواهم، ويبين أكاذيبهم، وزعموا أنهم ناجحون في الدار الآخرة، مختصون بسعادتها من دون الناس، فأبطل الله زعمهم، وأرشد نبيه صلى الله عليه وسلم إلى مباهلتهم على الموت؛ لأن المعتقد بأنه السعيد الوحيد في الآخرة لا يفضل الدنيا عليها، بل يطلب الموت ليرتاح من شقاء الدنيا، وينعم بسعادة الآخرة، فخسئوا وانقطعوا، وأخير الله عنهم، لن يتمنوا الموت أبداً لما يعلمون في الحقيقة من سوء مصيرهم على خبث أعمالهم، ثم جاءوا بتعلل آخر أغرب من سابقه، وهو أن جبريل عليه السلام الذي ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي هو عدوهم من الملائكة، فلا نؤمن بوحي يجيء به، ولو كان الذي يجيء به وغيره كميكائيل لأمنا، وقد أخرج الإمام أحمد وعبد بن حميد والإمام ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبو نعيم، والبيهقي، عن ابن عباس، قال[4]: حضرت عصابة من اليهود عند النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ((يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي، قال صلى الله عليه وسلم: ((سلوني عما شئتم))، فسألوه وأجابهم، ثم قالوا: فحدثنا عن وليك من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك، فقال: ((وليي جبريل، ولم يبعث الله نبياً إلا وهو وليه))، قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة لا تبعناك وصدقناك، قال: ((فما يمنعكم أن تصدقوه))، قالوا: هذا عدونا، فعند ذلك أنزل الله هذه الآية.

 

وجاءت أخبار في أسباب النزول، منها أن عبيد الله ابن صوريا - من علماء اليهود - سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الملك الذي ينزل عليه بالوحي، فقال: هو جبريل: فزعم أنه عدو اليهود، وذكر من عداوته أنه أنذرهم بخراب بين المقدس فكان ذلك. ومنها: أن عمر بن الخطاب دخل مدارسهم فذكر جبريل، فقالوا: ذاك عدونا يطلع محمداً على أسرارنا، وإنه صاحب كل خسف وعذاب، وميكائيل صاحب الخصب والسلم، إلى آخر مهاتراتهم الدالة على لؤمهم وقبيح أفعالهم، وسوء منطقهم، وأنهم فقدوا العقل الفطري الروحي الذي يبصرون به الحقائق، وانطمست بصيرتهم بالعقل المادي المضطرب، وإلا فكيف يعادون ملكاً مأموراً من الله لا يعمل شيئاً من تلقاء نفسه، فإن أمره الله بإنزال الرحمة، كالوحي المبارك وغيره نزل به على من شاء الله من عباده، وإن أمره بإهلاك قرى أو مدن، أهلكها كما يريد الله لا كما يريد هو. إذاً فالمعادي له معادٍ لمن أرسله، ولما نزل به من الرحمة وهو قد شارك في إهلاك فرعون بإذن ربه، وهو الذي أنزل القرآن على قلب سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأذن الله عالم الخفيات والجليات، وهذا القرآن الذي نزل به جبريل مصدقاً ما بين يديه من التوراة، موافقاً لها، وللكتب التي قبلها في أصول التوحيد، مطابقاً لما في التوراة من شأن موسى، ومن البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم وفيه ما يعلي شأنكم، ويحقق أمانيكم في الآخرة إذا عملتم به عمل المؤمن الصادق، فمن واجبكم تصديقه لذاته، مع ضرب الذكر صفحاً عمن نزل به، فعداوة اليهود لجبريل لا يصح أن تصدهم عن الإيمان بهذا الوحي.

أولا: لكونه لم ينزل به إلا بإذن الله ليس افتئاتاً عليه.

 

ثانياً: لكونه مصدقاً للتوراة، فمن واجبكم الفرح والإيمان بما يصدقها.

 

ثالثاً: أن الذي نزل به جبريل هدى، أي فيه هداية عظيمة من البدع والخرافات التي طرأت على الأديان بالتحريف والتأويلات التي هي من تلبيس شياطين الجن والإنس، حتى ألقت أهلها في الذلة والهوان، فالعاقل عقلاً فطرياً لا يرفض الهداية التي تنقذه من الضلال، وتشمخ برأسه نحو السماء، لكون الواسطة فيها عدو له في زعمه الكاذب، فإنا لو فرضنا صدقهم في عداوته، لكان رفضهم للحق والهدى الذي جاء به سفاهة وحماقة، لا يصدران إلا من الجاهل الذي لا يعرف الحق لذاته، وإنما يعرفه بمن كان سبباً في حصوله.

 

رابعاً: أنه ﴿ وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ يعنى: إن كان قد أنذركم بخراب بين المقدس، فإنما أنذر المفسدين الذين هم السبب في خراب الدار، والآن أتى بالبشري للمؤمنين، فكيف تتركون هذا البشري إن كنتم من أهل الإيمان؟ فما بالكم لا تحققون الإيمان حتى تظفروا بهذه البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟ ثم إن هذه العداوة المزعومة عداوة وهمية، لا صحة لها ولا أثر، ولا يدعيها من له أدنى مسكة من عقل، وتعليلاتهم لها تعليلات واهية لا يجوز النطق بها، فضلاً عن اعتقادها، لأنه كما قدمنا لا يعمل عملاً من تلقاء نفسه، كما قال الله حكاية عنه: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ﴾ [مريم: 64].

 

وفي قوله تعالى: ﴿ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ مسألتان:

أحدهما: قوله تعالى ﴿ نَزَّلَهُ ﴾ يعنى: القرآن، وهو لم يسبق له ذكر، فكيف جرى هذا الإضمار؟ والجواب: إن قرينة الحال هي التي عينته، وذلك يدل على فخامة شأنه، وعلو مجده، فكأنه لشهرته استغنى عن ذكره.

 

ثانيهما: قوله: ﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ ولم يقل (على قلبي) لأن المأمور في إجابتهم هو محمد صلى الله عليه وسلم، فمقتضى الأمر أن يقول: (نزله على قلبي) فما هذا الالتفات عن التكلم إلى الخطاب؟ أجابوا: أن هذا جاء حكاية عن كلام الله كما تكلم به كأنه قيل: قل ما تكلمت به من قول، والله أعلم.

 

وقوله سبحانه: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [98].

 

ردٌّ قامع لما زعمته اليهود من عداوة جبريل، وبيان لحقيقة حالهم، وذلك بعد ما أقام الحجج في الآية السابقة على حماقتهم في دعواهم لعداوة جبريل، وأن تلك العداوة لا تمنع من قبول الهداية التي كان فيها واسطة بين الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز لهم ولا يصح منهم أبداً أن يمتنعوا من الإيمان بالقرآن الذي أنزله الله بتلك الصفات المفصلة في الآية السابقة، وهنا بين حقيقة حالهم، وهي أنهم أعداء لله، ولجميع ملائكته ورسله، فليست عداوتهم محصورة بجبريل كما يزعمون، وإنما هم أعداء الذي أرسل جبريل، بإنزال وحيه إلى الأنبياء، فجبريل سفير، لا يعاديه إلا الذي يعادي من أرسله، فعداوتهم لجبريل ناشئة من عداوتهم لله، بجنابه الكريم، وتمردهم على وحيه ورسالاته، ومحاولتهم تبديل كلماته، كما مضى تفضيل ذلك، فالله أرشد محمداً وأمة محمد لبيان حقيقة حالهم، وأنهم أعداء لله قبل كل شي، وأن عداوتهم لجبريل تستلزم عداوتهم لميكائيل وغيره من الملائكة، لأن وظيفتهم واحدة، وفطرتهما واحدة، وحقيقتهما واحدة، مَن مقت أحدهما فقد مقت الآخر، بل مقت جميع الملائكة والمرسلين، فعداوة جبريل لا تستلزم عداوة الملائكة فقط، ولكن تستلزم عداوة جميع المرسلين أيضاً مع الملائكة، ومنشأ هذا كله عداوتهم لله.

 

وقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ يعنى: من عادى الله وعادى هؤلاء المقربين منه، الذين جعلهم رحمة لخلقه، فإنه كافر، والله عدو لكافرين، فهذا وعيد لهم بعد بيان فساد العلة التي جاءوا بها، وهم لم يدعوا عداوة هؤلاء كلهم، ولكن هذا حكمهم عند الله في نفس الأمر، فأراد سبحانه أن يبين لنا حقيقة حالهم في الواقع بأنهم أعداء للحق، وأعداء لكل من يمثله، أو يصدر على يديه، أو ينقله، أو يدعو إليه، وأن التصريح بعداوة جبريل كالتصريح بعداوة ميكائيل الذي يزعمون محبته، ويزعمون أنهم سيؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم لو كان الذي نزل عليه بالوحي هو أي (ميكال). وكذلك معاداة القرآن معاداة لجميع الكتب السماوية، حتى التوراة التي يفتخرون بها، لأن الغرض من الجميع واحد، فأقوالهم وأحوالهم تدل على معاداة كل من ذكر الله في هذه الآية، وهذا من ضروب إيجاز القرآن وإعجازه، وفي قوله سبحانه: ﴿ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾، وضع للمظهر مكان المضمر ليبين سبحانه أن سبب عداوته لهم هو الكفر، لأن الله لا يعادي قوماً لذاتهم، ولا لأنسابهم، ولا يوالي قوماً لذواتهم وأنسابهم، وإنما هو سبحانه يبغض الكفر، ويعادي أهله، ويعاقبهم عليه، ويحب الإيمان، ويوالي أهله، ويزينه في صدورهم، ويزيدهم منه تقوى، ويجزيهم عليه أحسن الجزاء.

 

تنبيه: جبريل معناه: قوة الإله، أو عبد الله، لأن أسم مركب من (جبر) أي قوة، وإيل أي ألإله، وفيه ثمان لغات قرئ بهن، والمشهور منهن أربع:

إحداها: جبرائيل كسلسبيل، قرأ بها حمزة والكسائي.

 

وثانيها: جبريل، بفتح الجيم وحذف الهمزة، قرأ بها يحيى بن كثير والحسن وابن محيصن.

وثالثها: جبريل بكسر الجيم والراء، وهي لغة أهل الحجاز.

 

ورابعها: جبرئل على وزن جبرعل، بفتح الجيم والراء، وهي قراءة أبي بكر بن أبي عياش عن عاصم، وهناك أربع أو ست قراءات أعرضنا عنها لعدم شهرتها.

 

تنبيه آخر: وهو أنه سبحانه لما ذكر في قوله: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ ﴾ فلمَ أعاد جبريل وميكال مع اندراجهما في مسمى الملائكة؟

 

والجواب: من وجهين:

أحدهما: أنه لفضلهما أفردهما بالذكر، كأنهما لكمال فضلهما صارت لهما ميزة تخرجهما من الجنس.

 

ثانيهما: أن الذي جرى بين الرسول واليهود هو ذكرهما، والآية إنما نزلت بسببهما، فحق التنصيص على اسمهما، ولا ريب أن هذا يقتضي كونهما أشرف من جميع الملائكة، وإلا لم يصح هذا التأويل، وإذا ثبت هذا فيجب أن يكون جبريل عليه السلام أفضل من ميكائيل لعدة وجوه:

أحدهما: أنه سبحانه وتعالى قدم ذكر جبريل، وتقديم المفضول على الفاضل في ذكرٍ مستقبح عرفاً، فوجب استقباحه شرعاً، ولذا قدمه الله لأنه فاضل على مفضوله ميكائيل.

 

ثانيها: أن جبريل ينزل بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ووحي الله هو غيث القلوب ومادة بقاء الأرواح، وميكائيل ينزل بالخصب والأمطار التي هي قوت الأبدان والحيوان، فلما كان الغذاء الروحي أشرف وأعلى من الغذاء البدني، كان النازل بالغذاء الروحي أفضل من المأمور بتصريف الغذاء البدني.

 

ثالثها: أن الله وصفه في القرآن بأوصاف لم يصف بها ميكائيل ولا غيره، فوصفه بأنه ﴿ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 19-21] وأنه ﴿ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5] إلى غير ذلك.

 

تنبيه الثالث: في قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ إنذار شديد لمن زعم عدواة جبريل من اليهود وأشكالهم المبتدعة المتهمين لجبريل بصرف الرسالة عما يريدون، كما اتهم اليهود جبريل بصرف الرسالة من بن إسرائيل إلى بني إسماعيل، فكأن الله يقول: يا من يعادي جبريل إنكم لن تضروه فعداوتكم له غير مجدية بكم ولا ضارة به، ولكنكم كسبتم بعداوته عداوة الله، ومن عاداه الله فلن يفلح ولن ينجح، إن من عاداه الله صار متعرضاً لعقوبات الله القدرية الهائلة المتنوعة التي لا تحيط بها العقول، هذا في الدنيا زيادة على ما ادَّخر الله لهم من العذاب في الدار الآخرة، مما لو ملكوا أضعاف ما في الأرض لافتدوا به من سوء ذلك العذاب، ولن يتقبل منهم، وقد اقتضى عدل الله في خلقه أن يكون لكل عمل يعمله الإنسان في ظاهره مما تقترفه جوارحه أو في نفسه وضميره أثر في نفس العامل يزكيها أو يدنسها. وسعادة الإنسان أو شقاؤه تابع لآثار اعتقاداته وأعماله في نفسه، ولذلك قال تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118].

 

تنبيه رابع: كيف استقام قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ أن يكون جواباً للشرط؟ وجوابه من وجهين:

أحدهما: أن الله بين فساد عداوة اليهود لجبريل، لأنه لم يعمل إلا ما أمره الله به، بإنزال القرآن كتاب الهداية والبشارة، فحيث إنه مأمور ممتثل، وجب أنه يكون معذوراً، بل مشكوراً، فلا وجه لعداوة اليهود له.

 

ثانيهما: أنهم إن كانوا يعاودنه، فيحق لهم ذلك لأنه نزل عليك الكتاب مؤيداً نبوتك ومصدقاً، وهم يكرهون ذلك، فلهذا عادوا جبريل لما جاءك بالأمر الذي يكرهونه.

 

تنبيه خامس: في قوله سبحانه: ﴿ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ وهو منزل على ذاته صلى الله عليه وسلم لا على قلبه، لكنه خص القلب بالذكر لأنه وعاء الحفظ، فالذي أداه جبريل إلى مسامعه ثبت في قلبه، حتى أداه إلى أمته تماماً، فلذلك جاز التعبير بالإنزال على القلب، والله أعلم.



[1] أخرجه مسلم (1901/ 145) وأحمد (3/ 136) من حديث أنس وفيه كلام عمرو بن الحمام المذكور.

[2] السيرة لابن هشام (5/ 30) والطبراني (2/ 151).

[3] أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/ 308) وأبو يعلى في مسنده (4/ 471) وأحمد (1/ 248) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال الهيثمي في المجمع (8/ 228): قلت: في الصحيح طرف من أوله رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

[4] أخرجه أحمد في مسنده (1/ 278)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 446) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 336). وأحمد (1/ 274) والطبراني في الكبير (12/ 45) والضياء في المختارة (10/ 68) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما نحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (8/ 242) وقال: رواه الترمذي باختصار ورواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة.. الآية (86)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (87)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (88: 90)
  • تفسير سورة البقرة.. الآية (91)
  • تفسير سورة البقرة.. الآيات (99 : 100)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 101 : 103 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 104 : 110 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 111 : 113 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 114 : 115 )
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 116: 117 )

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير بعض من سورة البقرة ثم تفسير سورة يس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ابن باز لسورة البقرة: الآيات 11 - 20(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب