• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نهاية العام.. سنن وبدع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: كان الإيلاء الجاهلية السنة والسنتين
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة المحرم وعاشوراء
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    ظاهرة تأخر الزواج (2)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فقه يوم عاشوراء (باللغة الإنجليزية)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    التعرض لحرارة الشمس في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    عاشوراء (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاغتسال المتكرر حماية للجسم من الأمراض
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    عاشوراء شكر وعبادة.. لا مآتم وبدع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فضول الاستماع (خطبة)

فضول الاستماع (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/6/2024 ميلادي - 20/12/1445 هجري

الزيارات: 6832

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضول الاستماع

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ:2-4]؛ امْتَنَّ عَلَى الْبَشَرِ بِالْعُقُولِ وَالْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ، وَأَكْرَمَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ مَا أَعْطَى بَنِي آدَمَ مِنَ النِّعَمِ ابْتِلَاءً لَهُمْ، وَحُجَّةً عَلَيْهِمْ، فَإِنْ هُمْ سَخَّرُوهَا فِي طَاعَتِهِ رَضِيَ عَنْهُمْ، وَإِنِ اسْتَعْمَلُوهَا فِي مَعْصِيَتِهِ سَخِطَ عَلَيْهِمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، وَيَشْكُرُهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ؛ إِقْرَارًا بِنِعَمِهِ، وَأَدَاءً لِحَقِّهِ، وَسَعْيًا فِي شُكْرِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاذْكُرُوهُ إِذْ هَدَاكُمْ، وَاحْمَدُوهُ عَلَى مَا حَبَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ، وَسَخِّرُوا نِعَمَهُ فِيمَا يُرْضِيهِ، وَإِيَّاكُمْ وَمَا يُسْخِطُهُ؛ فَإِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ، وَإِنَّ عَذَابَهُ شَدِيدٌ؛ ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هُودٍ:102-103].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ نِعْمَةُ السَّمْعِ؛ إِذْ بِهَا يُمَيِّزُ الْإِنْسَانُ بَيْنَ يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ؛ فَيَتَعَلَّمُ طِفْلًا مِنْ أَبَوَيْهِ، وَشَابًّا مِنْ أَسَاتِذَتِهِ، وَبِهَا يَعْرِفُ الْعَبْدُ كَثِيرًا مِنَ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، وَيَسْهُلُ تَعَامُلُهُ مَعَ النَّاسِ؛ ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النَّحْلِ:78]، وَالْعَبْدُ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا يَسْمَعُ؛ أَحْلَالٌ هُوَ أَمْ حَرَامٌ؟ وَهَلْ سَخَّرَ نِعْمَةَ السَّمْعِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ فِي مَعْصِيَتِهِ؟! ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ:36].

 

وَلَقَدِ ابْتُلِيَ النَّاسُ بِجُمْلَةٍ مِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ، مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ لَغْوٌ لَا يُفِيدُ صَاحِبَهُ شَيْئًا.

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِالْإِسْلَامِ، أَوِ انْتِقَادِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، أَوِ الْخَوْضِ فِيهِ بِلَا عِلْمٍ، أَوْ تَحْلِيلِ مُحَرَّمٍ، أَوْ إِسْقَاطِ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَمِعَ السَّاكِتَ -وَلَوْ كَانَ مُجَامِلًا- رَاضٍ بِمَا يَسْمَعُ، وَالرَّاضِي بِمَا يَسْمَعُ كَقَائِلِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا ‌سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النِّسَاءِ:140].

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الشُّبُهَاتِ الَّتِي يَقْذِفُهَا أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ وَأَعْدَاءُ السُّنَّةِ؛ سَوَاءٌ كَانَتْ شُبُهَاتِ مَلَاحِدَةٍ، أَمْ شُبُهَاتِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْإِسْلَامِ، أَمْ كَانَتْ شُبُهَاتِ الْمُبْتَدِعَةِ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا خَطَرٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَلَّ عِلْمُهُ بِالشَّرِيعَةِ؛ فَالشُّبَهُ خَطَّافَةُ الْقُلُوبِ، وَكَلَامُ السَّلَفِ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَلْنَتَأَمَّلْ هَذَا التَّصَرُّفَ الْعَجِيبَ مِنَ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكُّرُونَ ﴾ [النَّحْلِ:90]، فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَوَضَعَ مُحَمَّدٌ يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ قَالَ: لَيَخْرُجَنَّ عَنِّي، أَوْ لَأَخْرُجَنَّ عَنْهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ ‌قَلْبِي ‌لَيْسَ ‌بِيَدِي، وَإِنِّي لَا آمَنُ مِنْ أَنْ يَبْعَثَ فِي قَلْبِي شَيْئًا لَا أَقْدِرُ أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْهُ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ لَا أَسْمَعَ كَلَامَهُ» فَإِذَا كَانَ هَذَا الْعَالِمُ الْكَبِيرُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ سَمَاعَ الشُّبْهَةِ، فَكَيْفَ بِمَنْ دُونَهُ؟ وَكَيْفَ بِجُهَّالٍ يَسْتَمِعُونَ لِمَنْ يَقْذِفُونَ الشُّبُهَاتِ فِي دِينِهِمْ، حَتَّى تَعْلَقَ فِي قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَا تَخْرُجَ مِنْهَا؟!

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْمُوسِيقَى وَالْغِنَاءِ، وَإِمَاتَةُ الْقَلْبِ بِهِ، وَتَهْيِيجُ الشَّهْوَةِ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ مِنَ الزُّورِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ ‌الزُّورَ ﴾ [الْفُرْقَانِ:72]، قَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِهَا: «لَا يَسْمَعُونَ الْغِنَاءَ»، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الْغِنَاءُ ‌يُنْبِتُ ‌النِّفَاقَ ‌فِي ‌الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ، وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ».

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ، وَكُلُّهَا مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا يُتَكَلَّمُ بِهِ فِي مَجَالِسِ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَالْمُسْتَمِعُ لِهَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ إِمَّا أَنْ يُشَارِكَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيهَا فَيَقَعَ فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْكُتَ وَهُوَ كَارِهٌ، وَيَقْدِرُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِلِسَانِهِ وَلَا يُنْكِرُ حَيَاءً فَهُوَ آثِمٌ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ مُنْكَرًا يَقْدِرُ عَلَى إِنْكَارِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ، وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ الْأَقَلُّ فِي النَّاسِ، وَهَذَا يَسْلَمُ وَيُؤْجَرُ، وَمَنْ أَرْخَى أُذُنَهُ لِلنَّمَّامِ فَاسْتَمَعَ إِلَى نَمِيمَتِهِ؛ أَفْسَدَ النَّمَّامُ عَلَاقَاتِهِ بِأَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَرُبَّمَا قَطَعَ أَرْحَامَهُ، وَآذَى أُسْرَتَهُ، وَهَدَمَ بَيْتَهُ، وَلَمْ يُرِدِ النَّمَّامُ بِهِ إِلَّا شَرًّا وَلَوْ أَظْهَرَ النُّصْحَ لَهُ.

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْكَذِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُصَّاصِ، وَأَهْلِ الْحِكَايَاتِ؛ لِتَسْلِيَةِ الْجُلَسَاءِ أَوْ إِضْحَاكِهِمْ، وَيَتَّخِذُونَ أَشْخَاصًا لِهَذَا الْغَرَضِ، أَوْ يُشَجِّعُونَ مَنِ اسْتَمْرَأَ عَلَى الْكَذِبِ بِإِظْهَارِ تَصْدِيقِهِ وَالتَّفَاعُلِ مَعَهُ. وَإِضْحَاكُ النَّاسِ بِالْكَذِبِ فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ؛ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، ‌وَيْلٌ ‌لَهُ، ‌وَيْلٌ ‌لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْمُشَجِّعُ لِلْكَذَّابِ عَلَى كَذِبِهِ مُشَارِكٌ فِي الْكَذِبِ، وَمَنْ أَدْمَنَ هَذِهِ الْمَجَالِسَ أَدْمَنَ سَمَاعَ الْكَذِبِ، وَصَارَتْ حَيَاتُهُ أَقْرَبَ إِلَى الْهَزْلِ مِنْهَا إِلَى الْجِدِّ؛ وَلَيْسَتْ هَذِهِ وَظِيفَةَ الْمُؤْمِنِ فِي دُنْيَاهُ، وَلَيْسَتْ حَيَاةُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّاهِيَةِ الْعَابِثَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، ‌لَضَحِكْتُمْ ‌قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمُحَرَّمِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْمُتَنَاجِينَ الَّذِينَ يُخْفُونَ حَدِيثَهُمْ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَسَمَّعَ إِلَى ‌حَدِيثِ ‌قَوْمٍ ‌وَهُمْ ‌لَهُ ‌كَارِهُونَ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ...» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ مُبْتَلًى بِإِرْخَاءِ أُذُنِهِ لِلْمُتَحَدِّثِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ لِيَسْمَعَ مَا يَقُولُونَ، سَوَاءٌ عَرَفَهُمْ أَمْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ، وَهَذَا فُضُولٌ مُحَرَّمٌ مَذْمُومٌ قَادِحٌ فِي الْمُرُوءَةِ، وَصَاحِبُهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَيَتَّقُونَ لِقَاءَهُ وَالْحَدِيثَ مَعَهُ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِحِفْظِ أَسْمَاعِنَا وَجَوَارِحِنَا عَمَّا يُسْخِطُهُ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِتَسْخِيرِهَا فِيمَا يُرْضِيهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْفَظُوا أَسْمَاعَكُمْ وَجَوَارِحَكُمْ عَمَّا يَضُرُّكُمْ؛ فَمِنَ الْغَبْنِ أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْكُمْ؛ ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ ‌سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فُصِّلَتْ:20].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ فُضُولِ الِاسْتِمَاعِ الْمَكْرُوهِ: الِاسْتِمَاعُ إِلَى مَا يَشْغَلُ الْإِنْسَانَ عَنْ مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ؛ كَتَقْلِيبِ الْإِذَاعَاتِ أَوِ الْقَنَوَاتِ أَوْ بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ، وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا بِلَا هَدَفٍ، سِوَى إِضَاعَةِ الْوَقْتِ، وَمَا أَكْثَرَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِمَاعُ لِأَحَادِيثِ الْمَجَالِسِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا، وَهُوَ لَغْوُ الْحَدِيثِ الَّذِي مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ ‌اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ:1-3]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا ‌بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ:72]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا ‌اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ [الْقَصَصِ:55].

 

وَمَا أَكْثَرَ اللَّغْوَ الَّذِي يَسْمَعُهُ النَّاسُ فِي هَذَا الزَّمَنِ، فَإِمَّا كَانَ حَرَامًا يَأْثَمُونَ بِسَمَاعِهِ، وَإِمَّا كَانَ مَكْرُوهًا يُضَيِّعُونَ أَوْقَاتَهُمْ وَأَعْمَارَهُمْ فِيهِ، وَالْعَبْدُ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؛ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَظِّفَ سَمْعَهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الِاسْتِمَاعِ إِلَى مَا يَنْفَعُهُ؛ فَإِنَّ الْفَضَاءَ الْإِلِكْتِرُونِيَّ مَمْلُوءٌ بِتِلَاوَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَبِأَصْوَاتٍ جَمِيلَةٍ، وَقِرَاءَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمَمْلُوءٌ بِتَفْسِيرِهِ، وَقِرَاءَةِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَشُرُوحِهَا، وَدُرُوسٍ فِقْهِيَّةٍ، وَعَقَدِيَّةٍ، وَفِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَغَيْرِهَا، بَلْ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَطْلُبُ شَيْئًا نَافِعًا فِي أَيِّ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ إِلَّا وَجَدَ تَسْجِيلًا لَهُ يَسْتَطِيعُ الِاسْتِمَاعَ لَهُ، فَيَقْضِي وَقْتَهُ وَيُسَخِّرُ سَمْعَهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ؛ فَإِنَّ الْأَسْمَاعَ مَنَافِذُ لِلْقُلُوبِ، وَمَا يَسْمَعُهُ الْعَبْدُ يَنْفُذُ إِلَى قَلْبِهِ، فَإِنِ اسْتَمَعَ إِلَى الْقُرْآنِ وَالْمَوْعِظَةِ انْتَفَعَ قَلْبُهُ، وَإِنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَرَامٍ أَوْ شُبْهَةٍ فِي دِينِهِ تَلَوَّثَ قَلْبُهُ، حَتَّى يَفْسُدَ وَيَصْدَأَ وَيَنْتَكِسَ، وَلْنَحْذَرْ أَنْ تَكُونَ قُلُوبُنَا لَاهِيَةً غَافِلَةً؛ ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * ‌لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ:1-3].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فن الاستماع
  • حسن الاستماع
  • آداب التلاوة والاستماع
  • ترك فضول الاستماع
  • الاستماع إلى القرآن الكريم
  • الاستماع إلى القرآن الكريم
  • الرد على شبهة جواز الاستماع لآلات اللهو
  • آداب الاستماع إلى القرآن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كيفية الصلاة على الميت: فضلها والأدعية المشروعة فيها (مطوية باللغة الأردية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضول الكلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • سباق الذكاء الاصطناعي: فضول لا ينتهي، وسباق محموم، ودور العالم العربي في هذا السباق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فضول التفكير (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • فضول الخلطة(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ترك فضول الطعام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترك فضول النوم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترك فضول الكلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترك فضول النظر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آفات اللسان (7) إفشاء السر - فضول الكلام (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب