• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾

خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/6/2024 ميلادي - 9/12/1445 هجري

الزيارات: 8907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك:

﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا ‌مَقْدُورًا﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، الْحَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَمْضَى فِيهِمْ قَدَرَهُ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ؛ فَلَا مَفَرَّ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَعَاذَ إِلَّا مَعَاذُهُ، وَلَا حِمًى إِلَّا حِمَاهُ، وَهُوَ الْحَفِيظُ الْعَلِيمُ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ هَدَانَا صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَدَلَّنَا عَلَى دِينِهِ الْقَوِيمِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا كِتَابَهُ الْكَرِيمَ، وَبَعَثَ فِينَا نَبِيَّهُ الْأَمِينَ؛ فَكَمَّلَ بِهِ الدِّينَ، وَتَمَّتْ بِهِ النِّعْمَةُ، وَعَظُمَتْ بِهِ الْمِنَّةُ؛ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ الْحَجَّ وَالْأَضَاحِيَّ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَيُؤْجَرُونَ، وَيَتَقَرَّبُونَ بِأَضَاحِيِّهِمْ وَيَأْكُلُونَ، وَيَفْرَحُونَ بِعِيدِهِمْ وَيَشْكُرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ خَيْرُ مَنْ تَعَبَّدَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَفْضَلُ مَنْ حَجَّ وَضَحَّى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ مَا لَبَّى الْحُجَّاجُ وَكَبَّرُوا، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا وَقَفُوا بِعَرَفَاتٍ وَتَضَرَّعُوا، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا رَمَوُا الْجِمَارَ وَحَلَقُوا، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَسَعَوْا، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا بَاتُوا بِمِنًى وَتَعَبَّدُوا، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا ذَبَحَ الْمُسْلِمُونَ ضَحَايَاهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا وَأَهْدَوْا وَتَصَدَّقُوا، اللَّهُمَّ فَاقْبَلْ مِنَ الْحُجَّاجِ حَجَّهُمْ، وَمِنَ الْمُضَحِّينَ أَضَاحِيَّهُمْ، وَاسْتَجِبْ دُعَاءَ الدَّاعِينَ، وَاقْبَلْ تَوْبَةَ التَّائِبِينَ، وَاغْفِرْ لِعِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ، إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَكَبِّرُوهُ وَاحْمَدُوهُ وَاشْكُرُوهُ؛ فَإِنَّهُ الْعَظِيمُ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْدَارِهِ، الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ، نِعَمُهُ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَفَضْلُهُ يُذْكَرُ وَلَا يُنْسَى.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

جُمُوعُ الْحَجِيجِ تَنْفِرُ الْآنَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى بَعْدَ أَنْ بَاتُوا بِهَا الْبَارِحَةَ، وَوَقَفُوا بِالْأَمْسِ فِي عَرَفَاتٍ دَاعِينَ مُتَذَلِّلِينَ مُتَضَرِّعِينَ، فَيَا لَلَّهِ الْعَظِيمِ كَمْ مِنْ ذُنُوبٍ مُحِيَتْ، وَأَوْزَارٍ حُطَّتْ، وَرَحَمَاتٍ تَنَزَّلَتْ، وَرِقَابٍ مِنَ النَّارِ أُعْتِقَتْ، دَخَلَتْ جُمُوعٌ مِنْهُمْ عَرَفَةَ مُثْقَلِينَ بِالْأَوْزَارِ، وَخَرَجُوا مِنْهَا مَغْفُورًا لَهُمْ، يَعُودُونَ مِنْ حَجِّهِمْ كَمَا وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ، فَاللَّهُمَّ أَعْظِمْ أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنْهُمْ بَعْدَ حَجِّهِمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ.

 

وَالْيَوْمُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَأَكْثَرُ أَعْمَالِ الْحُجَّاجِ فِيهِ، يَرْمُونَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَنْحَرُونَ هَدْيَهُمْ، وَيَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ، ثُمَّ يَقْصِدُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ، غَسَلُوا ذُنُوبَهُمْ فِي عَرَفَاتٍ، فَتَهَيَّؤُوا لِزِيَارَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَيْتِهِ الْحَرَامِ، ثُمَّ يَبِيتُونَ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ فِي مِنًى يَرْمُونَ الْجِمَارَ، ثُمَّ يُوَدِّعُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، سَالِمِينَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى غَانِمِينَ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

يَمُوجُ الْعَالَمُ بِاضْطِرَابَاتٍ وَتَقَلُّبَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ وَصِحِّيَّةٍ وَثَقَافِيَّةٍ، تُنْقَلُ إِلَى النَّاسِ لَحْظَةً بِلَحْظَةٍ؛ حُرُوبٌ مُسْتَعِرَةٌ فِي بُلْدَانٍ عِدَّةٍ، انْتَشَرَ فِيهَا الْخَوْفُ وَالْعَطَشُ وَالْجُوعُ وَالتَّشْرِيدُ، ضَحَايَاهَا مِئَاتُ الْأُلُوفِ مِنَ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى وَالْمُشَرَّدِينَ.. وَبِلَادٌ أُخْرَى ضَرَبَ الْفَسَادُ مَفَاصِلَهَا، وَتَسَرَّبَ الْفَقْرُ إِلَى أَوْصَالِهَا، وَدَبَّتِ الْمَجَاعَةُ فِي أَطْرَافِهَا، وَهِيَ عَلَى شَفِيرِ انْهِيَارٍ وَاضْطِرَابٍ، وَبِلَادٌ أُخْرَى اشْتَعَلَتْ فِيهَا نَارُ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَاسْتَحَرَّ فِيهَا الْقَتْلُ؛ فَلَا الْقَاتِلُ يَدْرِي فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ يَدْرِي فِيمَ قُتِلَ، وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ، فَاللَّهُمَّ سَلِّمْنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَثَبِّتْنَا عَلَى إِيمَانِنَا، وَاحْفَظْ عَلَيْنَا أَمْنَنَا، وَارْزُقْنَا شُكْرَ نِعَمِكِ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

عِبَادَ اللَّهِ:

يُنْشَرُ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ أَخْبَارٌ وَتَسْرِيبَاتٌ عَنْ أَوْبِئَةٍ مُهْلِكَةٍ تُفْنِي الْمَلَايِينَ مِنَ الْبَشَرِ، وَتَحْلِيلَاتٌ عَنِ انْهِيَارِ الِاقْتِصَادِ الْعَالَمِيِّ، وَانْتِشَارِ الْمَجَاعَاتِ، وَتَوَقُّعَاتٌ عَنِ اتِّسَاعِ رُقْعَةِ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ؛ فَيُحْدِثُ ذَلِكَ فَزَعًا فِي النَّاسِ؛ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَشُحًّا بِأَمْنِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ، وَيَزِيدُ مِنْ مَخَاوِفِهِمْ وَاقِعُ الْعَالَمِ الْمَأْزُومِ، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَجْهُولِ، وَإِزَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ لَيْسُوا كَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى دُنْيَاهُمْ عَلَى أَنَّهَا دَارُ مَقَرٍّ وَنَعِيمٍ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا دَارُ ابْتِلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ جَمِيعًا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْمَخْلُوقِينَ مَهْمَا بَلَغَتْ قُوَّتُهُمْ، وَكَثُرَ جَمْعُهُمْ، وَاشْتَدَّتْ سَطْوَتُهُمْ، وَتَطَوَّرَتْ صِنَاعَتُهُمْ؛ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا يَدْرَؤُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مَرَضًا وَلَا مَوْتًا، وَلَا يَدْفَعُونَ مُصِيبَةً وَلَا ابْتِلَاءً؛ فَقَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى يَجْرِي عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، وَعَلَى الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ، وَعَلَى الْحَذِرِ وَالْمُفَرِّطِ، وَعَلَى الْآمِنِ وَالْخَائِفِ، تَحَرَّزَ فِرْعَوْنُ حِينَ أُخْبِرَ أَنَّ مَنْ يَكُونُ سَبَبًا فِي قَتْلِهِ غُلَامٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَاسْتَحَلَّ قَتْلَ غِلْمَانِهِمْ؛ فَجَرَى عَلَى فِرْعَوْنَ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِيَتَرَبَّى الْغُلَامُ فِي بَيْتِهِ، وَيَأْكُلَ مِنْ زَادِهِ، فَيَكُونُ هَلَاكُهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَلَا يُؤْتَى الْحَذِرُ إِلَّا مِنْ مَأْمَنِهِ، وَلَا يَفِرُّ الْعَبْدُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا إِلَى قَدَرِهِ سُبْحَانَهُ؛ وَذَلِكَ مِنْ قُدْرَةِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، وَمِنْ ضَعْفِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَالْمُؤْمِنُ الْحَقُّ هُوَ مَنْ يَعِيشُ سَرَّاءَهُ فِي عِبَادَةٍ وَشُكْرٍ، وَضَرَّاءَهُ فِي تَسْلِيمٍ وَدُعَاءٍ وَصَبْرٍ؛ لِيُؤْجَرَ فِي كِلَا الْحَالَيْنِ؛ فَلَا الْجَزَعُ يَرْفَعُ الْمُصَابَ، وَلَا الْخَوْفُ يَمْنَعُ الْبَلَاءَ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَثِقُوا بِاللَّهِ تَعَالَى وَاطْمَئِنُّوا، وَأَحْسِنُوا عِبَادَتَهُ، وَاشْكُرُوا نِعَمَهُ، وَادْفَعُوا مَا تُحَاذِرُونَ بِالدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْقَدَرَ، وَهُوَ مِنَ الْقَدَرِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْأَعْيَادِ، وَجَعَلَهَا فَرَحًا لِلْعِبَادِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ وَتَكْبِيرِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ:

إِنَّ مُوَاجَهَةَ مَصَاعِبِ الْحَيَاةِ وَمُشْكِلَاتِهَا، وَمَا يُخَافُ مِنْ فِتَنِهَا وَمِحَنِهَا؛ يَكُونُ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالرِّضَا بِقَدَرِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي عَالَمٍ مُضْطَرِبٍ تَكْثُرُ فِيهِ الْفِتَنُ، وَتَتَوَالَى فِيهِ الْمِحَنُ، وَتَتَسَارَعُ فِيهِ الْأَحْدَاثُ؛ فَإِنَّهُ لَا ثَبَاتَ لِأَحَدٍ فِيهِ إِلَّا بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ، وَرُسُوخِ الْيَقِينِ، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى التَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالرِّضَا بِأَقْدَارِهِ الَّتِي يُقَدِّرُهَا عَلَى عِبَادِهِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَقْوَى تَمَسُّكًا بِدِينِهَا وَحِجَابِهَا، وَتَعَلُّقًا بِرَبِّهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَكْثَرَتْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ قَوِيَ إِيمَانُهَا فَأَعَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَصَاعِبِ الْحَيَاةِ وَمَصَائِبِهَا، وَثَبَّتَهَا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي لَا يَثْبُتُ فِيهَا أَشَدُّ الرِّجَالِ؛ فَإِنَّ الثَّبَاتَ ثَبَاتُ الْقَلْبِ، وَإِنَّ قُوَّةَ الْقَلْبِ وَثَبَاتَهُ بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَكَثْرَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَزْرَعَ فِي أَوْلَادِهَا الْإِيمَانَ وَالْيَقِينَ، وَالتَّسْلِيمَ بِالْقَدَرِ الْمَحْتُومِ، وَتَدُلَّهُمْ عَلَى سُبُلِ الثَّبَاتِ، بِكَثْرَةِ الطَّاعَاتِ، وَمُجَانَبَةِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

هَذَا يَوْمُ عِيدِكُمْ وَفَرَحِكُمْ، وَأُنْسِكُمْ بِأَهْلِكُمْ وَوَلَدِكُمْ، وَبِرِّكُمْ بِوَالِدِيكُمْ، وَصِلَتِكُمْ لِأَرْحَامِكُمْ. هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ هُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، يَتَقَرَّبُ فِيهِ الْعِبَادُ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الذَّبْحِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَحْرُمُ صِيَامُهَا؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ، وَكُلُوا مِنْهَا وَتَصَدَّقُوا وَأَهْدُوا، وَاشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا؛ ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْحَجِّ: 37].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك (الخلاف بين القدر والشرع)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1438 (الفرحة بالعيد لا تنسينا يوم الوعيد)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (1440هـ) ضرر فقد الإيمان
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1444 هـ اتقاء الشبهات والشهوات
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ذو الحجة 1444هـ (الابتلاء في حياة إبراهيم عليه السلام)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في الله، فلن يضيعه الله أبدا)

مختارات من الشبكة

  • البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • بركة الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نتعامل مع الشخصية الغامضة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكفارات الثلاث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/3/1447هـ - الساعة: 0:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب