• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    منهج التنافس والتدافع
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    مكة.. البداية والكمال والنهاية
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة.. فضل صلاة الجماعة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    محبة القرآن من علامات الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم والذين جاؤوا من ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    أفضل استثمار المسلم: ولد صالح يدعو له
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    خطبة: الحج ومقام التوحيد: بين دعوة إبراهيم ومحمد ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الحذر من الاغترار بإمهال الله وحلمه وقوله تعالى ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    استقبال العشر.. فضائل.. وأحكام
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    بشرى عظيمة لكل مسلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (1)

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (1)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/4/2021 ميلادي - 18/9/1442 هجري

الزيارات: 19317

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (1)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِبُلُوغِ رَمَضَانَ، وَوَفَّقَنَا لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا اسْتِغْنَاءَ لِلْعِبَادِ عَنْهُ، وَلَا مَلْجَأَ لَهُمْ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَعَاذَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ «كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَاسْتَثْمِرُوا هَذِهِ اللَّيَالِيَ الْفَاضِلَةَ، فَعَنْ قَرِيبٍ تُفَارِقُكُمْ بِمَا أَوْدَعْتُمُوهَا مِنْ أَعْمَالٍ، فَمَنْ عَمَرَهَا بِالطَّاعَاتِ وَجَدَ ذَلِكَ أَمَامَهُ، وَمَنْ لَوَّثَهَا بِالْمَعَاصِي نَدِمَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ نَدَمٌ؛ ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 27-29].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

نَحْنُ نَعِيشُ قُبَالَةَ ثُلْثِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ، وَعَشْرِهِ الْمُفَضَّلَةِ الَّتِي بَارَكَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فَلَا يُفَرِّطُ فِيهَا إِلَّا مَحْرُومٌ، وَلَا يُعْرِضُ عَنْهَا إِلَّا مَخْذُولٌ. فَمَنْ ذَا الَّذِي يُفَرِّطُ فِي لَيْلَةٍ يَقُومُهَا فَيُكْتَبُ لَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ لَيْلَةٍ، أَيْ: قُرَابَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَدْ لَا يَبْلُغُ الْعُمْرُ بِالْمَرْءِ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَشَرَاتٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَدْ أَحْيَاهَا وَقَبِلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ؛ لِيَكُونَ عُمْرُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَضْعَافَ عُمْرِهِ الَّذِي عَاشَهُ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَغِي لِلْعِبَادِ أَنْ يَأْخُذُوا حَظَّهُمْ مِنْهُ ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 105].

 

وَهَذِهِ اللَّيَالِي هِيَ لَيَالِي الْقُرْآنِ وَالدُّعَاءِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا، وَخُذُوا مِنْهَا حَظًّا، وَفَرِّغُوا لَهَا قَلْبًا، فَمَنْ فَاتَتْهُ فَاتَهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ. وَالدُّعَاءُ كَثِيرٌ، وَالْمَأْثُورُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ غَنَاءٌ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا يَخْتَرِعُهُ النَّاسُ، وَدُعَاؤُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سُؤَالٌ وَاسْتِعَاذَةٌ، وَمَا تَعَوَّذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَالْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّعَوُّذِ مِنْهُ، وَالْعَوْذُ بِاللَّهِ تَعَالَى هُوَ الِالْتِجَاءُ إِلَيْهِ مِمَّا تَعَوَّذَ مِنْهُ الْمُتَعَوِّذُ، «وَالْمَرْءُ لَا يَعُوذُ بِاللَّهِ إِلَّا إِذَا أَرَادَ التَّغَلُّبَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ لَا يَغْلِبُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى». وَمِمَّا يُنَاسِبُ حَالَ النَّاسِ مِنَ التَّعَاوِيذِ النَّبَوِيَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَبَاءِ وَالسَّقَمِ وَمَوْتِ الْفَجْأَةِ... وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَاوِيذُ فِي هَذَا الْبَابِ:

 

فَمِمَّا تَعَوَّذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ، وَالْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ، وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْكُفْرِ، وَالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ، وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ، وَالْجُنُونِ، وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ، وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. «وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنَ الْأَسْقَامِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا مِمَّا يَخِفُّ مُؤْنَتُهُ، وَتَكْثُرُ مَثُوبَتُهُ عِنْدَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ، مَعَ عَدَمِ إِزْمَانِهِ؛ كَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ وَالرَّمَدِ، وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ مِنَ السَّقَمِ الْمُزْمِنِ».

 

وَمِمَّا تَعَوَّذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

 

وَالْمَوْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مُدْبِرًا مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ؛ لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنَ الزَّحْفِ، فَإِذَا مَاتَ فَارًّا مُدْبِرًا مَاتَ عَلَى كَبِيرَةٍ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِهَا.

 

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «هُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا فَيُضِلَّهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، أَوْ يَعُوقَهُ عَنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَظْلَمَةٍ تَكُونُ قِبَلَهُ، أَوْ يُؤَيِّسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يُكَرِّهَ لَهُ الْمَوْتَ، وَيُؤْسِفَهُ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا، فَلَا يَرْضَى بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنَ الْفِنَاءِ وَالنُّقْلَةِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَيُخْتَمَ لَهُ بِالسُّوءِ، وَيَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ».

 

وَالْجَامِعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ أَنَّهَا مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ، وَمَوْتُ الْفَجْأَةِ يَسْبِقُ بِالْعَبْدِ إِلَى آخِرَتِهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ؛ وَلِذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا. قَالَ الْإِمَامُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنْ كَانُوا لَيَكْرَهُونَ أَخْذَةً كَأَخْذَةِ الْأَسَفِ». وَأَهْلُ اللُّغَةِ يُسَمُّونَ مَوْتَ الْفَجْأَةِ: الْمَوْتَ الْأَبْيَضَ، وَمَعْنَى بَيَاضِهِ: خُلُوُّ صَاحِبِهِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لَهُ بِتَوْبَةٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَقَضَاءِ حَقٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

 

وَمِمَّا تَعَوَّذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَاسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَوَالِ النِّعْمَةِ؛ لِأَنَّ زَوَالَهَا بَعْدَ حُصُولِهَا شَدِيدُ الْأَلَمِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ ذَلِكَ أَنْ يُوَفَّقَ لِشُكْرِ النِّعَمِ لِئَلَّا تَزُولَ ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7].

 

وَقَوْلُهُ: «وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ»؛ أَيْ: أَنَّكَ قَدْ عَوَّدْتَنِي مِنْكَ الْعَافِيَةَ، فَلَا تُحَوِّلْنِي إِلَى الْبَلَاءِ. وَالتَّحَوُّلُ أَشَدُّ مِنَ الزَّوَالِ؛ «فَزَوَالُ النِّعْمَةِ ذَهَابُهَا مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ، وَتَحَوُّلُ الْعَافِيَةِ إِبْدَالُ الصِّحَّةِ بِالْمَرَضِ، وَالْغِنَى بِالْفَقْرِ».

 

«وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ» أَيْ: بَغْتَةِ النِّقْمَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّقْمَةَ إِذَا جَاءَتْ فَجْأَةً لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ زَمَانٌ يُسْتَدْرَكُ فِيهِ، وَلَا وَقْتَ لِإِعْتَابٍ. وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْتَقِمُ مِمَّنْ عَصَاهُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ انْتِقَامُهُ مُفَاجِئًا؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 97-99]. «وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» أَيْ: جَمِيعِ أَسْبَابِ غَضَبِكَ أَوْ آثَارِهِ.

 

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ حِفْظُ هَذِهِ التَّعَاوِيذِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِكْثَارُ مِنْهَا فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلَّمَنَا أَفْضَلَ الدُّعَاءِ، وَقَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، مَعَ مَا فِي الدُّعَاءِ بِهَا مِنَ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ. ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنْ دُعَائِهِ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي آيَاتِ الصِّيَامِ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 186]، وَأُخِذَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ دُعَاءَ الصَّائِمِ وَالْقَائِمِ تُرْجَى إِجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِطَاعَةٍ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّكُمْ تَسْتَقْبِلُونَ عَشْرًا مُبَارَكَةً فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، وَفِيهَا تُقَدَّرُ الْمَقَادِيرُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدُّخَانِ: 3-4]، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِهَا سُورَةً كَامِلَةً؛ لِعِظَمِ قَدْرِهَا وَبَرَكَتِهَا، وَكَثْرَةِ ثَوَابِهَا وَخَيْرِهَا، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 1-5]، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا فِي قَابِلِ اللَّيَالِي بِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالدُّعَاءِ، وَالِاعْتِكَافِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».

 

فَجِدُّوا -عِبَادَ اللَّهِ- وَاجْتَهِدُوا، وَأَمِّلُوا وَأَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ غَفُورٌ رَحِيمٌ، غَنِيٌّ كَرِيمٌ، يُعْطِي الْكَثِيرَ عَلَى الْقَلِيلِ، وَيَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ ﴿ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 146-147].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السحر والرقى والتعاويذ
  • تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (2)
  • خطبة: تعاويذ النبي صلى الله عليه وسلم (3)

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله حرم الله تعالى عليه أكل البصل والثوم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: ثناء الله تعالى عليه في التوراة بحسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون في محبة النبي صلى الله عليه وسلم وفضل الصلاة والسلام عليه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من لمسه النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عليه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة اسم من غلبت عليه كنيته من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على حروف المعجم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يعاتب بعض المحدثين على تركهم الصلاة عليه وتقصيرهم فيها!(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب