• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسس بناء المنهج من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    أربع من الجاهلية..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    مفهوم المنهج الدراسي من منظور إسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    شرح جامع الترمذي في السنن (المستحاضة تجمع بين ...
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    هديه -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بسور مخصوصة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

اللحية شعار وجمال

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/11/2017 ميلادي - 4/3/1439 هجري

الزيارات: 17047

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللحية شعار وجمال


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؛ هَدَى عِبَادَهُ لِلدِّينِ الْقَوِيمِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ﴿ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 161]، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَدُودٌ، يُمْهِلُ الْعَاصِينَ، وَيَفْرَحُ بِالتَّائِبِينَ، وَيُعْظِمُ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ، وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَلَّنَا عَلَى الْخَيْرِ لِنَأْتِيَهُ، وَحَذَّرَنَا مِنَ الشَّرِّ لِنَجْتَنِبَهُ، وَعَلَّمَنَا مَا بِهِ سَعَادَتُنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 43 - 44].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا مَنْجَاةَ لِلْعَبْدِ، وَلَا فَوْزَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالدِّينُ أَوَامِرُ وَنَوَاهٍ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْتِزَامُهَا، فَيَأْتِي مَا أُمِرَ بِهِ، وَيَتْرُكُ مَا نُهِيَ عَنْهُ. وَمِنْ أَوَامِرِ الشَّرِيعَةِ مَا يَكُونُ شِعَارًا لِلْإِسْلَامِ، وَالشَّعَائِرُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهَا؛ وَتَعْظِيمُهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ الشَّرْعِيُّ قَدْ كَثُرَ تَرْكُهُ فِي النَّاسِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ عَنْهُ يَتَأَكَّدُ؛ لِدَلَالَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَوَعْظِهِمْ فِيهِ، وَتَنْبِيهِ الْغَافِلِينَ، وَتَذْكِيرِ النَّاسِينَ، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى شَعَائِرِ الْمُرْسَلِينَ.

 

وَإِعْفَاءُ اللِّحَى مِنَ الشَّعَائِرِ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا كُلُّ الشَّرَائِعِ، وَهِيَ مِنْ سُنَنِ الْفِطْرَةِ الَّتِي حَافَظَ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا مِنَ الْفِطْرَةِ مِنْهَا: «قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ تَتَابَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَفْسِيرِ الْفِطْرَةِ بِأَنَّهَا: «السُّنَّةُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْأَنْبِيَاءُ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ، وَكَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهَا». وَغَضِبَ مُوسَى عَلَى هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ﴾ [طه: 94].

 

وَأَمَّا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ كَثَّةً عَظِيمَةً، كَمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ فَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الْهَامَةِ، مُشْرَبًا حُمْرَةً... ضَخْمَ اللِّحْيَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَوَصَفَهُ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا مَرْبُوعًا عَرِيضَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْلَأُ نَحْرَهُ، وَأَثْنَاءَ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ تَضْطَرِبُ فَيَرَاهَا أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ وَرَائِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: «سَأَلْنَا خَبَّابًا: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنْ عِظَمِ لِحْيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَثَافَةِ شَعْرِهَا أَنَّهُ كَانَ فِي الْوُضُوءِ يُخَلِّلُهَا بِكَفٍّ مِنْ مَاءٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَإِذَا كَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَإِنَّ جَدَّهُ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَيْضًا عَظِيمَ اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ نَفْسَهُ بِهِ فَقَالَ: «أَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 123]، وَمَأْمُورٌ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ عَظِيمَةً، وَمَحَبَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ فِي اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَمِنْهَا هَدْيُهُ الظَّاهِرُ، وَلَيْسَتْ فِي الِاحْتِفَالِ بِمَوْلِدِهِ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ، وَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21].

 

وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ أَيْضًا بِالِاقْتِدَاءِ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُمْ كَانُوا يُعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيُرْخُونَهَا؛ لِأَنَّ إِعْفَاءَهَا مِمَّا تَتَابَعَتْ عَلَيْهِ شَرَائِعُهُمْ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90]. وَمَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ قَالَ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَحَلْقُ اللِّحَى مِمَّا أُحْدِثَ فِي الْإِسْلَامِ تَقْلِيدًا لِلْعَلْمَانِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَفِي وَصْفِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَكَأَنَّ لِحْيَتَهُ ضِرَامٌ عَرْفَجٍ، يَعْنِي: تَلَأْلَأُ» لِأَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَكَانَ عُمَرُ كَثَّ اللِّحْيَةِ، وَكَانَ عُثْمَانُ كَبِيرَ اللِّحْيَةِ عَظِيمَهَا، وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ كَانَ كَبِيرَ اللِّحْيَةِ.

 

وَأَمَّا الْأَوَامِرُ النَّبَوِيَّةُ فِي إِعْفَاءِ اللِّحَى فَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ذَكَرَ عِلَّةَ تَوْفِيرِهَا؛ وَهِيَ مُخَالَفَةُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى».

 

وَالْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِينَ هُنَا الْمَجُوسُ؛ لِأَنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ، وَرُهْبَانَ النَّصَارَى؛ كَانُوا يُعْفُونَ لِحَاهُمْ، كَمَا كَانَ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ يُعْفُونَ لِحَاهُمْ، وَيَرَوْنَ حَلْقَهَا عَيْبًا يَلْحَقُ بِالرَّجُلِ، وَهِيَ مِنَ الشَّعَائِرِ الْبَاقِيَةِ الْمُتَوَارَثَةِ مِنْ دِينِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يُغَيِّرُوهَا كَمَا غَيَّرُوا غَيْرَهَا، بَلْ ثَبَتُوا عَلَيْهَا كَمَا ثَبَتُوا عَلَى الْحَجِّ وَتَعْظِيمِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ. وَكَانَ الْمَجُوسُ يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ، وَإِيَّاهُمْ عَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَحَرِيُّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَجَمَّلُوا بِاللِّحَى؛ لِأَنَّهَا شِعَارٌ ظَاهِرٌ لِلرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَتْبَاعِهِمْ؛ وَلِأَنَّ حَلْقَهَا شِعَارٌ ظَاهِرٌ لِعَبَدَةِ النَّارِ مِنَ الْمَجُوسِ، ثُمَّ صَارَ شِعَارًا لِمَلَاحِدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَالِاقْتِدَاءُ بِالرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَامْتِثَالُ سُنَّةِ خَاتَمِهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ فِي إِعْفَاءِ اللِّحَى خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَزْكَى لِنَفْسِهِ، وَأَحْوَطُ لِدِينِهِ، وَأَعَزُّ لِإِيمَانِهِ، وَأَقْوَى لِشَخْصِيَّتِهِ، مِنَ اتِّبَاعِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمَجُوسِ وَمَلَاحِدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَلَا سِيَّمَا أَنَّ حَلْقَ اللِّحَى مَا عُرِفَ فِي الْغَرْبِ النَّصْرَانِيِّ إِلَّا حِينَ أَطْبَقَتِ الْعَلْمَانِيَّةُ الْمُلْحِدَةُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ مِائَتَيْ سَنَةٍ، وَلَا عُرِفَ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِعْمَارِ الْبَغِيضِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا وَيَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُعِينَنَا عَلَى الْتِزَامِ سُنَّةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمُجَانَبَةِ سُبُلِ أَعْدَائِهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131 - 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ اللِّحَى، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَاهِريُ وَابْنُ الْقَطَّانِ الْمَالِكِيُّ رَحِمَهُما اللَّهُ تَعَالَى: «وَاتَّفَقُوا أَنَّ حَلْقَ جَمِيعِ اللِّحْيَةِ مُثْلَةٌ لَا تَجُوزُ». وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَزْهَرِيُّ عَلِيُّ مَحْفُوظٍ: «وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى وُجُوبِ تَوْفِيرِ اللِّحْيَةِ وَحُرْمَةِ حَلْقِهَا».

 

وَأَمَّا الْعَرَبُ فَمَا كَانُوا يَعْرِفُونَ حَلْقَ اللِّحَى لَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ، بَلْ كَانُوا يَتَحَسَّرُونَ عَلَى الْكَرِيمِ الشُّجَاعِ إِذَا كَانَ أَمْرَدَ لَا تَنْبُتُ لِحْيَتُهُ، وَكَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَشْجَعِ الْأَنْصَارِ وَأَسْخَاهُمْ، وَكَانَ الْأَنْصَارُ يَقُولُونَ: «وَدِدْنَا أَنْ نَشْتَرِيَ لِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ لِحْيَةً بِأَمْوَالِنَا».

 

وَاللِّحْيَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ رَمْزُ الرُّجُولَةِ وَزِينَتُهَا، وَسِيمَاءُ تَكْرِيمِ الرَّجُلِ وَتَقْدِيرُهُ. وَإِهَانَةُ اللِّحْيَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِهَانَاتِ الَّتِي لَا تُغْتَفَرُ... وَيُعَدُّ نَتْفُ اللِّحْيَةِ أَوْ حَزُّهَا أَوْ حَلْقُهَا إِهَانَةً كَبِيرَةً تَنْزِلُ بِصَاحِبِهَا. يَفْعَلُهَا مَنْ يُرِيدُ الِازْدِرَاءَ بِشَأْنِ الْمُلْتَحِي. وَفِي الْحُرُوبِ إِذَا انْتَصَرَ الْعَرَبِيُّ عَلَى عَدُوِّهِ، وَأَرَادَ إِهَانَتَهُ، جَزَّ نَاصِيَتَهُ، أَوْ نَتَفَ لِحْيَتَهُ؛ لِيَعْلَمَ النَّاسُ هَزِيمَتَهُ. وَإِذَا مَدَّ غَرِيبٌ يَدَهُ عَلَى لِحْيَةِ رَجُلٍ أَكْبَرَ مِنْهُ فِي الْمَنْزِلَةِ وَاسْتَجَارَ بِهَا، وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهَا إِجَارَتُهُ وَمُسَاعَدَتُهُ. وَقَدْ يَمْسِكُ غَرِيبٌ مُحْتَاجٌ أَوْ مُطَارَدٌ بِلِحْيَةِ سَيِّدِ قَبِيلَةٍ، أَوْ شَرِيفِ قَوْمٍ، وَيُبَيِّنُ لَهُ أَنَّهُ فِي حِمَاهُ وَمَنَعَتِهِ، وَعَلَى الرَّجُلِ بَذْلُ الْحِمَايَةِ وَالْمَنَعَةِ لَهُ.

 

هَكَذَا كَانَ الْعَرَبُ فِي تَوْفِيرِ اللِّحَى وَإِكْرَامِهَا، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ لِيُعَزِّزَ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي صَارَ إِعْفَاؤُهَا رَمْزًا لِلْمُتَمَسِّكِ بِدِينِهِ فِي الْإِسْلَامِ، حَتَّى إِنَّ سُخْرِيَاتِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالْإِسْلَامِ أَوَّلُ مَا تَنْصَبُّ عَلَى اللِّحَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِ، وَالرُّسُومُ الَّتِي نُشِرَتْ قَبْلَ سَنَوَاتٍ وَكَانَ فِيهَا سُخْرِيَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرُ شَيْءٍ سَخِرُوا مِنْهُ لِحْيَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِعْفَاءَ اللِّحَى مِمَّا يَغِيظُ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ، كَمَا أَنَّ الشَّعِيرَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ إِذَا كَثُرَ فِي النَّاسِ مُنْتَهِكُوهَا؛ عَظُمَ أَجْرُ مَنْ يُحَافِظُ عَلَيْهَا، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهَا ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أحاديث تخليل اللحية رواية ودراية
  • اللحية تحمي الوجه من الأشعة فوق البنفسجية
  • حلق اللحية والأخذ منها
  • ظاهرة حلق اللحية انتكاس للفطرة وبوابة الفواحش وسبب للهزيمة
  • وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب

مختارات من الشبكة

  • من مائدة الصحابة: أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حكم عمليات التجميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة ملكة جمال الكون!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحيرة بين الجمال والخلق(استشارة - الاستشارات)
  • العناية بالشَّعر في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • شدة جمالي ونظرات الرجال(استشارة - الاستشارات)
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الزيوت العطرية: علاج وجمال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جمال الظاهر وجمال الباطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب الطيب: درر وجمال(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/3/1447هـ - الساعة: 9:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب