الشك في الصلاة

الشك في الصلاة

ما هو الشك المعتبر من غير المعتبر؟

جاء في رسالة ابن عثيمين في سجود السهو (ص 5): " الشك: التردد بين أمرين أيهما الذي وقع، والشك لا يلتفت إليه في العبادات في ثلاث حالات:

الأولى: إذا كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوسواس.

الثانية: إذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيها شك.

الثالثة: إذا كان بعد الفراغ من العبادة فلا يلتفت إليه مالم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه".

والشك على أربعة أقسام:

القسم الأول: الشك في عدد الركعات.

مثاله: رجل يصلي الظهر ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً.

المذهب: أنه يبني على اليقين فيأخذ بالأقل على أي حال ويجعلها ثلاثاً.

واستدلوا: بحديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن..." رواه مسلم.

والقول الراجح والله أعلم: أن في المسألة تفصيلاً فمن شك في صلاته فلا يخلو من حالين:

الحالة الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين أي يغلب على ظنه فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته ثم يسجد للسهو بعد السلام ثم يسلم.

مثاله: شخص يصلي الظهر ثم شك في الركعة هل هي الثالثة أم الرابعة؟ وترجح عنده أنها الرابعة فيأتي بها ويتمها ويسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم، وكذلك لو ترجح عنده أنها ثالثة فيأتي برابعة ويتمها ويسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم

ويدل على ذلك: حديث ابن مسعود في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين " وهذا الحديث أُخذ منه قاعدة: [إذا تعذر اليقين رُجع إلى غلبة الظن] وتدخل في كثير من أبواب الأحكام كما سبق توضيحها وسيأتي توضحيها في غير هذا الباب.

الحالة الثانية: ألا يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.

مثاله: شخص يصلي الظهر ثم شك في الركعة هل هي الثالثة أم الرابعة؟ ولم يترجح عنده أنها ثالثة ولا رابعة فإنه يبني على الأقل فيجعلها ثالثة ثم يأتي بالرابعة ويسجد للسهو قبل السلام ثم يسلِّم.

ويدل على ذلك: حديث أبي سعيد الخدري السابق عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمساً شفعن صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان "

[انظر في التفصيل السابق الاختيارات لابن تيمية (ص61) ورسالة سجود السهو للشيخ ابن عثيمين (ص5)].

فائدة: إذا جاء المصلي والإمام راكع فكبَّر المصلي للإحرام، ثم ركع، ثم أشكل عليه هل أدرك الإمام في الركوع أم رفع الإمام قبل أن يدركه؟

فالمذهب: أنه يبني على اليقين وأنه لم يدرك هذه الركعة.

والقول الراجح والله أعلم: أنه يجري عليه ما سبق من تفصيل فإن غلب على ظنه أنه أدرك الإمام في الركوع فإنه يعتد بهذه الركعة وهل يجب عليه سجود السهو لشكه في ذلك؟ الصحيح أنه يسقط عنه سجود السهو لأنه ملزوم بمتابعة الإمام وهذا إن لم يفته شيء من الصلاة أما إن فاته شيء من الصلاة وجب عليه سجود السهو لأنه انفصل عن إمامه، وكذلك يجرى الحكم السابق إذا غلب على ظنه أنه لم يدرك إمامه فلا يعتد بالركعة ويجب عليه سجود السهو وأما إذا لم يغلب على ظنه شيء وهذه هي الحالة الثانية فإنه يبني على اليقين فلا يعتد بالركعة ويتم صلاته ثم يسجد للسهو قبل السلام. [انظر الممتع 3/ 383].

• وإن شك في صلاته وبنى على الأقل ثم تبيَّن له أن فعله هو الصواب

مثال ذلك: رجل يصلي الظهر وشك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولم يترجح عنده شيء فبنى على الأقل فجعلها ثلاثاً ثم أتى برابعة وفي أثناءها تبيَّن له أنَّ فعله هو الصواب متيقناً من ذلك فهل يسجد للسهو؟

القول الراجح والله أعلم: أن عليه سجود السهو حتى لو تيقن بعد ذلك، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " فلم يدركم صلى " وهذا حين بنى على الأقل بنى وهو لا يدري كم صلى وظاهره أنه يسجد للسهو حتى لو تبيَّن له بعد ذلك أن فعله صواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في نفس الحديث: "فإن كان صلى خمساً شفعن صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع، كانتا ترغيماً للشيطان".

مستلة من الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح على متن زاد المستقنع (كتاب الصلاة)