• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من حافظ عليها..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن حمود الفريح / إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم
علامة باركود

شرح حديث في الاستحاضة

الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2017 ميلادي - 9/2/1439 هجري

الزيارات: 89765

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المستحاضة وغسلها وصلاتها

شرح حديث: إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟


عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ رضي الله عنها إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ: "لاَ، إِنَّمَا ذلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي".

 

وفي رواية للبخاري: "ثمَّ تَوضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتى يَجيء ذلكَ الوقتُ".

 

وفي رواية: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ رضي الله عنها اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي ذٰلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم: "إِنَّ هذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلكِنَّ هذَا عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي". قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها حَتَّى تَعْلُو حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ.

 

وفي رواية لمسلم: "امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي" فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ.

 

وفي رواية لمسلم: قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ رضي الله عنها أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ. وَلكِنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ هِيَ.

 

ألفاظ الأحاديث:

• (فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ): أبو حبيش بالحاء بلفظ التصغير اسمه: قيس بن المطلب بن أسد، وفاطمة ابنته إحدى المستحاضات في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

 

• (أُسْتَحَاضُ): أي تصيبني الاستحاضة، والاستحاضة: سيلان الدم في غير أوقاته المعتادة وهو دم مرض وفساد لا دم فطرة وطبيعة كالحيض ودم الاستحاضة يستمر ويخرج كل الوقت أو أكثره.

 

• (فَلاَ أَطْهُرُ): أي فلا أنظف من الدم لأن الطهر النظافة وأرادت بذلك توضيح اتصال الدم.

 

• (أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ): الهمزة للاستفهام، واستفهامها هنا عن حكم الصلاة هل للمستحاضة أن تترك الصلاة كالحائض إذ إن العلة واحدة وهي جريان الدم واستمراره كما تبادر إلى الذهن فأجابها النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله (لا) أي لا تدعي الصلاة.

 

وقولها (أفأدع) أدع فعل مضارع الأمر منه (دع). قال النحاة: إن العرب أماتت ماضي " يَدَع " ومصدره واسم فاعله، فلا توجد فتقول في المضارع (يدع) والأمر (دع) ولا تقول (ودَعَه) فالماضي عندهم ممات وهذا ليس محل اتفاق عند النحويين. فقد قال بعض النحويين أن الماضي من (يدع) ليس ممات فقد ورد في القرآن في قوله تعالى: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 3] بتخفيف (ودعك) كما في قراءة مجاهد وعروة ومقاتل وابن أبي عبلة وأيضاً ورد في شعر العرب.

 

كقول أبي الأسود الدؤلي:

ليت شعري عن خليلي ما الذي ♦♦♦ غالهُ في الحبِّ حتى وَدَعَه

 

وجاء المصدر من (وَدَع) في الحديث الذي رواه مسلم " لينتهين أقوام عن ودْعِهم الجمعات ".

فأنكر بعض النحاة: إماته هذا الفعل.

 

قال الفيُّومي: وما هذه سبيله فيجوز القول بقلة الاستعمال ولا يجوز القول بالإماتة [انظر: " المصباح "(ودع) ص 653]. والأظهر كما قال النحاة أن الماضي من ( يدع) ممات وقد يظهر الممات في الاستعمال ولكن قليل جداً.

 

ومثله الفعل الماضي من (يذر) فقد ورد المضارع في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ﴾ [سورة البقرة: 243] وورد الأمر (ذر) في قوله تعالى ﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 112 ]. وأما الماضي (وذر) فهو ممات. [ انظر: " الجمهرة لابن دريد "].

 

• (إِنَّمَا ذٰلِكَ عِرْقٌ): (ذلك) بكسر الكاف لأن الخطاب للمرأة السائلة، و(عرق) بكسر العين وسكون الراء وهذا العرق يسمى العاذل ويقال العاذر بالراء وأراد النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك بيان الفرق بين الدمين لاختلاف المخرجين فدم الحيض يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة بخلاف دم الاستحاضة الذي يخرج بسبب انفجار عرق.

 

• (فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ): يجوز في (حيضتك) الوجهان الكسر والفتح، وإقبال الحيض أي ابتداء وقتها وخروج دم.

الحيض أيام عادتها، وإدبار الحيضة انقطاع دم الحيض والمقصود أنها تميز بين دم الحيض ودم الإستحاضة فتجلس أيام عادتها فإذا انقضت اغتسلت وصلت ولا تنظر بعد ذلك إلى الدم الخارج.

 

• (فَاسْتَفْتَتْ): من الفتيا، والألف والسين والتاء تدل على الطلب أي طلب الفتيا وهي السؤال عن أحكام الشرع ومنه قوله: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ ﴾ [سورة النساء: 176].

 

وأم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها: كانت تحت عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، وذكر الحافظ ابن حجر أن بنات جحش أم حبيبة وزينب وحمنة كلهن كن مستحاضات. [انظر: " الإصابة "( 12 / 202 )].

 

• (مِرْكَنٍ ): المركن بكسر الميم وسكون الراء وفتح الكاف وهو وعاء تُغسل فيه الثياب، وجمعه مراكن.

 

• (امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ): أي توقفي وانتظري قدر عادة حيضتك التي كنت تحيضين فيها.

 

من فوائد الأحاديث:

الفائدة الأولى: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها حينما أخبرته أنها تستحاض ولا تطهر وسألته عن ترك الصلاة.

 

فقال لها " لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة "فيه دلالة على أن أحكام الحيض تختلف عن الاستحاضة ثم أرشدها النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الصلاة حال الاستحاضة دون حال الحيض مما يدل على أن المستحاضة لها حكم الطاهرات فتصلي وتصوم ولها أن تفعل كما تفعل الطاهرات من الأحكام واختلف في جواز جماع المستحاضة، والأظهر والله أعلم جواز جماعها مطلقاً وهو قول جمهور العلماء خلافاً لمن نهى عن ذلك نهي تحريم أو نهي كراهة ومنهم من قيَّد ذلك بالخوف على النفس من فرط الشهوة فيجوز له حينئذ و الأظهر والله أعلم جواز ذلك مطلقاً وهو قول الجمهور كما سبق.

 

ويدل على ذلك:

1- البراءة الأصلية، فالدليل عدم الدليل على النهي عن ذلك فالنهي سواء كان تحريماً أو كراهةً إنما يثبت بالشرع ولا دليل على ذلك فالأصل البراءة حتى يأتي دليل ناقل عن هذا الأصل.

 

2- حديث الباب فيه دلالة على أن المستحاضة تصلي فمن باب أولى أنها تُجامَع لأن تحريم الصلاة أعظم من تحريم الوطء.

 

3- لم يأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم النساء اللاتي استحضن على عهده صلّى الله عليه وسلّم باجتناب الجماع أو أمر أزواجهن بذلك مع تعدد من استحيض في ذلك الزمن حتى قيل إنهن بلغن سبع عشرة امرأة.

 

الفائدة الثانية: قوله صلّى الله عليه وسلّم: " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة " أي بسبب عرق حدث له خلل كانقطاع ونحوه فسال الدم فهو دم علة وفساد بخلاف دم الحيض الذي هو دم طبيعة وفطرة كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رضي الله عنها في المتفق عليه "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم "وذكر أهل العلم فروقاً بين صفة دم الحيض والاستحاضة فمن ذلك:

1- اللون: دم الحيض أسود لحديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود و النسائي مرفوعاً: "إن دم الحيض دم أسود يُعرف"

 

وأما دم الاستحاضة فهو دم أحمر يميل إلى الصفرة لحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري أنها قالت: اعتكفت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأة مستحاضة من أزواجه، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي " وكذلك حديث الباب حيث" كانت أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش حتى تعلو حمرة الدم الماء " وهذا الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة هو الذي وردت به السنة.

 

2- الرقة: دم الحيض ثخين غليظ، ودم الاستحاضة رقيق.

 

3- الرائحة: دم الحيض منتن كريه الرائحة، ودم الاستحاضة غير منتن لأنه دم عادي سببه انفصام أحد العروق في أدنى الرحم.

 

4- التجمد: دم الحيض لا يتجمد إذا ظهر، ودم الاستحاضة يتجمد لأنه دم عرق ودماء العروق تتجمد والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال عن دم الاستحاضة: " إنما ذلك عرق ".

 

الفائدة الثالثة:

قوله صلّى الله عليه وسلّم: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي " فيه دلالة على أن المستحاضة إذا كان لها عادة معلومة في الحيض فإنها تترك الصلاة أيام عادتها وبعد مضي أيام عادتها تغسل الدم وتصلي بعد ذلك ولو خرج الدم لأنه يعتبر دم استحاضة ويكون حكمها بذلك حكم الطاهرات لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم لها كما في حديث الباب بالصلاة وهذه أول حالات المستحاضة الثلاث وهي أن يكون لها عادة معلومة.

 

مثال ذلك:

امرأة كانت تعلم من عادتها قبل إصابتها بالإستحاضة أنها تحيض أول سبعة أيام من الشهر ثم أصيبت بالاستحاضة فهذه ترجع إلى عادتها ففي أول سبعة أيام من الشهر تعتبره حيضاً ثم بعد ذلك تغتسل وتصلي بقية الأيام حتى لو خرج الدم.

 

الحال الثانية: ألا يكون لها عادة ولكن دمها متميِّز بحيث تلاحظ الفروق السابقة بين دم الحيض والاستحاضة فتعمل بالتمييز.

مثال ذلك امرأة لا تعرف الأيام التي كانت تحيض فيها بحكم أن أيام عادتها غير منضبطة بوقت محدد ثم أصيبت بالاستحاضة فهذه ليست لها عادة معلومة فإن كانت تميزِّ بحيث تعرف الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضاً فتجلس وتدع الصلاة والصيام وبعد نهاية الدم الذي يحمل صفة الحيض تغتسل وتصلي وتصوم وتعتبر ما عداه دم استحاضة حكمها فيه حكم الطاهرات.

 

وكذلك المرأة المبتدأة، والمبتدأة ليس لها عادة فترجع إلى التمييز.

 

ويدل على ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها حينما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت أبي حبيش حينما كانت تستحاض " إن دم الحيض دم أسود يـُعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضيء وصلي " رواه أبو داود والنسائي

 

وقوله "إن دم الحيض دم أسود يعرف " ليس في الصحيحين وأما بقية الحديث فهو في المتفق عليه كما في حديث الباب ولذا طعن بعض أهل العلم في لفظة "إن دم الحيض دم أسود يُعرف " لأن الحديث الذي في الصحيحين وهو حديث الباب فيه دلالة على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ردَّ فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها للعادة لا للتمييز والحديث الذي في سنن أبي داود والنسائي فيه دلالة على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ردَّها للتمييز مع أن صاحبة القصة واحدة ولا يمكن تعدد القصة.

 

قال ابن رجب: " والأظهر والله أعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما ردَّها إلى العادة لا إلى التمييز " [انظر: " فتح الباري" (2 \ 58 )].

 

فقوله "أسود يُعرف " لم ترد في الصحيحين بل انفرد بها محمد بن عمرو وهو ممن لاتُحتمل مخالفته قال عنه الحافظ في التقريب "صدوق له أوهام "

وصحح هذا الحديث ابن حبان والحاكم والنووي وأنكر الألباني تصحيحه وهو عنده من قبيل الحسن لأن فيه محمد بن عمرو وهو ابن علقمه، والحديث عمل به أهل العلم وحملوه على المستحاضة المبتدأة التي ليس لها عادة فأرجعوها إلى التمييز.

 

الحال الثالثة: إذا لم يكن للمرأة عادة معلومة ولاصفة تميِّز بها صفة الحيض عن غيره، فإنها تجلس مثل عادة غالب النساء فتجلس ستة أيام أو سبعة تعتبرها حيضاً ثم تغتسل وتصلي بقية الأيام وهذا تحتاجه غالباً المستحاضة إذا كانت مبتدأة فليس لها عادة معروفة وأيضاً في الغالب لا تستطيع التمييز بين الدمين.

 

ويدل على هذه الحالة: حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها وكانت مستحاضة قال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم: " فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء " رواة الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي، وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم لأن في سنده عبدالله بن محمد بن عقيل وقد تفرد به.

 

قال البيهقي: " تفرد به عبدالله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به " [انظر: "معرفة السنن والآثار "(2 / 159)].

ونقل أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: " حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء ".

 

ومع أن الحديث مداره على ابن عقيل إلا أنه أيضاً مخالف لما في الصحيحين في حديث الباب حيث ردَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم المستحاضة إلى عادتها ولم يردَّها إلى عادة غالب النساء مباشرة كما في هذا الحديث وأحاديث الصحيحين مقدَّمة على هذا الحديث، وحمل أهل العلم حديث حمنة رضي الله عنها على المبتدأة التي ليس لها عادة ولا تمييز.

 

ومن خلال التقسيم السابق يتضح أن المستحاضة لها ثلاث حالات: تعمل بالعادة أولاً فإن لم يكن فالتمييز فإن لم يكن فعادة غالب النساء.

 

مسألة: يرد على هذا التقسيم إشكال وهو ما لو اجتمع لامرأة عادة وتمييز فأيهما تُقِّدم؟

مثال ذلك: امرأة عادتها ستة أيام من أول الشهر ولكنها إذا عملت بالتمييز فإنها من اليوم السابع يختلف عليها لون الدم ويعطي صفات دم الحيض من اليوم السابع حتى اليوم الثاني عشر فأي الأيام تجعلها حيضاً ما يوافق عادتها أو ما يوافق تمييزها؟


القول الأول: أنها ترجع إلى عادتها ولا تنظر إلى التمييز وهذا هو المشهور من مذهب الأمام أحمد وهو قول الحنفية ووجه في مذهب الشافعية.

 

واستدلوا: بحديث الباب حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: " فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي " ولم يستفصل الرسول صلّى الله عليه وسلّم هل كانت مميزة أو لا؟ وإنما ردَّها للعادة.

 

والقول الثاني: أنها تعمل بالتمييز وتقدِّمه على العادة، وهذا هو المشهور من مذهب المالكية والشافعية.

واستدلوا: بحديث عائشة رضي الله عنها وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: " إن دم الحيض دم أسود يُعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي " رواه أبو داوود والنسائي.

 

والقول الأول هو الأرجح والله أعلم لسببين:

1- لقوة إستدلالهم ولقوة مورده حيث إنه في الصحيحين فيُقدَّم على غيره وسبق بيان ما في حديث السنن من كلام.

2- أن إرجاع المرأة إلى العادة أيسر وأضبط لها وأبعد عن الاضطراب.

 

الفائدة الرابعة: في حديث الباب دلالة على أن المستحاضة إذا أدبرت عنها حيضتها أي انقضت الأيام التي كانت تحيض فيها يجب عليها الاغتسال من المحيض وهذا جاء أيضا صريحاً في الرواية الأخرى عند مسلم "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي " واختلف أهل العلم هل يجب عليها تكرار الاغتسال لكل صلاة بعد انقضاء مدة حيضها وأثناء استحاضتها أو لا يجب تكرار الاغتسال؟

 

فقيل: تغتسل لكل صلاة وقيل: تغتسل لكل صلاتين مجموعتين وتغتسل للفجر لوحده وقيل: تغتسل من صلاة الظهر الى صلاة الظهر وقيل: إنه لا يجب عليها الاغتسال إلا مرة واحدة إذا أدبرت حيضتها وهو الأظهر والله أعلم.

 

وقال به جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

 

واستدلوا: بحديث الباب: " امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي " رواه مسلم وجاء في الصحيحين من طريق هشام بن عروة قال: أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها وفيه: " ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين، ثم اغتسلي وصلي ".

 

فهذا هو الثابت في الصحيحين وهو وجوب الغسل مرة واحدة بعد الطهر من الحيض، وأما الأقوال الأخرى فلها أدلة لا تقوم بها الحجة على الوجوب مع ما في تكرار الاغتسال من مشقة شديدة وأما فعل أم حبيبة رضي الله عنها كما في حديث الباب حيث كانت تغتسل لكل صلاة فإنه فعل كانت تفعله من تلقاء نفسها و ليس أمراً من النبي صلّى الله عليه وسلّم لها بدليل ما قاله الليث بن سعد كما عند مسلم حيث قال: "لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها أن تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته هي ".

 

قال الشوكاني عن أحاديث تكرار الاغتسال لكل صلاة: " وقد صرح جماعة من الحفاظ بأنها لا تقوم بها الحجة، وعلى فرض أن بعضها يشد بعضا ًفهي لا تقوى على معارضة ما في الصحيحين وغيرهما من أمره صلّى الله عليه وسلّم لها بالغسل إذا أدبرت الحيضة فقط، وترك البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، كما تقرر في الأصول " [انظر: " نيل الأوطار" (1 / 284).

 

الفائدة الخامسة: قوله كما عند البخاري: " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " فيه دلالة على وجوب الوضوء على المستحاضة لوقت كل صلاة وهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، وقبل ذكر الخلاف لا بد من توضيح الراجح في لفظة البخاري " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " وهي زيادة عند البخاري دون مسلم جاءت من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة قال: وقال أبي: " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " وذكر مسلم أنه حذف هذه الزيادة من صحيحه عمدا ًفقال: "وفي حديث حماد حرف تركنا ذكره " يريد بذلك الزيادة المذكورة عند البخاري فاختلف في هذه الزيادة فقيل مرفوعة وقال بذلك جماعة منهم الحافظ ابن حجر، وقال جماعة أخرى من المحققين إن هذه اللفظة موقوفة على عروة بدليل قول هشام بن عروة في آخره: " وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ".

 

والأظهر والله أعلم أنها موقوفة لما يلي:

1- ما سبق من بيان هشام بن عروة للوقف على أبيه حيث قال: وقال أبي: " ثم توضئي لكل صلاة..." وهذا كما عند البخاري.

 

2- أن من الأئمة الكبار في حفظهم وطول باعهم في هذا الباب منهم مسلم والنسائي والبيهقي حكموا عليها بأنها غير محفوظة مرفوعة.

 

3- أن هذا الحديث رواه عن هشام بن عروة ستةَ عشر رجلاً وهم أئمة في الحفظ ولم يذكروا هذه الزيادة التي عند البخاري منهم الإمام مالك و وكيع و سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وإدراج هذه الرواية في المرفوع حصل من بعض الرواة عن هشام لا يبلغون مبلغ من سبق ذكرهم في الحفظ والإتقان فالأظهر والله أعلم ترجيح وقفها على عروة ورجح الوقف شيخ الإسلام ابن تيمية.

 

وهل يجب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة؟

القول الأول:

أن الوضوء يجب على المستحاضة بدخول وقت الصلاة وتصلي بذلك الوضوء ما شاءت من الصلوات فرضاً أو نفلا ً فإذا خرج الوقت لزمها أن تتوضأ مرة أخرى وهذا قول الحنفية والحنابلة واستدلوا برواية البخاري " ثم توضئي لكل صلاة " أي لوقت كل صلاة.

 

القول الثاني:

أن الوضوء يجب على المستحاضة لكل صلاة فرض سواءً كانت الصلاة مؤداة في وقتها أو مقضية فكل صلاة فرض لها وضوء خاص بها وأما النفل فلها أن تصلي بوضوؤها ما شاءت من النوافل وهذا قول الشافعية، واستدلوا أيضاً برواية البخاري " ثم توضئي لكل صلاة " والتفريق بين الفرض والنفل لا دليل عليه والأصل عدم التفريق.

 

والقول الثالث:

أنه لا يجب عليها الوضوء بل هو مستحب في حقها وهذا قول المالكية.

واستدلوا بأن صاحب الحدث الدائم كالاستحاضة ومن به سلس بول لا يرتفع حدثه بالوضوء لأنه حدثه دائم حتى بعد الوضوء فيكون الوضوء في حقه مستحباً لا واجباً وأما رواية البخاري فسبق توجيهها وأنها موقوفة على الصحيح على عروة، وهذا القول قول قوي والوضوء لكل وقت أحوط وأبرأ للذمة والله أعلم.

 

الفائدة السادسة: قوله صلّى الله عليه وسلّم: " فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي " فيه دلالة على أنه ليس للحيض حدٌّ في الأيام لأقله أو لأكثره حيث علَّق النبي صلّى الله عليه وسلّم الحكم بإقبال الحيض وإدباره ولم يعلِّقه بمدة معينة ومما يدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً ﴾ [البقر ة: 222].

 

فالعبرة بوجود الأذى قلَّت الأيام أو كثرت فإذا وجد الأذى وهو دم الحيض وجد الحكم والتحديد بأيام معينة لأقلـه وأكثره يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك.

 

مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خروج دم الاستحاضة
  • ملخص أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة
  • المستحاضة وغسلها وصلاتها
  • الاستحاضة (الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة)
  • أحكام الاستحاضة
  • شرح حديث: إني امرأة أستحاض فلا أطهر

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (2): حديث جبريل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث (الذي قال لأولاده أحرقوني..) وذلك بإرجاع متشابه الحديث إلى محكمات القرآن والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (1) (شـرح المنظومـة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (2) (شرح المنظومة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث التاسع من الأربعين النووية (حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الثامن من أحاديث كتاب الأربعين النووية (حرمة دم المسلم وماله)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الثاني من الأربعين النووية: حديث مراتب الدين (علامات الساعة الكبرى والصغرى والاستعداد لها)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الثاني من الأربعين النووية: حديث مراتب الدين (الإحسان: معناه وأسباب تحقيقه)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب