• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

رفع الأمانة (خطبة)

رفع الأمانة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2020 ميلادي - 27/2/1442 هجري

الزيارات: 18438

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رَفْعُ الأمانةِ


الحمد لله الذي فرض علينا أداء الأمانة، وحرَّم الغدرَ والخيانة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم القيامة، ونؤمل بها الفوز بدار النعيم والكرامة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أتمَّ به النعمةَ، وبعثهُ للعالمين رحمة، وللعاملين قدوة، وعلى الطاغين حُجَّة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم في الدِّين والْمِلَّة، وسلم تسليمًا.


أمَّا بعدُ:

فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى وأَدُّوا الأمانةَ التي حَمَلْتُمُوها، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، والأمانةُ كما قال الكَفَوي: (كل مَا ‌افْتُرضَ ‌على ‌الْعباد ‌فَهُوَ ‌أَمَانَة، كَصَلاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ وَأَدَاء دَيْنٍ، وأوكَدُها الودائعُ، وأوكدُ الودائعِ كتمُ الأَسْرَار) انتهى.


ونبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد عُرِف في الجاهلية بالأمين، والناسُ يَميلون بفطرتهم إلى الأمين، ولَمَّا أتى صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا: (ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، ولا تَبْعَثْ مَعَنَا إلا أَمِينًا، فقالَ: «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ»، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: «قُمْ يا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ» فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «‌هَذا ‌أَمِينُ ‌هذهِ ‌الأُمَّةِ») رواه البخاري.


فالناسُ مُسلِمُهُم وكافِرُهم يتشوَّفون للتعاملُ الديني والدنيوي مع الرَّجُلِ الأمين.


أيها المسلمون:

لقد جاءت الأمانةُ في الكتاب والسُّنةِ على أوجهٍ كثيرة، فقد جاءت بمعنى الدِّينِ والدِّيانة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، وتأتي بمعنى الشرعِ والسُّنةِ: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 71]، وتأتي بمعنى الفرائض: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، وتأتي بمعنى الوديعة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وتأتي بمعنى العِفَّة والصيانة ﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].


فالأمانةُ في الإسلام أضخم وأثقلُ مما يظنُّه الكثير مِنْ أنَّ المراد بها الودائع فقط، ويكفيها فضلًا أنها الفريضةُ التي يَتَواصى المسلمون برعايتها ويستعينون بالله على حِفظِها، فإذا أرادَ أحدُ الصحابةِ سَفَرًا قال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُودِّعًا: (‌أَسْتَوْدِعُ ‌اللهَ ‌دِينَكَ، وأَمَانَتَكَ، وخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ) رواه الترمذيُّ وصحَّحه، وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يجمعُ في استعاذتهِ بين شقاء العيشِ في الدُّنيا وسوء المنقلب في الآخرة، فقال: (اللهُمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ الْجُوعِ فإنهُ بئسَ الضَّجيعُ، وأعوذُ بكَ مِنَ الخيانةِ، فإنها بئسَتِ البطانةُ) رواه أبو داود وصحَّحه النووي.


عباد الله:

الأمانةُ بابٌ واسعٌ، قال الرازي: (اعلَمْ أنَّ ‌مُعَامَلَةَ ‌الإنسانِ ‌إمَّا ‌أَنْ ‌تَكُونَ مَعَ رَبِّهِ أَوْ مَعَ سَائِرِ العِبَادِ، أَوْ مَعَ نَفْسِهِ، ولا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ الأمانَةِ في جَمِيعِ هذهِ الأقسامِ الثلاثةِ.


أمَّا رِعَايَةُ الأمانةِ مَعَ الرَّبِّ:

فَهِيَ في فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ، وهذا بَحْرٌ لا سَاحِلَ لَهُ، قالَ ابنُ مسعُودٍ: «الأَمَانَةُ في كُلِّ شَيْءٍ لازِمَةٌ، فِي الْوُضُوءِ والْجَنَابَةِ والصلاةِ والزَّكَاةِ والصَّوْمِ»... واعلَمْ أَنَّ هذا بَابٌ وَاسِعٌ، فأَمَانَةُ اللِّسَانِ أَنْ لا يَسْتَعْمِلَهُ في الْكَذِبِ والْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ والْكُفْرِ والْبِدْعَةِ والْفُحْشِ وغَيْرِهَا، وأَمَانَةُ الْعَيْنِ أنْ لا يَسْتَعْمِلَهَا في النظَرِ إلى الْحَرَامِ، وأَمَانَةُ السَّمْعِ أَنْ لا يَسْتَعْمِلَهُ في سَمَاعِ الْمَلاهِي والْمَنَاهِي، وسَمَاعِ الْفُحْشِ والأَكَاذِيبِ وغَيْرِهَا، وكَذَا الْقَوْلُ في جَمِيعِ الأَعْضَاءِ.


وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ رِعَايَةُ الأَمَانَةِ مَعَ سَائِرِ الْخَلْقِ فَيَدْخُلُ فِيهَا رَدُّ الْوَدَائِعِ، ويَدْخُلُ فيهِ تَرْكُ التَّطْفِيفِ في الْكَيْلِ والْوَزْنِ، ويَدْخُلُ فيهِ أنْ لا يُفْشِيَ على النَّاسِ عُيُوبَهُمْ...


وأمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وهوَ أَمَانَةُ الإنسانِ مَعَ نَفْسِهِ فَهُوَ أنْ لا يَخْتَارَ لنَفْسِهِ إلا مَا هُوَ الأَنْفَعُ والأَصْلَحُ لَهُ في الدِّينِ والدُّنْيَا، وأنْ لا يُقْدِمَ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ والْغَضَبِ على ما يَضُرُّهُ في الآخِرَةِ) انتهى ملخصًا.


وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا قَالَ: لا ‌إِيمَانَ ‌لِمَنْ ‌لا ‌أَمَانَةَ ‌لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ) رواه الإمامُ أحمد وحسَّنه مُحقِّقُو المسند.


وهناك أمانتُك مع نفسك وأهلك، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (‌كُلُّكُمْ ‌رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري ومسلم.


وهُناكَ أمانتُكَ مع الناس، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾[المؤمنون: 8] [المعارج: 32]، وقال تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283]، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‌أَدِّ ‌الأَمَانَةَ ‌إلى مَنْ ائْتَمَنَكَ، ولا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثمَّ ‌التَفَتَ ‌فَهِيَ ‌أَمَانَةٌ) رواهما الترمذي وحسَّنهما.


وهُناكَ أمانتُكَ مَعَ مَن تحتكَ من الموظَّفين، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، ‌فَيَمُوتُ ‌وَهُوَ ‌غَاشٌّ لَهُمْ، إلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ) رواه البخاري.


وهُناك أمانتُك مع امرأتك، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ‌الرَّجُلَ ‌يُفْضِي ‌إلى ‌امْرَأَتِهِ وتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، وفي روايةٍ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ‌الرَّجُلَ ‌يُفْضِي ‌إِلَى ‌امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا) رواهما مُسلم.

 

الخطبة الثانية

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.


أمَّا بعدُ:

(فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


عباد الله:

إن خُلُق الأمانة أحدُ أركان الأخلاق السامية في الإسلام، وهي من أعز ما يحرص المسلم على الاتصاف بها ولو فاته ما فاته، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ ‌فلا ‌عَلَيْكَ ‌مَا ‌فَاتَكَ ‌مِنَ ‌الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ في طُعْمَةٍ) رواه الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر والألباني، فالمؤمنُ لا يَخافُ الناسُ منه غيلةً ولا خِداعًا ولا خيانةً ولا شَرًّا، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ -أي لا عقل له يمنعه عمَّا لا ينبغي-، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أَهْلًا ولا مَالًا، والْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ -أي لا يظهر-، ‌وإنْ ‌دَقَّ ‌إلا ‌خَانَهُ، وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ ولا يُمْسِي إلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ» وَذَكَرَ «الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ، وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ» -أي سيء الخُلُق-) رواه مسلم، وخيانة الأمانة من صفات المنافقين، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‌آيَةُ ‌المُنَافِقِ ‌ثلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) متفق عليه.


ومِن هُنا يتبينُ لكم أيها المسلمون ما للأمانة من دورٍ بالغٍ في إصلاح الفردِ والجماعة، وأنَّ سِرَّ بقاءِ الأُمَّةِ وفلاحِها وظُهورِها على أعدائها مرهونٌ بحفظِ الأمانة، قال هرقلٌ لأبي سفيان: (‌سَأَلْتُكَ ‌مَاذَا ‌يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: «أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بالصَّلاةِ، وَالصِّدْقِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأَمَانَةِ»، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبيٍّ) رواه البخاري، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فإذَا ‌ضُيِّعَتِ ‌الأَمَانَةُ ‌فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ») رواه البخاري.


أَلا وإن ظُهورَ الخيانةِ أَمَارةٌ على قُرْبِ قيام الساعة، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ ‌سَنَوَاتٌ ‌خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ في أَمْرِ الْعَامَّةِ») رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وعن حُذَيْفَةُ قَالَ: (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ -أي أصل-قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ»، وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ -أثر النار ونحوها-، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ -أي التنفط في اليد من أثر العمل ونحوه-، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا -أي مرتفعا- وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي ‌فُلانٍ ‌رَجُلًا ‌أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ -أي أحسنه- وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ») رواه البخاري ومسلم.


اللهم أعذنا من الخيانة فإنها بئست البطانة، وارزقنا أداء الأمانة على الوجه الذي يُرضيك عنَّا.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أداء الأمانة
  • الأمانة بين الدنيا والآخرة
  • الأمانة
  • من الشمائل والصفات المحمدية .. الأمانة
  • الخطوات المثالية لزرع قيمة الأمانة (خطبة)
  • الأمانة دستور حياة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • رفع الأمانة(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • نزول الأمانة ورفعها(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: خلق الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن فضل الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفع اليدين في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علامات الرفع في اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سنن الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسؤوليتنا في أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية وحفظ الأمانة الصحية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أداء الأمانة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب