• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

تعظيم السلف لعشر ذي الحجة (خطبة)

تعظيم السلف لعشر ذي الحجة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/7/2019 ميلادي - 24/11/1440 هجري

الزيارات: 53759

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعظيمُ السلفِ لعشرِ ذي الحِجَّةِ

 

الحمدُ للهِ الذي فضَّلَ عشرَ ذي الحِجَّةِ على سائرِ الأيامِ، وأكملَ في تاسعها الدِّينَ وأتمَّ الإنعام، ورضيَ الإسلامَ لعبادِه المؤمنينَ ديناً مُوصلاً لدارِ السلامِ، وجَعَلَهُ موسماً لعِتقِ الرِّقابِ ومغفرةِ الذنوبِ والآثامِ، ومَتْجَراً لنيلِ الإفاضاتِ والمواهبِ الجِسامِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ له ذُو العَظَمةِ والجلالِ والكَمالِ والدَّوامِ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه المخصُوصُ بأكملِ قُربٍ وأرفعِ مقامٍ، أفضلُ مَن صلَّى وصام، وأتقى مَن وَقَفَ بالمشاعرِ وطافَ بالبيتِ الحَرامِ، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابهِ الأئمةِ الأعلام.


أمَّا بعدُ: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى وشَمِّرُوا لطلبِ الخيراتِ في أوقاتها، فيا ذَوِي الْهِمَمِ العاليةِ والنَّظَرِ، ويا طالبي التجارةِ لِمنِ اتَّجَر، استقبلُوا أعظمَ أيامِ الدُّنيا بما يُرضي ربَّكُم الجليل، واقتَدُوا بسلفِكم الصالح في تعظيمِهِم لها، فعَنْ (أبي عُثْمَانَ: كانُوا يُعَظِّمُونَ ثلاثَ عَشَرَاتٍ: الْعَشْرُ الأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، والعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، والعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ) رواه المروزيُّ.


فسَلَفُنا الصالح يُعظِّمونَ عشرَ ذي الحِجَّةِ لأن الله أقسَم بها، فقال: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2]، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الأَضْحَى) رواه الإمام أحمد، وقال الزيلعي: (لا بأس برجاله).


يُعظِّمُونها: لأنها الأيام التي أتَمَّها لموسى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال تعالى: ﴿ وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴾ [الأعراف: 142]، قالَ مجاهدٌ:(عشرُ ذي الحجَّةِ) رواه ابن جرير.

 

يُعظِّمُونها: لأنها أفضلُ وأعظَمُ أيامِ الدُّنيا كُلِّها، فأَمرَ اللهُ بكثرةِ ذكرِه فيها، قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، قال ابنُ عبَّاسٍ: (أيامُ العَشْرِ) رواه البخاري مُعلَّقاً بصيغة الجزم، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أفضلُ أيامِ الدُّنيا أيامُ العَشْرِ) رواه البزار وحسَّنه الألباني، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ما منْ أيامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أَحَبُّ إليهِ منَ العَمَلِ فيهِنَّ من هذهِ الأيامِ العَشْرِ، فأكثِرُوا فيهِنَّ منَ التحميدِ والتكبيرِ والتهليلِ) رواه البيهقيُّ في الشُّعَبِ وصحَّحهُ البُوصِيرِي.

 

و(كانَ ابنُ عُمَرَ وأبو هُريرَةَ: يَخرُجانِ إلى السُّوقِ في أيامِ العَشْرِ يُكبِّرانِ، ويُكَبِّرُ الناسُ بتكبيرِهِما، وكانَ عُمَرُ رضيَ اللهُ عنهُ يُكَبِّرُ في قُبَّتِهِ بمنًى فيَسْمَعُهُ أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرُونَ ويُكبِّرُ أهلُ الأسواقِ حتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تكبيراً، وكانَ ابنُ عُمَرَ يُكبِّرُ بمنًى تلكَ الأيَّامَ، وخَلْفَ الصلواتِ، وعلى فِراشِهِ، وفي فُسْطَاطِهِ، ومَجْلِسِهِ، ومَمْشَاهُ، تلكَ الأيامَ جميعاً، وكانت مَيْمُونَةُ تُكبِّرُ يومَ النَّحْرِ) رواه البخاري.

 

قال ابنُ رَجَبٍ: (روى المروزيُّ عن ميمونَ بنِ مِهْرانٍ قال: أدركتُ الناسَ وإنهم ليُكبِّرون في العَشْرِ، حتى كُنتُ أُشبِّهُهُ بالأمواجِ من كثرتِهَا، ويقولُ: إنَّ الناسَ قد نَقَصُوا في تركِهِمُ التكبير) انتهى، وقال النووي: (واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثارُ من الأذكارِ في هذا العشر زيادةً على غيرهِ، ويُستحبُّ من ذلكَ في يوم عَرَفةَ أكثرَ من باقي العشرِ) انتهى.

 

وقال ابنُ القيِّم: (وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُكْثِرُ الدُّعاءَ في عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، ويَأْمُرُ فيهِ بالإكْثَارِ مِنَ التَّهليلِ والتكْبيرِ والتحْمِيدِ) انتهى، وقالَ أيضاً: (وأمَّا تَكْبيرُ اللهِ بأَصْوَاتٍ مُرْتَفِعَةٍ فَشِعَارُ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأُمَّتِهِ.. وهُمْ يُكَبِّرُونَ اللهَ بأَصْوَاتٍ عالِيَةٍ مُرْتَفِعَةٍ في الأذانِ، وفي عِيدِ الْفِطْرِ، وعِيدِ النَّحْرِ، وفي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، وعَقِيبَ الصَّلَواتِ الخَمْسِ في أيَّامِ مِنىً)، وقالَ أيضاً: (والأَفْضَلُ في أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ الإكْثَارُ مِنَ التَّعَبُّدِ، لا سِيَّمَا التكْبيرُ والتَهْلِيلُ والتَحْمِيدُ، فهُوَ أفْضَلُ مِنَ الجِهَادِ غيْرِ الْمُتَعَيَّنِ) انتهى.


يُعظِّمُونها: لأنَّ العَمَلَ الصالِحَ فيها أحبُّ إلى اللهِ وأعظمُ أجراً من العملِ في غيرها، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ما مِن أيَّامٍ العَمَلُ الصالحُ فيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ من هذهِ الأيَّامِ العَشْرِ، فقالُوا: يا رسولَ اللهِ: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلمْ يَرجِعْ من ذلكَ بشيْءٍ) رواه الترمذي وصحَّحه.

 

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أَفضَلَ منها في هذهِ؟ قالُوا: ولا الجهادُ؟ قالَ: ولا الجهادُ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنفسِهِ ومالِهِ، فلَم يَرْجِع بشيءٍ) رواه البخاري.

 

والمعنى كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية: (اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ بالْعِبَادَةِ لَيْلاً ونَهَاراً أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ ومَالُهُ) انتهى.


وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («ما مِن عَمَلٍ أَزْكَى عندَ اللهِ عزَّ وجَلَّ ولا أَعْظَمَ أَجْراً مِن خَيْرٍ يَعْمَلُهُ في عَشْرِ الأضْحَى، قيلَ: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قالَ: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجَلَّ إلا رَجُلٌ خَرَجَ بنفسِهِ ومالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ من ذلكَ بشيْءٍ»، قالَ: وكانَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ إذا دَخَلَ أيامُ العَشْرِ اجتَهَدَ اجتهاداً شديداً حتَّى ما يَكَادُ يَقْدِرُ عليهِ) رواه الدارمي وحسَّنه الألباني.

 

يُعظِّمُونها: لأنَّ اللهَ أقسمَ باليومِ التاسعِ منها، قال تعالى ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3]، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وإنَّ المشهُودَ يومُ عَرَفَةَ) رواه الطبرانيُّ في الكبير، وقال ابنُ كثيرٍ: (إسنادُهُ لا بأسَ بهِ).

 

يُعظِّمُونها: لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يَصُومُها، فعن هُنَيْدَةِ بنِ خالدٍ عنِ امرأتِهِ عن بعضِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الحِجَّةِ) رواه أبو داود وصحَّحه البيهقيُّ.

 

يُعظِّمُونها: لاجتماعِ أُمَّهاتِ العبادةِ فيها: قال ابنُ حجر: (والذي يَظْهَرُ أنَّ السَّبَبَ في امتِيَازِ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ لِمكانِ اجتماعِ أُمَّهاتِ العِبادةِ فيهِ، وهيَ الصلاةُ والصِّيَامُ والصَّدَقَةُ والْحَجُّ، ولا يَتأَتَّى ذلكَ في غيرِهِ) انتهى.


(وَسُئِلَ ابنُ تيمية: عَنْ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ والعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رمَضَانَ، أيُّهُمَا أَفْضَلُ؟

فأَجَابَ: أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أفْضَلُ مِنْ أيَّامِ العَشْرِ مِنْ رمَضَانَ، واللَّيَالي الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ.


قالَ ابْنُ الْقَيِّمُ: وإذا تَأَمَّلَ الْفَاضِلُ اللَّبيبُ هذا الجَوَابَ، وَجَدَهُ شَافِياً كَافِياً، فإنهُ لَيْسَ مِنْ أيَّامٍ الْعَمَلُ فيهَا أَحَبُّ إلى اللهِ مِنْ أيَّامِ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، وفِيهَا: يَوْمُ عَرَفَةَ ويَوْمُ النَّحْرِ ويَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وأمَّا لَيَالي عَشْرِ رمَضَانَ فَهِيَ لَيَالي الإحْياءِ التي كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُحْييهَا كُلَّهَا، وفِيهَا لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فَمَنْ أجَابَ بغَيْرِ هذا التَّفْصِيلِ لَمْ يُمْكِنْهُ أنْ يُدْلِيَ بحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ) انتهى.

♦    ♦    ♦


إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم عبدُه ورسولُه.


أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخير الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَر الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُل بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و(لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


أيها المسلمون: هذا هو تعظيمُ السَّلَف الصالح لعشرِ ذي الحجَّة، فَمَا هو تَعْظِيمُنا لعشرِ ذي الحِجَّةِ؟ الكثيرُ لا يُحرِّكُ ساكناً، والأكثرُ لم يَقُم الأمرُ عندَهُ ولم يَقْعُد، مِن مظاهرِ ذلكَ مَثَلاً: هجرُ سُنَّةِ التكبيرِ المطلقِ، وهي من شَعَائرِ عشرِ ذي الحِجَّةِ، وعلى الرَّغم من أنَّ أيام عشر ذي الحِجَّةِ أعظم من أيام رمضان، والعمل فيها أفضل، إلا أنه لا يحصل فيها ولو شيءٌ مِمَّا يحصل في رمضان، من النشاط في عَمَلِ الآخرة، ولا غرو، فالفارق بين الزمنين واضح، فقد اختُصَّ رمضان بما لم تُختص به العشر، ومن ذلك: وقوع فريضة الصوم فيه، وهي فريضة العام على كُلِّ مسلم، مع ما يكون فيها من تربية للمسلم، وزيادة لإيمانه، بخلاف الحج فهو فريضة العمر، وأيضاً: ارتباط رمضان بنزول القرآن فيه مما جَعَلَهُ شهر القرآن، وذلك له أثرٌ كبيرٌ في إقبالِ الناسِ فيه على كتاب الله الكريم، وأيضاً: الترغيب الخاص بقيام لياليه، وهدي النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قيامه وإحياءِ العشر الأواخر، وتحرِّي ليلةِ القدرِ، وهذه الأمور الثلاثة جعلت لرمضان جوّاً خاصًّاً مُتمَيِّزاً تنقلبُ حياةُ الناسِ فيه، وتتغير أيًّاً كان نوع ذلك التغيُّر، وأيضاً: ما يَحصُلُ في رمضان من تصفيد الشياطين ومَرَدَةِ الْجنِّ، وفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النيران، مما يكون له أعظمُ الأثر في انبعاث الناس للعبادة وحماسهم لها، فيكون ذلك حافزاً للعُلَماءِ والدُّعاةِ والأئمةِ والخطباءِ ليُخاطبوا قُلُوبَ الناس ما دامت مُقبلةً على الخير، كُلُّ ذلك وغيرُه يجعل عشر ذي الحِجَّةِ ابتلاءً وامتحاناً للناس، فلا يحصل فيها من المعونة على الخير كما يحصل في رمضان، والْمُوفَّق مَنْ وفَّقهُ الله، فشمَّرَ وجَدَّ واجتهد.


ولذلك فإنَّ من أعظمِ ما يُعينُكَ على التشميرِ والجدِّ في العمل الصالح في العشر: الإكثارُ من ذِكرِ اللهِ وتكبيرهِ، وقد أَمَرَ الله بهِ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42]، وقال: ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111]، وقال: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3]، فذكْرُ اللهِ هو الْحِصْنُ الحصينُ الذي يَحْرِزُ الْمُسْلِمُ نفْسَهُ فيهِ مِنْ شرِّ نفسهِ وشرِّ شياطينِ الإنسِ والْجِنِّ، قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وآمُرُكُمْ بذِكْرِ اللهِ كَثِيراً، ومَثَلُ ذِكْرِ اللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعاً في أَثَرِهِ، حتَّى أَتَى حِصْناً حَصِيناً فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فيهِ، وكَذلكَ العَبْدُ لا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إلاَّ بذِكْرِ اللهِ) رواه ابنُ خزيمة وصحَّحهُ.

 

قال ابنُ القيِّم: (فلوْ لَمْ يكُنْ في الذِّكْرِ إلاَّ هذهِ الخصلةُ الواحدةُ لكانَ حقيقاً بالعبدِ أنْ لا يَفْتُرَ لسانهُ من ذكرِ اللهِ تعالى، وأن لا يزال لَهِجَاً بذكرِهِ، فإنه لا يُحْرِزُ نفْسَهُ مِنْ عَدُوِّهِ إلاَّ بالذكْرِ، ولا يَدْخُلُ عليه العدُوُّ إلاَّ من بابِ الغفلةِ، فهوَ يَرْصُدُهُ فإذا غَفَلَ وَثَبَ عليهِ وافترسَهُ، وإذا ذَكَرَ اللهَ تعالى انْخَنَسَ عدوُّ اللهِ تعالى وتصَاغَرَ وانقَمَعَ) انتهى.

 

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («ما عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلاً أَنْجَى لَهُ مِنْ عذابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ»، قالُوا: ولا الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قالَ: «ولا، إلاَّ أنْ تَضْرِبَ بسَيْفِكَ حتَّى يَنْقَطِعَ»، ثلاثَ مَرَّاتٍ) رواه الطبراني في الكبير، وحسَّنَ إسنادَهُ ابن حجر.

 

قال الصنعاني: (فذكْرُ اللهِ مِنْ أَعْظَمِ أسبابِ النَّجَاةِ مِنْ مَخَاوِفِ عَذابِ الآخِرَةِ، وهُوَ أيضاً مِنْ الْمُنْجِيَاتِ مِنْ عَذابِ الدُّنيا ومَخَاوِفِهَا، ولذا قَرَنَ اللهُ الأَمْرَ بالثَّباتِ لقِتَالِ أعدائِهِ وجِهَادِهِمْ بالأَمْرِ بذِكْرِهِ، كمَا قالَ:(إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا)، وغَيْرُهَا مِنْ الآياتِ والأحادِيثِ الوارِدَةِ في مَوَاقِفِ الجِهَادِ) انتهى.


قال ابنُ عبد البرِّ: (وفَضَائِلُ الذِّكْرِ كثيرَةٌ جِدَّاً لا يُحِيطُ بهَا كتابٌ، وحَسْبُكَ أنهُ أَكْبَرُ مِنَ الصَّلاةِ، قالَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت: 45]، (فحَسْبُكَ بما في الكِتَابِ والسُّنَّةِ مِنْ فَضْلِ الذِّكْرِ، وفَّقَنَا اللهُ وحَبَّبَ إلينا طاعَتَهُ، وأَعَانَنا عليها بفَضْلِهِ ورَحْمَتِهِ، آمِينَ) انتهى.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاستنصار بالدعاء وعشر ذي الحجة
  • الأعمال الصالحة وعشر ذي الحجة
  • أفضل أيام الدنيا: عشر ذي الحجة
  • من دعوات نبي الله إبراهيم ووصيته لبنيه (2) ويليها عن فضل عشر ذي الحجة
  • فضل عشر ذي الحجة
  • الأسرة واستثمار عشر ذي الحجة
  • السرور والبشر في فضائل أيام ذي الحجة العشر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تعظيم السلف لعشر ذي الحجة(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تعظيم السلف الصالح للحج ومناسكه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تعظيم السلف للحج ومناسكه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • صفحة من تعظيم السلف للنبي وسنته(مقالة - ملفات خاصة)
  • تعظيم السلف للنبي صلى الله عليه وسلم من أخبار التابعين والعلماء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • السلف الصالح(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من أقوال السلف في عشر ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم اشتراط عقد تبرع في عقد تبرع (صيغة القروض المتبادلة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الزاد والعدة في زمان الغربة (٢)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رأي علماء السلف في الحجج والاعتراض عليها(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب