• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

الإسراء والمعراج (خطبة)

الإسراء والمعراج (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/4/2017 ميلادي - 27/7/1438 هجري

الزيارات: 78730

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسراءُ والمعراج

 

الحمدُ للهِ الذي حضَّ على التقوى ووصَّى، وأحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً وأحصى، وفضَّلَ أُمَّةَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأُمَمِ كما هو مذكورٌ في القرآن قصَصَاً، وأسرى بعبده صلى الله عليه وسلم ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أحمَدُه سبحانه حمداً يكونُ به مختصَّاً، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن سيِّدنا محمداً عبده ورسوله الذي صار بالشفاعةِ العُظمى مختصَّاً، اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وأصحابه الذين نالوا بصحبته فضائلَ لا تُعدُّ ولا تُحصى.


أمَّا بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى وأطيعوه، فهذا موسم العمل الصالح فاربحوه، وهذا باب التوبة قد عُرِضَ عليكم فافتحوه، واشكروا الله على نِعَمِه الكُبرى وآلاءه الجسيمة العُظمى، فقد جعلنا خيرَ أُمَّةٍ أُخرجت للناس، وفضَّل نبيَّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بخصائصَ لم ينلها أحدٌ من البشر، ومن أعظمها: المعراجُ الذي فضَّله الله به قبل أن يُهاجرَ من مكة، قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (فُرِجَ عن سَقْفِ بيتي وأنا بمكةَ، فنزَلَ جبريلُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ففَرَجَ صدرِي، فشقَّ جبريلُ ما بينَ نَحْرِهِ إلى لَبَّتِهِ حتى فَرَغَ مِن صدرِه وجَوْفِهِ، فغَسَلَهُ من ماءِ زمزَمَ بيدِه، حتى أنقَى جَوْفَهُ، ثمَّ أُتِيَ بطَسْتٍ من ذهَبٍ فيهِ تَوْرٌ من ذهَبٍ، مَحْشُوَّاً إيماناً وحكمةً، فحَشَا بهِ صَدْرَهُ ولَغَادِيدَهُ - يَعني عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثمَّ عَرَجَ بهِ إلى السماءِ الدُّنيا، فضَرَبَ باباً من أبوابها فناداهُ أهلُ السماءِ: مَن هذا؟ فقال جبريلُ: قالوا: وَمَن مَعَكَ؟ قال: مَعِيَ مُحمَّدٌ، قال: وقَدْ بُعِثَ؟ قال: نعَم، قالوا: فَمَرْحَباً بهِ وأهلاً، فيَستَبشِرُ بهِ أهلُ السماءِ، لا يَعلَمُ أهلُ السماءِ بما يُريدُ اللهُ بهِ في الأرضِ حتى يُعْلِمَهُم، فلمَّا فتَحَ عَلَوْنا السماءَ الدُّنيا، فإذا رجُلٌ قاعدٌ على يَمينهِ أَسْوِدَةٌ، وعلى يَسارِه أسوِدَةٌ، إذا نظَرَ قِبَلَ يَمينهِ ضَحِكَ، وإذا نظَرَ قِبَلَ يَسارِه بكَى، فقالَ: مَرحَباً بالنبيِّ الصالحِ والابنِ الصالحِ، قُلتُ لجبريلَ: مَن هذا؟ قالَ: هذا آدَمُ، وهذهِ الأسودةُ عن يَمينهِ وشمالهِ نَسَمُ بَنيهِ، فأهلُ اليمينِ منهُم أهلُ الجنةِ، والأَسْوِدَةُ التي عن شِمالِه أهلُ النارِ، فإذا نَظَرَ عن يَمينهِ ضحكَ، وإذا نظَرَ قِبَلَ شِمالِه بكَى، ثُمَّ عَرَجَ بي جبريلُ حتى أتى السماءَ الثانيَةَ، فقالَ لخازِنها: افتَحْ، فقالَ لهُ خازنُها مِثلَ ما قالَ الأولُ فَفَتَحَ، فلمَّا خَلَصْتُ فإذا يَحْيَى وعيسى وهُمَا ابنا خالَةٍ، قالَ: هذا يحيى وعيسى فسَلِّم عليهِما، فسلَّمتُ فَرَدَّا، ثمَّ قالا: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ، ثمَّ عَرَجَ بهِ إلى السماءِ الثالثةِ، وقالُوا لهُ مِثلَ ما قالتِ الأُولى والثانيةُ) رواه البخاري، (ففُتِحَ لَنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، إذا هُوَ قد اُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فرَحَّبَ ودَعا لي بخيرٍ) رواه مسلم، (ثُمَّ عَرَجَ بهِ إلى الرابعةِ، فقالُوا لهُ مِثلَ ذلكَ، ففُتِحَ، فلَمَّا خلَصتُ إلى إدريسَ، قال: هذا إدرِيسُ فسَلِّم عليهِ فسَلَّمتُ عليهِ، فرَدَّ، ثمَّ قالَ: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ، ثُمَّ عَرَجَ بهِ إلى السماءِ الخامسةِ فقالوا مِثلَ ذلكَ، فأتينا على هارونَ فسَلَّمتُ عليهِ، فقالَ: مَرحباً بكَ مِن أخٍ ونبيٍّ، ثمَّ عَرَجَ بهِ إلى السماءِ السادسةِ، فقالوا له مثلَ ذلكَ، فأتيتُ على موسى، فسَلَّمتُ عليهِ، فقالَ: مرحباً بكَ من أخٍ ونبيٍّ، فلَمَّا جاوزتُ بكَى، فقيلَ: ما أبكاكَ: قالَ: يا رَبِّ هذا الغُلامُ الذي بُعِثَ بعدِي يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتِهِ أفضَلُ مما يَدخُلُ من أُمَّتي، ثُمَّ عَرَجَ بهِ إلى السماءِ السابعةِ، فقالُوا لهُ مِثلَ ذلكَ، فأتيتُ على إبراهيمَ فسلَّمتُ عليهِ، فقالَ: مَرحباً بكَ مِن ابنٍ ونبيٍّ) رواه البخاري، وفي روايةٍ قال إبراهيم: (أقرئْ أُمَّتكَ منِّي السلامَ وأخبرهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبَةُ التُّربةِ عَذبَةُ الماءِ، وأنها قِيعَانٌ، وأنَّ غِراسَها سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبَرُ) رواه الترمذي وحسنه، وفي روايةٍ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (فرُفِعَ لي البيتُ المعمُورُ، فسألتُ جبريلَ، فقالَ: هذا البيتُ المعمُورُ يُصلِّي فيهِ كُلَّ يومٍ سبعُونَ ألفَ مَلَكٍ، إذا خَرَجُوا لَم يَعُودُوا إليهِ آخِرَ ما عليهِم، ثمَّ عَلاَ بهِ فَوْقَ ذلكَ بما لا يَعْلَمُهُ إلا اللهُ، حتى جاءَ سِدرَةَ المُنتهَى) رواه البخاري، وفي روايةٍ: (إليها يَنتهي ما يُعْرَجُ بهِ من الأرضِ فيُقبَضُ منها، وإليها يَنتهي ما يُهبَطُ بهِ مِن فوقِها فيُقبَضُ منها) رواه مسلم، وفي روايةٍ: (فإذا نَبْقُها مِثلُ قِلالِ هَجَرَ، وإذا وَرَقُها مِثلُ آذانِ الفِيَلَةِ، وإذا أَرْبَعَةُ أنهارٍ: نَهْرَانِ باطِنَانِ ونهرانِ ظاهرانِ، فقُلْتُ: ما هذانِ يا جبرِيلُ؟ قالَ: أمَّا الباطنانِ فنَهرانِ في الجنَّةِ، وأمَّا الظاهرانِ فالنِّيلُ والفُراتُ، ثمَّ أُتيتُ بإناءٍ من خَمرٍ، وإناءٍ مِن لَبَنٍ، وإناءٍ مِن عَسَلٍ، فأخذتُ اللَّبَنَ فقالَ: هيَ الفِطرةُ التي أَنتَ عليها وأُمَّتُكَ، ثمَّ أُدخِلتُ الجنَّةَ، فإذا فيها حَبايِلُ اللؤلُؤِ، وإذا تُرابُها المسكُ) رواه البخاري، وفي روايةٍ: (فسَمِعَ مِن جانبها وَجْساً، قالَ: يا جبريلُ ما هذا؟ قالَ: هذا بلالٌ) رواه أحمدُ وصحَّحه ابنُ كثير، وفي روايةٍ: (بيْنَما أنا أَسيرُ في الجنةِ، إذا أنَا بنَهَرٍ، حافَتَاهُ قبابُ الدُّرِّ المجوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جبريلُ؟ قالَ: هذا الكَوثرُ الذي أَعطَاكَ ربُّكَ، فإذا طِينُهُ أو طيبُهُ مِسكٌ أذفَرُ) رواه البخاري، وفي روايةٍ: (نظَرَ في النارِ فإذا قَوْمٌ يَأكُلُونَ الجِيَفَ، قالَ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قالَ: هؤُلاءِ الذينَ يأكُلُونَ لُحُومَ الناسِ، ورأى رجُلاً أحْمَرَ أزرَقَ جَعْداً شَعِثاً إذا رَأَيْتَهُ، قالَ: مَن هذا يا جبريلُ؟ قالَ: هذا عاقِرُ الناقةِ) رواه أحمد وصحَّحه ابنُ كثير، ومرَّ صلى الله عليه وسلم (برِجالٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُم بمقارِيضَ من نارٍ، قالَ: فقلتُ مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قالَ: هؤلاءِ خُطَبَاءُ مِن أُمَّتِكَ يَأمُرُونَ الناسَ بالبرِّ ويَنسَوْنَ أنفُسَهُم وهُم يَتلُونَ الكتابَ أفلا يَعقِلُونَ) رواه أحمد وحسنه البغوي، ومرَّ صلى الله عليه وسلم(بقومٍ لَهُم أظفَارٌ مِن نُحاسٍ يَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وصُدُورَهُم، فقُلتُ: مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قالَ: هؤلاءِ الذينَ يأكُلُونَ لحُومَ الناسِ ويَقَعُونَ في أعراضِهِم) رواه أبو داود وصحَّحه الألباني، وفي روايةٍ: (ثمَّ عُرِجَ بي حتى ظَهَرْتُ لمُستَوَىً أَسمَعُ فيهِ صَرِيفَ الأقلامِ) متفقٌ عليه، وفي روايةٍ: (ثُمَّ فُرِضَت عليَّ خمسُونَ صلاةً، فأقْبَلْتُ حتى جِئتُ مُوسى، فقالَ: ما صَنَعْتَ؟ قُلتُ: فُرِضَت عليَّ خمسُونَ صلاةً، قالَ: أنا أعلَمُ بالناسِ مِنكَ، عالجتُ بني إسرائيلَ أشَدَّ المُعالَجةِ، وإنَّ أُمَّتكَ لا تُطيقُ، فارجِع إلى ربِّكَ، فَسَلْهُ، فرَجَعْتُ، فسألتُهُ، فجَعَلَها أربعينَ، ثُمَّ مِثلَهُ، ثمَّ ثلاثينَ، ثمَّ مثلَهُ فجَعَلَ عشرينَ، ثمَّ مِثلَهُ فجَعَلَ عشراً، فأتيتُ مُوسَى، فقالَ: مِثلَهُ، فجَعَلَها خَمْساً، فأتيتُ مُوسَى فقالَ: ما صَنَعْتَ؟ قُلتُ: جعَلَها خَمْساً، فقالَ مِثلَهُ، قلتُ: سَلَّمتُ بخيرٍ، فنُودِيَ إني قد أَمْضَيْتُ فريضتي، وخفَّفْتُ عن عبادي، وأجزِي الحسَنَةَ عشراً) رواه البخاري، فقال جبريل: (فاهبطْ باسمِ اللهِ، قالَ: واستَيْقَظَ وهُوَ في مَسجِدِ الحرَامِ) رواه البخاري، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:(أُتِيتُ بالبُراقِ، وهُوَ دابَّةٌ أبيَضُ طويلٌ فوقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عندَ مُنتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فركبتُهُ حتى أتيتُ بيتَ المقدِسِ، قالَ: فرَبَطتُهُ بالحَلْقَةِ التي يَربطُ بهِ الأنبياءُ، قالَ ثُمَّ دخلتُ المسجدَ، فصَلَّيتُ فيهِ ركعتينِ، ثُمَّ خرجتُ) رواه مسلمٌ.


ثمَّ رَجَعَ صلى الله عليه وسلم وقد نالَ من العناية ما لم ينله بَشَرٌ ولا مَلَكٌ، وجمعَ أسباب السعادة في ليلته ومَلَك، وأصبحَ يُحدِّثُ بما رأى فكان أبو بكرٍ رضي الله عنه أول مَن صدَّق، وأبو جهلٍ أول مَن كذَّبَ ونافق، فاعرفوا نعمةَ الله عليكم، حيث أرسل هذا الرسول صلى الله عليه وسلم إليكم، وجعلكم خيرَ أُمَّةٍ، فالزَمُوا سُنَّته واتبعوها، واتركوا الأهواء المضلَّة ولا تبتدعوها، فيا خَجَل مَن أودع صحيفته عَمَلاً شنيعاً، وضيَّعَ سُنَّة مَن كان للأُمَّة يوم القيامة شفيعاً، جعلني الله وإياكم ووالدينا وأهلينا ومَن نخصُّ بالدُّعاء ممن فاز بأعظم كنوز السعادة، وبلَّغنا أجمعين من فضله الحُسنى وزيادة، آمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولوالدينا وأهلينا وأموات المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ: أيها المسلمون نستفيد من هذه الآية العظيمة (الإسراء والمعراج) عدة فوائد منها:

1- إنَّ الإسراء والمعراج ثابتٌ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع، قال تعالى: ﮋسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﮊ، وورد في القرآن أنه صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه الصلاة والسلام عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، قال تعالى: ﴿ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 12 - 18]، وقد فسَّرت الأحاديث الصحيحة قصة الإسراء والمعراج الواردتين في القرآن وبينت تفاصيلهما تحقيقاً لقوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44].

 

2- إنَّ مَن أنكرَ حادثة الإسراء والمعراج فإنَّه كافرٌ، لأنه مُكذبٌ للقرآن والسنة، قالت اللجنة الدائمة للإفتاء: (فمن أنكر الإسراء والمعراج فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وكذَّبه فيما جاء به؛ لأنه يستلزم من ذلك إنكار الآيات الواردة في إثباته وتكذيبها.. فإذا كان من أنكر آية أو كلمة أو حرفا من كتاب الله يكفر بالله، فإنَّ منكرَ قصة الإسراء والمعراج كافرٌ من باب أولى، ولأن إنكار الإسراء والمعراج يستلزم منه أيضاً إنكار وجوب الصلوات الخمس وعدم الإيمان بها، وذلك كفرٌ مخرجٌ من الملة) انتهى.

 

3- إنَّه لم يثبت تعيين تلك الليلة التي وقَعَ فيها الإسراءُ والمعراج، ولا تعيين الشهر أو السنة، ولكنْ بالإجماع أنها وقَعتْ بعد البَعثة وقبلَ الهجرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لم يَقُم دليلٌ مَعلُومٌ لا على شَهْرِها ولا على عَشْرِها ولا على عَينِها، بلِ النُّقُولُ في ذلكَ مُنقَطعَةٌ مُختلِفَةٌ ليسَ فيها ما يُقطَعُ بهِ) انتهى.

وقال أبو شامة: (وذكرَ بعضُ القُصَّاص أن الإسراء كان في رجب، وذلك عند أهل التعديل والجرح عينُ الكذب) انتهى.


4- إنَّ الإسراء والمعراج كان بروح النبيِّ صلى الله عليه وسلم وجسده، يقظةً لا منامًا، مرَّةً واحدة، كما جاءت بذلك الأدلة الشرعية.

 

5- لم يصحَّ عن أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا بالإسراء الرُّوحي أو المنامي.

 

6- دلَّت السنةُ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربَّه ليلة المعراج بعينيه، فعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: (سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هل رأيتَ ربَّكَ؟ قالَ: نُورٌ أنَّى أَراهُ) رواه مسلم، وإنَّ ما وقَع من الخِلاف في مسألة الرُّؤية إنما هو خِلافٌ لفظي، فعائشة رضي الله عنها ومَن مَعَها أنكروا رُؤية العين، وابنُ عباس أثبتَ رُؤية الفؤاد، قال الإمام ابن تيمية: (اتفقَ أئمَّةُ المسلمينَ على أنَّ أحَداً من المؤمنينَ لا يَرَى اللهَ بعينهِ في الدُّنيا، ولم يَتَنازَعُوا إلاَّ في النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خاصَّةً، معَ أنَّ جماهيرَ الأئمَّةِ على أنهُ لم يَرَهُ بعينهِ في الدُّنيا، وعلى هذا دلَّت الآثارُ الصحيحَةُ الثابتةُ عن النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والصحابةِ وأئمَّةِ المسلمينَ) انتهى.

 

7- لقد اهتمَّ علماء السَّلف بمرويَّات الإسراء والمعراج واستدلوا بها على مسائل التوحيد.

 

8- إنَّ الاحتفال بالإسراء والمعراج ليلة سبع وعشرين من رجب أو تخصيصها بشيءٍ من العبادات هو من البدع المحدثة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولم يشرعه لأمته، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوه، وهكذا سلف الأمة ومن بعدهم في القرون المفضلة لم يفعلوه، والخير كله في اتباعهم، فخالف المبتدعة وأحدثوا في ليلة سبع وعشرين من شهر رجب أنواعاً من البدع، كتخصيصها بقيام، أو نهارها بصيام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لَم يُشرِع للمسلمينَ تَخصيصُ الليلَةِ التي يُظنُّ أنها ليلَةُ الإسراءِ بقيامٍ ولا غيرِه) انتهى.

 

وقال أيضاً: (ولا يُعرَفُ عن أحَدٍ منَ المسلمينَ أنهُ جَعَلَ لليلَةِ الإسراءِ فضيلَةً على غيرِها، لا سيَّما على ليلَةِ القدرِ، ولا كانَ الصحابةُ والتابعُونَ لهم بإحسانٍ يَقصِدُونَ تخصيصَ ليلَةَ الإسراءِ بأمرٍ من الأمُورِ ولا يَذكُرُونها، ولهذا لا يُعرَفُ أيَّ ليلةٍ كانت، وإن كانَ الإسراءُ من أعظَمِ فضائلِه صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ومَعَ هذا فلم يُشرَع تخصيصُ ذلكَ الزمانِ ولا ذلكَ المكانِ بعبادةٍ شرعيَّةٍ، بل غارُ حراءٍ الذي ابتُدِئَ فيهِ بنُزُولِ الوَحيِ وكانَ يَتحرَّاهُ قبلَ النُّبُوَّةِ لم يَقصِدْهُ هوَ ولا أَحَدٌ من أصحابهِ بعدَ النُّبُوَّةِ مُدَّةَ مُقامهِ بمكةَ، ولا خُصَّ اليومُ الذي أُنزِلَ فيهِ الوحيُ بعبادةٍ ولا غيرِها، ولا خُصَّ المكانُ الذي ابتُدِئَ فيهِ بالوَحيِ ولا الزمانُ بشيءٍ، ومَن خَصَّ الأمكِنَةَ والأزمِنَةَ مِن عندِهِ بعباداتٍ لأجلِ هذا وأمثالهِ كانَ من جِنْسِ أهلِ الكتابِ الذينَ جَعَلُوا زمَانَ أحوالِ المسيحِ مواسِمَ وعباداتٍ، كيومِ الميلادِ، ويومِ التعميدِ، وغيرِ ذلكَ من أحوالهِ، وقد «رأى عُمَرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ جماعَةً يَتبادرُونَ مكاناً يُصلُّونَ فيهِ، فقالَ: ما هذا؟ قالُوا: مكانٌ صلَّى فيهِ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: أتُرِيدُونَ أن تتخذُوا آثارَ أنبيائكُم مساجدَ؟! إنما هلَكَ مَن كانَ قبلكُم بهذا، فَمَن أدركتهُ فيهِ الصلاةُ فليُصَلِّ، وإلا فلْيَمْضِ») انتهى.

 

إلى غير ذلك من الفوائد والعبر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (4) (خطبة)
  • الإسراء والمعراج.. دروس وعبر
  • الإسراء والمعراج: آيات باهرات وعبر وعظات
  • من دروس الإسراء والمعراج: التوفيق
  • دروس وعبر من رحلتي الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات
  • فيض الإتحاف من رحلة الإنصاف: ثنائية الارتقاء.. الإسراء والمعراج
  • تكريم الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ما هو الإسراء والمعراج؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: آيات ودلالات(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ومقاصد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسائل العقيدة في الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • مظاهر التوفيق في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج (دروس وعبر) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الإسراء والمعراج(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مراتب الشرف في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الآيات الكبرى في الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب