تطور الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض

رعاية الحكومة السعودية للجماعة

لقد وفق الله سبحانه وتعالى قادة هذا البلد العزيز لتحكيم شرع الله، والسبر على هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا عجب في ذلك فقد كانت النشأة الأساسية للدولة السعودية المباركة هو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ونشر هذا الدين على الوجه الصحيح الذي يرى المولى سبحانه وتعالى.

ولما كانت الحال كذلك كان من الطبيعي أن ترعى الحكومة السعودية أيدها كل ما من شأنه إعلاء كلمة الله، وخاصة في يتعلق بالكتاب العزيز القرآن الكريم، فإن رعاية الحكومة السعودية للجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم واضح وملموس، وذلك من حين نشأة الجماعة إلى وقتنا الحاضر وقت خادم الحرمين الشرفيين، ولبيان شيء من هذا الدعم سأتناول فترات الكم الثلاث التي عاشتها الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم على النحو التالي:

لقد شهد عهد الملك فيصل (رحمه الله) ولادة الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، فقام معها وأيدها تأييداً مادياً ومعنوياً، وما يشار إليبه في ذلك تلك الوقفة الجليلة التي وقفها صاحب الجلالة الملك فيصل رحمه الله في تأييد نشأة الجماعة في بادئ الأمر، واستجابته رحمعه الله في ذلك الوقت لطلب سماحة مفتي الديار السعودية محمد بن إبراهيم في استقدام مدرسين للجماعة، ثم بعد ذلك الدعم السنوي الذي خصصه جلالة الملك فيصل للجماعة من ماله الخاص بمبلغ قدره عشرون ألف ريال (20000ريال) ويتضح ذلك في ميزانية الجماعة الخيرية إلى عام وفاته (رحمه الله) سنة 1395هـ. إضافة ما كان يتبرع به (رحمه الله) من مبلغ خاص بجوائز الطلاب سنوياً. وهذا ما شهد به مسؤلوا الجماعة في تقريرهم السنوي لعام 1392هـ، الذي جاء فيه: ((مما لا شك فيه أن عملاً كهذا يحتاج إلى دعم مادي يدفعه إلى الأمام والتقدم لما يلزم لذلك من تأمين المدرسين، والمراقبين، ومستلزمات الدراسة، وهذه الجماعة تقوم على أكتاف المحسنين، وفي مقدمتهم إمام المفدى الملك فيصل حرسه الله بعنايته، فقد تبرع بعشرين ألف ريال، وخمسة عشر ألف ريال لجوائز الطلاب المتفوقين سنوياً)) [16].

وجاء في تقرير آخر ما نصه: ((تحظى هذه الجماعة برعاية وعطف إمامنا المفدى الملك فيصل بن عبد العزيز أمد الله بحياته فهو يمدها بإعانة سنوية مقدارها (20000) ريال إضافة إلى جوائز التفوق التي توزعا الجماعة آخر كل عام على المبرزين من طلابها، وقدرت هذه الجوائز بـ (40000) ريال. وكان ذلك مما يعطي الدليل على مدى حرصه جزاه الله خيراً على تشجيع حفظ القرآن الكريم والعناية به)) [17].

ومن النماذج التي تذكرفي هذا المجال، ما حصل في ميزانية الجماعة لعام 1393هـ عندما توفر مبلغة وقدره 40235 ريال رصد لجوائز الطلاب، فأبى جلالة الملك فيصل رحمه الله إلا أن تكون الجوائز من عنده وعلى حسابه الخاص[18].

ولم يكن دعم الحكومة للجماعة في هذه الفترة مقصوراً على ما يقدم من الملك فيصل رحمه الله، بل هناك جهات أخرى تتمثل في وزارة المعارف، ووزارة الحج والأوقاف، ورابطة العالم الإسلامي، وأوقاف آل سعود، وكذلك من صاحب السمو الملكي سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، وعدد من الأمراء، دعم سنوي، كما يظهر من ميزانية الجماعة لهذه الفترة[19].

بعد وفاة الملك فيصل (رحمه الله) تولى جلالة الملك خالد (رحمة الله) عام 1395 هـ، سار على نهج سلفه في رعاية دوحة هذا الجماعة، فقد تبرع للجماعة سنوياً بملغ قدره ستون ألف ريال (60000) وهو يعادل جملة ما كان يتبرع به جلالة الملك فيصل (رحمه الله) سنوياً، واستمر الملك خالد (رحمه الله) المادي والمعنوي لهذه الجماعة.

ومما يذكر من دعم الملك خالد بن عبد العزيز (رحمه الله) لهذه الجماعة وقف عمارة لحساب الجماعة، وقد ورد في تقرير الجماعة السنوي لعام 1398/1399 ما نصه: ((تفضل الملك خالد بن عبد العزيز وفقه الله بتوقيف عمارة المتوفى بشير آل عبد العزيز وهي الكائنة في منتهى شارع الخزان إلى البطحاء بشمال ثليم لتنفق غلتها على تحفيظ القرآن الكريم وهي مكونة من طابقين بناء قديم مساحتها 254متراً مربعاً))[20].

ولعل هذا الوقف كان فاتحة خير للأوقاف الأخرى للجماعة، حيث ذكر في التقرير ما تقدم به الشيخ عبد العزيز بن علي الخريجي إلى الجماعة بتسليم عمارته الكائنة على شارع الأحرار[21]بالبطحاء المسماة زمزم لتكون غلتها على تحفيظ القرآن الكريم، وهي تتألف من ستة طوابق، ومساحتها تقارب 192 متراً مربعاً فيها اثنى عشرة شقة، وثلاثة دكاكين.

وكذلك ما تقدم به الشيخ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ للجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لجعل بيته الواقع شرق شارع سلام (حلة آل سلمه)وقفاً للجماعة، وهو يتألف من طابقين من طين تقارب مساحته 120متراً مربعاً[22].

وفي عهد الملك خالد بن عبد العزيز (رحمه الله) أسند الإشراف على الجماعة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فقد كان لهذا الأمر الدعم المادي والمعنوي للجماعة، فقد ورد في مقدمة تقرير عام 1402هـ ما نصه: ((قامت حكومتنا وفقها الله وعلى رأسها الملك وولي عهده بالدعم المالي والمعنوي، فتبرع الملك وولي عهده من جيبهما الخاص، وصدر الأمر الكريم بدعمها من الدولة فجعلوا الإعانة هذه السنة مليوناً وستمائة ألف، جزاهم الله خيراً، وأسندوا الإشراف لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)) [23].

لم يكن دعم خادم الحرمين الريفين من حين توليه قيادة هذا البلد المبارك، بل كان دهمه له ومساعدتها لها قبل ذلك حينما كان ولياً للعهد على عهد أخيه جلالة الملك خالد (رحمه الله)، فقد كان حين ولايته للعهد يقدم للجماعة تبرعاً سنوياً قدره خمسون ألف ريال (50000) [24].

وبعد أن تولى قيادة هذا البلد أمدها بدعم سنوي سخي بلغ ثلاث مائة الف ريال (300000). وزاد هذا التبرع حتى بلغ في عام 1413هـ مليونين وثلاث مائة ألف ريال (2300000). وولي وعده بمبغ مائة ألف ريال (100000) [25]. وفي عهده أيده الله زاد عدد المتبرعين من اصحاب السمو الأمراء الأمراء[26].

ومن إعانة خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) لهذه الجماعة تخصيص مليونين ريال جوائز للطلاب، وفي ذلك قال فضيلة رئيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم: ((… وما يكون لها من الدعم المادي والمعنوي من علمائنا وأمرائنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين فإنه يساعدنا سنوياً بجوائز الطلاب مليوني ريال، وثلاث مائة ألف ريال للمدرسين (جزاه الله خيراً)، وكذلك سمو أمير منطقة الرياض فإنه يدعم هذه الجماعة ويرعى الاحتفال السنوي ويتبرع بنقود وبأرض لهذه الجماعة على شارع الملك عبد العزيز مقابل لوزارة المالية مساحتها 4800متراً مربعاً))[27].

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أصبح الإشراف على الجماعة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية، فتلقت منها الجماعة الدعم المادي والمعنوي، وفي هذا يقول سماحة الشيخ ابن باز (رحمه الله) وهو يتحث عن الجماعة: ((في ظل رعاية الدولة لها، وتحت إشراف وزاة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وهي في أعمالها تعتمد على الله ثم على ما تتلقاه من حكومتنا وفقها الله من دعم ومساهمة بواسطة هذه الوزارة المذكورة)) [28].

وقال معالي وزير الشؤون الإسلامية: ((ومن قبيل الشكر على النعمة والقيام بالمسؤولية، وامتداداً للنهج الكريم للمملكة العربية السعودية أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز –أيده الله- القرآن الكريم كل عنايتها، ووجهت إلى تلاوته وحفظه وتدبره والعمل بأحكامه وجعله أساس نظامها، ومصدر أحكامها، وقوام حياتها، ونهضت بخدمة القرآن الكريم، وهيأت للمسلمين داخل المملكة وخارجها أسباب الخير في تلاوته، والانتفاع بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. ومن أعظم ما قامت به المملكة لخدمة القرآن الكريم إنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف، وهو أكبر دار للطباعة والنشر تخصص لطباعة المصحف الشريف ونشره على المستوى العالمي، وترجمة معاني القرآن الكريم بمختلف اللغات، حتى تيسر لكل مسلم في أنحاء الأرض ولكل باحث عن الدين الحق أن يكون كتاب الله بين يديه هادياً ومنيراً))[29].