لقاء إذاعي - أنس بن مالك (رضي الله عنه)

لقاء إذاعي
أنس بن مالك (رضي الله عنه)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، أيها المستمعون الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم مع حلقة جديدة من برنامجكم (مع الصحابة في رمضان) ومع صحابي جديد وموقف جديد، ذلكم الصحابي هو أنس بن مالك (رضي الله عنه).

هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار أبو حمزة الأنصاري الخزرجي.. خادم رسول الله ص، صح عنه أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، وأن أمه أم سليم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، فقالت له: هذا أنس غلام يخدمك فقبله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كناه أباحمزة،وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم وكان له بستان يحمل الفاكهة في السنة مرتين.

قال أبو هريرة: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم، يعني أنساً. وعن ثابت البناني قال: شكا قُثَم لأنس بن مالك أرضه العطش، فصلى أنس فدعا، فثارت سحابة حتى غشيت أرضه ثم ملأت صهريجه، فأرسل غلامه فقال: انظر أين بلغت هذه، فنظر فإذا هي لم تعْدُ أرضه.

وعن ثابت قال: كان أنس إذا أشفى على ختم القرآن من الليل بقى منه سورة حتى يختمه عند عياله. توفي أنس بن مالك سنة ثنتين وتسعين، وقيل غير ذلك[1].

أيها المستمعون الكرام:

من مواقف هذا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه - التي تتعلق في هذا الشهر الكريم:

ما ورد في صحيح مسلم عن أنس (رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء رجل آخر فقام أيضاً، حتى كنا رهطاً، فلما حس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله فصلى صلاة لا يصليها، عندنا قال قلنا له حين أصبحنا: أفطنت لنا الليلة؟ قال فقال: نعم، ذاك الذي حملني على الذي صنعت. قال فأخذ يواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك في آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما بال رجال يواصلون؟ إنكم لستم مثلي أما والله لو تماد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم))[2].

في هذا الموقف دلالة على حرص أنس بن مالك (رضي الله عنه) على الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك انطلاقاً من قوله سبحانه وتعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}[3]. وذلك حين قام أنس بن مالك (رضي الله عنه) يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام يصلي من الليل في رمضان، تحقيقاً للإقتداء، وطلباً للثواب العظيم المترتب على قيام رمضان إيماناً واحتساباً، لما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))[4].

أيها المستمعون الكرام:

انتهز الشاب أنس بن مالك (رضي الله عنه)، وأقول شاباً لأنه يعد من شباب الصحابة (رضي الله عنهم)، وذلك أن رسول الله توفي وأنس في العشرين من العمر، فكان هذا الموقف من أنس بن مالك (رضي الله عنه) وهو في العقد الثاني من العمر، أ قول انتهز أنس قرصة رؤيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في رمضان، فقام إلى جنبه يصلي بصلاته دون أن يستأذن، لأن هذا العمل لا يحتاج إلى استئذان.

كما نعلم أيضاً - أيها المستمعون الكرام - من حديث أنس (رضي الله عنه) أنه جاء أيضاً رجال آخرون يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الظاهر من الرواية أن أنس بن مالك (رضي الله عنه) هو المبادر إلى هذا العمل وجاء الباقون على أثره، ولا شك أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً حريصون على الخير وانتهاز الفرص في ذلك.

أيها المستمعون الكرام:

يقول صاحبنا أنس بن مالك (رضي الله عنه): فلما أحس رسول الله أنا خلفه جعل يتجوز في صلاته، أي يخفف وما ذاك إلا شفقة على صحابته (رضي الله عنهم) وخشية المشقة عليهم، كيف لا، وقد وصفه ربه بقوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.

ويخبر أنس بن مالك (رضي الله عنه) رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من صلاته فيقول: ثم دخل رحله (أي منزله) فصلى صلاة لا يصليها عندنا. وذلك يدل على أنه أطال الصلا ة لما كان وحده وأمن المشقة على صحابته.

ومعرفة أنس بن مالك (رضي الله عنه) لكيفية الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن دخل منزله تدل على حرص أنس (رضي الله عنه) في تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم حتى في منزله، وذلك من أجل الإقتداء بحاله ونشر العلم.

أخي المستمع الكريم:

جدير بنا ونحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن نتبع هديه ونقتفي أثره صلى الله عليه وسلم في صلاتنا وصيامنا، وجميه أحوالنا، كما كانت حال صحابته (رضي الله عنهم) وإن كنا في هذا الزمان لانرى أفعاله، ولا نسمع أقواله، فإنه من فضل الله سبحانه وتعالى علينا أن حفظ لنا سنته فنقلت إلينا أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم. فإن الموفق من كان له النصيب الأكبر من الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

أيها المستمعون الكرام:

في الختام نسأل المولى جل وعلا أن يلهمنا رشدنا، وأن يوفقنا لصلاح ديننا ودنيانا.

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وإلى أن ألقاكم أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر: ابن حجر، الإصابة 1/71،72. وابن الجوزي، صفة الصفوة 1/712، 713.

[2] صحيح مسلم، كتاب الصيام، حديث رقم 1104.

[3] سورة الأحزاب، الآية 21.

[4] الجامع الصحيح، كتاب الإيمان، حديث رقم 37.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي