• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور أحمد إبراهيم خضر / اعترافات علماء الاجتماع
علامة باركود

الصحوة الإسلامية ورجال الاجتماع

د. أحمد إبراهيم خضر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/7/2012 ميلادي - 20/8/1433 هجري

الزيارات: 15032

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اعترافات علماء الاجتماع

الحلقة الرابعة عشر

الصحوة الإسلامية ورجال الاجتماع

 

لماذا يُعادِي رجالُ الاجتماع في بلادنا الدِّينَ والصحوةَ الإسلاميَّة وحركاتها؟ إنَّ موقف عُلَماء اجتماع الغرب المعادي للدِّين بصفةٍ عامَّة، وللإسلام وللصحوة الإسلامية وحركاتها بصفةٍ خاصَّة - لا يحتاجُ إلى مزيدِ عَناءٍ للكشْف عن أسبابه ودَوافعه.

 

أمَّا أنْ يُعادِي رجال الاجتماع في بلادنا دِينَهم والصحوة الإسلاميَّة في بلادهم، فإنَّ هذا الأمر يَحتاج إلى وقفات.

 

أشادَ رجال الاجتماع في بلادنا بما قامَ به أتاتورك فيما يسمُّونه بعمليَّة تخليص الشؤون الدنيويَّة من الدِّين بمنْع التربية الدينية في المدارس، واعتماد القانون الأوربي بعدَ إلغاء الشريعة الإسلاميَّة، وتَأمِيم الأوقاف، وتقليص قوَّة علماء الإسلام، ومنع أي إشارة إلى الإسلام في الدستور[1]، ورأوا في ذلك إنجازًا كبيرًا رسَم لهم طريقًا رائدًا في تَخرِيب النسيج الاجتماعي في عالمنا العربي[2].

 

وبينما استمرَّ رجال الاجتماع في المشاركة في عمليَّة تخريب النسيج الاجتماعي في بلادنا، باغتَتْهم الصحوة الإسلاميَّة وحركاتها التي عمَّت كلَّ المجتمعات العربيَّة بلا استثناء، واستهدفَتْ إعادة تركيب النسيج الاجتماعي بصورةٍ مُكثَّفة وفق المقياس الأوحد والمُعتَرف به وهو الإسلام.

 

يقول علي الكنز أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر: "وفي هذا السياق نجدُ أنَّ الموقف يستهدف إعادةَ تركيب البنى الاجتماعية والسياسيَّة في المجتمعات العربيَّة، وكذلك الذهنيَّات الجمعيَّة والفرديَّة وفْق منظورٍ محوري وهو الإسلام، هذه الحركة الجديدة التي تخضَعُ لها المجتمعات العربيَّة دونَ استثناءٍ تُشكِّل في الأساس عملاً داخليًّا مرتبطًا بهذه المجتمعات، ومستهدفة إعادة تركيب نسيجها الاجتماعي بصورةٍ مُكثَّفة، وفْق المقياس الأوحد المُعترَف به وهو الإسلام.

 

وتتَّسِم هذه الحركة الجديدة في بِنيَتها وفي تطوُّرها مع بعض الاختلافات الطفيفة بالمميزات الأساسيَّة نفسها في مختلف المجتمعات العربيَّة"[3].

 

وحينما أفاقَ رجال الاجتماع في بلادنا من صدمة مباغتة الصحوة الإسلامية لهم، تساءَلُوا: أين كانوا وقت حُدوثها؟

 

لم يكن رجال الاجتماع على امتداد عالمنا العربي يتوقَّعون هذه الصحوة، كانوا يعتقدون أنَّ تجارب التنمية في هذا العالم وما يسمُّونه بانتصاراته الوطنيَّة قد شهدت ميلادَ ثقافةٍ جديدة خلفت الدِّين وراءها؛ لتُسايِر ما يسمُّونه بالتطوُّر الاقتصادي والاجتماعي في كلِّ بلد.

 

يقول علي الكنز متحسرًا: "مَن كان يظنُّ أيَّام ميثاق القاهرة بأنَّ مصر الثمانينات سوف تُواجِه كمجتمعٍ وكدولةٍ تلك المسألة التي أصبحتْ محوريَّة، ألا وهي: طبيعتها الإسلامية، وأنَّ سيد قطب في مواجهته لعبدالناصر سيُصبِح يومًا ما شهيدَ الجماهير.

 

ويستمرُّ علي الكنز قائلاً: "والسؤال الذي يَفرِض نفسَه علينا اليومَ هو: أين كان الخيال السوسيولوجي من كلِّ هذا في وقتَ عرف كُبرَيات التجارب التنمويَّة لآمالٍ معقودة عليها؛ مثل: سلسلة الإصلاحات التي تَوالتْ في مختلف البلدان العربية، وكذلك التأميمات الكبرى؛ انطلاقًا من قناة السويس عام 1956 إلى المحروقات في الجزائر عام 1971، والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهائلة؛ مثل: سد أسوان، ومركبات الحديد والصلب، وكبريات الجامعات العلمية والتقنية؟"[4].

 

وعن عدم توقُّع رجال الاجتماع للصحوة الإسلاميَّة يستَطرِد علي الكنز قائلاً: "نقول بأنَّ هذه الظاهرة غير مُتوقَّعة؛ لأنَّ الانتصارات الوطنية التي شَهِدَها الوطن العربي في الخمسينات، وظهور حكومات وطنيَّة كما كانت الحال في كلٍّ من سوريا والعراق والجزائر شهدت ميلاد ثقافة جديدة كانت مُسايِرةً للتطوُّر الاقتصادي والاجتماعي في كلِّ بلد، على الرغم ممَّا عرفه كلُّ بلد من نِزاعاتٍ عديدة بين مختلف المجموعات المتصارعة؛ مثل: الوطنيين والشيوعيين والليبراليين"[5].

 

كان رجال الاجتماع في بلادنا يتصوَّرون أنَّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ومهامَّ التنمية في عالمنا العربي قد قلصت من مكانة الدِّين، وحوَّلَتْه إلى مسألة شخصيَّة، لكنَّهم فُوجِئوا بأنَّ الدِّين يستَعِيد حيويَّته ويفرض هَيْمنته على جميع جوانب الحياة.

 

يقول علي الكنز: "كنَّا نعتقد ببساطةٍ أنَّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المعروفة وأنَّ المهامَّ المعقَّدة للتنمية - سوف تُقلِّص تدريجيًّا من مكانة الدِّين في الضمير الجمعي، فيُصبِح في النهاية قضيَّة شخصيَّة بحتة، تمامًا مثلما حدَث في مجتمعاتٍ أخرى، وبخاصَّة الغرب البرجوازي، غير أنَّنا ها نحن اليوم أمامَ هذا النموذج الكلياتي وهو يستعيدُ حيويَّته، ويستهدف فرْض هَيْمنته على جميع جوانب الحياة"[6].

 

اعترف رجال الاجتماع بأنَّ (القومية) و(الوطنية) ليستا بقادرتَيْن على البَقاء أو جذْب الجماهير للالتفاف حولهما؛ لأنَّ الإسلام أصبَحَ المكافئ الوظيفي لهما.

 

يقول سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "إنَّ الإسلام الثوري للجيل الحالي من أبناء الطبقة الوُسطى والصغيرة في الأمَّة العربيَّة هو المكافئ الوظيفي للقوميَّة العربيَّة منذُ جيلٍ مضى، كما أنَّه مكافئ للوطنية المناهضة للاستعمار منذ جيلين سبَقَا على الطريق"[7].

 

ويعترف سمير نعيم أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس بذلك في مقالةٍ شديدة العَداء للجماعات الإسلامية في مصر فيقول: "شهدَتْ مصر منذ تشرين الأول/أكتوبر 1972 ما يمكن أنْ نُطلِق عليه تلازمًا بين ما سموه بالصحوة الإسلاميَّة، والتنظيمات الإسلاميَّة؛ العلنيَّة والسريَّة، وبين غِياب القضيَّة العامَّة التي تلتفُّ حولها الجماهير أو المشروع الحضاري أو التنموي"[8].

 

أسقَطت الصحوة الإسلاميَّة تلك العقلانية[9] التي تعلَّق بها رجال الاجتماع لفهْم الواقع الاجتماعي والسياسي بعد أنْ سقطت تلك الأحزاب والتنظيمات التي حملتها الواحد تلو الآخَر، بالرغم من سيرها وفْق الخطوط التي رُسِمتْ لها لتحلَّ محلَّها التنظيمات الإسلاميَّة التي اعتقد رجال الاجتماع أنها تنظيماتٌ غريبة تجاوزها التاريخ إلى الأبد.

 

يقول علي الكنز متحسرًا: "مَن كان يظنُّ أنَّ كبريات الأحزاب الوطنية المنجزة كقوى عقلانية لهذه التحوُّلات العميقة لكلٍّ من الطبقة والمجتمع مثل حزب البعث في سوريا والعراق، والاتحاد الاشتراكي في مصر، والدستور في تونس، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر - سوف يأتي يومٌ ينهار فيه الواحد تِلوَ الآخَر؟ وما هو ملفت للانتباه حقًّا في هذا الشأن هو أنَّه لم يحلَّ مكان هذه الأحزاب تنظيماتٌ أخرى على يسار أو على يمين النهج المرسوم بالنسبة للكلِّ، وإنما تنظيمات غريبة وثقافة كان يُعتَقد آنذاك أنَّ السير الموضوعي للتاريخ قد تجاوَزَها إلى الأبد"[10].

 

جاءت الصحوة الإسلامية لتُثبِت لرجال الاجتماع أنَّ هذه (العقلانية) التي علَّقوا عليها آمالهم لفهْم الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي قد أصبحتْ عاجزةً على الصعيدين: النظري والمنهجي، في فهْم هذا الواقع، ولتُصِيب هذا التفكير (العقلاني) بأزمةٍ عميقة وخَيْبة أمل.

 

يقول علي الكنز: "إنَّ اقتحامَ التفكير الديني للأيديولوجية العربيَّة المعاصرة بهذه الشدَّة لَيَدلُّ - في الحقيقة - على أزمةٍ عميقة تمرُّ بها مجتمعاتنا اليوم، وهذا ما يَراه كثيرٌ من المحلِّلين ويعتَمِدونه في دِراساتهم، غير أنَّ هذا الأمر قد يتعلَّق أيضًا بمؤشِّر أو بمبرِّر لأزمةٍ عميقةٍ أصبح يُعانِي منها التفكير العقلاني، وكذلك عجز هذا التفكير على الصعيدين: النظري والمنهجي، في فهْم واقعٍ اجتماعي وثقافي وسياسي لم يتوقَّع حدوثه من قبل".

 

وعن خَيْبة الأمل التي أُصِيبَ بها رجال الاجتماع، يقول علي الكنز في إحدى دراساته[11]: "إنِّي أريدُ من خِلال تدخُّلي هذا أنْ أقوم بمساهمةٍ متواضعة في تحديد هذا المجال الجديد للبحث الذي يَفرِضه علينا ما عرفناه من خيبة أملٍ في تاريخنا الفعلي، وفي قدرتنا على معرفته علميًّا".

 

لم تكن العقلانيَّة فقط هي التي سقَطتْ مع ظهور الصحوة الإسلاميَّة، وإنما سقطتْ معها كلُّ شعارات التحديث والعَلمَنة وبناء المجتمع، وضَمان الرفاهية التي دخَلتْ هي نفسُها في أزمةٍ خانقة عميقة وحادَّة أيضًا.

 

يعتَرِف (الهرماسي) أستاذ الاجتماع بالجامعة التونسية: "لقد جابهت الإنسانيَّة في أواخر هذا القرن عدَّة أزَمات مختلفة، كأزَمات الغذاء والطاقة والفقر، وما من شكٍّ في أنَّ مثل هذه الأزمات قد حدَّ من قُدرة البشر على إيجاد حلول ناجعة لمجمل المشاكل المطروحة عليهم، حتى عندما تكون هذه المشاكل واضحةً تمامَ الوضوح؛ وبالتالي فإنَّ الأيديولوجية العصريَّة التي ما انفكَّت تحمل شعارات التحديث والعَلمَنة، والتي اضطلعت ببناء الدولة العصريَّة، ونحت معالم المجتمع الحديث، وضَمان الرفاهية، دخلت هي نفسها في أزمةٍ خانقة عميقة وحادَّة"[12].

 

لقد نجحت الصحوة الإسلاميَّة تلك التي اعتقد رجال الاجتماع أنها لا تتَّفق مع متطلَّبات العصر في إحباط ما أسموه بالمحاولات الجريئة للفكر العربي المعاصر، وأسهمتْ في الأزمة التي آلَ إليها.

 

يقول علي الكنز: "إنَّ هذا المنظور الجديد للوطن العربي والعالم الإسلامي يبدأ أولاً وقبلَ كلِّ شيء كظاهرةٍ لم نكن نتوقَّعها وغير متَّفقة مع متطلَّبات العصر، ومن حيث هو كذلك فقد أسهَمَ بقسطٍ وافر في الأزمة التي آلَ إليها الفكر العربي المعاصر الذي يشهد اليوم إحباطَ أقلِّ محاولاته جُرأة"[13].

 

راقَب رجال الاجتماع في بلادنا هذه الصحوة الإسلاميَّة عن كَثَبٍ على أملٍ يُراوِدهم؛ وهو محاولة التحكُّم فيها، وسجَّلوا على أنفسهم بأنهم يقومون بهذه المحاولة مُستَرشِدين بنفْس الإطار الغربي الذي يرصد هذه الصحوة باهتمامٍ بالِغٍ.

 

يقول محمد شقرون أستاذ الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالمغرب: "إنَّ المشكل الأساسي الذي يطرح بالنسبة إلى البحث في هذه الظرفيَّة الجديدة هو التحكُّم في الاتِّجاه الجديد الذي يريدُ أنْ يرى في الدِّين كلَّ شيءٍ، ويمكن أنْ تعتبر المكانة التي أصبحت تَحظَى بها دراسة الحركات الدينيَّة الجديدة في سوسيولوجيا الدِّين الأنجلوسكسونية مادَّة خصبة للتفكير في هذا الإطار"[14].

 

توصَّل رجال الاجتماع في بلادنا في تحليلاتهم للصحوة الإسلامية وحركاتها إلى ما يلي:

أولاً: أنَّ الحركات الإسلامية تَسعَى إلى تحقيق هدف أساس كان ولا يزال ينحَصِر في محاولة العودة بالمجتمع العربي الإسلامي إلى النموذج الذي وُجِدَ في صدر الإسلام أيَّامَ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والخلفاء الراشدين[15].

 

ثانيًا: أنَّ هذا الهدف الذي تسعى لتحقيقه هذه الحركات كان ولا يزال يستمدُّ شرعيَّته وتبريره من الإيمان الراسخ لدى مُنظِّري وقادة هذه الحركات، وغالبيَّة المسلمين من جهةٍ أخري - بأنَّ الإسلام نظامُ حياةٍ شامل يصلح لكلِّ زمان ومكان؛ ولذلك كانت هذه الحركات تصرُّ على أسلَمَة المجتمع وعلى اعتبار الإسلام دينًا ودولة[16].

 

يقول (عاطف عضيبات) أستاذ الاجتماع في جامعة اليرموك بالأردن في لهجة تحدٍّ وعَداء: "إنَّ التاريخ العربي-الإسلامي برمَّته يشهَدُ على استحالة الرُّجوع إلى الوضْع الذي كان قبلَ العام الأربعين للهجرة، وجميع المحاولات للعودة إلى بدْء عهد الدعوة الإسلاميَّة أو إلى مزْج الزمني بالروحي مصيرُها الفشل في يومنا هذا، كما كان حالها بالأمس، وكما ستكون غدًا"[17].

 

ويقول عضيبات في موقعٍ آخر: "وكلَّما تقدَّمت الأزمنة بالعرب المسلمين زادوا من إضْفاء المثاليَّة على تلك الحقبة التاريخيَّة التي لم تَتجاوَز نصفَ قرن، وكلَّما ألهمتْ سِيرتها خَيال ووُجدان الرافضين للواقع المعاش إلى المجتمع الفاضل"[18].

 

ثالثًا: ترجع الحركات الإسلامية باستمرارٍ إلى الكتاب والسنَّة لفهْم كلِّ المشاكل التي تطرَحُها علاقة الإنسان بالعالم والطبيعة والإنتاج والفكر والثقافة والمجتمع والقانون... إلخ.

 

فكلُّ تفكيرٍ سواء أكان علميًّا أم غير علمي، جماليًّا أخلاقيًّا سياسيًّا، هو في النهاية مجرَّد عمل تفسيري وتأويلي لما جاء في الكتاب والسنَّة[19].

 

يقول علي الكنز بلهجةٍ ساخِرة: "في هذا السياق نجدُ حركة الأصوليين تُمجِّد العصر الذهبي الأول؛ حيث يصبح الأسطورة المؤسِّسة للتاريخ الفعلي؛ أي: للإسلام، كما هو موجودٌ فعلاً - إنْ صحَّ التعبير- هذا الإسلام الذي يجب أن يُفرَض بصورةٍ مطلقة وشاملة باعتباره المعيار الأوحد لتصوُّر ما حدث في التاريخ وما سيحدُث في المستقبل"[20].

 

رابعًا: ترفُض الحركات الإسلامية أنْ ينحَصِر نشاطُها في المجال الديني فقط، وهي لا تُقِرُّ بالفصْل بين الدِّين والحياة الاجتماعيَّة بصورةٍ عامَّة، وتعتبر هذا الفصلَ موقفًا غريبًا لا يَمُتُّ إلى الإسلام بصلة، وإنَّ التمييز بين ما هو ديني ودنيوي غير واردٍ بالنسبة لهذه الحركات التي ترفُض كلَّ عَلمَنة وتعتَبِر نفسها في الوقت ذاته حركةَ دِين ودُنيا ودولة[21].

 

خامسًا: تقومُ الحركات الإسلاميَّة على أساس الشرعية الإسلامية؛ بمعنى: تطبيق الشريعة الإسلامية، وترفض أنْ تطرح هذه الشرعية على أساسٍ آخَر، ويعني هذا عند رجال الاجتماع: أنَّ هذه الحركات تتجاهَل كلَّ الثقافة العصريَّة التي تعتبرها أجنبية وغريبة، بما فيها مسألة الديمقراطية والصراع الطبقي.

 

سادسًا: تسعى الحركات الإسلامية إلى إقامة الخلافة الإسلامية، كما أنها تَنظُر إلى العالم على أساس ثنائية دار الإسلام ودار الحرب.

 

وهي تُهمِل بذلك - كما يرى رجال الاجتماع - الإشكالية العصرية المتمثِّلة في الدولة الوطنية، وتجارب التنمية الوطنية المختلفة التي شَهِدَها الوطن العربي.

 

وبإسقاط الحركات الإسلامية مسائلَ الديمقراطيَّة والصراع الطبقي والدولة الوطنية وتجارب التنمية من حِساباتها تكونُ قد سحبت من يد رجال الاجتماع مرتكزات أساسيَّة يعتمدون عليها في تبرير وإثبات وُجودهم وأهميَّتهم للجماهير.

 

سابعًا: يبدأ الإعداد لهذه الحركات في المدارس والجامعات؛ ليمتدَّ بعد ذلك إلى نشاطات تستهدف مراقبة المجتمع، انطِلاقًا من المساجد لينتهي في الأخير إلى المواجهة المُعلَنة مع الدولة والنظام السياسي من خِلال أحزاب سياسيَّة تتَّخذ الإسلام قاعدةً لها.

 

ثامنًا: انتقلت الحركات الإسلاميَّة من موقفٍ دِفاعي إلى موقفٍ هجومي؛ بفضْل تطوُّر القَضايا التي رسمت علامات حركتها؛ كالإصلاحات التربويَّة، والتنديدات الأخلاقيَّة، والانتقادات السياسيَّة عبْر المساجد والمؤسَّسات والأحزاب السياسيَّة.

 

تاسعًا: لا تختلف الموضوعات التي تتمَحوَر حولها الحركات الإسلامية من بلدٍ عربي إلى آخَر، وتتَّسم هذه الموضوعات بالبساطة، وتتبلوَر حول مسائل لا تُضِيف في حدِّ ذاتها أيَّ جديدٍ لافت للانتباه، بل تَكمُن أهميَّتها في طريقة عرضها وفي فعاليتها الأيديولوجية.

 

عاشرًا: تمكَّنت الحركات الإسلاميَّة من التغَلغُل في القِطاعات الاجتماعيَّة المختلفة، وكوَّنتْ قاعدةً اجتماعية واسعة لمواجهة الأنظمة القائمة، ومحاولة العودة بالمجتمع الإسلامي إلى مَنابِعه الأصلية[22].

 

كما نجحتْ في اختراق التنظيمات الطلابيَّة وسَيْطرتْ على اتِّحاداتها، وامتدَّ تأثيرها إلى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات[23]؛ وذلك بسبب مُرونتها وعُموميَّتها التي جعَلَتْها قويَّة وقادرةً على استِيعاب قُوًى اجتماعية متباينة[24].

 

يعني ذلك - في نظر رجال الاجتماع -: أنَّ الحركات الإسلامية لا تقرُّ التمايُز الطبقي في المجتمع، وأنها تتعدَّى الطبقات وتحتَوِيها كلها في الوقت ذاته، على عكس الأيديولوجيات والأنظمة الفكريَّة التي ظهرت ابتداءً من القرن التاسع عشر، والتي تُصوِّر المجتمع على أنَّه قائمٌ على وجود طبقات ومصالح اجتماعية[25].

 

وتنظر الحركات الاجتماعية إلى المجتمع على أنَّه كِيان تُوحِّده العقيدة، وليس كيانًا يرتبط بمجرَّد مصالح عمليَّة وعلاقات إنسانيَّة سطحيَّة، وإذا أخذت هذه الحركات هذا التمايُز في اعتبارها فإنها تفعل ذلك من أجل التنديد بآثاره.

 

حادي عشر: الحركات الإسلاميَّة متعدِّدة الأبعاد تكتسح المجال الاجتماعي عبْر موجات متتالية، تغمر بالتدريج كلَّ جوانب الحياة الاجتماعية من تعليم وآداب واقتصاد وسياسة، ولا ينجو منها أيُّ جانب، حتى الهندام وكيفيَّة الضَّحِك والحب يمكن أنْ يخضَعَ لها في وقتٍ ما، وهذا يعني - في نظر رجال الاجتماع -: أنها حركة شاملة وشمولية.

 


[1] علي الكنز، الإسلام والهوية، الدين في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990، ص 95.

[2] جلال أمين، بعض مظاهر التبعية الفكرية في الدراسات الاجتماعية في العالم الثالث.

[3] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 92.

[4] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 95-96.

[5] نفس المصدر.

[6] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 96.

[7] عاطف العقلة عضيبات، الدين والتغير الاجتماعي في المجتمع الإسلامي، الدين في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990، ص 152.

[8] سمير نعيم، المحددات الاقتصادية والاجتماعية للتطرف الديني، الدين في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990، ص 231.

[9] تشير العقلانية في أكثر معانيها شيوعًا إلى أسبقية العقل في فهْم الحقائق الجوهرية عن العالم عمَّا سواه، ويرتبط هذا المفهوم عادةً بمفكري عصر التنوير في فرنسا؛ يقول (سمارت) في شرحه لهذا المفهوم: إنه قد أعلى من قيمة العقل ليقف في مواجهة الإيمان والسلطة التقليدية والمسائل الروحية، وأنَّ روح عصر التنوير النقدية العقلانية وجهت ضد الحقائق المنزلة في الكتب المقدسة.

ويقول أيضًا: "إنَّ أفضل استخدامٍ للعقلانية على المستوى الديني سلبي تمامًا، ويُعتَبر بذلك حركة مضادة للدين ذات نظرة نفعيَّة تعطي وزنًا كبيرًا للمناقشات العلمية والتاريخية المضادة للإيمان.

Nilan smart, rationaliom, the Encyclopedia Of philosophy, Macmillan publishing, N.YR.

[10] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 96.

[11] نفس المصدر ص 96-97.

[12] عبد الباقي الهرماسي، علم الاجتماع الديني، المجال والمكاسب والتساؤلات، الدين في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990، ص 30.

[13] على الكنز، الإسلام والهوية، ص 94.

[14] محمد شقرون، الظاهرة الدينية كموضوع للدراسة، الدين في المجتمع العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1990، ص 132.

[15] عاطف عضيبات، الدين والتغير الاجتماعي، ص 154.

[16] نفس المصدر ص 154.

[17] عاطف عضيبات، الدين والتغير الاجتماعي، ص 161.

[18] نفس المصدر ص 154.

[19] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 93-94.

[20] المصدر السابق ص 93.

[21] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 92.

[22] عاطف عضيبات، الدين والتغير الاجتماعي، ص 154.

[23] سمير نعيم، المحددات الاقتصادية والاجتماعية للتطرف الديني ص 233.

[24] علي الكنز نقلاً عن سمير أمين، الإسلام والهوية، ص 92.

[25] علي الكنز، الإسلام والهوية، ص 92.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اعترافات علماء الاجتماع في بلادنا
  • رجال الاجتماع ومهمة تفكيك الدين
  • المسلمون الفيبريون: نموذج آخر لمعاداة الإسلام
  • المتدينون والمرضى العقليون
  • رجال الاقتصاد وثغرة في جدار الصحوة
  • دعاة الصحوة ودعاة التخدير
  • يا له من دين لو كان له رجال!
  • أمراض الصحوة الإسلامية
  • الصحوة الإسلامية الحديثة وإعادة الروح للفقه وأصوله ضد دعاوى العلمانية
  • الصحوة الإسلامية وقواعد المعلومات

مختارات من الشبكة

  • اعترافات علماء الاجتماع (عقم النظرية وقصور المنهج في علم الاجتماع)(كتاب - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • اعترافات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اعترافات أسيرة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اعترافات مثقف! (قصيدة)(مقالة - موقع الدكتور خالد بن سعود الحليبي)
  • من اعترافات مشاهير الغرب في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • عزو النقول والاعتراف بالفضل عند علماء المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأساس الإلحادي للنظريات المعاصرة في علم الاجتماع(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • علم الاجتماع: نزعة علمية مزيفة(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • الهدف ليس علم الاجتماع فحسب!(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مؤشرات الارتباط بين الماسونية وعلم الاجتماع(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب