• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نهاية العام.. سنن وبدع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    حديث: كان الإيلاء الجاهلية السنة والسنتين
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة المحرم وعاشوراء
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    ظاهرة تأخر الزواج (2)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فقه يوم عاشوراء (باللغة الإنجليزية)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    التعرض لحرارة الشمس في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    عاشوراء (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاغتسال المتكرر حماية للجسم من الأمراض
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    عاشوراء شكر وعبادة.. لا مآتم وبدع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

جهل الإنسان (خطبة)

جهل الإنسان (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2022 ميلادي - 21/5/1444 هجري

الزيارات: 41154

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جهل الإنسان

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 1-5]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ ﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 84-85]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِذَلِكَ؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانِ: 185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كِتَابُ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ جَهْلٌ يُؤَدِّي إِلَى الْجَهْلِ بِأَعْلَى الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْرِفَةُ الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى رِضْوَانِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَنَّتِهِ.

 

وَالْإِنْسَانُ فِي أَصْلِهِ جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِأَدَوَاتِ اكْتِسَابِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ؛ ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 78]. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِجَهْلِهِ قَدْ يُسَخِّرُ أَدَوَاتِ اكْتِسَابِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ فِيمَا يَضُرُّهُ، وَيُعَطِّلُهَا عَنِ اكْتِسَابِ مَا يَنْفَعُهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 102].

 

وَكُلُّ فَسَادٍ يَقَعُ مِنَ الْإِنْسَانِ فَمَرَدُّهُ إِلَى الظُّلْمِ وَالْجَهْلِ؛ ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 72]، وَالْجَهْلُ هُوَ سَبَبُ الظُّلْمِ، كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ هُوَ سَبَبُ الْهَوَى؛ إِذْ لَوْ عَرَفَ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَا رَكِبَ هَوَى نَفْسِهِ، مُخَالِفًا شَرْعَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْ عَرَفَ مِقْدَارَ نَفْسِهِ لَمَا وَقَعَ فِي الظُّلْمِ، فَكُلُّ هَوًى وَظُلْمٍ فَمَرَدُّهُ إِلَى الْجَهْلِ؛ وَلِذَا حَذَّرَ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَقْوَامَهُمْ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ سُبْحَانَهُ يَعْنِي الْجَهْلَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَالْجَهْلَ بِثَوَابِهِ لِلطَّائِعِينَ، وَعِقَابِهِ لِلْعَاصِينَ، وَالْجَهْلَ بِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ، وَالْجَهْلَ بِشِدَّةِ بَطْشِهِ، وَسُرْعَةِ انْتِقَامِهِ، وَأَلِيمِ عِقَابِهِ.

 

وَدَعَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ، وَعَلَّمَهُمْ مَنْ هُوَ رَبُّهُمْ عَزَّ فِي عُلَاهُ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ مَا رَفَضُوا دَعْوَتَهُ إِلَّا لِجَهْلِهِمْ بِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، وَجَهْلِهِمْ بِنُفُوسِهِمُ الضَّعِيفَةِ الْمَخْلُوقَةِ الْمَرْبُوبَةِ؛ فَقَالَ لَهُمْ: ﴿ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [هُودٍ: 29]. وَلَمَّا حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ فَأُغْرِقُوا كَانَ ابْنُ نُوحٍ فِيمَنْ أُغْرِقَ، فَأَخَذَتْهُ عَاطِفَةُ الْأُبُوَّةِ تُجَاهَ ابْنِهِ، وَأَرَادَ الشَّفَاعَةَ لَهُ، فَوَعَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَحَذَّرَهُ مِنَ الْجَهْلِ، فَامْتَثَلَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْعِظَةَ رَبِّهِ تَعَالَى، وَسَأَلَهُ مَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنَ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هُودٍ: 45-47].

 

وَوَصَفَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ بِالْجَهْلِ قُبَيْلَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ، وَرَفَضُوا دَعْوَةَ نَبِيِّهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 22-23].

 

وَوَصَفَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ بِالْجَهْلِ؛ لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا دَعْوَتَهُ، وَأَصَرُّوا عَلَى الشِّرْكِ، وَرَكِبُوا الْفَوَاحَشَ؛ ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 54-55].

 

وَوَصَفَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْجَهْلِ حِينَ أَرَادُوا عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 138-139]. وَاسْتَعَاذَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْجَهْلِ: ﴿ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 67].

 

وَلَمَّا شَقَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِعْرَاضُ سَادَةِ قُرَيْشٍ عَنِ الْإِيمَانِ، وَأَحَبَّ أَنْ يُؤَيِّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ لَعَلَّهُمْ يُؤْمِنُونَ، أَخْبَرَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَحَذَّرَهُ مِنَ الْجَهْلِ: ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 35]. وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ انْحِرَافٍ عَقَدِيٍّ أَوْ تَشْرِيعِيٍّ أَوْ أَخْلَاقِيٍّ فَمَرَدُّهُ إِلَى الْجَهْلِ، وَأَنَّ رَفْضَ التَّوْحِيدِ وَالشَّرِيعَةِ وَالْأَخْلَاقِ السَّوِيَّةِ مِنَ الْجَهْلِ، وَأَنَّ الْجَاهِلَ يَضُرُّ نَفْسَهُ، وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، وَأَنَّهُ لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِعِلْمٍ يَرْفَعُ الْجَهْلَ، وَعَدْلٍ يُزِيحُ الظُّلْمَ، وَإِذْعَانٍ يَغْلِبُ الْهَوَى:

فَفِي رَفْعِ الْجَهْلِ بِالْعِلْمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 19]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 43].

 

وَفِي إِزَاحَةِ الظُّلْمِ بِالْعَدْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ [النَّحْلِ: 90]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النِّسَاءِ: 58]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الْأَنْعَامِ: 152]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [الْمَائِدَةِ: 8]، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي اجْتِنَابِ الْهَوَى قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ﴾ [النِّسَاءِ: 135]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [الْقَصَصِ: 50]. بَلْ يَصِلُ الْهَوَى بِصَاحِبِهِ إِلَى أَنْ يَعْبُدَهُ بِاتِّبَاعِهِ إِيَّاهُ، فَتَتَعَطَّلُ الْأَسْمَاعُ وَالْأَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ عَنْ وَظِيفَتِهَا فِي اكْتِسَابِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ النَّافِعَةِ مِنْ شِدَّةِ غَلَبَةِ الْهَوَى عَلَى الْإِنْسَانِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَهْمَا عَلَتْ مَنْزِلَةُ الرَّجُلِ فِي قَوْمِهِ، وَارْتَفَعَتْ مَكَانَتُهُ بَيْنَهُمْ، وَكَانَ لَهُ حَظٌّ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ، فَعَارَضَ شَيْئًا مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ جَاهِلٌ؛ لِأَنَّهُ جَهِلَ عَظَمَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ حِينَ اعْتَرَضَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دِينِهِ، وَجَهِلَ مِقْدَارَ نَفْسِهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ ضَعِيفٌ يَمْرَضُ وَيَمُوتُ وَيُبْعَثُ وَيُحَاسَبُ بِلَا اخْتِيَارِهِ؛ وَلِذَا كُنِّيَ هِشَامُ بْنُ عَمْرٍو أَبَا الْجَهْلِ، وَكَانَ يُكَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَبَا الْحَكَمِ، فَلَمْ تَنْفَعْهُ حِكْمَتُهُ وَعَقْلُهُ حِينَ عَصَى رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَمِنْ تَأْدِيبِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُهُ إِيَّاهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَهْلِ الْجَهْلِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 199]. وَامْتَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِإِعْرَاضِهِمْ عَنِ اللَّغْوِ، وَبُعْدِهِمْ عَنْ طُرُقِ أَهْلِ الْجَهْلِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [الْقَصَصِ: 55]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 63].

 

وَالْمُؤْمِنُ حِينَ يَقَعُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّمَا قَارَفَهَا بِسَبَبِ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَالْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ؛ وَلِذَا خَشِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى نَفْسِهِ الْجَهْلَ الَّذِي يُوقِعُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ حِينَ طَمِعَ فِيهِ النِّسْوَةُ، فَدَعَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَرْفِهِنَّ عَنْهُ: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يُوسُفَ: 33-34].

 

وَالْعَبْدُ حِينَ يَجْهَلُ وَيَعْصِي فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ بِإِزَالَةِ أَثَرِ جَهْلِهِ وَمَعْصِيَتِهِ بِالتَّوْبَةِ وَالطَّاعَةِ: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 17]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 54]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النَّحْلِ: 119].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جهلة القراء
  • الجهل المطبخي
  • هل جهلنا بسيط أم مركب؟
  • جهل البابية بدعوتهم
  • جهل العمل
  • حكم العذر بالجهل
  • هل الإنسان مخير أم مسير؟ (1)

مختارات من الشبكة

  • العلمانية جهل في الأحكام وتطاول على الرحمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موارد ومصادر كتاب وقع الأسل فيمن جهل ضرب المثل للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفاسد جهل المنتسبين للعلم بمقاصد الشريعة ومآلات الأفعال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتل أبي جهل في يوم بدر(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • استفتاح أبي جهل يوم بدر(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مخطوطة قصة صراع النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي جهل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بابا الفاتيكان ... وشجاعة أبي جهل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدق أبو جهل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • "لا إله إلا الله" بين العلمانيين وأبي جهل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/1/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب