• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سطور منسية.. من يكتب تاريخ الأسر وكيف يخلد؟ ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قراءات اقتصادية (64) الاقتصاد المؤسسي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التقادم في القضايا المدنية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    قصة التوكل والمتوكلين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تنافس الصحابة - رضي الله عنهم - في حفظ القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أساليب الصليبية للغزو الفكري ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    قاعدة للحياة الطيبة (ادفع بالتي هي أحسن)
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أيام الله تعالى (4) أيامه سبحانه في الخلافة الراشدة

أيام الله تعالى (4) أيامه سبحانه في الخلافة الراشدة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/9/2018 ميلادي - 2/1/1440 هجري

الزيارات: 20214

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيام الله تعالى (4)

أيامه سبحانه في الخلافة الراشدة


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ يُعِزُّ وَيُذِلُّ، وَيَرْفَعُ وَيَضَعُ، وَيُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ حَبْلُهُ مَتِينٌ، وَبَطْشُهُ شَدِيدٌ، وَهُوَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَشَّرَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ الْمُبِينِ، وَحَذَّرَ أَعْدَاءَهَا مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ وَلَا تَتْرُكُوهُ، وَانْصُرُوهُ وَلَا تَخْذُلُوهُ؛ فَإِنَّهُ دِينُ الْحَقِّ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ حَمَلَتَهُ لَمَنْصُورُونَ ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الرُّومِ: 47].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

لِلَّهِ تَعَالَى سُنَنٌ فِي عِبَادِهِ لَا تَتَخَلَّفُ، وَلَهُ سُبْحَانُهُ وَعْدٌ لِأَوْلِيَائِهِ لَا يُخْلَفُ، وَوَعِيدٌ فِي أَعْدَائِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَحِينَ يَدِبُّ الْيَأْسُ وَالْإِحْبَاطُ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ.

 

وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيَرِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَجَدَ أَيَّامًا لِلَّهِ تَعَالَى نَصَرَهُمْ فِيهَا وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُمْ، فِي وَقْتٍ كَانَ الْأَعْدَاءُ آمِنِينَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ عَزَّ فِيهَا الْإِسْلَامُ، وَدُحِرَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، فَشُفِيَتْ صُدُورُ الْمُؤْمِنِينَ بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَفِي الْخِلَافَةِ الرَّاشِدَةِ أَيَّامٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَظْهَرَ فِيهَا دِينَهُ، وَنَصَرَ أَوْلِيَاءَهُ، وَهَزَمَ أَعْدَاءَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ شَامَةً فِي التَّارِيخِ تَتْلُوهَا الْأَجْيَالُ تِلْوَ الْأَجْيَالِ، وَتَسْتَلْهِمُ مِنْهَا الْعِبَرَ وَالدُّرُوسَ، وَتَشُمُّ فِيهَا عَبِيرَ الْعِزِّ وَالنَّصْرِ.

 

وَبَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتْ كَثِيرٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَاشْرَأَبَّ أَهْلُ النِّفَاقِ، وَطَمِعَ الرُّومُ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَثَبَتَ لِلرِّدَّةِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسَيَّرَ الْجُيُوشَ لَهَا، وَقَالَ قَوْلَتَهُ الْمَشْهُورَةَ: «وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا» فَثَبَّتَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْإِسْلَامَ، وَرَبَطَ بِمَوْقِفِهِ عَلَى قُلُوبِ الْعِبَادِ. وَكَانَ قِتَالُ الْمُرْتَدِّينَ يَوْمًا لَا يُنْسَى مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

يَوْمُ جَمْعِ الْقُرْآنِ حِينَ مَاتَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ فِي مَعَارِكِ الرِّدَّةِ، وَحُفِظَ كِتَابُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَى يَدَيْهِ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

يَوْمُ الْيَرْمُوكِ، وَكَانَ بَعْدَ مَعَارِكَ عِدَّةٍ مَعَ الرُّومِ، وَهُوَ الْمُمَهِّدُ لِفَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَتِ الْيَرْمُوكُ فِي رَجَبٍ مِنَ الْعَامِ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ اسْتَمَاتَ الْمُسْلِمُونَ فِي مُلَاقَاةِ أَعْدَادِ الرُّومِ الْكَثِيفَةِ الَّتِي تَفُوقُ أَعْدَادَهُمْ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، وَبَرَزَ الشُّجْعَانُ لِلْمُبَارَزَةِ، وَخَطَبَ الْخُطَبَاءُ لِمَلْءِ الْقُلُوبِ بِالْحَمَاسَةِ؛ فَخَطَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ مِمَّا قَالَ: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، لَا يَنْبَغِي فِيهِ الْفَخْرُ وَلَا الْبَغْيُ، أَخْلِصُوا جِهَادَكُمْ، وَأَرِيدُوا اللَّهَ بِعَمَلِكُمْ، وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ».

 

وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسِيرُ فَيَقِفُ عَلَى الْكَرَادِيسِ وَيَقُولُ: «اللَّهَ اللَّهَ! إِنَّكُمْ ذَادَةُ الْعَرَبِ، وَأَنْصَارُ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّهُمْ ذَادَةُ الرُّومِ وَأَنْصَارُ الشِّرْكِ! اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ عَلَى عِبَادِكَ! وَقَالَ رَجُلٌ لِخَالِدٍ: مَا أَكْثَرَ الرُّومَ وَأَقَلَّ الْمُسْلِمِينَ! فَقَالَ خَالِدٌ: مَا أَقَلَّ الرُّومَ وَأَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ! إِنَّمَا تَكْثُرُ الْجُنُودُ بِالنَّصْرِ وَتَقِلُّ بِالْخِذْلَانِ، لَا بِعَدَدِ الرِّجَالِ» وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ أَبْلُوا لِلَّهِ فِيهِ بَلَاءً حَسَنًا».

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

يَوْمُ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَسَلُّمِ مَفَاتِيحِهِ مِنْ أَئِمَّةِ النَّصَارَى؛ إِذْ سَارَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْقُدْسِ لِأَجْلِ هَذِهِ الْمُهِمَّةِ الْجَلِيلَةِ، وَقَالَ عُمَرُ وَقْتَهَا قَوْلَتَهُ الْمَشْهُورَةَ: «إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَذَلَّ النَّاسِ، وَأَحْقَرَ النَّاسِ، وَأَقَلَّ النَّاسِ، فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِهِ يُذِلُّكُمُ اللَّهُ تَعَالَى»، وَدَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَصَلَّى فِيهِ، وَبُنِيَ مَسْجِدٌ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ سُمِّيَ مَسْجِدَ عُمَرَ، وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْآنِ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ؛ حَيْثُ كُسِرَ الْفُرْسُ فِي شَعْبَانَ مِنَ الْعَامِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَقُتِلَ قَائِدُهُمْ رُسْتُمُ. وَظَلَّتْ مُنَاوَشَاتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى الْعَامِ التَّاسِعَ عَشَرَ؛ إِذْ فِي مُسْتَهَلِّهِ قُضِيَ عَلَى دَوْلَةِ الْفُرْسِ قَضَاءً تَامًّا فِي مَعْرَكَةِ نَهَاوَنْدَ الَّتِي سُمِّيَتْ (فَتْحَ الْفُتُوحِ)، فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَبِهَذَا الْفَتْحِ الْمُبِينِ مُهِّدَ السَّبِيلُ لِفَتْحِ بِلَادِ الْمَشْرِقِ كُلِّهَا.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

فَتْحُ مِصْرَ فِي الْعَامِ الْعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَهْلُهَا يُعَانُونَ مِنْ ظُلْمِ الرُّومَانِ وَبَغْيِهِمْ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا سَمَاحَةَ الْمُسْلِمِينَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَفْوَاجًا، ثُمَّ صَارَتْ مِصْرُ بَعْدَ ذَلِكَ حِصْنَ الْإِسْلَامِ الْحَصِينَ مِنَ الْغَزْوِ التَّتَرِيِّ وَالْحَمَلَاتِ الصَّلِيبِيَّةِ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

فَتْحُ أَجْزَاءٍ مِنْ شَمَالِ إِفْرِيقِيَةَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَوْطِيدُ سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَرْمِينْيَا وَأَذْرَبِيجَانَ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى: فَتْحُ جَزِيرَةِ قُبْرُصَ، وَهَيْمَنَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى: جَمْعُ الْمُصْحَفِ بَيْنَ دَفَّتَيْنِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَوْحِيدُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ، وَتَوْزِيعُهُ فِي الْأَمْصَارِ لِيَكُونَ هُوَ الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ.

 

وَمِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى:

مَعْرَكَةُ ذَاتِ الصَّوَارِي، وَهِيَ أَوَّلُ مَعْرَكَةٍ بَحْرِيَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، بَيْنَ الْبِيزَنْطِيِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ لَيْلَتَهُمْ «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ، وَالرُّومُ يَضْرِبُونَ بِالنَّوَاقِيسِ... وَاقْتَتَلُوا بِالسُّيُوفِ وَالْخَنَاجِرِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَقُتِلَ مِنَ الرُّومِ مَا لَا يُحْصَى، وَصَبَرُوا يَوْمَئِذٍ صَبْرًا لَمْ يَصْبِرُوا فِي مَوْطِنٍ قَطُّ مِثْلَهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَانْهَزَمَ قُسْطَنْطِينُ جَرِيحًا، وَلَمْ يَنْجُ مِنَ الرُّومِ إِلَّا الشَّرِيدُ». وَبِهَذِهِ الْمَعْرَكَةِ انْتَهَى عَصْرُ السِّيَادَةِ الْبِيزَنْطِيَّةِ عَلَى الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّطِ، وَكَانَ يَوْمًا عَظِيمًا مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

ثُمَّ قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ لِحُظُوظٍ دُنْيَوِيَّةٍ أَرَادُوهَا، وَأَعَانَهُمُ الْجَهَلَةُ وَالْغَوْغَاءُ بِتَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةٍ، وَشُبُهَاتٍ كَاسِدَةٍ، فَفُتِحَ بِقَتْلِهِ عَلَى الْأُمَّةِ بَابٌ مِنَ الْفِتْنَةِ عَرِيضٌ، وَأَمْضَى الْخَلِيفَةُ الرَّابِعُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَنَوَاتِ خِلَافَتِهِ الْخَمْسَ مُجْتَهِدًا فِي إِطْفَاءِ نَارِ الْفِتْنَةِ الَّتِي اشْتَعَلَتْ، وَتَسْكِينِ ثَائِرَةِ الْجَهَلَةِ وَالْغَوْغَاءِ، فَقُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ الْعَمْيَاءِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، قَتَلَهُ الْخَارِجِيُّ ابْنُ مُلْجِمٍ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَسْتَحِقُّ، وَبِثَوَرَانِ بُرْكَانِ الْفِتْنَةِ تَوَقَّفَتِ الْفُتُوحُ، وَاهْتَزَّ اسْتِقْرَارُ الْمُسْلِمِينَ، وَكَثُرَ الْخَوْفُ، وَقَلَّ الْأَمْنُ، حَتَّى تَنَازَلَ الْخَلِيفَةُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْخِلَافَةِ لِمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ فَاجْتَمَعَتِ الْقُلُوبُ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْعَامُ عَامَ الْجَمَاعَةِ، وَتَحَقَّقَ فِي الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَبَرُ جَدِّهِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَبِهَذَا الْمَوْقِفِ النَّبِيلِ مِنَ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حُقِنَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ، وَعَادَتِ الْفُتُوحُ، فَاتَّسَعَتِ اتِّسَاعًا كَبِيرًا فِي خِلَافَةِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَعَادَتْ أَيَّامُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمَّةِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِزَّ دِينَهُ، وَيُعْلِيَ كَلِمَتَهُ، وَيَدْحَرَ أَعْدَاءَهُ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا وَالْمُسْلِمِينَ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ التَّدَافُعَ مِنْ سُنَّتِهِ سُبْحَانَهُ فِي عِبَادِهِ، وَأَنَّ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ يَتَدَافَعَانِ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ؛ لِتَكُونَ الْغَلَبَةُ فِي النِّهَايَةِ لِأَهْلِ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَهْلِهِ ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 251]، وَكُلُّ يَوْمٍ ظَهَرَ فِيهِ الْحَقُّ عَلَى الْبَاطِلِ فَهُوَ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجِبُ شُكْرُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى تِلْكَ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ. وَقَدْ نَوَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَوْمِ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ انْتِصَارِ مُوسَى وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ صِيَامِهِ فَقَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. لِيَبْقَى يَوْمُ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ عَالِقًا فِي الْأَذْهَانِ فِي كُلِّ عَامٍ بِهَذَا الصِّيَامِ؛ فَرَحًا بِهَلَاكِهِ وَنَجَاةِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَشُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ.

 

وَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُخَالَفَةِ الْيَهُودِ فِي صِيَامِهِ؛ وَذَلِكَ بِصِيَامِ يَوْمِ التَّاسِعِ مَعَهُ، وَقَالَ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَكَانَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفْطِرُ إِذَا سَافَرَ فِي رَمَضَانَ، وَيَصُومُ إِذَا سَافَرَ فِي عَاشُورَاءَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ رَمَضَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَإِنَّ عَاشُورَاءَ يَفُوتُ».

 

فَاحْرِصُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى صِيَامِهِ؛ لِنَيْلِ ثَوَابِهِ؛ فَإِنَّ صِيَامَهُ مُكَفِّرٌ لِسَنَةٍ كَامِلَةٍ، وَخَالِفُوا الْيَهُودَ بِصِيَامٍ التَّاسِعِ مَعَهُ، وَاشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ وَأَيَّامِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ الشَّكُورَ مِنْ عِبَادِهِ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عاشوراء والهجرة النبوية من أيام الله تعالى
  • أيام الله تعالى (1) تذكير الناس بها
  • أيام الله تعالى (2) أيامه سبحانه في السابقين
  • دروس التاريخ: المسلمون والخلافة الراشدة
  • هل الخلافة وسيلة أم غاية؟

مختارات من الشبكة

  • أفضل أيام الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سحر مرور الأيام(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أيام التشريق أيام ذكر لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام التشريق.. أيام ذكر الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • من أيام الله - وذكرهم بأيام الله(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفضل أيام الدنيا أيام العشر من ذي الحجة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أركان الإيمان الستة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/3/1447هـ - الساعة: 4:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب