• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

موعظة قرآنية (ولتنظر نفس ما قدمت لغد)

الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2016 ميلادي - 28/10/1437 هجري

الزيارات: 58262

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موعظة قرآنية

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: 18]

 

إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعد:

فإنَّ أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الإخوة المؤمنون، إنَّ هذا القرآن الكريم بما جمعه واشتمَل عليه من الهدى والبيِّنات والنُّور - ينبغي للمؤمن أنْ يُديم النظر فيه، ويتأمل ما حواه من المواعظ والعِبر التي أبدى الله جل وعلا وأعاد فيها، والقرآنُ الكريم في مواعظِه يتجه بالمؤمن إلى أن يكون على طريقٍ سوي، وينتهي به إلى جنة عرضها السموات والأرض.

 

والقرآن الكريم بما حواه من المواعظ، فإنها أعظمُ المواعظِ وأكملُها وأجلُّها، وأشملُها على خيري الدنيا والآخرة.

 

وأتوقف وإياكم عند واحدةٍ من هذه المواعظ العظيمة التي ينبغي أن يأخذَ بها المكلفون جميعًا؛ حيث يقول رب العزة سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19].

 

ففي هذه الآية يخاطب الله جل وعلا عباده المؤمنين ويناديهم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 18]، ناداهم بوصف الإيمان الذي هو أكملُه وأعظمُه وأشرفُه من الأوصاف، ومن الأسماء التي يُنادَى بها عبادُ الله جل وعلا، وإنما خُصَّ المؤمنون بهذا النداء دون غيرهم؛ لأنهم أقرب وأدعى للاستجابة لربهم، فإنهم آمنوا به جل وعلا ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبيًّا.

 

وإنْ كان هذا الخطاب في جملته متوجِّهًا إلى عموم المكلفين أنْ يعملوا بمقتضاه، من الاستعداد للآخرة التي لا نجاةَ فيها إلا بالإيمان بالله جل وعلا، وفي هذا النداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 18] يكون المؤمن كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (إذا سمعت الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 18]، فَأَرْعِها سمعك؛ فإنه خيرٌ تُؤمر به، أو شرٌّ تُنهى عنه).

 

فحثَّ الله عباده: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الحشر: 18]، فأمر بتقواه جل وعلا، وهذا يشمل فعل الأوامر وترك النواهي، وهذه هي وصية الله جل وعلا للأولين والآخرين؛ كما قال عزَّ من قائل: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، قال العلامة أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتابه الماتع "صيد الخاطر" منبهاً على مزايا تقوى الله وثمرات ذلك:

"فالسعيد من لازم أصلًا واحدًا على كل حال، وهو تقوى الله عز وجل، فإنه إن استغنى زَانَتْهُ، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عُوِفَي تمت النعمة عليه، وإن ابتُلي جَمَّلَتْهُ.

ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد، أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه؛ لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير، والتقوى أصل السلامة، حارسٌ لا ينام، يأخذ باليد عند العثرة، ويواقف على الحدود.

ولازِمِ التقوى في كل حال، فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة، وفي المرض إلا العافية، هذا نقدها العاجل، والآجل معلوم" انتهى.

ويعني رحمه بالآجل من ثمرة التقوى رضى الرحمن جلّ جلاله وجنة عرضها السموات والأرض، كما جاء مبيناً في القرآن العزيز ، كقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾ [ القمر: 54 و 55].

﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ﴾ أي في دار كرامة الله ورضوانه، وفضله وامتنانه، وجوده وإحسانه.

﴿ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾ أي عند الملك العظيم، الخالق للأشياء كلها ومقدرها، وهو مقتدر على ما يشاء مما يطلبون ويريدون، وقد روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمٰن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا ". ثم قال سبحانه: ﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: 18]؛ أي: حاسبوا أنفسكم قبل أنْ تُحاسبوا، وانظروا ماذا ادَّخرتُم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم؟

 

﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ﴾ [الحشر: 18] كل الأنفس وكل المكلفين، ينبغي أن ينظروا ما قدموا لغد؟ والمراد بالغد هو يوم القيامة، وسُمِّي الغد لأنَّه قريب، وهذا على عادة العرب أنها تعبِّر عن المستقبل بقولها: (إنه الغد)، وكما قال الشاعر:

ألم تر أن اليوم أسرعُ ذاهب ♦♦♦ وأن غدًا للناظرين قريبُ

 

وهذا للإشعار أيضًا بقرب هذا اليوم، فمهما تطاول الزمان فإنَّه قريب، وذلك لأنَّ كل آتٍ قريب، وكما قال رب العزة سبحانه: ﴿ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ [النحل: 77].

 

والله جل وعلا قال: ﴿ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: 18]، وذلك لتفخيم شأن هذا اليوم، وتعظيم ما يكون فيه، والمقصود أنَّه ينبغي للإنسان أن يكون مستعدًّا لهذا اليوم الأعظم - يوم لقاء رب العزة سبحانه - ليُجزى الذين أحسنوا بالحسنى، ويُجازى الذين أساؤوا بما عملوا، وكما قال ربنا جل وعلا: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].

 

ثم كرَّر الله وصيته بالتقوى، فقال عز من قائل: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الحشر: 18]، قال العلماء: (هذا للتأكيد وتعظيم شأن التقوى)، ولأن الإنسان لا ينفك عن حاجته للتقوى؛ لأنَّه متى تباعد عن تقواه لربه جل وعلا، فإنَّه يُسرف على نفسه في الخطايا والطغيان.

 

ثم قال جل وعلا خاتمًا هذه الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]، اعلموا أنَّه جل وعلا عالمٌ بجميع أعمالكم وأحوالكم، لا تَخفى عليه منكم خافية، ولا يغيب عنه من أموركم جليلٌ ولا حقير؛ وذلك لأنَّ الله جل وعلا يعلم السرَّ وأخفى، لا تَخفى عليه خافية، ومهما أراد الإنسان أن يتخفَّى أو يَستسر بأمر من الأمور، فإنه لا يَخفى على ربه جل وعلا؛ لأنَّه يعلم السر، ويعلم ما هو أخفى من السر، ويعلم ما يتردد في خاطر الإنسان، وإن لم يَبُحْ به لأحد؛ لأنَّه جل وعلا هو الخالق القادر عالم الغيب والشهادة، تعالَى وتقدَّس.

 

ثم إنَّ الله جل وعلا نهانا عن أن نكون على حال أولئك الذين لم يستشعروا المعاد له جل وعلا، فقال: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الحشر: 19]؛ أي: لا تنسوا ذكر الله، ولا تنسوا طاعته، ولا تتناسوا الاستقامة على شرعه؛ لأنَّ من كان كذلك، فإنَّ الله جل وعلا لا يعبأ به، ويؤدي به هذا الأمر إلى أن ينسى نفسه، ينسى هذا الإنسان الذي تناسى طاعة الله جل وعلا بسبب إعراضه عنها، وعدمِ حبِّه وإقبالِه عليها، وتعظيمِه لشأنها أن الله جل وعلا يعاقبه بعقوبة عظيمة، وهي أنْ ينسى العملَ الصالح، ينسى ما ينجيه، ينسى أسباب نجاته، الذي هو مصلحته وفوزه وفلاحه في الدنيا والآخرة، والجزاء من جنس العمل، وكما قال بعض العلماء: (إنهم عوقبوا بذنبهم، بالذنب أن يُصروا عليه وأن يبقوا عليه).

 

ولذلك كان من علامات عباد الله الأخيار أنَّ طاعاتهم متوالية، وأنهم يتنقلون من طاعةٍ إلى طاعة، ومن حسنةٍ إلى مثلها وأكثر، بخلاف أهل العصيان، فتجدُه لا يزال الواحدُ منهم ينتقل من سيئةٍ إلى أختها، حتى يغشى قلبَه حبُّ هذا العمل السيئ ويعتاده، إلى أن يحل به أجله عياذًا بالله من ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ العبد إذا عمِل الخطيئة، نُكِت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو تاب ورجع صقل قلبه، وإن هو عاد زِيد في تلك النكتة السوداء، حتى يغشى قلبه الران، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]).

 

ما يقترفونه من السيئات سبَّبَ غطاءً وغشاءً على قلوبهم، فهم لا يستجيبون للمواعظ، ولا يُقبلون على الحسنات، وتألَف أنفسهم السيئات، وحسبكم بذلك عقوبة، عياذًا بالله من مثل هذه الحال.

 

ولذا مدح الله عباده المؤمنين بأنه حبَّب إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم، وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، فكان حالهم ووصفهم: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7].

 

أما هؤلاء الذين نسوا طاعة الرحمن، وألِفوا ما يحبه الشيطان، واستمروا على العصيان - فإنهم كما وصف الله هنا في هذه الآية ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 19]؛ أي: الخارجون عن طاعة الله، الهالكون يوم القيامة، الخاسرون يوم معادهم؛ كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر: 15]، وكما قال عز من قائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

 

أجارني الله وإياكم من الخسران، وأعاننا على طاعة الرحمن، ووفَّقنا لطاعته، وأعاننا على ذكره وشكره وحُسن عبادته.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعدُ:

فقد خطب أمير المؤمنين أبو بكر الصديق رضي الله عنه خطبةً، قال فيها: (أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجَلٍ معلوم، فمن استطاع أن يقضي الأجل، وهو من عمل الله عز وجل فليفعل، ولن تنالوا ذلك إلا بالله جل وعلا، إن قومًا جعلوا آجالهم لغيرهم، فنهاكم الله عز وجل أن تكونوا أمثالهم: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الحشر: 19].


أين من تعرفون من إخوانكم؟ قَدِموا على ما قدَّمُوا في أيام سلفهم، وخلوا بالشقوة والسعادة، أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصَّنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار، هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه، فاستضيؤوا منه ليوم ظلمة، واستضيؤوا بسنائه وبيانه، إن الله تعالى أثنى على زكريا وأهل بيته، فقال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، لا خير في قولٍ لا يُراد به وجه الله، ولا خير في مال لا يُنفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يَغلب جهلُه حِلمَه، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائمٍ).

 

هكذا ينبغي أن يكون المؤمن مستعدًّا مستقيمًا على الطاعات، حتى إذا وافته المنية فرِح بما قدَّم، وآنَس رضا الله جل وعلا، فإنه سبحانه قد وعد عباده الأخيار الذين استقاموا على العمل الصالح، وعَدَهم بالبشارات العظيمة والعواقب الحميدة؛ كما قال عز من قائل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأحقاف: 13]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

 

ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفِر للمسلمين والمسلمات، الأحياء والأموات، ربنا اغفِر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ألِّف بين قلوبهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم كنْ لعبادك المبتلين من إخواننا في فلسطين وسوريا وفي العراق واليمن، وفي بورما والصومال وليبيا، وغيرها من البلاد، ربنا مسَّهم الضر، وتسلَّط عليهم الأعداء، اللهم عجِّل لهم بالفرج، اللهم عجِّل لهم بالفرج.

اللهم احقن دماءهم واحفَظ أعراضهم، واحفظ لهم دينَهم، وادفع عنهم يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحَمْهم كما ربَّوْنا صغارًا.

ربنا هَبْ لنا من أزواجنا وذريَّاتنا قُرَّةَ أعينٍ، واجعلنا للمتقين إمامًا.

اللهم احفظ علينا أمْننا وطُمأنينتنا وإيماننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.

سبحانك ربنا رب العزة عما يَصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موعظة قرآنية عظيمة: {ويحذركم الله نفسه}

مختارات من الشبكة

  • موعظة قرآنية (ولتنظر نفس ما قدمت لغد)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تعريف الوعظ والموعظة وضابطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مواعظ القرآن الكريم أعظم المواعظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ولتنظر نفس ما قدمت لغد}(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولتنظر نفس ما قدمت لغد(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موعظة قرآنية عظيمة ‏(ويحذركم الله نفسه)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • موعظة للمغرور بنفسه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المواعظ القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- اللهم أعنا
فخورة بأمتي - فلسطين 03-08-2016 10:57 PM

اللهم أعنا على طاعتك وامنن علينا بالقبول اللهم آمين ،، بارك الله فيكم شيخنا الفاضل .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب