• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

جريمة غير!

عبدالله مسحل العتيبي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2009 ميلادي - 7/1/1431 هجري

الزيارات: 5130

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفصل الأول

المكان: مدينة جده – طريق الحرمين (الواصل بين شمال جده وجنوبها).
الزمان: الأربعاء - 8/12/1430هـ

الساعة 11:43 صباحًا

لم يَفهمْ خالد الطفل ذو الستة أعوام ما يدور في مكالمةِ أخيه الأكبر (عبد الهادي) مع والدته، غير أنَّ القلق على وجهه بدا واضحًا منذ أن زادتْ سرعة السيارة المتَّجهة جنوبًا إلى حيِّ القويزة، أمسك خالد حِزامَ الأمان على صدره، وجعل يَضغطه بقوة؛ لعلَّه يَشعر بشيءٍ من الأمان، عادتْ محاولات الطفل لفَهْمِ ما يَجري بكلمات قليلة، أفسدَ صوتَ مُنبِّه تَجَاوُزِ السرعة القانونيَّة الرابط فيما بينها، سيل عارم، محتجزون، سعود، الدور الأول، عبدالرحمن في الملعب، صلاة الظهر، كان خالد يَنْصِتُ بإمعانٍ لمكالمة أخيه قبل أن يُفزعَه أنينُ الإطارات المنزلقة على الطريق المبلول بمطر البارحة، أمسك الحِزام بيده الأخرى، وفي أجزاء من الثانية، اختلطتْ فيها ابتهالاتُ أخيه الأكبر بأنين الإطارات، مع صوت خافت وغريب عُرِفَ فيما بعد أنه هدير السيل، اصطدمتْ سيارتُهم بسيارة أخرى قد توقفت أمامهم بشكلٍ مفاجئ، واندفع جسدُ خالد الصغير إلى الأمام بقوة، لم يُوقِفْها سوى حِزامُ الأمان الذي ضغط على أصابعه المحشورة بينه وبين صدره، بينما اخترق جسدَ عبدالهادي الزجاجُ الأماميُّ لسيارتهم المنكوبة، وتناثرتْ أمامها دماؤه بشكل مُرَوِّع تبكيه العيون، ويبعث في القلوب صورة الموت المهيبة، حاول خالد أن يتحرَّرَ من حِزام الأمان، لكنَّ يديه تأبى أن تطاوعَه في لمس أيِّ شيء حوله، لقد كانت تؤلمه بشكل فظيع، توقفت محاولاته لنزعِ الحزام عندما تذكَّر أخاه عبدالهادي الذي لم يكنْ موجودًا في مكانه، عندها داهمتْ الشكوكُ رأسه الصغير، وانتقلت به إلى مكان مظلم وموحش في أرض جدباء، بالكاد يَتسلَّلُ إليه ضوء القمر؛ ليريه شجرةً ضخمة يَعتلِي أحدَ أغصانها بومٌ نائم، تَطيرُ فوقه مجموعة من الخفافيش السوداء تشبه إلى حد بعيد ما كان يَراه في أفلام الكرتون، لقد كانت تلك صورة الهلاك الوحيدة المخزونة في عقل خالد اللاواعي، والتي لم يَنقلْه منها سوى نداءات والدته الخافتة لأخيه عبدالهادي، وعَبْرَ الهاتف الذي استقرَّ بين قدميه، كان صوتها مَسموعًا: عبد الهادي، هل أنت بخير؟ هل أنت بخير؟

أمي، نطق بها خالد بأعلى صوته وهو يَبكي، خالد خالد، هل أنت بخير؟ حاول خالد أن يقرب الهاتفَ بأصابع قدميه، لكنَّها وقعتْ على زر إنهاء المكالمة، لم يَشعرْ الطفلُ خالد وهو يبكي أن المكالمة قد انتهت، وظلَّ يُنادي والدته دون جَدوى، رفع خالد رأسه؛ ليرى السيارة المصدومة أمامه قد دفعها طرف السيل قليلاً، شعر خالدٌ بالخوف والبرد يَهُزُّ أطرافَه وهو يتابع السيل يَقتربُ منه، لم يَكنْ بوسعه سوى المتابعة، لم يكن هناك أحد سواه في المنطقة، وفي وقت ارتفع صوت الهدير فيه تدريجيًّا، كان خالد مُلقى على المقعد الأمامي، ومُغْمِضًا عينيه، يُتمتمُ بصوتٍ غير مسموع،  قبل أن يَجْرِفَ السيلُ الهادر المركبة المنكوبة، ويُبْعِدَها عن جُثَّةِ أخيه عبدالهادي التي استقرت تحت الحاجز الأسمنتي للطريق.
 

 

 

الفصل الثاني

المكان: حي قويزة.
الزمان: الأربعاء - 8/12/1430هـ.
الساعة 11:51 صباحًا.

وصل خوفُ صبريَّة (أم عبد الهادي) ذروته بعدما أجابها النداء الآلي بخروج هاتف ابنها عبدالهادي عن الخدمة مؤقَّتًا، ضمَّت الأم المكلومة ابنتها الصغيرة (عالية)، وجعلت تَبكي بصمتٍ وحُرْقَةٍ وهي تفكر بزوجها راشد الذي غادر إلى المسجد قُبيل اقتحام السيل المنزل، سعود أيضًا خرج قبل والده بقليل، انتبهت الأم أنَّ ابنتها قد وصلتْ إلى النافذة بينما كانت تفكر، أخذتْ ابنتها (عالية) الصغيرة في حضنها، وجلست تنظر من النافذة، لم تَستطعِ الأمُّ المسكينة أن تُقاومَ الأفكار والمشاعر التي تَختلجُها، وهي ترى السيل يَجرفُ كلَّ صغير وكبير يَقِفُ أمامه، سرحت تفكر في طفلها عبدالرحمن الذي غادر المنزل ليلعب كرة القدم في الملعب الترابي شرق الحارة، مروان، مروان، يَسبح في السيل يا أمي، صاحت بها الطفلة (عالية)، ولم يَكنْ مروان سوى جُثَّة هامدة يَجْرِفُها السيلُ مع أغراضٍ أخرى، أعقب جُثة الطفل مروان زميله ياسر،لم تَعرفْه أمُّ عبدالهادي إلاَّ بقميصه الأزرق المعهود، لقد كانت شوارعُ حي قويزة الشعبي ضيقة؛ لذلك كانت الأمُّ تتََقطَّع ألمًا وهي تَرى ياسر رفيق عبدالرحمن وابن جارتها سلوى يَرتَطِمُ بقوة بجدران المنازل والسيارات العالقة في الشارع،لم ترَ صبريَّة (38عامًا) عمرها في هذه الحياة مَنظرًا أبشع من منظر الطفلين مروان وياسر، لقد كاد قلبُها أن يَتَفَطَّرَ؛ لرؤية وجوههم الطاهرة البريئة قد لطَّخها الطين، ودفعتْها أمواجُ السيل الهادر الذي لم يَجدْ تصريفًا يُبْعِدُه عن منازلهم وممتلكاتهم المحدودة.

لقد كان منظرًا بَشِعًا بَعَثَََ في نفس الأمِّ مزيجًا من مشاعر الرهبة والخوف، التي لم تصحُ منها أمُّ عبدالهادي إلاَّ بملاحظة طفلتها (عالية): أمي الماء وصل إلى هنا، انتبهتْ الأمُّ إلى أنَّ مستوى المياه تجاوز الدورَ الأرضي، وسيصعدُ إلى الدور الأوَّل في وقت وجيز، بدأت الأمُّ التفكير سريعًا في إيجاد طريقة للنجاة، لم يَكنْ خيارُ الصعود للسطح متاحًا، وذلك أنَّ منزلهم الشعبي لا يوجد في داخله دَرَجٌ يُؤدي إلى السطح، كاد عقلُها يَنفجرُ وهي تشعر بالماء يعلو ليلامسَ قدميها، حاولت أن تَستنجدَ من النافذة؛ لعلَّ أحدَهم أن يُبصرَها ويأتي للإنقاذ، لكنَّها لا ترى إلا السيل وحده يُغطي المكان، وصلت المياه إلى ركبتيها؛ مما جعل تحركها في الغرفة صعبًا، اهتدتْ الأمُّ أخيرًا لفكرة، وهرعتْ في تنفيذها مباشرةً، أرادت أن تَنتقلَ إلى وسط الغُرفة لتنفيذَها، لكنَّ المياه المرتفعة أفقدتها التوازن لتسقطَ أرضًا، وتَنْفَلِتْ الطفلة من يديها لتتخبطَ في المياه التي كادت تُودي بحياتها، لولا لُطْفُ الله بها وانتشال والدتها لها بسرعة.

بدأت الأمُّ في تنفيذ خُطَّتِها، أخذتْ خمارَها ولفَّته على جسد (عالية) وصعدت على قطعة من الأثاث؛ لتَربِطَ طرف الخمار الآخر على المروحة في سقف المنزل، وحينما انتهتْ الأمُّ من ربطها بإحكام، أخذت تمازحها؛ لعلَّها أن تُخَفِفَ عنها حِدةَ الحدث: لا تخبري يا (عالية) إخوتكِ أنني صنعتُ لكِ هذه الأرجوحة الجميلة، انتقلت الأمُّ بعدها بصعوبة إلى نافذة الغرفة؛ لعلَّها تَجِدُ من يُنقِذُهما، فقد ارتفع مستوى المياه، وإن لم يَتوقفْ السيلُ، فسيغمرها، وربَّما يَصلُ إلى (عالية) بعد ذلك، أبصرتْ الأمُّ حينها من النافذة جُثَّةَ أحد الأطفال يَجرفُه السيل بسرعة لم تَستطعْ معها تَمييزَه جيدًا، دفع السيلُ الطفلَ بقوة؛ ليرتطمَ بالجِدار ويرتفع وجهه بشكل واضحٍ يَسْهُلُ تمييزه جِهة نافذة منزله التي لم يَعُدْ فيها أحدٌ.
 

 

 

الفصل الثالث

المكان: جده - حي قويزة - جامع عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه.
الزمان: الأربعاء - 8/12/1430هـ.
الساعة: 11:45 صباحًا.

أسرع الطفلُ (سعود) ذو السبعة الأعوام بالدخول إلى مسجد الحي عندما بدأ السيل يَضرِبُ أسوارَ المسجد الشرقية، صعد من كان في داخل المسجد إلى غرفة المنبر، واحتشدوا هناك قرابةَ ثمانية عشر شخصًا؛ ما بين كبير وصغير من أهل الحي، كان من بينهم راشد، الذي هَرَعَ لإنقاذ ابنه (سعود) عندما دفعه السيل عند باب المسجد.

امتلأ المسجد بالماء والطين في لحظات قليلة، أخذ أبو عبدالهادي يَسبحُ بابنه (سعود) إلى غرفة المِنْبَر العُلْويَّة، صعد الدَّرَجَ المؤدِّي إلى المنبر واطمئن على (سعود)،لم يَكنْ من بين جماعة المسجد أحد يُجيدُ السباحة سوى أبي عبدالهادي وأبي ياسر، لاحظ الجميع أن مستوى المياه في ازدياد، وأنهم إن بقوا في هذا المكان، فسيغمرهم الماء جميعًا؛ لذلك رأوا أنهم لابدَّ أن يَنتقلوا إلى سَطحِ المسجد، ولم يكنْ أمام أبي عبدالهادي وأبي ياسر ترك أهل المسجد ليلاقوا مصيرهم المحتوم، فبدؤوا بنقل الدفعة الأولى التي كانت من نصيب أكبرهم سنًّا.

شَعَرَ الاثنان بالإرهاق وأنهم لن يستطيعوا إيصال المجموعة، وخاصًّة أنَّ سرعة تَدَفُّقِ المياه من باب المسجد الداخلي إلى سُلَّمِ السطح شديدة.

ربط أبو عبدالهادي حبلاً يَمتدُّ من باب المسجد إلى سُلَّم السطح، وعاد أبو ياسر من مستودع المسجد، ولم يَجدْ حبلاً آخر يساعدهم في عملية النقل، أمسك أبو ياسر يدَ جاره (راشد) بعد دخولهم باب المسجد، وهمس في أذنه بكلمات لم يَكنْ أمام أبي عبدالهادي خيار آخر سوى أن يَدْعُوَ له أن يُسَهِّلَ الله طريقه، وعندما همَّ أبو ياسر بالرحيل، أوصاه (راشد): لا تنسَ ابني عبدالرحمن إن وجدتَه مع ياسر، أكْملَ (راشد) طريقه؛ لتأمين جماعة المسجد، لقد استغرب كثيرًا عندما دفعوا إليه ابنه (سعود) لينقله أولاً، سَبَحَ (راشد) ومعه (سعود) إلى باب المسجد، وتوقَّفَ قليلاً قبل أن يتعدَّى الحبلَ الممتد هناك؛ ليوصله إلى السُلَّم مباشرة، وعاد بسرعة قاطعًا على نفسه عهدًا أن يَبذلَ ما يستطيعُ في إنقاذهم، لقد تَبقَّى خمسة من جماعة المسجد ينتظرون أن ينقذَهم، ومستوى المياه يرتفعُ بشكلٍ ملحوظ، بذل أبو عبدالهادي مجهودًا كبيرًا في نقلهم حتى آخرهم، صعد (راشد) إلى سطح المسجد وكان الجميع ينتظره هناك؛ لإنقاذ أحد المقيمين في الأسفل، يَطلبُ المساعدة فوق سيارته التي علقتْ في السيل.

رأى (راشد) المقيمَ، ونزل على الفور لمساعدته رغم إنهاكه الشديد، وعندما خرج من المسجد، علم أنَّ الأمرَ خلاف ما كان يتوقع، جرف السيل المتدفق بقوة أبا عبدالهادي دون أن يُمهلَه، وبدا واضحًا للأعين من فوق المسجد أنَّ (راشدًا) لا يستطيعُ مقاومة التيار، وبدا واضحًا - أيضًا - ضَعفُه وإنهاكه الشديد عندما جرفه التيارُ ليصطدم بالباب الخلفي لسيارة المقيم، ويرتفع جسده المثقل ليشير بوجهه إليهم في لحظة عصيبة، ويعود ليجرفَه السيل بعيدًا، التفتوا جميعًا إلى (سعود) خلفهم، الذي لم يشاهد ما حَصَلَ لوالده وهو يجلس عند باب السُّلَّم.
 

 

 

الفصل الرابع

المكان: جده - حي قويزة.
الزمان: الخميس - 9/12/1430هـ.
الساعة 9:30 صباحًا.

لم أستطعْ أن أتمالكَ نفسي وأنا أرى طفلاً يُلوِّحُ بيديه الصغيرتين من داخل سيارة مُهشَّمة يَجرِفُها السيل، رأيتُ في منظر السيل وسيارته المحطمة صورةَ الموت المحقق، لكنني رأيتُ في عينيه المشِعَّتين الحياةَ،لم أنتظرْ كثيرًا حتى اقتربتْ سيارته وقفزتُ إلى مَجرى السيل، أمسكتُ المرآة الجانبيَّة للسيارة وصعدت إلى الأعلى؛ لأعبرَ من فتحة الزجاج الأمامي، حَللتُ حِزام الأمان عن الطفل وحملته؛ لنَخْرُجَ إلى أعلى السيارة، تَذكَّرتُ حينها أنني لم أفكرْ في طريقة للعودة، لم أقضِ وقتًا طويلاً حتى مدَّ أحدُهم إليَّ عصا طويلة، كانت السبيل في خروجي أنا والطفل، هذا ما حَصَلَ باختصار يا والدي، أجاب أبو رشيد مُعلِّقًا: هذه تضحية كادت تُودي بحياتك، لكنني فخورٌ بك، فهذه صفة من صفات الشهامة فيك.

قال رشيد لوالده وهو يمسك بساعد خالد: أخبرني الطفلُ أنهم يَسكُنون في حي قويزة، والحيُّ الآن مُستقر نوعًا ما، أودُّ أن أُطمئنَ أهلَه، تجدُهم يبحثون عنه الآن، اذهب وانتبه إلى طريقك، دخل الطفل خالد بصحبة رشيد إلى منزله الذي غيَّرتْ الكارثة فيه معالم كثيرة، لقد فَقَدَ المنزل ألوانَه الزاهية، وصار شاحبًا من لون الطين الذي غطى كل شيء في المكان، وقعتْ عينا خالد على أخيه (سعود) وأخته (عالية) وهما يجلسان في منتصف الدَرَجِ، لم يَتمكَّنْ الشاب رشيد من حبس دمعته وهو يَراهم يتعانقون عناقَ اللقاء الذي لم يَكنْ غيابه ساعات، بل سنين في أعمارهم القليلة، صعدتْ (عالية) إلى الدَّور وصعد خلفها خالد وسعود.

ومن النافذة سمعَ رشيد (عالية) تَقُصُّ عليهم: كانت أمي تَقِفُ هنا وأنا كنت هناك، صنعتْ لي أمي أرجوحة علقتْها على هذه المروحة، كانت أمي تَنظرُ إلى النافذة قبل أن تَسقطَ في الماء، لقد سمعتُها تُنادي أخي عبدالرحمن قبل سقوطها، بكتْ (عالية) وهي تُنهي حكايتها التي كادت أن تُعيدَ صورة الهلاك الوحيدة في عقل خالد، لولا أنَّ (سعود) أكْملَ حديث المأساة؛ ليقولَ: أمَّا أبي - عندها انتبه خالد لما سيحكيه أخوه سعود - لقد كنَّا في المسجد عندما جاءنا السيل، أين أبي يا سعود؟ لم يستطع خالد أن يسمعَ أكثر من ذلك، أبي في الشارع الرئيس، انطلق خالد بسرعة إلى الشارع الرئيس للحي، ولحِقَ به رشيد وسعود، كانت الناس مُحتشدة هناك عندما جاء خالد وهو يَلهثُ، يبحث فيهم عن أبيه، بحثَ عنه ولم يجدْه بينهم، أمسكَ أحدُهم يد خالد ونزعها خالد بسرعة، إنها تؤلمني يا سعود، تعالَ معي، تريد أن تراه، أخذ سعود خالدًا وتجاوز به؛ ليصلَ إلى رصيف كانت فيه جُثَثٌ مُغطَّاة، أشار (سعود) إلى إحداها، ليسقطَ خالد على ركبتيه ويتَّكِئ على الأرض بأصابع يديه، وتعودُ إليه الصورة من جديد، (مكان مظلم وموحش في أرض جدباء، بالكاد يَتسلَّلُ إليها ضوءُ القمر؛ ليريه شجرة ضخمة يَعتلي أحدَ أغصانها بُومٌ مُستيقظٌ لم يكن يَطيرُ فوقه أيٌّ من الخفافيش السوداء).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جريمة ناهض في رأس نيق

مختارات من الشبكة

  • ملخص بحث: جرائم الإعلام الجديد - دراسة تحليلية لواقع جرائم شبكات التواصل الاجتماعي وكيفية مواجهتها عربيا ودوليا(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • عقوبة التعزير بأخذ المال(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • السلوك الإجرامي كركن من الأركان المادية لجريمة التلوث السمعي في القانون(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ألمانيا: ازدياد جرائم اليمين المتطرف تجاه المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مكافحة جرائم الشرف(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • العقوبة ومناسبتها للجريمة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الجريمة الإلكترونية في الشرق الأوسط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماهية الجريمة الجنائية(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • صربيا: اعتقال مشتبهين بجرائم حرب في مذبحة سريبرينيتسا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الاختلاط وآثاره الجنائية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- رسالة ربانية
د.محمد العميري-مصري مقيم بالسعودية - مصر 27-12-2009 02:05 PM
آلمني جدا ما حدث لبلد عزيز على قلب كل مسلم ولكن آلمني أكثر ما رأيته في هذا البلد الذي اسأل الله أن يحفظه بحفظ دينه وكتابه من انتشار لصور التبرج من غير المسلمين وقد كنا نفتخر باننا نعيش في بلاد تصعب فيها المعصية كما تصعب الطاعة في غيرها ولكن ليست هذه السلبية فقط ولكن ايضا شباب مائع غير قادر على تحمل المسئولية ,ازدراء للاجناس الاخرى وان كانوا مسلمين, انبهار بغيض وتقليد اعمى للغرب الكافر ادمان للمخدرات بصورة مفجعة لعب ولهو في الصلوات فيا اهل البلد الامين يا امل المسلمين هلا عودة للحق والدين. عاشق لبلاد الحرمين
1- القصة مؤثرة
مروة عز الدين - فلسطين 25-12-2009 04:40 PM
من المؤسف والمحزن ان ضحاياها اطفال وبالاحرى اسميها دموع بلا ذنوب نعم بلا ذنوب لكن من المسؤول عن هذه الفاجعة بالتاكيد لفشل التخطيط الهندسي بالدولة وفشل التوقعات والتكتيكات من اجل المواطنين
لكن الا يمكن ان نسميه هذا ابتلاء من الله وغضب عليهم و في الاقوام السالفة لنا عبرة وعظة فلماذا لاناخذ بها اليس الترف الفاحش المبالغ به موجب لغضب رب السماء والمهم انهم يصلون الفروض الخمسة ويعملون بالاركان الخمس اين صلة الرحم ؟؟؟؟؟؟
اين الرحمة بالنساء ومعاملة الاناث ؟؟؟؟؟؟؟؟
اين غض البصر ؟؟؟؟ اين القلوب الطاهرة البيضاء ؟؟؟؟؟؟؟
رحم الله جميع الضحايا وهدى الباقين
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب