• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

يوميات مدرس (2)

إبراهيم أحمد عامر الكرد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2010 ميلادي - 8/4/1431 هجري

الزيارات: 6148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحلقة الثانية

الجامعة الوهم المتبدد

 

كما أخبرتكم سابقًا، كنت أعمل فرَّاشًا في الجامعة التي تخرَّجت منها، رغم كوني الأولَ على دفعتي، وبقيت على هذه الحال حتى انتهائي من دراسة الماجستير فيها.

وبعد عام من انتهائي من الماجستير، وعملي فيها فرَّاشًا، تقدمت بطلب لوظيفة إدارية مرشد مكتبة - بعبارة أخرى "عتَّال" - وبالفعل تم قبولي لحصولي على المرتبة الأولى في المقابلة، ولن أطيل الحديث عن العمل في المكتبة، فسأفصِّل الحديث عنه فيما بعد، الذي يهمني أني كنت أعمل فترةً مسائيَّة من الساعة 3 عصرًا إلى الثامنة مساءً، فاستثمرت الفترة الصباحيَّة في التقدُّم للعمل كمحاضر في نفس الجامعة بنظام الساعات، حيث كانت الجامعة بحاجة لمجموعة من المدرسين؛ نظرًا لتوجُّه مجموعة لا بأس بها من المحاضرين القدماء للعمل في البرلمان التشريعي الفلسطيني بعد فوز الحركة الإسلاميَّة بالانتخابات.

وبالفعل تم قبول جميع من تقدَّموا، وكنا 8 أشخاص: 7 رجال وامرأة، توقَّف عن العمل بعضهم، والتحق بعمل حكومي بعضهم، وسافر بعضهم لإكمال الدكتوراه، ولم يبقَ سواي والْمُحاضِرة، ثم قاموا بتوظيف أخوين آخرين من الدفعات التالية ممن تخرَّجوا حديثًا.

وهنا سأقسم الحديث على مرحلتين:

مرحلة العمل بنظام الساعة، ومرحلة العمل بنظام العَقْد:

أولاً: مرحلة العمل بنظام الساعة:

وهذا النظام يتم العمل فيه وفق ما تقوم بشرحه من محاضرات، ولا يتم احتساب أي حقٍّ لك من علاوة زوجة، وأولاد، أو غلاء معيشة، أو تأمين، أو ادِّخار، أو حتى أيام الإجازات الرسميَّة كبدعة إجازة المولد النبوي، ورأس السنة الهجريَّة، أو يوم الاستقلال.

المهم ما تقوم بتدريسه تحصل أجره، وما لا، فلا.

أول وَهْم يتبدد:

 أني كنت أحسب أن المواد يتم توزيعها بالعدل بين المحاضرين، ولكن الحقيقة غير ذلك، يتم إرضاء "عتاولة" المحاضرين ممن لو تم التوزيع بالعدل، هاج وماج، وغضب، وأتينا بأناس، وذهبنا بأناس إلى أن يرضى الشيخ، ولك أن تتخيل توزيع المواد السهلة ذات التخصص بعدد طلاب قليل للشعبة الواحدة، وفي ساعات النهار الأولى، مما يعني الراحة التامة لهم، واستبقاء المواد ذات المتطلب الجامعي بعدد طلابها الكبير (500) طالب للشعبة، وتوزيع ما يربو على (5) شعب لأصحاب الساعات من أمثالنا، ولقد كنت أصحح في الفصل الواحد 3000 ورقة في الامتحان النصفي، وكذا مثلها في النهائي؛ فضلاً عن البحوث والتقارير، كل ذلك من أجل إرضاء "العتاولة"، وإن كان على حسابنا، نحن الجدد العاملين بالساعة.

ثاني وَهْم يتبدد:

رضينا بغراب البين، وغراب البين ما رضي بنا، رضينا بما قسمه الله لنا من ساعات وموادَّ، مع حرصنا الشديد على زيادة عدد الساعات؛ لأننا نعمل بنظام الساعة، وليس كالآخرين؛ فالآخر مهما كان عدد ساعاته، فراتبه آخر الشهر في جيبه، سواء درس 9 أو 12 ساعة، بخلافنا؛ فكل زيادة في عدد الساعات تعني زيادة في الراتب، وكل نقص في الساعات يَعني دخلاً أقل، وإذ بي أفاجَأ بتقليل عدد الساعات المعْطَاة لي، وتوزيعها على محاضرين زيادةً على عبئهم الأكاديمي - العبء الأكاديمي للدكتور 12 ساعة فقط - في حين أنه يمكن إعطاء عبء أكاديمي للماجستير 15 ساعة، فتبيَّن لي فيما بعد أنه تم سحبها منا لإعطائها لهم؛ لأن أي ساعات بعد العبء الكامل لهم يتم احتسابه إضافيًّا لهم، والساعة بساعة ونصف في الأجر.

ثالث وَهْم يتبدد:

حمدنا الله على كل حال، وبدأت رحلة التدريس، وعلى قدر ما وهبه الله لي من عقل أفهم أن المحاضر ينبغي أن يبذل كل الجهد في توصيل أكبر قدر من المعلومات بأسهل طريقة؛ ولهذا عمدت إلى المواد التي أُوكل لي تدريسها وكانت:

1- دراسات في الحديث وعلومه (متطلب جامعي).

2- دراسات في السيرة (متطلب جامعي).

3- تخريج وقاعة بحث (تخصص).

استشرت من سبقني، وسألت عن الكتاب الذي يقوم أغلب المدرسين بتدريسه؛ لأن بعضهم لا يدرس منه خاصة إذا كان من "العتاولة"، أما نحن الجُدد فيجب علينا التدريس منه، وبالفعل قرأت الكُتب، ولكني وجدت أن فيها نقصًا يحتاج لإكمال، وتطويلاً يحتاج لاختصار؛ ولهذا عمدت إلى الكُتُب المتوفرة في المكتبة، وعلى الشبكة في موضوع كل مادة، وقرأتها جميعًا، وانتقيت من كل كتاب أطايبه.

ثم عدلت الكتاب وفق ما ذكرت من إكمال لنقص، أو تطويل لمقتضب مهم، أو اختصار لإطالة مُمِلَّة، أو غير مهمة، وجمعته في ورق عندي (مَلْزمة) خاصة بي، وليتني لم أفعل!

أول محاضرة تشويق وترغيب وترهيب:

دائمًا كنت أجعلها محاضرة في الحث على العلم والاجتهاد في طلبه، وكنت ألقي على طلابي خلاصة كتاب "المشوق إلى القراءة وطلب العلم"؛ للشيخ العمران، وهو متوفر على الشبكة بحمد الله مُصَوَّرًا، وكم كان يستمتع الطلاب بجميل ما أذكره عن أهل العلم وأحوالهم! فكانت المحاضرة الأولى دائمًا تَلْقَى - بحمد الله - قَبولاً حسنًا عند الطلاب، وفاتحة خير يستبشرون بها، وكنت في ختامها أعرِّفهم بنفسي ثم بالمادة، فأقول: هذا هو الكتاب المقرر لدراسة المادة من الجامعة، لكنه لا يغطي من المادة التي سوف تدرسونها سوى 60%، وأما 40% فسوف أزودكم به أثناء المحاضرات من خلال ما ذكره العلماء الآخرون في كُتبهم، واعلموا أن الحضور عندي غير إلزامي، وجميع المحاضرين الآخرين في الجامعة يلزمون طلابهم بالحضور، وبعضهم يفرض 10 درجات على الحضور والغياب، ولكني أحثكم على الحضور؛ لأني أذكر كثيرًا من المعلومات القَيِّمة زيادة عن الكتاب المقرر، وألزم طلابي بها.

واعلموا أني أكثر المحاضرين على صعيد الجامعة كلها إعطاءً للدرجات، وأشدهم صعوبةً في وضع أسئلة الامتحانات.

ولأجل ذلك أمنح طلابي خلال الفصل الدراسي مجموعة من المقالات، والأنشطة، والتقارير، والبحوث التي تسمح لهم برفع درجاتهم المتدنِّية في الامتحانات.

 

وهذه البحوث، والتقارير، والأنشطة، والمقالات ليست أصلاً ضمن العلامة الكلية للمساق الدراسي، وإنما زيادة عليه؛ لجبر النقص، فمن جدَّ وجد، ومن زرع حصد.

واعلموا أني لا أتحرَّج من وضع علامة 100 من 100 لمن حازها، وسترون ذلك بأمِّ أعينكم  عندما تشاهدون مجموعة من زملائكم قد حصلوا على هذه الدرجة في آخر الفصل الدراسي، لكنني أخبركم من الآن أنكم ستبذلون جهدًا ووقتًا كبيرين يعدل جميع الجهد الذي ستبذلونه في دراسة جميع المساقات الأخرى التي معكم مجتمعةً، فمن رأى نفسه أهلاً للمعالي، فليسر معي على بركة الله، ولن يضيع جهده عندي بإذن الله.

ومن رأى في نفسه أو وقته غير ذلك، فليعمد إلى شعبة أخرى مع مدرس آخر، ويسجلها معه.

نعم، ترغيب وترهيب، ترغيب لذوي المعالي بكل ما يسرُّهم، علم ودرجات، وترهيب لذوي الهِمَم المنخفضة؛ حتى ينفضُّوا من حولي.

وهذا بالفعل ما كان يحدث، مجموعة منهم تقوم بسحب المادة والانتقال لمحاضرين آخرين ممن لا يتعدَّى شرحه الكتاب الجامعي، ويعطي 10 درجات منها على الحضور والغياب، ومجموعة أخرى من شُعَب أخرى تنضم لشعبتي بعدما نقل لهم زملاؤهم ما ذكرته لهم، وهم حقًّا من ذوي الهِمَم المتميزة.

وبهذا لا يبقى عندي سوى من كان بحق ذا هِمَّة عالية، وطالبَ علم حقيقيًّا ينشد العلم قبل الدرجات والشهادات.

وكانت هذه الخطوة مني أول نقطة سوداء في سجلِّي عند الإدارة؛ إذ يشكل فعلي هذا خروجًا على عاداتهم ونظامهم الذي ألفوه، وأنى لمن كان اسمه مكتوبًا بقلم رصاص يعمل بنظام الساعة أن يفعل مثل هذا؟!

المحاضرة الثانية: ما أجمل لغتنا العربية:

في كلِّ مادة تدريسيَّة شرعيَّة يتمّ التَّعريف بالمادَّة لغةً واصطلاحًا، ومن خلال دراستي في الجامعة، ومعرفتي بزُملائي المدرِّسين، كان الواحد منهم يقوم بالتَّعريف بسرعة بالتَّعريف اللُّغوي ثمَّ ينتقل للاصطِلاحي ويتوسَّع في تعريفه؛ لأنَّه المختصّ بالمادَّة، ولكنّي فعلت بخلافِهم جميعًا، وعلَّمت طلابي دائمًا سياسة النَّقد لما تقرأ: لا تكُن كحاطب ليل، لا تكن كالببغاء يردّد ما يقال له، لتكن لك شخصيَّتك.

ولهذا كانت سياستي معهم دائمًا: لماذا؟

لماذا أقرأ هذه المادَّة؟ لماذا دائمًا نبْدأ بالتَّعريف اللغوي مع أنَّ التَّعريف الاصطِلاحي هو غايتنا؟

تعدَّدت الإجابات وأثنيت على ما أثنيت منها، ووهبتُ كلَّ مُحسن في الإجابة نصفَ درجة تشجيعًا له - وأفعل هذا مع كلِّ إجابة جيّدة تدلُّ على ذكاء صاحبها أو سعة اطِّلاعه - ثمَّ أجبت قائلا:

إنَّ لغتنا العربيَّة لغة جميلة وقويَّة، فهي كالجبَل تسند كلَّ ما بجوارها مهْما كان صغيرًا أو ضعيفًا؛ ولهذا نجد علماءَنا الكرام دائمًا يبدؤون بالتَّعريف اللغوي ليعْطوا التَّعريف الاصطلاحي قوَّة وأصالة، ولكن هل فعلاً لغتنا العربيَّة جميلة وقويَّة؟ وهل تستحقُّ أن يُقال عنها: إنَّها أفضل لغة تكلَّم بها البشَر؟

هذا ما سوف نتعرَّف عليه في هذه المحاضرة التي سأُفْرِدها كاملةً بالحديث عن ذلك:

قلت: في لغتنا العربيَّة مميّزات لن تجِدها في غيرها من اللُّغات مهما كثرت وتنوَّعت، ممَّا يجعلها بحقٍّ سيِّدة لغات البشر بلا مُنازع، وسأذكر بعض هذه الميزات:

أ- الاشتِقاق الأكبر: وتحدَّث عنه ابن جنّي في "خصائصه" - مَن يأتيني بتقرير عن ابن جني وكتابه الخصائص له درجه - وضربَ له مثالاً بما يلي:

ب ر ج

لو أردْنا تشكيل كلمات من هذا الأصل، فكم كلِمةً سيتمّ تشْكيلها؟ قال الطلاَّب:

برج، بجر، ربج، رجب، جبر، جرب.

نعم، هذه هي كلّ الاحتماليَّات الممكن تشْكيلها، لكن هل هنالك قاسم مشترك تشترك فيه جَميع هذه الكلمات؟

الطلاَّب - بعد تأمُّل سريع -: كلاَّ، قلتُ: تأمَّلوا جيِّدًا: كلا، وبعضهم حاول إيجاد رابط مشترك لكنَّه لم يوفَّق في الإجابة.

ثمَّ كانت الإجابة: نعم، يوجد رابط مشترك بينها جميعًا، وهو الَّذي نسمِّيه (الاشتِقاق الأكبر)، قد لا يظهر لك في أوَّل وهلة؛ لكنَّه يظهر لك عند التأمُّل الجيِّد بين هذه الكلمات السِّتّ: ألا وهو (الشّدَّة والقوَّة) ولو أن أحدَكم أجاب بِهذا الجواب لمنحْته درجتَين على حسن إجابته.

قالوا: كيف تدلّ هذه الكلمات على الشدَّة والقوَّة؟

قلت: قال ابن جني:

برج: البرج سمّي برجًا لشدَّته وقوَّته؛ فهو شديد الارتِفاع، والارتفاع قوَّة وشدة.

رجب: شهر الله المعظَّم، وكانت العرب تشتدّ فيه على من أوقع فيه قتالا.

جرب: مرض عضال شديد قويّ، يصيب الإبل عادة، لم يجد العرب له علاجًا.

جبر: ومنْه الجبيرة، سميت بذلك لأنَّها تقوي العظم وتجْبُره وتشدُّه بعضه لبعض.

بجر: وهي تعْني في لغتنا المحلّية الفتاق، وهو بروز السّرَّة للخارج فيشتدّ الأمر على مَن يلمسُها، وكلّ بروز شدَّة، ألا تروْن أنَّ الجنين في بطن أمِّه إن اشتدَّ نموُّه خرج مولودًا، والمظلوم إن أمن بزز لسانه مفصحًا عمَّا جرى معه.

ربج: الرَّجل يتحدَّث أمام القوم عمَّا ليس فيه، يقوّي من شأنه عندهم.

هل رأيتُم كلّها تدلّ على الاشتقاق الأكبر لها (الشدَّة والقوَّة)، فهل هنالك لغة في الدنيا فيها هذه الخاصّيَّة؟

 

الميزة الثَّانية: الاشتِقاق الكبير، وتحدَّث عنه ابن فارس في كتابِه "مقاييس اللغة" - درجة لمن يأْتيني بتقْرير عن ابن فارس وكتابه "مقاييس اللغة".

الكلمات التي تتشابه حروفُها تتشابه معانيها (أصلها واحد).

مثلاً:

الكتابة، كتاب، كتيبة، مكتبة.

كلمات تتشابه حروفها؛ لأن أصلها واحد (ك ت ب)، ولهذا كلّها ترجع لأصل واحد: من يعرف؟

أجاب أحد الطلاب إجابة صحيحة ووهبته نصف درجة، نعم تدلّ على: الجمع والضمّ.

الكتابة: ضمّ الحرف إلى الحرف ليصبح كلمة، وضمّ الكلمة للكلمة لتصبح سطرًا.

الكتاب: ضمّ الصَّفحة للصفحة.

الكتيبة: ضمّ الجندي للجندي.

مكتبة: ضمّ الكتاب إلى الكتاب.

مثال آخر:

جن، جنون، جنة، جنين.

ما القياس لها؟ أجاب أحد الطلاب إجابة صحيحة ووهبته نصف درجة، (لاحظوا: بدأ الطلاب بالتَّفاعُل؛ فالموضوع أعجبهم، ونصف الدرجة حفزهم على المشاركة)، قال: الخفاء والستر.

قلت: نعم.

الجنّ: كائنات خلقها الله لا ترى بالعين المجرَّدة.

جنون: سمّي المجنون مجنونًا لأنَّ عقله مغطى مستور.

الجنَّة: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

جنين: مغطّى في بطن أمه لا يعلمه إلاَّ الله؛ ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ﴾ [لقمان: 34].

ميزة ثالثة: تقارُب المعاني لتقارب المباني.

هزَّ، أزَّ - قد، قط - قلم، قرم.

ستلاحظون أنَّ هذه الكلمات بينها حرف مشترك وحرف مختلف.

ولهذا عند معرفة معانيها ستجدون أنَّها تشترك في معنى وتختلف في معنى.

يعني: المعني فيه جزء مشترك وفيه جزء منفرد، كما الحروف جزء مشترك وجزء مختلف.

هزّ: التَّحريك بخفَّة (هزَّت الأمّ طفلها).

أزّ: التَّحريك بشدَّة ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزاًّ ﴾ [مريم: 83].

قط: قطع الشيء عرضًا.

قد: قطع الشيء طولا، (نُهي عن قدِّ النَّائحة ثيابها) لأنَّها تقدّها طولاً لا عرضًا.

قلم: قطع الشَّيء الطري، ومنه تقْليم الأظافر.

قرم: قطع الشَّيء اليابس.

تقاربت المعاني لتقارُب المباني، هل في اللُّغات سوى لغتِنا العربيَّة فيها مثل هذا الشيء؟

 

الميزة الرابعة:

كثرة المترادفات، واختِلافها باختلاف الزَّمن.

الجمل مائة مرادف، والأسد ثلاثمائة، والسيف - يا أمَّة العزَّة والكرامة (انظر لهذه اللفتة الجميلة) - ألف مرادف.

فهل في الدّنيا كلّها لغة فيها مترادفات بهذه الكثرة؟

بل تختلف المُرادفات من وقت لوقْت ومن حال لحال.

الجمل تختلف تسمياته باختلاف عمره، ولا يصحّ تسميته في كلّ تلك المراحل من عمره جملا.

عند ولادتِه: سليل، عند فطامه: فطيم، عند الحمل عليه: لبون، عند كبر سنه وعدم قدرته على شيء: كعكع.

مَن قام يصلِّي بالنهار نقول: قام يصلي.

مَن قام يصلِّي باللَّيل نقول: بات يصلِّي، ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ﴾ [الفرقان: 64].

مَن قرعَ الباب نهارًا: من القارع؟

مَن قرعه باللَّيل: من الطَّارق؟ ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾ [الطارق: 1].

الميزة الخامسة:

الحرف في لغتنا العربيَّة له معنى، نعمْ صدِّقوني الحرف له معنى.

مثلا: حرف الجيم يدلُّ على العظمة، أينما كان.

أمثلة لحرف الجيم مع حرفٍ آخر.

جَدّ: سمّي الجد - أب الأب - لعظم مكانته.

جم: الماء إذا كثر وعظم، أو العدد الغفير من النَّاس، "فرأيته في جمّ من النَّاس".

جل: الله عزَّ وجلَّ؛ أي: عظم.

جح: في الجزيرة العربيَّة يسمَّى البطيح الَّذي به استطالة عظيمة جح، ومَن ذهب هناك خبر صدق مقالي.

الآن لنراه في كلمات ثلاثيَّة لنفس الكلِمات السَّابقة:

جدل: شدَّة المخاطبة؛ ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].

جمل: أعظم مخلوق عرفته العرَب.

جلل: ومنه قولهم: (خطب جلل)؛ أي: عظيم.

جحظ: النَّظر بشدَّة، "فجحظت عيناه".

الحرف فرد والكلِمة عائلة، والعربية أسرة لها احتِرامها ومنزلتها، فلماذا نستبدِل الذي هو أدنى بالَّذي هو خير؟!

لماذا نستبدل بالسَّلام عليكم: هلّو وباي، وبآسف: سوري؟!

إلى متى سنبقى نستبدِل الأدْنى بالَّذي هو خير، إلى متى؟!

قام أحد الطلاب: يا أستاذي، لقد أثرت إعجابنا، لكن يبقى السؤال الصعب: كيف يمكننا أن نتكلَّم العربية الفصحى؟

قلت: سأخبركم في محاضرة قادمة إن شاء الله، ومن استطاع منكم البحث عن إجابة وتحصيل جوابٍ له وكتبَه في تقرير، له مني درجة، لاحظوا أني أعطيت في محاضرة واحده ثلاثةَ تقارير!

ملاحظة هامَّة: كتب أحد الطلاب في التقييم الفصلي - أعجبني - ما يلي:

لقد عرفت عن عربيَّتنا وأنا طالب لغة عربيَّة سنة ثالثة ما لم أكن أعرِفُه من قبل، وسمعتُ من هذا المحاضر ما لم أسمعه من أي محاضر من محاضري اللُّغة العربيَّة خلال ثلاث سنوات، وتعرَّفت على كتابَين قيِّمين جدًّا في اللغة: "الخصائص" لابن جني، و "مقاييس اللغة" لابن فارس.

أنهيت المحاضرة بقولي: كلّ ما ذكرتُه وزيادة لمن أحب الزّيادة موجود في مقدّمة كتاب "البلاغة المفترى عليها" لفضل عباس - وقد وفَّرته لكم على الشَّبكة العنكبوتيَّة - و "مقدمة في السيرة التحليلية" لشيخي نزار ريان.

وهم رابع:

في أحد اجتماعات القسم، وكنت أتحدَّث عن اعتراضي على فرض كتاب مقرَّر على جميع المدرِّسين للمادَّة.

قيل لي: طبعًا أنت تريد ألاَّ يكون منهج مقرَّر لتشْطح كيفما تشاء، وتضيِّع محاضرة كاملة في التَّعريف اللّغوي على حساب بقيَّة المادَّة المقرَّرة.

قلت: نعم؛ حتَّى يتعرَّفوا على جمال لغتهم، ويتركوا "ألو" و "هلو"، وأذكرك يا أخي بقول حسن البنا "اجتهد في تكلُّم العربيَّة ما استطعت"، فلا أقل من محاضرة لبيان جَمال عربيَّتنا والحثّ على التكلُّم بها.

أليْست وظيفتنا زرْع القيم في قلوب طلابنا؟!

استِفْسار: كيف عرفوا بما أقوله في محاضراتِي لطلابي؟

الجواب عندكم.

يتبع إن شاء الله...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة والمدرسة، أية علاقة؟
  • من يوميات ابن المعتز: يوم وبعض يوم

مختارات من الشبكة

  • يوميات مدرس (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • يوميات فتيات مسلمات (12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوميات فتيات مسلمات (11)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوميات المترجم(مقالة - حضارة الكلمة)
  • يوميات أمير (قصيدة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صفحة من يوميات مرائي: سوط من سياط الإخلاص: غُرِّي غَيْري، فأنا بكِ أعْرَف!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوميات رمضانية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • يوميات فدائي في قاعدة متقدمة (قصيدة تفعيلة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • يوميات مسجد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ‫يوميات فتيات مسلمات (10)‬‬‬‬‬‬(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب