• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

سلمى وشجرة التوت .. الحكاية الأخيرة (1)

سلمى وشجرة التوت.. الحكاية الأخيرة (1)
محمد صادق عبدالعال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/12/2014 ميلادي - 8/2/1436 هجري

الزيارات: 4693

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلمى وشجرة التوت

الحكاية الأخيرة (1)


صغيرتي (ملك) قالت لي ذات مساء:

يا أبي، عندما أنتهي من إعداد فنجان (القهوة العربية المُرَّة) لك، تكون قد هيَّأْت نفسك لتقصَّ عليَّ قصة سلمى الخامسة والأخيرة.

 

قلت لها: لك ما تريدين يا قرةَ العين، وبالرغم أني لا أحبِّذُ (القهوة العربية المرة)، وقد لا أحب المنبهات بشكل عام، إلا أنني جعلتُها فرصةً لأطَّلعَ في الكتب المركونة والمتراكمة من زمن، فمَن داوم على الكتابة بلا اطِّلاع أفلس، ومن أخلد لما في رأسه تهيَّأَ للبَلادة الفكرية؛ فليكن لكل ذي قلم مرجع وأكثر من كتاب فيه ينظر.

 

فتحتُ المكتبة المتواضعة في بنيانها، الغالية فيما احتوت، فكم من رجال وكتَّاب تعجبُك كتابتُهم، ويوم أن تسمع لهم كأنهم كتب ممنهجة، لا يعملون الفكر ولا القرائح، ولا يوظِّفون المواقف، تحسبُهم أربابًا للمبادئ، وهم دون ذلك!

 

ويحي! ما هذا الإسهاب؟ رحم الله من نظر في كتاباتي واسترسالي وهروبي المفاجئ من مركز الدائرة محور الموضوع ولب الكلام، وإن أقدام (ملك) لتسبقها إليَّ قدومًا.

 

فأطلقت لمقلتي العنان، وقلت لهما:

سيحا في جنَبات المكتبة، ومتى عثرتْ إحداكن على كتاب (حكايات سلمى) فسوف تفوز بلقب (الثاقبة).

 

وقعت اليمنى على الكتاب؛ فاستبشرتُ بها! ولا أنكر لليسرى حقَّها في الاجتهاد، وجلست على مكتبي، وهيأت لقرة العينِ (ملك) موضعَها، وبدأت وشرعت أفتح الكتاب فمرت الأولى والثانية، وضممت الثالثة للرابعة؛ حتى استقرَّ بي المقام في الخامسة، وكان الكتاب قديمًا باليًا يحتاج من المُطَّلع رفقًا في التصفُّحِ والاطلاع؛ فلولا إهابه السميك القديم، لكان من الهالكين من زمن.

 

في الصفحة الأولى من القصة الخامسة والأخيرة من حكايا سلمى أبصرتُ عجبًا؛ رأيت وجهًا صبوحًا مشرقًا في صدر الورق، وكأنه وجه صغيرتي (ملك)، لكنه يبدو أكبر منها سنًّا ومراحل، فابتسمت له! فابتسم لي! وشاركني السعادة، فقبل أن أسألها سؤالي المعتاد، بادرتني قائلة:

أنا (سلمى الخامسة) اجلس واصمت؛ فإن إسهابك ملَّ لأجله القارئ، فحتى متى ستخرج كلَّ ما يعن لك، فتعلَّم الوقارَ والصمت من شيم الرجال.

 

التزمتُ بما أمرتْ، ورفعت يدي طلبًا للسؤال، فقالت:

أعرف ما تريد، وعندما يمتد بنا الحديث سوف أترك لك سعةً من الوقت، تُبدي وجهة نظرك.

 

شكرتها على أية حال، وكانت (ملك) قد جاءت، فقلت لها مستبشرًا:

عندنا ضيف كريم يا (ملك)! فقالت:

على الرحب والسعة يا أبي؛ إذًا عليَّ أن أعدَّ له فنجانًا ثانيًا من (القهوة العربية المُرَّة). أيضًا، برزت (سلمى) من بين طيَّات الورق، وقالت:

شكرًا لك يا (ملك) لقد شربتُ كثيرًا، وأصبح أبوك أولى بأن يشرب هو، ويستعذب (القهوة العربية المرة).

 

قالت سلمى: بعد بسم الله، والصلاة والسلام على صفيه ومصطفاه، أقول:

"كان لجدي وجدِّ أبيك يا (ملك) يا صغيرة، حديقةٌ غنَّاء تفوح في الربيع بأريج الزهور؛ تبشِّر القرية كلها بأيام رخاء وفاكهة كثيرة، مقطوعة في أيام ليست لها، وليست ممنوعة عمن طلبها، حتى إذا اثَّاقَل على الأشجار حملُها، وراحت تئنُّ بها الغصون، صارت دانية القطوف للمقيم والظاعن.

 

ومما نقلوه لنا أن سيدةً مرَّت بجوار البستان يومًا بمِكْتَلها، فأعياها السيرُ به وقد ذخر وامتلأ بشتَّى الصنوف من الفواكه؛ فلا تسأل عما احتمله مكتلها، ولا يطلب من المستظل بأشجار الحديقة أجر الظلِّ، ودام الحال عقودًا وعقودًا.

 

وكانت شوارب الأعمام قد بدتْ تخطُّ بوجوههم - كعلاماتٍ للبلوغ، وإيذانًا بالنضوج - مما حدا بجدِّنا الكبير أن يبادِرَ بزواج الكبير ليرى ذريتَه، وتلاه الثاني، فالثالث، حتى تزوج الجميع وأنجبوا عيالاً كثيرة، فرح بهم جدي فرحة كل كبير بذراريِّه! ولم يكن يدري أن رؤية الأحفاد مؤشرات على اقتراب السفر، لكنه لم يعبأ؛ وإنما أسلَمَ لربِّه الروحَ مِطواعةً طيِّبة، بعدما وصانا بالحديقة وأشجارها خيرًا، وأثنى على المنفقين حال الرخاء والضيق.

 

بدأت رحلته العلوية، وتسلَّم الأكبر من أعمامي مسؤولية الدار قيادةً ومهابة.

 

وفي يوم من الأيام قالت نساء الدار - وكن كُثرًا، ومن شتى البلاد -:

إن أغصان الأشجار لتطغى على النوافذ والشرفات، فهل لكم أن تهذِّبوها بعضَ الشيء؛ حتى يتثنَّى للشمس الجديدة أن تلِجَ الحجرات؛ كان المطلب بذوق عالٍ منهن، فاستجاب الجميع، وتم تقليم الأشجار التي تسدُّ عن الشرفات والنوافذ ضوء الشمس.

 

وكانت (ملك) تتابع باهتمام، فقالت:

إن من الأفضل فعلَ ذلك كلَّ عام؛ حتى يتسنَّى للأشجار أن تنجب أغصانًا جديدة، وأن تتنفَّسَ البراعم الوليدة.

 

ابتسمت (سلمى)! وقالت:

مَن شابه أباه فما ظلم، هل قرأتِ لأبيك ثلاثيَّتَه (ثورة الكراسي)؟

قالت ملك: نعم، ثلاثية جميلة!

قالت سلمى: إن لم تشهدي له، فمن يشهد؟!

 

ثم استطردت (سلمى) تقول:

وكان ما طلبوه واقعًا، وتم إلقاء الأغصان البالية في ركن من الحديقة - وكان كثيرًا اشتمل على كافة أنواع الشجر - ليجفَّ وينظر في أمر التخلص منه.

 

وذات يوم دخل القرية (وافد) استظلَّ بظلِّ البستان، وطلب السُّقْيا، فخرج له الحفيد وسقاه، ثم قال له:

يا ولدي، هل أنتم بحاجة إلى تلك الأغصان؟

الحفيد: لا يا سيدي، لقد قام أعمامي باقتطاعها من أجل أن تسطَعَ الشمس في جنبات الحجرات وفي النوافذ.

 

الوافد: مَن نصح أعمامك بذلك؛ فهي نصيحة غالية؟

الحفيد: أمي، وأزواج أعمامي.

 

الوافد: رائع ما أشاروا به؛ ففيه صحة الأشجار وعافيتها، ثم قال للحفيد:

ألا تسدي لي خدمة؟

الحفيد: تفضَّل، فالبستان تحت أمرك.

 

الوافد: أكلتُ كثيرًا، شكرًا لكم ولجُودِكم، أريد أن أشتري تلك الغصون القديمة يا ولدي؛ أحتاجها.

الحفيد: نحن لا نحتاجها، ويفكر أعمامي في كيفية الخلاص منها، ولكن يتوجَّب عليَّ أن أُعلِمَهم؛ هكذا علمني أبي.

 

الوافد مبتسمًا: ما شاء الله، أنت مهذَّبٌ جدًّا يا بُني!

دلف الولد للدار، وقد أعلم والده وأعمامه، فقالوا له:

اذهب، فقل له: هي لك، لا نبتغي بها مالاً.

فرجع الولدُ إليهم ثانية، وقال في استغراب: إنه يقول لكم: إنه لن يأخذها إلا بحقها.

فخرج أحد أعمامه لهذا الرجل الغريب، وقال له:

سيدي، نحن لا نحتاجها، ويكفي أنك ستخلِّصُنا منها.

 

أقسم الرجل (الوافد) ألا يأخذها إلا بحقها، فرجع العم إلى الأخ الأكبر، فعرض عليهم ما قاله هذا الرجل، فخرج الأكبر سنًّا له، فصمَّمَ الرجل (الوافد) على طلبه، فنزل الأعمام على رغبته نزولاً.

 

قاطعتْها (ملك): هل كان الرجل الوافد غير راشد؛ حتى يعرض مالاً فيما مُنِحَ له مجانًا؟!

قالت سلمى: يا (ملك) يا بُنيَّتي، إن من أدب الحديث الإنصاتَ والانتظارَ حتى يتم المتحدث كلامه، إن قاطعتني ثانية فسيكون عقابك أن تنهضي لإعداد فنجان من القهوة العربية المرة مرة أخرى لأبيك.

 

نظرتُ ساعتَها لسلمى بامتعاض! وقلتُ لها:

كفاني منبهات الليلة؛ ما زال بفنجاني بعض منها.

 

سلمى: لعلَّها أصبحت باردة، هل تنهض قرة العين (ملك) تعدُّ لك غيرَها؟

قلت لها: أتمِّي حديثَك يا (سلمى)، ولا تُسهبي في الحوار؛ فإن لـ(ملك) في الغد مدرسةً وطابورَ صباح.

 

غضت (سلمى) طرْفها، انبرت بين سطورها تستكمل الكلام، وتقول:

قَبِل الرجال أن تُباعَ الغصون البالية، وطلبوا منه عدم البوح بذلك؛ حتى لا يُعيَّروا بها فيما بعد وهم من وجوه البلد، أجزل لهم العطاء، وبالغ في تقدير حجم الغصون البالية؛ حتى ظن بعضهم به مسًّا من جنون أو لوثة، لكن بريقَ المال جعلهم يتغاضون عن ذلك، وقبل أن ينصرف الرجل ببالي الغصون، سأله أحدُ أعمامي: ماذا ستفعل بتلك الغصون؟

 

قال الرجل (الوافد):

أنا في الحقيقة أمتهن (مهنة الطب) وأحاول إعدادَ تراكيب من شتى أنواع الشجر؛ لاستخراج الأدوية الشافية بأمر الله.

رفعت (ملك الصغيرة) أصابعَها طلبًا للكلام، فنظرت لسلمى لتأذن لها، فقالت: تفضلي (ملك).

 

قالت:

ليس لهم أن يتَّهموه بالجنون بعد؛ فإن أسعار الأدوية أحيانًا تكون غالية باهظة الثمن، وكم من دواء نافع يختبئ بين طيَّات المهمل والمتروك.

 

ابتسمت (سلمى القاصَّة) فرحًا بمداخلة (ملك الصغيرة)، وقالت لي:

ستكون (ملك) على درجة من الذكاء والنجابة - بإذن الله - قلت لها بزهو: بُنيَّتي، ما شاء الله كان.

 

ابتسمت (سلمى الخامسة) ابتسامةً عريضة بدتْ أسنانها الجميلة تنير صفحات الورقات، ثم سرعان ما أغلقت عليها، استطردت تقول:

افترش الإخوة الأرض ثم بدؤوا في اقتسام المال بالسويَّة، فصار لكل واحد منهم نصيب موفور، وقد ذهب عنهم الروع في اتهام الرجل بالسفه والجنون؛ حين ذكر أنه يمتهن الطب، والطبيب الباحث لا ينظر للتكاليف قدر ما يعنيه إنجاز النتائج.

 

(ملك) وقد رفعت كفَّها الصغيرة ثانية تطلب الكلام، فابتسمتْ لها (سلمى) برضًا وقبول، فقالت (ملك):

ونسوة الدار كيف استقبلْنَ الخبر، وإن رأيهن سيجعلهن راشدات بعد ذلك؟!

 

قالت سلمى: ما شاء الله يا (ملك)! لديك حدس يفتقر إليه الكبار، بالطبع كان، وزاد توقيرهن والأخذ برأيهن في كل الأمور.

 

لم أستأذن، ولم أطلبِ الكلام مشيرًا بأصابعي - كصغيرتي (ملك) - وإنما قلت جادًّا:

فلتتمي يا (سلمى) الكلام، وماذا بعد؟

قالت (سلمى):

مرَّ العام (انصرم) والعيون التي لم تكن تلتفت إلى الغصون الممتدة بدأت تراقب الغصون والأفرع الزوائد التي يستوجب الإنتاج الجيد للحديقة بترها، وفي موعد لم يخلفه ذلكم (الوافد) أتى للحديقة، وطلب السقيا، فخرج له العم الأصغر، فسلَّم عليه وعرض عليه الرجل (الوافد) عَرْضَ العام الماضي، وأنجزت المهمة إنجازًا، ومضى ولا زال الشرط قائمًا بعدم البوح باكترائها منهم، فقبِل وانصرف.

 

هنا قالت سلمى: هل لي أن أستريح بعض الوقت (يا ملك)، ثم أستعيد ذاكرتي من بين سطوري القديمة، فأخرج لك بقايا القصة؟

 

قالت (ملك): بكل سرور، وسوف أستغلُّ وقت الراحة لك في أن أعد لأبي فنجانًا آخر من (القهوة العربية المرة).

 

لم أعارض، وقلت (لملك): تفضلي بُنيَّتي، ولا تتأخري؛ حتى ننجز، ونسرع لفراش النوم.

 

ولما كنت أنا و(سلمى الخامسة) وحدنا، قلت لها: ألا تنجزين في النصِّ؛ فالقصة أقصر من هذا التطويل والإسهاب، أم تريدين استعراض البيان والبلاغة في حضور (ملك)؟ إنها لا زالت صغيرة لا يعنيها الترادف الكثير، ولا كثرة التبرير، قدرَ ما يعنيها الحدث والنهاية المغلقة.

 

قالت (سلمى الخامسة):

عجيب أمرك! ألا ترى في التطويل والتبرير حجةً لك فيما صرت إليه؟ لو تريد أن ألقي لها الأحداث جُملة واحدة لفعلت؛ لكن ماء وجهك الرائق سوف يزول، وتعلم أنك مسؤول، أترضى أن تقول عنك قرة العين (ملك): إنك متخاذل، وشريك في التنازل، وبتر البستان ومبادلة الأغصان بالطعام والزاد؟

 

لم أردَّ، وسكت حتى كاد الصمت يقتلني، وتمنيت لو تأتي (ملك) فتكسر شوكته، وتحيل الحالة إلى إنعاش وانتعاش.

 

وبالفعل جاءت (ملك) وقالت لي:

يا أبي، نفدتْ (القهوة العربية المرة) من مطبخنا، فأعددت لك كوبَ الحليب الدافئ أفضل.

 

قالت سلمى: مطلبُ أبيك (يا ملك)؛ خيرًا فعلتِ.

أمسكتُ بكوب الحليب، وبدأت أشرب منه وأرتشف؛ لعله يُذهِبُ عني غَضاضة ومرارة (القهوة المرة)، ولَسَعات سلمى المستمرة.

 

فلتتمي حديثَك يا (سلمى).

قالت: ودام الحال سنوات طويلة، اعتاد البائع والمبتاع منه على نفس المتاع، وكانت نساء الدار - سامحهن الله - يسرفْنَ في الحديث عن مضارِّ الظل، فتستجيب لهن آذان الأعمام؛ فيزداد البتر عامًا بعد عام، وبدا ذلك ملحوظًا في الإنتاج والإخراج.

 

وفي سنة من السنوات تخلَّف (الوافد) عن الحضور، بينما كانت الغصون تنتظره ككل عام، فبدأ الأعمام يتساءلون:

لماذا تأخَّر هذا (الوافد)؟ وبدأت الهواجس تنهش في صدروهم يومًا بعد يوم.

 

وكان أعمامي - سامحهم الله - يخفون الخوف والقلق من غياب الرجل، لكن تصرفاتهم كانت كاشفة لهم.

 

وكبير البيت وخليفة جدي الراحل متحير! لكنه القدوة والمثل، فأبى أن يصرِّح، لكنه قال مظهرًا عدم الاهتمام:

ألا تذكرون ذلك (الوافد) الذي كان يشتري منا الغصون الجافة وزوائد الشجر؟

 

قالوا: نعم، لمَّا يأتِ هذا الرجل هذا العام، لعلَّه مات!

 

كبير الإخوة: علينا أن نسأل عنه؛ فلقد تعرفنا إليه وصار من أصدقائنا، ربما يكون مريضًا، أليس كذلك؟

قال باقي الإخوة بلسان واحد: بلى هو ذلك.

 

وقالت النسوة: تلك أخلاق الرجال.

قال أكبر أعمامي: لتذهب أنت يا أصغر إخوانك، تسأل عنه وترى ما سبب غيبته، وتكون الزيارة خالصة لله.

 

قالت (ملك): باهتمام، وماذا بعد؟

قلت بحزم وأنا أضم دفتي الكتاب، فأقطع على (سلمى) دابر المواصلة: ليس بعدُ يا (ملك)، لنكمل في الغد، فلديك مدرسة وطابور صباح، وتحية العلم.

 

قالت ملك: لكنك لم تستأذن (سلمى) يا أبي في الانصراف.

قلت: لا عليك بنيَّتي، هي تعلم عذرنا، وهي معتادة على ذلك، هي ليست مثلنا، ولا تخرج عن كونها قاصَّة تمرُّ بين السطور، في الغد إن شاء الله سنتمُّ حديثَنا.

 

قالت (ملك): في حضور (سلمى) يا أبي؟ فنزلتُ على رغبتها، وقلت: لك ذلك.

 

وللقصة بقية وجزء ثانٍ....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلمى وشجرة التوت.. الحكاية الأخيرة (2)
  • سلمى وشجرة التوت .. الحكاية الأخيرة (3)

مختارات من الشبكة

  • حكايات سلمى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكايات سلمى (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حوار بين شجرتين: شجرة الصنوبر، وشجرة الدباء ( القرع )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكاية الشعرية: حكايات أحمد شوقي نموذجا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • القلب السليم (إلا من أتى الله بقلب سليم) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التركيب النحوي في شعر زهير بن أبي سلمى(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دار سلمى (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سلمى (شعر)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نعمة القلب السليم وقوله تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • القلب السليم (إذ جاء ربه بقلب سليم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب