• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

سجود الشكر

مصطفى شيخ مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2010 ميلادي - 18/3/1431 هجري

الزيارات: 9959

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
كان الأمْيَزَ بين إخوانه وأخواته، فهو الوحيد الذي اجتاز امتحان الثانوية بنتيجة شبه كاملة، مكَّنته من الدخول إلى كلية الطب، لقد كان الأول في المرحلة الابتدائيَّة، والإعداديَّة والثانويَّة على أقرانه وجيرانه.

كان فرحة أبيه الذي قالها مرارًا: "إن (رزوقي) يعدل أبناءه كلهم ذكورًا وإناثًا".

الجدُّ سمته، والدأب صفته، والنجاح دربه، سار حيث يسير، كأنهما قرينان.

فضلاً عن ذلك كله، كان طيبَ القلب، بسيط المظهر، تعلوه بسمة لا تفارق محيَّاه أبدًا، دائم الطاعة لمولاه وأبيه وأمه، مرضي.

مضى عام، ثم عام، ثم عام، ومضت بعد الأعوام أيام وشهور، ليجد نفسه في الكلية بين الأوائل العشرة، ينتظرهم نجاح كبير، وفرح عظيم، فهم صفوة الكليَّة، ورواد منتسبيها، وعِلية الطلاب فيها، درجاتهم مميزة، وصفاتهم كذلك، وتصرفاتهم أفضل وأرشد.

لرزوقي جارةٌ تدرس الأدب في الجامعة، العفاف والحياء شيمتها، والفهم والمعرفة طابعها، كأنها مزجت بمعرفة، وصيغت من فهم وعلم، صاحبة دين، ذكية، عرضتها عليه أمه وأخواته: نفرح بك في العام القادم، أنت في السنة الخامسة، وهي في نهاية السنة الرابعة، يبقى لك عام، ويبقى لها نتيجة هذا العام، تخطب وتدعو المعارف والأصحاب لعقد الزواج، ونتمم الفرحة، كل شاب مآله إلى الزواج، ولا أفضل من هذه الطيِّبة المتعلِّمة، ذات المنبت الحسن، والشكل الجميل.

• أنظر في أمري.
• تنظر؟! لا بأس، ولكن أريد جوابًا في أيام، كثرة الدرس لا تفيد.

فتحت الأم عين ابنها رزوقي على أمر لم يفكر فيه، فقد عهد عنه رفاقه أنه لم يكن يرى رفيقاته في الجامعة، وقد جمعتهم فئة واحدة، ثم إنه يريد أن يتمَّ دراسته، فهناك أعوام قادمة للتخصص في مجالات من مجالات الطب.

وهناك أمر آخر يواجه هذه الفكرة، أما يكفي أن أهله يتكلَّفون بمصروفه وإعالته، حتى يجلب لهم أخرى ويكلِّفهم نفقتها؟

كان القرار بالإيجاب لا يختلف عن قضم الصوان في شيء، أو هكذا بدا له، لكنه في قرارة نفسه كان أميل للإيجاب؛ فقد رأى أنَّ ذلك أحفظ له في زمن تعملقت وبرزت فيه الفتن في كل صوب وناحية، خاصةً وقد بدأ دروس الطب العمليَّة، والتي تتطلب معاينة المرضى ذكورًا كانوا أم إناثًا.

في اليوم التالي أبصر عمودًا من سواد أمامه، ولعلها من المرات القليلة التي فكَّر فيها: مَن تكون هذه الفتاة التي جلببها السواد، حتى أخمص قدميها وهي تحمل كُتبًا ودفاتر، مما يحمله طلاب الجامعة؟ فقال في نفسه: لعلَّها الجارة التي زكَّتها أمي لي، ولعلها غيرها.

تابع سيره يحمل همًّا أُضيف للثوب الأبيض الذي يحمله طلاب الطب عادةً، بالإضافة إلى رزمة ليست بالخفيفة من الكُتب والدفاتر، اقترب من موقف الحافلة، صعد، وصعدت، ثم انطلقت الحافلة، لتقف في كل موقف، وتنطلق من جديد، وقبالة كلية الآداب وقفت الحافلة، ونزلت الفتاة تحمل معها ما تحمل من الستر والأدب، لتغيب في زحام الشارع.

لكنها صورة مغايرة لقريناتها من الطالبات اللاتي أبدين محاسنهُنَّ، ولم يخفين منها شيئًا، نهارًا، جهارًا، وكأنهُنَّ عارضات أزياء، أو ممتهنات فن، أو بَطلات رياضة.

مضت الأيام والقرار بالموافقة يتأرجح صعودًا ونزولاً، وشعوره بالغربة في مجتمع اختار التحرُّر والانعتاق، وتعاظمت أعواد الفتن، التي تنتظر كل مائل زائغ، تتربَّص بالشباب، كصيَّاد كمن للطرائد تُريد مناهل المياه.

أفاق في الليل، قام وتوضَّا، وصلَّى ما شاء الله له أن يصلي، وفي سجوده اقترب من باب خالقه ودعا دعاء المستجير، ثم خلد إلى النوم.

بدا الأمر في بدايته كدعابة، ثم انتقل إلى الجدِّ في اليقظة والنوم، ما كان يريد أن يخالف أمه وأباه، وما كان يريد أن يقع في شرك وقع فيه الكثير من أقرانه، فما أراد إلا السلامة، السلامة في الدنيا التي توصله إلى النجاة في الآخرة.

أجاب مطالب الأهل، على أن يكون عقد القران بعد الامتحانات مباشرةً.

استمرَّ الاتِّفاق والوفاق بينه وبين عروسه، ونمت أواصر المحبة، حتى تشابكت، وغرفا من مياه الأمل، حتى ارتويا، وحتى بدا لهم المستقبل يَعد بالمسرَّات والأفراح، فكانت صورتها لا تفارقه، وكانت صورته قبالتها، إذا التفتت رأتها، وإن سارت أبصرتها.

تحسَّن أداؤها في الجامعة، وتحسَّنت درجته على أقرانه، وما هي إلا شهور، حتى يجمعهما الرحمن جمع خير وبركة، كانت المسافة الزمنية الفاصلة بينهما وبين الزواج أكثر من عام، لكنهما كانا يقولان: إنها شهور؛ تَيَمُّنًا باقترابها.

وفي يوم من الأيام، وهو في الحمَّام يغتسل غسل الجمعة، تحسس تحت إبطيه كُتَلاً صغيرةً، حَسِب أنها في جانب واحد ثم علم أنها في الجانبين، هذه الكُتَل جديدة، لم تكن من قبل، يا إلهي! ما هذا ؟! ماذا أفعل؟

استغفر واستغفر، ثم قال: غدًا في المشفى أستشير أحد الأطبَّاء من أساتذتي الكرام، ولكن لا بد من إجراء خزعة.

جاءت الاستشارة موافقة لرأيه، طلب منه أستاذه أن يدخل المشفى لإجراء الخزعة.

في مشفى الجامعة جلس ينتظر نتيجة الخزعة، ثم جاءت النتيجة، والتي أظهرت إيمان الدكتور رزوقي.

النتيجة ورم في العقد اللمفاوية يُدعى (هودشكن لمفوما)، الإنذار سِّيئ؛ حيث طلب أستاذه المشرف استشارةً من أستاذ أمراض الدم، أخذ هو الآخر خزعة درسها، النتيجة (نن هودشكن لمفوما).

اختلفت الآراء حول المرض، وإن كان إنذار أحدهما أسوأ من الآخر، ولكنها نتيجة واحدة، ورم خبيث يقضي على صاحبه في فترة تمتد من نصف عام إلى عام ونصف على التشخيص الآخر.

كان الخبر يمكن أن يعصف بالشاب وبحياته، خاصةً أنه على أبواب التخرُّج، فهو يعرف ماذا تعني هذه العبارات.

زاره رفيقه الدكتور (مازن) واستبشر خيرًا، فقد وجده والبسمة لا تفارقه، فظنَّ أنَّ نتيجة الخزعة جيدةٌ، تشجَّع وسأله: أظهرت نتيجة الخزعة؟
• نعم، إنها في الطبلة، دونك فاقرأها.

لم يستطع أن يكملها الدكتور (مازن)، حتى بدا الحزن على محيَّاه، فالأمر خطير جدًا، النتيجة محبطة.
• يا إلهي! التشخيص (هودشكن لمفوما)!
رزوقي: لا عليك يا صديقي؛ إنها مجرد ورقة لا تُحيي ولا تُميت.

ظنَّ الدكتور (مازن) أنَّه هو المصاب بالمرض، وأنَّ الشاب (رزوقي) هو من يخفف عليه مصابه، فهو يحدثه والبسمة لا تفارق وجهه، لكنه توجَّه إلى صديقه الدكتور (مازن) قائلاً: فليبق الأمر سرًّا فقط؛ لأني لا أريد أن يعرف الأهل - أمي وأبي - بالقصة.
• كما تريد يا صديقي.
• لكنني سأخبر خطيبتي بالأمر.

خرج من المشفى ليعود إلى البيت، وليعود إلى دراسته، وكأن أمرًا لم يكن، يذهب إلى الجامعة كل يوم كما هي العادة، في الطريق صادف خطيبته، اقترب منها قائلاً: أريد أن أراك لبعض الوقت لأمرٍ ضروري.
• كما تشاء يا عزيزي، عندي فراغ ما بين الثانيةَ عشرةَ، والثانيةِ ظهرًا.
• إذًا؛ أراك في الثانية عشرة قُرب المدرَّج الكبير في كُلِّيتك.

حضر محاضراته، وتوجَّه إلى المدرج الكبير في الموعد، توجَّه الاثنان إلى ساحة الكلية، وجدا مقعدًا فارغًا، جلسا عليه.

• أين كنت بالأمس وقبله؟ لم أرك!
• كنت بالمشفى.
• سلامتك، خيرًا، ماذا هناك؟
• خضعت لفحص أشار عليّ فيه أستاذي، لا أخفي عليك، هناك كُتَل صغيرة تحت الإبط، طلبوا مني إجراء خزعة.
• ماذا كانت النتيجة؟
• النتيجة ورم لمفاوي خبيث.

اسمعي يا غالية! أنا أحدثك بالأمر ولك الخيار، هذا الورم يستنزف حياة الإنسان في فترة لا تزيد عن عام ونصف، ما أريد لكِ أن تربطي حياتك بشخص يموت بعد أشهر، بالنسبة للأهل أنا لم أخبرهم بالمرض، ولكني أفتعل قصةً لخصام بيني وبينك ويكون الطلاق، ويا دار ما دخلك شر.
• ماذا تقول أيها الغالي؟!
• ما سمعت.
• تعطيني العهد أن تفعل ما أريد؟
• ما أريد إلا سعادتك.
• أعطني العهد الذي طلبت.
• لك ذلك.
• اسمع يا رزوقي، نتزوج في الحال في أقرب وقت ممكن، ونرضى بما قسمه الله لنا؛ علَّ الله يرزقني منك بغلام، ثم إن هذا الذي تقول لا يعدو أن يكون رأي بشر، والأعمار بيد الله.
• ونعم بالله، لكنَّ ما تفعلين انتحار.
• المؤمنون عند عهودهم وشروطهم.

أخبر رزوقي أخاه الذي يعمل في الغربة بما حدث، وطلب منه أن يخفي ذلك عن أبيه وأمه وأنه ربما سيتزوج في غضون شهر، ودعاه إلى حفل الزفاف الأُسري المتواضع الذي سيقيمه.

فوجئ الجميع بقرار الزواج المفاجئ، وتمت الإجراءات بسرعة، وكان التيسير مرافقًا لهما في هذه الخطوة، فلم يمضِ شهران، حتى كانا في عش الزوجية طالب وطالبة، عروسان ينعمان، فقد أضحى لرزوقي زوجة.

ومضت الأيام، وتقدَّم لامتحانات التخرُّج النهائي، وأصبح دكتورًا، نال ذلك اللقب، وكأن أمرًا لم يحدث.

لم يمض كثير وقت حتى كانت حاملاً، ملأت الفرحة كيانها وأصابها ما يصيب النساء في الشهر الثالث للحمل.

أنهى الدكتور رزوقي الامتحانات النهائيَّة بدرجة جيد جدًّا، ونال شهادة في الطب تمكِّنه من ممارسة المهنة.

توجَّه إلى مواقع القرار، فمرضه يعفي صاحبه من الخدمة العسكريَّة، تقدَّم بنتائج الخزعة، لم يكتفوا بذلك، بل أخذوا له خزعةً جديدةً، جاءت النتيجة ذاتها (هودشكن لمفوما)؛ أي: ورم لمفاوي خبيث.

أُعفي من الخدمة الإلزاميَّة في الجيش، وصدر القرار، لكن الدكتور الشاب (ياسر) المختص بالتشريح المرضي من فرنسا، قال للدكتور رزوقي: أستاذي في باريس اختصاصي في التشريح المرضي، وأريد أن أرسل له الخزعة؛ ليقوم بدراستها، أحببت أن أخدمك يا دكتور علَّ - وهو يحدث نفسه متمثلاً : علَّ وما علَّ بنافعةٍ، ولكن آحاظٍ قسمت وجدود - التشخيص يتغيَّر.
• حسنًا كما تريد يا دكتور.
• يمكنك أن تراجعني هنا في المشفى بعد شهر أو شهرين.

أمضى الدكتور رزوقي حياته بشكل طبيعي، وتقدَّم للاختصاص، كأي طالب تخرَّج من كلية الطب، وحجز لنفسه مقعدًا في الاختصاص؛ ليكون طبيبًا مخبريًّا، والتحق بتخصصه.

ما هذه القلوب المؤمنة الطيبة الواثقة من قدر الله، والراضية بما رضي الله لها؟!

إنها لقصة تحبس الأنفاس، شاب يهدده المرض بالموت، وشابة في مقتبل العمر، وميعة الصبا، تشارك زوجها وتعينه راضيةً سعيدةً، بل وتحمل همَّه معه.

بدأ بطنها بالانتفاخ شيئًا فشيئًا، حتى لم يعد بالإمكان إخفاء الحمل على الأهل والأقارب، كل ذلك والأم والأب - سواء أمها أم أمه، أبوها أم أبوه - لا يعرفون بمرض الدكتور رزوقي، ولا بمصيبته.

دب المغص في أحشائها، وجاء نوبيًّا كل نصف ساعة، ثم تقاربت نوبته، أهي الولادة؟ نقلها زوجها إلى المشفى النسائي؛ إنها بداية المخاض، أدخلت غرفة الولادة، لم يمض وقت كثير حتى خرجت الممرضة: مبروك يا دكتور، أنجبت ذكرًا، ثم عادت وغابت في غرفة الولادة، ثم خرجت لتجد الدكتور رزوقي ساجدًا لله على نَعْمَائه، انتظرته حتى أنهى سجدة الشكر.

• دكتور دكتور، مبارك أنجبت ذكرًا.
• كأنك نسيت، منذ دقيقة قلت لي أنها أنجبت ذكرًا.
• لا، لم أنس يا دكتور، لقد أنجبت زوجتك ذكرًا آخر، أنجبت توءَمًا.

عادت إلى غرفة المخاض، وعاد إلى سجوده؛ ليشكر الله على نَعْمَائه.

ذهبا إلى المشفى زوجان: زوج وزوجة، وعادا إلى البيت أسرة، عطاء الله ماله حدود.

عاش محنته أمانًا فكان له الأمان، وعاشها صدقًا وحُبًّا، فكان له الحب والحنان، بَقِي أن يعود إلى الدكتور (ياسر)، فقال في نفسه: ولم العودة؟ أيذهب أم لا يذهب؟ كان في قرارة نفسه أقرب إلى ألا يذهب، وقد تصالبت الآراء كلها على أن حالته (لمفوما خبيثة)، رأي الطبيب المختص بالتشريح المرضي أستاذه في الجامعة، ورأي طبيب أمراض الدم أستاذه في الجامعة، ورأي اللجنة الطبية العسكريَّة الفاحصة، فما جدوى الذهاب؟

وفي غفلةٍ عن عقله وحساباته، لم يجد نفسه إلا في المشفى العسكري، حيث مقر اللجنة العسكريَّة، يقلب النظر في الوجوه، وما إن لمحه الدكتور (ياسر)، حتى صاح بأعلى صوته: أبشر يا دكتور رزوقي، أبشر.

سمعه كل من في المشفى، حتى رئيس اللجنة، اقترب منه.

الدكتور رزوقي: ما الأمر يا دكتور ياسر؟ لا بد أنك تمزح.

اقترب منهما رئيس اللجنة، وأنصت للدكتور (ياسر) وهو يقول: مبروك، مبروك، لقد جاءت نتيجة الخزعة، أتعرف أيها الدكتور ماذا كانت نتيجة التشخيص؟
• لا، لا أعلم.
• التشخيص التهاب مزمن في العقد اللمفاوية، يماثل في الصورة النسيجيَّة (اللمفوما)، وهو مرض لا يحتاج إلى علاج، ولتمييزه عن (اللمفوما)، يحتاج إلى ملونات خاصة لا توجد إلا عند أستاذي في باريس، والذي قارب الثمانين، وهو اختصاصي في التشريح المرضي للعقد اللمفاوية فقط لا غير.
الدكتور رئيس اللجنة: سنعيده إلى خدمة العلم.
دكتور ياسر: لا يمكنك إعادته؛ لأنك لو أخذت الآن خزعةً، وأعدت الفحص النسيجي، لكانت الصورة النسيجيَّة صورة اللمفوما (هودشكن)، أو (نن هودشكن)، وهو مرض يعفي صاحبه من الخدمة الإلزاميَّة.

فيما كان الدكتور (ياسر) يجادل عن الدكتور رزوقي رئيس اللجنة، اتَّجه الدكتور رزوقي إلى القبلة وسجد شاكرًا لربِّه.

لم يمض على الولادة إلا فترة الطهر من النفاس وأشهر الحمل، حتى كانت الزوجة الشابة المؤمنة بقضاء الله وقدره في مشفى التوليد برفقة زوجها الدكتور رزوقي، دخلت غرفة المخاض، وجلس الدكتور رزوقي ينتظر وينتظر، حسب أن الساعة التي انتظرها، ريثما فتح باب غرفة المخاض دهرًا؛ لتخرج الممرضة: مبارك يا دكتور، لقد أنجبتْ زوجك زوجًا من الذكور، حمدًا لله على السلامة، وتوجَّه إلى القبلة ثم سجد.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليقين ضد الشك (1)
  • اليقين ضد الشك (2)
  • اليقين ضد الشك (3)
  • فلولا تشكرون
  • أصبحوا وأمسوا لله شاكرين تائبين .. فنعمه لا تحصى
  • الشكر لله وحده
  • السامدون
  • لحظات الشكر
  • سجود الشكر: مشروعيته وصفته
  • الشكر معناه وصلته

مختارات من الشبكة

  • سجود الشكر: آداب وأحكام (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ملخص أحكام سجود (التلاوة - الشكر - السهو)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الشكر وجزاء الشاكرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سجود السهو والتلاوة والشكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سجود التلاوة والشكر(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حكم سجود اللاعبين للشكر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملخص: حكم سجود اللاعبين للشكر عند فوزهم أو عند تسجيلهم للأهداف(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم سجود اللاعبين للشكر عند فوزهم أو عند تسجيلهم للأهداف(مقالة - ملفات خاصة)
  • المسلم وشكر الله على نعمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
6- الملك لله بتصرف به كيف يشاء
عبد الرحيم - syria 29-05-2010 11:12 AM

إني أعلم بعض جوانب هذه القصة وأشهد بصدقها
وجزاك الله خيراً إذ ذكرتني

5- جميله ومؤثرة
متلألئة في الأفق - السعوديــــة 07-03-2010 08:51 PM
بها صور رائعة فعلا جميلة ومؤثرة ...إيمان بقضاء الله ...وفاء وتضحية...والأهم هو اليقين بقدرة الله سبحانه حينما نؤمن بالقضاء بقلب لاتأتية ادنى شك بعظمته فقدرته تفوق اي قدره ...
4- شكر وطلب
الفصيحة بنت العرب - من ربى نجد 06-03-2010 02:03 PM
بارك الله فيك ...
وحقًا هذه القصة تفيض باليقين والاطمئنان ...

لكنا لا نزال ننتظر جديد صياغتك لتراثنا الممتع ؛ فلا تطل تأجيله !

وفقك الله لما يحب ويرضى ، ورزقك الإخلاص في القول والعمل .
3- عطاء الله ما له حدود
شمس - مصر 06-03-2010 10:20 AM
"لئن شكرتم لأزيدنكم" ، شكر الله وسجد له وذكره ، فلم ينساه المولى تبارك وتعالى .
قصتك ملأت قلبى إيمانا اكثر واكثر بوجود الله وعظمته ، وإن الله أقرب إلينا من حبل الوريد
جزاك الله خيرا وبارك لك أخى مصطفى
وجعل كلماتك هذه فى ميزان حسناتك إن شاء الله
2- زادكم الله إيمانا كما زادتنا قصتك إيمانا
أم مارية - مصر 05-03-2010 12:00 AM
بارك الله ما شاء الله زادكم الله إيمانا كما زادتني قصتكم إيمانا وتفاؤلا. لكن لي سؤال، هل هي قصة خيالية أم حقيقية؟
1- قصة مؤثرة
صابر رفيع - السعودية 04-03-2010 03:53 PM
قصة مؤثرة جياشة بالإيمان
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب