أين أنت؟ (اختيار وتشطير)

أين أنت؟

(اختيار وتشطير)

(أيامُ عُمْرِكَ تَذهبُ)

وأراكَ فيها تلعبُ

فأفِقْ فأنتَ مراقبٌ

(وجميعُ سَعْيكَ يُكْتَبُ)

(ثم الشهيدُ عليكَ مِنْ)

كلِّ الذي تتكَسَّبُ

تلك الجوارحُ وهي مِنْ

(كَ فأينَ أينَ المَهْرَبُ؟)[1]

• • •

(فتنٌ أقبلتْ وقومٌ غفولُ)

ومآسٍ حارتْ بهنَّ العقولُ

وعوادٍ عدتْ وطالتْ وجالتْ

(وزمانٌ على الأنامِ يصولُ)

(ركدتْ فيهِ لا تريدُ زوالاً)

وانتقالاً فليلُها فيهِ طولُ

أينما كنتَ فالصلاحُ قليلٌ

(عمَّ فيها الفسادُ والتضليلُ)

(أيها الخائنُ الذي شأنُهُ الإِثْ)

مُ ونيلُ المتاعِ: حانَ الرحيلُ

ذهبَ العُمْرُ في الخسارةِ والظُّلْ

(مِ وكسبِ الحرامِ: ماذا تقولُ؟)

(بعتَ دارَ الخلودِ بالثمنِ البَخْ)

سِ فأنتَ المُغَفَّلُ المَخبولُ

كيف ترضى عن السعادة بالنَّحْ

(سِ بدُنيا عمَّا قريبٍ تزولُ)[2]

• • •

(تولَّعَ بالعشقِ حتى عشِقْ)

وما زالَ يطرُقُ حتى طُرِقْ

تدرَّعَ بالصبرِ قبلَ الأوان

(فلمَّا استقلَّ به لم يُطِقْ)

(رأى لجةً ظنَّها موجةً)

فراحَ إلى مائِها يَسْتبِقْ

وأقبلَ جهلاً يعومُ بها

(فلمَّا تمكَّنَ منها غرِقْ)[3]

• • •

(صحِّحِ النيةَ إنْ رمتَ العلا)

ترشفِ الآمالَ منها يا أُخَيْ

وإذا ما كنتَ فيها مُخْلِصاً

(تصلِ الحضرةَ في نشرٍ وطَيْ)

(هيَ معراجُ قلوبِ الأوليا)

وهْيَ - ما هاجَ الظما - للقلبِ رَيْ

ليس يُجدي عملٌ مِنْ دونِها

(فاتَّخذْها أولاً في كلِّ شَيْ)[4]

• • •

(زمانٌ كلُّ حِبٍّ فيه خَبٌّ)

وعهدُ الناسِ كِذْبٌ واختلاقُ

صديقُكَ كلُّه صدأٌ وزيفٌ

(وطعمُ الخِلِّ خَلٌّ لو يُذاقُ)

(لهمْ سوقٌ بضاعتُهُ نِفاقٌ)

وماءُ وجوهِهِمْ أبداً مُرَاقُ

إذا ما كنتَ حُرَّاً متَّ قَهْراً

(فنافِقْ فالنِّفاقُ له نَفَاقُ)[5]

• • •

(يا مطولاً بالقيامِ)

وشغوفاً بالكلامِ

تصرفُ العُمْرَ ضياعاً

(مُسْتلِذاً بالمنامِ)

(قُمْ فقد فاتكَ يا)

مسكينُ آمالُ العظامِ

وتولَّتْ عنكَ يا

(مغبونُ أرباحُ الكرامِ)

(وخلَوْا دونَكَ بال)

لَيْلِ وجدُّوا بالقيامِ

سَعِدوا إلاكَ بال

(مَولى وفازوا بالمرامِ)

(وكذا يسبقُكَ النْ)

ناسُ إلى أعلى مقامِ

وغداً يتركُكَ ال

(قومُ إلى دار السلامِ)[6]

• • •

(بادرِ الفرصةَ واحذرَ فوتَها)

إنما الفوتُ همومٌ وغصصْ

وانتهضْ للعزِّ واعملْ دائباً

(فبلوغُ العزِّ في نيلِ الفُرصْ)

(إِنَّما الدُّنْيَا خَيالٌ عارِضٌ)

ثم يمضي مثلما تمضي القصصْ

إنَّها حقاً كبرقٍ خاطفٍ

(قلَّما يبقى، وأخبارٌ تُقَصْ)

(فابتدرْ مسعاكَ واعلمْ أنَّ مَنْ)

ترَكَ المَسْعى إلى الخيرِ نقَصْ

لا تكنْ في العيشِ مِكسالاً فمَنْ

(بادرَ الصيدَ مع الفجرِ قنَصْ)[7]

• • •

(ألا قلْ لمَنْ كان يهوى سوانا):

أمَا خفتَ فيما هويتَ الهَوانا؟

ومنْ كان في شأنِهِ هكذا

(هواهُ حرامٌ، ولكنْ هوانا)

(ومَنْ كان يبغي رضا غيرِنا)

وينتظرُ الخيرَ ممّا عَدانا

يؤمِّلُ جهلاً سوى بِرِّنا

(له الويلُ أخطا، ولكنْ رضانا)

(ألا قفْ وخيِّمْ على بابِنا)

وشمِّرْ منَ الليلِ والزمْ دُعانا

ولا تلتفِتْ هاهنا أو هُنا

(ترَ الخيرَ منَّا جهاراً عيانا)[8]

[1] البيتان للفقيه الزاهد القاسم بن فتح الأندلسي (ت: 451هـ). من "تاريخ الإسلام" للذهبي (10/22).

[2] الأبيات الأربعة للعابد الصالح أبي بكر عتيق بن علي السمنطاري (ت: 464هـ). من "معجم البلدان" (3/254).

[3] البيتان لبعضهم، من كتاب "ذم الهوى" لابن الجوزي ص 302.

[4] البيتان مِنْ ديوان "مشكاة اليقين ومحجة المتقين".

[5] البيتان للزمخشري مِنْ ترجمته في آخر "الكشاف".

والمقصودُ من البيتين تقبيح الكذب والنفاق كما هو ظاهر.

[6] الأبيات الأربعة في "المدهش" لابن الجوزي (1/321)، ولا أعرفُ قائلها.

[7] الأبيات الثلاثة من قصيدة للشاعر محمود سامي البارودي في "ديوانه".

[8] الأبيات الثلاثة للشيخ الصالح علي بن محمد بن غُليس اليمني المُتوفى بدمشق سنة (٥٩٨هـ).

من "الوافي بالوفيات" للصفدي (22/112).

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي