• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة
علامة باركود

فجر آبق في أروقة البلدة القديمة - رواية (الفصل الخامس)

فجر آبق في أروقة البلدة القديمة - رواية (الفصل الخامس)
د. زهرة وهيب خدرج

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/2/2016 ميلادي - 27/4/1437 هجري

الزيارات: 4130

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فجر آبق في أروقة البلدة القديمة

الفصل الخامس - عادل العلمي وبقية الأحزان

 

عادل العلمي رجلٌ هادئ الطباع، لين المعشر، ودود لا يحب المشاكل، إلا أن المشاكل تحبه على ما يبدو وترغب بقربه دائماً، فهو يعمل في شركة للمحاسبة منذ ستة أعوام، مقرها في شارع صلاح الدين في القدس، يحمل شهادة في المحاسبة وإدارة الأعمال واجتاز الكثير من الدورات في المجال نفسه، إلا أنه قد واجه الكثير من المشاكل حتى تمكن من الحصول على وظيفته، والسبب أنه عربي!! صحيح أنه يعمل بجد أكثر من أي موظفٍ آخر في الشركة، إلا أنه مهدد بالفصل من عمله بسبب الضرائب التي لم يعد بإمكانه سدادها بسبب ضخامتها، فضريبة الأرنونا وحدها تحتاج منه أن يدخر مرتب ستة أشهر كاملة كل عام حتى يدفعها لسنة واحدة، فما بالك إذا وضعنا الضرائب الأخرى فوقها؟ وراتبه بالكاد يكفيه وعائلته حتى نهاية الشهر على الرغم من صغر عائلته، ومن شبه المستحيل أن تعطيه بلدية القدس رخصة لفتح مكتب خاص به للمحاسبة يعمل به عساه يحسن من وضعه الاقتصادي.

 

تراكمت الضرائب عليه على مدى سنوات عدة، وأصبح من رابع المستحيلات تسديدها... وأصبح البيت ضحية مستباحة لمداهمات الشرطة المتكررة، ومصادرة كل ما يحتويه من متاع متواضع، لدرجة أن أفراد العائلة أصبحوا في بعض الأوقات ينامون على الأرض بعد أن يصادر أفراد الشرطة الأسِّرة التي ينامون عليها، ولا يجدون أدوات يتناولون طعامهم فيها، الأمر الذي جعل السيد عادل مشوشاً ومضطرباً طوال الوقت.

 

قبيل ظهيرة ذلك اليوم، عاد عادل إلى البيت تكسو وجهه ملامح الحزن والأسى، محمل بأخبار سيئة تثقل كاهله، استقبلته زوجته وقد أدركت على الفور أن هناك خطباً ما ألم به، إذ ليس من عادته العودة مبكراً جداً هكذا، كما أن ملامح وجهه لم تكن تبشر بخير، حاولت أن تخفف عنه بابتسامتها القلقة، صنعت له فنجاناً من القهوة، ثم سألته بخوف: " خيراً إن شاء الله، ماذا جرى؟؟؟"

 

سادت فترة صمت قصيرة شعرت بها ميساء كأنها ساعات طويلة، كسرها عادل بصوته الحزين قائلاً: " تم تسريحي من العمل".

 

شهقت ميساء وأخذت تبكي... وأكمل عادل حديثه قائلاً:

"لم يتوقف الأمر على فصلي من العمل" تنهد مطولاً ولاذ بالصمت... فعاجلته ميساء متسائلة: ماذا هناك أيضاً؟ أجاب ببطء بعد فترة من الصمت الحزين:" إن لم أقم بدفع جميع الضرائب المتراكمة علينا منذ عدة سنوات خلال المهلة المعطاة لنا من المحكمة فسيتم مصادرة البيت منا".

 

لم تستطع ميساء أن تقول شيئاً فقد خنقت الدموع كلماتها، وأصبح الصمت هو سيد الموقف... مضى بعض الوقت قبل أن تتمكن ميساء من لملمة نفسها وكلماتها، وتتوقف عن البكاء لتقول بغضب وإصرار: " لا لن نخرج من البيت، فليفعلوا ما يشاؤون.... والله الذي لا إله سواه... لن نخرج.... أبداً.... أبداً" ثم عادت للبكاء من جديد.

 

سمع جاد نحيب أمه وجزء من حديث والديه، وهو يدخل رواق البيت بعد عودته من المدرسة... علم أن شيئاً خطيراً يجري... دخل وألقى السلام وجلس إلى جانب أمه، حاولت ميساء جاهدةً أن تخفي دموعها عنه لكنها لم تفلح، فباشرها متسائلاً:" ماذا هناك؟؟! لماذا تبكين يا أمي؟؟ ما الذي استجد اليوم لتصبحا حزينين هكذا؟".

 

حاول والده أن يبتسم ولكنها خرجت ابتسامةً صفراء حزينة، بينما احتضنته والدته بحنان وتابعت بكائها.

 

أنزل حقيبته عن ظهره وطلب من أبيه أن يشرح له ما يجري بالتفصيل؛ لأنه بحاجة لأن يفهم ما يدور حوله، على الرغم من معارضة أمه، أخذ والده يشرح له الموقف، بطريقة بسيطة، مبتدئاً بقصة ضريبة الأرنونا (ضريبة الأملاك) التي كان يسمعها باستمرار تتردد على ألسنة الجميع في القدس، والتي يرى نتائجها لكن لا يدرك حقيقتها، قائلاً:

تجبر سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" المقدسيين على دفع ضرائب باهظة تفوق قدرتهم وتفوق دخلهم، و"الأرنونا" هي إحدى تلك الضرائب، فهي ضريبة فرضها الاحتلال على عقاراتنا من بيوت ومحال تجارية وأي بناء له سقف، حيث يقومون بحساب مساحة البناء ويفرضون علينا دفع ما يعادل 80 دولار أمريكي (300 شيكل اسرائيلي) عن كل متر مربع من مساحة البناء سنوياً لبلدية القدس، وفي حال لم نتمكن في أي وقت من دفعها، أو إذا تم تأجيل الدفع عن الموعد المحدد ولو لأيام فإن المبلغ يزيد وتضاعف حسب مدة التأخير، ومن هنا تبدأ المشكلة بالتعقيد، حيث تستخرج بلدية القدس قراراً من المحكمة بمداهمة العقار، ومصادرة مقتنياته لتحصيل هذه الضرائب، فترسل البلدية سيارات الشرطة إلى البيت أو المحل الذي تأخر عن الدفع، فتداهمه، وتصادر ما فيه من أثاث ومقتنيات وأموال، وتبيعها في المزاد العلني بأسعار زهيدة، فتضيف على ضريبة البيت نفقات المحاكم، وأجرة سيارات ورجال الشرطة، وأجرة تحميل المحجوزات وسيارات التحميل، وأجرة المزاد العلني، وأجرة تخزين الأثاث والحاجيات الأخرى حتى موعد انعقاد المزاد وبيعها. وطبعاً يفرض الدفع على صاحب الأملاك بغض النظر عن وضعه الاقتصادي، فحتى إن كان فقيراً، أو عاطلاً عن العمل، يجب أن يدفع جميع الديون والفوائد المتراكمة عليه... وإلا فإن مصادرة البناء هي الخيار الآخر المتوفر...

 

أحالت هذه الضرائب حياتنا إلى جحيم لا يطاق... والاحتلال فرض هذه الضريبة وغيرها، ليجبرنا على الرحيل عن القدس، عند عجزنا عن دفع جميع تلك المبالغ... أي لنهاجر بإرادتنا من القدس إلى مناطق الضفة الغربية، وعندها يجدون مبرراً لسحب هوية القدس منا بذريعة أننا نقيم خارج القدس، وبهذا نفقد حقنا في القدس وفي العيش فيها.

 

طبعاً رحل الكثيرون منا عن القدس هرباً من هذا الجحيم، فتناقصت أعدادنا بينما ازداد المستوطنون في قدسنا أضعافا مضاعفة."

 

قاطعه جاد قائلاً:

• أبي، نحن نحب منزلنا ولن نتركه أبدأً... أليس كذلك؟؟ "

• " أجل يا بني لن نتركه مهما حصل... ولكن عليك أن تعلم أن قرارنا هذا ربما سيكلفنا الكثير".

 

لم يفهم جاد حينها ماذا كان قصد والده من وراء عبارته الأخيرة، حيث كان الحماس للبقاء في البيت يملأ نفسه ويسيطر على مشاعره... لكن الزمن يغزل مغزله ويتكفل بإيضاح ما أبهم عليه في يوم ما آتٍ ربما لن يكون بعيداً.

 

تناول عادل الآلة الحاسبة من جيب قميصه، وأخذ يضغط على أزرارها بيد خبيرة بعالم الأرقام والحاسبات، وتابع قائلاً:

"لن أقف مكتوف اليدين بل سأبذل ما بوسعي لحل هذه المشكلة وسنتمكن..." لم يكمل كلامه... إذ صفر بقوة ووجه الحاسبة باتجاه نظر ميساء التي بدت المفاجأة المرعبة واضحةً في معالم وجهها... قفز جاد من مكانه ونظر في الآلة الحاسبة ورأى رقم ثمانين ألفاً مطبوعاً على الحاسبة فسأل أبي:

• ماذا يعني هذا الرقم؟؟ "

إلا أن أياً منهما لم يجب على السؤال، بل أخذ عادل يعيد العملية الحسابية لعل هناك خطأً حسابياً ما قد حدث وهو يقول: حسناً، لدينا هنا "الأرنونا" وضريبة الدخل وضريبة الخدمات...".

 

ثم أكمل:" بالإضافة إلى ضرائب هذه السنة حتى نهاية المهلة، وهكذا نحصل على...." وضغط على زر "اليساوي" ليحصل على نفس النتيجة السابقة... ثمانون ألف دولار.

 

وقف عادل قائلاً:

"سأذهب إلى الهيئة الإسلامية العليا، لعلهم يساعدونا في إيجاد مخرج من هذه الأزمة أو يساعدونا في دفع هذا المبلغ الباهظ، ثمانون ألف دولار! هذا يفوق طاقتي آلاف المرات" تنهد عادل وأكمل قائلاً: المشكلة أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل يدَّعون أيضاً أن البيت غير مرخص والترخيص وحده بحاجة إلى خمسين ألف دولار غير الثمانين ألف تسديداً للضرائب، إن الأمر شبه مستحيل".

 

البيوت في البلدة العتيقة متلاصقة متراصَّة، تتجمع كل مجموعة من العائلات لتسكن بيتاً واحداً لأن أغلب العائلات هنا ممتدة، فالبيوت يسكنها الأب وأبنائه وعائلاتهم ومن يتزوج من أبنائهم وتتجمع غرفهم حول حوش سماوي يفصل بينها، ويشتركون في بعض الأحيان في مرافق البيت من مطبخ ودورة مياه. بعض البيوت تعتلي نفق مقوَّس مبني من الحجر، يسمح للطريق بأن تمر من أسفلها، وتفتح النوافذ المقوسة لتلك البيوت على جانبي النفق. وبعض البيوت الأخرى – كما هو حال بيت عائلة عادل العلمي وبيت أم خليل- تعتلي محلات تجارية ومخازن، بينما تجد البعض الآخر منها مبني على مستوى الطريق تقريباً. والبيت ذو الثلاثين متراً مربعاً الذي يمتلكه عادل العلمي، مبني من الحجر فوق ما يشبه الغرفة الكبيرة، التي استعملت قديماً لتخزين المؤونة، وربما لتربية الدجاج والحمام أيضاً، أما الآن فيستأجرها أحد التجار بمبلغ زهيد ويدير فيها تجارته.

 

معظم الطرقات في القدس القديمة ضيقة مرصوفة ببلاط حجري عتيق، والقليل منها واسع يتسع لدخول السيارات، وبعضها مكون من درج طويل مرصوف أيضاً ببلاط حجري عتيق، بسبب طبيعة الأرض الجبلية متباينة الارتفاعات التي قامت البلدة العتيقة عليها، حيث سُهِّل الوصول لبعض المناطق المرتفعة من خلال إنشاء درج طويل ومتصل يقطعه بعض المسافات الممتدة عندما يقل انحدار الأرض أو ارتفاعها، كما هو الحال في منطقة باب العمود التي يتناوب الدرج والطرق السهلة حتى حارة الواد المؤدية إلى المسجد الأقصى.

 

في ظهيرة يوم شديد الحرارة من أول أيام شهر أيلول، وخلال عودة صغيرنا جاد من المدرسة، شاهد عمِ خيري بائع الكعك يتعارك مع ثلاثة جنود يحاولون تقييد يديه واعتقاله... قاومهم الشيخ المسن بشدة، ثم انضمت إليهم مجندة شقراء، أخذت تشتم الشيخ بكلمات بذيئة وتساعد الجنود في ضربه، والسيطرة عليه... استطاع أربعتهم بعد لحظات من إلقائه أرضاً على بطنه ومرغوا وجهه بالتراب، ووضعوا يديه خلف ظهره وقيدوهما بقيد بلاستيكي رقيق... ثم جلست المجندة فوق ظهره وأخذت تضرب رأسه ورقبته بكلتا يديها بعنف... ثم رفعوه أربعتهم عن الأرض وأخذوا يجرونه إلى حيث لا يدري... كان الدم يسيل من أنفه، أما وجنتيه فقد ازرقَّتا وظهرت عليهما خدوش دامية وكدمات... وقبل أن يبتعدوا، رجع أحدهم وقلب عربة الكعك فتناثر الكعك أرضاً... تناول جاد حجراً عن الأرض وقذف به ظهر الجندي وولى هارباً إلى البيت منتحباً قبل أن يتمكن الجنود من ملاحقته... شعر بالقهر الشديد للإهانة التي تعرض لها عمِ خيري، وحنق على عربدة هؤلاء الدخلاء...

 

بمجرد دخوله البيت، ورؤية أمه لدموعه بادرته بالسؤال عما جرى وسبب له الحزن، لم يستطع قول شيء لأن الحنق كان يخنقه ويمنعه من الكلام... لم تستطع الصبر، فألحت عليه بسؤالها، لأنها تتوقع أن هناك مصيبة على الأبواب –كعادتها-... طمأنها، بأنه لم يحدث معه هو شخصياً أي شيء، إلا أن المشكلة حدثت مع عم خيري بائع الكعك... وقص عليها ما رأى بالتفصيل...

 

رثت الأم لحاله، ودعت أن يفرج الله كربه... وتابعت قولها: "عم خيري رجل كبير في السن يبيع الكعك ليكسب قوت يومه... ولكن غطرسة المحتلين التي زادت عن الحد لم تترك أحداً في حاله... فقد بات بإمكانهم أن يتعرضوا لأي شخص، يجدونه في طريقهم، وتحت ذرائع شتى، وبغض النظر عن كونه صغيراً أو كبيراً... خاصة إذا قاومهم أو خالف بعض أوامرهم أو لم ينفذها بحذافيرها...".

 

وأضافت: "ما يقومون به من غطرسة وتعدي على أهل الأرض وأصحابها ليس جديداً عليهم... فقد حاولوا منذ اللحظة الأولى لقدومهم هنا إثبات أنفسهم بأنهم الأقوى بهذه الغطرسة والتجبر والعدوان والجرائم الكثيرة التي تفننوا بابتكار أساليب الإذلال والإهانة والقتل والتشريد... ودائماً وباستمرار يؤكدون أنهم قادرون على عمل ما يحلو لهم وما يخدم مصالحهم مهما كان وبأي الطرق دون أن يحاسبهم أحد على أفعالهم... وما فعلوه اليوم ويفعلوه كل يوم إلا أحد الشواهد على تجردهم من الإنسانية وعراقتهم في الإجرام...

 

مر الزمن سريعاً وجعل من جاد فتىً آخر أكثر نضجاً غير ذلك الطفل الشقي، فقد علمته الظروف الصعبة التي مر بها أن يصبح شخصاً مسؤولاً يخفف هموم والديه ويعينهما، لا أن يكون عبئاً عليهما في هذه الشدائد.

 

سحر خياله منذ صغره أزقة البلدة القديمة، التي تتقاطع وتلتقي بطريقة أو بأخرى لتكوِّن شبكة من الطرقات التي توصل جميعها إلى الحرم القدسي الشريف؛ وكلما مر من أزقتها في غدوه وعودته، لم يكف عن تأمل الأبنية القديمة بعمق، وكأنه يراها للمرة الأولى، يتأمل الجدران القديمة وسقوف العقد، والنوافذ الجميلة المطلة على الطرقات التي تفنن مهندسوها وبناؤوها القدماء في تصميمها وبنائها بأجمل حلة، وزخرفتها لتغدو تحفة معمارية شاهدة على فن العمارة الإسلامي... أما المحلات التجارية القديمة فتتوزع على كلا جانبي الطرقات، وتنساب الأضواء الساطعة منها حين يحل المساء...

 

كان يشعر خلال سيره في تلك الأزقة وتأمله لكل محتوياتها ومكوناتها بأنها تبوح له بأسرارها وتروي له حكايات تاريخ عزة وحضارة ميزت أجداده الذين سكنوها وعاشوا فيها، وامتزج رفاتهم بثراها، وطيبت دمائهم أرضها... فبقي عبق التاريخ والشهداء يفوح داخل أزقتها ويأبى إلا البوح رغم التشويه السافر والتدنيس والتحريف الذي تعرضت وتتعرض له بإصرار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الأول)
  • فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثاني)
  • فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثالث)
  • فجر آبق في أروقة البلدة القديمة - رواية (الفصل الرابع)
  • فجر آبق في أروقة البلدة القديمة - رواية (الفصل السادس)
  • فجر آبق في أروقة البلدة القديمة - رواية (الفصل السابع)
  • فجر آبق في أروقة البلدة العتيقة - رواية (الفصل الثامن)

مختارات من الشبكة

  • كيفية صلاة الفجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الحكام والمسؤولين بالقرآن الكريم منذ فجر الإسلام وحتى العصر الحاضر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وإذا خاصم فجر (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • سورتا فجر الجمعة (4) سورة الإنسان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • سورتا فجر الجمعة (2) سورة السجدة(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وإذا خاصم فجر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وإذا خاصم فجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورتا فجر الجمعة (2) سورة السجدة(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب