• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (3)

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (3)
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/6/2015 ميلادي - 11/9/1436 هجري

الزيارات: 11950

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (3)

 

قال صاحب "الرسالة الحكيمة": وهو قول أرسطوطاليس: "أقبح الظلم حسدك لعبدك ومن تنعم عليه"، قلت: وهو غلط، إن كانت رواية هذه الحكمة هكذا، فإن أبا الطيب إنما أراد عكسها، وهو أن أقبح الظلم أن يحسدك من تنعم عليه وتحسن إليه بدليل سياق كلامه، قال:

وقد يترك النفس التي لا تهابه ♦♦♦ ويحترم النفس التي تتهيَّب

 

وقال أيضًا:

لا بد للإنسان من ضجعةٍ
لا تقلِبُ المضجعَ عن جنبه
ينسى بها ما مرَّ من عجبه
وما أذاق الموت من ركبه
نحن بنو الموتى، فما بالنا
نعافُ ما لا بد من شربه؟
تبخل أيدينا بأرواحنا
على زمنٍ هي من كسبه
فهذه الأرواح مِن جوِّه
وهذه الأجسام من تُربه
لو فكر العاشق في منتهى
حسن الذي يسبيه لم يَسْبِه

 

وهو معنى قول أرسطوطاليس: النظر في عواقب الأشياء يزهد في حقائقها، والعشق عمى النفس عن درك رؤية المعشوق، والذي قبله هو معنى قوله أيضًا: اللطائف سماوية، والكتائف أرضية، وكل عنصر عائد إلى عنصره الأول، وقال:

يموت راعي الضأن في جهله ♦♦♦ موتة جالينوس في طبه

 

...وقال:

وغاية المفرط في سِلمه ♦♦♦ كغاية المفرط في حربه

 

وهو قريب من قول أرسطوطاليس: آخر إفراط التوقي أول موارد الحذر"، وهذا، كما نرى، نوع من المقارنة بين بعض النصوص الأدبية في لغة الضاد ونظائرها في الأدب أو الفكر الإغريقي، مما لا يحتاج إلى أي مسوغ آخر لتبوئه مكانًا مستحقًّا في الأدب المقارن.

 

ويجري في نفس المجرى ما كتبه النويري عن ذات المسألة في كتابه: "نهاية الأرب في فنون الأدب"، إذ قال: "وقد جمع من شعر أبي الطيب في ذلك ما وافق كلام أرسطوطاليس في الحكمة، فمن ذلك قول أرسطوطاليس: إذا كانت الشهوة فوق القدرة، كان هلاك الجسم دون بلوغ الشهوة، قال المتنبي:

وإذا كانت النفوس كبارًا ♦♦♦ تعِبَت في مرادها الأجسام

 

وقال أرسطوطاليس: قد يفسد العضو لصلاح أعضاء؛ كالكي والفصد اللذين يفسدان الأعضاء لصلاح غيرها، نقله المتنبي إلى شعره فقال:

تموت مع المرء حاجاته ♦♦♦ وتبقى له حاجةٌ ما بقي

 

وقال المتنبي:

ذِكر الفتى عُمْرُه الثاني، وحاجته ♦♦♦ ما قاته، وفضولُ العيش أشغال

 

وقال أرسطوطاليس: قد يفسد العضو لصلاح أعضاء؛ كالكي والفصد اللذين يفسدان الأعضاء لصلاح غيرها، نقله المتنبي إلى شعره فقال:

لعلَّ عَتْبَك محمودٌ عواقبُه ♦♦♦ فربما صحَّتِ الأجسادُ بالعِلَلِ

 

وقال أرسطوطاليس: الظلم من طبع النفوس، وإنما يصدها عن ذلك إحدى علتين: إما علة دينية خوف معاد، أو علة سياسية خوف سيف، قال المتنبي:

والظلمُ مِن شيم النفوس، فإن تجد ♦♦♦ ذا عفَّة فلعلَّةٍ لا يظلم"

 

والواقع أن مرجع كل كلام في هذه المسألة هو الكتاب الذي وضعه في هذا الموضوع محمد بن الحسن الحاتمي بعنوان "الرسالة الحاتمية في سرقات المتنبي من أرسطوطاليس" وما عقبنا به على النص السابق هو نفسه ما نعقب به هنا.

 

وقد كانت العرب تدرس هذه المسائل في باب "السرقات" في كتب البلاغة والنقد، إلا أن العبرة (كما هو معلوم) بالمضمون لا بالشكل والمصطلح؛ فالسرقة في داخل الأدب القومي ليست كالسرقة إذا تمت بالسطو على أدب أمة أخرى، وهذا النوع الأخير يدخل في باب "الأدب المقارن"، وهذا هو الاصطلاح الذي قبلناه وأدخلنا معه ذلك التخصص في مقررات جامعاتنا وتبنيناه في دراساتنا وبحوثنا ورسائلنا العلمية.

 

وفي المقالة الثامنة من "الفهرست" لابن النديم، وتحت عنوان: "الفن الأول في أخبار المسامرين والمخرفين وأسماء الكتب المصنفة في الأسمار"، تطالعنا هذ الوثيقة المهمة التي يتطلع لمثلها الدارس المقارن؛ لِما تقدمه له من عون كبير في موضوع تتبع المسارات التي اتخذتها الأشكال والأجناس الأدبية في انتقالها من ثقافة أمة إلى ثقافة أمة أخرى: "أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبًا وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان: الفرس الأول، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس، ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء فهذبوه ونمقوه وصنفوا في معناه ما يشبهه، فأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب "هزار أفسان"، ومعناه: ألف خرافة.

 

وكان السبب في ذلك أن ملكًا من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد، فتزوَّج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية، يقال لها: شهرزاد، فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها، ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى أن أتى عليها ألف ليلة، وهو مع ذلك يطؤها، إلى أن رُزقت منه ولدًا، فأظهرته وأوقفته على حيلتها عليه، فاستعقلها ومال إليها واستبقاها، وكان للملك قهرمانة يقال لها: دنيازاد، فكانت موافقة لها على ذلك، وقد قيل: إن هذا الكتاب ألف لحماني ابنة بهمن، وجاؤوا فيه بخبر غير هذا...والصحيح إن شاء الله أن أول من سمر بالليل الإسكندر، وكان له قوم يضحكونه ويخرفونه لا يريد بذلك اللذة، وإنما كان يريد الحفظ والحرس، واستعمل لذلك بعده الملوك كتاب "هزار أفسان"، ويحتوي على ألف ليلة، وعلى دون المائتي سمر؛ لأن السمر ربما حُدِّث به في عدة ليال، وقد رأيته بتمامه دفعات، وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث...

 

(و) ابتدأ أبو عبدالله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب "الوزراء" بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه، وكان فاضلاً، فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة، كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقةً وأقل.

 

ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي، وكان قبل ذلك يعمل الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم جماعة، منهم: عبدالله بن المقفع، وسهل بن هارون، وعلي بن داود كاتب زبيدة وغيرهم، وقد استقصينا أخبار هؤلاء وما صنفوه في مواضعه من الكتاب، فأما كتاب "كليلة ودمنة" فقد اختلف في أمره فقيل: عملته الهند، وخبر ذلك في صدر الكتاب، وقيل: عملته ملوك الإسكانية ونحلته الهند، وقيل: عملته الفرس ونحلته الهند، وقال قوم: إن الذي عمله بزرجمهر الحكيم أجزاء، والله أعلم بذلك، كتاب "سندباد الحكيم"، وهو نسختان: كبيرة وصغيرة، والخُلف فيه أيضًا مثل الخلف في "كليلة ودمنة"، والغالب والأقرب إلى الحق أن يكون الهند صنفته...".

 

وما دام الأمر كذلك فإن ما قاله د. عبدالحميد إبراهيم من أن الأدب المقارن قد جاء إلى العالم العربي من فوق منقولاً من الجامعات الفرنسية على يد د. محمد غنيمي هلال في كتابه: "الأدب المقارن" (ص 10 - 11) يحتاج إلى تعقيب يضع الأمر في نصابه؛ فقد رأينا أن تراثنا مفعم بمثل تلك الأبحاث، وإن كان أسلافنا لم يهتموا بصك المصطلحات، ولا بتسمية العلم الذي كانوا يدورون في فلَكه، بل لم يتنبهوا، فيما هو واضح، إلى أنهم يكتبون أدبًا مقارنًا، وهذا كل ما هنالك، وحتى لو غضضنا الطرف عن التراث العربي القديم في الدراسات الأدبية المقارنة، فهذا هو رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق وروحي الخادي مثلًا يكتبون أدبًا مقارنًا قبل محمد غنيمي هلال، بل قبل أن نعرف التعليم الجامعي نفسه بزمن طويل.

 

أما بالنسبة إلى دعوى عبدالحميد إبراهيم بأن الدكتور هلال، حين تناول الأجناس الأدبية من وجهة نظر الأدب المقارن، إنما حصر نفسه في الملحمة والخرافة والقصة والمسرحية، ولم يتطرق إلى ذكر أي جنس أدبي عربي؛ كالخطابة والشِّعر والحكمة (ص22 - 23)، فقد فاته أن هلال قد أورد ضمن الأجناس الأدبية التي ذكرها في كتابه المقامة مثلًا، وعرض لتأثيرها في رواية الشطار التي انتشرت في أوربا في بداية عصر النهضة، كما تحدث عن دانتي وتأثره بالأدب العربي الإسلامي في نظمه لـ: "الكوميديا الإلهية"، إن الدكتور عبدالحميد يرفض أن يكون الأدب المقارن عندنا نحن العرب في خدمة أفكار الأوربيين بحيث يقتصر الكلام فيه على تأثير الآداب الأوربية في أدب العرب دون الاهتمام بالسير في الاتجاه المقابل، اتجاه تأثير الأدب العربي في الآداب الغربية، ونحن معه في هذا، إلا أن ما يوحيه كلامه من أن المقارنين العرب كلهم على بكرة أبيهم تقريبًا قد فعلوا ويفعلون هذا غير صحيح.

 

بل إن الدكتور غنيمي هلال ذاته قد تكلم في عدة مواضع من كتابه عن ذلك التأثير، وإن لم يتوسع فيه توسُّعه في الحديث عن التأثير المضاد، ولدينا مثلًا عبدالرحمن صدقي، الذي أبدع كتابًا عن تأثر الشاعر والفيلسوف الألماني جوته بأشياءَ كثيرة من الأدب العربي والقرآن والسنَّة النبوية، ومثله في ذلك عبدالمطلب صالح صاحب كتاب "موضوعات عربية في ضوء الأدب المقارن"، وفيه ألقى أضواء ساطعة على ما يدين به الشاعر والقصاص الفرنسي الكبير فكتور هيجو للإسلام في إبداعاته، وكذلك د. مكارم الغمري؛ إذ لها كتاب هام بعنوان "مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي"، كشفت فيه بالتفصيل تأثر كبار الأدباء الروس بالأدب العربي والإسلام، وهناك د. أحمد محمد البدوي وكتابه: "أوتار شرقية في القيثار الغربي"، الذي كشف الستار فيه عن تأثر الشاعر والقصاص الأمريكي الشهير إدجار ألن بو بعناصر إسلامية واضحة، ولدينا أيضًا د. عبدالله الطيب (السوداني)، الذي تحدث عن تأثر ت.س.إليوت بمعلقة لبيد بن ربيعة، وعندنا كذلك د. بديع محمد جمعة، الذي له بحث عن تأثر الأدب الفارسي بالأدب العربي في فن المقامة.

 

وهناك كذلك د. مصطفى حجازي السيد ود. محمد إبراهيم محمد أبو عجل، اللذان كتب أولهما كتابًا عن لغة الهوسا وأدبها وتأثرهما بلغة العرب وآدابها، عنوانه: "أدب الهوسا الإسلامي"، وكتب ثانيهما كتابًا مماثلاً، ولكن عن اللغة السواحلية، عنوانه: "الأدب السواحلي الإسلامي"، ولدينا من المقارنين العرب من كتب في تأثير قصص الحيوان عند ابن المقفع مثلًا على لافونتين في خرافاته، ومن كتب عن تأثير رسالة ابن الطفيل: "حي بن يقظان" على رواية "روبنسون كروزو" لدانيال ديفو، ومن كتب عن تأثير العنصر العجائبي في "ألف ليلة وليلة" على روائيي أمريكا الجنوبية ذوي اتجاه الواقعية السحرية...والأمثلة جد كثيرة، لكن هذا يكفي الآن.

 

وبالنسبة إلى عملية التأثر والتأثير، التي تشترطها المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن، ثم مقارنون عرب لا يولون هذه النقطة أية أهمية، معلنين أنهم مع المدرسة الأمريكية، التي لا تشترط مثل هذا الشرط، بل إن بعض المقارنين العرب قد طبقوا هذا المبدأ من قبل أن نسمع بالمدرسة الأمريكية، مثلما هو الحال فيما خطته يراعة رفاعة الطهطاوي مثلًا في كتابه: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" من مقارنات بين بعض الأساليب العربية في الشعر والبلاغة ونظيرها لدى الفرنسيس، وكذلك روحي الخالدي (السياسي والكاتب الفلسطيني)، الذي أصدر في بدايات القرن العشرين كتابًا يحوي بعض مباحث الأدب المقارن، كمبحثه في المقارنة بين "رسالة الغفران" للمعري و"الكوميديا الإلهية" لدانتي، ومبحثه في المقارنة بين "أغنية رولان" وسيرة عنترة بن شداد، وفخري أبو السعود في مقالاته الكثيرة التي نشرها في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي في مجلة "الرسالة" وقارن فيها بين الأدبين العربي والإنجليزي في عدد من الأجناس الأدبية...

 

وأنا لا أرى بذلك بأسًا على الإطلاق؛ إذ إني (كما سبق القول) لا أذهب مذهب من يشترط من دارسي الأدب المقارن أن تكون هناك صلات بين العملين الأدبيين اللذين نريد المقارنة بينهما، ومن المناصرين لهذا الرأي أيضًا الدكتور محمود مكي، كاتب مقدمة الكتاب الذي تضمن مقالات أبو السعود المذكورة آنفًا؛ إذ يقول: إن المدرسة الفرنسية تنفي هذه المقالات من دنيا الأدب المقارن، إلا أنها بمنطق المدرسة الأمريكية إذا طعمت بالنزعة الإنسانية الحقيقية "تكتسب مشروعية كاملة في انتمائها للأدب المقارن" (المرجع السابق/ 24)، وهنا نجد الدكتور عطية عامر يؤكد، ببساطة وثقة وعن حق، أن أبو السعود قد سبق بذلك أوستن وارن ورينيه ويليك رائدي المدرسة الأمريكية أنفسهما (د.عطية عامر/ دراسات في الأدب المقارن/ مكتبة الأنجلو المصرية/ 1989م/ 78)، وإذا كان أبو السعود، كما لاحظ الدكتور مكي، قد قصر اهتمامه في تلك المقالات على رصد أوجه التشابه والاختلاف مع تغليب الاهتمام بالجانب الأخير (نفس الصفحة)، فإن هذا في حد ذاته هدف عظيم؛ إذ من خلال مثل هذا الرصد نستطيع أن ننظر إلى تراثنا الأدبي والنقدي بعين غير العين التي ألفنا النظر بها إليه، وحينها تكون لدينا فرصة أفضل لرؤية مزاياه وعيوبه، وحتى لو كانت النتائج التي يتوصل لها أبو السعود وسواه غير دقيقة أو متسرعة أو نيئة، فإنها لكفيلة رغم هذا باسفتزاز أذهاننا وعواطفنا، ودفعنا دفعًا للتعمق في دراسة هذا التراث، وإعادة النظر فيه، وبلوغ زواياه البعيدة، وخفاياه المظلمة المتربة التي لم ينفض عنها الغبار منذ زمن طويل، ومحاولة الطب لعيوبه والنهوض به، وجعله قادرًا على مساماة أعظم آداب العالم...وهكذا، وبالمناسبة فهؤلاء المقارنون العرب المحدثون ليسوا أول من كتب يقارن بين بعض الإبداعات العربية ونظيراتها في الآداب الأخرى دون أن يكون بين الطرفين صلة تاريخية، بل سبقهم العرب القدامى إلى هذا في بعض ما سطرته أقلامهم في هذا المجال، كما سبق القول.

 

ولا يصح في مثل سياقنا الحالي أن ننسى الكاتب السوري قسطاكي الحمصي، الذي أفسح في الجزء الثالث من كتابه: "منهل الوراد في علم الانتقاد" (وهو الجزء الصادر عام 1937م) فصلاً كبيرًا مكونًا من مائة صفحة تقريبًا، هو آخر فصول الكتاب، وعنوانه: "بين الألعوبة الإلهية ورسالة الغفران، وبين أبي العلاء المعري ودانتي شاعر الطليان"، تناول فيه، ضمن ما تناوله، المقارنة بين عملي المعري ودانتي، إنما كان ينطلق مما كان يعرف عند نقادنا القدماء بـ: "الموازنة" الشعرية، لا مما كان الغرب قد عرفه آنذاك بـ: "الأدب المقارن"، وهذا واضح في أنه قد كتب الفصل الذي نحن إزاءه على نحو يومي بأنه امتداد لما كان عقده، في آخر الجزء الأول (ابتداءً من ص 345) وطوال الجزء الثاني من كتابه ذي الأجزاء الثلاثة، من "موازنات" بين قصائد لشعراء عرب في أغراض الشعر المختلفة، بل لقد أعطى أيضًا الفصل الذي كسره على هذه المقارنة عنوان "الموازنة بين الألعوبة الإلهية ورسالة الغفران وبين أبي العلاء المعري ودانتي شاعر الطليان"، فكأنه كان يرى أن ما يقوم به في المقارنة بين المعري ودانتي لا يزيد عن أية موازنة ينشئها بين شاعرين عربيين، كل ما هنالك أنه قد مد آفاق الموازنة لتتسع لشعراء من غير العرب في مواجهة شعرائنا، إلا أنه، كما رأينا، كان حريصًا على أن يثبت اطلاع دانتي على رسالة الغفران، بحيث تكون المشابهة بين العملين سرقة لا مجرد تشابه قائم على المصادفة، والواقع أن الدراسة التي وضعها مؤلفنا في هذا الموضوع هي دراسة مفصلة في المقارنة التطبيقية، ولعله لم يسبقه أحد في وضع مثل هذه المقارنة طولاً وتطبيقًا وتحليلاً واستقلالاً في الرأي والاستنتاج، وإلا فقد سبقه إلى تناول الشبه بين العملين دون تفصيل عدد من الكتاب العرب، منهم: عبدالرحيم أحمد وروحي الخالدي وسليمان البستاني وجرجي زيدان، وهذه إحدى وظائف الأدب المقارن، كما أدعو إليها وألحف في الدعاء.

 

أما ما يظن د. عبدالحميد إبراهيم من أنه قد أضافه إلى مباحث الأدب المقارن حين قال: إنه ينبغي للمقارن الأدبي العربي أن ينطلق إلى المقارنة بين إبداع أدبي غربي ونظير له في أدبنا القومي من المنطلق الفني إذا رأى في العمل الأدبي الغربي ما يذكره بعمل عربي من الناحية التقنية، فيدرس العملين عن قرب، ويدرس كل ما يتصل بهما مما يمكن أن يوصله إلى التأثير والتأثر بينهما (ص15 - 16)، كما هو الحال مع رواية كافكا عن "أمريكا"، التي ذكر أنه بعد قراءته لها شعر أنها لا تمت من الناحية الفنية إلى أعمال كافكا الأخرى، بل تختلف عن الأعمال الروائية الأوربية بوجه عام، وتقترب بالأحرى من جنس المقامات، التي تقوم على وحدات مستقلة ليس من اللازم أن تخضع لخط تطوري يربط فصولها بعضها ببعض، ليتبين في النهاية أنها متأثرة بالمقامة العربية، إما مباشرة، وإما عن طريق روايات الشطار الأوربية في بداية عصر النهضة، تلك الروايات التي تأثرت بدروها بفن المقامة (ص19)، أقول: إن ما يظن الكاتب أنه قد أتى فيه بالجديد هو في الواقع ليس جديدًا البتة؛ إذ الأدب المقارن لا يقتصر، كما يوحي كلامه، على الصلات الفكرية بين الأعمال الأدبية، بل يشمل كل ما يدخل في الإبداع الأدبي من أسلوب وتصوير وعاطفة وخيال وبنية...إلخ، اللهم إلا إذا كان يقصد أن كتاب الدكتور محمد غنيمي هلال بالذات يفتقر إلى المعالجة الفنية في مقارناته الأدبية، لكن هلال ليس هو كل المقارنين العرب، ولا حتى كل المقارنين المصريين، ومن ثم لا أستطيع أن أرى جديدًا فيما ذكر عبدالحميد إبراهيم أنه ينبغي للمقارن الأدبي العربي أن يصنعه في هذا الصدد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (1)
  • مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (2)
  • مسرح شوقي والأدب المقارن 1
  • ليلى والمجنون بين الأدبين العربي والفارسي
  • أبرز المراحل لنشأة الأدب المقارن

مختارات من الشبكة

  • نظرية الأدب المقارن وتجلياتها في الأدب العربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأدب المقارن الإسلامي: حالة التقاليد الأدبية الإسلامية في الأدب القوقازي - حوار ريبيكا روث غولد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأدب نور العقل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرية الأدب المقارن في كتابات المقارنين العرب (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أدب المرء عنوان سعادته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب غير الإسلامي(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • شرح الاسم الموصول(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف الاجتهاد لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بحوث الأدب المقارن ومجالاته(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفهوم الأدب المقارن (1)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب