• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (2)

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (2)
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2015 ميلادي - 7/9/1436 هجري

الزيارات: 6922

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (2)


لقد طُفت بخاطري طوفة سريعة في تراثنا النقدي والبلاغي، فاستطعت أن أتذكر كثيرًا من النقاط الآتية، إلى جانب ما عثرت به من نصوص في غاية الأهمية أثناء كتابة الفصل المذكور، مما يعد مع ذلك قطعًا متناثرة لا سلسلة متصلة من المؤلفين وكتاباتهم، ومن الشواهد التي استطاع الكتَّاب العرب القدماء رصد تسربها إلى الشعر أحيانًا ما جاء في ترجمة أمية بن أبي الصلت من كتاب طبقات الشعراء لابن سلاَّم يقابلنا النص التالي: "وكان أمية بن أبي الصلت كثير العجائب، يذكر في شعره خلق السموات والأرض، ويذكر الملائكة، ويذكر من ذلك ما لم يذكره أحد من الشعراء، وكان قد شام أهل الكتاب"؛ فابن سلَّام يتنبه إلى ما يسمى في الأدب المقارن بقضية التأثير والتأثر بين ثقافات الأمم المختلفة؛ إذ يرى ناقدنا أن أمية بن أبي الصلت قد خرج على اهتمامات الشعراء الجاهليين فأخذ يتكلم عن خلق السماء والأرض، وعن الملائكة، وما إلى هذا، ولم يبالِ بالوقوف على الأطلال، ووصف البادية وحيوانها، وأن السبب في ذلك هو مخالطته لأهل الكتاب، بخلاف شعراء الجاهلية الذين كانوا وثنيين ولا يهتمون بالتعرف إلى ثقافة غيرهم؛ ولهذا جاء شعرُهم جميعًا ماءً واحدًا، بخلاف شِعر أمية، على ما وصفه ابن سلام.

 

وقد مضى كل من ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" والأصفهاني في "أغانيه" خطوة أبعد في الكلام عن تلك السمات المميزة لشعر ابن أبي الصلت،جاء في "الأغاني" أن أمية "كان يستعمل في شعره كلمات غريبة،أخبرني إبراهيم بن أيوب قال: حدثنا عبدالله بن مسلم قال: كان أمية بن أبي الصلت قد قرأ كتاب الله عز وجل الأول، فكان يأتي في شعره بأشياء لا تعرفها العرب، فمنها قوله: "قمر وساهور يسل ويغمد"،وسماه في موضع آخر: "التغرور"، فقال: "وأيده التغرور"،وقال ابن قتيبة: وعلمائنا لا يحتجون بشيء من شعره لهذه العلة"،وقد شرح ابن قتيبة في كتابه "الشعر والشعراء" بعض هذه الألفاظ قائلا: "وقد كان قرأ الكتب المتقدمة من كتب الله جل وعز...وكان يحكي في شعره قصص الأنبياء، ويأتي بألفاظ كثيرة لا تعرفها العرب يأخذها من الكتب المقتدمة، وبأحاديث من أحاديث أهل الكتاب...ومنها قوله: قمر وساهور يسل ويغمد،والساهور، فيما يذكر أهل الكتاب، غلاف القمر يدخل فيه إذا كسف، وقوله في الشمس:

ليست بطالعة لهم في ♦♦♦ رسلها إلا معذبة وإلا تجلد

 

يقولون: إن الشمس إذا غربت امتنعت من الطلوع وقالت: لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله، حتى تدفع وتجلد فتطلع! ويسمى السماء في شعره: "صاقورة وحاقورة وبرقع"،ويقولون في الله عز وجل: "هو السلطيط فوق الأرض مقتدر"...وهذه أشياء منكرة، وعلمائنا لا يرون شعره حجة في اللغة".

 

ويقابلنا عند الجاحظ أيضًا في "البيان والتبيين" نص على درجة كبيرة من الأهمية يصف فيه ناقدنا وأديبنا القدير تعريفات البلاغة لدى الأمم المختلفة: "خبرني أبو الزبير كاتب محمد بن حسان، وحدثني محمد بن أبان، ولا أدري كاتب من كان، قالا: قيل للفارسي: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل من الوصل، وقيل لليوناني: ما البلاغة؟ قال: تصحيح الأقسام، واختيار الكلام، وقيل للرومي: ما البلاغة؟ قال: حسن الاقتضاب عند البداهة، والغزارة يوم الإطالة، وقيل للهندي: ما البلاغة؟ قال: وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة، وقال بعض أهل الهند: جماع البلاغة البصر بالحجة، والمعرفة بمواضع الفرصة، ثم قال: ومن البصر بالحجة والمعرفة بمواضع الفرصة أن تدع الإفصاح بها إلى الكناية عنها إذا كان الإفصاح أوعر طريقة، وربما كان الإضراب عنها صفحًا أبلغ في الدرك وأحق بالظفر"،ويلاحظ أن كل تعريف من تلك التعاريف إنما ينظر إلى الأمر من زاوية خاصة بحيث نراها في النهاية تتكامل ولا تتناقض، وهو ما يدل على أن البلاغة أكبر من أن تنحصر في ذوق أمة واحدة من الأمم، بل كل يركز عليها من جانب واحد من جوانبها ليس إلا، وهو ما عبر العرب عنه بقولهم: "لكل مقام مقال"،أي أن على السياق في الكلام (وفي غير الكلام أيضًا، وهو ما يعرف الآن بـ: "نظرية السياق" معولًا كبيرًا،بيد أننا كنا نؤثر لو استطاع الجاحظ أن يورد لنا صاحب كل قول من هذه الأقوال وموقعه من ثقافة أمته وأدبها، لكنه للأسف لم يفعل! المهم أن النص الذي أمامنا الآن هو من نصوص الدراسة المقارنة المبكرة والهامة في تراثنا النقدي.

 

وفي هذا السياق من المقارنة بين الأدب العربي في بعض خصائصه وبعض الآداب الأجنبية نورد هذا النص المهم من "المثل السائر" لابن الأثير في مسألة طول القصائد وقصرها بين الشعر العربي ونظيره الفارسي، إذ كان ابن الأثير يوازن بين فني النثر والشعر ويرصد الفروق بينهما، إلى أن أتى إلى مسألة التطويل والتقصير فقال إنه مما لا يحسن في الذوق العربي أن يطول الشاعر قصائده ويشقق المعاني ويستوفي الكلام فيها مما هو أليق بالنثر، وهنا ينطلق في موازنة بين العرب والفرس في تلك النقطة قائلا إن "الشاعر إذا أراد أن يشرح أمورا متعددة ذوات معان مختلفة في شعره واحتاج إلى الإطالة بأن ينظم مائتي بيت أو ثلثمائة أو أكثر من ذلك فإنه لا يجيد في الجميع ولا في الكثير منه، بل يجيد في جزء قليل، والكثير من ذلك رديء غير مرضي، والكاتب لا يؤتى من ذلك، بل يطيل الكتاب الواحد إطالة واسعة تبلغ عشر طبقات من القراطيس أو أكاثر، وتكون مشتملة على ثلثمائة سطر أو أربعمائة أو خمسمائة، وهو مجيد في ذلك كله، وهذا لا نزاع فيه لأننا رأيناه وسمعناه وقلناه،وعلى هذا فإني وجدت العجم يفضلون العرب في هذه النكتة المشار إليها، فإن شاعرهم يذكر كتابا مصنفا من أوله إلى آخره شعرا، وهو شرح قصص وأحوال، ويكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم، كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف بشاه نامه، وهو ستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم، وقد أجمع فصحاؤهم على أنه ليس في لغتهم أفصح منه،وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها وتشعب فنونها وأغراضها، وعلى أن لغة العجم بالنسبة إليها كقطرة من بحر".

 

كذلك عثرت على النص التالي أثناء تجوالي في تراثنا الأدبي والنقدي للحصول على أكبر قدر من النصوص المقارنة فيه، وهو يتعلق بـ "الشاهنامه"، والنص موجود في كتاب صلاح الدين الصفدي: "نصرة الثائر على المثل السائر"، الذي ألفه للرد على بعض ما جاء في كتاب ابن الأثير كما هو واضح من عنوانه، وهو يجري على النحو التالي: "قال (أي ابن الأثير) في تفضيل النثر على النظم في آخر الكتاب إن "الشاعر إذا أراد أن يشرح أمورا متعددة ذوات معان مختلفة في شعره واحتاج إلى الإطالة بأن ينظم مائتي بيت أو ثلاثمائة أو أكثر من ذلك، فإنه لا يجيد في الجميع ولا في الكثير منه، بل يجيد في جزء قليل، والكثير من ذلك رديء غير مرضي،والكاتب لا يؤتى من ذلك، بل يطيل في الكتاب الواحد إطالة واسعة تبلغ عشر طبقات من القراطيس أو أكثر، وتكون مشتملة على ثلاثمائة سطر أو أربعمائة أو خمسمائة،وهو مجيد في ذلك كله،وهذا لا نزاع فيه، لأننا رأيناه وقلناه.

 

وعلى هذا فإني وجدت العجم يفضلون العرب في هذه النكتة المشار إليها، فإن شاعرهم يذكر كتابا مصنفا من أوله إلى آخره شعرا، وهو شرح قصص وأحوال، يكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم، كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف شاه نامه، وهو ستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم،وقد أجمع فصحاؤهم على أنه ليس في لغتهم أفصح منه،وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها وتشعب فنونها وأغراضها، وعلى أن لغة العرب بالنسبة إليها كقطرة من بحر"، أقول: قد ختم ابن الأثير رحمه الله تعالى كتابه بهذه النكتة التي مال فيها إلى الشعوبية، وما قال معمر بن المثنى ولا سهل بن هارون ولا ابن غرسيه في رسالته مثل هذا،وقد وجد في أهل اللسان العربي من نظم الكثير أيضًا،وإن عد هو الفردوسي عددت له مثل ذلك جماعة، منهمن من نظم تاريخ المسعودي نظما في غاية الحسن، ومنهم من نظم كتاب كليلة ودمنة في عشرة آلاف بيت، ونظمها أبان اللاحقي أيضًا،وأخبرني الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبدالله محمد الذهبي أن مكي ابن أبي محمد بن محمد بن أبيه الدمشقي (عرف بـ: "ابن الدجاجية") نظم كتاب "المهذب" قصيدة على روي الراء سماها: "البديعة في أحكام الشريعة"، انتهى،قلت: والمهذب في أربع مجلدات.

 

وبعض المغاربة امتدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة عدتها ثمانية عشر ألف بيت، ولابن الهبارية كتاب "الصادح والباغم" في ألفي بيت، كل بيت منها قصر مشيد، ونكتة ما عليها في الحسن مزيد، يشتمل على الحكايات والنوادر والأمثال والحكم، وكلها في غاية الفصاحة والبلاغة ليس فيها "لو" ولا "ليت"،وأما من نظم الألف وما دونه فكثير جدا لا يبلغهم الحصر، وأما "الشاطبية" وما اشتملت عليه من معرفة القراءات السبع واختلافها، وتلك الرموز التي ظاهرها الغزل وباطنها العلم، فكتاب اشتهر وظهر، وخلب سحره الألباب وبهر، حتى قال القائل فيها:

جلا الرعيني علينا ضحى
عروسه البكر ويا ما جلا
لو رامها مبتكر غيره
قالت قوافيها له الكل: لا

 

وأما أراجيز النحو والعَروض والفقه، كالذي نظم "الوجيز" و"منظومة الحنفية"، وغير ذلك من الطب وغيره من العلوم - فكثير جدًّا إلى الغاية التي لا يحيط بها الوصف.

 

وما سمعنا بمن اشتغل من العجم بالعربية إلا وفضَّل اللغة العربية،برهان هذه الدعوى أن أبا علي الفارسي وبندارًا وأبا حاتم والزمخشري وغير هؤلاء لما اشتغلوا بالعربية وذاقوا حلاوتها، هاموا بها وكلفوا بمحاسنها، وأفنوا الليالي والأيام في تحصيلها، وأنفقوا مدة العمر في تأليفها وتدوينها وتتبع محاسنها وقواعد أقيستها وغرائب فنونها، ومن المستحيل أن يكون هؤلاء القوم اجتهدوا هذا الاجتهاد في العربية وأفنوا مدة العمر، وهي ما لا يخلف، في شيء هو دون غيره، والأولى بهم وبكل عاقل الاشتغال بالأحسن والأفصح والأبلغ والأحكم، ولو علم هؤلاء القوم أن اللغة الأعجمية لها "أفعل التفضيل" ما عرجوا على العربية إلا ريثما عرفوها، ثم عاجوا إلى لغتهم، ومن الكلم النوابغ للزمخشري: "فرقك بين الرطب والعجَم فرقك بين العرب والعجم"، ومنها: "العرب نبع صلب المعاجم، والغرب مثل للأعاجم"، فانظر إلى الزمخشري كيف جعل العرب رطبًا والعجم عجمًا، والعجم بتحريك الجيم هو النوى، وكيف جعل العرب مثل شجر النبع، وهو صُلب تتخذ منه القسي، وجعل العجم مثل شجر الغرب، وهو خوار، قال المتنبي:

فلا تنَلْك الليالي، إنَّ أيديَها ♦♦♦ إذا ضرَبْنَ كسَرْنَ النَّبْعَ بالغَرَبِ

 

فإن قلت: ما كان علماء العربية من العجم عالمين باللغة العجمية كما ينبغي، قلت: أليس أنهم كانوا يعرفون العجمية، ثم إنهم تمهروا في العربية وبالغوا في إتقانها؟ ومن وصل في لغة من اللغات إلى ما وصل إليه أبو علي والزمخشري وغيرهما من معرفة الاشتقاق الأكبر والأصغر والأبنية والتصريف في الاسم والفعل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل والمفعول وصارت له تلك الملَكة، كان عنده من الأهلية أن ينظر في كل لغة عرف لسانها، وأن يستخرج قواعدها ويتبع أصولها فيقع على غرائب حكمها ومحاسن قواعدها لاشتباك العلوم بعضها ببعض، واجتماع شملها في الغاية التي أوجبت وضعها،ولا يضع اللغة إلا حكيم،ألا ترى أن بعض النحاة رتب اللغة التركية على القواعد النحوية، وميز الاسم من الفعل، والماضي من المضارع من الأمر، وضمير المتكلم من المخاطب من الغائب، والجمع من الإفراد، وعلامة الجمع، والمضاف من المضاف إليه إلى غير ذلك؟ وهذا أمر غير خافٍ،وأما قوله: إن "كتاب شاه نامه ستون ألف بيت كلها في غاية الحسن من الفصاحة والبلاغة، وما فيها ما يعاب"، فإن هذه الدعوى لا تسمع مجردة عن البرهان الذي يؤيدها،ومن يأتي بستين ألف كلمة، أو ستة آلاف كلمة تكون في غاية الفصاحة في الألفاظ والبلاغة في المعنى حتى إنها لا تعاب بوجه؟ هذا ليس في قوى البشر في لغة من اللغات.

 

سلمنا أن ذلك ما يعاب في تلك اللغة، فمن أين لك أن جيد شعر العجم في طبقة جودة شعر العرب،كما تقول: القمر أشد نورًا من النجوم، والشمس أشد نورًا من النجوم، فالشمس والقمر اشتركا في الفضيلة على النجوم، ولكنهما في نفسيهما لا يستويان مثلًا.

 

وكلٌّ له فضله، والحجول ♦♦♦ يوم التَّفاضل دون الغرر

 

فهل جيد العجم مثل جيد العرب، كوصف امرئ القيس في الخيل، والنابغة في الاعتذار، وزهير في المدائح، والأعشى في الخمر؟ أو كجيد جرير والفرزدق والأخطل وبشار بن برد ومسلم بن الوليد وأبي نواس وديك الجن والحسين بن الضحاك والمتنبي وأبي تمام والبحتري وابن الرومي وابن المعتز وأبي فراس وغيرهم وإلى هذا العصر، وما بين ذلك من الشعراء الذين تغرق قطرات العجم في لججهم، حتى إنه يقول: إن ذلك كله جيد لا يعاب،هل يستويان مثلًا في الجودة من حيث هي:

ألم تر أن السيف ينقص قيمة ♦♦♦ إذا قلت: إن السيف أمضى من العصا؟

 

وإنما قل الجيد في الشعر؛ لأن البلغاء وعلماء الأدب انتقوا الجيد العالي الذي يكون نهاية في الفصاحة والبلاغة، وجعلوه أنموذجًا ومثالاً يحذى، على ما قرروه بقوة فكرهم وصحة انتقادهم، فكان ذلك الجيد في الطبقة العليا،ولا جرم أن الساقط من الشعر أكثر من العالي عند أئمة البلاغة، وإلا فعلى الحقيقة الذي يعده أرباب البلاغة من ساقط الشعر يكون جيدًا عند غيرهم غير معيب، إلا ما هو ساقط إلى الغاية، وهذه النكتة هي العلة في قلة الجيد من الشعر، ومن أين في شعر العجم ما في شعر العرب من المجاز والاستعارة والكناية والتشبيه والتورية والاستخدام والجناس، على اختلاف كل نوع من هذه الأنواع وتشعُّب أقسامه، إلى غير ذلك من أنواع البديع، وهو ما يقارب المائة نوع؟ هيهات ما بينهما صيغة أفعل،وذكر الحصري في "زهر الآداب" أن أعرابيًّا قال لشاعر من أهل الفُرس: "الشعر للعرب، وكل من يقول الشعر منكم، فإنما نزا على أمه رجلٌ منا"، انتهى، وقد أنصف ابن خلف في قوله: "وللعرب بيت وديوان، وللعجم قصر وإيوان".

 

وأما دعواه أن الشاعر لا يحسن في الأكثر، فالعذر في ذلك ظاهر؛ لأنه في ضائقتين شديدتين إلى الغاية، وهما: الوزن، ولزوم الروي الواحد، والناثر غير مضطر إلى شيء منهما، بل هو مخلى ونفسه: إن شاء أتى بسجعتين على حرف واحد، وإن شاء على أكثر، وإن شاء أتى بالسجعة على عشرين كلمة، أو على أقل إلى كلمتين،ولو أتى الكاتب برسالة مطولة على حرف واحد في سجعه، وعدد مخصوص من كلمات السجع، لكان حاله حال الشاعر، بل كان كلامه أسمج وأثقل على الأسماع والقلوب؛ لأن الشعر يروجه الوزن، ولا كذلك النثر،فحينئذ لا يصلح هذا أن يكون فضيلة في النثر على النظم.

 

وكيف، ولم يزل للشعر ماءٌ يرف عليه ريحان القلوب؟

 

وليكن ها هنا آخر ما أردته من الكلام على "المثل السائر"، وقد سامحته في كثيرٍ سقَطُه فيه ظاهر".

 

ولا ريب في أن هذا النص يشهد للصفدي (وهذه ميزة في معظم علمائنا القدامى) بسعة الاطلاع وحضور الشواهد على مد ذراعه، رغم أنه كان يعيش في عصر لا يعرف المشباك (الإنترنت)، ولا الفهارس، وبالمثل لا بد من التنبيه عنده إلى روح الحب الغلاب للعرب، وكل ما يتصل بهم من لغة وأدب وفكر، لكني لا أستطيع أن أشاركه الزعم بأن الآداب الأخرى تخلو من التشابيه والاستعارات والكنايات، وإن كان كلامه في البديع لا ينطبق عليه هذا؛ إذ يبدو لي أن لساننا، في عصور معينة منه على الأقل، قد استعمل المحسنات البديعية أكثر جدًّا مما فعل أي أدب آخر مما نعرف،وعلى كل حال فإن هذا النص هو من النصوص الكاشفة في ميدان المقارنات الأدبية في نقدنا القديم.

 

وفي "زهر الأكم في الأمثال والحكم" يعرض اليوسي لما قاله بعض النقاد العرب القدماء من أن الحكم التي اشتهر بها أبو الطيب المتنبي إنما أخذها عن أرسطو، وليس له فيها من فضل: "وقال (أي المتنبي):

وأظلمُ أهل الظلم مَن بات حاسدًا ♦♦♦ لِمَن بات في نعمائه يتقلَّبُ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (1)
  • مباحث ومشكلات في الأدب المقارن العربي (3)
  • مسرح شوقي والأدب المقارن 1
  • ليلى والمجنون بين الأدبين العربي والفارسي

مختارات من الشبكة

  • نظرية الأدب المقارن وتجلياتها في الأدب العربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأدب المقارن الإسلامي: حالة التقاليد الأدبية الإسلامية في الأدب القوقازي - حوار ريبيكا روث غولد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأدب نور العقل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرية الأدب المقارن في كتابات المقارنين العرب (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أبرز المراحل لنشأة الأدب المقارن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أدب المرء عنوان سعادته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب غير الإسلامي(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • فصول في الأدب المقارن والترجمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاتجاه النقدي في الأدب المقارن (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بحوث الأدب المقارن ومجالاته(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب