• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

دفاع عن النحو والفصحى (2)

دفاع عن النحو والفصحى (2)
د. إبراهيم عوض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2015 ميلادي - 27/5/1436 هجري

الزيارات: 10026

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دفاع عن النحو والفصحى (2)


كذلك يدعي الكاتب أن القرآن الكريم لا يخضع لقواعد اللغة، قائلًا: إن هذه القواعد هي من نتاج المخلوق، على حين أن القرآن هو من كلام الخالق[1]، ثم يورد قرب نهاية الكتاب في الفصل المسمى: "شواهد وتخريجات نحوية" أمثلة من الكتاب العزيز يرى أن ضبطَ بعض كلماتها لا يجري حسب قواعد سيبويه[2]، وهو في هذه الدعوى مخطئ خطًا أبلق لا يمكن الاعتذار عنه بحال؛ فالقرآن الكريم يتبع في كل كلمة منه القواعد التي تحكم اشتقاق الألفاظ وتركيب الجمل في لسان العرب، وإن اكتفاء المؤلف بما أورد من أمثلة قليلة لأعظمُ دليل على أنه لم يجد في سائر الكتاب المَجيد ما يمكن القول بأنه يخالف تلك القواعد، ترى هل رفع القرآن مفعولًا به، أو نصب فاعلًا أو مبتدأ في أي موضع منه، أو أبقى نون فعل من الأفعال الخمسة رغم مجيئه بعد أداة نصب أو جزم مثلًا؟ أما الأمثلة التي زعم مؤلفنا المتمرد الهجَّام أنها تخالف قواعد اللغة، فلا مخالفة فيها على الإطلاق؛ إذ يورد النحاة والمفسرون شواهد من شعر العرب وكلامهم تجري على ذات الوتيرة، بما يدل على أن القرآن الكريم، في هذه الشواهد أيضًا، لا يخرج على أسلوب العرب في اشتقاقاتهم وتراكيبهم، إن لكل حالة إعرابية في لغة الضاد دلالتها، فإذا ما وجدنا مثلًا أن ضبط إحدى الكلمات في جملة من الجمل قد أتى على غير ما هو شائع، كان علينا التنبه إلى أن هناك نكتة بلاغية وراء هذا العدول عن الوضع العام إلى وضع خاص؛ بُغْيةَ الإشارة إلى معنى ما، أو الإيحاء بمغزًى من المغازي لا يتحقق في الأسلوب المعتاد.

 

ولا ينفرد القرآن في شيء من هذا؛ لأنه ما من شاهد من الشواهد التي ساقها زكريا أوزون للتدليل بها على أن القرآن لا يتبع قواعد لغة العرب إلا وقد أورد له علماؤنا القدامى أمثلة مشابهة من الكلام العربي في الجاهلية وصدر الإسلام، وحتى لو افترضنا أنهم لم يوردوا مثل هذه الأمثلة من كلام العرب، فإن هذا لا ينبغي أن يُتخذ برهانًا على شذوذ الأسلوب القرآني عن القواعد التي تحكم كلام العرب، بل على أن الاستقصاء الذي قام به أولئك العلماء لكلام العرب في هذه النقطة لم يكن استقصاءً كافيًا، وهذا أمر متوقَّع؛ فهم بشر، وكل جهد بشري معرض للخطأ والسهو والنسيان والتقصير، ولا يمكن في تقدير عاقل أن نجعل مِن مثل هذه الأخطاء والتقصيرات تُكَأَةً لرفض تلك الجهود، وإلا وجَب إدارة ظهورنا للحضارة البشرية جملة؛ لأنها لم ولن ولا يمكن أن تخلوَ من الأخطاء!

 

أليس من العجيب أن يقول السيد أوزون: إن القرآن لا يجري على قواعد النحو والاشتقاق؟ فعلى أية قواعد إذًا يجري؟ إن ذلك لهو الخطَل بعينه، سواءٌ في حُكم المنطق الإنساني، أو في حكم القرآن نفسه، ألم يمرَّ الكاتب، وهو يقلب أوراق المصحف الشريف، بقوله عز شأنه مثلًا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]، أو بقوله: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]، أو بقوله: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]؟ وهل القواعد التي استخلصها النُّحاة هي للسان قوم آخرين غير العرب الذين أُرسِل إليهم محمدٌ عليه الصلاة والسلام بذلك القرآن؟ إذا كان فليدُلَّنا المؤلف، ونحن له منصتون، ولعقولنا وقلوبنا فاتحون، ولتغيير رأينا - إن استبان لنا خطؤنا - مستعدون، بالله هل يمكن قيام تفاهم بين طرفين إذا كانت قواعد اللغة التي يستخدمها كل منهما مخالفةً لقواعد تلك التي يستعملها الآخر؟ إنه لهو المستحيل بشحمه ولحمه، إن كان للمستحيل لحم وشحم! وهذا هو حكم المنطق الإنساني بعد أن بيَّنا حكم القرآن الكريم.

 

ولنأخذ مثلًا أو اثنين من الأمثلة التي يدَّعي المؤلف أن القرآن قد خالف فيها قواعد العربية: فهو يقول: إن "أمسى" و"أصبح" و"ما دام" و"كان" لا تكون عند النحاة إلا ناقصة؛ أي: تحتاج إلى مبتدأ وخبر، ولا تكتفي بفاعل فحسب، رغم ورودها في القرآن تامة؛ أي: مكتفية بفاعل فقط، مثل: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ [الروم: 17]، و﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [هود: 107]، و﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280][3].

 

وهذا الكلام منه لا يخرج عن أحد أمرين: إما الكذب وسوء الطَّوية للإساءة إلى النحو وعلمائه، وإما الجهل الذي لا يليق بمن يتصدى لمثل هذه القضايا، وسوف أتركه يختار ما يحب منهما بنفسه لنفسه؛ ذلك أن النحاة قد ذكروا - بكل وضوح - أن "كان وأخواتها" (كلها تقريبًا بما فيها "أمسى وأصبح وما دام" التي وقف عندها المؤلف) تأتي ناقصة، وتأتي تامة، وضربوا (من بين ما ضربوه على إتيانها تامة) هذه الآيات الكريمات ذاتها، ولأنقل أولًا ما جاء في "ألفية ابن مالك" في هذا الموضوع، ثم أُقفِّي على أثَره بما قاله ابن عقيل وابن هشام في شرح كلام ابن مالك، ونص الألفية هو:

ومنعُ سَبْقِ خبرٍ "ليس" اصطُفِي
وذو تمامٍ ما برفع يَكتفي
وما سواه ناقصٌ، والنقص في
"فتئ، ليس، زال" دائمًا قُفِي

 

وقد علَّق عليه ابن عقيل بهذه الكلمات: "وقوله: "ذو تمام... إلى آخره" معناه: أن هذه الأفعال انقسمت إلى قسمين، أحدهما: ما يكون تامًّا وناقصًا، والثاني: ما لا يكون إلا ناقصًا، والمراد بالتام: ما يكتفي بمرفوعه، وبالناقص: ما لا يكتفي بمرفوعه، بل يحتاج معه إلى منصوب، وكل هذه الأفعال يجوز أن تستعمل تامة، إلا "فتئ" و"زال"، التي مضارعها "يزال"، لا التي مضارعها "يزول"، فإنها تامة، نحو "زالت الشمس")، و"ليس"، فإنها لا تستعمل إلا ناقصة، ومثال التام قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280]؛ أي: "إن وُجِد ذو عسرة"، وقوله تعالى: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [هود: 107]، وقوله تعالى: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ [الروم: 17][4]، أما ابن هشام فقد قال: "قد تُستعمل هذه الأفعال تامة؛ أي: مستغنية بمرفوعها، نحو: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280]؛ أي: وإن حصل ذو عسرة، و﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ [الروم: 17]؛ أي: حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح، و﴿ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [هود: 107]؛ أي: ما بقِيَت، وقوله: "وبات وباتت له ليلةٌ"، وقالوا: "بات بالقوم"؛ أي: نزل بهم، و"ظل اليومُ"؛ أي: دام ظلُّه، و"أضحينا"؛ أي: دخلنا في الضُّحى، إلا ثلاثة أفعال، فإنها ألزمت النقص، وهي: فتئ، وزال، وليس"[5].

 

والعجيب أيضًا أن مؤلِّفنا المتمرد الهدام، الذي لا يعجبه النحوُ والإعراب، ويشكك في وجود قواعد تحكم لسان العرب، قد كتب كتابه من مبتدَئِه إلى منتهاه على أساس من تلك القواعد النحوية[6]، التي تَنخَّلها سيبويه وأضرابه بعد استقرائهم لكلام العرب وأشعارهم وللقرآن المجيد، وهو أبلغُ رد على هذا التحذلق الفارغ، بل التنطُّع المَقِيت الذي ملأ به صفحات كتابه.

 

وأنت، أيها القارئ الكريم، حين تقرأ هذا الذي يقوله المؤلِّف، يقوم في نفسك أن هدفه هو الدعوة إلى مزيد من تقصِّي كلام العرب؛ كي تكون القواعد النحوية أكثرَ دقة وشمولًا، فلا يفلت منها استعمال قرآني أو شاهد شعري، كما أنك حين تراه يضيق صدرًا بالوقت والجهد الذي ينفق في تعليم الطلاب الجُمل التي لا محل لها من الإعراب مثلًا[7]، ما دام ذلك كله لن يأتي بأية ثمرة في واقع الأمر، (إذ ما الفائدة التي تعود على الطالب من معرفة أن هذه الجملة أو تلك لا محل لها من الإعراب إذا كانت معرفة ذلك أو الجهل به لن يترتب عليه صحة في النطق أو الكتابة أو خطأ فيهما؟) - يقوم في نفسك أيضًا أن المؤلف يبغي تخليص النحو من الزوائد المرهقة في غير طائل للمتعلمين، وهما هدفانِ مشروعان، بل يستحقان التشجيع والمعاونة، بَيْدَ أنك تفاجأ في مواضعَ مختلفة من الكتاب بأن المؤلف يدعو إلى إهمال الإعراب جملة وتفصيلًا، وهذه مقتطفات من أقواله تشهد بصدق كلامنا، قال في ص 31 - 32: "إنه ليستوي عندي إذا قلت: كان أحمدُ فائزًا، أو قلت: كان أحمد فائزٌ، أو قلت: كان أحمد فائزٍ، أو قلت: كان أحمد فائزْ"، وقال في ص 66: "إن علامة رفع المثنى أو جره أو نصبه (الألف والنون في الرفع، والياء والنون في النصب والجر) لا أهمية لها عندي، فسواء قلنا: "حضر الطالبان" أو "حضر الطالبين" فالفهم تمَّ بأن من قام بفعل الحضور هما الطالبان (الطالبين)، واستوعب السامع أن اثنين حضرَا، لا ثلاثة أو واحد مثلًا"، وقال في ص 77 ساخرًا من الإعراب: "يرتعد النحاة ويتضايقون إذا قال أحدنا: "إن الشمس ساطعةً"، أو "كان الجندي جريحٌ"، ولكنهم يقبلون مصطلح "مفعول معه"، وكيف يتم إنجاز الفعل من قبل الإنسان والشارع معًا؟"، وقال في ص 87: "إنه يستوي عندنا القول تمامًا في الجمل اللاحقة: "جاء أبو وليد"، "رأيت أبو وليد" (عوضًا عن "أبا وليد"، "مررت بأبو وليد" (عوضًا عن "أبي وليد")؛ لأنه ببساطة يمكننا اعتبار "أبو وليد" اللقب اسمًا علمًا غير قابل للتبديل والتغيير".

 

كذلك فأنت، أيها القارئ الكريم، عندما تقرأ مثل هذه العبارات قد تظن أن غاية مؤلفنا هي تسكين أواخر الكلمات، أو إلزامها حالة واحدة من حالات الإعراب، أو اتباع ما يحلو للقارئ من هذه الحالات كيفما يتفق له دون ضابط أو ورابط، لكنك تنظر في مواضع أخرى من كتابه فتجد أنه إنما يريد إزاحة الفصحى وإحلال العامية محلها، وإليك بعضًا من أقواله في هذا السبيل: ففي ص 14 مثلًا يتساءل: "لماذا نشأت اللهجات العربية في مختلف أرجاء الوطن العربي ولم تعتمد قواعد اللغة العربية؟"، ليجيب بعد ذلك بصفحتين قائلًا: إن الجواب "يكمن في عدم استطاعة قواعد اللغة العربية أن تؤدي دورها المطلوب، بينما استطاعت لغتنا العريقة والجميلة أن تنتشر لتختلف اللهجات فيها انطلاقًا من مفرداتها الغنيَّة والكثيرة، فمثلًا في سوريا وفي مختلف أرجاء الوطن العربي يمكن لأي فرد عربي أن يفهم الحوار في الأفلام والتمثيليات والبرامج المصرية، علمًا أنها تتكلم اللهجة المصرية المحكية البعيدة كليًّا عما يسمونه اللغة العربية الفصحى (المقعَّدة)، والسبب ببساطة يعود لانتشار موجة الأفلام المصرية القديمة في العالم العربي؛ حيث ألِفت أذن المواطن العربي سماع لهجتها، ففهمها واستمتع بها، وأذكر هنا أنني كنت في زيارة للقُطر الجزائري الشقيق، ولم أستطع في اليوم الأول أن أفهم لهجتهم المختلفة، لكن بعد مرور أسبوع فقط من زيارتي، وبعد أن ألِف أذني سماع لهجتهم، تمكنت من فهم أكثر من ثلاثين بالمائة منها... وهكذا نجد أن ما نحتاج إليه هو أن تألَف الأذن اللهجة، وليس أن نتكلم بلغة منمقة مقعَّدة، وقد يقول أحدهم الآن: هل تريدنا أن نتكلم باللهجة العامية ونترك اللهجة الأم واللغة الأم، لغة القرآن الكريم؟ فأقول له: مهلاً يا سيدي، فأنت قد تركتها في الواقع، شئتَ ذلك أم أبيت[8]، الدليل على هذا وجود اللهجات المنتشرة في كافة أرجاء الوطن العربي، وإن حوارك مع أفراد أسرتك أو مع نفسك عندما تخطط وتفكر وتدبر هو بالعامية، حتى أحلامك تراها وتحكيها بالعامية، وما المشكلة إذا تمكنا من فهم لهجات لغتنا العربية الجميلة واستوعبناها؟ وهل ألغى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لهجات القبائل عند بعثته؟"، وفي ص 42 نقرأ ما يلي: "وهنا أتذكر فعلاً صحيحًا مضعفًا، هو فعل "مد"، فعند إسناد ذلك الفعل إلى الضمائر المختلفة لا نسمع أحدًا من ناطقي اللغة العربية المحكية (العامية) من المحيط إلى الخليج يقول: "مددت"، ونجدهم جميعًا يقولون: مدِّيت"، وبالمثل نسمعه في ص 46 يقول: "وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أكثر من نصف ناطقي اللغة العربية المحكية (العامية) يقولون للفتاة: "تلعبي" و"تكتبي" بإسقاط النون التي تدل على الرفع، شاء ذلك النحاةُ أم أبَوْا"، وفي ص 140 يقول: "إذا قال أحدنا: "أكل أحمدَ التفاحةُ" (بنصب الفاعل ورفع المفعول به)، فلا أحد منا يقول: إن الفاعل هو "التفاحة"، وإن المفعول به هو "أحمد"، بالرغم من مخالفة حركات أواخر الكلمات لاشتراطات النحاة، وهنا نأمل ألا يجيب أحدهم قائلًا: ولكن كيف نعرف الفاعل في قولنا: "قتل أحمدَ زيدٌ"، أو العكس: "قتل أحمدُ زيدًا"؟ هنا أجيب وبأعلى صوت: الفاعل هو الذي يأتي أولاً، وأوقِفوا هذه التخريجات التي لا تُسمِن ولا تغني من جوع، وما غايتها إلا إضاعة الجهد والوقت والمغالطة! وهل يستخدم القضاة في بلادنا العربية قواعدَ سيبويه النحوية ليعرفوا القاتل من المقتول عند استجواب الشهود الذين لا يحركون أواخر الكلمات في اللهجة العربية الدارجة؟".

 

من هذه المقتبسات أرجو أن يكون قد تبين مدى الاضطراب الذي يسُود دعوة الكاتب، وإن كنت لا أستبعد مع ذلك أن يكون قد قصد هذا قصدًا (قصده بنفسه أو قُصد له) بُغْيةَ التعمية على وعي القارئ وتخديره؛ كي يتسرب الغزل الذي يتغزله في العامية الدارجة إلى نفسه بهدوء ودون استفزاز، فلا يقف في وجهه رافضًا مستنكرًا.



[1] ص 22.

[2] ص 119 وما بعدها.

[3] ص 30 - 31.

[4] شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك/ تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد/ المكتبة العصرية/ صيدا - بيروت/ 1421هـ - 2000م/ 1/ 256 - 258.

[5] ابن هشام/ أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك / تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد / المكتبة العصرية / صيدا - بيروت / 1417 هـ - 1996م / 1 / 228 - 230.

[6] وإن كان في كتابه مع ذلك أخطاء ترجع إلى عدم اكتمال الأداة، وليس إلى المبدأ الفاسد الذي يلح عليه في مواضع كثيرة منه، والذي يدفعنا إلى تغيير عنوانه من: "الرفض التام لما في النحو من أوهام" إلى "الوهم المأفون لزكريا أوزون".

[7] ص 116.

[8] انظر كيف يقول كاتبنا الذكي: إننا قد تركنا لغة القرآن الكريم، ومع هذا فإنه في نهاية الكتاب يحاول استغفال القراء، زاعمًا أن نبذنا للغة العربية شيء، وحفاظنا على لغة القرآن شيء آخر؛ إذ هو (كما يقول) صيغة تعبيرية لا مجال لمناقشتها (ص 171)، وهو كلام قاله غيره من أعداء العروبة والإسلام قبلاً (مثل ولهلم سبيتا الألماني في كتابه: "قواعد العامية العربية في مصر"، ولم يدخل عقل أحد، فهل ينجح أوزون فيما فشل فيه هؤلاء، وقد كانوا أكثر منه ثقافة وذكاءً وخبثًا؟ لا إخال ذلك دهر الداهرين! وبالله كيف يمكننا فهم القرآن الكريم بعد أن نكون قد تركنا اللغة الفصحى المكتوب بها، واصطنعنا عامية الشوارع التي لن تكون ثمة علاقة بينها وبين لغة القرآن آنذاك؟ إن هذا هو منتهى الاستغفال!).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دفاع عن النحو والفصحى (1)
  • دفاع عن النحو والفصحى (3)
  • دفاع عن النحو والفصحى (4)
  • دفاع عن النحو والفصحى (5)
  • دفاع عن النحو والفصحى (6)
  • دفاع عن النحو والفصحى (7)
  • من أثر اللغة الفصحى في الملتزمين بها
  • النحو العربي والعلوم الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • محاضرات في الدفاع عن القرآن: المحاضرة الثالثة: أصول وقواعد في الدفاع القرآن(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • دفاع عن النحو والفصحى (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (15)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (14)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (13)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (12)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (11)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (10)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (9)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دفاع عن النحو والفصحى (8)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب