• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

مادة (ح ك م) وطرف من دلالاتها

مادة (ح ك م) وطرف من دلالاتها
مصطفى مهدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2014 ميلادي - 27/1/1436 هجري

الزيارات: 5458

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مادة (ح ك م) وطرف من دلالاتها


المادَّة هي البِنية التي تصاغ منها الكلمات العربيَّة بعد تَجريدها من الزيادات، وتفريغها من الأزمان، وردّها إلى أصلها الدَّالّ على معنى من المعاني الكلّيَّة التي تتنوَّع الصيغ المشتقَّة منها بحسب الحركات والسَّكنات، وبِحسب أحرف الزيادات، ومختلف الصيغ التي تعطي متنوّع الدلالات.

 

ومن المواد التي يتفرَّع عنها الكثير من الصيغ، ويشتقّ منها الكثير من الكلِمات: مادَّة "ح ك م"، التي قال ابن فارس[1] فيها: "الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع.

 

وأوَّل ذلك الحُكْم، وهو المَنْع من الظُّلْم، وسمِّيَتْ حَكَمة الدابَّة لأنَّها تمنعُها؛ يقال: حَكَمْت الدَّابةَ وأحْكَمتها، ويقال: حكَمت السَّفيهَ وأحكمتُه، إذا أخذتَ على يديه، قال جرير:

أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ أَنْ أَغْضَبَا

 

الحُكْم:

من الألفاظ المبنية على هذه المادة "الحكم"، ويَختلف معناه بحسب الاصطِلاح الخاصّ وبحسب المجال الَّذي يُطلق فيه؛ فالحكم ينقسم إلى:

1- حكم شرعي:

وقد عرَّفه الفقهاء بأنَّه "خطاب الشَّرع وقوله" كما قاله الإمام أحمد - رحمه الله[2].

 

وأمَّا الأصوليّون فعرَّفوه بما قال في "الكوكب المنير"[3]:

"وقَالَ كَثيرٌ مِن العُلَمَاءِ: إنَّ الحُكْمَ الشَّرْعِيَّ خِطابُه المُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ المُكَلَّفِ".

 

والسبب في اختلاف التَّعريفين أنَّ الفقهاء نظروا للمصْدر؛ وهو الله تعالى، والأصوليُّون نظروا إلى متعلّقه؛ وهو فعل العبد.

 

والحكم الشَّرعي نوعان:

أ- حكم تكْليفي:

وهو ما تعلَّق بالمكلفين؛ أي العقلاء البالغين، من حيثُ طلَب الفعل أو الكفّ، والطَّلب هو الاقتِضاء، أو من حيث التَّخيير، وهو الَّذي قال فيه الزَّركشي في "البحر المحيط":

"خِطابُ الشَّرْعِ المُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ المُكَلَّفِ بِالاقتِضاءِ أو التَّخْيِيرِ"[4].

 

ب- حكم وضعي:

وعرَّفه في "الكوكب المنير" بأنَّه "خبر استفيد من نصب الشَّارع علمًا معرفًا للحكم"[5]؛ أي: إنَّ الله - تعالى - جعل للحكم علامات وأمارات دالَّة على المطالبة إذا ما حدثتْ ووقف عليها المخاطب، وهذه العلامات: العِلَل والأسباب والشّروط.

 

وذكر القرافي[6] الفروق بين الخِطاب التَّكليفي والخطاب الوضْعي، وهي أنَّ خطاب الوضْع ليس كخِطاب التَّكليف فلا يشترط فيه:

1- العلم

2- القدرة

3- الكسب.

 

ولكن استثنى الشَّرع قاعدتَين كليَّتين من المؤاخذة بخطاب الوضْع، وهما مبنيَّتان على الحكمة والرَّحمة بالخلْق، وهُما:

1- أسباب العقوبات.

2- انتِقال الأملاك.

 

2- حكم قضائي:

وهو الحكم الذي يقرّر فيه ثبوت الإدانة أو الحقوق، بعد النَّظر في القرائن والأدلَّة، والاستِماع إلى الشهود، ثمَّ يفصل به بين المتنازعين في القضايا المختلفة، ومن خصائص هذا الحكم أنَّه رافع للخِلاف، وواجب التَّنفيذ على المخالف لمذْهب الحاكم، ولا يجوز نقْضه إلا في مواطن مستثناة، وهي ما في قول الناظم:

إِذَا قَضَى حَاكِمٌ يَوْمًا بِأَرْبَعَةٍ
فَالحُكْمُ مُنْتَقَضٌ مِنْ بَعْدِ إِبْرَامِ
خِلافُ نَصٍّ وَإِجْمَاعٍ وَقَاعِدَةٍ
كَذَا قِيَاسٌ جَلِيٌّ دُونَ إِبْهَامِ

 

3- حكم عقلي:

وهو إثبات أمْر لأمرٍ من غير توقّف على عادة ولا تكْرار ولا وضْع واضع، وهو أقسام ثلاثة: واجب ومُمكن ومستحيل.

 

4- حكم عادي طبيعي:

ربْط شيءٍ بشيْء آخر بالاعتماد على العادة والتكرار، مع صحَّة جواز التخلُّف وعدم تأثير أحدِهما في الآخر، وهو أقسام أربعة:

ترتُّب وجود على وجود، ووجود على عدَم، وعدَم على وجود، وعدَم على عدَم.

 

5- الحكم المنطقي:

إدْراك وقوع النِّسبة أو عدمه.

 

6- الحكم عند اللغويين:

إسناد أمرٍ لأمرٍ إيجابًا أو سلبًا.

 

الحِكْمة:

ومن الألفاظ التي تدور على نفس المادَّة، وتتعدَّد دلالتها بحسب المتكلّم بها، لفظ "الحكمة"، وهي من الألفاظ التي وردت في اللسان الشرعي، وفي اللسان العربي، وعند طائفة الفلاسفة وأرْباب الأخلاقيات والسلوك، وبيان ذلك على ما يلي:

1- الحكمة في اللغة:

قال في لسان العرب (12 - 140):

"الحَكْمَةُ عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم".

 

وقال في القاموس (1 - 1415):

"الحِكْمَةُ بالكسر: العَدْلُ والعِلْمُ والحِلْمُ والنُّبُوَّةُ والقُرْآنُ والإنْجِيلُ".

 

2- الحكمة في لسان الشرع:

القرآن الكريم:

قال الله - تعالى -: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151].

 

ونقل ابن جرير (1 - 606) بعض أقوال العلماء في المراد بالحِكْمة، فقال:

عن قتادة: السنَّة، وعن ابن زيد: الدّين الَّذي لا يعرفونه إلاَّ به - صلى الله عليه وسلم - يعلّمهم إيَّاها، والحكمة العقل في الدّين، وشيء يجعله الله في القلْب ينوّر له به.

 

وقال بعد ذلك مبيّنًا اختِياره:

"الصَّواب من القول عندنا في الحكْمة أنَّها العلم بأحْكام الله التي لا يدرك علْمها إلاَّ ببيان الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- والمعرفة بها وما دلَّ عليه ذلك من نظائره، وهو عندي مأخوذ من الحكم الَّذي بمعنى الفصل بين الحقّ والباطل، بمنزلة الجِلْسة والقِعْدة من الجلوس والقعود".

 

وقال ابن الجوزي (1 - 146):

"الحكمة السنَّة، قاله ابنُ عباس، وروي عنه: الحكمة الفقه والحلال والحرام ومواعظ القرآن، وسمِّيت الحكمة حكمة؛ لأنَّها تمنع من الجهل".

 

وقال - سُبحانه -: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 269].

 

وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ﴾ [الإسراء: 39].

 

قال السَّعدي: (ص 458):

"فإنَّ الحكمة الأمر بِمحاسن الأعمال ومكارم الأخْلاق، والنَّهي عن أراذل الأخْلاق وأسوأ الأعمال، وهذه الأعمال المذْكورة في هذه الآيات من الحكمة العالية التي أوْحاها ربُّ العالمين لسيِّد المرسلين في أشرف الكتُب ليأمر بها أفضل الأمم، فهي من الحكمة الَّتي مَن أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا".

 

وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (1 - 6):

"وقد قال غيرُ واحد من العلماء - منهم يحيى بن أبي كثير وقتادة والشَّافعي وغيرهم -: الحكمة هي السنَّة؛ لأنَّ الله أمر أزْواج نبيِّه أن يذْكُرن ما يُتلى في بيوتهنَّ من الكتاب والحكمة، والكتاب القرآن، وما سوى ذلك ممَّا كان الرَّسول يتْلوه هو السنَّة".

 

وقال البيضاوي في الحكمة عند تفسيره لقول الله - تعالى -: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]: الحكمة: المقالة المحْكمة، وهو الدَّليل الموضّح للحقّ، المزيح للشُّبْهة.

 

وأمَّا قوله - تعالى -: ﴿ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴾ [ص: 20]، فقد أشار ابنُ جرير (10 - 563) إلى اختِلاف المفسِّرين في هذا الموضع؛ فقال السدّي: النبوَّة، وقال قتادة: السنَّة.

 

وزاد ابن كثير (4 - 39):

"قال مجاهد: يعني الفهم والعقل والفطنة، وقال مرَّة: الحكمة والعدْل، وقال مرَّة: الصواب".

 

السنة النبوية:

وأخرج مسلم (ح 816) وغيره عن ابن مسعود أنَّه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حسد إلاَّ في اثنتَين: رجُل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكتِه في الحق، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلِّمها)).

 

قال النَّووي في شرح مسلم (6 - 98):

"الحكمة كلّ ما منع من الجهْل وزجر عن القبيح".

 

وذهب الحافظ في الفتح (1 - 167) إلى أنَّ الحكمة القرآن، واللام في الحِكمة للعهد، واعتمد على الرّواية الأخرى الواردة عن ابنِ عمر مرفوعًا: ((لا حسدَ إلاَّ على اثنتَين: رجُل آتاه الله الكتاب وقام به آناءَ اللَّيل، ورجُل أعطاه الله مالاً فهو يتصدَّق به آناء اللَّيل والنَّهار))؛ البخاري (4737).

 

الحكمة عند الأصوليين:

اختلف الأصوليّون في المراد بالحكمة، ومن ثمَّ اختلف الأصوليّون في جواز الاعتِماد عليْها في باب القِياس وتعْدية الحكم من الأصل إلى الفرْع والتَّعليل بها.

 

فالحكمة عند الغزالي هي العلَّة المخيلة والمعنى المناسب المعقول في تعْليل السَّبب وتعدّيه، كما أشار إلى ذلك في كتابه "شفاء الغليل": (ص 612).

 

ونقل الزَّركشي في "تشنيف المسامع" (3 - 215) عن الأصوليّين أنَّ الحكمة عندهم تُطْلَق على معنيَين:

أ- المصلحة المقْصودة لشرْع الحكم.

ب- الوصف الضَّابط للمصْلحة إن كان خفيًّا.

 

ثمَّ نقل مذاهب العُلماء في جواز التَّعليل بالحِكْمة، فقال:

"فأمَّا الحكمة بالمعنى الأوَّل فلا يصحّ نصبها أمارةَ الحكم؛ إذْ هي متأخّرة عن الحكم في الوجود، فكيف يعرف الشيء بما لا يوجد إلاَّ بعد وجوده، وكيف يعلّل الحكم بفرع ثبوته؟ وأمَّا المعنى الثاني فيمتنع التَّعليل به؛ لخفائها واضطرابِها.

 

وحاصل ما ذكره المصنف - السبكي في "جمع الجوامع" - في جواز التَّعليل بالحكمة ثلاثة مذاهب:

أحدها - وهو الأصحّ عند الإمام -: الجواز.

الثاني: المنع.

الثالث: التَّفصيل؛ فإن كانت ظاهرةً منضبطة بحيث يجوز التَّعليل بها، وإلاَّ فلا، واختاره الهندي وصحَّحه ابن الحاجب.

 

لأنَّا نعلم قطعًا أنَّها المقْصودة للشَّارع، وإنَّما عُدل عن اعتِبارها لمانع خفائِها واضطِرابِها، فإذا زال المانع جاز اعتِبارها".

 

الحكمة الإلهية:

قال ابن تيمية في "منهاج السنَّة" (1 - 141):

"أجْمع المسلمون على أنَّ الله -تعالى- موصوف بالحكمة، لكن تنازعوا في تفْسير ذلك، فقالت طائفة: الحكمة ترجع إلى عِلْمه بأفعال العباد وإيقاعها على الوجْه الذي أراده، ولم يثبتوا إلاَّ العلم والإرادة والقُدرة.

 

وقال الجُمْهور من أهل السنَّة وغيرهم: بل هو حكيمٌ في خلْقِه وأمره، والحِكْمة ليستْ مطلق المشيئة؛ إذْ لو كان كذلك لكان كلّ مُريدٍ حكيمًا، ومعلوم أنَّ الإرادة تنقسِم إلى محْمودة ومذْمومة، بل الحكمة تتضمَّن ما في خلْقه وأمره من العواقب المحْمودة والغايات المحبوبة، والقول بإثبات هذه الحِكْمة ليس هو قول المعتزِلة ومن وافقهم من الشّيعة فقط، بل هو قول جماهير طوائف المسلمين من أهل التَّفسير والفِقْه والحديث والتصوّف والكلام وغيرهم، فأئمَّة الفقهاء متَّفقون على إثْبات الحِكْمة والمصالح في أحْكامه الشَّرعيَّة".

 

الحكمة عند علماء الأخلاق والسلوك:

قال الشيخ عبدالرحمن حبنكة في "الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها" (1 - 17):

"الحكمة هي ضبط السّلوك وتوجيهه وفق مقتضى العقل السَّليم والدين القويم".

 

وأشار إلى أنَّ في الحِكْمة عنصرين:

أ- عنصر ضبط النَّفس عن الانطلاق والكفّ عن الانْحراف.

ب- عنصر التَّوجيه الَّذي فيه تحديد الاتّجاه والسَّعي نحوه.

 

وقسم الحِكْمة إلى:

أ- حكمة نفسيَّة.

ب- حكمة ظاهِرة في السّلوك.

 

الحكمة عند الفلاسفة والمناطقة:

قال الجرجاني في "التَّعريفات" (ص123):

"الحكمة علمٌ يبحث فيه عن حقائق الأشْياء على ما هي عليه في الوجود بقدر الطَّاقة البشريَّة، فهي علم نظَري غير آلي، والحكمة أيضًا هي هيْئة القوَّة العقليَّة العلميَّة المتوسّطة بين الغريزة، الَّتي هي إفْراط هذه القوَّة، والبلادةِ التي هي تفريطها".

 

قالوا عن الحكمة:

أخرج البيهقي في "الشعب" (ح 742) عن عبدالله بن مسعود أنَّه كان يقول في خطبته: "خير الزَّاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله - عزَّ وجلَّ".

 

وعن كثير بن مرَّة الحضرمي يقول: "لا تحدّث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك، ولا تحدّث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك" (ح 1765).

 

وقال الأبشيهي في "المستطرف" (ص187):

"قال وهب بن الورد: بلَغَنا أنَّ الحكمة عشرة أجزاء، تِسعة منها في الصَّمت، والعاشر في عُزلة النَّاس".

 

الحكيم:

الحكيم فعيل، وهذه الصّيغة تأتي بمعنى فاعل وتأتي بِمعنى مفعول، فالحكيم بمعنى فاعل؛ أي: ذو الحكمة، المتَّصف بالحكمة على الوجه اللائق، فإن كان الله - تعالى - فله الحكمة البالغة كما نطق القُرآن بذلك، وكما أنَّه هو الحكيم العليم كما ذكر القرآن ذلك في غير ما آية.

 

فالحكيم من الأسماء الحسنى والصّفات العلى كما هو مقرَّر عند أهل السنَّة أنَّ ما يطلق على الله -تعالى- ممَّا ورد به الدَّليل يقع اسمًا علمًا ووصفًا، ويتضمَّن الدلالة على الذَّات وغير ذلك من الصّفات.

 

والحكيم والحَكَم بمعنى الحاكم؛ أي: القاضي، أو بمعنى مُحكِم؛ أي: متقن الأفعال والأشياء، وقد ورد الحاكم بصِيغة الجمْع خمس مرَّات في آي القُرآن، وورد الحكيم في أربعةٍ وتسعين موضعًا.

 

ومعناها في حقّ الله - تعالى -: أنَّ الحَكَم هو من سُلم له الحكم ورُدَّ إليه الأمر، والحكيم هو مَن لا يدخل تدبيرَه خلَلٌ ولا زلل، وهو مَن يضع الأشياء في محلّها وهو الَّذي لا يفعل ولا يقول إلاَّ الصَّواب[7].

 

وأمَّا الحكيم في وصْف القرآن - كما ذكر الله تعالى في كثيرٍ من الآيات - فالمراد به أنَّه إمَّا حاكم على غيره من الكتُب والمِلَل والشَّرائع، وأنَّه حاكم على النَّاس في أقوالهم وأعمالِهم في الدُّنيا والآخرة.

 

وإمَّا أنَّه بمعنى مُحكَم؛ أي: متْقَن في الصّياغة والبلاغة والأحْكام والتَّشريعات، وجلْب مصالح الدَّارين ودرْء مفاسدِهِما عن الخلق أجمعين، فلا يخلّ بالفصاحة والبيان، ولا يزلّ في مواقع التَّشريع والأحْكام.

 

وأمَّا الحكيم من البشَر، فهو العالم بالحِكْمة، العامل بها، على الاختِلاف السَّابق في تحديد مفهوم الحكمة عند مختلف الطَّوائف.

 

وقد يراد به الحاكم أيضًا، والحاكم يُطْلَق في لسان الفقهاء ويُراد به القاضي الشَّرعي، كما يذكرون ذلك في باب الولايات على الصّغار، والنكاح، والحجر، والنزاعات والخصومات في الجنايات، وأمَّا الإمام الأعظم كالخليفة فيُطلق عليه لقب السلطان والإمام والخليفة.

 

وقد اشترط الفُقهاء في الحاكم جملة من الشروط تؤهِّله للنَّظر في أحوال المسلمين، وتطبيق شرع الله -تعالى- فيهم، ومن ذلك ما قاله الإمام الحجاوي في "الإقناع" (4 - 368) في أنَّه يشترط فيه عشر صفات على تفْصيل في محلِّه، وملخَّصها:

1- البلوغ.

2- العقل.

3- الذكورة.

4- الحرّيَّة.

5- مسلم.

6- عدل.

7- مجتهد.

8- سميع.

9- بصير.

10- ناطق.



[1] 2 - 91.

[2] 1 - 333.

[3] 1 - 334.

[4] 1 - 91.

[5] 1 - 434.

[6] "الفروق": 1 - 291 وما بعدها.

[7] ملخَّصًا من "المنهج الأسمى" لمحمد النجدي: ص 169 - 170، ط. مكتبة الإمام الذهبي الكويت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الألفاظ الحضارية ودلالاتها وأمثلة منها ( البرفرا )
  • الألفاظ الحضارية ودلالاتها وأمثلة منها ( الممزج )
  • الألفاظ الحضارية ودلالاتها وأمثلة منها ( الكنكلة )
  • الألفاظ الحضارية ودلالاتها وأمثلة منها ( الجغانة )

مختارات من الشبكة

  • البوسنة: تهديدات على إثر حذف مادة الدين من المواد الإجبارية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المادة اللغوية في القواميس العربية، وأبرز قضاياها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تطبيق المقاصدية في الفروق اللغوية والتآلف الدلالي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإيجار: أهميته، مشروعيته، خصائص عقده(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • خلاصة التجربة الفرنسية في مجال علم أصول الفقه(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مسألة المواد السمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ندوة لمدرسي المواد الإسلامية جنوب غرب صربيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإخفاق في مناقشة المادة المدروسة(استشارة - الاستشارات)
  • بنية المادة في فيزياء الكوانطا ومآلاتها الإبستمولوجية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسجد يوزع المواد الغذائية كل شهر على المحتاجين في فورت وورث(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب