• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التأويل بالحال السببي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / مع الكُتاب
علامة باركود

الحائر ( قصة )

د. أحمد أبو اليزيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/3/2014 ميلادي - 4/5/1435 هجري

الزيارات: 5176

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحائر


في القرن الرابع الهجري تدهورت الأوضاع في المشرق الإسلامي؛ حيث عانت الخلافة العباسية من ضعفٍ شديدٍ أدى إلى تمزُّق سلطانها إلى إماراتٍ صغيرة، ففي بغداد لم يكن للخليفة سلطانٌ حقيقي على البلاد؛ لغلبة الدولة البويهية، وفي باقي الأمصار ظهَرت دولٌ تُنازِع العباسيين الحكم؛ كالحمدانية، والطولونية، والإخشيدية، أما بلاد المغرب العربي، فكانت تحت إمرة الدولة العبيدية الشيعية المسمَّاة زورًا بالفاطمية، وعلى النقيض كانت الأندلس في ازدهار شديد في حكم بني أمية، وصل هذا الرقي إلى منتهاه في عهد عبدالرحمن الناصر.

 

وفي المنتصف الثاني من القرن الرابع الهجري كانت مصر تحت حكم الدولة الإخشيدية التي كان على رأسها كافور وصيًّا على العرش لأبناء محمد بن طغج الإخشيدي الصغار.

 

(1)

لثمانية وأربعين عامًا خلون من القرن الرابع الهجري، وأسفل عمود التفسير في مسجد ابن طولون في مدينة القطائع المصرية، جلس طلبة العلم في انتظار شيخهم، وكالعادة جلس أبو حمزة حامد بن عبيدالله الأسدي إلى جوار صديق عمره أبي عبدالله محمد بن شهاب الدين الآجرِّي.

 

أبو حمزة: يا صاحبي، أفتني في أمرٍ يَجول بخاطري منذ فترة من الزمان.

 

• أبو عبدالله: أفصِح أخي وأبشِر.

♦ أبو حمزة: أريد الرحلة في طلب العلم.

 

• أبو عبدالله: (متعجبًا) الرحلة، ولمَ يا صاحبي؟

ها أنت ذا قاربت أن تكون شيخًا وإمامًا في علوم التفسير والقرآن، ما هي إلا أيام معدودات ويُجيزك شيخُنا - أطال الله في عمره - في الكتب الستة، وتُصبح بعدها شيخَ عمود في مسجد ابن طولون، ثم يبتسم قائلاً: فأنت أنبغ تلامذة الشيخ وأكثرهم حظوةً لديه.

 

♦ أبو حمزة (بلهجة غير المُكترِث): ثم ماذا بعد؟

• أبو عبدالله: ثم تترقى في هذا السلَّم حتى تصير من كبار علماء مصر.

 

♦ أبو حمزة: وهل يكفي علم أهل مصر فقط حتى تَصير عالمًا؟! لا والله، إن العلم إذا طُلب، فإنه يُطلب من منبته.

• أبو عبدالله: أنت في مصر - يا فتى - قِبلة العلم والعلماء.

 

ألا تذكر الشافعي بعدما حصَّل علم أبي حنيفة في بغداد، وعلم مالك في المدينة، استوطن مصر.

♦ أبو حمزة: كان هذا تاريخًا مجيدًا ولَّى وانقضى.

 

• أبو عبدالله: إذًا أي البلاد ترنو؟

أبغداد أم دمشق أم المدينة المنورة؟

♦ أبو حمزة (متأمِّلاً الأفق البعيد): أنظر إلى ما هو أبعد.

 

• أبو عبدالله: ماذا تقصِد بالله عليك؟

ثم يتساءل مازحًا: أما زال البخاري ومسلم في بلاد ما وراء النهر؟

♦ أبو حمزة (متجاهلاً تلك المزحة وبنبرةٍ حالمة): بل الأندلس! إلى قرطبة.

 

• أبو عبدالله (صائحًا): أجُننتَ يا رجل؟!

ثم يقترب منه ويقول بصوت خافت ناهرًا ومحذِّرًا:

وهل تريد الرحيل حيث ملك بني أمية؟! آه لو علم بنو العباس أو حتى بنو الإخشيد.

♦ أ بو حمزة: وما لي والملك والسلطان، إنما أنا طالب علم؟!

 

• أبو عبدالله: وهل لم تجد إلا الأندلس يا رجل؟!

أيرحَلُ أهل الغرب إلى الشرق طلبًا للعلم، وأنت تسبَح ضد التيار؟!

♦ أبو حمزة: نعم؛ حيث يجتمع هناك علم العرب مع علم الإغريق والرومان.

 

• أبو عبدالله (متعجبًا): الإغريق والرومان؟!

و هل تَشتهي يا عالم التفسير والقرآن الفلسفة وعلم الكلام؟!

♦ أبو حمزة: وأشتهي أيضًا الطب والتاريخ.

يا صاحبي، أمَا علِمتَ أن مسجد قرطبة منارة العلم في العالم أجمع.

 

فترة من الصمت...

 

• أبو عبدالله: أشعر يا رفيق دربي أن أحوال مصر تدفعُكَ دفعًا للخروج.

♦ أبو حمزة (يتنهَّد بحسرة): مصر!

و هل في مصر خير الآن مع تلك الثورات والحروب... مع الحمدانيِّين تارة، وفي الجنوب تارة.

• أبو عبدالله (متحسِّرًا): ما في اليد مِن حيلة.

♦ أبو حمزة (مُستطرِدًا وكأنه لم يسمَع صاحبه): كانت إمارة عباسية، فدولة طولونية، فإمارة عباسية، فإخشيدية، ثم كافور حاكمًا للبلاد!

 

• أبو عبدالله: إنه لم يسمِّ نفسه بعدُ واليًا.

♦ أبو حمزة: سيفعل حتمًا ما... وإن قتَلَ بني الإخشيد جميعًا في سبيل ذلك.

إنها شهوة الحكم صديقي.

 

• أبو عبدالله: وهل يَجرؤ؟ وأين هو مِن بطش بني العباس؟

♦ أبو حمزة: بنو العباس؟!

كلها أسماء لا تُغني عن صاحبها شيئًا.

ما بين معتضد ومكتفٍ وراضٍ ومستكفٍ بالله... لا فرق كبير.

 

فترة من الصمت...

 

♦ أبو حمزة (بلهجة المتأمِّل):

إن العلم يا صديقي يحتاج إلى الاستقرار...

العلم كالنبت يحتاج إلى الماء والهواء...

 

الشرق الآن مربض دوابَّ تتصارع فيه القطط مع الفئران في حضرة مولانا السلطان، أما الأندلس، فهي شمس الدنيا، وقمر يتلألأ في سماء الأكوان...

انظر يا صديقي إلى قرطبة... حاضرة العلم والعلماء.

 

هل سمعت عن إقبال طلاب العلم مِن شتى بقاع الأرض إليها؟

بل انظر معي إلى مدينة الزهراء؛ حيث مجد السلطان.

هل سمعت كيف يعامل ملوك أوروبا عبدالرحمن الناصر خليفة المسلمين؟

 

• أبو عبدالله (ملتفتًا حوله... ويقول بصوت خافت): وهل تُنادي به خليفة هكذا؟! إنه عدو بني العباس ومُنازِعُهم في خلافتهم.

♦ أبو حمزة: التي هي في الأصل خلافته.

 

• أبو عبدالله: لقد فتنتْك الأندلس.

 

يَبتسِم الصديقان.

فترة من الصمت..

 

• أبو عبدالله: دعْنا من حديث المُلك..

وكيف تصل إلى بلاد الأندلس وأنت لا تَملك مدَّ بَقلة؟

♦ أبو حمزة: سأفعل مثلما فعل بقي بن مخلد - رحمه الله - في رحلته لأحمد، سأتزود بكل ما أملك حتى إذا بلغت موطنًا ونفَد زادي بقيت مدة من الزمن حتى أكتسب زادًا، والله هو الرزاق البصير.

 

• أبو عبدالله: هذا أمر شاق عسير.

♦ أبو حمزة: ليس هذا ما أخشاه... سأصل بعد عام أو عامين لا يهمُّ.

ولكن إن أكثر ما أخشاه... إن أكثر ما أخشاه... (مترددًا).

 

• أبو عبدالله: الفاطميون؟

♦ أبو حمزة: أجل يا صاحبي... هؤلاء العبيديُّون... أنت أعلم بعدائهم لأهل السنَّة.

 

• أبو عبدالله: عليك إذًا بالتخفِّي.

♦ أبو حمزة: وهل يَصبِر مثلي على أن يسمع سبًّا للصحابة ولا يَنبس ببنت شفة؟!

إني لا أقوى على ذلك، الحمد لله أن بيننا وبينهم الصحراء.

 

يدخل الشيخ وحوله بعض من طلبة العلم.

 

• أبو عبدالله: دعني أفكر مليًّا.

♦ أبو حمزة: حسنًا... حتى يقضيَ الله أمرًا كان مفعولاً.

 

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، نَستكمِل اليوم تفسير سورة النساء، قال الله - عز وجل -: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ [النساء: 100] الآية.

 

• نظَر أبو عبدالله إلى صديقه، وقال مبتسمًا: أبشر...

قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.

 

(2)

خمسة أعوام بعد منتصف القرن الرابع الهجري، وعلى مشارف قرطبة؛ حيث تبزغ من بعيد مآذن مسجد قرطبة الكبير وهي تعانق إشراقة الشمس.

 

♦ أبو حمزة: أتذكُر هذا الموقف منذ خمسة أعوام.

• أبو عبدالله: أجل، وهل أنساه أبدًا؟

(متنهدًا)...

 

منذ خمسة أعوام وصلنا إلى قرطبة بعد عامين مُتواصلَين من عناء السفر والتنقل من مِصرٍ إلى مِصرٍ، ومن قريةٍ إلى قرية، قطعنا فيها مفاوز حارة، وكثبانًا رملية، وتِلالاً صخرية... ذكريات الرحلة لا تُنسى.

 

ليالٍ باردة على شاطئ البحر في الإسكندرية، ومُطاردة اللصوص على مداخل إفريقية، تاجر جشع في جوار القيروان، وتقاليد بربرية في الصحراء، وتخفٍّ من العبيدين في المغرب، آه من العبيديِّين وفساد عقيدتهم.

 

• أتذكر ماذا قلتَ يوم وصلنا قرطبة؟

♦ أبو حمزة (مبتسمًا): الله أكبر، هذا هو مسجد قرطبة الكبير، وأنت أيضًا كبَّرتَ وهللت وحمدت الله على تلك المنة.

 

برهة مِن الصمت...

 

♦ أبو حمزة: لكَمْ هوَّنتَ عليَّ في رحلتي تلك يا رفيقَ الدرب.

• أبو عبدالله: وهل كنتُ أستطيع فراقك يا صديق العمر.

 

♦ أبو حمزة: خمسة أعوام في طلب العلم، حصَّلتُ فيها خيرًا كثيرًا.

• أبو عبدالله: نعم، لقد كنتَ مصيبًا في رؤيتك بالرحلة إلى طلب العلم.

 

♦ أبو حمزة: أتعلم ما الفارق بين مصر والأندلس؟

• أبو عبدالله: العلم!!

 

♦ أبو حمزة: لا، إن ما أظنه أن العلم في مصر ما زال بخير، ولكنه كبئرٍ معطَّلة لا تستطيع أن تنهل منه إلا رشفة أو رشفتَين، بل الفارق هو النظام؛ نظام يَرعى العلم، ونظام يتنازع على كرسي السلطان.

 

في مصر كان لا ينقصننا سوى النظام، كنت أنا أعمل حدادًا - وأنت كذلك كنتَ مزارعًا - مع طلبنا العلم، فكان الأمر شاقًّا، أما هنا، فلأنك طالب علم مُجدٌّ؛ فإن لك راتبًا من بيت المال يضمَن لك حياة كريمة.

 

• أبو عبدالله: أصبتَ، فالنفس إذا أوتيت رزقها اطمأنَّت.

♦ أبو حمزة: بل وأنتجت عِلمًا وعملاً، هأنذا قد نلتُ علوم الطب والتاريخ والفقه المالكي كله في خمسة أعوام.

 

• أبو عبدالله: رحم الله الخليفة عبدالرحمن الناصر وبارك في ابنه الخليفة الحكم المستنصر بالله؛ فهم خير عون على طلب العلم.

♦ أبو حمزة: أما مصر، فما زالت تحت حكم كافور، وكما قلت لك منذ عقد من الزمان تقريبًا: سيُنصِّب نفسه واليًا على مصر.

 

• أبو عبدالله: صدقت، منذ عام وهو والي مصر، ولكن الناس تصفه بالخير، ألم تقرأ شعر المتنبي فيه؟!

♦ أبو حمزة: أما عن كونه صالحًا، فنسأل الله له التوفيق لخير البلاد، وله السمع والطاعة في غير معصية الله، وفي مثله: ((وإن تأمَّرَ عليكم عبدٌ حبشي)) وهو كذلك، أما عن شعر المتنبي، فللمال سحرٌ يَنزع الكلمات من بين ثنايا الشعراء نزعًا فيَصبُّها في أي مقال يُحبُّ، ولعله يهجوه يومًا إن لم يجد ما اعتاد عليه منه.

 

المعضلة في مصر يا صديقي، ليست في كافور ذاته، بل في اضطراب النظام.

 

• أبو عبدالله: ومتى سنعود أدراجنا إليها إذًا، فقد استقرت الأوضاع إلى حدٍّ ما كما تعلم؟

♦ أبو حمزة: لكم وددتُ ذلك اليوم قبل الغد، ولكن يبقى لي علم الكيمياء سوف أنتهي منه خلال عامين من الآن، وبعده نَنطلِق إلى مصر.

 

• أبو عبدالله: أتمنى ألا تأتي بعد عامين تقول لي: علم الجغرافيا يتطلَّب عامَين آخرَين!

♦ أبو حمزة (ضاحِكًا): ربما...

 

• أبو عبدالله (متنهِّدًا): لقد مللت يا صديقي من الغربة هنا، فبرغم أني أطلب العلم أيضًا إلا أني أتمنى أن أحيا في وطني؛ حيث الأزقة ومياه النيل.

♦ أبو حمزة: وايم الله، إني كذلك، وزد على ذلك أني أبغي أن أنقل هذا العلم إلى المشرق، إني أحلم بقرطبة أخرى على ضفاف النيل، أشعر وكأني أحمل على عاتقي علم الأندلس لألقيه في ديوان الفسطاط.

 

• أبو عبدالله: عامان إذًا؟

♦ أبو حمزة: بإذن الله تعالى.

 

• أبو عبدالله: اللهمَّ هوِّن علينا العامين.

••••


بعد عامين من الزمان، في إيوان مسجد قرطبة...

• أبو عبدالله (يجري نحو أبي حمزة): هل وصلتك أنباء مصر؟

♦ أبو حمزة: ماذا هناك؟

• أبو عبدالله: لقد اجتاحت جيوش العبيدين مصر.

 

♦ أبو حمزة: لا حول ولا قوة إلا بالله، هل أغراهُم موت كافور؟

• أبو عبدالله: أجل، وأغراهم أيضًا وهَنُ أحمد بن علي بن الإخشيد.

 

♦ أبو حمزة: وكيف الحال الآن؟

• أبو عبدالله: قضي الأمر، وصارت مصر إمارة شيعيَّة.

 

♦ أبو حمزة: وماذا فعل علماؤنا؟

• أبو عبدالله: هم بين سجين وقتيل.

 

♦ أبو حمزة (باكيًا): لا حول ولا قوة إلا بالله.

يبكي أبو عبدالله لبكاء صديقه...

 

لحظات من الصمت...

 

♦ حمزة: وماذا نحن فاعلون؟

• أبو عبدالله: وماذا في أيدينا؟

 

♦ أبو حمزة: في أيدينا كثير... حق الوقت الجهاد... جهاد الكلمة عندما تَنكسِر نصال السيوف...

هل تظن أنه من الخير أن نَبقى هنا في الأندلس ومصر تحت إمرة بني القداح؟!

ألا نعود إلى مصر فنُحيي تلك السنَّة التي تُحارَب؟!

 

لحظات من الصمت...

 

♦ أبو حمزة... ينظر في جنبات مسجد قرطبة... ثم يتساءل مُحدِّثًا نفسه بصوتٍ خافت: ونترك قرطبة؟!

• أبو عبدالله: وهل ولدْنا لنموت هنا؟ أمَا قد اتفقنا أننا سنعود إلى مصر هذا العام؟

♦ أبو حمزة: لستُ أدري...

 

لحظات من الصمت...

 

♦ أبو حمزة: اتركني حتى الغد، فالعقل مني في غيب... اتركني بالله عليك.

• أبو عبدالله: حسنًا... نلتقي في الصَّباح بإذن الله تعالى.

••••


في صبيحة اليوم التالي، يُقبِل أبو عبدالله على صديقه أبو حمزة في إحدى زوايا مسجد قرطبة...

• أبو عبدالله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

♦ أبو حمزة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

• أبو عبدالله: هل حسمتَ أمر الرحيل؟

♦ أبو حمزة: أبا عبدالله، أخي ورفيق دربي، لقد قضيت الليل أعاني من التفكير، وكأني في نفق مظلم، من شدة ظلمته أكاد أن أُجن، فلكم وددتُ أن أومئ برأسي وأظل أطرقها بالمطرقة حتى أنزع منها الأفكار كلماتٍ على اللسان... لقد فكَّرت في أمرنا كثيرًا، هل نعود إلى مصر الآن فنجاهد جهاد الكلمة بالسنَّة والقرآن؟

 

أم نَبقى هنا في قرطبة حيث طلب العلم؟ وأين الأمل الذي كان يُراودني ليل نهار أن أنقل علم الأندلس إلى مصر الفسطاط؟ أمات الحلم؟ هل صار الأمل سرابًا؟!

 

فترة من الصمت....

 

هل إن عدنا الآن سنَقوى على مجابهة سلطان الشيعة، فغلبة السيف تقطَع حجة اللسان! وما الفائدة التي تُرجى من بقائنا هنا؟

 

أي علم نرجو وبلادنا محتلة؟

وأي سنَّة نُحيي وهي هنا حيَّة؟

أليس الأَولى أن نُحييَها حيث ماتت؟

وكيف تُحييها وأنت معرَّض للقتل بسببها كل دقيقة؟

وما يضر ذلك؟

 

أليست كلمة حق في وجه سلطان جائر، وما أعظم الجور في العقيدة؟

أنبقى ها هنا كمُسلمي الحبشة، أم نعود فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيَّة؟

 

أي نية وأي جهاد؟!

إني حائر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار النفس ( خاطرة نثرية )
  • قصة غريب

مختارات من الشبكة

  • التراث الحائر(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الإعلام الحائر.. بين الخبر والرأي!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حائرون بالنهار.. خائفون بالليل: الدنيا وأسرها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كم على شفير جهنم من حزين حائر!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسجد الأقصى حائر بين أهل الحق النائمين وأهل الباطل الفاعلين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المستهلك حائر في أمره(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • حائر بين مراعاة أولادي ووالدي المريض(استشارة - الاستشارات)
  • إلى الإيمان والاستقامة أيها الحائرون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حائر متعب(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • لا حيف(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
1- ما أشبه الليلة بالبارحة
محمد عبد الفتاح - مصر 06-03-2014 08:08 PM

رائع كالعادة يا دكتور

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب