• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / روافد / مجلة أعاريب اللغوية / قضايا لغوية أدبية
علامة باركود

قصيدة ( إن بالشعب الذي دون سلع ) واختلاف الرواة في قائلها

قصيدة ( إن بالشعب الذي دون سلع ) واختلاف الرواة في قائلها
عبدالفتاح جمال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/2/2014 ميلادي - 27/4/1435 هجري

الزيارات: 57659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصيدة (إنَّ بالشعب الذي دون سلع)

واختلاف الرواة في قائلها

للعلامة أحمد إبراهيم بك

 

تعريف بالمقالة:

نشرت المقالة في مجلة القضاء الشرعي العدد الثاني من السنة الأولى للمجلة بذي الحجة سنة 1340هـ.

 

أي أن هذه المقالة سابقة على كتاب (نمط صعب ونمط مخيف) للعلامة أبي فهر محمود محمد شاكر رحمه الله بقرابة خمسين سنة!! وعندي أن الشيخ رحمه الله لم يطلع على هذه المقالة؛ فهو لم يذكر الخبر المروي عن العُتْبِيِّ في الأشباه والنظائر في كتابه ولم يتعرض له من قريب أو بعيد مما يرجح أنه لم يطلع على هذه المقالة.

 

وقد حصر الشيخ رحمه الله الخلاف في نسبتها في ثلاثة: خلف الأحمر، وابن أخت تأبط شرا، والشَّنْفَرَى.

 

فأما عن نسبها لخلف الأحمر فقد ردها ورد الاعتراضات التي استُدِلَّ بها على نسبتها لخلف وأنها من شعر المولدين، وهي:

♦ ما قالوه في قوله: «جلَّ حتَّى دقَّ فيه الأجلُّ» من أن الأعرابي لا يكاد يتغلغل إلى مثل هذا. رده بقول أبي محمد الأعرابي: «بل الأعرابي قد يتغلغل إلى أدق من هذا لفظا ومعنى».

 

♦ ما قالوه من أن سلعًا جبل بالمدينة وقد قتل تأبط شرا في بلاد هذيل. وقد ردَّه بأن هناك جبلا بهذيل اسمه سلع أيضا كما ذكر ياقوت بمعجم البلدان.

 

ثم قال: «والذي يظهر لي أنها ليست لخلف الأحمر»، ثم أورد خبرًا من كتاب الأشباه والنظائر يقطع به رد هذه النسبة.

 

وأما عن نسبتها للشنفرى فقد شكك في هذه النسبة ولم يجزم بردها، قال: «غير أني وجدت في الأغاني أن الشنفرى مات قبل تأبط شرًّا وأن تأبط شرًّا رثاه... فإذا صحت رواية موت الشنفرى قبل تأبط شرًّا استحال أن تكون هذه الأبيات للشنفرى في رثاء تأبط شرًّا بل هي إما له في رثاء غيره، وإما لغيره في رثاء تأبط شرًّا»، وقال في نهاية المقالة: «ومع هذا فلا يزال في النفس شيءٌ من نسبتها للشنفرى حتى يثبت موت تأبط شرًّا قبله».

 

وأما عن نسبتها إلى ابن أخت تأبط شرًّا فلم يلتفت إليها، ولو كان أتمَّ مبحثه على هذا النهج لتوصل إلى قريب مما توصل إليه أبو فهر في كتابه نمط صعب من نسبتها إلى ابن أخت تأبط شرًّا. يقول محمود شاكر: «وأنا أميل أشدَّ الميل إلى نسبة هذه القصيدة إلى ابن أخت تأبط شرًّا، سُمِّيَ أم لم يُسمَّ، وكل الدلائل التي ذكرتُها ترجِّح ذلك عندي، فهي إذن قصيدة جاهلية خالصة»[1].

 

ويلاحظ في هذه المقالة شدة التقصِّي والتحري وقوة الاطلاع، فكتاب الأشباه والنظائر لم يكن طُبِع بعدُ، وإنما اعتمد على مخطوطَي الكتاب في دار الكتب كما ذكر، ويلاحظ أيضا عدم التسليم بكل ما قاله رواة الأدب والشعر، بل يرُدُّ ما يراه خطأ ويناقشه بما يثبت خطؤه [2].

♦♦♦♦♦


الشيخ أحمد إبراهيم إبراهيم بك

(1291 -1364 هـ) (1874 - 1945 م)

أحمد بن إبراهيم إبراهيم الحسيني ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما ولد في 1291هـ = 30 من يناير 1874م، حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وحصل على الابتدائية من مدرسة العقادين، ثم التحق بالأزهر الشريف وحصل على الثانوية منه، ثم التحق بمدرسة دار العلوم سنة (1311هـ = 1893م) وهو في العشرين من عمره، وتخرج فيها سنة (1315هـ = 1897م).

 

أمضى تسع سنوات مدرسًا للغة العربية في مدارس الناصرية، ورأس التين، والمدرسة السنية للبنات وكان من تلميذاته فيها ملك حفني ناصف الملقبة بباحثة البادية، ودرَّس أيضًا بدار العلوم، وفي سنة 1906م نقل للعمل مدرسًا للشريعة الإسلامية بمدرسة الحقوق، ثم نقل بعد سنة واحدة لمدرسة القضاء الشرعي وممن تخرج عليه فيها الشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ عبد الوهاب خلاف والشيخ علي الخفيف، وفي سنة 1924م عاد إلى مدرسة الحقوق أستاذًا مساعدًا للشريعة الإسلامية، ثم أستاذًا لكرسي الشريعة في سنة 1930م، وانتخب وكيلاً لكلية الحقوق في سنة 1933م، وفي سنة 1934م أحيل إلى المعاش، ولكنه ظل أستاذًا غير متفرغ بالكلية بقسم الدكتوراه.

 

شارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين سنة 1927م، وتولى ركن الإفتاء فيها، واختير وكيلا عاما لها سنة 1941م عن سابقه الشيخ عبد الوهاب النجار.

 

انتخب لعضوية المجمع اللغوي سنة 1942م ضمن خمسة أعضاء آخرين، في المكان الذي خلا بوفاة الأستاذ عبد القادر حمزة. وكان عضوًا في مجمع الموسيقا العربية.

 

يُعَدُّ أحد فقهاء الأمة الإسلامية المعدودين في العصر الحديث، قال الشيخ محمد رشيد رضا: «صديقنا الأستاذ الشيخ أحمد إبراهيم مدرس الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق، أفقه فقهاء مصر في هذا العصر». ووصفه بالعَلَّامة، وقال عمر بك لطفي وكيل مدرسة الحقوق: «إنني لم أر في مصر من يضاهي في إلقائه وتحقيقه أكبر علماء الحقوق في أوربة إلا هذا الأستاذ».

 

وله مشاركة في الأدب واللغة، حتى وصفه الشيخ رشيد رضا أنه: «في الذروة العليا من مدرسي علوم اللغة العربية وفنونها في مصر، علمًا وآدابًا وأخلاقًا وحذقًا في التعليم»، وكان تلاميذه في مدرسة القضاء الشرعي يلقبونه بـ(أديب الفقهاء وفقيه الأدباء)، وقال الشيخ محمد أبو زهرة: «كان أديبا وشاعرا مجيدا، فلو لم يشتهر بالفقه لاشتهر بالأدب». وقد عدته "دائرة المعارف الأمريكية للشخصيات العلمية" رجلاً عالميًّا، فنشرت تاريخ حياته وأسماء مؤلفاته.

 

له نحو 25 كتابًا، منها: أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، طرق القضاء في الشريعة الإسلامية، وطرق الإثبات الشرعية، وأحكام الهبة والوصية وتصرفات المريض، والقصاص في الشريعة الإسلامية وفي قانون العقوبات المصري، وتاريخ القضاء في الإسلام.

 

وله عدة مقالات في مجلة المنار ومجلة القضاء الشرعي، وشارك في تحرير مجلة كلية الحقوق، وكتب فيها عدة مقالات أيضًا. وألقى عدة كلمات بالمجمع اللغوي.

 

توفي يوم الأربعاء 11 من ذي القعدة 1364هـ، الموافق 17 من أكتوبر 1945م عن إحدى وسبعين سنة.

♦♦♦♦♦

 

نص المقالة

جاء في تقديم المقالة «أستاذنا الفقيه الشيخ أحمد إبراهيم مُطَّلِعٌ قدير، وكتاباته الفقهية الناطقة بسَعَةِ بحثه ودِقَّتِه كانت ولا تزال أكبرَ مُعينٍ لطلبة القضاء الشرعِيِّ على الإحاطة بجليل المسائل الفقهية واستبانة وَجهِ الصَّواب فيها. وأنت واجِدٌ اليومَ في بحثه الأدبي هذا من الدِقَّة والاطِّلاع ما لم يتهيَّأْ لمن انقطع لدراسة الآداب والعناية بها».

 

قصيدة (إنَّ بالشِّعْبِ الذي دُونَ سَلْعٍ)، واختلافُ الرُّواةِ في قائلها:

قال أبو تمَّام في حماسته في باب المراثي: وقال تَأَبَّطَ شَرًّا:

إنَّ بِالشِّعْبِ الَّذِي دُونَ سَلْعٍ
لَقتِيلًا دَمُهُ مَا يُطَلُّ
خَلَّفَ الْعِبْءَ عَليَّ وَوَلَّى
أنا بِالعِبْءِ لَهُ مُسْتقِلُّ
وَوَرَاءَ الثَّأْرِ مِني ابْنُ أُختٍ
مَصِعٌ عُقْدَتُهُ ما تُحَلُّ
مُطْرِقٌ يَرْشَحُ سَمًّا كَما أطْ
(م) رَقَ أفْعَى يَنْفُثُ السَّمَّ صِلُّ
خَبَرٌ مَا نَابَنَا مُصْمئِلٌّ
جَلَّ حَتَّى دَقَّ فِيهِ الأَجلُّ
بَزَّنِي الدَّهْرُ وَكانَ غَشُومًا
بِأَبِيٍّ جارُهُ ما يُذَلُّ
شَامِسٌ فِي الْقُرِّ حَتَّى إذَا ما
ذَكتِ الشِّعْرَى فَبرْدٌ وَظِلُّ
يَابِسُ الْجَنبَيْنِ مِنْ غَيْرِ بُؤسٍ
وَنَدِي الْكَفَّيْنِ شَهْمٌ مُدِلُّ
ظَاعِنٌ بِالْحَزْمِ حَتَّى إذَا مَا
حَلَّ حَلَّ الْحَزْمُ حَيْثُ يَحُلُّ
غَيْثُ مُزْنٍ غَامِرٌ حَيْثُ يُجْدِي
وَإذَا يَسْطُو فَلَيْثٌ أَبَلُّ
مُسْبلٌ فِي الْحَيِّ أحْوَى رِفَلُّ
وَإذا يَغزُو فَسِمْعٌ أَزَلُّ
ولهُ طَعْمانِ أرْيٌ وَشرْيٌ
وكِلا الطَّعْمَيْنِ قَدْ ذَاقَ كُلُّ
يَرْكَبُ الْهَوْلَ وَحِيدًا وَلا يَصْ
(م) حَبُهُ إلاَّ الْيَمانِي الأفَلُّ
وَفُتُوٍّ هَجَّرُوا ثُمَّ أسْرَوْا
لَيْلَهُمْ حَتَّى إذَا انْجابَ حَلُّوا
كُلُّ ماضٍ قَدْ تَرَدَّى بِماضٍ
كَسَنَا الْبَرْقِ إذَا ما يُسَلُّ
فَادَّرَكْنَا الثَّأْرَ مِنْهُمْ وَلَمَّا
يَنْجُ مِ الْحَيَّيْنِ إلاَّ الأقَلُّ
فَاحْتَسَوْا أنْفاسَ نَوْمٍ فَلَمَّا
هَوَّمُوا رُعْتَهُمُو فاشْمَعَلُّوا
فَلَئنْ فَلَّتْ هُذَيْلٌ شَبَاهُ
لَبمَا كانَ هُذَيْلًا يَفُلُّ
وَبمَا أبْرَكَها فِي مُناخٍ
جَعْجَعٍ يَنْقَبُ فِيهِ الأظَلُّ
وَبِما صَبَّحَها فِي ذَراهَا
مِنْهُ بَعْدَ الْقَتْلِ نَهْبٌ وَشَلُّ
صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخِرْقٍ
لاَ يَمَلُّ الشَّرَّ حتَّى يَمَلُّوا
يُنْهِلُ الصَّعْدَةَ حَتَّى إذَا مَا
نَهِلَتْ كانَ لَها مِنْهُ عَلُّ
حلَّتْ الْخَمْرُ وكَانَتْ حَرَامًا
وَبِلَأْيٍ مَا ألَمَّتْ تَحِلُّ
فاسقِنِيها يا سَوادَ بْنَ عَمْرٍو
إنَّ جسْمي بَعْدَ خالي لَخَلُّ
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَى هذَيْلٍ
وتَرَى الذِّئْبَ لَها يسْتَهلُّ
وَعِتاقُ الطَّيرِ تَغْدوُ بِطانًا
تَتَخَطَّاهُمْ فَمَا تَستْقَلُّ

♦♦♦♦♦


وقيل إن هذه القصيدة لابن أخت تَأَبَّطَ شَرًّا يرثي بها خالَه، وصحَّح بعضُهم أنها لخَلَفٍ الأحمر (انظر شرح ديوان الحماسة للتبريزي: صفحة 160 جزء ثان طبع بولاق، وهامش الجزء الخامس من الأغاني طبع الساسي صفحة 162).

 

ونقل في شرح التبريزيّ عن النَّمَرِيّ أن ممَّا يدلُّ على أنها لخَلَفٍ الأحمر قولُه فيها: «جلَّ حتَّى دقَّ فيه الأجلُّ» - فإنَّ الأعرابيَّ لا يكاد يتغَلْغَلُ إلى مثل هذا. قال أبو محمَّدٍ الأعرابيُّ: هذا موضع المَثَلِ «ليس بِعُشِّكِ فادْرُجِي»، ليس هذا كما ذكره، بل الأعرابيُّ قد يتغلغل إلى أدقَّ من هذا لفظًا ومعنًى. وليس من هذه الجهة عُرِف أنَّ الشِّعْرَ مصنوع، ولكنْ من الوجه الذي ذكره لنا أبو النَّدى، قال: ممَّا يدلُّ علي أن هذا الشعر مُوَلَّد أنه ذكر فيه (سَلْعًا) وهو بالمدينة، وأين تَأَبَّطَ شَرًّا من سَلْعٍ؟ وإنما قتل في بلاد هذيل. اهـ.

 

أقول: ما نقله عن أبي الندى ليس بشيء، فإنَّ في ديار هُذَيْلٍ جَبَلا اسمه سَلْع (انظر معجم البلدان لياقوت: صفحة 108 جزء خامس طبع مصر) فقد سقط الاعتراضان جميعًا وانتفى ما يدل على أن الشعر مُولَّد.

 

وبعد ذلك وجدْتُ في كتاب (الأشباه والنظائر من أشعار المتقدمين والجاهلية المخضرين[3] أنَّ هذه القصيدة للشَّنْفَرَى يرثِي بها تَأَبَّطَ شَرًّا، وساق منها اثني عشر بيتًا وفي بعضها خلاف يسير لما رواه أبو تمام في الحماسة. غير أني وجدْتُ في الأغاني أنَّ الشَّنْفَرَى مات قبل تَأَبَّطَ شَرًّا، وأن تَأَبَّطَ شَرًّا رثاه (انظر صفحة 90 من الجزء الحادي والعشرين، وانظر هامش صفحة 162 جزء خامس)[4].

 

فإذا صحَّت رواية موت الشَّنْفَرَى قبل تَأَبَّطَ شَرًّا استحال أن تكون هذه الأبيات للشَّنْفَرَى في رثاء تَأَبَّطَ شَرًّا، بل هي إما له في رثاء غيرِه، وإما لغيرِه في رثاءِ تَأَبَّطَ شَرًّا.

 

والذي يظهر لي أنها ليست لخَلَفٍ الأحمر، كما يؤخذ من الحديث الآتي:

♦ قال صاحب الأشباه والنظائر بعد ما علقه على الأبيات التي أوردها من القصيدة المتقدمة ما نصه:

«وقد زعم قوم من العلماء أنَّ الشِّعر الذي كتبنا للشَّنْفَرَى لخَلَفٍ الأحمر، وهذا غلط، ونحن نذكر الخبر في ذلك: أخبرنا الصُّوليُّ عن أبي العَيْنَاء، قال: حضرت مجلس العُتبيِّ ورجلٌ يقرأ عليه الشعر للشَّنْفَرَى حتى أتى على القصيدة التي أوَّلها:

إنَّ بالشِّعْبِ الذي دُونَ سَلْعٍ
لقَتِيلًا دَمُهُ ما يُطَلُّ

 

فقال بعض من كان في المجلس: هذه القصيدة لخلف الأحمر، فضحك العُتْبِي من قوله، فسألناه عن سبب ضحكه، فقال: [والله ما لآل أبي محرز خلف في هذه القصيدة بيت واحد][5]، وما هي إلا للشَّنْفَرَى، وكان لها خبر طريف لم يبق من يعرفه غيري. قلنا: وما خبرها؟ قال:

♦♦ جلسنا يومًا بالمِرْبَد ونحن جماعة من أهل الأدب ومعنا خلف الأحمر نتذاكر أشعار العرب، وكان خلف الأحمر أروانا لها وأبصرنا بها، فتذاكرنا منها صدرًا، ثم أفضينا إلى أشعارنا فخضنا فيها ساعة، فبينا خلف ينشدنا قصيدة له في روي قصيدة الشَّنْفَرَى هذه وقافيتها يذكر فيها ولد أمير المؤمنين (يريد أولاد علي بن أبي طالب من آل البيت النبوي المطهر صلوات الله وسلامه على مشرفه وعليهم أجمعين) وما نالهم وجرى عليهم من الظلم.. إذ هجم علينا الأصمعي، وكان منحرفًا عن أهل البيت، وقد أنشد خلف بعض الشعر، فلمَّا نظر الأصمعي قطع ما كان ينشد من شعره ودخل في غيره إلاَّ أنَّه على الوزن والقافية، ولم يكن فينا أحد عرف هذا الشعر ولا رواه للشَّنْفَرَى، فتحيَّرنا لذلك وظنَّناه شيئًا عمله على البديهة، فلما انصرف الأصمعي قلنا له: قد عرفنا غرضك فيما فعلت، وأقبلنا نطريه ونقرّظه، فقال: إنْ كان تقريظكم لي لأني عملت الشِّعر فما عملته والله، لكنَّه للشَّنْفَرَى يرثي تَأَبَّطَ شَرًّا، ووالله لو سمع الأصمعي بيتًا من الشعر الذي كنت أُنْشِدُكموه ما أمسى أو يقوم به خطيبًا على منبر البصرة فيُتلف نفسي، فادّعاء شعرٍ لو أردت قول مثله ما تعذَّر عليَّ أهون عندي من أن يتَّصل بالسلطان فألحق باللَّطيف الخبير.

 

قال أبو العَيْنَاء: فسألنا العُتْبِيَّ شِعْرَ خَلَفٍ الذي ذكر فيه أهل البيت، فدافعنا مدَّة ثمَّ أنشدنا:....

 

وهنا أَوْرَدَ المؤلِّف القصيدة كلها، وعدة أبياتها سبعة وأربعون بيتًا، وسنكتفي هنا بذكر بعضها. قال:

قَدْك منِّي صارمٌ ما يُفلُّ
وابنُ حزمٍ عقدُه لا يُحَلُّ
ينثَني باللَّوم مِن عاذِليهِ
ما يُبالي أكثَروا أم أقلُّوا
صفوةُ الله الأُلَى من لدُنْهُ
لهم القدرُ الأعزُّ الأجلُّ
لرسول الله في أقربيهِ
وبَنيهِ حيثُ ساروا وحلُّوا
ما أطاعَ اللهَ قومٌ تولَّوا
من سواهُم بل عصَوهُ وضلُّوا
وبهم شُقَّ دُجَى الغيِّ عنهم
وعلى الإيمانِ والدِّين [ولوا][6]
وبهم [صُبَّ][7] على كلِّ باغٍ
باذخِ العزِّ صَغارٌ وذلُّ
غَصبوهم حقَّهم واستحَلّوا
ظالموهُم منه ما لا يحِلُّ
واقتدَوْا فيهم بما سنَّ رِجسٌ
بارزَ اللهَ زنيمٌ عُتُلُّ
لم يُراقبْ خشيةَ الله فيهم
آصرٌ منه ولم يُرعَ إلُّ
فهمُ شتَّى قتيلٌ صريعٌ
دمُهُ فيهم حذارًا يطَلُّ[8]
وأسير في طمارٍ عليه
من حديد القَين كبلٌ وغُلُّ
ومقيمٌ خاشعٌ في عدوٍّ
مُستضامٌ بينهم مُستذلُّ
لا على جرمٍ ولا عن شقاقٍ
ركبوا الدحضَ إليهم فزلُّوا
غيرَ أنْ فاءَ على ظالِميهم
بهمو للمُلك فيءٌ وظلُّ

 

ومنها:

وبنَى الله لهم بيتَ مجدٍ
فطرةُ الدِّين به تستظلُّ
وارثُو مخزونِ علمٍ عليه
كلُّ ذي علم عيالٌ وكَلُّ

 

ومنها:

وعليٌّ ذو المعالي أبوهم
كرُمَ السَّامي به والمُدلُّ
عُلِّمَ الدِّينَ الذي مَن تَلاه
سالكٌ سبلَ الهدَى لا يضلُّ
وأمير المؤمنين المرجِّي
فضلَه مُثْريهمُ والمقلُّ
وشهابُ الله في كلِّ خطبٍ
وحسامُ الله والنَّقعُ يعلُو
بطلٌ أغلبُ في راحتَيه
للقنا والبِيض نهلٌ وعَلُّ
يكره الأبطالُ منه ابنَ موتٍ
لا يملُّ الحربَ حتَّى يملُّوا
يحمد العضْبُ اليماني [سَطَاه][9]
في الوغى والسَّمهريُّ المتلُّ

♦♦♦♦♦


هذا وقد حقق ابْنُ بَرِّي أن القصيدة للشَّنْفَرَى يرثي بها خالَه تَأَبَّطَ شَرًّا[10]. فوافق بذلك ما حكاه صاحب الأشباه، وإليه ذهب المعرِّي في شرحه لديوان الحماسة، وصوَّبه في اللسان والتاج في مادة (س ل ع ).

 

أقول: ومع ذلك فلا يزال في النفس شيءٌ من نسبتها إلى الشَّنْفَرَى حتى يثبت موت تَأَبَّطَ شَرًّا قبله. والله أعلم.

تُنشر بالتعاون مع مجلة (أعاريب)

المصدر: مجلة أعاريب - العدد الثاني - ربيع الثاني 1435هـ / فبراير 2014م



[1] نمط صعب ونمط مخيف ص 58.

[2] ص 89 الهامش 1.

[3] هذا الكتاب معروف بحماسة الخالدِيَّيْنِ، وهو لأحد فضلاء القرن الرابع؛ لأنَّ مؤلفه كثيرا ما يروي عن ابن دريد بلا واسطة. وهو كتاب ممتع في الأدب، فلو طبع ونشر على طلاب الأدب لكان لهم فيه فوائد كثيرة، وفي دار الكتب الملكية المصرية نسختان إحداهما خطُّها جيد، والأخرى خطها غير جيد، وفي كلتيهما تحريف وليس من الصعب تلافيه. (انظر فهرس المكتبة: صفحة 202 جزء رابع). (إبراهيم).

قلت: والخالديَّان هما: أبو عثمان سعيد بن هاشم بن وعلة بن عرام (371 هـ)، وأخوه أبو بكر محمد بن هاشم (380 هـ)، من بني عبد القيس، وكانا آيةً في الحفظ والبديهة، ولَّاهما سيف الدولة ابن حمدان خزانة كتبه وقد اشتركا في تصنيف كتب، منها: الأشباه والنظائر، وأخبار أبي تمام ومحاسن شعره، وغير ذلك. الأعلام (ج 3/ ص 103)، (ج 7/ ص129).

وقد وقع الشيخ رحمه الله في بعض التصحيف الذي في النسختين اللتين اعتمد عليهما في النقل من الكتاب، وسأنبه للصواب في الهامش بمقابلة ما نقله بمطبوعة الكتاب التي حققها د. السيد محمد يوسف، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1965م.

[4] قال أبو فهر: "صحيح شعر تَأَبَّطَ شَرًّا دالٌّ على أنَّ الشَّنْفَرَى مات قبلَه، وأنه رثاه بقصيدة نشرها الأستاذ عبد العزيز الميمني في مقدمة ديوان الشَّنْفَرَى في 27 بيتًا" نمط صعب ص 56. وانظر قصيدة تَأَبَّطَ شَرًّا في الطرائف الأدبية ص 28، 29.

[5] في المطبوعة (ج2/ ص 115): (والله ما قال أبو محرز خلف من هذه القصيدة بيتًا واحدًا).

[6] وفي المطبوعة (ج2/ ص 116): (وعلى الإيمان والدين دُلُّوا).

[7] في المطبوعة (ج 2/ ص 117): (وبهم صُبَّتْ...).

[8] يذكرني هذا قول دِعْبلٍ الخُزَاعِي فيهم رضوان الله ورحمته وبركاته عليهم أجمعين:

ألَم تَر أني مذ ثلاثين حِجَّةً
أروح وأغْدُو دائمَ الحسَرَاتِ
أرى فَيئهم في غيرهم مُتقسِّمًا
وأيديَهُمو من فيئهم صَفرات
إذا وُتروا مدّوا إلى أهل وِتْرهم
أكُفًّا عن الأوتار مُنْقَبضاتِ
دِيارُ رَسُولِ اللهِ أَصبحن بَلْقَعًا
وآلُ زِيادٍ تَسْكُنُ الحُجُرَاتِ
وآلُ زِيادٍ في القُصُورِ مَصُونَةْ
وآلُ رَسُولِ اللهِ في الفَلَوَاتِ

إلى أن قال:

فلولا الذي أرْجُوه في اليَومِ أو غَدٍ
لَقُطع نَفسِي إِثرَهُمْ حَسَرَاتي
خُرُوجُ إِمَامٍ لا مَحَالةَ خَارج
يَقُومُ عَلَى اسْمِ اللهِ بِالبَرَكَاتِ

(إبراهيم)

[9] في المطبوعة (ج 2/ ص 118): (شظاه).

[10] قال أبو فهر: (على أننا لم نَجِدْ في كتابٍ آخرَ قطُّ: أنَّ الشَّنْفَرَى كان "ابنَ أخت تَأَبَّطَ شَرًّا". وأول ما وجدناه من ذلك، إنما هو عند ابن بَرِّي، وهو متأخرٌ جدًّا، في القرن السادس الهجري، ولم ينقله عن أحد، ولم ينسبه إلى سابق، ثم تابعه عليه صاحب الخزانة في القرن الحادي عشر) نمط صعب ص 56.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سمفونية الحجارة في المدينة الميتة ( قصيدة )
  • وشاء ( قصيدة )
  • قصيدة ( القناع ) في الشعر العربي
  • معايشة مع قصيدة " بكرت مرتحلا " للدكتور عبدالحكيم الأنيس

مختارات من الشبكة

  • اليقين شعبة عظيمة من شعب الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشعب الكوسوفي أكثر الشعوب تفاؤلاً بالمستقبل في المنطقة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رسالة شعب (قصيدة تفعيلة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أفكار خطيرة منتشرة (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الختام في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • استهلال القصيدة الأندلسية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكم قول: باسم الشعب، باسم العروبة، باسم الوطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل شعب الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حصار الشعب وموت أبي طالب وخديجة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة إلى الشعب السويدي لدعوتهم إلى الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب