• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

بسمة أمل (قصة قصيرة)

محمد هيثم زين العابدين جمعة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2009 ميلادي - 24/5/1430 هجري

الزيارات: 18630

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسمة أمل (قصة قصيرة) *


بدأ الليل يرخي سدوله على القرْية، والوديان المحيطة بثقل رهيب كنِسْر مَجْروح، حَطَّ مُضنًى منَ الأَلَم، فأخذتْ فُلُول النور تفرُّ أمامه فرار المهزوم، وكان بثقله هذا وسكونه المطبق يثقل صدرها بِهُموم تَتَزاحَم عليه، ككأس مترعة مُلِئَتْ بما لا يمكنها احتواؤُه، فكانتْ ترجو الراحة، فكانتْ ترجو الراحة في هدأة الليل، ولكن عبثًا؛ فهي كالمستجير منَ الرَّمْضاء.

لقد جاءتْ من المدينة التي كانتْ تدرس في جامعتها، حيث كانتْ مناط آمال أهلِها، فقد كان والدُها ووالدتها يعقدان عليها أَمَلاً كبيرًا؛ لذا فإنك لا تراهُما إلا جاهدَيْنِ في العَمَل في الحقْل، والقيام بشؤون البهائِم التي كانتْ منتجاتها تسند عجلة حياتهما، فتساعدهما على الاستمْرار في هذه الحياة.

ها هي ذي ابنتهما الكُبْرى قد جاءتْ زائرةً لأهلها بعد غيابٍ مريرٍ عن والديها وإخوتها الصغار، وها هم أهلها لا يألون جهدًا في التعبير عن فرْحتهم بقُدُوم ابنتهم؛ ولكن هذا الفَرَح إنما كان يثير فيها ما تُحاول إخْمادَه منْ أَلَم وحُزن، فكانتْ كمن يَتَقَلَّب على فراش مبطن بالشَّوْك، فأهلها في وادٍ وهي مِن داخلها في وادٍ، وهذا ما كان يدفعها للبَقَاء خارج المنزل، تَتَمَشَّى بين الحقول حتى تغيبَ الشمسُ، والحجة في ذلك أنها مُشتاقَة للقرية وحقولها، وهُدوء بساتينها، حيث تعود بعد ذلك لتخلدَ للراحة في فراشِها فورًا، على أنها مُتعَبة من كثْرة التنقُّل في تلك الحُقُول.

والحقيقة أنها كانتْ تهرب من مُواجهة أَبَوَيْها؛ كيلا يشعرا بما تعانِيه مِن ضِيق وهَمٍّ، تبدو ملامحهما على وجهها، على أن هذا الأمر لم يَخْفَ على والدتها؛ فهي رغم أنها بسيطة إلا أنها تتمتَّع بدقَّة ملاحظة، وقُدرة على رصْد التغيُّرات المفاجئة في وُجُوه الناس، فكيف إذا كانت هذه التغيُّرات على وجْه ابنتها التي رَبَّتها وخبرتها منذ الصغر؟!

دخلت رفيف - نعم رفيف هذا اسمها - على عادتها عند الغُرُوب إلى البيت، مخفية تحت هذا القناع أمارات الحُزن والهَمّ ما استطاعتْ، لاحَظَتْ والدتُها هذا التصنُّع، وأدْركتْ أن ابنتها تُخفِي شيئًا، فهي تَعْلَم ابنتها جيدًا، وتعْلم عندما تكون مسرورة حقًّا كيف تكون، لكنَّها لم تُرِدْ مفاجأة ابنتها بما أحسَّتْ؛ لعلَّها هي التي تلجأ إليها فتخبرها بما تُعاني وتشْعر، وتريح صدْرها على هذا المرفأ الحَنُون.

أوصدت (رفيف) باب الحجرة وراءها، واستَلْقَتْ على سريرِها؛ تُحاول أن تنامَ، ولكن دون جَدْوى، فأسندتْ رأسها على الوسادة، وأطْلقت العنان لأفْكارها تسرح بها، وما هو إلا قليل وإذْ بِعبرات تسيل على وجْنتَيْها، أرجعتْها من شُرُودها.

آه! لم أشعر في حياتي كلها بأنِّي ضعيفة إلى هذا الحد، أحس وكأني مسلوبة القُوَى، لا أقوى على الحراك، إنَّ وَهَنًا عامًّا حطَّ رحاله في كياني.

إنَّ مظْهره الأنيق وشكْله الجذَّاب قد لفتا نظري إليه، جَعَلَنِي بنَظَرَاتي - أنَّى ذَهَب - أرْصد حركاته كيفما اتَّجَه، وأنَّى ذهب كنتُ أشعر أنه متميّز بين أقْرانه، لِلَحْظة ضعفتُ أمام نفسي ووساوس شيطاني، نسيتُ أنَّ لي ربًّا يُراقبني وسيُحاسبني.

كان متميزًا بأشياء كثيرة جدًّا، لقد كانتْ نظراتُنا تلتقِي أحيانًا، فقد شعر بنظراتي تتابعُه، فأثارت في نفسه فُضُولاً، كانت الدافع لنظراته إليَّ، وأنا التي ظننتها شيئًا آخر.

إنَّ تتابُع نظري إليه جَعَلَنِي أميل إليه دون أن أدري، أردتُ أن أقاومَ هذا؛ فديني وأخْلاقي لا يسْمحان لي بذلك، ثم إنَّني لم آتِ إلى هنا مِن أجْل هذا، فأنا جئْتُ مِن أجْل الدراسة الجامعية التي كان حلْمُ والديَّ أن أنهيها بسرعة، وأعود إليهما؛ علَّني أرُدُّ لهما شيئًا من دَيْنهما، الذي مهما فعلتُ لن أستطيع ردَّه.

لقد ضعفْتُ أمام هذه التخيُّلات والأَوْهام الكاذبة، وزاد وطْأتها عليَّ أنَّ الشيطان صَوَّرَها لي على أنها الحب الذي سيجلب السعادة، وسيجعل الطريق معبَّدًا نحوها، فأخذْتُ لا آتي إلى الجامعة إلا من أجْله، فإن كان في الجامعة، فالحياة فيها، وإن لم يكنْ، فالحياة في الجامعة والدراسة كليلة مريضة.

إنَّ هذا الشعور الذي أحْسَسْتُ به أدْخَلَنِي في سعادةٍ عارمة، دَفَعَتْني للاستسلام له - للشُّعور - لقد قبلتُ حبي له رغمًا عني، ولم أستطعْ مقاومته، على علْمي بأنَّ ذلك غير لائق منِّي كفتاة، فلم أرد قلْب الموازين، ولكن...

كنتُ أحرِص كثيرًا على أن أضعَ نفْسي في محيطِه القريب، مُندفعة لذلك بمشاعري التي كانت تُسَيْطر عليَّ، وتوجِّه أفعالي؛ على أمل أن أرى منه، وتخنقها غصة شديدة تَتَفَجَّر في عينيها عبرات حَرَّى.

كان كلُّ همِّي أن أحظى منه بنظرة، يرُد بها على كلِّ ما أكنُّه له من مشاعر، وأَخَذَتِ الأيامُ تَتَوالى والامتحانات تقترب، والأمل معلَّق من قِبَلها على مبادرته، والأمل مُعلَّق مِن والديها عليها، وهي غارِقة في وطْأة هذه المشاعر، لا هي تَتَخَلَّص منها فترتاح، وليس ثمة شيء يخففها أو يزيلها.

آه، يا لَحَظِّي التَّعِس! ما أشقاني وما أتْعسني! لقد بذلْتُ مِن مشاعري ومِن أيامي ودراستي، لا بل من دموعي الكثيرَ الكثير، ويذهب كل ذلك أدراج الرياح! أيُعْقَل هذا؟! كيف سأواجِه أهْلي بحقيقة ترْكي للامتحانات؟! وأني تركْتُ زميلاتي يدرسْن ويعشْن الاختبارات بكلِّ ما فيها من لذة وأَلَم، من رهْبة وسُرُور؟!

مرة أخرى تخنقها غصَّة قويَّة، تسلمها إلى نوبة منَ البكاء الممزوج بمرارة الآهات، التي تنزل مع بكائِها المبحوح.

آه! أيستحق مني كل هذا؟! أيستحق مني أن أضيع من عمري هذه الأيام لأجله، وهو غير مبالٍ بكلِّ هذا؟!

تُهَدِّئ هذه التساؤلات من روعها قليلاً، وتهدأ نفسُها فتسلمها هذه الهدأة إلى نوبة من النعاس، تقاوم ببعض القلق والحزن.

يا له من درْب موحش طويل، هذا الذي أسيره!

آه! الجو بارد، وأنا لا أملك ما يقيني لَسَعَات البَرْد الشديد، وهذه الأشْجار الكثيفة التي تتشابك أغصانها كأنها وحوش آدمية تمد مخالبها؛ تريد أن تقتنصني، ويا إلهي! ها هو الظلام بدأ ينزل، وليس من ينير لي الدرب.

إنَّ السكون المطبق هذا يدفع تجاهي أفواجًا من الخوف، تَتَسَلَّل إلى داخلي على الرَّغم مني.

حركة وراءها، تلتفتُ بسرعةٍ، تُفَاجَأ.

آه! ما هذا؟! ما هذه العيون التي تقدح شرًّا وضراوة؟!

آه! ها هي تقترب، تهرب صائحة - وبكل الذعر والخوف -: لا، لا، لا تقترب مني - لكن العيون تتابع تقدمها – آه! ما هذا الوحش؟! تهرب وهي مستنجدة، وعيونها مغرورقة بالدمع الذي يتَحَدَّر على وجنتَيْها - دموع ممزوجة بالخوف واليَأْس - تهرب وتهرب وتُنادي: النجدةَ! النجدةَ! إنه وحش، ابتعد عنِّي، ابْتعد، وهو ما يزال يطاردها، ولا يفتأ يكبر ويَتَضَخَّم، يتضخم الوحش ويتضخم، وكلَّما كبر حجْمُه ازْداد قُبحًا، وازْداد شراسة، وهي مع ذلك كله تزداد خوفًا وإحْساسًا ألِيمًا بالانْهِزام وبِقُرْب النهاية، حتى إذا أَوْشَك أن يقطعَ بها اليأس، يتلاشَى الوحشُ كأنه شبح، كأنَّ شيئًا لم يكنْ.

تركض وتركض إلا أنها لم تعدْ تسمع شيئًا وراءها، تقف، تنظر إلى الوراء، لا شيء، ليس ثمة شيء يطاردها، آه! ما هذا الشيء الذي أَمُرُّ به؟! آه! يا رب خلِّصني، ساعديني يا أمي، أين أنت؟! أمي، أمي.

ويخفت صوْت ندائها الباكي الحزين؛ ليَتَحَوَّلَ إلى بكاء مَن فَقَد الحيلة، فلم يَجدْ إلا البكاء.

تجد إلى جانبها صخرة تسْتَنِد عليها لتستريح، وفي اللحظة التي ظنت أنه بمقدورها أن تضحِّي بمخاوفها وتتخلَّص منها، تتحرَّك الصخرة تنظر إليها رفيفُ فزعة؛ لتجد أن الصخرة ما هي إلا ذلك الوحش من جديد، تهب فزعة مسرعة لتزيد من مخاوفها ويأسها، وما يزيد خوفها وصراخها هو شكْل الوحْش وحركاته، لقد كان يلحقها ويسبقها، وكأنه الريح منطلقة، يقصر عنها تارة، ويَتَخَطَّاها تارة، ويدور حولها بحركات خاطفة، وفي كل مرة من هذه المرات كان يلمسها، وفي كل مرة كان يلمسها كان يغادر في جسدها جرحًا مؤلمًا، وفي نفسها شرخًا تصعب معالجته.
 
فكان بذلك خوفها مضاعفًا، وأَلَمها مرَكبًا، وهي ما تزال تصرخ وتركض بقوة كادتْ أن تستنزفَ منها كلَّ قواها، ومما زاد خوفها هي تلك الأشياء التي كانت لها من بَيْن الأشجار، كأنها الأذرع تريد حجزها ومنْعها، وهي بهذه الحال من الضِّيق والكآبة، والإعياء والتوتُّر الشديد - تجد نفسها وكأنها قذفتْ قذفًا إلى أرض غيْر الأرض، إلى أرض مخضرَّة مخضلة، أرض استرختْ على ضفة بحيرة صغيرة، تحضنها خُصَل من شعاع الشمس الذي تخطَّى كثافة الأشْجار، فأحيا في قلْب هذه الأرض ينابيع الحب والخَيْر والعطاء، يفصل بين هذه الأرض وتلك الغابة الموحشة جدار من النور الحريري الصفيق.

هدأتْ نفسُها هدوء المترقِّب المتحفِّز؛ لعل هناك ما سيتحَرَّك من جديد، وخف حزنُها وتضاءَل توتُّرها، وخفت صراخها، فكانت أحلى مرة سمعت فيها كلمة (أمي)، في تلك اللحظة - وهي تقول بهدوء ممزوج بالهَمِّ -: أمي، في خِضَمِّ ذلك كله وأثناء مناداتها: أمي، تستيقظ بسرعة على ارْتطام زجاج بالأرض.

لقد وقعتِ الكأسُ على الأرض، حين هبَّت نسمة هواء أزاحت الستارة عن النافذة بفِعْل تيار الهواء؛ إذ نسيت أن تغلقَ الباب بالأمس، عندما استيقظتْ وقعتْ عيناها في عيني والدتها، وعندها أدركتْ رفيف أن أمها هي الحقيقة الوحيدة في حياتها بعد الله، ومما ثبَّتَها أكثر صوت الإمام وهو يُصَلِّي الفجْر؛ إذ تناهى صوت قراءته إلى الغرْفة مع هدوء وسكون الفجر الرائع، وهو يقرأ قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، كل ذلك وأمُّها تجلس قبالتها تمْسح دموع ابنتها التي أفْصحتْ عنِ الكثير من خبايا عندها، وضعتْ رفيف رأسها في حُضن أمها، وأرْخت زمام دموعها تغسل هَمّها ومعاناتها، فضمّتها أمها بحبٍّ وحنانٍ قَضَيا على البقيّة الباقية منَ الهَمِّ والحزن.

أخبرتْ رفيف بكلِّ ما جرى معها، وما عانتْه من هُمُوم ومتاعب، لم تهمل الأم هذا الأمْر؛ لكنها لم تتكلّم مع ابنتها في تلك اللحظة؛ لأنَّ حالتها كانتْ أشد من أن تفتحَ معها أحاديث أخرى؛ لكنها اكتفتْ بقولها: "أنا أمك، وهذا أبوك، شوفي كم نتعب ونشْقى بالليل والنهار كله علشانك أنتِ وإخوتك، تغلَّبْنا على كلِّ المشاكل اللي شفناها وعشناها، لكن ما خُفنا ولا ضعفنا ويئِسنا أبدًا؛ لأنَّ حياتنا كلها كانت مبنيَّة على الاعتماد على الله في الأول والآخر".

أيقظَتْ هذه الكلمات في قلْب رفيفَ العزيمة والإصرار والقوة، فهَبَّتْ من حضن والدتها، أصْلحت شأنها وأَدَّتْ فريضتها، ثم تَجَهَّزَتْ للرحيل، فحزمت حقيبتها مزمعة العودة إلى الجامعة، وإكمال الامتحان، وهي في كل هذا تخاطب نفسها: ليس ثمة أحد أهْلٌ لأن تبذل الفتاة من أجله ولو دمعةً واحدة، فكانت هذه العبارة تؤجج العزيمة والإصرار في نفْسِها.

بعد أن أشرقتِ الشمسُ ودَّعَتْ رفيف والديها، وحملت حقيبتها وخرجتْ، ابْتَعَدَتْ عن الباب قليلاً، ثم توقفتْ والْتفتتْ إلى والديها مبتسمة ابتسامة أظهرتْ بياض أسنانها، فكان هذا البياض من خلْف هذه الابتسامة إيذانًا بميلاد مسيرة جديدة جدية في حياة رفيف، وانْطَلَقَتْ في طريقها، وما زال صوت إمام القرية يَتَرَدَّد في داخلها: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

 

ـــــــــــــــــ
* هذه قصة كتبتُها منذ اثنتي عشرة سنة، كنتُ في السنة الرابعة في الجامعة، أضعها للفائدة والاعتبار؛ علَّها تقدِّم شيئًا مفيدًا، ولو كان نزْرًا يسيرًا، وأرجو منَ الإخْوة والأخوات القرَّاء أن يتْحفوني بآرائهم الغالية، وتعْليقاتهم البنَّاءة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أمي الخادمة....!!
  • شمعة الحياة
  • موت المدخن (قصة قصيرة)
  • زهرة ياسمين
  • على أوراق الخريف ( قصة )
  • دعونا نبتسم

مختارات من الشبكة

  • بسمة الغيب (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إسبانيا: منهج "بسمة" لتعليم اللغة العربية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التفكير الجانبي وعلاقته بسمات الشخصية وفق أنموذج قائمة العوامل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بسمة وسط الجراح (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مكونات القصة القصيرة جدا وسماتها عند الأديبة الكويتية هيفاء السنعوسي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من سمات الجمال .. القصد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سمات المذهب الحنبلي(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • سمات الإنعام والانتقام الدنيويين في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أبرز سمات وخصائص أهل السنة والجماعة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • عالمية اللغة العربية بعالمية القرآن الكريم سمة ملازمة لها(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
6- رد للكاتب
الكاتب 29-09-2009 11:51 AM
شكرا لك أخت أسماء على رأيك و بارك الله فيك
5- بارك الله فيك
أسماء محمد - السعودية 21-09-2009 08:51 PM
قصة رائعة، وشكرا لك أخي.
4- أشكرك من كل قلبي
محمد هيثم جمعة - سوري مقيم في السعودية 21-05-2009 02:00 PM
أشكر لك أخي أبا خالد الوقت الذي انفقته على قراءة هذه المشاركة و لك مني كل التقدير و لن أنسى كلماتك هذه أخي فسأعول عليها كثيرا فيما سأكتب إن شاء الله و لكن حسبي من كل ذلك الهدف الذي أنشده من خلالها ممكن أنه سيطر علي أثناء الكتابة فأغفلت جوانب أخرى . و الثانية إنها كانت المحاولة الأولى في كتابة القصة و في السنة الثالثة في الجامعة فاعذرني على هذه الهفوات . ثالثها أنني كنت مدفوعا أثناء كتابتي من خلال رصد واقع بعض الفنيات أثناء سني دراستي فأحببت أن ارسلها رسالة لكت من تقرأ قصتي هذه حيث إنني نشرتها مسبق في جرية تشجع الأقلام الصاعدة لأديب سوري منذ أحدى عشرة سنة .
في الختام أشكرك من كل قلبي و اشكر لك اهتمامك بالمضمون و أسأل الله أن يبارك لك في كل ثانية من عمرك و يجعل الخير فيك و في ذريتك إلى يوم الدين إنه على كل شيء قدير و بالإجابة قدير و السلام .
3- مضمون جميل
أبو خالد - مصر 20-05-2009 10:23 AM

حياك الله أخانا الكريم محمد هيثم
تمتاز أقصوصتك بلغتها الجميلة السليمة ، والمعبرة عن موضوعها بدقة اختيار الألفاظ ومواطنها
لي وقفتان اخي الحبيب إن سمحت
هذه الفقرة
دخلت رفيف - نعم رفيف هذا اسمها - على عادتها عند الغُرُوب إلى البيت، مخفية تحت هذا القناع أمارات الحُزن والهَمّ ما استطاعتْ، لاحَظَتْ والدتُها هذا التصنُّع، وأدْركتْ أن ابنتها تُخفِي شيئًا، فهي تَعْلَم ابنتها جيدًا، وتعْلم عندما تكون مسرورة حقًّا كيف تكون، لكنَّها لم تُرِدْ مفاجأة ابنتها بما أحسَّتْ؛ لعلَّها هي التي تلجأ إليها فتخبرها بما تُعاني وتشْعر، وتريح صدْرها على هذا المرفأ الحَنُون.

هذه الفقرة حشو في الكلام فقد عبرت عن مضمونها في الفقرة التي سبقتها ، والقصة القصيرة - كما تعلم غير معلمٍ إن شاء الله - تخبر عن مضمونها بأقل قدر ممكن من الفقرات والمواقف

ثانيا وقفة مع طريقة المعالجة
طريقة المعالجة أخي أشعر أنها مثالية زيادة عن اللازم وليست واقعية
فإن مثل هذه الشهوة التي وقعت في قلب الفتاة ليس من اليسير أن تعالج بحلم ، أو بسماع آية - هذا في زماننا زمان الغفلة -
فمثلا لو تعرضت الفتاة للرسوب ، بسبب هذه النزوة وبسبب إهمالها ما ذهبت من أجله للجامعة ، مع ضغط الشعور بالذنب تجاه والديها سيكون أكثر واقعية

على كل القصة ممتعة وأثرت في النفس أثرا بالغا
بارك الله فيك ونفعك بما تقدم

2- شكرا لك أخي شاكر
محمد هيثم جمعة - سورية 19-05-2009 11:20 PM
أشكرك يا اخ شاكر على تفضلك بقراءة قصتي و أرجو منكم أن تتحفني بآرائك حول القصة و تفاصيلها
1- ....
شاكر - egypt 19-05-2009 11:30 AM

قصة جيدة وذات مغزى نشكر الكاتب محمد هيثم جمعة , وفقكم الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب