• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

الإسلام في شعر أبي تمام

صدقي البيك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/3/2009 ميلادي - 13/3/1430 هجري

الزيارات: 30553

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
ومَن يَجهل أبا تمَّام، وهو صاحب ملحمة فتح عمّورية، وشاعر المعتصم الذي خلَّده وخلَّد استِجابته للصَّرخة المدوية في تاريخ الإسلام "وامعْتصماه!"؟!

إنَّه حبيب بن أوس الطائي، خرَج من إحدى قُرى حُوران في جنوب سورية، وأصبح شاعر المعتصم ومَن حوله من القوَّاد والولاة، وإنَّه لأمر طبيعي أن تبرزَ الرُّوح الإسلامية ومفاهيم الإسلام في ثنايا شعره، فهو الشَّاعر الرزين الذي يُرافق الخليفة في حلِّه وتِرْحاله وفي غزواته، ويلتقي قوَّاده وولاته، وهم رجالات الدولة الإسلامية التي تواجهُ الرُّوم البيزنْطيين على الحدود وفي الثغور، كما تتصدَّى للخارجين على الدِّين والأمْن في داخل البلاد، متدثِّرين بِثِياب المُرُوق من الدين وبدعوى العنصرية والشعوبيَّة؛ ولذلك كثرتِ الأبيات التي تتردَّد في قصائده حول مفاهيم الإسلام وقِيمه وأخلاقِه، التي يتحلَّى بها مَمدوحه، أو مَن يَرثيهم من رجالات الدولة.

فتح عمّورية:
وإذا بدأْنا بقصيدتِه (فتح عمّورية)، وجدْناها تزْخرُ بِهذه المفاهيم، فالأبيات التي تفتتح بها القصيدة تمثِّلُ مفهومًا إسلاميًّا واضحًا، وهو مُحاربة الشعبذة وادِّعاء علم الغيب "كذب المنجمون ولو صدقوا"، فلو كانت هذه الأجرام السماوية تدلُّ على المستقبل، لكشفت ما سيحل بمعالم الكفر:
لَوْ  بَيَّنَتْ   قَطُّ   أَمْرًا   قَبْلَ   مَوْقِعِهِ        لَمْ تُخْفِ مَا حَلَّ بِالأَوْثَانِ وَالصُّلُبِ
 

ولكنَّ النَّصر الذي فضح زيْف المنجِّمين وكذبهم، كان فتحًا مبينًا وعملاً صالحًا يتقبَّله رب السماء.
فَتْحٌ  تَفَتَّحُ   أَبْوَابُ   السَّمَاءِ   لَهُ        وَتَبْرُزُ الأَرْضُ فِي أَثْوَابِهَا القُشُبِ
 

وعندما يُخاطب المعتصِم يبيِّن له أنَّ ما فعله كان رفعًا لنصيب الإسلام، وقعرًا لعمود الشرك، فالمعركة بين الإسلام والشِّرك، وأحدُهُما في صعود والآخر في انحدار:
أَبْقَيْتَ جَدَّ بَنِي الإِسْلامِ فِي  صُعُدٍ        وَالمُشْرِكِينَ وَدَارَ الشِّرْكِ فِي صَبَبِ
 

ويتمنَّى لو أنَّ الكفر كان يعلم أنَّ عاقبة أمرِه مرهونةٌ بسيوف المسلمين من زمَن سحيق، وأنَّ ذلك التَّدمير والإيقاع بالعدُو هو من تدبير رجل يعتصِم بِحبل الله، وكل عمله لله:
لَوْ يَعْلَمُ الكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ        لَهُ  العَوَاقِبُ  بَيْنَ  السُّمْرِ   وَالقُضُبِ
تَدْبِيرُ     مُعْتَصِمٍ      بِاللَّهِ      مُنْتَقِمٍ        لِلَّهِ   مُرْتَقِبٍ    فِي    اللَّهِ    مُرْتَغِبِ
 

ويختم قصيدتَه بالدُّعاء للخليفة، بأن يَجزيَه الله خيرَ الجزاء على ما قدَّمه من الخير والنَّصر للإسلام، فإنَّ هناك رابطةً قويَّة تشدُّ هذه المعركة إلى أختِها في بدر.
خَلِيفَةَ اللَّهِ جَازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ        جُرْثُومَةِ الدِّينِ وَالإِسْلامِ وَالحَسَبِ
فَبَيْنَ  أَيَّامِكِ  اللاَّتِي  نُصِرْتَ  بِهَا        وَبَيْنَ  أَيَّامِ  بَدْرٍ   أَقْرَبُ   النَّسَبِ
 

الخُرَّمي المارق:
وهل تقتصر هذه المعاني والعواطف على هذه القصيدة؟ إنَّ هناك عشراتِ الأبيات التي تأْتي متناثِرة في ثنايا القصائِد تعبِّر عن هذه المفاهيم، التي تنمُّ عن إيمان صادق لدى الشاعر.

ففي مدائحِه الأُخْرى للمعتصِم ومعاركِه مع المارقين من الدِّين، والخارجين على السلطان، يُبرز طبيعة المعركة بين الفريقين، فإذا لم يقنع المارقون بحُجج القرآن الكريم، ولَم يقبلوا بأرْكان الإسْلام، فليس لَهُم إلاَّ أن يقنعهم السَّيف بحُجَجه الدَّامغة:
لَمَّا  أَبَوْا  حُجَجَ   القُرْآنِ   وَاضِحَةً        كَانَتْ سُيُوفُكَ فِي هَامَاتِهِمْ حُجَجَا
 

وهذا بابك الخرَّمي، الذي فاقت مفاسدُه مفاسدَ الدجَّال، انتهت أمورُه إلى أسوأ ما تنتهي إليْه من الهزائم والهروب، واستبشر الدين وافترَّ ثغره عن بسمة فيها كلُّ الشُّكر للخليفة وقائده، على ما ألْحقاه ببابك الخرَّمي، ولا غرْوَ في هذا النَّصر، فقد شاركت فيه الملائكة جنود المسلمين:
آلَتْ أُمُورُ الشِّرْكِ شَرَّ  مَآلِ        وَأَقَرَّ  بَعْدَ   تَخَبُّطٍ   وَصِيَالِ
لَوْ عَايَنَ الدَّجَّالُ بَعْضَ فِعَالِهِ        لانْهَلَّ دَمْعُ الأَعْوَرِ  الدَّجَّالِ
 

وفي قصيدةٍ أُخرى يُفْصِح عن سرور الدِّين، وشكْر المسلمين للخليفة على ما فعله:
لَمَّا رَأَى عَلَمَيْكَ وَلَّى هَارِبًا        وَلِكُفْرِهِ طَرْفٌ عَلَيْهِ سَخِينُ
فَسَيَشْكُرُ الإِسْلامُ مَا  أَوْلَيْتَهُ        وَاللَّهُ  عَنْهُ  بِالوَفَاءِ   ضَمِينُ
 

في مدائح آخرين:
وإذا مدَح الواثِقَ أبْرز فيه نُور النبوَّة الموْروث، وقدْ جعل الله الخِلافة في هذا البيْت الذي يمتدُّ بجذوره إلى الرَّسول - عليه السلام:
جَعَلَ   الخِلافَةَ   فِيهِ    رَبٌّ    قَوْلُهُ        - سُبْحَانَهُ - لِلشَّيْءِ "كُنْ فَيَكُونُ"
قَدْ  أَصْبَحَ  الإِسْلامُ  فِي  سُلْطَانِهَا        وَالهِنْدُ   بَعْضُ   ثُغُورِهَا    وَالصِّينُ
 

وهو من بني العبَّاس الذين ينتسِبون إلى عمِّ الرَّسول وجَدِّه، وفيهم استقرَّت الإمامة، فالواثق من:
قَوْمٍ غَدَا المِيرَاثُ مَضْرُوبًا لَهُمْ        سُورٌ عَلَيْهِ مِنَ القُرَانِ حَصِينُ
فِيهِمْ  سَكِينَةُ  رَبِّهِمْ   وَكِتَابُهُ        وَإِمَامَتَاهُ   وَاسْمُهُ   المَحْزُونُ
 

وكل فخْر بني العباس والهاشميِّين أنَّهم رهْط الرَّسول - عليه السَّلام - وإليه ينتسبون، فالممدوح:
مُهَذَّبٌ   قُدَّتِ   النُّبُوَّةُ    وَالْ        إِسْلامُ قَدَّ  الشِّرَاكِ  مِنْ  نَسَبِهْ
رَهْطُ الرَّسُولِ الَّذِي تَقَطَّعُ أَسْ        بَابُ البَرَايَا  غَدًا  سِوَى  سَبَبِهْ
 

والأخلاق التي يتحلَّى بِها مَمدوحوه هي أخْلاق الإسلام، وهم يؤدُّون العبادات الإسلاميَّة، فمُحمَّد بن حُميد الطوسي له:
وَنَفْسٌ  تَعَافُ  العَارَ  حَتَّى   كَأَنَّمَا        هُوَ الكُفْرُ يَوْمَ الرَّوْعِ أَوْ دُونَهُ الكُفْرُ
 

وآخَرُ يذهَبُ إلى مكَّة ملبِّيًا، ومُحْرمًا وراميًا للجمرات، وسافكًا لدِماء البُدْن، ومقبِّلاً للركن.
وَالحَجُّ وَالغَزْوُ  مَقْرُونَانِ  فِي  قَرَنٍ        فَاذْهَبْ فَأَنْتَ زِعَافُ الخَيْلِ وَالإِبِلِ
لَمَّا  تَرَكْتَ  بُيُوتَ  الكُفْرِ  خَاوِيَةً        بِالْغَزْوِ  آثَرْتَ  بَيْتَ   اللَّهِ   بِالقَفَلِ
 

فهو جزَّار للخيول في المعارك، وللإبل في موسم الحجِّ، وقد توجَّه إلى بيْت الله بعد أن ترَك بيوت الكُفْر خاوية على عروشِها، وفارغة من أهلها.

مفاهيم إسلامية:
والمفاهيم الإسلاميَّة المتعلِّقة بإرادة الله وقدْرته ونصره للمؤمنين، تتوزَّع قي قصائده بِحيث لا تُحصى، فالله هو الذي يرْمي أبراج الأعْداء فيهدمها؛ {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، فهو يقتبِس هذه الآية في قوله:
رَمَى بِكَ  اللَّهُ  بُرْجَيْهَا  فَهَدَّمَهَا        وَلَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ تُصِبِ
 
* * *
وَإِذَا  أَرَادَ  اللَّهُ  نَشْرَ   فَضِيلَةٍ        طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ
 
* * *
كَانَ الَّذِي خِفْتُ أَنْ يَكُونَا        "إِنَّا   إِلَى   اللَّهِ   رَاجِعُونَا"
 
* * *
كَأَنَّهَا جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ  مُعْرِضَةً        وَلَيْسَ لِي عَمَلٌ زَاكٍ فَأَدْخُلَهَا
 
* * *
وما أكثرَ ما يأخذ صُوَره من القُرآن الكريم، أو يضمِّن بعضَ آياتِه في شعره كما سبق، وكقولِه:
فَاللَّهُ قَدْ ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنُورِهِ        مَثَلاً مِنَ المِشْكَاةِ  وَالنِّبْرَاسِ
 
* * *
وَبَيَّنَ    اللَّهُ    هَذَا    مِنْ    بَرِيَّتِهِ        فِي قَوْلِهِ: خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلِ
 
* * *
فَاعْذُلُوا فِيهِ كَيْفَ شِئْتُمْ وَقُولُوا        قَدْ "كَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالا"
 
* * *
وما أكثرَ فخْرَه بأيَّام الإسْلام وبنصْر الإسْلام! فأيَّام انتِصارات الخلفاء العباسيِّين تُذكِّرُه ببدر وأحد.
يَوْمٌ  بِهِ   أَخَذَ   الإِسْلامُ   زِينَتَهُ        بِأَسْرِهَا وَاكْتَسَى فَخْرًا بِهِ الأَبَدُ
يَوْمٌ يَجِيءُ إِذَا قَامَ الحِسَابُ وَلَمْ        يَذْمُمْهُ بَدْرٌ وَلَمْ يُفضَحْ بِهِ  أُحُدُ
 
* * *
وَلَوْلا أَبُو اللَّيْثِ الهُمَامُ لأَخْلَقَتْ        مِنَ الدِّينِ أَسْبَابُ الهَوَى وَأَرَثَّتِ
أَقَرَّ  عَمُودَ  الدِّينِ  فِي  مُسْتَقَرِّهِ        وَقَدْ نَهِلَتْ مِنْهُ  اللَّيَالِي  وَعَلَّتِ
 
* * *
يَا  فَارِسَ  الإِسْلامِ  أَنْتَ   حَمَيْتَهُ        وَكَفَيْتَهُ   كَلَبَ   العَدُوِّ   المُعْتَدِي
ضَحِكَتْ لَهُ أَكْبَادُ مَكَّةَ ضِحْكَهَا        فِي   يَوْمِ   بَدْرٍ   وَالعُتَاةِ   الشُّهَّدِ
 

صفات إسلامية:
وكل المعاني والأعْمال التي يُسْبِغها على مَمدوحيه هي صفاتٌ إسلاميَّة، ففي مدْحِه للمأْمون يبرز إشراق وجْه حكم الله، وصحَّة إيمان المأمون في قيادتِه للجيش، فكلّ ذلك يَحول دون فوْز الشِّرْك.
مَا زَالَ  حُكْمُ  اللَّهِ  يُشْرِقُ  وَجْهُهُ        فِي الأَرْضِ مُذْ نِيطَتْ بِكَ الأَحْكَامُ
لَمَّا   رَأَيْتَ   الدِّينَ   يَخْفُقُ    قَلْبُهُ        وَالكُفْرَ    فِيهِ    تَغَطْرُسٌ     وَعَرَامُ
مَا  كَانَ  للإِشْرَاكِ   فَوْزَةُ   مَشْهَدٍ        وَاللَّهُ    فِيهِ     وَأَنْتَ     وَالإِسْلامُ
كُتِبَتْ     لَهُ      وَلأَوَّلِيهِ      وِرَاثَةٌ        فِي  اللَّوْحِ  حَتَّى   جَفَّتِ   الأَقْلامُ
 

كما يقول في مدحِه لمحمد بن الهيثم بن شبابة:
يَوْمٌ  وَسَمْتَ  بِهِ  الزَّمَانَ  وَوَقْعَةٌ        بَرَدَتْ عَلَى الإِسْلامِ وَهْيَ سَمُومُ
أَوْلَيْتَ  فِيهِ   الدِّينَ   يُمْنَ   نَقِيبَةٍ        تَرَكَتْ  إِمَامَ  الكُفْرِ  وَهْوَ   أَمِيمُ
 
أميم: (مضروب على رأسه).

وعندما يتناول أبو تَمَّام ارتِداد الأفشين - واسمه خيذر - وكُفْرَه بعدما كان أحد قوَّاد المعتصم، تَحفل قصيدته التِي زادتْ على ستِّين بيتًا بكلِّ معاني النِّفاق والكُفْر، التي تحلَّى بها هذا الأفشين، فيقول:
حَتَّى إِذَا  مَا  اللَّهُ  شَقَّ  ضَمِيرَهُ        عَنْ  مُسْتَكِنِّ  الكُفْرِ  وَالإِصْرَارِ
وَنَحَا لِهَذَا الدِّينِ  شَفْرَتَهُ  انْثَنَى        وَالحَقُّ    مِنْهُ    قَانِئُ    الأَظْفَارِ
مَا زَالَ سِرُّ الكُفْرِ  بَيْنَ  ضُلُوعِهِ        حَتَّى اصْطَلَى سِرَّ الزِّنَادِ الوَارِي
صلَّى لَهَا  حَيًّا  وَكَانَ  وَقُودَهَا        مَيْتًا   وَيَدْخُلُهَا    مَعَ    الفُجَّارِ
وَكَذَاكَ أَهْلُ النَّارِ فِي الدُّنْيَا هُمُ        يَوْمَ  القِيَامَةِ   جُلُّ   أَهْلِ   النَّارِ
 

ونَختم حديثَنا عن إسلاميات أبي تمام في شِعْرِه بِما ختم به هو حياتَه، من الزُّهد والإقْبال على العبادة والتَّقوى والتَّخلِّي عن متاع الدُّنيا، مع أنَّه كان في كهولتِه، فينظم قصيدةً يائيَّة من عِشْرِين بيتًا يتحدَّث فيها عن شَيْبِه وتناقُص أيَّامِه، ورِضاه بما قسم له الله وأُنْسه بالموت، ويَختِمُها بأبْيات يتحدَّث فيها عن خَوْفِه من الله، ورجائه فيه، وتقواه ومخالفته هواه، فيقول:
فَيَا  لَيْتَنِي  مِنْ   بَعْدِ   مَوْتِي   وَمَبْعَثِي        أَكُونُ   رُفَاتًا   لا   عَلَيَّ    وَلا    لِيَا
أَخَافُ    إِلَهِي    ثُمَّ    أَرْجُو    نَوَالَهُ        وَلَكِنَّ     خَوْفِي     قَاهِرٌ     لِرَجَائِيَا
وَلَوْلا  رَجَائِي  وَاتِّكَالِي  عَلَى  الَّذِي        تَوَحَّدَ   لِي   بِالصُّنْعِ   كَهْلاً   وَنَاشِيَا
لَمَا سَاغَ  لِي  عُذْبٌ  مِنَ  المَاءِ  بَارِدٌ        وَلا طَابَ لِي عَيْشٌ  وَلا  زِلْتُ  بَاكِيَا
عَلَى  إِثْرِ  مَا  قَدْ  كَانَ  مِنِّي   صَبَابَةً        لَيَالِيَ    فِيهَا    كُنْتُ    لِلَّهِ    عَاصِيَا
فَإِنِّي   جَدِيرٌ   أَنْ    أَخَافَ    وَأَتَّقِي        وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أُشْرِكْ بِذِي العَرْشِ ثَانِيَا
 

فلو لم تكن له إلا هذه الأبْيات لَكَفَتْه، فهو فيها كما ترى مؤمنٌ بالله لم يُشْرِك به شيئًا؛ ولكنَّه يَخشى صغائر ذنوبه وصباباتِه ومعاصيَه، التي تجعله جديرًا بأنْ يخاف العقوبةَ عليْها، ويتمنَّى أن يكون من أهل الأعْراف، ما عليْه سيِّئات ولا له حسنات؛ لينجو بذلك من عذاب الله، وهو يرْجو العفْو من الله، وأن ينال رضاه.

رحِم الله أبا تَمام، ونسأل الله أن يحقِّق له رجاءَه، وأن يسجِّل هذه الأبيات التي تزْخَر بالصِّدْق والإيمان والحب للإسلام والمسلمين في سجِلِّ حسناته.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التناص في شعر الجواهري
  • الحياة الثقافية والعلمية في عصر أبي تمام
  • شرح ديوان أبي تمام للأعلم الشنتمري: نقد الدراسة وتقويمها
  • كتاب أخبار أبي تمام لمحمد بن يحيى الصولي (ت 335هـ / 946م)
  • التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي
  • سلام (شعر)

مختارات من الشبكة

  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام (بني الإسلام على خمس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح لامية شيخ الإسلام من كلام شيخ الإسلام (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 


تعليقات الزوار
4- إعجاب
adam abdalla - Sudan 03-09-2016 03:00 PM

أعجبت بهذا الموقع المتميز

3- ابي تمام
aseel - gordan 02-09-2016 12:43 PM
جميل جدا ورائع هذا الشاعر المبدع
2- مشاركة
د/ياسر عكاشة - مصر 06-07-2012 05:24 PM

بارك الله فيكم ودوما على التفوق

1- وفقكم الله
ابن الإسلام - مصر 11-03-2009 04:14 PM
شعر أبي تمام له وزنه وقيمته فهو القائل
يـعـيـش الـمــرء مـــا استـحـيـا بـخـيــر & ويـبـقـى الـعــود مــــا بــقــي لـلـحــاء


فـــلا والله مـــا فـــي الـعـيــش خــيــر & ولا الــدنــيــا إذا ذهــــــب الــحــيــاء
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب