• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة
علامة باركود

السيدة الطيبة (قصة)

سعيد بلمبخوت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2012 ميلادي - 11/2/1434 هجري

الزيارات: 5453

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السيدة الطيبة


عندما لاح ضوءُ الصباح، لاحظ أن لون النهر تغيَّر بعض الشيء، كان بالأمس داكنًا بسبب الأمطار الغزيرةِ المصحوبة بالعواصف الرعدية، لم تنقطعْ لمدة أسبوع كاملٍ، سرعة جريان النهر هدأت بعض الشيء، وبدأ يُحس بدوره بشيءٍ من الهدوء والاطمئنان.

 

منذ ثلاثة أيام وهو فوق المركب بمجرى النهر، كان القارب عبارة عن ألواحٍ جمعها من الغابة، سرعة الانجراف ما زالت تشكِّل خطرًا على حياته، بالرغم من أن المرحلةَ الحرجة قد تم تجاوزُها مند البارحة.

 

قاوم بكل جهد المنحدراتِ والصخور قبل أن يصلَ إلى هذا المكان من مجرى النهر، بدأت ضفَّتا النهر تبتعدان عن بعضهما البعض، وأصبح وسط بحيرة هادئة، كان يتفادى الابتعادَ عن الشطّ، واحتار في البداية ما بين الضفة الشمالية والضفة الغربية، ومع الحيرة في اتخاذ الوجهة قرر أن يرسوَ بقاربه بعض الوقت؛ لأخد قسط من الراحة، والبحث عن شيء يطفئ به نارَ جوعه.

 

أخد وجهة الضفة الشمالية؛ لأن عدوَّه تركه في الجهة الأخرى، وبدأ يجدِّف بتأنٍّ وحيدًا، بالأمس كانت المياه الجارفة تدفعُه، وكان المجداف وسيلةً لتفادي الصخور وتقويم الاتجاه، أما اليوم فكان يلزمه شيء من القوة؛ للدفع بالمركب على المياه الهادئة.

 

أحسَّ بتعب شديد، لم يَقْوَ على الاستمرار في التجديف، واتَّكأ جانبًا لأخذ قسطٍ من الراحة، كانت الضفةُ الشمالية على مسافة مائتي متر تقريبًا، أما الضفة الأخرى فلا يمكن رؤيتُها، وبالأحرى تقديرُ بُعْدها.

 

هرب من المجهول إلى مكان مجهول، هرب من الظلم للبحث عن مكان آخر؛ لعلّه يجدُ فيه قسطًا من الرحمة والعدل.

 

نام نومًا ثقيلاً من شدة التعب وألَم التفكير في الماضي، استفاق مذعورًا عندما اصطدم القاربُ بصخرة على الشط الشمالي، هدَّأت من رَوْعه حسناءُ كانت بالقرب تجمع الغسيل بجانب الصخرة، كانت تترقب القاربَ وصاحبه، كانت تظن في أول الأمر أنه جثة هامدة.

 

حاول دون جدوى الرجوعَ إلى المياه العميقة لمواصلة التجديف، لكنه أحس بأن يديه لن تقوى/ لم تعد تقوى من شدة التعب، نظر نظرةً خفيفة نحو الحسناء التي بادرت إلى جر المركب ما بين صخرتين، ومدت له يدَها؛ لتساعده على الوقوف خارجًا على اليابسة.

 

الذي كان بالأمس قويًّا يواجه انجراف المياه بقوة بعدما قاوم الأعداء، في هذه اللحظة يستسلم لعطف امرأةٍ تمد له يدَها لتنقذه، ما بين الأمل في إنقاذ حياته، وبين الحذر من العدو، أحسَّ وهو في شبه غيبوبةٍ بنوع من الاطمئنان في اللمسات الرقيقة وهي تهدِّئ من رَوْعِه وألَمه.

 

شتّان بين الشعور بالرعب والاغتراب، وبين الإحساس بنعمة الهدوءِ والاطمئنان بين الأحباب، وشتان بين التمتعِ بالقوة الجسدية والنفسية، وبين الانهيار في بعض اللحظات، أن تجد يدًا بيضاء تشعُّ بالرحمة تُمَدُّ لك في تلك اللحظات، أكيد أنها ستبقى مرسومةً في الذاكرة لن تُنسى.

 

كانت امرأةً في غاية من الجمال، لم يرَ نظيرها إلا في أحلامه، يبدو أنها وحيدةٌ مع ابنتها ذات خمسة الأعوام، من خلال نظراتها كان يرى الطِّيبةَ التي لم يعهدْها إلا في المرحومة والدته، التي بالكاد يتذكر ملامحها.

 

لعدة أيام أعطته كامل العناية، تعافى من مرضه، وأصبح قادرًا على الوقوف، لم يجد الكلماتِ التي يريد بها أن يبلغ امتنانه على مدى الاهتمام به في بيتها.

 

• المعذرة سيدتي، أكيد أني أتعبتُك، يكفي كل ما قدمتِه لي من عناية، خاطبها بكلمات متقطعة.

• لم أقُمْ إلا بالواجب، لكن لا يمكنك متابعةُ رحلة قبل أن تتعافى بالكامل.. ردت عليه بابتسامة.

 

دخلت البنت مبتهجةً لسماعها الغريبَ يتكلم لأول مرة، صبيَّة ظريفة أخذت من حُسْن أمها ولُطْفِها، واقتربت من الغريب لتنظُرَ في عينيه، تركت البنت بجانبه تتأمل في نظرات الغريب، وخرجت لتعد بعد لحظات بين يديها شيء من الأكل.

 

كانت تريد معرفة قصة الغريب، وانتظرت الفرصة لتسأله دون إحراجه.

 

كانت تستعد للرحيل لَمَّا دلته على مكان المؤونة، نادت على صغيرتها لتصعد إلى السيارة رباعية الدفع، انطلقت بهدوء في اتجاه المدينة، وبقي أمام الباب حائرًا يراقب السيارة تبتعد، إلى أن انغمست وسط الأشجار.

 

تسمَّر في مكانه ليسترجع مجريات الأحداث مند وصل إلى هذا المكان الهادئ، الذي وجد فيه كامل الرعاية والطِّيبة المنقطعة النظير، خيِّل إليه أنه كان يحلم وصَحَا للتوِّ من حُلم جميل، انقطع خيطه واستفاق بقلب يخفق.

 

توقف شريط الأحداث، وهدأ خفقانُ قلبه، وتوجّه إلى ضفة النهر، بحث عن القاربِ، ووجده على حاله ما بين الصخور، كان يحاول ترميم ما أفسدته الصخور، تفاجأ بوجود رسالةٍ معلقة على القارب.

 

"إذا قررت الرحيل، حفاظًا على حياتك، خذ زورق بالكاياك من المخزن".

 

قرأ الرسالة عدة مرات محاولاً تأويل معناها، تخيَّل عدة سيناريوهات لفكِّ لغز تلك السيدة الطيبة التي تركتْه في بيتها، بعدما أعطته عطفها وعنايتها، تغلب عدة مرات على رغبته في ترك هذا المكان الهادئ، حاول ركوب الزورق ليتغلب على رغبته في البقاء، دخل إلى أعماق النهر، توقف ليتأمل في جمال البيت بنوافذه الزرقاء، وقرميده الأحمر، يلوح وحيدًا بين الأشجار الخضراء على الضفة الشمالية، الجبل من ورائه تغطِّيه خضرةُ الغابة، وعلى القمة يلوح بياض الثلج.

 

واسترجع ملامح السيدة الطيبة التي كانت قبل لحظات تزيد المكان حيويةً ورونقًا، أخد يجدف بالكاياك بحركات متتالية، وفي كل لحظة يلتفت ليلقيَ نظرةً أخيرة على ذلك المكان الرائع، توقف عن التجديف لكي لا يزعجَ إوزة الماء مع صغارها التي كانت تسبحُ بهدوء تاركةً وراءها موجاتٍ رقيقة على سطح الماء.

 

تابع مدة من الزمن ذلك المشهد الرائع، استرجع صورة السيدة الطيبة وصغيرتها، وفي لحظة لا شعور قرر إرجاء رحلته حتى يعرف أسرار تلك الإنسانة الرائعة.

 

تمر الأيام وهو ينتظرها، كلَّ يوم تغيب خيوط شمسه يغيب معها الأمل في إطلالة السيدة الطيبة، بدأ يتجرأ داخل البيت في البحث عن أشياء من شأنِها أن تساعدَه على معرفة أسرارها.

 

فيما يقارب السَّنةَ أو يزيد من الانتظار، أَلِفَ المكانَ بالرغم من الوَحْدة الموحشة، اختلطت عليه الأمورُ، ولم يعُدْ يَعِي لماذا لم يستمرَّ في رحلته على النهر، كان هاربًا من العدو نحو وجهة لا يدريها، الصدفة هي التي جاءت به إلى هذا المكان الذي ارتبط به؛ لا لشيء إلا تلك النظرات اللطيفة التي اعتنت به حتى تعافى من مرضه، لكنه الآن في صحة جيدة، ويمكنه الاستمرار...

 

لكن إلى أين؟ هل يمكنه أن يستمرَّ في وحدته ينتظر طيف امرأة قد تأتي أو لا تأتي؟

يأخذ كامل وقته لإتقان اللوحات التي يرسمها على ضفة النهر، صورة السيدة الطيبة لا يخلو منها غالب رسوماته الرائعة.

 

كان يفكر على طول الوقت في أن يتابع الرحلةَ على النهر، لكنه اليوم أخذ يفكر لماذا لا يأخذ وجهة أخرى؟ على الأقل أن يتبع الطريق التي مرت منها السيدة الطيبة، أكيد أنها تؤدِّي إلى مكان ما، قد يجد أثرَها في مكان ما.

 

تعب من الانتظار، ولم يعُدْ قادرًا على الاستمرار في هواية الرسم، وقرر الذهاب عبر الطريق التي سلكتها السيدة الطيبة، كانت له درايةٌ كافية في الميكانيك، عمل على إصلاحِ الشاحنة الصغيرة، لَمَّ لوحاته بعناية، وأخذ الوجهة التي مرت منها، كانت المسافة طويلةً وسط الأدغال، ولَمْ يجد بعدُ أية حركة إنسانية، من حُسْن الحظ أن الشاحنة كان فيها ما يكفي من الوقود لقطع مسافة نصف يوم، بدأ يحس بنوع من الخوف من عدم اللحاق بمحطة قبل أن ينفد الوقود.

 

أخيرًا: وجد الطريق المعبَّدة وتوقف ليستريح، لكنه لم يلاحظ أية حركة للسير طوال تلك المدة التي توقَّف فيها، سمع من بعيد صوتًا، لاحت شاحنةٌ تجرُّ مقطورة، نهض مسرعًا يلوِّح بيديه ليوقفها، كانت الحمولة من جذوع الأشجار عائقًا لعدم توقف الشاحنة على الفور، توقفت بعد أن تجاوزته بمسافة كبيرة، ركب شاحنتَه، والتحق بالسائق الذي توقَّف دون أن ينزل، كان يراقبه عبر المِرْآة، لما اقترب أخد بندقيته ونزل، في هذه الأماكن النائية يكون الحذرُ سيدَ الموقف، وكذلك فإن التعاون بين السائقين من الواجبات.

 

نزل بدوره من شاحنته التي كانت تبدو قزمًا قرب الشاحنة الكبيرة، كانت هيئتُه تثير الشكوك، اقترب - ببطء رافعًا يديه

• من السائق الذي يوجِّه البندقية في اتجاهه.

• أريد المساعدة، الوقود.

 

اطمأنَّ السائقُ، ولفَّ حول الشاحنة الصغيرة، لم يجد داخلها أحدًا آخر، لفَت انتباهه شيءٌ في المقطورة، جرَّ الثوب من فوق اللوحات، خطف بصرَه صورةُ السيدة الرائعة في أول لوحة.

 

تبادلا النظرات، اطمأن السائقُ وأمرَه أن يقترب من خزان الشاحنة.

 

• إنها الكمية التي تَكْفيك لتصل إلى أقرب محطة.

• شكرًا سيدي، لا توجد عندي نقود، لكن خذ هذه اللوحة.

 

كان السائق يريد أن يطلب منه بيعه تلك اللوحة الرائعة التي شدت انتباهه، وكانت صورة السيدة الطيبة صورةً ليست غريبة، سبق أن رآها، تشبه تلك السيدةَ التي اعتنت به لمدة أسبوع عندما وجدته بين الحياة والموت في حادثة سير، أخد اللوحة، وأخرج من جيبه أوراقًا مالية دون أن يطلب الفنان منه ذلك.

 

لعبت تلك الأوراق المالية دورًا هامًّا ليتكيف مع المحيط الجديد، تذكر بأنه لا يمكن العيشُ في المدينة دون مال، ما تبقى لن يكفيَه لأكثر من أسبوع، كانت اللوحات هي كلَّ رأس ماله، كانت جدُّ عزيزة على نفسه، ولا يريد التفريطَ فيها، لكن للضرورة أحكام، على كل حال فإنها سوف تكون بين أيادٍ أمينة، ومن الأحسن بيعها والعيش بثمنها في هذه المدينة التي لا ترحم الفقير.

 

لقيت لوحاتُه شهرة كبيرة في المعرض، حاول التأقلم مع حياة المدينة، لكن الحنين إلى الغابة وضفة النهر لا يزال يراوده، لم يألفِ التعايشَ مع الضجيج، ولا نرجسية أفراد المدينة، الكل مشغول في دنياه، ولا أحد يبالي بالآخر، إلا بتلك النظراتِ الخاطفة والمملوءة بالخطر.

 

تمر الأيام وصورة السيدة الطيبة لا تفارقه، كان كلما مرَّ من أحد الشوارع الراقية، لَفَتَ نظره امرأةٌ بئيسة تستجدي المارَّة لمساعدتها، كانت ملامحُها، وكذلك نظراتها، ليست بغريبة، في نفس الوقت ونفس المكان، كلما مر بجانبها يمدُّها بمساعدة ويمضي لشأنه، لاحظ في أحد الأيام أن صحة تلك البئيسة جدُّ متدهورة، اقترب منها ليسألَها إن كانت تريد المساعدة، خفضت نظراتِها دون أن ترد، يتأمل مليًّا في ملامحها، ويسترجعُ تلك اللحظات التي كان فيها في أشد الحاجة إلى المساعدة، ولقي آنذاك من السيدة الطيبة ما يحتاج من الرعاية.

 

أخذها إلى أقرب عيادة، لم تكن حالتها تستدعي دخولها العناية المركزة، كانت تحتاج إلى بعض الأدوية، والكثير من الرعاية، أمام بيتها سألها إن كان يوجد في البيت مَن يعتني بها، ردَّت بلطفٍ بأن الله يرعاها.

 

أول ما لفت انتباهَه هو الصورةُ المعلَّقة على الحائط، شابة رائعة الجمال وبجانبها صغيرتها، ينظر في الصورة ثم يقارنُ بينها وبين المرأة التي جلست أمامه تحاول استرجاعَ بعض ما تبقى من قوتها، تقرَّب منها وقلبُه يكاد يتوقف، ساعدها في أخذ دوائها، وانحنت لتستلقيَ على الأريكة، ألقى عليها غطاءً لتدفئتها وجلس أمامها دون أن يلفظَ بكلمة.

 

لم يكن يتصور أن يجد طوال هذه السنوات من البحث والانتظار تلك السيدةَ الطيبة على هذا الحال من البؤس والانهيار، تعرف عليها من خلال تلك الصورة المعلَّقة، وشتان بين جمال شبابها في الصورة وبين المرأة الشاحبة أمامه.

 

• سيدتي، هل تتذكرينني؟

• لا، أنت رجلٌ طيب، شكرًا على المساعدة.

 

نامت السيدة الطيبة، وبقِيَ بجانبها لعدة ساعات يسترجع أول يوم رأى فيه وجه تلك السيدة الطيبة وهي ترعاه لعدة أيام.

 

قدم لها بدوره ما يلزم من الرعاية والاهتمام، كانت فاقدةً للذاكرة، نسِيَت الماضيَ، ولم تعُدْ تتذكَّر أحدًا، تنكَّر لها الجميعُ على ما يبدو، من عدم الاهتمام بنفسها فقدت نضارة ذلك الوجه الذي كان بالأمسِ يَبْهَر الناظرين.

 

كان لديه ما يكفي من المال لمعالجة السيدة الطيبة في أحسن المستشفيات، قام بما يلزم على أمل أن تسترجعَ ذاكرتها.

 

يومًا بعد يوم تسترجع جمالَها، بعد عام من العلاج بالرغم من تحسن صحتها لم تسترجِعْ ذاكرتها، بالرغم من عَرْضها على أكبر الاختصاصيِّين.

 

كانت جالسةً كعادتها أمام البيت قرب النهر، وقفت تنتظرُ عودته من جولتِه على الزورق، كان الجو حارًّا، اقتربت من الماء البارد، وبدون شعور ارتمت داخل النهر، كأنها استفاقت من نومٍ عميق، أحسَّت بمزيجٍ من السعادة والرعب، رأت القارب وسط النهر، سبَحت في اتجاهه، أخَذ يدَها، وهدَّأ من رَوعها.

 

• أين ابنتي؟

استرجعت ذاكرتَها...

 

عاشت باقيَ حياتها على ضفة النهر مطمئنةَ البال في قصرٍ فسيح بالقرب من المنزل المتواضع الذي تم الاحتفاظُ به للذكرى، برفقتِه قضت أيامًا سعيدة، تتخللها أحزانُ فِقدان صغيرتِها في الحادثة، كان فقدانُ الذاكرة حلقةً مظلمة في مسارِ حياتها، في آخر أيامه لم يعُدْ يهتم بالرسم كعادته، السبحة بين أنامله، يتمشى بهدوء في حديقة القصر على جانب النهر، كان مرتاحَ الضمير وهو يستقبل السيدة الطيبة تعودُ من رحلتها في الأرياف من أجل الرعاية والدعوة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكلمة الطيبة
  • المعاملة الطيبة للخادمات وأثرها في دعوتهن
  • بحثنا عنها فلم نجدها!!
  • يا طيبة، ضمي شوقي إليك
  • السيدة آسية بنت الشيخ بشير الله المفتاحي

مختارات من الشبكة

  • روسيا: محكمة تقضي بتغريم شركة نقل منعت محجبة من ركوب حافلة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السيدة (قصة قصيرة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من أعلام النساء: السيدة أسماء بنت عمـيس رضي الله عنها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيدة عائشة أم المؤمنين وحبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيدة عائشة أم المؤمنين وحبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم (١)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صور لقيمة حسن العشرة من سيرة السيدة فاطمة رضي الله عنها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تضحيات خير نساء الأرض "السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيرة النبوية: السيدة عائشة رضي الله عنها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيرة النبوية: السيدة خديجة رضي الله عنها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب