• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة
علامة باركود

داعية وطالبة علم

سارة بنت محمد حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2009 ميلادي - 15/2/1430 هجري

الزيارات: 21339

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
سمعت بها.
هي داعية متميِّزة حقًّا.
يقولون عنها سلفية.

حسنًا، واجبي أن أحضُر دُروسَها لأعلم: هل هي حقًّا سلفيَّة كما يقولون؟
سألت عن الموعد، تبرعت أخت بتوصيلي، ذهبت.
شكلها! لا أدري، لا أريد أن أحكم بالمظاهر.
لا بأس، فلنستمع.

مرَّ نصف ساعة.
كلامها ليس مرتَّبًا.
صِيغ عباراتِها عامِّية قليلاً.
ما معنى عامية قليلاً؟
يعني عامِّية قليلاً، لا تسألْني من فضلك.

طريقتُها ليستْ علميَّة.
ما معني ليست علميَّة؟
يعني ليستْ علميَّة أيضًا، قلت لك: لا تسألني؛ أنا أعرف عن أي شيء أتكلَّم.
تبدو كأنَّها واعظة.

مرت ساعة، آه، كنت أتوقَّع هذا، حديث ضعيف!
هذا ما كان ينقصُنا!
رفعت يدي، ابتسمتْ بِهدوء وقالت: ممكن نؤجِّل الأسئلة إلى وقتها؟ 
قلت – وأنا أبتسِم ابتِسامة الواثق من عِلْمه الغزير -: بالتأكيد.

وقت الأسئلة:
التفتت إليَّ الأختُ وابتِسامتُها متَّسعة: تفضلي - أختي – هاتي سؤالك.
قمتُ وأنا أنتفِش غرورًا - بل أعني: ثقةً -: سؤالي عن حديث، أريد أن أعرف إن كان صحيحًا أم ضعيفًا؟
ذكرتُ الحديث الذي قالته، ابتسمت في هدوء: على حد علمي هو صحيح، لكن أبحث وأخبرك.
ابتسمتُ في ثِقة وقلت: نعم ابحثي، فهو ضعيف، ذكره الألباني في الضعيفة.
سكتَتِ الدَّاعية وقد اتَّسعت ابتِسامتُها، فشجَّعني هذا على المواصلة: وكان عندي تعليق آخر أيضًا.

قالت الدَّاعية: تفضلي.
فرحتُ أُسمِّع لها ما كنتُ جَمعتُه من أقوال العُلماء المتعلِّقة بالموضوع.

قالت الداعية: ما شاء الله، تبارك الله!
ثم أطرقت بِرأسها قليلاً، ظننتُ أنَّها إنَّما أطرقتْ خجَلاً وغيرةً، طبعًا ولِم لا؟! لها أعوام في الدَّعوة.
غرُّوها فظنَّتْ أنَّها من أهْل الصَّلاح، والآنَ لقد وضعتُها في حجمِها الطَّبيعي.
فأنا سيف الله المسلول على عبادِه؛ لأردَّهم إلى الصَّواب.

فقلتُ لَها: يُمكِننا أن نتعاوَن في الدَّعوة.
رفعتْ رأْسها وابتسامتُها تشرق وقالت: بالطبع، وأريدُ أن أجلِس معك بعد استِكْمال الإِجابة على الأسئلة.
جلستُ على مضض، كنتُ أظنُّها ستُوكل لي أنا الإجابة على الأسئلة، لا بأس.

دعنا نَرَ إجاباتِها.
جلستُ وكلِّي تحفُّز لأسمع ما ستقول، وكتبتُ كلَّ تعليقاتي الرَّائعة على إجاباتِها.
فخَّمتْ حرْف الطَّاء وهي تتكلَّم، قالتْ كلِمة عامِّيَّة، رفَعَتِ المفعول به ثُمَّ صحَّحته.
مَا هَكَذَا يَا سَعْدُ تُورَدُ الإِبِل.
وهل يصحُّ تصدُّر المبتدئين الذين يَلحنون في القول؟

آه وما هذا؟! تنقل كلامًا عن هذا الشَّيخ الجاهل؟ ألا تعلم أنَّ النَّقْل عنِ المبتدِعة لا يَجوز؟!
حسنًا جيِّد، إنَّها ستقابِلُني بعد الدَّرس، فسأنصحُها، وإن لم تستَجِبْ فسأفضحها!
سأفضحها، وأخبر النَّاس بِحقيقتِها، فهي مبتدِعة تنقل عنِ المبتدِعين.
إنَّا لله وإنَّا إليْه راجِعون، الدُّعاة اليوم صاروا شيئًا مؤْسفًا.

بعد انتِهاء الدَّرس ذهبتُ إليْها.
كانت تجلس على الأرض في آخر المسجِد، وفي يدِها مرجعٌ وأمامَها عدَّة مراجعَ أُخْرى.
قلتُ - وابتِسامتي تُشرق -: السَّلام عليْكم.
رفعتْ رأسَها وابتسمت ابتسامة صافية، وردَّت السلام، وقالت لي: اجلسي.
جلست.

قالت لي: بالنسبة للحديث فـ ...
ثُمَّ راحتْ تسرُد أقوال العلماء فيه، وعِلَل مَن ضعَّفه، والرَّدَّ على تلك العِلل، ولماذا اختارتِ التصحيح، بل نقلتْ لي تراجُع الألبانيِّ عن تضعيفِه.
الأدهى: أنَّها كانت تتحدَّث بسلاسةٍ وكأنها لا تتحدَّث عن علمٍ من أصْعَبِ العُلوم؛ بل كأنَّها تقرأُ الفاتِحة أو سورة الإخلاص.
تستخدِم أسهل العبارات، وتُعيد الشَّرح بعدَّة عبارات تدل على تمكُّن ورسوخ في العلم.

فغرت فمي، ولم أحرْ جوابًا.
سكتتْ ونظرت إليَّ في قلق، وقالت: هل هناك شيء؟ هل أسأتُ الشَّرح؟
هززْتُ رأْسي لأنفض إحْساسي بالضياع، وقلتُ وأنا أتميَّز من الغيْظ: لا أبدًا، شرْحٌ موفق، ثُمَّ اندفعتُ قائلةً، وقد تذكَّرتُ أنَّه لا يزال لديَّ ورقةٌ لم تَحترق: وماذا عن نقْلِك عن هذا الشَّيخ الجاهل الحزبي؟!

أليس مبتدعًا؟ كيف تنقلين عن مبتدِع؟ ألَم تقرئي عِلْم الجرْح والتعديل؟!
ابتسمت الداعية في حِلْم ثُمَّ أخذت نفسًا طويلاً.
قالت الداعية: لماذا رميْتِ الشيخ بالبدعة؟
ابتسمتِ الطَّالبة في استِهْجان: تكفيري حزبي، وليس على المنهج.
ابتسمتِ الدَّاعية في لطف وسألتْها: هلا وضَّحت معنى كلماتِك؟

سكتَتِ الطَّالبة لحظة وهي تحاوِل استِجْماع معنى كلماتِها:
تكفيري يعني: على منهج الخوارج، حزبي يعني: يشجِّع التحزُّبات التي تَجتمع على منهج غير منْهج أهْل السنة والجماعة، وليس على المنهج يعني: ليس على منهج أهل السنَّة والجماعة طبعًا.

قالت الداعية وهي تردِّد كلامي في بُطْء وتنظُر في عيني: إذًا أنت تتَّهمين الشَّيخ بأنَّه من الخوارج، وأنَّه ليس على المنهج، وأنَّه يُحزِّب النَّاس على غير التَّوحيد!

سكتتْ لحظة ثم نظرتْ في عينيْها وقالت بِحزم: لكلِّ قولٍ دليلٌ، فما دليلك على هذا؟
هتفتْ طالبة العلم باستنكار: شيوخي قالوا عنه ذلك.

قالت الداعية: وهل قول شيوخِك حجَّة بذاتِها؟!
يعني: إذا كان هذا الشيخ أستاذًا لفتاةٍ أخرى سواك، وقال في شيوخك: إنَّهم مبتدعة، هل تقبل الفتاة قوله وترمي شيوخك بالابتداع؟!
قالت طالبة العلم في استنكار: بالطبع لا.

قالت الداعية: لماذا؟
ردت: لأنَّ شيوخي على المنهج، وشيخها ليس على المنهج.
قالت وهي تبتسم: وكيف حكمتِ أنَّ شيخَها ليس على المنهج، وأنَّ شيخك أنت على المنهج؟
سكتتِ الطَّالبة لحظة ثم اندفعت تقول: لأنَّ هذا الشيخ يكفر، هو من الخوارج.

قالت الداعية: هل قرأتِ له كتابًا أو سمعت له شريطًا؟
قالت الطالبة: لا.
قالت الداعية: هل رأيتِ أحد طلبته ينقل عنه مثل ذلك؟
قالت الطالبة: بل شيخي قال.

ضحكت الداعية وقالت: أُختي هل سنعود لهذه الدَّائرة المغلقة؟ العلم: قال الله، قال رسولُه، قال الصحابة، فالعمدة ليس رأْي الشيخ؛ بل العمدة كتاب الله وسنة الرَّسول - صلى الله عليه وسلَّم - بِفهم الصَّحابة وإلا وقعْنا في البِدع، ثُمَّ هذا قول شيخك وحْدَه وليس قول باقي الشيوخ فيه.

قالت الطالبة: مَن قال فيه ليس مبتدِعًا فهو مثله مبتدِع، فمن لم يكفِّر الكافر فهو كافِر، ومن لَم يبدِّع المبتدع فهو مثله بالتأكيد.


قالت الداعية: وهل سمعت كلام الشيخ الذي تتهمينه؟

قالت الطالبة: لكن أنا أخشى إن سمِعْتُه أن يأسرني منطقُه، وقد نَهانا النبيُّ عن مُجالسة أهل البدع؛ حتَّى لا تشربها قلوبُنا.

قالت الدَّاعية: لكن هذا هو نفس منطق المشركين، وهو اتِّباع شخص، وظنُّ العصمة فيه، دون تحكيم عقولهم لِمعرفة الصَّواب من الخطأ، وقد تعبَّدنا الله بعقولنا لا بعقول غيرنا.


فإن كنتِ مُخلِصةً وأردتِ الاتِّباع، ودعوت الله أن تكوني ممَّن يسمعون القول فيتبعون أحسنه - فيمكنك أن تسمعي الشيخ وترَي هل هو من أهل البدع فعلاً أم لا؟

طبعًا: أنا لا أتحدَّث عن شيخ ظاهر البدعة يقول: أنا صوفي، أنا شيعي، أنا أتَحدَّث عن شيوخ أهل السنَّة، الذين ينتسبون للسنَّة، ويعظمون السُّنة، ويحبون السنَّة، ويتبرؤون من البدع، فإذا أصبت، فلك أجرانِ، وإن أخطأت، فلك أجر.

قالت الطالبة مستنكرة: آه أنت من أهل التَّحكيم العقلي، أنتِ من المعتزلة، أيَّتُها المبتدِعة، أنت أيضًا لستِ على المنهج.

حدَّقت فيها الدَّاعية لحظةً ثُمَّ انفجرت ضاحكة، وقالت: ما هذا يا أختي؟! تقولين: إنَّ عقلك قاصر عن معرفة الحقِّ من الباطل، ثُمَّ ترمينَني بمنتهى السهولة بالبدعة!


ألا تعلمين: أنَّ الرَّمْي بالفسق والتبديع كالرَّمي بالكفر، لابدَّ له من استِيفاء شروط وانتِفاء موانع؟!

سكتت الطَّالبة.

فقالت الداعية: ثُمَّ هذا الشَّيخ الذي تتَّهمينه بالخُروج لا يكفِّر أصلاً تارِكَ الصَّلاة، فإن كان لا يكفِّر تارك الصلاة - وهو خلاف سائغ عند أهل السنة - فهل سيكفِّر بالكبائر؟.

قالت: لا، لا، إنَّه يكفِّر الحاكم.
نظرت لها في عجب وقالت: وكيف ترَكه الحاكم حرًّا طليقًا يُلْقِي دروسَه وهو يكفِّرُه؟!.
قالت: لأنَّه، لأنه لا يعلم.

قالت الداعية: الحاكم لا يعلم وأنت تعلمين! وكيف عرفت؟
قالت: هو صرَّح بذلك مرَّة.
ابتسمت الداعية وقالت: صرَّح، إذًا اشتهر عنه، فيعرف الحاكم وأنا وأنت، أم أنَّه لم يصرِّح وفهِمَ هذا من كلامِه؟
قالت: الحقيقة لا أعرف، فقد قيل لـ..

قاطعتها بحزم: هذا لا يصحُّ أختي، نحن نتحدَّث عن عالِم لا عن بائع خضار، وإن كان بائع الخضار له حرمة الإسلام فالعالم له حُرْمة الإسْلام وله حرمة العلم، وأنا أظنُّ في الواقع أنَّه اشتبه عليْك أو على مَن سمع جملة من كلام الشيخ، وكان الواجب أن ننظر في كلامِه، ونردَّ المتشابه للمُحْكم من كلامه، ونحمِّل الكلام أحسن معنًى له، لا أن نتحامل على الكلام، ونتعسَّف ونُحمِّله ما لا يُطيق بشبهةٍ وتسرُّع، ورغْبة في إسقاط العالِم لِحسدٍ أو غيرة أو ما شابه، فإسْقاط العالِم بِهذه الطريقة هو في الواقع مِعْول هدْم للإسْلام.

سكتت الطالبة هنيهة، ثم قالت: لقد أصابَنِي صُداع، إنَّ رأْسي يدور، لا أعرف حقًّا من باطل.
قالت الداعية: أختي في الله، إياك إياك وأعراضَ المسلمين، وخاصَّة العلماء؛ فإنَّك إن استبحْتِها فقد سقطتِ في فتنة عظيمة، لن تَخرُجي منها على خير.
نسأل الله لنا ولك العافية.

عدت إلى بيتي ورأسي يدور، أين الحق؟

اتَّصلت بمعلِّمتي التي لقَّنتني المنهج، حكيْتُ لَها ما حدث.

بادرتْني المعلِّمة: ولِمَ ذهبتِ لها؟ لِماذا لم تسأليني عنها؟! 

وقع في نفسي: أنَّ هناك شيئًا خطأً، قلتُ بحذر: ولماذا أسألُك عنها؟ 

قالت المعلمة: تسألينَنِي هل هي على المنهج أو لا؟

ثم أردفت في جدية: هي ليْستْ على المنهج طبعًا.

قلت في حذَر أكبر: هل تحدَّث فيها أحدُ العُلماء الكبار؟

أطلقت ضحِكة مستَهْجنة وقالت: لا، ليستْ مشهورةً إلى هذا الحد.

قلت لها - وألف علامة تعجُّب ترتسِم أمامي -: إذًا كيف قُلْتِ إنَّها ليست على المنهج؟
لقد علَّمتِني: أنَّ حكم الجرح ليس لنا، بل أنتِ تنقلينه عن شيوخٍ أعلام، وليس لنا كطلاب عِلْم أن نَحكم هكذا، أليس كذلك؟! ثُمَّ هل سمعتِها؟ هل تعرفين عنها شيئًا؟

سكتت معلِّمتي لحظة ثم قالت: يبدو أنَّك بدأت تتأثَّرين بالمبتدعة، مادامت ليستْ معنا إذًا فهي ليستْ على المنهج، ولا داعيَ أبدًا أن تُخالطي مَن لا تثقين في منهجهم.

أنْهيت المكالمة وأنا أشعر برأسي يكاد ينفجر، دخلت النت.
قابلتْني إحدى الأخوات على الماسنجر، ودعتْني لِحضور درس فقْه، ما إن بدأ طالب العلم الحديث حتى قطع الدرسَ بعضُ الإخوة، يكتُبون عن شيخ آخر كلامًا شديدًا، فيه سب ولعْن وشتائم، نعم، لم أخطئ القِراءة، وليس هذا خطأ طباعي.


سبّ ولعْن وشتْم لأحَد الشُّيوخ العلماء الأجلاء.

ذهِلت من هوْل الألفاظ، كتبتُ: ((ليس المؤمن بلعَّان ولا طعَّان ولا فاحشٍ ولا بَذيء)).
كان جزائي الطَّرد من الغرفة الصوتيَّة.

راسلتُ صديقتي، وكانت تعرف طالب العِلم الذي كان يشرح بالغرفة، بادرتني: لماذا كتبتِ هذا؟

قلتُ في حيرة: كتبتُ ماذا؟

قالت: على أي حال الشيخ - تتحدَّث عن طالب العلم - طلبَ التحدُّث إليْكِ على الخاص.

حضر النقاشَ صديقتي وأخت أخرى.

بادرني بالسؤال: هل أنتِ سلفيَّة؟

قلت: نعم، ولله الحمد.

قال لي: ما رأيك في هذا القول، وذكر قول إحدى الفرق المبتدعة؟

قلت له: أظنُّ هذا قولَ الأشاعرة أو المعتزِلة.

قال - وصوته يقطر استهزاءً واحتِقارًا -: ما هذا يا أخت؟ مِن المهمِّ جدًّا أن يكون طالبُ العلم ملمًّا بِمسائل العقيدة، إنَّ هذا القول الذي ذكرْتُه لك هو قوْل الكلابيَّة وليس الأشعرية، إنا لله وإنَّا إليْه راجعون.


ثم بدأ يرثي حالَ النَّاس اليوم.
ثم سأل: ما قول أهْل السُّنة في - وذَكر مسألةً دقيقةً منْ مَسائِل الاعتِقاد؟

الحقيقة خشيتُ الإجابة، قلت: لا أدري.


سيل من الاستهزاء والسخرية.

قال: يا أُخت، لا أقول إنَّك مبتدِعة، لكنَّك لا تَفقهين شيئًا، فيجب أن تتعلَّمي قبل أن تدَّعي السلفيَّة
[1].

خرجت من النت مذهولةً مِمَّا يَحدث، أهؤلاء الطَّلبة هم مَن أظنُّ أنَّهم على المنهج، إنَّا لله وإنَّا إليْه راجعون.

اتَّصلت بي صديقتي التي كانت معي في درس الفقْه، وبَّختْنِي وراحت تَستفيضُ كيف أنَّني غير مهذَّبة، وأنَّني تطاولْتُ على طلبة العلم، و... و...

كل هذا يحدث لي لأنِّي كتبتُ حديثَ النَّبيِّ - صلى الله عليْه وسلَّم - يا أهل المنهج؟!

رحتُ أُقارن بين هذا الموقف وموقف الداعية، رد فِعْلِها المهذَّب تِجاه سوء أدبي معها في الدرس، الآن أعترف: نعم سوء أدبي في الدرس، ابتسامتها المُشْرقة لا عن تكلف، علْمها الغزير الذي لم تبخلْ به عليَّ رغم سوء أدبي معها، حِلْمها، حرصها عليَّ، تورُّعها عن ذكْر المسلمين بسوء.

عزمتُ على الذَّهاب إليْها في الصباح لأجد من يَحتوي توتُّري وحيرتي، فقد علمت أنَّها هي التي على المنهج، وأنَّهم هم ليسوا على المنهج.
 
ذهبت إلى الدَّاعية في الصباح، استقبلتني بابتسامة مشرقة.

الحق أنَّ ابتِسامتها أزالتِ الكثيرَ من توتُّري.

قالت لي: تبدين مُرْهَقة.

قلتُ لَها في لهفة: جدًّا.

ثم لم أتمالكْ نفسي ورحت أقصُّ عليها ما حدث في ليلتي، قصصت عليها ما قالتْه معلمتي، قصصتُ عليها ما فعله طالب العلم الذي كان يشرح على النت، قصصت عليها قسوةَ صديقتي وسوء خلقها، رغم أني لم أخطئ في حقِّ أحد.

استمعتْ إليَّ في صبر.

كنت أرى الكراهة في وجهها عندما أذكر أحدهم بسوء، وأرى الأسف في عينيْها، وأنا أشكو لها معاناتي.

قالت لي: أختي، لقد وقعت في فخٍّ من فِخاخ الشيطان، ألا وهو التربُّص بالمسلمين، وانتظار وقوعِهم في السوء؛ لننال من أعراضهم، وهذا منهج خطأ، ليس من منهج أهل السنَّة والجماعة؛ فأهل السنَّة يعلمون الحقَّ، ويرحمون الخلق.

قلت لها: كانوا يقولون لي: إنَّ أهل السُّنَّة لابدَّ أن يُظْهِروا عوار من يدَّعي العلم؛ حتى لا تفشو بدْعته.

قالت لي: نعم أختي، يظهرون عوار أهل البدع، وليس أهل السنَّة الذين وقعوا في الخطأ، وشتان بين الأمرين، فأهل السنَّة لهم حرمة، وقد ذكر لي شيْخي ذاتَ مرَّة قول أحد السلف: إنَّ الرَّجُل يكون من أهل السنَّة فيقول بقَوْل المرجئة أو المعتزِلة - يعني في مسألة - لا يُخْرِجه ذلك عن كوْنِه من أهل السنة، ابن حجرٍ مثلاً ألم يقع في التأويل؟ هل سمعت أحد معاصريه من الأجلاء يطعن في شخصِه؟


هل ستستسيغين أن يأتيَ اليوم أحدٌ فيقول: إنَّ ابنَ حجر مبتدع وإنَّ عليْنا هجران كتبه؟ لا، فقط نقول: احذر - يا طالب العلم - وأنت تقرأ كُتُب ابن حجَر، فقد وقع في بعْض التَّأويل ونحن نَحسبه على خير.

لكن الحلاَّج، هل تجدين أحدًا من عُلماء عصْرِه أو عصْرِنا يُبيح لك النَّظر في كتبه، أو يقول نَحسبه على خير؟! أو يُوازن بين حسناته وسيِّئاته؟!
لا، وألف لا، وكذلك مَن كان على شاكلته من المبتدعة وأهل الكفْر، والفرق بيْن ابْنِ حجرٍ والحلاَّج: أنَّ ابْنَ حجر من أهل السُّنَّة لكن زلَّ، أمَّا الحلاَّج فصوفي من أهل وحْدة الوجود.

كذلك اليوم من كان من أهل السنة حفِظْنا له حرمةَ انتِمائِه لأهل السنَّة، ومن كان من أهل البدع نظرْنا في المصلحة الرَّاجحة وفعلناها، إن كانت المصلحة في التشهير به، فعلنا، وإن كانتِ المصلحة في عدَم ذكره أصلاً؛ كي لا يشتهر وهو أصلاً مغمور مثلاً، والاكتفاء بالتنبيه على البِدَع - فعلنا.

أمَّا التسوية بين أهل البدع وأهل السنَّة الذين زلُّوا، فليس من العدل في شيء؛ قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].

وليس من شِيَم النبي مُحمَّد - صلى الله عليه وسلَّم - فقد قال لأصحابه حينما ظنُّوا بالرجُل الذي جُلِدَ في حدِّ الخَمر مرارًا ظنَّ سوء، قال لهم: ((لا تسبُّوه؛ فإنَّه رجُلٌ يحبُّ الله ورسوله))، أو كما قال.

وكما رأيت: فإنَّ جلَّ مَن يدخل في هذا المنهج الخطأ، المُخالِف لما كان عليْه السلف الصالح - يُغْلِظ القول حتى يصير هذا الخُلُق الغليظ له عادةً، ووالله هذه سنَّة الله في خلقِه، فلحوم العُلماء مسمومة، والآكِل منها أفسد على نفسه دينَه ودُنياه وقلبَه.

فليس هذا طريقَ مَن أراد أن يأتِيَ الله بقلْبٍ سليم، وكما لابد أنَّك تعلمين - مادمت درست في علم الجرح والتَّعديل -: أنَّه لا يتكلَّم في الرِّجال إلا تامُّ العلم تام التقوى.

وها أنت ترَيْنَ أصاغرَ من طلبة العلم يقَعون في أعراض بعضِهم، وأعراض كبار العُلماء والدعاة، لا نقلاً عن أكابِر العلماء بل قول صادر عن هواهم، ألَم تسمعي عن ابن أبي حاتم وقد دخل عليه رجُل، فقال له: يقول يحيى بن معين: "إنَّا لنسقط أقوامًا – يعني: من الرواية - قد حطُّوا رحالَهم في الجنَّة منذ أكثر من سنين".


فسقط الكتاب من يد ابن أبي حاتم وبكى.

هل ترين ورَعَهم وخشيتهم؟

هل سمعت أنَّ الشَّيخ الفوزان لمَّا سُئِل مَن هم علماء الجرح والتعديل في هذا العصر، ماذا قال؟ قال: علماء الجرح والتعديل في المقابر، لا يُوجد سند ورواية الآن لنقول إن هناك علماء جرح وتعديل، فبناءً على كلام أهْل هذا المنطق؛ يكون الفوزان مبتدعًا وضالاًّ ومضلاًّ إذًا!.

وبالقطْع، نحن نحتاج لبيان حال المبتدعة، بشرط أن ننصف ويكونوا مبتدعة حقًّا، أما الصدور عن الهوى؛ بدعوى الذبِّ عنِ الدين، ورمْي عُلماء السُّنة بالبدع، وتصيُّد الأخطاء، وتَحميل اللفظ فوق ما يَحتمل؛ لإثبات وجهات نظَرٍ شخصيَّة - فليس هذا من المنهج في شيء.

نعم أختي، نتحدَّث في أهل البدع لا أهل السنة الذين أخطؤوا في الفقه، أو رفضوا جرْحَ شخص لقول بعض الشيوخ، ولا أهل السنة الذين اجتهدوا في مسائل متَّبعين الدليل، حتَّى لو لم يصيبوا الحقَّ.

فهذا ليس جرحًا ولا تعديلاً، هذا سب وتشهير.

أختي:
إنَّ الخَطْب جلل، وإنَّ الأصْل في المسلِم السَّلامة، وإنَّ الوقوع في أعْراض النَّاس ليس سبيل المتقين، وأنصحك، تجوَّلي بنظرك في كتب القُدماء، اقرئي كلامَ ابن تيمية وابن القيم وكل عالم من أعلام السلف.

انظري:
كيف كان حسن ظنِّهم في بعضهم البعض؟ وكيف كانوا لا يُحمِّلون الكلام فوق ما يَحتمِله؟ وستعلمين إن كان ما يَحدُث بين أصاغر الطَّلبة اليوم من منهجِ أهل السُّنَّة أم لا.

كانت تتحدَّث وعبراتي تتساقط، واسوأتاه! كم ضيعت من عمري!

ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]     هذا الحوار جزء من حوار حدث صدقًا وحقًّا....وبنفس الطريقة، وما لم أقصّه أعظم مما قصصته. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مريم جميلة في ذمة الله
  • فقدان الدوافع والحوافز الداخلية للداعية
  • المعلم المسلم داعية

مختارات من الشبكة

  • هولندا: الانتهاء من الدورة الأولى "داعية على بصيرة" للدعاة الشباب بالهولندية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هولندا: "داعية إلى الله على بصيرة" دورة جديدة للدعاة الشباب بالهولندية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • زاد الداعية (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات في فقه الدعوة والداعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أركان الدعوة: الداعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الداعية والصورة المكتملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحو داعية رباني (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية علم الداعية بأسباب صدود المدعوين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرة إلى الداعية في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
19- بوركتم
محمد - مصر 02-08-2013 10:59 AM

جزاكم الله خيراً
أسال الله أن ينفع بكم

18- بــوركتم
سارة بنت محمد حسن 19-08-2010 04:16 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخوان الفاضلان

أسأل الله أن يلهمنا رشدنا في هذه الأيام المباركات


أقول لكما :
الخلاف ليس في هل نرد على المبتدعة أم لا لأننا لم ننكره
فنقلك - حفظك الله ثمين ولكن للأسف : استدلال في غير موضعه

الخلاف هل من تتهمونهم بالبدعة هم حقا مبتدعة أم أنهم علماء أهل السنة؟ هذا هو السؤال وهو لا يحتاج لنقل بل يحتاج لفهم هذا النقل.

وهاك ردي سابقا على ما ذكرت وما ستذكر فإنه محفوظ ولا يتغير.

http://www.alukah.net/Literature_Language/0/4082/

وأقول لك في الأخير : فاعقد الرد بقدر ما تشاء رعاك الله، وسطر بيراعك حتى تمل.. فلن أزيد عن هذا لأن وقتي وقلبي أثمن من ذلك.

حفظك الله

17- شكر وثناء
سليم مصطفى - بلاد الاسلام 17-08-2010 03:44 PM

سلام الله عليك أيها الأخ اليماني لقد بينت فأحسنت، وما شدني وأعجبني في ردك هو كثرة النقل عن السلف الصالح ،أرجو أن تكمل ردك بارك الله فيك وأحسن الله اليك.

16- نحن على منهج البخاري ومسلم ومالك وأحمد والأوزاعي وشيخ الاسلام وغيرهم من علماء الأمة الربانين
ابو عبد الرحمان اليماني - الجزائر الحبيبة 16-08-2010 09:26 PM

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله كفى بالله شهيد اما بعد :أرجو من الأخ القارئ أن يقارن بين كلام السلف الصالح وكلام من أعماه التعصب الذميم  وهذا كلام صاحبت المقال (ثم الأسوأ أن تنشغل الساحة الإسلامية كلها بهذا الصراع الغير مبرر والذي ينخر فيها نخرا ، ويتصدر أصاغر الطلاب للكلام في علماء الأمة من أهل السنة

هذا يطير العقل ويدمي القلب

ثم بعد أن ينتهي كل طالب متصدر من علماء الساحة الإسلامية السنية ، يلتفت لأصحابه الجراحين ويطلق فيهم لسانه

فوالله ثم والله لو لم يكن ثمّ دليل على سقوط هذا السبيل إلا هذه الطامة الأخيرة من انقسام بعضهم على بعض وسبهم بعضهم البعض لكفت ووفت )
أنظر حفظك الله من الشبهات كيف تصف من يقوم بالرد بأصاغر الطلاب وكيف تصف شيوخها بعلماء الأمة ،علماء الأمة اذا قدمت لهم النصيحة قبلوها من الصغير قبل الكبير .أليس كذلك.
وهذا كلام من يمشي على بصيرة.قال الله تعالى:أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم.22سورة الملك
وهذابعض كلام سلف الأمة الأفذاذ أصحاب الت قوى والورع أئمة الجرح والتعديل (أخرجه البخاري (5/98 رقم 2444-6952) الفتح من حديث أنس بن مالك يقول: قال رسول الله: (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، قيل: يا رسول الله: هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: (تأخذ فوق يده- وفي طريق-: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره).
قال ابن بطال كما في الفتح(5/98) : "النصر عند العرب الإعانة، وتفسيره بنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يؤول إليه وهو من وجيز البلاغة).
قال البيهقي رحمه الله: "معناها أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حساً ومعناً، فلو رأى أنساناً يريد أن يجيب نفسه لظنه أن ذلك يزيد مفسدة طلبه الزنا مثلاً، منعه من ذلك وكان ذلك نصراً له واتحد في هذه الصورة الظالم والمظلوم) انظر الفتح (5/98).
قال أبو صالح الفراء رحمه الله كما في تهذيب التهذيب (1/398): (ذكرت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن، فقال: ذلك يشبه أستاذه -يعني الحسن بن صالح-، فقال: فقلت ليوسف: أما تخاف أن تكون هذه غيبة، فقال: لِمَ يا أحمق؟ أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى النّاس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضــر عليهم).
قال ابن تيمية رحمه الله : (...وقال بعضُهم لأحمدَ بنِ حنبل: إنه ليثقل عليّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا...فقال: إذا سكتَ أنت وسكتُ أنا فمتى يَعرف الجاهلُ الصحيحَ من السقيمِ؟! ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإنّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحبّ إليك أو يتكلم في أهل البدع، فقال: إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنّما هو للمسلمين، وهذا أفضل، فتبيّن أنّ نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشريعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون ابتداء). انظر: مجموع الرسائل والمسائل (5/110)، ومجموع الفتاوى (28/231-236)، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي [(1/6) تحقيق أبي الفداء]، وطبقات الحنابلة لأبي يعلى (1/287 ، رقم:393)، والقائل هو: أبو بكر محمد بن بندار السباك الجرجاني.
وقال كذلك رحمه الله في ذم أهل البدع، وبيان فضل من تصدى لهم بالحجة والبرهان، فأفحمهم بقوة البيان، وقطع جهيزتهم بالسنة والقرآن في نقض المنطق [(ص:12) ، تحقيق محمد حمزة وسليمان الصنيع]، ومجموع الفتاوى (4/13): (الردود على المعتزلة والقدرية وبيان تناقضهم فيها قهر المخالف، وإظهار فساد قوله هي من جنس المجاهد المنتصر، فالراد على أهل البدع مجاهد حتى كان يحيى بن يحيى يقول: "الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد").
قلت :وأنظر كلامهم فيمن تشبه بأهل الحق وهو ليس منهم فهو أخطر من العدو الصريح وهذا ينطبق على من أراد يهون من علم الجرح والتعديل كي يقول من شاء ماشاء في دين الله بلا نكير.
قال أبو نصر السّجزي (م:444هـ) بعد ما كشف خفايا الكلابية والأشعرية وأنهم غيرُ مُثبتين للصفات:(والمعتزلة مع سوء مذهبهم أقل ضرراً على عوام أهل السنّة من هؤلاء، لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تموِّه بل قالت: إنّ الله بذاته في كل مكان، وإنّـه غيرُ مرئي، وإنّه لا سمع له ولا بصر،...والكلابية والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة، والذبّ عن السنة وأهلها...والضرر بهم أكثر منه بالمعتزلة لإظهار أولئك -يعني المعتزلة- ومجانبتهم أهل السنّة، وإخفاء هؤلاء-يعني الأشعرية- ومخالطتهم أهل الحق).
وقال أيضا:(...والذين بُليَ كثيرٌ من أهل العلم بهم: المعتزلة، وهم أعداء الأثر وأهله، وكبراؤهم أبو الهذيل العلاف، وجعفر بن مبشر، والنظام، والجاحظ، وأبو علي الجبائي، وابنه أبو هاشم، وأبو القاسم الكعبي البلخي، وقبل هؤلاء: عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وبعدهم أبو عبدالله البصري، وأبو القاسم الواسطي، وبعدهما: الصاحب إسماعيل بن عباد، وعبد الجبار الأسداباي، كل هؤلاء دعاة إلى ضلالة، ثم بُلي أهلُ السنّة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنّهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم...). انظر رسالة السجزي إلى أهل زبيد(ص:177-179-180-181-220-221-222).
قلت: وفي أخيران المصيبة التي نعاني منها أن الذي بينت له أخطائه عوضا أن يستغفر الله ويتوب اليه وبذالك تجتمع الكلمة وتخمد الفتنة في مهدها فانه يزبد ويرعد يحاول تبرير مخالفاته.و من فعل هذا فانه يطعن في صدقه.اذ المؤمن حقا يتذكر اذا ذكر.
يتبع في الحلقة القادمة والحمد لله ربي العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

15- بارك الله فيكم
سارة بنت محمد حسن 08-08-2010 10:49 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غفر الله لنا وللأخ اليماني فقد ألهاني الرد عليه عن شكر الأخ نور الدين بارك الله فيه وجزاه الله خيرا على التعليق

وما ذكرته أيها الفاضل صواب إن شاء الله تعالى، وهذه القاعدة قررها شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع من كتبه.

وعلى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه اين القيم ، فمن أدمن مطالعة تراثهم تعلم منهم حقيقة منهج أهل السنة في التعامل مع البدع والمبتدعة وكيفية علاج هذه الأدواء الخبيثة، وكيف نفهم لوازم أقوال المبتدعة بلا تكلف ولا تعسف ، بل سنتعلم أدبا هاما جدا وهو كيف نحمل الالفاظ على اجمل وأفضل معانيها.

شكر الله لكم جميعا وبارك فيكم وقد أقبل رمضان فلنجتهد في الدعاء أن يهدينا الله تعالى للحق وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

14- بارك الله فيكم
سارة بنت محمد حسن 08-08-2010 08:24 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


"1- لايجب على من يرمى بالحزبية أو التكفير أن يعترف ويقول أنه حزبي أو تكفيري "

اسمع بارك الله فيك ، كلامك هذا من قبيل التجويز العقلي فقط !! أما الواقع والحقيقة التي رأيناها بأعيننا في كل الجماعات أنهم يتشرفون بالانتساب لجماعاتهم ، وهذا ليس اعتراف بالذنب نتيجة لرمي من رماه بذلك ، بل هو قول يبتديه بمنتهى الفخر


وما أوكي عليه القلب لابد أنه يظهر ، أما أن يقول شيخا أنه لا ينتسب للجماعات ويصر أصاغر الطلاب على رميه بالبدعة والتحزب ويتهمونه بالكذب فالبينة على من ادعى .

أما التكفير فمن تلبس بشيء منه لابد أن يظهره لابد لا تفصل نفسك - بارك الله فيك- عن الواقع وتعيش في ظل تخيلات وتجويزات عقلية غير واقعية.



"2- قولها ان كلام الشيوخ ليس بحجة ليس على إطلاقه اد يجب على من لا يعلم أن يتبع من هو أعلم منه خصوصا في علم دقيق لا يتقنه إلا خاصة العلماء."

قولك هذا من الأمور المنتقدة على من تلبس بالجرح والتعديل في غير مواضع الجرح والتعديل :" فصل العبارات عن السياق!!!"
عندما أتحدث عن طالبة علم نصبت نفسها حاكمة على الدعاة ، وتذهب للدروس لتنتقد الداعيات وطالبات العلم أليس فاعل ذاك لابد أن يكون تام العدالة وصاحب أهلية علمية ؟
مثل هذا يصح منه التقليد الأعمى؟

اسمع في البداية يقول الطالب أنا أتبع الشيوخ الكبار في الجرح والتعديل ، بعد ثلاث دقائق يصير هو إمام الأئمة في الجرح والتعديل .

كلنا رأى هذا ، حتى وقفت النساء في المساجد يجرحن قريناتهن ويجرحن من هو أعلى منهن ، ثم لما أنهت القائمة دارت على الرجال من العلماء تصلية من سلاطة اللسان ثم تتبجح وتقول لا يوجد أهل سنة في مصر إلا فلان وفلان ، فتتصل الأخوات بفلان هذا وتقص عليه من درس الأخت فيجرح الأخت الفاضلة....وهلم جرا


"3- احتجاجها بأن الحاكم لا يتركه غدا كان حزبيا أو خارجيا فهده دعوة باطلة والواقع يكذبها فكم من حزبي أو تكفيري مستتر لا يعرفه إلا من كان خبيرا بمناهج المفسدين."

جميل جدا
هذا الخبير عليه البينة وإلا فليلتقم حجرا ويسلم ليمين المنكر وجزاه الله خيرا

أما أن تكون البينة من قبيل : "هذه حيدة"، " ذلك تمييع " " وهذا حزبي " وذلك تكفيري خارجي كلب" فغير مقبول لا عقلا ولا نقلا

ثم أن تكون البينة التي تليها لي أعناق الأقوال الكتابات ليا، فهذا يأباه صاحب العقل السليم

وهذا غير مقبول شرعا

ثم الأسوأ أن تنشغل الساحة الإسلامية كلها بهذا الصراع الغير مبرر والذي ينخر فيها نخرا ، ويتصدر أصاغر الطلاب للكلام في علماء الأمة من أهل السنة

هذا يطير العقل ويدمي القلب

ثم بعد أن ينتهي كل طالب متصدر من علماء الساحة الإسلامية السنية ، يلتفت لأصحابه الجراحين ويطلق فيهم لسانه

فوالله ثم والله لو لم يكن ثمّ دليل على سقوط هذا السبيل إلا هذه الطامة الأخيرة من انقسام بعضهم على بعض وسبهم بعضهم البعض لكفت ووفت





قولك:
"وفي الأخير ونظرا لضيق الوقت أرى أن هدا المقال فيه تمييع لمسائل الجرح والتعديل والله المستعان. "

بل هذا المقال ترفق بمن اتخذ من هذا السبيل سبيلا ، ولو فتحت فمي وقصصت الواقع كما هو لشابت الولدان ، والحقيقة أنه مقال مميع فعلا لأنه لم يقل كل الحقيقة.



قولك :
"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خالفهم ولا من خذلهم."

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لهذا لا يسقط أهل الحق برمي الرامين لهم بل يثبتون ثبتهم الله



أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق إنه سميع مجيب الدعاء



وفي الأخير أوضح لك شيئا ، إننا جميعا لا نختلف في جرح المبتدعة من صوفية وأشعرية وشيعة وخوارج ومرجئة....الخ ، لكن المشكلة في أن تقول إن فلانا ينطبق عليه هذا الوصف حقا ، حتى لا نأكل لحوم العلماء فهي مسمومة من طعم منها ابتلي قبل موته بموت القلب



وكلنا لا نختلف أن التحزب على فكرة خطأ واضح ، وأجدني مضطرة لأن أقول أن من تحزب على تطبيق فكرة الجرح والتعديل بهذا الأسلوب أيضا ينطبق عليه وصف التحزب.

لكن نختلف في كيفية علاج هذه التحزبات.



فالهمز واللمز بالزلل والعثرة ليس من شيمة أهل السنة والجماعة أبدا ، فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟!



بل لا يصح من المرء أن يحمل لفظ أخيه إلا على أفضل محامله



ولو طبقنا هذا المنهج بهذا الأسلوب فسنترك كل كتب الأمة وتراثها بدعوى البدعة والخروج عن المنهج.



وأهديك أخي الفاضل هذا الرابط فيه قصة رائعة غفر الله لكاتبها

http://majles.alukah.net/showthread.php?t=50748



بارك الله فيك وأحسن إليك

13- في هذه القصة حيد عن الصواب والله المستعان.
ابو عبد الرحمان اليماني - الجزائر 08-08-2010 03:33 AM

1- لايجب على من يرمى بالحزبية أو التكفير أن يعترف ويقول أنه حزبي أو تكفيري
2- قولها ان كلام الشيوخ ليس بحجة ليس على اطلاقه اد يجب على من لا يعلم ان يتبع من هو أعلم منه خصوصا في علم دقيق لا يتقنه إلا خاصة العلماء.
3- احتجاجها بأن الحاكم لا يتركه غدا كان حزبيا أو خارجيا فهده دعوة باطلة والواقع يكذبها فكم من حزبي أو تكفيري مستتر لا يعرفه إلا من كان خبيرا بمناهج المفسدين.
وفي الأخير ونظرا لضيق الوقت أرى أن هدا المقال فيه تمييع لمسائل الجرح والتعديل والله المستعان.
لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خالفهم ولا من خدلهم.

12- جزاك الله خير الجزاء
نورالدين محمود - مصر 25-01-2010 04:46 PM
أسأل الله العظيم أن يجزيك عنا خير الجزاء وان ينفع بك وان يزيدك علما وعملا ووالله لقد استفدت كثيرا من هذا المقال الرائع لأنك ذكرت لنا أصلا مهما من اصول أهل السنة والجماعة ولكنى سأذكر هذا الأصل بالمعنى ( أن الرجل اذا كان من اهل السنة واصوله هى اصول اهل السنة وقال بقول المبتدعة فى مسألة لا يخرجه ذلك عن كونه من أهل السنة وأن الرجل يكون اصوله على غير اصول أهل السنة ويوافق أهل السنة فى مسألة لا يخرجه ذلك عن كونه من أهل البدع ولا يكون من أهل السنة ) وأخيرا بارك الله فيك ونفع بك
11- جزاكم الله خيرا
سارة بنت محمد - مصر 12-06-2009 05:10 AM

السلام عليكم

جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم نسأل الله تعالى أن يجعل ما خطته أيدينا حجة لنا لا علينا وأن يجعلنا ممن يقول القول فيعمل به ولا يخالف قوله فعله

10- التربية
الموحد - ارض المسلمين 12-06-2009 01:18 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماشاء الله بارك الله فيكم، عدت معاني تربوية يغفل عنها من ادعى الاستقامة
وفقك الله واصلي على هذه المنهجية

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب