• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم

ابتسام الكحيلي


تاريخ الإضافة: 17/5/2012 ميلادي - 25/6/1433 هجري

الزيارات: 9966

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم
تحقيق المنى ورقي السلالم من منظور شاعر  

(حلم سالم )[1]

 

يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَارٌ

وَمَا زَالَ سَالِمْ
يَبِيعُ السَّلَالِمْ
وَفَكَّرَ يَوْمًا: أَلَا أَرْتَقِيهَا؟

فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ
وَقَامَ وَفِي قَدَمَيْهِ جِلَادٌ وَفِي رِئَتَيْهِ زَفِيرٌ مُقَاوِمْ
وَيَرْقَى.. يُتَمْتِمُ: إِنِّيَ عَالِمْ
وَفَاهِمْ
وَغَانِمْ
ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ: وَ"سَالِمْ"
فَتُكْمِلُهَا قَهْقَهَاتُ الزَّمَانِ المُدَاهِمْ:
وَنَادِمْ
..........................

فَيَهْوِي بِهِ دَرَجٌ لَا يُسَاوَمْ

..........................

لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ
وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

للشاعر د.عبدالله الرشيد.


"حلم سالِم" مقطوعةٌ شعريةٌ لخَّصت التجرِبةَ الإنسانيةَ الحالمةَ، وافتقارَها لمقوِّماتِ النجاحِ أو تحقيق الحلم.

 

فالشعرُ مبنًى يعبِّر عن فكرٍ، وتجربةٍ، وحياةٍ.

 

هذه المقطوعةُ جمالُها أن تتأمَّلها من خارجِها، والنفاذُ في باطنِها يُفِيد الدرسَ النقديَّ فقط، فهي كتابٌ أو مفهومٌ في بناءِ الذاتِ بالمعنى الحديث، لُخِّص في مقطوعةٍ أبطالُها ثلاثةٌ: "الإنسان، الحلم أو الأمنية، الواقع".

 

المعنى الدَّلالِي القريب: إن سالِمًا بائع الأحلامِ والأمنياتِ، مروِّج الأمل - أو أنه بائعٌ للسلالِمِ حقيقةً - قرَّر يومًا أن يمارسَ ما يقولُ "صعود السلالم".

 

وهو جلدٌ فَرِح يَعتَقِد أن مركبَه سهلٌ، ومبتغاه وافرٌ، وحلمَه محققٌ.

 

ولكن الضدية تمثَّلت له في معاندةِ الزمنِ، وقهقهة الأيام عليه؛ فيَهْوِي به درجُ الصعودِ، ويفشلُ في تحقيقِ الأمنياتِ لحقيقةٍ أو فلسفةٍ كونيةٍ تُثبِتُها الحياةُ اليوميةُ في ثنائيةِ المُنَى؛ أحدها لا يتحقَّق أبدًا ولا يأتي زمنُها، والآخر يحتاجُ إلى جهدِ الممارسةِ، وبناء العدَّة، والانطلاق نحو الصعود.

 

وكأني بالأبياتِ تُشِير إلى قولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((بل قيِّدها، وتوكَّل)).

لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ

وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

 

تطالُعنا العتبةُ بثنائيةٍ تتخطَّى الدلاليةَ الحرفيةَ إلى دلاليةٍ سيموليجية؛ فالعنوانُ يَفرِضُ حضورَه باستحضارِ البنَى المعنويةِ خلفَ الظاهرةِ اللفظية؛ فهو يتكوَّن من شقينِ: (الحلم، وسالم)، مسند ومسند إليه، فالدلالةُ المستحضرَة القريبةُ سالِم الإنسان وحلمه (مجرَّد رجل سالِم، ومجرَّد حلم)، لن يستحثَّك بقوَّةٍ لقراءتِه بدلالتِه الظاهرة؛ فهو مجرَّد حلمٍ لمجرَّد إنسانٍ، ولكن حين تتجاوزُ العتبة إلى بنيةِ النصِّ يلفُّك بقوتِه القرائيةِ، بطرافةِ التجربةِ الإنسانيةِ، وعمقِ الخبرةِ الحيويةِ للمشاهداتِ اليوميةِ، التي تَعِجُّ بالأحلام والمنَى التي تخلقُ وتنمو، وقد تنضجُ، ثم تتضاءلُ بفعلٍ قهريٍّ ذاتي، أو من سلطة خارجية.

 

والثنائيةُ في العنوانِ قائمةٌ على التآلفِ والإضافةِ، لكنها في النصِّ تأتي من التضادِّ في الحدثِ؛ فرح سالِم بطلوعِ السلالِم، ومعاندة الزمانِ ومناهضته لعملية الصعود.

 

فالمبنى الدراميُّ للمقطوعةِ شخصٌ بحالةٍ ما، ثم حدثٌ برغبةٍ ما، مرتبطٌ بنتيجةٍ ليست اعتباطيةً، ثم أغلق بتدخُّل ذات الخطاب الشعري، بتجسيم القانون أو الحكمة بأسلوب العلامة والرمز.

 

والعنوانُ يَستَدعِي من ذاكرتي علاقةَ المغايرةِ في الإسنادِ.


قول الشاعر سعد الدين كليب:

"إِيه فَلْيَبْدَأِ الْحُلْمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ فَلِلْحُلْمِ إِزْمِيلُهُ الْعَبْقَرِي"[2]


فقد عَمَد إلى الانزياحِ في إسنادِ الإزميلِ للحلمِ، على ما في هذه الأداةِ من القسوةِ والحدَّة التي تَستَدعِي التمرُّد والجنوحَ؛ فإن الشاعرَ عبدالله الرشيد أسندَ الحلمَ لسالِم، على ما فيهما من الدَّعَة والتأمُّل، التي تُثِير التأمُّل والتفكيرَ في سبل بناءِ الذاتِ والرقي بها نحوَ المعالي.


فالعَلاقة عَلاقة بناءٍ وتشكيلٍ، وليست عَلاقةَ تمرُّدٍ وفوضى، فقص الشاعر حكايةَ سالِم مع حلمِه؛ ليمكن سيرورتها في جميعِ طبقات المجتمع، وإن لم تكن له القصدية النفعية من الاختيارِ اللُّغَوي، ولكنه حاصلٌ بهذا المنحى الدَّلالي الذي تبنَّاه.


بدأت الحكايةُ - على لسانِ الذاتِ الشاعرةِ - بجملةٍ خبريةٍ استقباليةٍ لوصفِ الحالةِ الزمنية، وسلبيةِ سالِم وفقَ معاييرِ الأهميةِ الزمنية تُجَاه سيرورةِ الزمنِ بالمجيءِ والذهاب، وهو فاقد الحراك إلا من بيع السلالِم، صورةٌ يوميةٌ مستهلكةٌ تناسبُ البداية التمهيدية للا متوقَّع؛ إذ المتوقَّع عندي الفوزُ والنجاحُ كما هو شائع، ويَكمُن التأويلُ هنا على العَلاقة القائمةِ بين النسقِ الخبري الأول، ونسقِ الحَدَث الثاني "ارتقاء السلالم":

"وَفَكَّرَ يَوْمًا" معطوفة على الخبريةِ الأولى "وَمَا زَالَ سَالِمْ".

 

فسلبيتُه لها شقَّان:

الأول: ديمومته على فعلِ البيعِ.

 

والثاني: مرتبط بالأول. "وَفَكَّرَ يَوْمًا" و"يومًا" سيمولجيا للظرفيةِ والندرة، وكأن ممارسةَ التفكيرِ أمرٌ طارئٌ، أو ممرٌّ للعبورِ من ديمومةِ السلبيةِ إلى حراكِ التغيير، وندرته في ممارسةِ التفكير إلا في ذاك اليوم؛ فهو مستمرٌّ على فعل البيعِ، نادرٌ في ممارسةِ التفكيرِ، وهنا عقدةُ الحَدَث، وفكَّر في ارتقاء سلالِمه.

 

فلغةُ الشاعرِ هنا لم تتكوَّن من مجردِ مفهومِ الحلم، بل تكاملت من تصوُّر نفسيٍّ رامزٍ، لا يخلو من التعقيدِ، عن أشياءَ ليست قابلةً للمعاينةِ والتحكيمِ؛ فهي صورٌ متعددةٌ في باطنِ صورةٍ أمٍّ، تُشكِّل الإطارَ النفسيَّ العامَّ، تكشفت عن عمقِ التجربةِ الإنسانية، وتأتِي الجملةُ الخبريةُ: "فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ" متوسطةً بين الفكرةِ الطارئةِ التي تبنَّاها سالم وبين فعل الإقدامِ على تنفيذِها، وكأنها بمثابةِ التقريرِ أو التأكيدِ على أن ما فكَّر فيه أمرٌ محتملٌ وحاصل في الواقعِ، ولعلَّنا - بنظرةٍ من خارجِ الإطارِ - نتساءلُ عن قائلِ العبارةِ: هل هو سالِم، أم السارد لقصتِه؟ وهل هي جزءٌ من القصةِ الشعريةِ، أم تدخُّل من الشاعرِ؟

 

الأمرانِ مستساغانِ، ولكن إذا رَبَطناها بالشَّطْرَين الآخرينِ، وجدنا أن عمقَ التجربةِ أتى من الشاعر القاصِّ، وليس من صاحبِ الحكايةِ، وحتى يتَّفقَ الكلامُ مع الموقفِ النفسيِّ لصاحبِ القصةِ "سالِم"، وكأن الذاتَ الشاعرةَ تسلِّط منظارًا على الحدثِ وصاحبِه، وتفسِّر التجربةَ، على الرغم من انتفاءِ وجودِ أدواتِ الخطاب التي تشير إلى ذلك؛ فجمالُ الاستعمالِ اللُّغَوي في فتحِ قنواتٍ متعددةٍ للتأويل.

 

وبدأ الحدثُ يَتَنامَى بتنفيذِ فكرة الصعودِ، ووصف حالةِ الفرحِ، والثقةِ بالنفسِ، والفهمِ، والمقدرةِ على أن يكونَ سالمًا من عدمِ الفهمِ أو الثقة، وجملة من الأوصاف، ويتصاعدُ الحدثُ حتى يصلَ العقدةَ؛ بسقوطِ سالِم ونصرةِ الواقعِ عليه.

 

ولعله من الفظنةِ الثقافيةِ بَدْءُ المقطوعةِ بالحلمِ، وختمُها بكلمةِ المنَى؛ فإن مفاهيمَ تطويرِ الذاتِ تُشِير إلى الفوارقِ الوصفيةِ بين الحلمِ والأمنيةِ؛ فالحلمُ مرحلةٌ أوليةٌ للشعورِ بالحاجةِ، أو الرغبة في تحقيقِ أمرٍ ما، وإلحاحُه على الإنسانِ موقوتٌ بفترةٍ زمنيةٍ ليست بالقصيرةِ، ولكنها غير ثابتةٍ، وقوةُ الدافعيةِ له أدنى من قوةِ الدافعيةِ في الأماني، بخلافِ الأمنيةِ، هي شعورٌ متكرِّر يلازمُ الإنسانَ من فترةٍ ممتدةٍ؛ فالحلمُ مجرَّد رغبةٍ + تفكير متوسِّط المدى.

 

فالأمنيةُ عبارةٌ عن رغبةٍ قويةٍ لحدٍّ ما، وتفكير متقطِّع طويل المدى.

 

فسالِم كانت لديه أحلامٌ لم يَجهَد لكي ترقى لمرحلة الأمنياتِ.

 

البنية الأسلوبية للقصيدة:

عند القراءةِ الواعيةِ للقصيدةِ، نخرجُ بانطباعينِ:

الأول: الغبطةُ لما تَلْمَسُه الأبياتُ من مكنونٍ نفسيٍّ عبَّرت عنه الأبياتُ لتجاربَ فارقت النجاحَ لنا لسببٍ ما.

 

الثاني: السيطرةُ على انفعالاتٍ لنا مشابهةٍ لانفعالات سالم.

 

وكلا الانطباعينِ يدلِّلان على ما تميَّز به الشاعرُ من ملكةٍ واعيةٍ، ترفدُ شاعريتَه المطبوعةَ بتصرفه الدلالي.

 

فامتلاكُ الشاعرِ هنا ناصيةَ القصيدةِ: لفظًا، وعبارةً، وموسيقا ومفهومًا، شكلاً ومضمونًا، كأني به يَستَدعِي قول المبرِّد في وصفِ الشاعر المطبوع:

"أشد على الكلامِ اقتدارًا، وأكثر تسمحًا، وأقل معاناةً، وأبطأ معاسرةً".

 

مستوى التنقيط إن جاز لي التعبير:

تحت العنوانِ وضعَ أربعَ نجماتٍ، وقبل غلقِ القصيدِ وضع ثلاثَ نجماتٍ، هي بالممارسةِ العامَّة مثلُ التخطيطِ للفصلِ بين العنوانِ والبنية، ولكن في علمِ "السيمياء" له دَلالة بهذه الشكلية؛ فهي إيحائيةٌ لتأطيرِ العنوان أو بَرْوَزتِه لحملِ التأثيرات النفسيةِ المختلفة للمتلقِّي؛ ليدخلَه في جوِّ النصِّ من الالتفاتةِ الأولى، وليطرح تساؤلاتِه من العنوان أو عتبة النصِّ.

 

أما أثرُها في نهايةِ الأبياتِ - غير الأثر الميكانيكي الغلق - هو نقل المتلقِّي لجوِّ العبرةِ من القصةِ الشعريةِ، والفصل بين ما حدَث لسالِم وبين الطريقةِ المثلى لرقي السلالِم وتحقيقِ الأحلامِ.

 

والنقطتان بعد "فَكَّرَ يَوْمًا" (:) وعلامة الاستفهام - أدواتٌ تعملُ على إثارةِ الانفعالاتِ المختلفة حول الموقف في القصةِ، وهي من أدواتِ التأثيرِ في القصةِ النثريةِ، فما بالُك في القصةِ الشعريةِ المقروءةِ؟

 

وهناك تشاكلٌ بين الحلمِ المسائيِّ، وبين الوقوفِ على الظرفيةِ الزمانيَّة النهاريَّة، في قولِه: "يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَار".

 

التعالقُ المتضادُّ بين الحلمِ الذي يرتبطُ عادةً بالنومِ والمساءِ، وبين النهارِ، وكأنه يُشِير لمقدِّمةِ النهايةِ من البدايةِ؛ "فحلمُ سالِم" العنوان متضمِّن حالتَه النهاريةَ السلبيةَ، وكأنه رمزٌ للقطيعةِ المستقبليةِ بين ما يحلم به وبين ممارساتِه النهاريةِ السلبيةِ، فضلاً على ما فيها من طباق السلبِ "يَجِيءُ وَيَمْضِي".

 

الصورةُ الشعريةُ: (فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ، ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ، فَتُكْمِلُهَا قَهْقَهَاتُ الزَّمَانِ المُدَاهِمْ).

 

التَّكرارُ:

التَّكرارُ أفقيٌّ داخلَ الشطرِ، كما ورد الشطر الأول: "يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَار".

 

تكرارٌ رَأسِيٌّ داخلَ القصيدةِ: وَمَا زَالَ سَالِمْ، ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ: وَسَالِمْ

لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ
وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

وَيَبِيعُ السَّلَالِم

 

كرَّر الألفاظَ بعينِها؛ لما لها من تأثيرٍ انفعالِيٍّ في نفسِ المتلقِّي.

 

واستخدم الجملةَ الاسميةَ الإخباريةَ؛ لكونِها ذاتَ طبيعةٍ هادئةٍ ساكنةٍ، تُلائِم الموقفَ وشخصيةَ سالِمٍ الهادئةَ، واسم الفاعلِ "سالِم، وفاهم" يدلُّ على الحدوثِ غير الدائمِ، فلم يَجعَلْها على الصفة المشبهة، التي تدلُّ على ثبوتِ الصفةِ؛ لأنه أراد الدلالةَ التعبيريةَ للكلمةِ، فإن فهم سالِمٍ طارئٌ، وليس مقنَّنًا أو ثابتًا ناتجًا عن التعلم والتدريب والممارسة، ونستطيعُ تلمُّسَ فرقِ الدلالةِ في استخدامِ نبي الله يعقوبَ - عليه أفضل الصلاة والسلام - لما فقد يوسف قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].


فالتعبيرُ بالصفة المشبهة "جميل" يدلُّ على ديمومةِ الصبرِ عند يعقوبَ - عليه السلام - ولو قال: صبرٌ جاملٌ، لكان المعنى صبر مدة وجيزة، ثم نَسِي بعدها.

فضلاً عن الثنائيةِ المتناغمةِ موسيقيًّا من تكرارِ حرفَي الميمِ والحاء "حلم - سالم"، وتقاربهما في المخرجِ في الهَمْس والترنيم الإيحائي المَرِن، ثم تكرارها في القصيد سبعَ مراتٍ، وموسيقا اسمِ الفاعلِ: "سالم - حالم - مقاوم - فاهم - مداهم – نادم".

 

وتضافرت الألفاظُ المختارةُ بعنايةٍ فائقةٍ، والتركيب الصرفي والنَّحْوي، والصورة الشعرية في: "بَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ".

 

"ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ": والصورةُ الكليةُ في النفاذِ من التأثرِ الوجداني إلى المدركَاتِ العقليةِ، التي تتقبَّل التجربة بدرجةٍ عاليةٍ من المنطقية.

القصيدةُ من شعرِ التفعيلةِ على بحرِ المتقاربِ:

يَجِيءُ يجيءُ/نَهَارٌ/  وَيَمْضِي/ نَهَارٌ

فَعُولُ/ فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ

وَمَا زَا/ لَ سَالِمْ

فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ

يَبِيعُ السْ/ سَلَالِمْ

فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ

 

حانَ الإغلاقُ، ولكن القصيدةَ ما زالت نبعًا يفيضُ رؤًى؛ فقد خلقَ الشاعرُ سياقًا لغويًّا خاصًّا بالتجربةِ، وأحاط بها إحاطةَ السِّوَار بالمِعْصَم، فعبَّر عن تجربةٍ إنسانيةٍ مضطربةٍ، بلغةٍ رصينةٍ قويةٍ، احتوت المعنى الجمالِيَّ للنص، وأسهمت في ثراءِ المستودعِ الأدبي، بمضمونِ الفكرِ الحديث والتوجهِ العالمي في بناء الذات، وتلبية المنى والأحلام بالمعرفة والمران والممارسة.

 

خبر وشاهد، ومارس وعبر؛ فاستنطق.



[1] أوراد العشب النبيل، عبدالله بن سليم الرشيد، نادي الجوف الأدبي، الطبعة الأولى، 1427هـ/2006م، ص41 - 42.

[2] وأشهد هاك اعترافي، سعد الدين كليب، ط1، دار الينابيع دمشق 1993م، ص 14.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسائل المشتركة بين علوم القرآن وعلوم الحديث لفواز منصر سالم الشاووش(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المؤاخاة في العهد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • الخداع الفكري بين مطرقة العلم الشرعي وسندان الواقع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بين مرآتين: المطرقة والسندان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشباب بين سندان العادات والتقاليد ومطرقة الواقع المعيشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
3- شكر
أ_ ابتسام الكحيلي - السعودية 12-07-2012 07:28 AM

شكرا دكتور وليد لمروركم الكريم

2- انها تجربة شعرية شقت طريقا متفردا في عالم الأحلام
ليلى العتيبي - السعوديه 07-06-2012 03:12 AM

سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم
تجربة شعرية شقت طريقا متفردا في عالم الأحلام، قاربت العوالم الإنسانية بوعي جمالي جعلها تتقن الغوص في الأحلام والأمنيات، وتفتح الباب على أسئلة تدفعنا إلى ارتقاء مقامات بلاغية لتتجلى أمامنا حقائق كونيةٍ تُثبِتُها الحياةُ اليوميةُ في ثنائيةِ المُنَى. والتجربة الشعرية تكشفت عن عمقِ التجربةِ الإنسانية من خلال صورٌ متعددةٌ في باطنِ صورةٍ أمٍّ، تُشكِّل الإطارَ النفسيَّ العامَّ، ، تصوُّر نفسيٍّ رامزٍ، لا يخلو من التعقيدِ، عن أشياءَ ليست قابلةً للمعاينةِ والتحكيمِ.
وقد تبلورت أعمدة هذه التجربة الشعرية في "الإنسان و الحلم و الواقع" كما أن الصعوبات التي يوجهاها سالم تتمثل في الفشل في تحقيقِ أمنية صعود السلالم لأسباب وفلسفات كونية .
إن عدم اجتهاد الشاعر في تحقيق الأحلام نتيجة للعقبات التي تقابله جعلت أحلام سالم لم ترتقي لمرحلة الأمنية .
والشاعر تميز في تقديم التجربة الشعرية من خلال تسلسل الأبيات وكأنه يحكي سرد قصي على الرغم من عدم تمكنة من تحقيق حلمة .

المشرفه الفاضله والغاليه على قلوبنا : أحسنت الاختيار والتحليل ومابعد قولك قول

1- قراءة منطقية في زمن اللاقراءة
الدكتور وليد - السعودية 04-06-2012 07:50 PM

الأستاذة الفاضلة : ابتسام الكحيلي ..

لغتك النقدية ( رائعة ) جدًّا ، ودراستك للنّصّ استقت قوتها من شقين :

الأول : دقة اختيارك للنّصّ ؛ فهو بالفعل نصّ يُساعد على سبر أغواره ، والبحث عن أسراره .

الثاني : قراءتك الواعية لما في أعماق الشاعر من خلال مفردات النّصّ ، وصوره ، وتراكيبه .

استمتعتُ بقراءتك النقديّة الواعية .. إلى الأمام ، وننتظر جديدك ...

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب