• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

الإسلام والعروبة في الشعر السعودي... عبدالسلام هاشم حافظ نموذجًا

الإسلام والعروبة في الشعر السعودي... عبدالسلام هاشم حافظ نموذجًا
د. أحمد فرحات


تاريخ الإضافة: 22/1/2012 ميلادي - 27/2/1433 هجري

الزيارات: 22984

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام والعروبة في الشعر السعودي

عبدالسلام هاشم حافظ نموذجًا

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

وُلِدَ الشاعر "عبدالسلام هاشم حافظ" في جمادى الأولى سنة 1347هـ / 1928م بالمدينة المنوَّرة، مات أبوه في سنٍّ مبكِّرة من حياته، وهو لم يكمل السَّنة الأولى من عمره، وقام على تربيته عمُّه السيد "عبدالقادر حافظ".

 

ينحدر "عبدالسلام هاشم حافظ" من أسرةٍ عريقة، يرجع نسَبُها إلى السيِّدة فاطمة الزهراء بنت سيِّد الخلق محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان لهذه الأُسرة دَورٌ لافت في العديد من مجالات الفِكر والأدب في المدينة المنوَّرة خاصة، وبلاد الحجاز عامَّة؛ حيث أسْهَم "علي عبدالقادر حافظ" وأخوه "عثمان عبدالقادر حافظ" في تأسيس "مطبعة وجريدة المدينة" عام 1344هـ، ثم "شركة المدينة للطباعة والنشر" بجدَّة، عام 1383هـ، ومدرسة[1] المسيجيد الابتدائيَّة عام 1365هـ[2]، وقاما بعدَّة رحلات استطلاعيَّة وصحفية إلى بلدان المملكة والبلدان الخارجيَّة، واشتركا في كثيرٍ من المؤتمرات الصحفيَّة، ويقول الشاعر "عبدالسلام هاشم حافظ": "وللشقيقين شقيقٌ ثالث هو السيد خالد، تقلَّب في عدَّة وظائف، وهو مديرٌ لِمطبعة جريدة المدينة منذ إنشائها... ومتزوِّج من أختي لأمي"[3].

 

أُصِيبَ شاعرنا بتضخُّم في القلب سنة 1361هـ، مما اضطرَّه إلى ترك العمل ومتابعة علاجه؛ فسافر إلى جمهورية مصر العربية للعلاج سنة 1953م.

 

وبعد أن سَرِكَ بدَنُه، توُفِّي - رحمه الله - سنة 1415هـ بالمدينة المنوَّرة، عن عمرٍ يناهز الثامنة والستين، عاشها في نضالٍ وكفاح مع المرض.

 

أولاً - الإسلام:

"الشِّعر الدينيُّ من أقدم وأعمَقِ الينابيع الشعريَّة لدى شُعراء الحجاز، حتَّى أصبحَت الألفاظ والمعاني الإسلاميَّة من أبرز سِمات الشعر الديني لديهم في كلِّ الأغراض"[4]، ولم تكن طبيعة العلاقة بين الدِّين والشِّعر مهتزَّة؛ بل كانت علاقةً وثيقة؛ فـ "الشِّعر بما له من مكانةٍ قويَّة استطاع أن يخدم الدِّين في ظروفٍ كثيرة، ويمكن له أن ينشر أهدافه"[5]، "ثم إنَّ القرآن والحديث كانا الباعثَ الحافز إلى وضع كثيرٍ من العلوم، في صدارتها العلوم الأدبيَّة واللُّغوية"[6]، ولا نُغالي إذا قلنا: إنَّ الاتجاه الدينيَّ عند الشاعر "عبدالسلام هاشم حافظ" غالِبٌ على كلِّ اتِّجاهاته الفكريَّة، ومتوغِّل في شعره إلى الحدِّ الذي يمكننا أن نَسِمَه بالالتزام الأدبي، والالتزام الأدبي "أن يتقيَّد الأدباء وأرباب الفنون في أعمالهم الفنيَّة بمبادئَ خاصَّة، وأفكارٍ معيَّنة، يلزمون بالتعبير عنها والدعوة إليها، ويقرِّبونها إلى عقول جماهير الناس، ويحبِّبونها إلى قلوبهم"[7]، فالشَّاعر ملتزِمٌ بقضاياه التي عالجَها من منظورٍ إسلامي، "ولعلَّ كثيرًا من الدراسات الأدبيَّة قد توقفت أمام التَّيار الإسلامي، وكيف استطاع توجيهَ حركة القصيدة العربيَّة على سبيل التوظيف من أجل الدِّفاع عن قضايا الدين، أو تبَنِّي الدعاية له، أو الانتصار لقِيَمِه ومبادئه"[8].

 

وإذا استعرَضْنا نماذجَ الشعر الإسلاميِّ الواردةَ في أعمال "عبدالسلام هاشم حافظ" الشعريَّة، نجد أهمَّ القضايا الإسلاميةِ هي القضايا التاليةَ:

• الدعوة إلى الوحدة والتَّضامن.

• الدعوة إلى الجهاد.

• إبراز مزايا الإسلام والإشادة بِحَضارته.

• الدَّعوة إلى مكارم الخلاق، ومُحاربة الفساد والانحلال، ونَقْد الواقع المتردِّي.

• أماكن وشخصيَّات مقدَّسة.

• مفهوم الوطن.

 

لَم يَكُن الباعث على الشِّعر الديني عند شاعرنا ناشئًا من فراغ؛ فقد كان لنشأة الشَّاعر في جوار الحرم النبويِّ الشريف أثَرُها البالغ في اتِّجاهه الديني المميَّز، إذا أضَفْنا إلى ذلك شعورَه الدائم باللِّواذ إلى ربِّه؛ لظروف مرَضِه القاسية التي ألَمَّت به منذ الصِّغَر، وإحساسه بدُنوِّ أجَلِه، جعله أكثرَ قُربًا من خالقه.

 

ثم إنَّ عكوف الشَّاعر على الكتب والقراءة الحُرَّة، وملازمته شيوخَ المسجد النبويِّ الشريف، هيَّأ له الاطِّلاع على كتب السَّلف في شتَّى فروع العلم والمعرفة، وخاصَّة الكتب الدينيَّة التي أثَّرت في وجدانه الدِّيني؛ فقد حقَّق الشاعر كتاب "الإمام ابن تيميَّة" سنة 1969م، ونشرَتْه مكتبة الحلبي بمصر، وجاء في مقدِّمة هذا الكتاب "ثم عكفتُ على قراءة تراث شيخ الإسلام الإمام أحمد بن تيميَّة، وعالجتُ ألوانَ علومِه الدينية، تمثَّلته رائد العلم والدين، الذي أبحث عنه... ويرمز إلى اتِّجاهي الديني"[9]، وإذا أضَفْنا إلى ذلك رغبةَ الشاعر في الإصلاح ومحاربة الفساد والانحلال، وكان لِتَدهور الحالة السياسيَّة للأمَّة العربية أثَرٌ كبير في لجوء الشَّاعر إلى الاتجاه الديني.

 

كل هذه العوامل كانت من أبرز العوامل التي هيَّأت له التميُّز في هذا اللون من الشِّعر الديني.

 

ويمكن تلخيصُ العوامل التي تهيَّأت لدى شاعرنا على النَّحو التالي:

• عاملٌ بيئي: يتمثَّل في البيئة الطاهرة الني نشأ الشاعر فيها، وهي جِوار الحرم النبَويِّ الشريف، وأثَرُ ذلك على شِعْره.

• عامل شخصي: ويتمثَّل في الرغبة في الإصلاح، ومُحاربة الفساد والانحلال بشتَّى صُوَرِه وأشكاله.

• عامل نفسي: يُعزَى إلى ظروفِ الشاعر الصحيَّة، وإحساسه الدائم بدنوِّ الأجل.

• عامل سياسي: يرجع إلى تدهوُرِ الحالة السِّياسية للأمَّة العربية، وطُغيان الظُّلم والفساد لدولة إسرائيل على شعبٍ ضعيف يُقاوِم الاحتلال.

 

وليس من شكٍّ أنَّ لجوار المسجد النبوي الشريف، والنشأةِ بين ربوعه - أثرًا كبيرًا على شعره، وطالَما عبَّر الشاعر عن هذا الأمر في كثيرٍ من قصائده، حتَّى إنَّ رحلاته وتنقُّلاته خارج وطنه، ومَشاهد الجمال والطبيعة السَّاحرة في كثيرٍ من البلدان التي زارها - لم تُسَلِّه عن وطنه المقدَّس، والشَّاعر يبحث دائمًا عن سلوى لآلامه، ويجدُها في حبيب الله ورسوله[10]:

مَا سَامَنِي الدَّهْرُ آلاَمًا مُرَوِّعَةً
إِلاَّ وَجَدْتُ حَبِيبَ اللهِ سُلْوَانِي

 

كما أنَّ مرض الشاعر جعله يَأْرِز إلى الله تعالى، ويتوجَّه إليه، داعيًا أن يَدْرأ عنه عذابَ المرض وألَمَه، ويتوسَّل إلى خالقه أن يَجيء اليومُ الذي يبرأ فيه من مرَضِه، فيَقول[11]:

يَا رَبِّ أَدْعُوكَ تَرْعَانِي وَتُنْقِذُنِي
بِالآيِ وَالذِّكْرِ.. تُحْيِينِي بِإِيمَانِ
تَحْنُو عَلَيَّ وَتُلْقِي الدَّاءَ عَنْ جَسَدِي
وَالقَلْبُ يَهْنَى مَعَ النَّجْوَى بِأَفْنَانِ
شَفَاعَةٌ مِنْهُ، تُلْقِي الأَمْنَ فِي كَبِدِي
لَهُ تُقَرِّبُنِي، وَالْحُورُ نَدْمَانِي

 

ولا يغفل الشاعرُ الجمهورَ تمامًا في شعره الدِّيني، بل يُولِيه اهتمامًا كبيرًا؛ لأنَّه "في الواقع قد يستمتع امرؤٌ بالشِّعر أكثر حينما يُشارك الشاعرَ في إيمانه"[12]، وعندما لا يتَّفق الجمهورُ في المعتقد الديني مع الشاعر فإنَّ "هناك متعةً متميِّزة في الاستمتاع بالشِّعر كَشِعر"[13]، وهو يَعلم أنَّ قُرَّاءه ومتلقِّي شعرِه هو هذا الجمهور، صاحب البيئة الدِّينية المحافظة؛ ولذا نراه يترنَّم بوطنه، مجال الطُّهر، والأصوات التي تَصْعد إلى السَّماء، ومَهْد السَّلام، ومرقد المَحبوب، ويزهو الشاعر بجواره للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ المدينة المنورة من أجمل بقاع الأرض؛ بل وأطهرها، وفي جوار المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يشعر الشَّاعرُ بالغربة ولا الخوف، فيقول[14]:

وَجِوَارُه أَعْظِمْ بِهِ مِنْ مَوْطِنٍ
سَادَ البِلادَ وَلَمْ يَزَلْ
وَأَظَلُّ جَارَ اللهِ أَنْتَهِلُ الْحَقِي
قَةَ.. لاَ اغْتِرَابَ وَلاَ وَجَلْ

 

وقد اتَّخذ الشاعرُ من موطنه المقدَّس - المدينة المنورة - سلاحًا يشنُّ به حربًا شعواء على الطُّغاة المستعمرين، ويَشحذ الهِمَم، ويستنجد الأبطال من خطَر إسرائيل الذي أقلق العالَمَ الإسلامي، وروَّع أمْنَه[15]:

إِنَّ الْمَدِينَةَ مَوْطِنُ الْهَادِي الرَّحِيمْ

تَسْتَنْجِدُ الأَبْطَالَ مِنْ خَطَرٍ عَظِيمْ

مِنْ قَوْلَةِ البَاغِينَ عَنْ وَطَنٍ قَدِيمْ

مِنْ أَجْلِكُمْ أَنْتُمْ فِدَائِيُّ الْحَيَاهْ

دَوَّى بِطَيْبَةَ صَوْتُ أَبْرَارٍ تُقَاهْ

تَرْجِيعُ أَصْدَاءٍ تُنَادِي بِالنَّجَاهْ

لِتَعُودَ فِي القُدْسِ الشَّرِيفِ لَنَا الصَّلاهْ

 

فأسماء مثل القرآن وآياته، ومكَّة، وطَيْبة، وحِرَاء، وجبريل، والإسلام، والمدينة، والنبيِّ، والنبوَّة، والدين الحنيف، والأنبياء، ذوات شحنة روحيَّة دينيَّة كبرى قد شكَّلت مفردات معجَمِه الدِّيني، مصوِّرة بدلالتها الدينيَّة مفرداتِ الشعر الدِّيني لديه، وهذا ما يؤكِّده شاعِرُنا في قصيدة "أمجاد السَّماء[16]"، فيقول عن القرآن الكريم:

آيَاتُهُ نُورٌ تُضَاءُ بِهِ السُّبُلْ

وَيُفَجِّرُ الطَّاقَاتِ فِي سَعْيِ البَقَا

دِينُ السَّمَاحَةِ وَالعَدَالَةِ وَالعَمَلْ

كَمُلَتْ بِهِ لِلنَّاسِ أَسْبَابُ العُلا[17]

 

ومِن البوَاعث على الشِّعر الدينيِّ عند شاعرنا: الأماكِنُ المقدَّسة في الحجاز، كمكَّة، والمدينة، وجبَل عرفات، وكذلك القدس الشَّريف، أُولَى القِبلتين وثالث الحرمين، ولِرَوعة المكان، وأثَرِه في النُّفوس المؤمنة؛ تغنَّى بهذه الأماكنِ كثيرٌ من الشُّعراء، في مختَلِف الأقطار العربية، وغير العربيَّة، و"للمَكان أهمِّيةٌ كبيرة في الإبداع الأدبيِّ والفنِّي؛ إذْ إنه يُثير دون سواه إحساسًا بالمُواطَنة، وإحساسًا آخَر بالزَّمن، حتَّى ليغدو الكيان الذي لا يحدث شيءٌ بدونه"[18].

 

وبطبيعة الحال؛ تأتي المدينة المنوَّرة في الصَّدارة؛ لأنَّها المَنشَأ، ومسقط الرَّأس، وبِها حبيبُ الله وصَفِيُّه، وبِها أهله وأصحابه، وله فيها ذكريات الصِّبا، ومَرْتَع شبابِه، ومغنى صحابه، وبِها خفق قلبه، وتفتَّح للحب.

 

وعن المكان وأثَرِه في شعره الدِّيني: فإنَّ الشاعر يعتمد على الأثر الرُّوحي المشِعِّ للمكان، مستمدًّا من عظمته وجلاله منطلقًا لإشاعة جوٍّ ديني على حواشي الرُّقعة الشِّعرية، "وللمكان أثَرُه الكبير في الانزياح والتحوُّل والنَّفي عن أمكنة الواقع، حيث يُصبِح للمكان خلقةٌ أخرى في النَّص"[19].

 

وتحتلُّ المدينة المنورة - مسقَطُ رأسه - مكانةً خاصَّة عند الشاعر، وإنْ كان ثَمَّ أماكنُ دينيَّة أخرى، ولكنَّها تأتي في المرتبة الثانية في شِعره، ولا غَرْو؛ فالمدينة المنورة شهِدَت ميلادَه، ومسقط رأسه، ومرتع صِباه، ومغنى شبابه، وموطن الذِّكريات، وسِرّ الهوى، ومجلس الأصدقاء والأُنس، وموطن الأهل والخِلاَّن، ومسجد الحبيب المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - ودار الصحابة والتَّابعين، ومهبط الوحي، وهكذا يمتزِجُ الخاصُّ بالعام في المكان، وهذا ما جعله يقول في قصيدة "الشوق ياوطني"[20]:

دَارِي وَسِرَّ الْهَوَى البَاقِي وَأَوْطَانِي
يَا طَيْبَةَ النُّورِ.. يَا رُوحِي وَوِجْدَانِي
.......................
وَفِي الْمَدِينَةِ أَحْلاَمِي وَعَاطِفَتِي
وَذِكْرَيَاتُ الصِّبَا وَالْمَأْمَلُ الدَّانِي
بِمَشْهَدِ الْمُصْطَفَى خَيْرُ الْجِوَارِ بِهِ
يَا عِزَّهُ مِنْ جِوَارٍ فِيهِ تَلْقَانِي
فَفِي الْمَدِينَةِ غَايَاتِي وَمُنْقَلَبِي
قَلْبِي بِهَا مُسْتَهَامٌ جِدُّ جَذْلاَنِ

 

وللشاعر كلُّ الحق في الازدِهاء والانتشاء بِمَوطنه؛ ففي قصيدة "رُبَى الإيمان" ينادي المدينة المنورة بـ "رُبَى الإيمان" ويُشخِّصها، ويَستنطِقُها أن تجيب الفؤادَ الظامئ؛ فأرض القُدْس قد دُنِّست بالصَّهاينة، واستباحوا طهارتَها، ويأخذ على قومه كيف تسمحون للأعداء بالتجوُّل داخل أرض القبلة الأولى؟![21]:

رُبَا الإِيمَانِ فِي حَيِّ الرَّسُولِ الأَعْظَمِ السَّامِي أَجِيبِينَا

يُنَادِيكِ الفُؤَادُ الظَّامِئُ الشَّاكِي عَلَى شَوْقِ الْمُحِبِّينَا

يُنَادِي فِيكِ آمَالَ الغَدِ الْمَرْقُوبِ هَلاَّ عَنْهُ تَرْوِينَا

وَنَلْقَى فِيكَ.. فِي أَجْوَائِكَ الشَّمَّا.. قَدَاسَاتٍ تُغَذِّينَا

 

وللشِّعر الدينيّ لدى "عبدالسلام هاشم حافظ" بواعِثُ، منها: الذِّكرى، وصدى الماضي، متمثِّلاً ذلك في مدح الرَّسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - واستحضار شخصيته الكريمة وصحابته الأبرار، الذين فتحَ الله على أيديهم بلادَ الفرس والرُّوم، ولعلَّ شاعرنا نظر إلى "شوقي" و"البوصيري" في مدائحهما النبويَّة، فقال في قصيدة "الجزيرة العربية"[22]:

مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ جَاءَ بِهَا
شَرِيعَةَ اللهِ بِالإِسْلامِ وَالرُّحُمِ
مُحَمَّدٌ كَامِلُ الأَخْلاَقِ أَبْلَغَهَا
جَهْرًا لِأُمَّتِهِ بِالْحَرْبِ لِلسُّدمِ
وَرَاحَ جَيْشُ أُبَاةُ الضَّيْمِ مُنْتَقِلاً
عَبْرَ الصَّحَارَى يُدَاوِي النَّفْسَ مِنْ وَصَمِ
لاَ الرُّومُ وَالفُرْسُ وَالأَوْثَانُ بَاقِيَةً
قَدْ زُلْزِلُوا.. وَانْتَهَى الطَّاغُوتُ لِلعَدَمِ

 

ثم انتقل يمدح الخُلَفاء والقادة في عصر صدر الإسلام، وقد اتَّخذ الشاعر ذكرى المولد مُنطلَقًا للتمدُّح بمزايا الإسلام وقادته، وأثَرِهم في إقامة العدل ونشر السَّلام والإسلام بين العالَم[23]:

مِنْ هَا هُنَا أَمْرَعَ الوِجْدَانُ وَانْبَعَثَتْ
لِلدِّينِ آيَاتُهُ العُظْمَى لِكُلِّ ظَمِي
أَبْطَالُنَا مِنْ (عَلِيِّ) القَدْرِ أَوْ (عُمَرٍ)
حَتَّى (بِعُثْمَانَ) وَ(الصِّدِّيقِ) فِي القِدَمِ
وَ(ابْنِ الوَلِيدِ) وَ(حَسَّانٍ) وَرُفْقَتِهِ
مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ فَازُوا بِدِينِهِمِ
قَامُوا حُمَاةً لَهُ بِالصِّدْقِ - يَحْفِزُهُمْ -
لِبَذْلِ رُوحٍ وَأَمْوَالٍ وَبَذْلِ دَمِ

 

ولشخصية الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - حضورٌ لافت في شِعر "عبدالسلام هاشم حافظ" الدينيِّ، فبعدَ طول عناء، وتفكُّرٍ في أحوال الناس[24]:

هَذَا يُصَابُ بِأَرْزَاءٍ يَنُوءُ بِهَا
وَغَيْرُهُ نَاعِمٌ فِي ظِلِّ نَيْسَانِ
وَآخَرٌ فِي ظَلامِ التِّيهِ مَرْقَدُهُ
وَدُونَهُ يَصْعَدُ الدُّنيا بِبُهْتَانِ

 

يتَّخِذ مِن حضور الرَّسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - مدخلاً لبثِّ شكواه، وأنَّ مجرد ذِكْراه - صلَّى الله عليه وسلَّم - شفاءٌ للقُلوب المريضة من الدَّاء الذي قد يلمُّ بها، فمَن أصابته شدَّة فإنَّ له أملاً كبيرًا في انفراج شدَّته، فقال[25]:

فَمَنْ أُصِيبَ بِبَأْسَاءٍ لَهُ أَمَلٌ
يَلْقَى الْفَضَائِلَ مِنْ رَوْحٍ وَرَيْحَانِ

 

ولعلَّ الشاعر متأثِّر - بدرجةٍ كبيرة - بالشَّاعر المصري "أحمد شوقي" في قوله[26]:

إِنْ جَلَّ ذَنْبِي عَنِ الْغُفْرَانِ لِي أَمَلٌ
فِي اللهِ يَجْعَلُنِي فِي خَيْرِ مُعْتَصِمِ

 

ويبدو التأثُّر أيضًا بـ"شوقي" في قوله[27]:

صَلَّى وَرَاءَكَ مِنْهُمْ كُلُّ ذِي خَطَرٍ
وَمَنْ يَفُزْ بِحَبِيبِ اللهِ يَأْتَمِمِ

 

ويبدو التأثُّر واضحًا في الشطر الثاني عند "عبدالسلام هاشم حافظ"[28]:

أَصْفَاكَ رَبِّي مَكَانًا عِنْدَهُ قُدُسًا
فَمَنْ دَعَاهُ وَيَرْجُو الصَّفْحَ يَأْتَمِمِ

 

ومن الذِّكرى وصدى الماضي عند شاعرنا أيضًا: ذكرى المولد النبويِّ الشريف، واستحضارُ شخصية الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد استحضرَها الشاعرُ لِما تَحظى به من مكانةٍ في نفوس المسلمين، "وعلى اعتبار أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - صاحب النُّور الأسمى، والمثَلِ الأعلى للكمال الإنسانيِّ، وصاحبُ الوحي، وفيه تتجلَّى محاسن الدِّين، وقِيَمُ الإسلام على صورةٍ لم يَشهد العالَمُ لها مثيلاً في القديم والحديث على السَّواء"[29]، وقد اتَّخذ الشاعر من ذكرى "المولد النبويِّ الشريف" مدخلاً لإبراز أخلاقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ودوره الهائل في جهاده لنشر دعوتِه، وإقرار مبادئ الخير والحقِّ، فيقول[30]:

بِذِكْرَاكَ تَسْمُو عَلَى الكَائِنَاتِ
تُعَطِّرُ آفَاقَنَا بِابْتِسَامِ
وَذِكْرَاكَ تَسْبِي القُلُوبَ فَتَشْدُو
بِأَشْوَاقِنَا.. بِالْهُدَى وَالأُوَامِ
تُعِيدُ الْحَنِينَ لِعَهْدِ الْخُلُودِ
لِأَيَّامِكَ الغُرِّ بَيْنَ الكِرَامِ
فَمِيلادُكَ اليَوْمَ ذِكْرَى وَفَاءٍ
لِمَنْ يَهْتَدِي دَرْبهُ بِالضِّرَامِ
وَقَلْبِي يُرَدِّدُ: أَنْتَ الْحَبِيبُ
وَفِي يَوْمِ ذِكْرَاكَ يَذْكُو هُيَامِي

 

ويتَّخِذ الشَّاعر من هذه الذِّكرى موضوعًا يَلِجُ به إلى نَقْد الواقع المعاصر المتردِّي، وما فيه من آلام، وفُرقة، وضياع؛ فقد ضاعت فلسطينُ من أيدي العرب، وتلاعبت إسرائيل بأفئدة المسلمين، وحزَّ ذلك في قلب الشاعر، فتألَّم وشكا، وتوجَّع وبكى، وكان يأمل في الاقتداء بسيرة المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتمسُّك بحبل الله المتين؛ لأنَّه لا سبيل إلى الهدى والرشاد، واستردادِ ما فات إلاَّ إذا عُدنا إلى الدين الحقِّ[31]:

وَأَغْوَتْ أَسَالِيبُ عَصْرِ الفَضَا
ءِ أَغْوَتْ بِنَا فِي مَسَارِ الْحَرَامِ
نَرَى النَّاسَ تَاهُوا وَضَلُّوا الْخُطَا
وَأَنْسَاهُمُ الرُّوحَ غَزْوُ اللِّئَامِ
ضَيَاعٌ يَعِيشُونَهُ فِي ضَيَاعٍ
بِلاَ وَعْيِ قَلْبٍ.. بِلَيْلِ السَّقَامِ
خَسِرْنَا فِلَسْطِينَ.. وَالعُرْبُ تَلْغُو
وَتَشْكُو وَتَرْجُو بِغَيْرِ اعْتِصَامِ
فَهَلاَّ وَعَيْنَا وَعُدْنَا إِلَيْكَ
رَسُولَ الْهُدَاةِ وَخَيْرَ إِمَامِ
إِلَى دِينِنَا الْحَقِّ نَقْوَى وَنَغْدُو
أَحَقَّ بِأَنْ نَعْتَلِي فِي الْمَقَامِ
نُجَدِّدُ عَهْدَ النَّبِيِّ الوَضِيءِ
تُنَظِّمُنَا وَحْدَةٌ لِلأَمَامِ

 

وقديمًا قال ابن قُتيبة الدِّينوَريُّ: "وللشِّعر أوقاتٌ يُسرِع فيها أَتِيُّه، ويَسمحُ فيها أَبِيُّه، منها أوَّلُ الليل قبل تَغشِّي الكرى، ومنها صدرُ النَّهار قبل الغَداء، ومنها يومُ شُرب الدَّواء، ومنها الخلوةُ في الحبس والمسير؛ ولِهذه العلل تختلف أشعارُ الشَّاعر، ورسائل الكُتَّاب"[32].

 

ويَعنِينا منها قولُه: "يوم شُرب الدَّواء"؛ لأن المرض داعٍ إلى قول الشِّعر، عند الشُّعراء؛ ولظروف الشَّاعر الصحِّية أثَرٌ بالغ إلى توجُّهه وجهةً دينيَّة؛ فالمرض يجعل الإنسانَ أكثر قربًا من خالقه تعالى، ويتوجَّه الشاعر إليه داعيًا أن يَبْرأ من دائه الذي أنحلَ جسمه، وهدَّ بنيانه، فيقول في ذلك[33]:

رُحْمَاكَ يَا مَنْ تَرْتَجِي
هِ الْخَلْقُ تَفْرِيجَ الكُرُوبْ
قَلْبِي تَدَاعَى اليَوْمَ تَحْ
تَ مَعَاوِلِ الدَّاءِ القَدِيمْ
جِسْمِي تُهَدِّدُهُ السَّقَا
مُ وَغَالَهُ الضَّعْفُ الْمُرِيبْ
وَدَمُ الشَّبَابِ يَمُورُ فِي
عَصَبٍ تَضَعْضَعَ بِالْهُمُومْ

 

وعلى هَديٍ من تلك الأسس؛ أدركَ الشاعرُ حقيقة دوره؛ فهو لا يملك إلاَّ الكلمة كسلاح، والدُّعاءَ إلى الخالق - سبحانه وتعالى - كي يُنقِذه من عذاب الألَم الشخصيِّ، وألَم الأمة الإسلاميَّة، فأنشأ يقول مناديًا ربَّه أن يحقِّق نجاته من دائه الذي ألَمَّ به[34]:

رَبَّاهُ حَقِّقْ نَجَاتِي مِنْ ضَنَى أَلَمِي
أَحْوَالُ حَالِي لَدَيْكَ اليَوْمَ تَحْتَكِمُ

 

وكثيرًا ما نادى ربَّه، داعيًا أن ينقِذه من علِّتِه، في مناجاةٍ إلهيَّة حزينة، هذه المُناجاة تقود إلى استحضار حالة المرَض القاسية، وإظهار مَشاعر الضعف الإنسانيِّ أمام عظَمة الخالق، يستمدُّ من كرم الإله القدرةَ على البوح في مناجاةٍ ذاتيَّة، مبعَثُها الحزن والألَم[35]:

رَبَّاهُ أَدْرِكْ شَاعِرًا تَشْتَدُّ عِلَّتُهُ وَتُبْكِيهِ الغُيُومْ

يَحْيَا سَجِينَ العِلَّةِ الْعُظْمَى عَلِيلاً ضَلَّ فِي وَادِي الْجَحِيمْ

أنْقِذْهُ.. أَنْقِذْ جِسْمِيَ الوَاهِي وَأَنْتَ رَجَائِيَ البَاقِي الرَّحِيمْ

 

ويُخاطب الشاعر حبيبَه وشفيعه رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - شاكيًا حالته الصحيَّة، ومَأْمله من عطايا الله بالرَّحمة والسعة كما قال[36]:

أَنْتَ الَّذِي تَرْتَجِي الوَرَى شَفَاعَتَهُ
وَالْخَلْقُ يَأْمُلُ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمِ
قَدْ أَظْلَمَتْ حَوْلِيَ الآفَاقُ وَاصْطَرَعَتْ
آمَالِيَ الزُّهْرُ بَيْنَ اليَأْسِ وَالسَّقَمِ
وَالْجِسْمُ أَضْنَتْهُ عِلاَّتٌ بِهِ عَظُمَتْ
حَتَّى عَرَى القَلْبَ هَوْلُ الْهَمِّ وَالْهِمَمِ
وَحَيْرَتِي بَلَغَتْ أَعْلَى مَدَارِجِهَا
وَمَأْمَلِي مِنْ عَطَايَا اللهِ بِالرّحمِ

 

ويقول واصفًا حالته المرَضِيَّة الخطيرة، ومبيِّنًا أثرَ العِلَّة والمرض في نَظْم الشِّعر[37]:

القُلاَبُ[38] الَّذِي رَاعَنِي
فِي شَبَابِي أَذَابَ القُوَى
قَيَّدَ اللَّحْنَ فِي مَعْزَفِي
هَدَّمَ العُمْرَ بَيْنَ الشَّرَرْ
كَمْ دَهَتْنِي اللَّيَالِي وَكَمْ
بِالْمَآسِي سَقَتْ مُهْجَتِي
بَدَّدَ الدَّاءُ أَحْلاَمَنَا
وَالضَّنَى زَادَ مِنْ عَثْرَتِي
وَافْتَقَدْتُ الْمُنَى تَائِهًا
زَائِغَ الفِكْرِ أَهْوَى السَّهَرْ
أَنْظِمُ الشِّعْرَ فِيهَا كَمَا
لَوْ خُلِقْتُ سَعِيدَ القَدَرْ

 

ويتألَّم الشاعر بعد أيامٍ قلائل من إجراء عمليَّة جراحية في قلبه[39]:

مَا هَذِهِ الآلاَمُ فِي جِسْمِي وَفِي
نَفْسِي وَإِحْسَاسِي وَرُوحِي الغَالِيَهْ
صَخْرٌ.. صُخُورٌ فَوْقَ رَأْسِي الْمُثْقَلِ
وَعَلَى ضُلُوعِي وَالْحَنَايَا الدَّامِيَهْ

 

"والأديب الرومانسيُّ - شاعرًا وناثرًا - يَعتقد أنه صاحبُ رسالة تقوم على مُثُلٍ عُليا من الأخلاق، لا سبيل إلى سعادة المجتمع الإنساني بدونها، وهو مدفوعٌ إلى بلاغ هذه الرِّسالة بما يحسُّ في عالَمِه الوجدانيِّ من وجودٍ روحي يحنُّ إلى عالَمِه الرُّوحي القديم، ويَسمو به على شهوات الحياة الدُّنيا وأطماعِها، ويَفتح عينَيْه على ما في حياة النَّاس حولَه من انعدام المحبَّة والتَّعاطف والوفاء، ومن السَّعي وراء المال والجاه، وعلى ما في مجتمَعِه من مآسي الظُّلم والفقر ومظاهر الدَّمامة"[40].

 

وهذا هو سِرُّ مُعاناة الشَّاعر، ومنطلق دعوته للإصلاح ومحاربة الفساد؛ ولذا فإنَّنا نجد الشَّاعر يتَّخِذ المرأة أساسًا للإصلاح، أو للفساد، فإذا اهتمُّ المجتمع بشأن المرأة، ونشَّأَها التنشئة الدِّينية الصحيحة، ضَمِنَّا مجتمعًا خالِيًا من الرَّذائل، وآمِنًا مُستقرًّا، وإذا أهمَلْنا في تنشئتها، ولم تعتَدَّ بالقيم الدِّينية السليمة، انهارَ المجتمَع؛ ولِذا نجد الشاعر يُنادي المرأة العربيَّة بأن تَعُود إلى الدِّين وتعاليمه القويمة، وألاَّ تسرف في التعرِّي والسُّفور، وأَوْلى بها البيت، ويَدْعوها إلى التمسُّك بدينها، فلا تغترَّ ولا تستجهل، وألاَّ تسير وراء التقليد الأعمى لنساء الغَرْب، وينبع حديثُه عن قضايا المرأة من أساس الدِّين الإسلامي؛ فهو يَرى أنَّ مكانها الحقيقيَّ ليس ميدان العمل الذي تُشارك به الرجل مِثلاً بمِثْل، وإنَّما مَكانها الذي وضَعَها الله فيه أن تكون سكَنًا لزوجها، وأُمًّا لأولاده، وأن تقَرَّ في بيتها، فيقول[41]:

أَوْلَى بِكِ اليَوْمَ يَا حَسْنَاءُ أَنْ تَرْجِعِي
عَنْ دَرْبِكِ الشَّائِكِ الْمَجْهُولِ أَنْ تَزْرَعِي
فِي جَنَّةِ الأَرْضِ عُشًّا مِنْ حَصَانَتِهِ
فِرْدَوْسُكِ الزَّاهِرُ الْمَسْحُورُ، حَتَّى تَعِي
لاَ تُسْرِفِي فِي التَّعَرِّي إِنَّنَا بَشَرٌ
وَأَنْتِ كَاللَّهَبِ الْمَسْعُورِ هَيَّا ارْجِعِي

لِلصَّوْنِ.. لِلعِفَّةِ الغَرَّاءِ يَا لاَهِيَهْ

أَوْلَى بِكِ البَيْتُ فِي مِحْرَابِهِ شَادِيَهْ

فِي ظُلَّةِ الْحُبِّ.. فِي أَجْوَائِهِ السَّامِيَهْ

 

ثم يأخذ الشَّاعر على فتاة اليوم الإسرافَ في الزِّينة والتبَرُّج، وعَرْض مفاتن الجسم، وكأنَّها راقصةٌ أمام السَّكارى والمَحْرومين، وأنَّ عليها ألاَّ تقلِّد الغربية في سُفورها وخروجها من مَنْزلها دون ضابط، وأنَّ على المرأة المسلمة أن تعتزَّ بدينها وقِيَمِها التي درَجَتْ عليها في ظلِّ الإسلام وسماحته، ويصف شاعِرُنا التبَرُّج والسُّفور بأنه "هو التحَرُّر المُزرِي الذي يُنادون به لهذا الجنسِ الرَّقيق الذي يُريدون استِعْباده لشهواتهم.."[42]، فيقول في قصيدة "لا يا فتاة الشَّرق"[43]:

تَتَفَنَّنِينَ وَتُسْرِفِينْ
فِي عَرْضِ جِسْمِكِ وَالفُتُونْ
بِالعُرْيِ فِي أَوْضَاعِهِ
فِي حبْكَةِ الثَّوْبِ الْمَشِينْ
أَتُرَاكِ رَاقِصَةً هُنَا
بِمُيُوعَةٍ تَتَخَطَّرِينْ؟

 

وقد شَغلَتْ قضيَّةُ الإصلاحِ الشُّعراءَ والكُتَّاب والمُصلِحين، ومِن الموضوعات التي شغلَتْ تفكيرَ شاعرنا في هذا الشَّأن: قضيَّةُ غلاء المهور، وتعليم المرأة، ومُحاربة العادات الضارَّة، وقد اتَّخذ الشاعر أسلوب المباشرة والوعظ في الإصلاح؛ "فقد كان الإصلاح مَطلبًا ملحًّا؛ لحاجة المجتمع إليه، فالجهل منتَشِر يجرُّ وراءه الكثير من الفساد، وعادات المجتمع الضارَّة منتشرة، والعقائد الفاسدة مسيطِرة على عقول العامَّة"[44].

 

وتنطلق دعوة الشَّاعر إلى المرأة في ضوء الإسلام والتَّقاليد العرَبِيَّة الرفيعة، فيقول شاعِرُنا: "فأنتِ كمُسْلمةٍ لك تقاليدُك العرَبِيَّة الرفيعة في وسَطِك البريء، وحياتك النَّاعمة بين زوجِك وبَنِيك؛ لتكوني مثلاً للخُلق الطيِّب ونُبْل الضَّمير، ولتربية الجيل على المقومات الكريمة، حتَّى تَنالي الرضا وتطمئنَّ نفسُك مع أحبِّ الناس إليك في ظلال المحبَّة والسعادة"[45]، ويَدعو الشَّاعر المرأةَ العربية إلى الرُّجوعإلى البيت؛ حيث الصَّون والخُلق الحميد؛ لأنَّ الشرق يأمل في المرأة العربيَّة الإصلاح، والارتقاء بالنشء[46]:

وَإِذَا عَقِلْتِ وَعُدْتِ لِلوَكْرِ الْحَصِينْ

حَيْثُ التَّكَامُلُ بِالأُمُومَةِ وَالْحَنِينْ

وَالصَّوْنُ وَالْخُلُقُ الْحَمِيدُ وَمَا يَزِينْ

فَلَقَدْ غَدَوْتِ حَقِيقَةً إِلْفًا أَمِينْ

وَالشَّرْقُ يَأْمُلُ فِيكِ إِصْلاحَ البَنِينْ

 

إنَّ الشاعر في مجمَلِ أغراضه الشعريَّة، لا يخرج عن عباءة الإسلام وتعاليمه السَّمحة؛ لأنه يَعتبر الشعر وسيلةَ إصلاحٍ وتربية وتوجيه؛ لذا نرَى شاعرنا لا يندُّ عن التوجُّه الإسلاميِّ؛ بمعنى الالتزام بمبادئ الإسلام وقِيَمِه العليا، أثناء عملية الإنتاج الأدَبِي[47]، حتَّى إذا كان الشَّاعر في موقف الحبِّ فإنَّه يُضْفِي عليه لونًا إسلاميًّا جليًّا، يكون بمثابة الموجِّه الأوَّل لفنِّه، وهو المُنعَطَف الذي يَلجأ إليه؛ فيقول[48]:

الْجِنْسُ أَرْدَيْنَاهُ فِي قَعْرِ البِلَى

وَالشَّهْوَةُ الْحَمْقَاءُ مِنْ أَعْدَائِنَا

فِي الآدَمِيَّةِ لَمْ نَكُنْ إِلاَّ مَخَالِيقَ العَفَافْ

فَلَقَدْ مَحَوْنَا آيَةَ الْجَسَدِ الشَّرِيرْ

وَتَجَرَّدَتْ فِينَا النُّفُوسُ مِنَ الشُّرُورْ

حَتَّى غَدَوْنَا مِثْلَ سُكَّانِ الْجِنَانْ

 

وفي محاولةٍ مريرة، يصوِّر الشاعرُ حقارةَ المرأة التَّافهة التي تأكل بِثَدييها، وتبيع جسَدَها لمن يدفع الدِّرهم الحقير، ويَعْرِضُ عليها صورةً حقيرة، ويُناشد المرأة المسلمة ألاَّ تكون كهذه الصُّورة السيئة[49]:

هَذَا الْجَمَالُ مَلَكْتُهُ بِدَرَاهِمِي
وَأَرَقْتُ فِي أَحْضَانِهِ لَهَبَ السُّعَارْ
وَحَطَمْتُ لَذَّاتِي عَلَى أَفْوَاهِهِ
وَفَضَضْتُ مِنْهُ الزَّهْرَ وَالوَرْدَ الْمُعَارْ

أَخْضَعْتُهُ لإِرَادَتِي بِالدِّرْهَمِ النَّجِسِ الشَّرِيرْ

 

وفي قصيدةٍ طويلة بعنوان "أمجاد السماء"، يتَناول الشاعر قصَّة الخلق، ووَصْف الجنَّة، وخَلْقَ آدم، وخلْق حوَّاء، وسجود الملائكة لآدم، وقصَّة طرْدِه من الجنَّة، وقصَّة ميلاد المسيح عيسى - عليه السَّلام -[50]:

بِمَحَبَّةٍ وُلِدَ الْمَسِيحُ مَعَ السَّحَرْ

عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ طَاهِرًا وَمُنَوِّرَا

صَوْتُ الإِلَهِ وَهَدْيُهُ لِبَنِي البَشَرْ

وَصَدَى الْحَقِيقَةِ.. لِلوُجُودِ مُطَوِّرَا

 

ويصف حال مكَّة قبل البعثة، وميلاد النبيِّ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم -[51]:

وَسَرَتْ بِمَوْلِدِهِ البَشَائِرُ أَنَّهُ

هَذَا الَّذِي سَيَكُونُ فِي شَأْنٍ غَدَا

وَتَسُودُ أُمَّتُهُ وَتُحْيِي كَوْنَهُ

بِالآيِ وَالإِسْلامِ جَاءَ وَأَسْعَدَا

 

وتَشمل دعوتُه الإصلاحيَّةُ بني قومه، وحُكَّامَ البلاد، من ملكٍ أو أمير أو رئيس، أن يُراعوا الله في حُكمهِم، وأن يَفطنوا إلى نيات اليهود الخبيثة، وأنَّ اليهود يشنُّون حربًا ضدَّ الله والأديان، فيقول محذِّرًا[52]:

يَا بَنِي قَوْمِي.. أُولاَءِ الأَشْقِيَاءْ
الوُجُودِيُّونَ أَعْدَاءُ الشُّعُوبْ
مِنْ دُعَاةِ الفِسْقِ أَرْبَابِ العَدَاءْ
يَهْدِفُونَ اليَوْمَ تَقْوِيضَ الطُّيُوبْ

حَرْبُهُمْ للهِ وَالأَدْيَانِ غَايَاتٌ قَدِيمَهْ

شَرْعُهُمْ دُنْيَا وَإِرْهَابٌ وَأَوْحَالٌ مُقِيمَهْ

 

ويعلو صوت الشَّاعر جهيرًا، يعلن الحرب ضدَّ الأعداء باسْم الدِّين والرُّوح العليَّة؛ لتقتلع جذورَ الأعداء من أرض السَّلام والمحبَّة ولا تُبقي لهم في الشَّرق بقيَّة، حتَّى يَستعيد الإنسانُ كرامتَه ومجْدَه، فيقول[53]:

يَا بَنِي قَوْمِي كَمَا كُنَّا سَنَغْدُو
بِالنُّهَى وَالدِّينِ وَالرُّوحِ العَلِيَّهْ
نَحْمِلُ الأَعْبَاءَ إِخْلاَصًا وَنَحْدُو
مَوْكِبَ الأَبْطَالِ فِي حَرْبٍ عَتِيَّهْ

تَحْصُدُ الأَعْدَاءَ لاَ تُبْقِي لَهُمْ فِي الشَّرْقِ رَعْدَهْ

تَصْهَرُ الإِنْسَانَ حَتَّى يَسْتَعِيدَ اليَوْمَ مَجْدَهْ

 

ويَدعو الشَّاعر إلى التَّضامن بين المسلمين؛ لأنَّ في وَحدَتِهم وتضامُنِهم قوَّةً لهم، ويدعو قادة العرب إلى التوحُّد وعدم الخلاف، وأنَّهم قدَرُنا الموعود، وعليهم تُعقَد الآمال في الْتِئام شَمل الأمَّة العربية، وإلى تحرير القدس المحتلَّة، وتتَّفِق أدوات الشاعر الفنيَّة والتعبيرية مع مقصده ومَرْماه، فيُكثِر مِن استِخدام أدوات النِّداء؛ للحثِّ والتَّنبيه، وأفعال الأمر لغير الواحد للغرض نفسه، وللنُّصح والإرشاد، وكذلك الأمر في استخدام أدوات النَّهي، كما يَلْحظ استخدامه لوزن البَسيط[54]:

فَيَا بَنِي يَعْرُبَ صُونُوا أَمَانَتَكُمْ
هَذِي الْمَلايِينُ أَضْنَاهَا الأَذِلاَّءُ
كَمْ شَرَّدُوا وَبَغَوْا وَاسْتَأْثَرُوا بِهِمُ
قَدْ آنَ أَنْ يَسْتَحِلَّ الأَرْضَ أَبْنَاءُ
يَا عُصْبَةَ الْخَيْرِ مَنْ لِلشَّرْقِ غَيْرُكُمُ
وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ ظُلْمٌ وَأَهْوَاءُ
لاَ تُخْدَعُوا بِأَضَالِيلِ العِدَا فَهُمُ
كَمْ أَوْقَعُوا بَيْنَكُمُ.. وَالكُلُّ أَدْوَاءُ
وَأَنْتُمُ القَدَرُ الْمَوْعُودُ يُنْقِذُنَا
بِهِ تَدُولُ تَمَاثِيلٌ وَأَعْدَاءُ
بِاللهِ عِصْمَتُكُمْ.. فَاسْعَوْا لِوَحْدَتِنَا
فَأَنْتُمُ اليَوْمَ آمَالٌ وَأَكْفَاءُ
وَحَقِّقُوا العِزَّ تَخْلِيدًا لِدَوْلَتِنَا
عِمَادُهَا الدِّينُ.. وَالقُرْآنُ إِيحَاءُ

 

وكما وجَّه الشاعر نداءه إلى القادة العرَب، يتضرَّع إلى ربِّه أن يهَب الثَّبات للمسلمين، وأن ينصرهم على الأعداء، وأن يَبعث فيهم مَن يوحِّد شملهم بِهُدى الدِّين، وإيحاء القرآن، وأن يُبارك شمل المتضامنين[55]:

يَا رَبِّ هَبْ لِلمُسْلِمِينَ ثَبَاتَهُمْ

وَانْصُرْهُمُ.. فَاللَّيْلُ طَالَ عَلَيْهِمُ

وَابْعَثْ لَهُمْ مَنْ يَسْتَثِيرُ جِهَادَهُمْ

لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيَعْمُرُ فِيهِمُ

.........................

فِي وَحْدَةٍ حَتَّى يَلِينَ لَنَا الزَّمَانُ وَنَعْتَلِي

وَعَلَيْهِ صَلِّ.. وَبَارِكِ الْمُتَضَامِنِينَ وَقَوْلَهُمْ

مَا هَلَّ فَجْرٌ.. وَاسْتَقَرَّ بِنَا مَكَانٌ يَنْجَلِي

 

وللعبادات والمناسبات الدينيَّة في الشعر السُّعودي عامَّة - وفي شعر "حافظٍ" خاصَّة - مكانةٌ خاصَّة؛ كالصلاة، والحج، والصَّوم، والهجرة النبويَّة الشريفة، واستقبال المسلمين للعيد، وكان الشُّعراء "يتَّخِذون المناسبات وسيلةً للمقارنة بين الماضي والحاضر، وقد يَستوحون من المناسبات العِبَرَ؛ لتنبيه العالَمِ الإسلامي للأخطار المُحْدِقة به، وتبصيره بعواقب التفرُّق والضَّعف"[56].

 

ولِشاعرنا في هذا المجال دورٌ لافت، نابعًا من ثقافته الدينيَّة، ولا غَرْو؛ فالثقافة الدينيَّة "التي رضَع الشعراء من لبانها، أمْلَتْ عليهم هذا الاهتمامَ بالمدائح النبويَّة، وتسجيل المناسبات الدينيَّة؛ كالحج، وقدوم شهر رمضان، والأعياد، ومَعارك المسلمين وانتصاراتهم التاريخيَّة"[57]، فقال شاعِرُنا عن الصَّلاة[58]:

قُمْ نُصَلِّي[59] لِرَبِّ الوُجُودْ
فِي رَوَابِي الصِّبَا وَالسُّعُودْ
وَالفَضِيلَةُ سِرُّ الْخُلُودْ
إِنَّهَا الطُّهْرُ نُورُ الوُجُودْ

قُمْ نُؤَدِّي صَلاَةَ الإِلَهْ

فِي تَرَاتِيلِنَا لِلحَيَاهْ

قُمْ بِنَا يَا أَخِي لِلصَّلاَهْ

 

وللشاعر "عبدالسلام هاشم حافظ" كتابٌ عن "الصِّيام عبر التاريخ"، وفي شعره نَجِدُ الشاعر يحتفل بشهر الصوم الذي عادَت بعودته الأيَّامُ الجميلة، واللَّيالي الزَّهراء؛ حيث يعمُّ النُّورُ أرجاءَ الأرض، ويبتهل المسلمون فيه بالدُّعاء إلى الخالق سبحانه، فقال عن شهر رمضان[60]:

شَهْرُ الفَضَائِلِ عَادَ بِالإِيمَانِ وَالطُّهْرِ

بِالصَّوْمِ وَالإِجْلالِ.. بِالأَنْوَارِ وَالفَضْلِ

عَادَتْ بِهِ لَيْلاتُنَا الزَّهْرَاءُ فِي الْخَيْرِ

ذِكْرًا وَإِحْسَانًا وَآمَالاً إِلَى الوَصْلِ

 

وقال قصيدة "حجيج الله"، وفيها يُرحِّب بالحجيج، ويَصِف مناسك الحج[61]:

أَهْلاً حَجِيجَ البَيْتِ فِي أَسْمَى وَطَنْ

مَهْدِ الْهِدَايَةِ وَالنُّبُوَّةِ وَالقِيَمْ

أَهْلاً وُفُودَ اللهِ يَدْفَعُهَا الزَّمَنْ

لِلكَعْبَةِ الغَرَّاءِ فِي أَرْضِ الْحَرَمْ

 

وله في مناسبة العيد عدَّة قصائد؛ إذْ لا يعدُّ العيدُ عيدًا خالدًا "حتَّى تقرَّ أعينُ العرب والمسلمين بِحُرِّياتهم واستقلال بلادهم من الغاصبين، ونُهوضهم بمستوى أوطانهم المهيضة"[62]، كما له في مناسبة الهِجرة النبويَّة قصيدة "مقاطع من عُرس الهجرة"، ومَطْلعها[63]:

يَا جَمَالاً مَا مِثْلُهُ مِنْ جَمَالِ
وَمَعَانٍ مَا مِثْلُهَا مِنْ مَعَانِي
جَلَّ هَذَا الْجَمَالُ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ
فَهْوَ نُورٌ يَسْخُو بِأَحْلَى الْمَجَانِي

 

ثانيًا - العروبة:

قد يَبدو أنَّ الجانب الإسلاميَّ في شعر "عبدالسلام هاشم حافظ" مُنبَتُّ الصِّلة عن آصِرَة العروبة، لكنَّهما أمران مُتلازِمان، لا نستطيع أن نَفصل بينهما في الشِّعر السعوديِّ عامَّة، وشعر "عبدالسلام هاشم" خاصَّة، وقد أشار بعضُ الدَّارسين إلى أنَّ "الجانبين يكادان يُشكِّلان معًا وجهَيْن لعملة واحدة"[64]، وقد درَجَ بعضُ الدارسين[65]للشِّعر السعودي المُعاصر على عدم الفصل بين الإسلام والعروبة، ويرَوْن أنَّ الفصل بينهما غيرُ مُبَرَّر، وأنَّهما أمران متلازِمان، وحُجَّتهم في ذلك "أنَّ البلاد السعوديَّة كلها أمَّة واحدةٌ مُسلِمة، ليس فيها أقَلِّيات غير مسلِمةٍ تستفيد من دعوة (العُروبة) المُجرَّدة من الدِّين، وهي بلاد القَدَاسة، وفيها الحَرَمان الشَّريفان، وقِبْلة المسلمين، وهي فطريَّة، لم تنبت بها التيَّارات الوافدة التي تجعل رجلَ الشارع يصطنع تضادًّا بين (الإسلاميَّة) و(العروبة)"[66].

 

وتتَّفِق هذه الدِّراسة مع عدم الفَصْل بين الإسلام والعروبة، وتضيف الدِّراسةُ إلى أنَّ الجانب الإسلامي متغلغِل في وجدان الشاعر المدنيِّ "عبدالسلام هاشم حافظ"، حتَّى في الأغراض الأخرى، كالغزَل - مثلاً - الذي يُضفِي الشاعِرُ عليه ألفاظًا تشعُّ روحانيَّة، وإيمانًا، وطُهرًا، وقداسة، وعِفَّة، في حوارٍ يَمنح خِطَابه الشعريَّ حيويَّة وفاعلية بينه وبين محبوبتِه التي وصفَتْه بشاعر بيت الله، يَهْوى الجَمال ويشدو بالحبِّ، فيجيب الشاعر بأنَّه قد فُطِر على الحبِّ، والنُّبل غايته، وأنَّ قلبه مصدر الفضيلة، وتغمر القداسة أشواقَه[67]:

قَالَتْ: أَشَاعِرُ بَيْتِ اللهِ فِي وَطَنِي
يَهْوَى جَمَالِي وَيَشْدُو الْحُبَّ هَيْمَانَا؟
فَقُلْتُ: يَا لَيْلَتِي أَلْحُبُّ فِطْرَتُنَا
وَالنُّبْلُ غَايَتُنَا.. وَالطُّهْرُ نَجْوَانَا
فِي القَلْبِ نَبْعٌ يُغَذِّيهِ الْجَلالُ هُدًى
فَيَسْكُبُ الْحُسْنَ فِي الأَحْشَاءِ سُلْوَانَا
رَمْزُ الفَضِيلَةِ أَنَّ الْحُبَّ مَنْبَعُهُ
قُدْسِيَّةٌ تَغْمُرُ الأَشْوَاقَ تَحْنَانَا

 

يَرى الشاعر ربَّه أمام عينيه في كلِّ موقفٍ من مواقف حياته؛ فهُو يحفظ الله في السرِّ والعلَن، ويخشاه في حبِّه، ويتَّقيه في بُغضه، ولا يغيب عن قلبه حتَّى في لحظات الوصل والحبِّ، فحُبُّه طاهر، مُبَرَّأ من الآثام والعيوب، فالله رقيبه وعِصمته من كلِّ زلل[68]:

وَاهًا لِحُبِّي أَيْنَ مِنِّي ذَلِكَ العَهْدُ الوَضِيءْ؟

أَيَّامَ كُنَّا نَلْتَقِي، وَاللهُ فِيمَا بَيْنَنَا

كَانَ الرَّقِيبَ وَعِصْمَتِي

فَنَخَافُهُ فِي الوَصْلِ نَأْخُذُ بِالْحَذَرْ

وَنُقَدِّسُ الإِسْمَ الَّذِي يَرْعَى الوَفَاءْ

 

مفهوم الوطن والجهاد عند الشاعر:

إنَّ الشاعر المدنيَّ "عبدالسلام هاشم حافظ" قد عُنِيَ في شِعره بـ (الوطن)؛ شريطةَ أن نَفهم (الوطن) بالمعنى الواسع، لا المعنى الجغرافيِّ ذي الدَّلالة المحدَّدة، وكان مبعَثُه في ذلك ينبجِسُ من المنبع الإيماني الأصيل، يُرشِدُنا إلى ذلك البِنْيةُ الدَّلالية في شِعره التي حدَّدَت هوية الوطن لدَيه، فالوطن الخاصُّ - المدينة أو مصر أو غيرها - قد اسْتُبْدِلَ به الوطنُ العامُّ، أو قُل: (القوميَّة) بالمعنى الأوسع لدلالة الكلمة؛ "فـ (القوميَّة) العربية المُبَرَّأة من عصَبِيَّة الجِنس، ولوثة العِرق، تَمْتاح من قِيَم الإسلام التي تحثُّ على التواصل والتَّضامن، والَّتي تنبذ التَّقوقع والانكفاء على الذَّات"[69].

 

وكما تحدَّد مفهوم الشاعر للوطن، يحدِّد مفهومه للجهاد، وكلاهما ينبَجِسان من الجانب الإسلاميِّ في شِعره؛ فالجهاد كان أمرًا طبيعيًّا يَفرِضُه الدِّين عندما تتعرَّض الأُمَّة الإسلاميَّة لِظُلمٍ يحيق بها، ويهدِّد أمْنَها واستقرارَها؛ فقد كانت الأُمَّة العربية تُعاني صراعًا ضدَّ المستعمِرين الذين نهَبوا ثروات البلاد؛ في الجزائر، وفي تونس، وفي فلسطين، وفي غيرها، ومِن ثَمَّ فرَض الجهاد نفسه، وكان الشاعر يرى أنَّ على الشعب أن يثور ثورةً حمراء؛ ولذا وجَّه صواريخَه إلى الاستعمار متسلِّحًا بجهاد الشُّرفاء من الشُّعوب المُناضِلة، فقال[70]:

يَا شَعْبُ يَا لَهَبَ الْحَيَاةِ وَعُنْفَهَا
وَمَثَارَ بُرْكَانِ التَّحَرُّرِ وَالقَسَمْ
يَا شَعْبُ أَنْتَ ضِرَامُ يَقْظَتِنَا هُنَا
وَجِهَادُ مَمْلَكَةِ السَّمَاءِ مَعَ الْهِمَمْ

 

وعندما تكون دعوتُه للجهاد دفاعًا عن المقدَّسات والحقوقِ التي سُلِبَت، يكون صَداه أكثر عمقًا؛ لأنَّه يقرن الجهاد دائمًا بالدِّين، "ومِن هنا ارتبَط شِعر المقاومة ضدَّ الاستعمار بمفهوم الجهاد الإسلاميِّ لإعلاء كلمة الله؛ على الرَّغم من كون بلادِنا قد نجَتْ من أرزاء الاستِعمار؛ ولكن الشَّاعر السعودي يمتزج حِسُّه بحسِّ أخيه المسلم، وتَلتقي مشاعِرُه بمشاعره، فيتجاوز حدود الإقليميَّة"[71]، فيقول في قصيدة "صوت الحريَّة"[72]:

أَخِي فِي الدِّيَانَةِ فِي الْمَشْرِقَيْنِ
أَخِي هَاتِ لِي يَدَكَ الوَاعِيَهْ
نَثُورُ وَنَحْمِي حِمَى القِبْلَتَيْنِ
وَنُشْعِلُهَا ثَوْرَةً عَاتِيَهْ

 

ولكي يحفِّز المُجاهدين على الثَّورة ضد الظُّلم، كان ضروريًّا استعراضُ وتصوير مآسي المعذَّبين تحت نير الظُّلم والهوان، مُظهِرًا الشَّفقة على المُصابين، حانيًا على الضُّعفاء، ومقاسمًا المتألِّمين آلامَهم، فقال عن هؤلاء المعذَّبين في قصيدة "أرض العبيد"[73]:

شُرِّدُوا فِي الصِّبَا عَنْ حُقُوقٍ لَهُمْ
مِنْ حُظُوظِ الوَرَى وَابْتِسَامِ الغُيُومْ
وَالْمَعِيشَاتُ غَامَتْ عَلَى فَجْرِهِمْ
ثُمَّ طَافَتْ بِأَيَّامِهِمْ لِلغُمُومْ
أُشْرِبُوا الذُّلَّ مِنْ نَبْعِهِ وَاسْتَكَا
نُوا لِظُلْمٍ وَضَيْمٍ كَنَبْتِ الوُجُومْ

 

وقد تجلَّت مظاهر شِعر العروبة عند شاعرِنا في عدَّة دعائم رئيسةٍ، منها: آلامٌ مِن فظائع الاستعمار، والوجدان المشترَك، والتاريخ المشترك، باعتبار "أن للوِجدانات آثارًا عظيمة في حياة الإنسان، وسيطرةً قويَّة على سلوك الأفراد والجماعات"[74]، وعلى ذلك نرى الشاعر يئِنُّ لجراح المعذَّبين المُشرَّدين؛ فـ "الدَّاء غشَّى أفقه، ومحَا الأمل"، وبات الحزنُ قرينَ أبطالِنا الصَّامدين في خيام اللاَّجئين على مَشارف بيت المَقْدِس، فيُهديهم هذه الأنَّة؛ فقال راثيًا حالَهم وما آل إليه في قصيدة "الجبار الصغير"[75]:

وَعُيُونُهُمْ تَشْكُو الذُّبَابَ إِلَى الضَّبَابْ

وَتَرَى أَمَانِيَهُمْ سَرَابْ

وَأَظَافِرُ الأَيَّامِ تَنْهَشُ فِي الْجُسُومِ الوَانِيَهْ

مِزَقٌ تُغَطِّيهَا مُلَوَّثةُ الْخُيُوطْ

بِالقَارِ وَالعَرَقِ الْمُجَيَّفِ فِيهِ وَالطِّينِ الْحَقِيرْ

وَالرِّيحُ تَصْفَعُهَا.. وَيَلْثِمُهَا الظَّلامْ

مَأْسَاةُ مُجْتَمَعٍ يَعِيشُ بِبُؤْسِهِ وَهَوَانِهِ

وَيُعانِقُ الأَوْحَالَ فِي ذُلِّ الْجِبَاهْ

لِيَعِيشَ قَادَتُهُ بِنَعْمَاءِ الْحَيَاهْ

القَادِمُونَ مِنَ الفِجَاجِ مِنَ البِحَارْ

يَا لِلحَقَارةِ.. وَالسِّيَادَةُ لِلبُغَاهْ

لِأُولَئِكَ الْمُتَآمِرِينَ عَلَى الشُّعُوبْ

وَعَلَى العُرُوبَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالسَّلامْ

 

ولقد برع "عبدالسلام هاشم حافظ" في تصوير مشاعره، جامعًا بين الصِّدق الواقعي والصدق الفنِّي في شعره المنتمي إلى هذا الغرَض، ولْنُنحِّ النَّبْرة الخطابيَّة، واللُّغة التقريريَّة التي قد تكون هدفًا منشودًا في ذلك الشِّعر؛ لأنَّ الشاعر يُعالِج قضية تَمسُّ وجدان جميع طوائف الأمَّة، على غرار ما كتب "علي محمود طه"، و"محمود حسن إسماعيل"، وغيرُهما ممن عبَّروا عن قضايا أمَّتِهم بلغةٍ واضحة، ونَبْرة خِطابية؛ فالشَّاعر يمتلك أدواتٍ فنِّيةً معبِّرة، تتآزر معًا من أجل إنتاج الدَّلالة؛ ففي الأبيات السَّابقة نرى صورةً كُليَّة معبِّرة بوضوحٍ عن أبناء فلسطين الصَّامدين، وهم في خيام اللاَّجئين على مَشارف بيت المَقدس، الذين عانَوا ويلات الاستعمار، فعيونهم تشكو الذُّباب، وأمانيهم قد غدَت سرابًا ومتاهةً، ومن خلال الصُّور الجزئية البسيطة من تشخيص العُيون التي تشكو، والأيَّامِ التي غدَتْ وحوشًا ضارية، والرِّيح التي تلثم الظَّلام، صوَّرَ مأساة مجتمعٍ يَعيش في بؤسٍ وهوان، وتتَفتَّقُ قدرة الشاعرِ الفنيَّةُ في استخدام الأفعال المضارعة (تشكو - ترى - تنهش - تغطِّي - يمرح - تَصْفع - يلثم - يعيش - يُعانق - ..)، والابتعادِ عن استخدام الأفعال الماضية؛ لتدلَّ على استمرار الحدث، وشدَّة هول المأساة، وينتقل الشاعرُ من ضميرٍ إلى آخر (من الغائب إلى المخاطَب فيما يُسمَّى بالالتفات)؛ لِجَذب الانتباه، والتَّركيز على الحدث، ومن جهةٍ أخرى؛ فإنَّ امتِطاء بحر الكامل، واستخدامَ القوافي المقيَّدة يجعلك تشعر بالانتِهاء، والإحساس الصادق بالتَّلاشي والفناء (ضبابْ - سرابْ - ظلامْ - حياهْ)، وتتفق مع ذلك أيضًا موسيقى الهمس النَّابعة من فعل الشِّكاية والوجيب والأنين.

 

وأحيانًا يترسَّل الشاعر في تصوير آصرة الأخوَّة في الله التي تنتَظِم في نسيج هذه الأمة في (وطن) واحد، لا فرق بين بلدٍ وآخر، فالكلُّ سواء؛ حتَّى بلاد الأندلس؛ فإنَّ آصرة الدين تجمعه به على اعتبار الزَّمن الماضي الذي كانت الأندلسُ فيه أخْتَ الحجاز، وتُضاهيها السَّناءَ والبَهاء؛ فيقول في قصيدة "دفقاتُ حبٍّ إلى الأندلس"[76]:

وَلَنَا زَمَانٌ شَامِخٌ وَمَعَابِدٌ
تَرْجُو الْمَعَادَ لِتَحْضِنَ الغَدَ وَالسَّنَاءْ
وَلَئِنْ تَغَايَرَ مَا مَضَى.. وَمَعَابِدٌ
فَلَسَوْفَ يَجْمَعُنَا التَّآخِي وَالضِّيَاءْ

 

ويقول في قصيدة "الحُبِّ والحرب"، ذاكرًا بلدان الأمَّة العربية، وفي كلِّ قُطْر آهةٌ وشكوى من جرَّاء الاستعمار وويلاته، وكأنَّ الوطن الصغير قد تلاشى وذاب في نسيج الوطن الكبير، الذي تجمعه آصِرَة الدِّين والعروبة؛ فيقول[77]:

يَا قَوْمُ فِي تُونُسَ الأَشْرَارُ قَدْ عَبِثُوا
وَفِي الْجَزَائِرِ سَامُوا الشَّعْبَ عُدْوَانَا
وَفِي فِلَسْطِينَ لاَ زَالَتْ جَوَارِحُنَا
تَدْمَى لِتَارِيخِنَا الْمَثْلُومِ أَزْمَانَا
حَتَّامَ تَبْقَى بِبَيْتِ الأُسْدِ شِرْذِمَةٌ
تُهَدِّدُ الشَّرْقَ وَالإِسْلامَ إِعْلانَا؟
لاَ سِلْمَ لاَ صَمْتَ بَعْدَ اليَوْمِ فِي دَعَةٍ
حَتَّى نَرَى الشَّرْقَ بِالآمَالِ جَذْلاَنَا
دُنْيَا العُرُوبَةِ تْحَيَا حُرَّةً أَبَدًا
حَتَّى نَرَى قَوْمَهَا فِي الْحَقِّ أَعْوَانَا

 

ومن المُنطلَق الدِّيني ذاته، نَلحظ رؤية استشرافيَّة تعمُّ الكون كله، وأُمنية مبعَثُها إيمانه الخالص بأن يعمَّ الخيرُ والسلام كلَّ بلدان العالَم، وبكل أفق يُزْهِر الأمل الكبير، تتَعايش الأقوامُ بسلام، ومن المحبَّة تستنير - على حدِّ قوله:

وَمَرَابِعُ الأَحْلامِ عجَّتْ بِالسَّنَا
لِتُلَوِّنَ الدُّنْيَا حَيَاةً فِي ازْدِهَاءْ
فِي عَالَمٍ زَاهٍ مِثَالِيِّ الرُّؤَى
يَتَعَانَقُ الإِخْوَانُ فِيهِ عَلَى صَفَاءْ[78]

 

أبَى شاعِرُنا أن يعزل العروبة عن الإسلام، وقرَنَ العروبة بالإسلام دائمًا، وجعل حماية العروبة واجبًا دينيًّا، وجلاء الأعداء عن الشَّرق من صميم وجدان المُسلم الذي يأبى الذُّل والهوان بِطَبعه؛ لأنَّ فكرة القوميَّة العربية كانت مختلطةً بالمفهوم الدِّيني غير مفصولة عنه؛ وهو إذْ يعبِّر عن ذلك فهو يَنطلق من "الوجدان المشترَك"، ولقد صوَّر شاعِرُنا المُشاركة الوجدانيَّة في عدة صور، منها فرحة المسلمين بقدوم العيد، وما يبعثُه في النَّفس من ابتهاجٍ وحُبور، والعيد يَجتمع فيه المسلمون من شتَّى بقاع الأراضي التي تؤمن بالله، لكن شاعرنا يؤجِّل الفرحة بالعيد حتَّى يتحرَّر الوطن من قيد الاستعمار، فقال:

يَا عِيدُ إِنَّ الفَرْحَةَ الكُبْرَى بِتَحْرِيرِ الوَطَنْ

عِشْنَا عُهُودًا مُظْلِمَاتٍ بِالإِحَنْ

الفِكْرُ وَالوِجْدَانُ فِي ذُلِّ القُيُودْ

وَالْجَبْهَةُ العَجْفَاءُ تَلْثمُ مَوْطِئَ البَاغِي العَنِيدْ[79]

 

وهو في صورةٍ أخرى يَنطلق من الدِّين والعروبة معًا؛ بِوصفهما قاعدةً ثابتة، يجدر له الانتماء إلى أيِّ قُطر من خلال هذين العاملين، وباسْم العروبة والدِّين يجأر الوطن مناديًا أبناءه - وهو منهم - أنْ حرِّروني من الأعداء الطامعين، واحْمُوا العروبة، وذودوا عن الدِّين ما لحق به، فقال[80]:

بَنِي وَطَنِي قَدْ دَعَانَا الوَطَنْ
نُحَرِّرُهُ مِنْ قُيُودِ الزَّمَنْ
وَنَحْمِي العُرُوبَةَ كَيْدَ الغُزَاةِ
وَنَقْطَعُ دَابِرَ كُلِّ الفِتَنْ
نُسُورَ الْحِمَى يَا بُنَاةَ الْخُلُودْ
نَذُودُ عَنِ الدِّينِ أَعْدَاءَهُ
وَنُجْلِي عَنِ الشَّرْقِ عَارَ الإِسَارْ
وَنَصْفَعُ وَجْهَ العِدَا وَالشَّقَاءِ
فَعَهْدُ الْمَهَانَةِ وَلَّى وَغَارْ

وقد كان الشاعر ممن تبنَّوا قضايا أمَّتِهم، وكان لِسانَ حالِها المعبِّرَ عن مِحَنِها وآلامها وتطلُّعاتِها؛ فالشُّعوب العربيَّة هي شعوب الهُدى والرَّشاد؛ لأنَّها تتمسَّك بالإسلام ومبادئه السَّمحة التي وحَّدَت هذه الشُّعوب، وجعلَتْ من وحدتها قوَّة تَسمو على العالَمين، والشُّعوب العربية خالدةٌ باقية ما دام الدِّين[81]:

نَعِيشُ وَنَسْمُو عَلَى العَالَمِينَ
بِوَحْدَةِ شَعْبٍ مَتِينِ القُوَى
عُرُوبَتُنَا يَزْدَهِيهَا الْخُلُودُ
وَتَارِيخُنَا يَسْتَثِيرُ العِبَادْ
فَنَحْنُ شُعُوبُ الْهُدَى وَالرَّشَادْ

 

ويختم قصيدته بقوله:

فَنَحْنُ شُعُوبُ الْهُدَى وَالرَّشَادْ

شُعُوبُ العُرُوبَةِ رَمْزُ الوِدَادْ

 

وفي وضوح تامٍّ يَجمع الشاعر - صراحةً - بين العروبة والإسلام؛ فالبلاد العربيَّة مَهْد الطُّهر، ومَهْبط الوحي، وأرض الأنبياء؛ لذا فالعُروبة مرتبطةٌ بالإسلام، هكذا يَقْرن الشَّاعرُ العروبةَ بالإسلام دائمًا، فيقول في قصيدة "نكبة فلسطين"[82]:

وَطَنِي أَيَا أُنْشُودَةَ الأَوْفِيَاءْ
وَشُعْلَةً تَذْكُو بِنُورِ السَّمَاءْ
غَنَّاكَ عِيسَى فِي جَلالِ التُّقَى
وَشَهِدْتَ دُنْيَا الطُّهْرِ بِالأَنْبِيَاءْ
وَأَشَعْتَ أَنْوَارَ الْمَحَبَّةِ لِلعِبَادْ

 

شهد "عبدالسلام هاشم حافظ" أحداثًا جسامًا مرَّت على الأمة العربيَّة خلال النصف الثاني من القرن المنصرِم؛ ففي مصر، أخذ المصريُّون "يستعدُّون لكفاح الإنجليز في (القَنال)، ويُعِدُّون له عُدَّته من تلقاء أنفسهم، وتجلَّت بطولة الفدائيِّين في مُهاجمَة المعسكَرات والمَخافر والمُنشآت البريطانيَّة في منطقة (القنال)، مما تردَّد صداه في صحف العالَم، وكان من أقوى الدعايات لمصر ضدَّ الاحتلال البريطاني"[83]، وقامت ثورة يوليو سنة 1952م بعد أن ساءَتْ أحوالُ البلاد، وأصبح من الضروريِّ تغييرُها، وكان التغيير على يد عددٍ من ضُبَّاط الجيش (الضُّباط الأحرار)، وكان على الثورة بعد ذلك مواجهةُ الاستعمار الذي اضْطُرَّ إلى توقيع اتفاقيَّة الجلاء في أكتوبر سنة 1954م، وخرج آخِرُ جنديٍّ بريطاني من مصر، وأُعلِنت الجمهورية العربية المتَّحِدة في أول فبراير سنة 1958م، وانتُخِب الرئيس "جمال عبدالناصر" رئيسًا لها"[84].

 

واحتلَّت فرنسا تونُسَ سنة 1881م، ثم قامت الثَّورة العراقيَّة في 14 يوليو 1958م بقيادة الجيش والأحرار، وأنهَت الحُكم الملَكي، وأعلنت الجمهورية، ولقد قام الجيش في السُّودان بثورةٍ سلميَّة في نوفمبر 1958م بقيادة الفريق "إبراهيم عبود" القائد العامِّ للجيش السوداني، وتم تشكيل مجلسٍ أعلى للقيادة يتولَّى سُلطة الحكمَ في السودان.

 

وفي الجزائر ازداد روح الحماس الوطني، وواصل المجاهدون الجزائريُّون كفاحهم من أجل تحرير بلادهم، ولقد كانت هذه الانتصارات المُتتالية أكبرَ مشجِّع على الاستمرار في الكفاح والجهاد"[85].

 

"وقد اصطَلى العربُ بنار الاستِعمار، ثم اكتَوَوا بخطر الصِّهْيونية، فتَعالى هتافُهم بالقوميَّة، ودوَّى صوتهم بالوحدة؛ إذْ أيقَنوا أنَّ وحدتَهم حِصنٌ لهم يَدرأ عنهم المخاطر والحُتوف"[86].

 

كما شهد شاعِرُنا هزيمةَ 1967م، وما تَبِعَها من أحداث أثَّرَت في وجدان الأمَّة العربية كلِّها، وقد أحدثَتْ هذه الهزيمة زلزالاً قويًّا في نفسيَّة الشُّعوب العربية كافَّة، وشاعرِنا خاصة، ووجَدْنا الشاعر يهبُّ في وجه الظلم، رافضًا لما أسماه بـ (المأساة) "ذكرى نكسة 5 يونيو 1967م"، ومعلنًا عن رغبةٍ أكيدة في تحويل (المأساة) إلى نورٍ يعمُّ أرجاء البلاد؛ فيقول في قصيدة "رفض الهزيمة"[87]:

لاَ.. لَنْ أَهُونَ وَمُقْلَتَايَ تُحَدِّقُ
قَلْبِي يُنَازِعُهُ الصَّبَاحُ الشَّيِّقُ
لِيُحَطِّمَ القَيْدَ العَتِيَّ وَيَرْتَقِي
لِيُحَوِّلَ الْمَأسَاةَ نُورًا يَدْفُقُ
وَيُبَدِّدُ الظُّلُمَاتِ فَجْرٌ رَيِّقُ

 

ويقرن الشَّاعر انتصارَ الأمَّة العربية، ممثَّلةً في مصر، في السَّادس من أكتوبر سنة 1973م على إسرائيل المغتصِبة الباغية، بغزوة بَدْر، ويسمِّيها "بَدْر الجديدة"، ويتغنَّى الشاعر بهذا الانتِصار من مُنطلَق انتصار العرب على صِهْيَون؛ فيقول[88]:

يَا بَهْجَةَ العِيدِ.. قَبْلَ العِيدِ إِنْبَثَقَتْ
شَمْسُ انْطِلاَقَتِنَا تَفْرِي أَعَادِينَا
ثُرْنَا عَلَى الظُّلْمِ.. وَالرَّحْمَنُ أيَّدَنَا
نَحْمِي العُرُوبَةَ مِنْ أَشْرَارِهَا فِينَا
حَتَّى طَرَدْنَا دَخِيلَ الغَدْرِ، وَانْطَلَقَتْ
آمَالُ أُمَّتِنَا تَجْنِي الرَّيَاحِينَا

 

ولَم ينسَ الشاعر "القضيَّة الفلسطينيَّة" في شعره أبدًا؛ بل ظلَّتْ هذه القضية شغلَه الشاغل، فلا يخلو ديوانٌ، أو قصيدة وطنيَّة من التَّذكير بها، والتنديد بإسرائيل ووَصْفِها بالمغتصِب المحتلِّ الغادر، نَلمس هذا في كثيرٍ من شعره، ولا سيَّما إذا وجَّه خطابه الشِّعري إلى القادة أو المُلوك أو الرُّؤساء، ولم يَفُته أن يُذَكِّرَ - في غمرة انتصار العرب في حرب أكتوبر - بحتميَّة زوال (إسرائيل).

دُقِّي طُبُولَ النَّهْضَةِ الكُبْرَى
يَسْتَيْقِظِ الوَعْيُ الْجَرِيءُ عَلَى الصَّدَى
دُقِّي نُرِيدُ الثَّوْرَةَ الْحَمْرَا
لِتَزُولَ (إِسْرَائِيلُ) عَنْ كُلِّ الْمَدَى

 

وإلى جانب ثنائيَّة الإسلام/ العروبة، نجد ثنائية العروبة/ الثورة، في شِعر "عبدالسلام هاشم حافظ"، فالشُّعوب العربيَّة عاشَت حقبةً عصيبة، دنَّس الاستعمارُ أراضِيَها، وعانَتْ كثيرًا تحت وطأته، تُجاهد وتكافح الاستعمارَ في مصر، وفي فلسطين، وفي الجزائر، وفي لبنان، وقد شارك الشاعرُ الأحداثَ الجارية بشِعره، وصبَّ جامات النِّيران على الأعداء، وتغنَّى بحرية الشعوب، وثار على الأوضاع الجائرة في بعض البلدان العربيَّة، فقال[89]:

يَا أَرْضُ ثُورِي وَاصْخَبِي وَتَزَلْزَلِي
فَاللهُ لاَ تُرْضِيهِ غَاشِيَةُ الظُّلَمْ
ضِجِّي بِأَحْقَادِ القُرُونِ وَوَلْوِلِي
وَتَنَفَّسِي بِالعَاصِفَاتِ مِنَ النِّقَمْ
حَتَّى يَظَلَّ الكَوْنُ يَنْفُثُ بِالْحُمَمْ
لَمْ يَبْقَ بَعْدَ اليَوْمِ إِلاَّ ثَوْرَةٌ
لِلدِّينِ تَتْلُو ثَوْرَةَ الْحَقِّ العَظِيمْ
لِحُقُوقِ حُرِّيَّاتِنَا وَدِيَارِنَا
وَقَدَاسَةِ الإِيمَانِ بِالأَرْضِ الرَّؤُومْ
أَرْضٌ رَضَعْنَاهَا غَرَامًا بِالْحُلُومْ

 

وثورة الشُّعوب ضدَّ الاستعمار يجب أن تتَماسك فيها وحدةُ الشعب بشتَّى طوائفه المسلمة والمسيحيَّة؛ من أجل الحُرِّية التي ينشدها الشَّعب، ويدعو الشاعِرُ إلى توحُّد الصفوف ضد الاستعمار، فيُنادي أرض عيسى، وأخاه في المشرقين؛ لِيَثوروا على الاستعمار، ويَنْعموا بحرِّية أفضل، فيقول[90]:

أَيَا أَرْضَ عِيسَى عَلَيْكِ السَّلامُ
إِذَا طَالَ نَوْمُهُمُ وَاسْتَهَانُوا
بِقُدْسِ الْحُقُوقِ وَرَامُوا السَّلامَ
وَيَا وَيْلَهُمْ إِنْ شَكَوْا وَاسْتَكَانُوا
أَخِي فِي الدِّيَانَةِ فِي الْمَشْرِقَيْنِ
أَخِي هَاتِ لِي يَدَكَ الوَاعِيَهْ
نَثُورُ وَنَحْمِي حِمَى القِبْلَتَيْنِ
وَنُشْعِلُهَا ثَوْرَةً عَاتِيَهْ

 

ويُساند الشَّاعرُ الجزائرَ في ثورتها ضد الظُّلم في قصيدة "الجزائر الثائرة"[91]، ومصر التي تغنَّى بأمجادها وحضارتها في كثيرٍ من قصائده، منها، قصيدة "مصر في عهدها الجديد"[92]، و"بورسعيد الباسلة"[93]، وفلسطين في قصائدَ عديدةٍ منها "نكبة فلسطين"[94].

 

ومع أنَّ الله وهب بلادَ الحجاز مَنعةً وحصانةً من تدخُّل المستعمِر في شؤونه، وتجنُّب ويلات الذُّل والاستهانة التي يَفرضها الاستعمارُ على شعوبه، ونشر المفاسد لاستِنْزاف خيرات البلاد، مع ذلك، نجد الشَّاعر يتألَّم كما تألَّم أخوه المسلمُ العربي، وكأنَّ الشاعر هو الذي أُهين، وكأنَّ بلاده هي التي استُبِيحت؛ من منطلَقِ مفهومه للوطنيَّة التي هي "... روحٌ تتمثَّل في حبِّ الوطن والافتتان به، والفناء فيه، والعمل له، والذَّود عنه، والحفاظ عليه، تَسْري في النُّفوس فتحبِّب إليها البذل والفداء والتَّضحية والإيثار، وترتفع بها إلى مصافِّ الأبرياء، ومراتب الأبطال، حتى يُجنَّب الوطَنُ الضُّرَّ، ولا يحيق به الشَّر، فتسترخص الدم الزَّكي يَروي ثراه الحبيب، وتستعذب الشَّهادة قريرة العين في غير منٍّ ولا خيلاء"[95]، وهو في سبيل ذلك يُهاجم المستعمِرَ، ويوقظ الشَّعب ويُبصِّره بوجوده؛ لكي يهبَّ من سُباته على ثورةٍ تطهِّر البلاد وتَطْرد المُحتلَّ.



[1] "وقد استمرت هذه المدرسة خيرية وتحت إشرافهما ورعاية آل حافظ حتى عام 1380هـ تقريبًا؛ حيث ضُمَّت إلى وزارة المعارف"، واسم هذه المدرسة: مدرسة الصحراء الأهلية في المسيجيد، وهي أول مدرسة أُسِّست في الحجاز خارج أسوار المدن؛ "موسوعة الأدباء والكتَّاب السعوديين خلال ستين عامًا": أحمد سعيد بن سلم، ص 197، ص 199.

[2] "الأدب الحجازي بين التقليد والتجديد"؛ د. إبراهيم بن فوزان الفوزان، الجزء الثاني، ص 476.

[3] "المدينة المنورة في التاريخ، دراسة شاملة"؛ عبدالسلام هاشم حافظ، ص 177.

[4] "الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد"، د. إبراهيم فوزان الفوزان، ج2 ص 540.

[5] د. ماهر حسن فهمي: "شوقي، شعره الإسلامي"، دار المعارف، ط2، ص 16.

[6] د. أحمد الحوفي، "الإسلام في شعر شوقي"، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة التعريف بالإسلام، 1972، ص 3.

[7] د. محمد سعد حسين، "الأدب الإسلامي بين الواقع والتنظير"، دار عبدالعزيز آل حسين بالرياض، الطبعة الأولى 1412هـ، ص: 39.

[8] د. عبدالله التطاوي، "حركة الشعر في ظلال المؤثرات الإسلامية"، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، سنة 1998م، ص 6.

[9] "الإمام ابن تيميَّة"، تحقيق عبدالسلام هاشم حافظ، شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي وأولاده بالقاهرة، سنة 1969م، ص 5.

[10] قصيدة "صلوات الألم والأمل" من ديوان "الفجر الراقص"، ص 21.

[11] من قصيدة "صلوات الألم والأمل"، من ديوان "الفجر الراقص" ص 21.

[12] ب. ر. ملك: "نظرية الأدب"، ترجمة د. شعبان محمد مرسي، دار الهانئ، سنة 2000م، ص: 87.

[13] المصدر السابق، نفس الصفحة.

[14] قصيدة "ترانيم العودة" من ديوان "ترانيم الصباح" ص 15.

[15] من قصيدة "من المدينة المنورة.. إلى القدس" من ديوان "أغنيات الدم والسلام"، ص 59.

[16] ديوان "أنوار ذهبية" ص 59.

[17] "أنوار ذهبية"، ص 59.

[18] "إشكالية المكان في النص الأدبي، دراسات نقدية"، ياسين النصير، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط1، 1986، ص 5.

[19] يوري لوتمان: "مشكلة المكان الفني"، ترجمة: سيزا قاسم، ضمن كتاب جماليات المكان: مجموعة من المؤلفين: الدار البيضاء، المغرب، 1996م، ص 618.

[20] "الفجر الراقص" ص 592

[21] ديوان "أنوار ذهبية" ص 33.

[22] من ديوان "عبير الشرق" ص 12.

[23] السابق نفسه.

[24] قصيدة "صلوات الألم والأمل" من ديوان "الفجر الراقص" الأعمال الشعرية الكاملة، ص 517.

[25] قصيدة "صلوات الألم والأمل" من ديوان "الفجر الراقص" ص 571.

[26] قصيدة "نهج البردة" أحمد شوقي، الشوقيات، ج1، دار العودة، بيروت، ص 190.

[27] السابق، نفس الصفحة.

[28] قصيدة "أهدي السلام إلى الهادي" من ديوان "أضواء ونغم" الأعمال الشعرية الكاملة، ج1، ص 350.

[29] "صوت الإسلام في الشعر العربي المعاصر في مصر"، د. القطب يوسف زيد، الطبعة الأولى سنة 1996م (بدون ذكر دار نشر أو طباعة)، ص: 68.

[30] ديوان "عبير الشرق" ص 28.

[31] السابق نفسه.

[32] ابن قتيبة الدينوري: "الشعر والشعراء" تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، ج 1، دار الحديث القاهرة، الطبعة الأولى 1996م ص 80.

[33] "ديوان وحي وقلب وألحان"، ص 131.

[34] من قصيدة "يا رحمة الله" ديوان "وحي وقلب وألحان"، ص 141

[35] "وحي وقلب وألحان"، ص 107.

[36] من قصيدة "أهدي السلام إلى الهادي" من ديوان "أضواء ونغم" ص 350.

[37] صخور العذاب "أوبرا شعرية" من ديوان "وحي وقلب وألحان" ص 145.

[38] "مرض القلب".

[39] السابق نفسه ص 151.

[40] د. عبدالقادر القط: مقدمة كتاب: "مصطفى صادق الرافعي"، الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان 1994م ص 2.

[41] قصيدة "عودي يا حواء" من ديوان "الفجر الراقص" ص 578.

[42] "جريمة تحرير المرأة"، مقال للشاعر نشر بصحيفة (المدينة المنورة) في 29ربيع الأول سنة 1379هـ.

[43] قصيدة "لا يا فتاة الشرق" من ديوان "الفجر الراقص" ص 580.

[44] سلطان سعد القحطاني: "التوظيف الشعري"، دراسة بمجلة علامات في النقد، النادي الأدبي الثقافي بجدة، المجلد الثالث عشر، الجزء 52 ربيع الآخر 1425هـ = 2004م، ص 585.

[45] "الغيرة المدمرة لحياة الأسرة"، مقال للشاعر نشر بمجلة (الأضواء) في 17جمادى الآخر سنة 1372هـ.

[46] السابق نفسه، ونفس الصفحة.

[47] د. حامد طاهر: "الأدب الإسلامي آفاق ونماذج"، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة. 2000م ص 12.

[48] قصيدة "فلسفة الحب والألم" من ديوان "مذبح الأشواق" ص 61.

[49] قصيدة "تمثال امرأة" من ديوان "الفجر الراقص" طبعة القاهرة، ط2، دار الفكر العربي، ص 140

[50] قصيدة "أمجاد السماء" من ديوان "أنوار ذهبية" ص 59.

[51] السابق نفسه، نفس الصفحة.

[52] من قصيدة "رسالة إلى قومي" من ديوان "أغنيات الدم والسلام" ص 55.

[53] السابق نفسه.

[54] قصيدة "مؤتمر القمة العربي الأول" من ديوان "ترانيم الصباح" ص 23.

[55] قصيدة "أمجاد السماء" من ديوان "أنوار ذهبية" ص 59.

[56] د. طلعت صبح السيد: "التيارات الفنية في الشعر السعودي الحديث"، دار عبدالعزيز آل حسين للنشر والتوزيع، ط1، 1420هـ / 1999م، ص: 419.

[57] د. شلتاغ عبود شراد، "أثر القرآن في الشعر العربي الحديث"، دار المعرفة، دمشق، ط1، 1987م، ص 19.

[58] قصيدة "إلى الصلاة" من ديوان "وحي وقلب وألحان" ص 208.

[59] هكذا وردت في الديوان، وهذا خطأ نَحْوي، والصواب: قم نصلِّ، ومثلها: قم نؤدِّ.

[60] "الأربعون"، ص 106.

[61] من ديوان "أنوار ذهبية" ص 73.

[62] عبدالقدوس الأنصاري، مجلة المنهل، عدد المحرم سنة 1957م المحرم سنة 1377هـ ص: 60.

[63] مجلة المنهل، العدد 489 المجلد 53، المحرم سنة 1412هـ / أغسطس سنة 1991م، ص 9.

[64] انظر: "الفقي شاعرًا"، مؤسسة يماني الثقافية الخيرية جائزة الشاعر محمد حسن فقي ص 88، ص 193، دراستان بعنوان: "الإسلام والعروبة في شعر محمد حسن فقي" للدكتور: أحمد درويش، والدكتور: محمد خضر عريف، والمُقتبَسُ للدكتور: أحمد درويش.

[65] د. عبدالله الحامد في كتابه: "الشعر الحديث في المملكة العربية السعودية"، بكري شيخ أمين في كتابه: "الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية"، د.محمد العيد الخطراوي في كتابه: "شعراء من أرض عبقر".

[66] "الشعر الحديث في المملكة العربية السعودية"، د. عبدالله الحامد، ص 233.

[67] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج2، قصيدة: الحب والحرب ص 280

[68] "مذبح الأشواق"، النشيد الثاني، الأعمال الشعرية الكاملة ج1، ص 92.

[69] "القصيدة المغربية في ديوان الشعر السعودي"، حسن الوراكلي، علامات في النقد، (ملتقى النص) 4، المجلد الثالث عشر الجزء 52، النادي الأدبي الثقافي بجدة. سنة 1425هـ، ص 10.

[70] ديوان "صواريخ ضد الظلم والاستعمار" الأعمال الشعرية الكاملة، ج1 ص 191.

[71] "النَّزعة الإسلامية في الشعر السعودي المعاصر"، د. حسن بن فهد حسن الهويمل، الرياض، إصدارات المهرجان الوطني للتراث والثقافة؛ 89 سنة 1992م، ص 534.

[72] من ديوان "صواريخ ضد الظلم والاستعمار" الأعمال الشعرية الكاملة، ج1ص 204.

[73] من ديوان "صواريخ ضد الظلم والاستعمار" الأعمال الشعرية الكاملة، ج1ص 213.

[74] "العروبة في شعر شوقي"، دراسة ضمن كتاب: "أضواء على الأدب الحديث"، د. أحمد الحوفي، دار المعارف، ص 12.

[75] من ديوان "وحي وقلب وألحان" ص 111.

[76] من ديوان "الأربعون" ص 17.

[77] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج 2 قصيدة الحب والحرب ص 280.

[78] قصيدة "دفقات حب إلى الأندلس" من ديوان "الأربعون" ص 17.

[79] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج1، ص 265.

[80] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج2 قصيدة نداء الجهاد ص 274

[81] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج 2 قصيدة صرخة البعث ص 277

[82] "الأعمال الشعرية الكاملة"، ج2 قصيدة نكبة فلسطين ص 235.

[83] عبدالرحمن الرافعي، "مقدمات ثورة 23 يوليو 1952"، ط2، مكتبة النهضة المصرية، 1964م، ص 20.

[84] بتصرف: د. جلال يحيى، "أصول ثورة يوليو 23 يوليو 1952"، ط2، دار مطابع الشعب، 1965م، ص 203.

[85] د. عز الدين إسماعيل، "الشعر في إطار العصر الثوري"، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966م، ص 80.

[86] د. أحمد محمد الحوفي: "أضواء على الأدب الحديث"، دار المعارف، الطبعة الأولى 1981م، ص 35.

[87] من ديوان "عبير الشرق" ص 9.

[88] من قصيدة "بَدْر الجديدة" من ديوان "عبير الشرق" ص 55.

[89] "الأعمال الشعرية الكاملة" ج2 ديوان صواريخ ضد الظلم والاستعمار ص 187.

[90] السابق نفسه ص 204.

[91] ديوان "صواريخ"، الأعمال الشعرية الكاملة ج2 ص 220.

[92] السابق ص 224.

[93] السابق ص 230.

[94] السابق ص 235.

[95] د. عمر الدسوقي: "دراسات أدبية"، الطبعة الثانية، دار نهضة مصر، ص 123.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام (بني الإسلام على خمس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح لامية شيخ الإسلام من كلام شيخ الإسلام (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 


تعليقات الزوار
30- شكر
عبادة عبد الحميد حافظ محمود حافظ - مصر 23-11-2022 05:00 PM

رحم الله ابن عم والدي عبد الحميد محمود حافظ الذي كان يكتب في جريدة الاخبار المصرية باحثا عن والدي ابن عمه إلى أن التقى بوالدي في عام 1960 م ميلادي وأراد والدي أن يجمع شمل أبناء العموم بعد أن فرقتهم الأيام فعرض والدي عليه الزواج من أختي رقيه ولكن لم تدم هذه الزيجة طويلا ومن بعد ذلك عاد إلى أرض الحجاز وتوفى إلى رحمة الله والدي ولكنني أتذكره دائما وأتمنى من الله أن يجمع شمل الأسرة الكريمة التي يرجع أصلها إلى سيدنا علي والسيدة فاطمة الزهراء وكذلك أبناء عم والدي علي وعثمان حافظ مؤسسي جريدة المدينة.

29- رحمك الله والدي الحبيب
محمد عبدالسلام حافظ - السعودية _ المدينة النبوية 24-06-2022 06:37 PM

رحمك الله وغفر لك وعفا عنك، وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، يا خير من كان أبا وقدوة وصبرا وجمالا وخلقا كريما

28- إعجاب
ریم - مصر 28-02-2013 12:09 AM

السلام علیکم ورحمة الله و برکاته
دکتور فرحات یا لیت أن تکون کل ضروب الأدب بقلمك ،الفکرة ممتازة ومتمایزة عندك ، و کتابتك حضارة الفهم حتی للذي لا یعرف إلا حروف الهجاء ،لو یکون نبي التفهیم هو أنت دکتور فرحات .

27- إنصاف
خالد خوانده - مصر .. والاقامة فى بلدي الثاني السعودية 08-02-2013 08:10 AM

ليس بجديد على الأستاذ الدكتور أحمد فرحات إطلالته الرائعة وبحثه المحكم الذي جمع بين الدقة والسلاسة والموضوعية وأخيرا وهي الأهم رشاقة وسلاسه العرض ... أرجو من الدكتور أحمد المزيد والمزيد لإثراء المكتبة العربيه بتينك الدرر ... أشكرك شكرا عميقا

26- الحمد لله
د. أحمد فرحات - مصر 07-02-2013 06:27 PM

الحمد لله رب العالمين ، أشكر الأفاضل والفضليات الذين علقوا على هذا البحث ، وهذا فضل من الله، وأزف إليكم نبأ صدور كتابي الجديد: الخطاب الشعري في المدينة المنورة عبد السلام هاشم حافظ نموذجا ، في جزيئن كبيرين، والصادر عن مكتبة الآداب بالقاهرة ، طبعة حديثة 2013م . متمنيا للجميع الخير والتوفيق دمتم أعزاء مخلصين
د. أحمد فرحات كلية الفارابي بجدة .

25- بارك الله فيك
كمال عبد الفتاح - مصر 09-01-2013 11:42 PM

بارك الله فيك يا دكتور أنا فخور عندما قرأت تعليقات الأساتذة الأفاضل عنك

24- رحمك الله يا أبتي
فاطمة عبدالسلام حافظ - السعودية 08-01-2013 02:50 PM

رحمك الله يا أبتي يا قرة عيني واسأل الله أن يجمعني بك في الفردوس اﻷعلى يا رب. .واشكرك ألف شكر دكتور أحمد فرحات على هذا الطرح الرائع وأتمنى لك التوفيق.

23- شاعر الرومانسية
عبدالله أحمد - السعودية 18-09-2012 03:18 PM

بارك الله فيك وفي جهودك استاذي الكريم أحمد فرحات
ورحم الله الشاعر الإنسان عبد السلام حافظ كانت أولى لحظات معرفتي بالشاعر عبد السلام هاشم حافظ كانت وأنا في الصف الثالث الثانوي وقد حفر شعره الرومنسي الحالم ذو الأنين المكبوت في نفسي إحساسًا مشبوبًا بأخاديد معاناته كان شعره صورة لقلبه.
وقد استنتجت من ولعه باسم فاطمة أن لهذا الاسم عنده قصة وأي قصة
ولم يكن عندي حينها سوى ديوانه وحي وقلب وألحان وقد كان وسيلة تعريفية صادقة عن روح الشاعر وإنسانيته
ورغم أنه لم يحصل لي الشرف بالتعرف المباشر على الشاعر إلا أن أدبه كان خير وسيلة للتعرف عليه.
وكم كنت أتمنى الحصول على قصة فاطمة التي كتبها وأشار في تعريفه بديوان وحي وقلب وألحان وقال رحمه الله بأنه سينشرها عندما تنسى أهم الأحداث والناس فيه بين المجتمع الذي شهد القصة وعاشها، فقد كانت نفسي تراودني أن أتحسس آثار قلب الشاعر في شعره وصاحبة الدل فاطمة.
لا أدري ....
هنالك إحساس داخلي يجعلني أربط بين أديبين كبيرين وروحين ساميتين هما عبد السلام حافظ ومحمد حسين زيدان رحمهما الله
أما بحثك سيدي الكريم فهو جهد مشكور سهل التناول جم الفوائد وهو شهادة للشاعر بأنه رغم همه الذاتي لم ينسه هم أمته فأدى رسالة الشعر الصادقة على الصعيدين الشخصي والإسلامي

22- الى جنات الخلد شاعرنا الكبير عبد السلام هاشم حافظ
الدكتور خالد ابراهيم محمد الرقب / كلية الفارابي ل - الاردن - الاقامة الحالية السعودية -جدة 03-06-2012 08:43 PM

إنه لشرف لي ان أبدأ كلماتي هذه بالترحم على الأب الحاني صاحب القلب الكبير شاعر العروبة والإسلام عبد السلام هاشم حافظ، وكم كنت تواقا لمعرفة المزيد عنه، عندما كنا نتحاور أنا وزميلي الدكتور أحمد فرحات حول شعراء العروبة والاسلام، فكان يذكرني ببعض الكلمات للشاعر حيث قال فيها:
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ جَاءَ بِهَا
شَرِيعَةَ اللهِ بِالإِسْلامِ وَالرُّحُمِ
مُحَمَّدٌ كَامِلُ الأَخْلاَقِ أَبْلَغَهَا
جَهْرًا لِأُمَّتِهِ بِالْحَرْبِ لِلسُّدمِ

وكم أنت رائع يا صاحب القلب الكبير،
رحمك الله ، وإلى جنات الخلد ، ومع النبيين والصديقين والشهداء ، وحسن اؤلئك رفيقا.

21- رحم الله أبي وبارك فيك
محمد عبدالسلام هاشم حافظ - المدينة المنورة 29-05-2012 01:41 PM

رحمك الله يا أبتي وجعل دارك تحت عرشه في الفردوس الأعلى

وبارك الله فيك د. أحمد فرحات ، وأسأل الله لك التوفيق والسداد

1 2 3 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب