• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

ضرورة الاعتماد على اللغات الكونية في تعليم العلوم

د. عبدالهادي التازي


تاريخ الإضافة: 5/10/2011 ميلادي - 7/11/1432 هجري

الزيارات: 7752

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضرورة الاعتماد على اللغات الكونية

في تعليم العلوم

ملخَّص العرض الذي قدَّمه الدكتور عبدالهادي، عضو مجمع اللغة العربية، إلى مؤتمر المجمع في دورته الخامسة والسبعين (10 ربيع الثاني 1430- 6 إبريل 2009- 24 ربيع الثاني 1430- 20 إبريل 2009).

 

كان من المفيد جدًّا أن يكون في صدر محاور هذه الدورة تعليم العلوم باللغة العربية، هذا الموضوع الذي ظلَّ طوال العقود الماضية - ويظل إلى اليوم - مَشغَلة الأساتذة والآباء والمربِّين، وخاصَّة في البلاد العربية التي تُعَانِي من مشكلة تعليم العلوم باللغة العربية، وخاصَّة في هذه الظروف التي تتميَّز بسرعة التطوُّرات والمستجدَّات.

 

أقول: (مشغلة) لأنَّنا كآباء وأجداد - وأنا أتحدث عن نفسي - ندرك الحاجة الماسَّة لتلقين العلم بمعنى العلم (La science)، وليس بمعنى (العلم الإسلامي) الذي حمَّل نفسَه الأستاذ كولدزيهير Goldziher عناءَ تفسيره بفهمه الخاص؛ لينعت العلماء في الإسلام بأنهم Catechiste؛ يعني: فقهاء دين.

 

نقصد بالعلم: العلم البحت الصِّرف، الذي كان أسلافنا يخصُّون صاحبه بنعت "التعاليمي"، إضافة إلى النعوت المعتادة الأخرى.

 

عندما كنَّا نسمع بالأمس عن صفة (التعاليمي) في ترجمة بعض رجالاتنا، كنا نتصوَّر نعتًا ذا حمولة غير حمولة الفقيه مثلاً، ومعنى كل هذا أن أسلافنا كانوا يميِّزون جيِّدًا بين تخصُّص هذا وذاك، وعطاء هذا وذاك.

 

وعندما كُنَّا نسمع عن المجالس العلمية المشتَرَكة في الأندلس، المشتَرَكة بين اليهود والنصارى والمسلمين، كنَّا نعرف أن مادَّة التدريس لم تَكُن قطعًا موادَّ فقهية، ولكن كانت مادَّةً علمية صِرفة، وبلغة يعرفها المحلِّقون على الدارس، هكذا ورد في نصوص المدوَّنات الأندلسية، المواد العلمية التي كانت تُدرس كلها: طب وهندسة وفلك... إلخ.

 

وعلى ذكر هذه المعلومة العالية التي تفيدنا بأنه لا تميُّز في التعامل في العلم بين دين ودين، أذكِّر هنا بما نراه في كتب التراجم - تراجم العلماء - التي لا تشعر فيها بفرق بين إبراهيم اليهودي وإبراهيم النصراني وإبراهيم المسلم، الكلُّ يتبع الترتيب الأبجدي عند تقديمه للقارئ.

 

عندما كان ابن جلجل يتحدث عام 377 هـ في تأليفه "طبقات الحكماء"، وعندما كان القفطي كذلك يتحدث في كتابه عن الأطباء عام 646، وابن أبي أصيبعة بعدهما - لم يخطر ببالِ أحد أن يخلق فرقًا بين التعالميين على أساس معتقد أو نحلة من النِّحَل.

 

ذكر لسان الدين بن الخطيب في كتاب "الإحاطة": أنه في عام 553= 1158 كان في مدينة بياسة Beaza - بلدة قديمة بالشمال شرقي جيان[1] - عالم غرناطي يحمل اسم عبدالله بن سهل، ترجم له لسان الدين قائلاً عنه: إنه كان يحضر في دروسه جمعٌ غفير من المسلمين والنصارى واليهود، وأنه اشتهر بعلم المنطق، والعلوم الرياضية، وسائر العلوم القديمة، وعَظُم أمره بسببها، وامتدَّ صيته من أجلها، وأجمع المسلمون واليهود والنصارى على أن ليس في زمانه مثله ولا في كثير مِمَّن تقدَّمه، وبين هذه المِلَل الثلاث من التحاسُد ما نعرفه، وكانت النصارى تقصده من طليطلة تتعلَّم منه أيام كان ببياسة.

 

وقد ورد في "نفح الطيب" كذلك في ترجمة الأستاذ محمد بن أحمد بن أبي بكر القرموطي المرسي: أنه كان من أعرف أهل الأندلس بالعلوم القديمة: المنطق، والهندسة، والموسيقا، والطب، وكان فيلسوفًا طبيبًا ماهرًا، آية الله في المعرفة بالأندلس، يقرئ الأمم بألسنتهم فنونَهم التي يرغبون فيها وفي تعلُّمها.

 

ولما تغلَّب ملك الروم على مرسيه (Murcia 10 شوال 640- 2 أبريل 1343) عرف له حقه، فبنى له مدرسة يقرئ فيها المسلمين والنصارى واليهود، وكان العاهل القشتالي يريد منه أن يعتنق المسيحية فأجاب بقوله: أنا لم أَصِل في عبادتي إلى إرضاء ربٍّ واحدٍ طوال عمري، فكيف يمكنني أن أرضي ثلاثة أرباب؟!

 

على تلك الحال كانت مجالسنا العلمية بالأندلس جنوب أوروبا، كان الناس لا يفرِّقون في الحقل العلمي بين يهودي ونصراني ومسلم.

 

بمعنى: أن علينا أن نستعين ونحن نتحدث عن تعليم العلوم بأدوات أخرى تناسب تلك العلوم، بل إنها تفرض نفسها فرضًا على مَن يرغب في تعلُّم تلك العلوم.

 

هناك مثل عربي ذكي يقول: (مَنْ دَخَلَ ظَفَارِ حَمَّرَ)؛ أي: إن على الذين تحدِّثهم أنفسهم بزيارة مدينة ظفار الحميرية عليهم ألا يقوموا بالزيارة إلا إذا كانوا يحسنون اللغة الحميرية، حتى يكون التواصل كاملاً والفائدة شاملة.

 

ذلك هو ما كان عليه الحال عند التعاليمي بالأمس، ومن هنا كنَّا نتوفَّر على أُطُرٍ بالغة الأهمية في الميدان الهندسي والطبي، وظهرت رموزٌ لنا كانت قِمَّة في المعرفة البحتة، من أمثال: عبدالرحمن الخازني صاحب كتاب "ميزان الحكمة"، الذي يذكره العلم إلى الآن بكل تقدير وإكبار، ومن هنا أيضًا توفَّرنا على أُطُرٍ بالغة الأهمية في الميدان الطبي وظهرت بيننا أسماء لامعة؛ مثل: ابن سينا في المشرق، وابن زهر في المغرب.

 

حتى أكون مختصِرًا أرجو أن أقول: إن هناك فرقًا كبيرًا بين الحقلين: حقل العلوم البحتة، وحقل الآداب والشعر والفقه.

 

ثمة ملاحظة أخرى يجب علي أن أقولها، تلك أن عدد "التعاليميين" كان محدودًا وقليلاً على طول الزمن، وعلى العكس من ذلك كان عدد الأدباء والفقهاء في نموٍّ مستمر، ومن هنا كان الطلب على التعاليميين مُلِحًّا أكثر، ومن هنا كان سعر العالِم يوازي في بعض الأحيان وزنه ذهبًا - على ما قرأناه في تاريخ الأقدمين - بمعنى: أن يوزن العالم وزنًا كما تُوزَن أية بضاعة، وعلى مقدار ما في الميزان من أرطال يأخذ العالم مثلها ذهبًا.

 

وليس معنى ما أقول أن اللغة العربية كانت كاسدةً ضيقة الحوصلة بما تريد التعبير عنه، على العكس كانت العربية دائمًا قمةً في أدائها وفي سعة صدرها.

 

أنا أذكر يوم كنا - نحن الدول العربية - نُسْهِم في المؤتمر العالمي للأسماء الجغرافية، الذي يُوجَد مركزه بين نيويورك وجنيف، وقتها طالبنا بأن تصبح اللغة العربية لغةً رسمية في المؤتمر، فاحتجَّ علينا المشرفون على المؤتمر بأن الموضوعات المتبادلة تخضع لمصطلحاتٍ غريبة عن لغة الضاد، ولكنَّا ألححنا على التجربة.

 

وأسفرت التجرِبة لحسن الحظ عن قدرةٍ عاليةٍ للغة العربية على اختراق الميدان الجغرافي، وأسهمنا إلى الآن في العطاء والاستفادة من الآخرين في الحقل العلمي الجغرافي، وقد برهنت الوفود العربية على أن بطليموس قد يصبح رجلاً يحمل اسم محمد بن موسى الخوارزمي (ت 849م) صاحب كتاب "صورة الأرض"، الذي شارك في النشاط العلمي الذي ازدهر في عهد المأمون (ت 813م)، برهن العربُ على أن بطليموس قد يكون رجلاً يحمل اسم الشريف الإدريسي السَّبْتي صانع الخريطة والكرة الأرضية، ومؤلف "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، التي ألفها في باليرمو (صقلية) بطلب من الملك النورماندي روجي عام 548- 1144.

 

أريد أن أؤكِّد على أن اللغة العربية فسيحة الصدر، ولكن مشكلتنا اليوم أن الحقول تكاثرت، والميادين اتَّسعت، وفي كل يوم نَجِدُ أنفسنا أمام جديدٍ يفرض علينا أساليب جديدة، فهل سنضيِّع الوقت في البحث عن الترجمات؟! وهل سنبقى حبيسي التمسُّك ببضاعتنا رافضين للاستماع لما يقتحم بيوتنا كلَّ صباح من معارف؟!

 

في كل مرَّة تُثَار فيها قضيةُ الاستعانة باللغات الكونية تتعالى الأصوات بالاحتجاج، وربما باتِّهام الذين ينفتحون على اللغات الأخرى، وكأن هؤلاء عاقُّون للغتهم العربية، كافرون بمزاياها، كلَّما أُثِيرت الدعوة إلى الاعتماد على اللغة الأجنبية في تلقِّي العلوم لجأ الناس إلى طرق طبلة آذاننا بقول شاعرنا الكبير حافظ إبراهيم:

وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
وَكَيْفَ أَضِيقُ الْيَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ؟!

 

ومن الناس مَن تتبَّع كل ما يُروَى حول مباهج لغتنا ليروي قول أمير الشعراء أحمد شوقي:

إِنَّ الَّذِي مَلأَ اللُّغَاتِ مَحَاسِنًا
جَعَلَ الْجَمَالَ وَسِرَّهُ فِي الضَّادِ

 

وقد سمعنا في (العيد الماسي) الذي احتفلنا به في العام الماضي بمبنى الجامعة العربية، استمعنا إلى نماذج من هذا الشعر الجميل الذي ينصفنا من خصوم لغتنا العربية، الذين ما فَتِئُوا يعملون على أن يَسِموها بكل نقصٍ وعجزٍ وهَوَان.

وَاللهُ يَأْبَى أَنْ تُهَانَ، فَبَشِّرُوا
مَنْ رَامَ ذِلَّتَهَا بِكُلِّ هَوَانِ!

 

بهذه الأبيات التي قِيلَت في ظروفٍ معينة ولأغراضٍ وطنية موقوته، بهذه الأبيات نشعر بنوع من التخدير يدبُّ في أجسامنا، فلا نفكر في الإقدام على ما يجب الإقدام عليه.

 

لا بُدَّ أن أُرَدِّد هنا التعبيرَ الذي يستعمله الفقهاء أثناء جِدَالهم، لا بُدَّ لي أن أقول: إن الجهة مُنْفَكَّة؛ أي: إن ذاك وادٍ وهذا وادٍ؛ نحن نتكلَّم اليوم على ما جَدَّ في حياتنا اليومية من ضرورة مواكبتنا للراكب.

 

لقد رفض الطبيب أبو بكر بن زهر أن يعالج الخليفة عبدالمؤمن الموحدي بنفس الدواء الذي كان والده أبو مروان عبدالملك يعالج به الخليفة بالأمس؛ لأن سِنَّ الوالد أمسى غير السن، والمِزَاج غير المزاج، وبالعبارة المختصرة: اليوم يوم والأمس أمس.

 

أريد القول: إن علينا ونحن نستحضر أمجاد اللغة العربية وقدرتها على الأداء: أن نفكِّر أيضًا في إيجاد الحلول العملية؛ لمساعدتها اليوم على الخروج من المحنة التي تمرُّ بها بسبب ضعف المعلِّم الذي نعرف - كلُّنا - أنَّ زَادَ بعضهم متواضعٌ فيما يتَّصل بالمادَّة العملية، بل فيما يتَّصل باللغة التي يؤدي بها المادة! يجب علينا أن نتساءَل عن السبب الذي يكمُن وراء رغبة أبنائنا في الفرار من مدارس الحكومة إلى مدارس البعثات الأجنبية، وتشكو مدارس البعثات الأجنبية من تهافُت الطلبات عليها من كل جهة في الدول العربية، لقد أمسى الحصول على مقعدٍ في المدرسة الأجنبية يحتاج إلى (الوسطات)!

 

لقد تخلَّصنا اليوم من المركب الذي كنَّا نشعر به ونحن نعاني من المحتلِّ فيما يتَّصل بلغتنا، تخلَّصنا من العقدة التي كانت تدفع بنا إلى مقاطعة لغات الآخرين والاقتصار على لغتنا، نحن بحاجة اليوم لتقوية أبنائنا وجعلهم قادرين على التَّحَدِّي.

 

نحن الآن أمام تكوين أجيالنا وتزويدها بكلِّ عناصر القوة والمناعة، التي يمتلكُها غيرنا على الضفَّة الأخرى، وليس ببدعٍ أن نتسلَّح بنفس سلاح الآخرين.

 

لقد أفزعني أن أقرأ عن تقرير صديقنا الدكتور محمد البرادعي المدير العام للوَكالة الدولية للطاقة الذرية، ذلك التقرير الذي جاء فيه بالحرف ما يلي:

"إنَّنا نضحك على أنفسنا في أمر موضوعات التعليم والتكنولوجيا، نحن لا نستطيع أن ننافس الآخرين بمناهج التعليم المختلفة الموجودة لدينا في العالم العربي، نحن ننفق اثنين في المائة فقط على البحث العلمي، وهو يشكِّل واحدًا على عشرة مما تنفقه الدُّوَل الأخرى من دَخْلها القومي، ليس لدينا بحثٌ علمي، ليس لدينا مراكز دراسات استراتيجية تتوفَّر فيها المقاييس المعترَف بها دوليًا! ليس لدينا تعليم! عندما أقارن العالم العربي - يتابع البرادعي - بأجزاء أخرى من العالم أقول: إنه ليس لدينا مستقبل! يجب أن نمتلك الصراحة مع أنفسنا أوَّلاً، وأن نعترف بأنَّه لا مَنَاصَ لنا من أن نبدأ من جديد، وأن نركِّز على تعليم العلوم بالذات"، انتهى كلام السيد البرادعي.

 

إن جلَّ العلماء الذين يرشَّحون للجوائز العلمية الكبرى على الصعيد الدولي كانوا من جنسيات غير عربية؛ بمعنى: أنَّنا مطالَبون أكثر من أيِّ وقتٍ مضى بتزويد ناشِئَتِنا بالمادَّة العلمية التي تنقصنا، بل التي نراها في انحدار متوالٍ، علينا أن نشد أُزُرَ أبنائنا بالكتاب المدرسي القوي.

 

ولعلَّ التصريح الذي أدلى به الأمين العام لجائزة نوبل، السيد هوراس أينكدال، لعلَّه وصل إلى مسامعنا، وهو يقول بالحرف - حسبما صدر عن الجريدة الباريسية ليبر -: "إنَّ أكاديمية الجائزة لا تتوفَّر على مختصِّين في اللغة العربية؛ بمعنى: أن تلك المؤسسة ونظائرها من المؤسَّسات لا تجعل في حسابها ما يكتب بالعربية؛ لأن الإنتاج في الميدان العلمي العربي خافِتٌ، إن لم يكن معدومًا بالمرة.

 

لا أريد أن أكون متشائمًا حول الموضوع المطروح علينا اليوم، ولكنَّني أريد أن أنقل هنا بأمانةٍ أن عددًا من الندوات التي نُظِّمَت بالمغرب حول تدريس العلوم كانت تنتهي إلى أن الاهتمام ينصبُّ كلُّه على محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذُه حول تعليم العلوم، ويدلُّنا على مدى هذا الاهتمام ما صدر من عناوين للكتب المدرسية التي كانت تتنافس على جبر الضَّرَر الذي يشعر به المعلِّمون والآباء، هذا التنافس يأتي - مع الأسف - بعد فوات الوقت، وبعد أن تكون بعض المستجدَّات قد غابت عن المترجمين والمعرِّبين.

 

وفي الخائفين والحَذِرِين مَن أخذ يروِّج إلى إمكانية الاعتماد على اللغة الأجنبية في المرحلة الثانويَّة، قياسًا على ما يجري في الجامعة، فما دامت الجامعة قد رخَّصت لنفسها تلقين الطبِّ والهندسة باللغات الأجنبية، لماذا لا يرخص للمدرسة الثانوية بما رخِّص به لكلية الطب أو للمدرسة العليا للمهندسين؟

 

أعتقد أنه من المفيد جدًّا أن يقوم مجمعنا الموقَّر - إلى جانب هذه الدورة - باستمزاج رأي سائر المؤسَّسات التعليمية الثانوية حول تعليم العلوم لديها؛ مسيرته، نتائجه، وبخاصَّة عن مستوى المدرِّس الذي يُعْهَد إليه بتدريس العلوم، وعن محتوى الكتاب العلمي، وهل أن تلك المؤسسات تتوفَّر فعلاً على الأُطُر الكافية والكَفَأَة لسَدِّ العجز الحاصل، وتتوفَّر على الكتاب الذي يستجيب للطلب؟

 

إن تدخُّلي في هذا الموضوع يتلخَّص في ثلاث نقاط:

الأولى: على ضرورة الاهتمام بالمعلِّم العربي - وبخاصة في تدريس المادة العلمية - بحيث تتوجَّه كلُّ جهودنا إلى أن نتوفَّر على المعلِّم الكُفْءِ الذي يؤدِّي مادَّته العلمية بنفس الدرجة، وعلى نفس المستوى الذي يؤدِّيه زميلُه في المعهد الأجنبي.

 

النقطة الثانية: ضرورة الاهتمام بمستوى الكِتَاب العلمي، والحرص على ألاّ نسمح بظهور كتاب يخلُّ بالمستوى المطلوب، ومن هنا يكون من الضروري تشكيلُ لِجَانٍ علمية تَرْصُد ما يصدر في البلاد الأوروبية من كتب علمية؛ لتقوم بتقييمها ومقارنتها بما يصدر من تأليف علمي ببلادنا.

 

النقطة الثالثة: ضرورة التخلُّص من عقدة الحَذَر من استعمال لغةٍ غير اللغة العربية في تكوين أبنائنا، وضرورة عدم الانصياع لتخديرنا بأن اللغة العربية هي الطريق الوحيد لتدريس العلوم.

 

ليس هناك أبدًا من حرج في أن نستفيد من كل الوسائل ومن كل تطوُّر؛ من أجل أن نكوِّن أبناءنا على طريق متين يضمن لهم الحصانة العلمية المنشودة، ولا بُدَّ أن نكون على قدر كافٍ من الاقتناع بقبولنا لمتطلَّبات العهد الجديد وتجاوبنا مع اللغات الكونية - وخاصَّة فيما يتَّصل بالعلوم والتكنولوجيا - وأن نعيش مع الزمن الذي يعيش فيه الآخرون، حتى لا نسمح بأي تأخُّر أو تخلُّف أو تقصير في الالتحاق بالرَّكب العلمي الذي يأخذ طريقه دون توانٍ.



[1] "الإحاطة" III، 406- 405، "النفح" IV، 130، د التازي: "تاريخ جامع القرويين بفاس": ج1 ص117 ص141، "التاريخ الدبلوماسي للمغرب": ج 6 ص 119- 120.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • اختلاف الناس سنة كونية وتمايزهم ضرورة بشرية: وقفة تدبرية مع تناول القرآن لغزوة الحديبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعض العلوم الكونية التي قربت فهم النصوص وزادت المؤمنين إيمانا بالغيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مدخل إلى تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة في كتاب لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • كلمات حول كتاب لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وقفات مع كتاب العلوم الكونية عند المسلمين(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إسهامات علماء المسلمين في الطب(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • مشاهد من سورة الضحى في السنن الكونية، ووسائل الثبات على الطاعة (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الاستدلال على حتمية البعث من بعض الظواهر الكونية في قوله تعالى: (ألم تر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيات الله الكونية بين الابتلاء والتسليم والتمرد ونذر بدء الملاحم الكبرى(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- رؤية جديدة
محمود أبومسلم - مصر 07-10-2011 08:49 PM

أتفق مع الكاتب في وجهة نظره , وأضيف أننا في حاجة لرؤية جديدة متكاملة لنظام التعليم في مصر خاصة و في العالم العربي عامة, فلازلنا في مصر نعيش إلى الآن تحت ظلّ كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" لطه حسين المكتوب في الثلاثينات من القرن المنصرم , والذي بسببه فقدنا الكثير من عزتنا, وهويتنا, ولغتنا, لاتباعنا الشديد للغرب فيه, وهذه الرؤية لابد أن تكون مستقاة من الماضي, مناسبة للواقع, مصوّرة ومكوّنة لملامح المستقبل, والله المستعان و عليه التكلان.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب