• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / فن الكتابة
علامة باركود

فن الكتابة العربية (1/5)

مصطفى بن أحمد بن إسماعيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2011 ميلادي - 9/5/1432 هجري

الزيارات: 38208

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فن الكتابة العربية

تاريخها، نشأتها، واقعها ومشكلاتها

وطرق إصلاحها

تطبيقًا على فرع الإملاء العربي

 

جمع وترتيب

أبي عبيدالله البستاني

مصطفى بن أحمد بن إسماعيل

 

 

المقـدمة

اللغة العربية...

 

اللغة الباسلة...

 

ماضٍ مشرِق، وواقِع بئيس، ومستقبل مأمول...

 

تذكرة ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

 

قال أ.د/ فتحي جمعة - حفظه الله -: "واللُّغة الباسِلة ليست عنوانًا دعا إليه داعي "التفنُّن" في التعبير، أو الرَّغبة في استثارة القارئ، وتهييج عواطفه مِن أجل استمالته، أو كسْب مودَّته!

 

كلاَّ! فليستْ "عبارتنا" مِن قبيل هذا ولا مِن ذاك، وإنَّما اللغة الباسلة:

 

حقيقة عرفْناها...

 

وتجرِبة عشناها...

 

ويَقين تيقنَّاه"[1].

 

نعم بالله، لله دَرُّ قائل هذه الكلمات!

 

فاللُّغة الباسِلة - حقًّا - وصفٌ جدير بأن تُوصَف به اللُّغة العربية في عصْرٍ انحطَّت فيه كل معاني قِيم "الانتماء".

 

وهذا يتَّضح جليًّا في معادلة يسيرة: "فالانتماء" مِن أهم ما يفتخر به الإنسان في حياته كلها، ويرى كلُّ عاقل أنَّ خير ما يَنتمي إليه الإنسان هو ما يَتَعَبَّدَ به رَبَّه الذي فطرَه، وخلَقه، وسوَّاه، ونفَخ فيه من رُوحه، وخير ما يَتَعَبَّدُ به الإنسان دِينه، والدِّين الحق هو دِين الإسلام، وكتاب الإسلام وبيانه هو القرآن الكريم، فخير ما ينتمي إليه الإنسانُ هو كتاب ربِّ العالمين، الذي شرَّف الله - عزَّ وجلَّ - به العربيةَ إذ أنزلَه بلسانها؛ قال - تعالى -: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]، وقال تعالي: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، وقال سبحانه: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]، فهو شرَف للعربيَّة والعرَب جميعًا؛ فلولاه ما كانتِ العربية ولا كان العرَب.

 

فإنَّ مسألةَ عدم الانتماء أضحتْ مِن أهم الآفات التي تُصدِّع جسدَ الأمة الإسلامية، ولا سيَّما العربية، فتجد الكلَّ مفتونًا بحضارات زائفة سريعًا سوف يطويها الزمان، ويعمُّها النِّسيان؛ لأنَّها بُنِيت على باطل، والباطل سريعًا ما يَنطوي ويُكتب في صفحات الذاهبين، فتجد الأب، والأم، والأخت، والأخ كلهم مشغوفين بتعليم الصَّغير - منذ حداثة سنِّه، ونُعومة أظفاره العُجْمة فيعلموه اللِّسان الأعجمي ﴿ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13]؛ وذلك لأنَّهم أناس نظروا إعجابًا وتعظيمًا للعالَم الغربي، ولم ينظروا نظرةً كتلك لتراثنا، وتاريخنا، وماضينا، وإنما نظروا نظرةَ المستحقِر والمستنكِف لواقعنا الذي "لا يسرُّ الناظرين"، فهؤلاء نَسوا أو نُسُّوا معنى كلمة أمَّة، وفي الواقع هؤلاء هم الذين نَمَّوا شعورَ عدم الاكتراث بهُويَّتنا وشخصيتنا؛ لأنَّهم قوم فاقدون أو مُفْقَدُون معنى الانتماء.

 

قال أ.د/ فتحي جمعة:"إنَّ شعورَ الإهمال وعدمَ الاكتراث - مهما كانتْ دوافعه - هو الذي أدَّى بصورة أو بأُخرى إلى ما انتهى إليه أمرُ العربية في بلادِ العرَب، وفي الوقت نفْسِه نراه نتيجةً لكل ما عرضناه من مظاهرَ ونماذج، تنتشر بين الأرجاء العربيَّة المختلة مثلاً لنوع فريد مِن الخصومة بين اللُّغة وأصحابها.

 

والذي يدلُّ الأمر عليه، وتُشير قرينةُ الحال إليه، أنَّ الموقف الشُّعوري للأمَّة العربيَّة من اللُّغة العربية غير ما هو ظاهرٌ لنا من مثله في الأمم المتحضِّرة[2]".

 

إنَّ الانهزام النفسي الذي تَعيشه الأمَّة الآن ليس بدعًا من الأسباب التي تُورِث في أبنائنا كُرهَ العربية أو كُرهَ العرب، بل هو مِن أكبر الأسباب التي توقع بنا في هوَّة ضياع الهُويَّة والشخصية العربية، وإنَّ لهْثَ الأمة وراء العجمة الغربية إنما هو تمكينٌ لهذا الانهزام الطارئ على قلوب أبنائنا قبْل قلوبنا؛ يُخرج لنا جيلاً يحمل طِيَّات الانهزام النفسي الذي عاش فيه جيل الآباء، فيكون جيلٌ كسابقه، منهزِم النفس، مستكين القوة، ضعيف الشكيمة، هزيل البنيان، هش السنان؛ فلا يكون نصرٌ، ولا يكون عزٌّ، ولا تمكينٌ.

 

إنَّ تربية النشء الصِّغار على حبِّ الانتماء؛ يورث لديهم الشعورَ بشخصيتهم وهُويتهم التي ضاعتْ أو كادتْ أن تَضيع، ويورث في أعماقِ صدورهم عزًّا، وفخرًا، وتطلعًا إلى النهوض بهذه الأمَّة التي طال خمولها، وإن شئتَ فقُل ضياعها، فيَخرُج لنا بذلك جيلٌ يحمل في قلبه الأمَل فيما فشِل آباؤنا - وربما نحن - في تحقيقه، يحمِلوا الأمل الذي طالما سعينا إليه، وحفَوْنا عليه، وباسلْنا من أجله، ومضيْنا على طيفه؛ هو أمَلُ الرفعة والعِزَّة، النهوض والنُّبُوط، التمكين والرِّيادة، النُّصرة والقِيادة.

 

ورضِي الله عن أميرِ المؤمنين عمر بن الخطاب؛ إذ قال: "نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فمَن اعتزَّ بغير الإسلام أذلَّه الله بما اعتزَّ به".

 

التمهيد

الإملاء وسيلةٌ مِن وسائل تعلُّم الكتابة العربية وإتقانها؛ لذا جعلت هذا التمهيدَ في بيان الإملاء ومنزلته وصِلته بالعلوم العربية، ونضَع في الاعتبار أنَّ درس الكتابة العربية يشمل ثلاثةَ فروع (الإملاء، والتعبير، والخط العربي)، ولكني جعلتُ بحثي هذا عن الإملاء العربي فقط؛ لأنَّه أصل الكتابة وأهمُّ فروعها؛ وذلك لكي لا يطول بحثي، ونسأل الله أن يتمَّه بالخير.

 

(1)

تعريف الإملاء

هو كتابةُ الكلمات العربيَّة صحيحةً خاليةً من النقط، خاليةً مِن الخطأ، وَفْق القواعد التي اصطلح عليها علماءُ اللُّغة العربية، لضبط رسْم الكلمات، وذلك عن طريق وضْع الحروف في مواضعها الصحيحة مِن الكلمة، والاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم؛ ليستقيمَ المعنى، ويتَّضح المعنى المراد مِن الكتابة.

 

(2)

منزلة الإملاء بيْن علوم اللغة[3]

للإملاء منزلةٌ عالية بين فروع اللُّغة؛ لأنَّه الوسيلةُ الأساسية إلى التعبير الكتابي، ولا غِنى عن هذا التعبير؛ فهو الطريقةُ الصِّناعية التي اخترعَها الإنسان في أطوار تحضُّره؛ ليترجمَ بها عمَّا في نفسه، لمن تفْصِله عنهم المسافات الزمنية والمكانية، ولا يتيسَّر له الاتصال بهم عن طريقِ الحديث الشفوي.

 

وإذا كانتِ القواعد النحويَّة والصرفية وسيلةً إلى صحَّة الكتابة، مِن النواحي الإعرابية والاشتقاقية ونحوها، فإنَّ الإملاء وسيلةٌ إليها، مِن حيث الصورةُ الخطية.

 

ونستطيع أن نُدرِك منزلة الإملاء بوضوح، إذا لاحظْنا أنَّ الخطأ الإملائي يُشوِّه الكتابة؛ وقد يعوق فَهْم الجملة، كما أنَّه يدعو إلى احتقار الكاتب وازدرائه، مع أنَّه قد يُغفر له خطأ لُغوي من لونٍ آخَر.

 

أمَّا بالإضافة إلى التلاميذ - في المراحل التعليميَّة الأولى - فالإملاء مقياسٌ دقيق للمستوى التعليمي الذي وصَلوا إليه، ونستطيع - في سُهولة - أن نحكُم على مستوى الطفل، بعد أن ننظُر إلى كرَّاسته التي يكتُب فيها قطعهَ الإملاء.

 

(3)

صِلة الإملاء بغيره من فنون اللغة[4]

الإملاء لا تقِف غايتُه عند هذه الحدود، ولكن ينبغي اتِّخاذ الإملاء وسيلةً لألوان متعدِّدة من النَّشاط اللُّغوي والتدريب على كثيرٍ من المهارات والعادات الحسَنة، وهذه بعضُ النواحي التي يجب ربطُها بالإملاء:

 

• التعبير: إذا أحسنَ اختيار قِطعة الإملاء.

 

• القراءة: فبعض أنواع الإملاء تتطلَّب القِراءة قبل الكتابة كالإملاء المنقول والمنظور.

 

• الثقافة العامَّة: فقطعة الإملاء الصالحة وسيلةٌ لتزويد التلاميذ بألوانٍ مِن الثقافة وتجديد معلوماتِهم وزيادة صِلاتهم بالحياة.

 

• الخط: يجب أن نعوِّد التلاميذ دائمًا على تجويدِ خطِّهم في كلِّ عمل كتابي.

 

• المهارات والعادات الحسَنة: في درس الإملاء مجالٌ لحثِّ التلاميذ على جودة الإصغاء والاستماع، والتنسيق والنظافة، وتنظيم الكِتابة باستخدام علامات الترقيم.

 

(4)

أهداف درس الإملاء

يتَّفق كثيرٌ من اللغويِّين على فوائدَ وأغراضٍ مشتركة للإملاء، ويمكن إجمال هذه الأغراض فيما يلي:

 

1. تدريب التلاميذ على رسْم الحروف والكلمات مع زِيادة العناية بالكلمات التي يكثُر فيها الخطأ.

 

2. الإملاء فرْع مِن فروع اللُّغة يجب أن يحقِّق نصيبًا من الوظيفة الأساسية للغة، وهي: الفَهم والإفهام، ويكون ذلك حسبَ اختيار القطعة.

 

3. إيجاده للخطِّ؛ أي: تحسين الخط وتوضيحه.

 

4. تدريب الحواسِّ الإملائيَّة على الإجادة والإتْقان، والحواس هذه هي: الأذن، اليد، العين.

 

5. توسيع الخِبرات والثروات اللُّغويَّة والمعلومات.

 

6. التمرين على كتابةِ ما يُسمع في سُرعةٍ ووضوح، وصحَّة الإتقان.

 

7. اختبار معلومات التلاميذ لكتابةِ الكلمات ومسوح موضوعات ضعْفهم لمعالجاتها.

 

8. تعويد التلاميذ على الإتقانِ وحُسن الاستماع.

 

9. تعويدُ التلاميذ النَّظافة والنِّظام والانتباه والدِّقَّة وقوَّة الملاحظة.

 

10. تمكين التلاميذ مِن الاتصال بغيرهم عن طريقِ الكتابة.

 

المبحث الأول

الكتابة العربية (النشأة والتطور)

1. أصلها وتطورها.

2. الإعجام والشكل.

3. أنواع الكتابة العربية.

 

(1)

أصلها وتطورها[5]

تُعدُّ الكتابة العربية واحدةً من المسائل التاريخيَّة التي كثُرت الأقوال حول نشأتِها أو مصدرها الأوَّل، ثم مراحل تطوُّرها من بعدِ ذلك، ومن هذه الأقوال أقوالٌ تكاد تحسب مِن قبيل الأساطير، فبعضٌ يجعل الكتابة توقيفًا وحيًا، وآخر ينسبها إلى أشخاصٍ يصعُب إثبات وجودهم، فضلاً عن عملهم، وغير هؤلاء وهؤلاء يرجِع كتابة الخط العربي إلى أصْل نبطي.

 

كان البلاذريُّ في فتوحه هو أوَّل من عرَض للقضية، والذي ظهَر مِن كلامه، أنه يجنح إلى أنَّ الخطَّ العربي جاء من الشَّمال، عَبْر الحيرة والأنبار عن طريق ثلاثة نفَر من بولان (قبيلة من طيِّئ)، هم: مرامر بن مرَّة، وأسلم بن سِدرة، وعامر بن جدرة، هم الذين وضَعوا الخطَّ وقاسوا هجاءَ العربية على هجاء السريانية فتعلَّمه منهم قومٌ من أهل الأنبار، ثم تعلَّمه أهل الحيرة مِن أهل الأنبار.... وكان بِشرُ بن عبدالملك أخو أكيدر بن عبد الملك (صاحب دومة الجندل) يأتي الحيرة فيُقيم فيها الحين... فتعلَّم بِشرٌ الخطَّ العربي من أهل الحيرة، ثم أتى مكَّةَ في بعض شأنه، فرآه سفيانُ بن أمية، وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة يكتب، فسألاه أن يعلِّمهما الخط، فعلَّمهما الهجاء، ثم أراهما الخطَّ فكتبَا... ثم إنَّ بِشرًا وسفيان وأبا قيس أتوا الطائف في تِجارة فصَحِبهم غيلان بن سلمة الثقفي، فتعلَّم الخطَّ منهم، وفارقهم بِشر، ومضَى إلى ديار مضر، فتعلَّم الخط منه ناسٌ هناك، وتعلَّم الخط منه الثلاثةُ الطائيُّون أيضًا، رجل مِن طانجة كلب، فعلَّم رجلاً من أهل وادي القرى، فأتى الوادي يتردَّد، فأقام بها، وعلَّم الخطَّ قومًا من أهلها.

 

البلاذري يعرِض علينا فيما سبَق صورةً تاريخيَّةً لكيفية انتقال الخطِّ إلى العرب، والحق أنَّها صورة مقبولة ومعقولة لمعرفة الكتابة والتسلسل فيها - كما عرَضه البلاذري - بتسلسل منطقي لا غبار عليه: ثلاثة رجال فكَّروا أن يكون للعرَب خط، فوضَعوا هجاءً قاسوه على هجاء السريانيَّة، ثم علَّموا ذلك بعض الناس، وهؤلاء علَّموا غيرهم، وغيرهم علَّم آخرين... وهكذا.

 

هذا - لا ريب - أساسٌ صحيحٌ لفِكرة تَعَرُّف أمة من الأمم على فنٍّ من الفنون أوَّل مرة، ولكنَّ هنا أمرين كبيرين، ربما رأى بعضُ الباحثين أنهما ينقضان هذا الأساس ويَهدمانِ ما يُبنى عليه، ذانك هما:

 

1. حقيقة هؤلاء الثلاثة: ما هي؟

 

2. أنَّ حكايتهم تقتضي اقتطاعَ الخطِّ العربي مِن السرياني، وليس الأمر كذلك.

 

الأمر الأول:

رأى بعضُ الدَّارسين أنَّ هذه الأسماء لم تكن أسماءَ رجال، وإنما هي نعوت تُطلَق على أشخاص مِن باب التكريم والتعظيم، وهي نعوتٌ سريانية، ظنَّ الأخباريُّون أنها أسماء أشخاص.

 

والحقيقة أنَّ هذه الأسماءَ الثلاثة إنَّما هي معانٍ تقديريَّة، لكلِّ واحد منها معنى يدلُّ عليه، ويعرِفه النَّاس في تلك العهود البعيدة: فاسم مرامر بن مرَّة هو جملة (مارا ماري برماري)، ومعناها: (سيد السادة بن السيد)، وتعني شيخ شيوخ العِلم ابن حامل لواء العِلم، واسم أسلم بن سدرة تصحيف لعِبارة (شليما برسدرا)، وتعني: (التام العِلم، الخطاط) واسم عامر بن جدرة تصحيفٌ لعبارة (عمرايا برجدرا)، ومعناها (العماد الحاذق أو الماهر)، وقدْ وجد الأخباريُّون السريانَ يُطلقونها على الكتَّاب والخطَّاطين الحاذقين، فظنُّوها أسماء رجال.

 

ولكن هذا الكلام - لو صحَّ - ينفي تعيين الأشخاص، ولا يَنفي ذواتهم؛ أي: إنَّه إن صحَّ كونه دليلاً على نفي أنَّ هذه الأسماء حقيقيَّة لمَن اخترعوا نظام الكِتابة العربيَّة، فإنَّه لا ينهض دليلاً على نفي أنَّ هناك أشخاصًا قد فعلوا ذلك.

 

وأما الأمر الآخر:

فهو نِسبة الخطِّ العربي إلى السريانية، وقدِ انتهت بحوث الدَّارسين على أنَّ الخط العربي لم يتأثَّر أو يقتطع مِن السريانية، على ما بينهما مِن فروق وتشابه، وهناك أدلَّة على ذلك مِن أهمها:

 

1. اكتشاف كتابات جاهليَّة قديمة، تَنتمي إلى بلادِ الشام، أصحابها عرَب تقترب عربيتُهم مِن عربية القرآن الكريم، وكانتِ الكتابة التي عُرِفت بكتابة (أم الجمال) هي أقدمَ هذه الكتابات (250م)، ثم (النارة) (328م) ثم (زبد) (512م).

 

2. عُثِر في أعالي الحجاز على كتابات نبطيَّة مِن عهد القرن الأوَّل للميلاد.

 

وإنَّما دعا هؤلاء الباحثين إلى هذه الأدلة فَهمُهم المسبق لعبارة البلاذري أنَّ هؤلاء الثلاثة النفر قدْ قاسوا على الكتابة السريانية، ففَهِموا أنهم أخذوا منها، وهذا الفَهم لا يلزم مِن هذه العبارة، فليس معنى أنَّهم قاسوا على النِّظام السرياني أنَّهم أخذوا منه، ولا يؤثِّر ذلك في أصالة الكتابة العربيَّة، ولا ضيرَ في ذلك طالما أصبحتِ الكتابة العربية وحْدَها في ساحات اللغات يتعجَّب لحالها علماءُ اللغة من مشارق الأرض ومغاربها.

 

وبهذا نستطيع تفسيرَ أصل الكتابة العربيَّة دون توغُّل في مجادلات فِكرية بين الباحثين.

 

(2)

الإعجام والشكل

كانتِ الكتابةُ العربية خاليةً مِن الشَّكْل والنقط، وبذلك تستوي عندَهم كلمتا (قال ومال)، والواضِع لبعض الشكل (أبو الأسود الدؤلي)، وذلك عندما فشَا اللحن باختلاط العرَب بالعجم؛ يقول أبو الطيب عبدالواحد بن علي اللُّغوي (ت 351هـ): جاءَ أبو الأسود إلى زياد ابنِ أبيه، فقال له: ابغِني كاتبًا يفهم عنِّي ما أقول، فجِيء برجل من عبد القيس فلم يرضَ فَهْمَه، فأُتي بآخر من قريش، فقال له: إذا رأيتَني قد فتحتُ فمي بالحرْف فانقُطْ نقطةً على أعلاه، وإذا ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإذا كسرتُ فمي فاجعلِ النقطة تحتَ الحرْف، فإن أتبعتُ شيئًا من ذلك غنَّة فاجعل النقطة نُقطتين، ففعل واختَلَف الناس إليه يتعلَّمون العربية.

 

وكان أوَّلَ مَن وضَع النقط نصرُ بنُ عاصم ويحيى بن يعمر تلميذَا أبي الأسود، غير أنَّهما كانَا يرسمان نقطَ الشكل بمِداد يخالِف مدادَ النقط، وقسَّما الحروف إلى: مُعْجَمة: وهي التي بها نقط، ومُهْمَلة: وهي التي ليس بها نقط.

 

وأوَّل مَن وضع الشكل الذي نرْسمه الآن هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، فجعَل للفتحة ألفًا صغيرة توضَع فوق الحرْف وجعل للكسرةِ رأسَ ياء صغيرة تحتَه، وللضمة واوًا صغيرة فوقه، وكرَّر الحرف الصغير عندَ التنوين، ووضع للهمزة رأسَ عين، ولألف الوصل رأس صاد فوقها، وللمد ميمًا صغيرة متَّصِلة بجزء من الدال.

 

وقد تفنَّن أتباعُ الخليل بحذْف جزء مِن رأس الياء المخصصة علامة للكَسْرة فصارتْ مِثل الفتحة تُوضَع تحت الحرْف (ـِـ) وحَذفوا رأس الميم مِن المد فصارت هكذا (آ) وأجازوا في الضَّمتَين أن تُكتبا واوين على الأصل (وو) أو ترد الثانية على الأولى (ُ ُ) أو تقلب الثانية على الأولى (ٌ)، ووضَعوا رأس سين مهملة للشدَّة (ّ)، ووضَعوا الكسرةَ تحت الشدَّة والفتحة فوقَها، ووضعوا الهمزة المكسورة تحتَ الألف، وجعَلوا السكون مدوَّرًا (ْ) أو حاء محذوفة العَجُز.

 

ويُوصَف المنقوط مِن الحروف بالمعجم، وغير المنقوط بالمُهْمَل والمبهم والمغفَل، كما أنَّ غير المشكول يُقال له: غُفل، ولما كان الإعجام يُطلق على النقط والشكل قِيل في الحروف العربية حروف المعجَم؛ لأنَّ كلها يشكل وأغلبها ينقط[6].

 

(3)

أنواع الكتابة العربية

للكتابة العربية ثلاثة أنواع:

الأوَّل - كتابة المصحف: ويُكتب على ما رُسِم به في مصحف الإمام، وإن خالَف القواعد، مثل اتِّصال التاء بحين في قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَحِينَ مَنَاصٍ ﴾ [ص: 3]، والقاعدة تقتضي فصلَ التاء مِن حين، ومثله أيضًا قوله - تعالى -: ﴿ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ ﴾ [الفرقان: 7]، فإنَّ القاعدة عدمُ فصْل الهاء عن اللام، ولكن ذلك سُنَّة متَّبعة، مقصورٌ على القرآن وحده.

 

الثاني - كتابة العَروضيِّين: وتُكتب حسب الملفوظ بها دون التقييد بالقواعد، وهذه مختصَّة بالكتابة العَروضية لا يتعدَّاه إلى غيره.

 

الثالث - الكتابة الاصطلاحية: وهي الكتابةُ السائِدة بين الكتَّاب، والتي وُضِعت القواعد مِن أجْل ضبطها وتثبيتها.



[1]د/ فتحي جمعة، "اللغة الباسلة" (ص ع) مِن مقدمة الطبعة الأولى، دار النصر للطباعة، جامعة القاهرة 2005م.

[2]السابق نفسه.

[3]انظر في ذلك عبدالعليم إبراهيم، "الإملاء والترقيم في الكتابة العربية"، دار غريب ، (ص: 9).

[4] انظر السابق نفسه (ص: 12).

[5]انظر في ذلك، السابق نفسه (ص: 205)، مقدِّمة ابن خلدون (2/880)، فصل بعنوان "الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية"، تحقيق د/ علي عبدالواحد وافي ، ط مكتبة الأسرة، سلسلة التراث 2006م ، وانظر: د/ أحمد بقش، "كتاب الإملاء العربي" (ص: 5 وما بعدها).

[6]أحمد قبش، "الإملاء العربي" (ص: 5 وما بعدها).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فن الكتابة العربية (2/5)
  • فن الكتابة العربية (3/5)
  • فن الكتابة العربية (4/5)
  • فن الكتابة العربية (5/5)
  • قواعد أساسية لكتابة القصة
  • ما أصعب الكتابة!
  • أسلوب غريب في كتابة بعض المُحْدَثين
  • الكتابة بين الاكتساب والموهبة
  • كتب مهمة في فن صناعة الكتابة والتأليف
  • نشأة الكتابة
  • وقفات مع الكتابة

مختارات من الشبكة

  • فن المعاملات أو الإتيكيت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عطاءات الفن الإسلامي .. فن الكتابة ( الخط )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أضواء على كلمة الفن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تصنيف الفنون الإسلامية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الفن للفن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة ألفية الآثاري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فن الكتابة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نشأة الكتابة في فن الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص فن الزخرفة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة فنون الأفنان في عيون علوم القرآن(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
حكمت طابوق - العراق 15-08-2019 12:46 AM

ألف شكر ، أتمنى لكم التوفيق والنجاح

1- سلبيات الكتابة
عائشة - الجزائر 08-01-2013 01:39 AM

إنه لمن العيب أن نجد أخطاء في الكتابة وفي مثل هذا الزمن حيث التطور والوسائل.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب