• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (2/ 10)

د. عيد محمد شبايك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/12/2010 ميلادي - 13/1/1432 هجري

الزيارات: 14496

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أولاً: معالم اهتمام النقاد العرب بظاهرة التلقي قبل الإسلام:

إنَّ التراثَ النقدي والبلاغي العربي كسائر الحقول المعرفية الأخرى وُسِم بموسوعية المؤلفين فيه؛ إذ أحاطوا بثقافات عصرهم؛ مما جعل أعمالهم تعكس اهتماماتهم الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية... لقد جمع هذا التراث أطراف الثقافة العربية والإسلامية، واستفاد من التنظيرات اليونانية والبلاغة الفارسية والحِكمة الهندية؛ مما عمق النظر، ووفر القواعد النظرية والتطبيقية لتقويم النصوص الأدبية، ومنها جانب مهم من قضايا التلقي[1].

 

اهتم النقد الأدبي القديم بالعَلاقة الوثيقة التي تربط الإبداع بالمتلقي، وإنَّ من يتأمل نصوص النقاد العرب القدامى وتصوراتهم للأدب - نشأة وبنية وتَمثلاً - يجد فيها "مادة مهمة لتدبر صلة الخطاب بمتقبله، فقد كان البحث في (هذا الجانب) مشغلاً من مشاغلِهم، سواء أكانوا بلاغيِّين، أم نقادًا، أم فلاسفة يتحرَّكون في نطاق شعرية اليونان، ولما كانت كتاباتُهم دائرة على خصائص القول الأدبي نفسه؛ (أي: جانب البنية)، فإنَّ آراءهم في التقبُّل جاءت قليلة مَبثوثة في أعطاف حديثهم - كما أسماه الفلاسفة "الشعرية" - واقعة على هامش المباحث الكبرى التي شغلت النقد العربي القديم، مثل حدوث الشعرية، ومراتب الكلام، وصلة المباني بالمعاني... بل إنَّ تلك الآراء على ندرتها يعظم فيها حضور المتلقي أو يقل، بحسب المواطن والنصوص"[2].

 

كما أن النظر النقدي منذ العهد اليوناني اهتم "بوظيفة الإبداع وأثرها في القارئ أو المتلقي من خلال نظرية المحاكاة عند أفلاطون وأرسطو، وأثرها من الناحية الأخلاقية في التهذيب أو التعليم أو التطهير، بَيْدَ أنَّ هذا الاهتمام لم يتعدَّ ذلك إلى مشاركة القارئ في قراءة النص أو شرحه أو تفسيره "[3].

 

إلا أنَّ الاهتمام بدأ يتحسن؛ إذ أصبحت القراءة النقدية في عصر ما قبل الإسلام محكومة بذائقة المتقبل وسليقته؛ مما أعلى من شأن هذا الأخير؛ بسبب إنشاد الشعر العربي وإلقائه شفهيًّا، "وكون الشاعر كان يسعى إلى تحقيق الأثر في المتلقي... نتيجة الوظيفة الاجتماعية المباشرة للتجربة الشعرية آنذاك"[4].

 

وتحاول هذه الفقرة أن تسلِّط الضوء على طبيعة التلقي العربي عبر نظرة انتقائية لفحص خصائص (طبيعة) التلقي، تلك المرتبطة بالطابع الشفهي للشعر، وما يتَّصل به من مقام سماعي يتلقى منه ويفضي إليه.

 

لقد كان العربُ قديمًا يعتمدون على الرواية الشفهية، وكان غالبيتهم يَحفظون الشعر، ويروونه كلما دعتِ الضَّرورة، وكان الشعر يَسري بين القبائل سريانَ النار في الهشيم... ومن القنوات التي كانت تُؤسس قاعدة رواية الشعر بين الناس في العصر الجاهلي نجد: "الوفادة على المياه، والأسمار العربية، والضيافة العربية، والقوافل التجارية، والأسواق العربية والحروب، والوفادات على الملوك، ومواسم الحج"[5]، فقد روت كتب الأدب والنقد "أنَّه كان يضرب للنابغة (ت18ق.هـ) قُبَّة من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء، فتعرض عليه أشعارها، وأولُ من أنشده الأعشى، ثم حسان بن ثابت، ثم أنشدته الشعراء، ثم أنشدته الخنساء بنت عمرو بن الشريد:

وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ
كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ [6]

فقال: والله لولا أنَّ أبا بصير أنشدني آنفًا، لقلت: إنك أشعر الجن والإنس، فقام حسان، فقال: والله، لأنا أشعرُ منك، ومن أبيك: فقال له النابغة: يا ابنَ أخي أنت لا تحسن أن تقول:

فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي
وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ
خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِينَةٍ
تَمُدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ [7]

قال: فخنس حسان لقوله"[8].

 

"ثم أنشده حسان بن ثابت (ت54 هـ):

لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحَى
وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا
وَلَدْنَا بَنِي الْعَنْقَاءِ وَابْنَيْ مُحَرِّقٍ
فَأَكْرِمْ بِنَا خَالاً وَأَكْرِمْ بِنَا ابْنَمَا [9]

فقال له النابغة: أنت شاعر، ولكنَّك أقللت جفانك وأسيافك، وفخرتَ بمن ولدتَ، ولم تفخر بمنْ ولدَك"[10].

 

ومن خلال هذه القصة نَجد أنفسَنا أمام ناقد يُمارس "النقد التطبيقي"؛ حيث ينقد العمل الأدبي من داخله، فقد وضع النابغةُ يدَه على الكلمات والعبارات التي رأى أنَّها لا تؤدي المعنى المراد على أكمل وجه من الفخر بالكرم والشَّجاعة والأصل؛ فقد رأى أن كلمة "الجفنات" تدُلُّ على العدد القليل من الجفان، وهو ما لا يتناسب مع الفخر بالكرم، كما أنَّ كلمة "أسياف" التي تدل على قلة السيوف لا تلائم الفخر بالشجاعة والإدلال بالقوة، وكذلك رأى النابغة أنَّ حسان بن ثابت قد أخطأ في البيت الثاني؛ حيث فَخَر بالأبناء دون الآباء، هو ما لم تجرِ عليه العرب؛ فإنَّهم لم يغفلوا عن الافتخار بمآثر الأجداد والآباء، والتباهي بأفضالهم.

 

قال الصولي: "فانظر إلى هذا النقد الجليل الذي يدل عليه نقاء كلام النابغة، وديباجة شعره"[11].

 

إلا أن الشيء الذي اتفقت عليه كل هذه المصادر هو أن "احتكامَ الشعراء إلى النابغة أمر يعرفه العرب لذلك الشاعر، الذي أسلموا إليه إمارةَ الشعر، ولقبوه "النابغة"، وتُجمِع عليه كتب التاريخ والأدب"[12].

 

ويرى قدامة بن جعفر (ت337هـ): أنَّ الناسَ يُديرون جدلاً حول مذهبَين من مذاهب الشعر، هما مذهب "الغلو والإفراط"، ومذهب "الاقتصار على الحد الأوسط"...

 

أمَّا حسَّان فلم يَخرج عما هو حادث في بيئته، وتكلم بما ألفه النَّاس، فهم يقولون: يوم أغرُّ ويدٌ غرَّاء... والعرب تقول في الشجاعة: سيفه يقطر دمًا، ولم يُسمع منهم: سيفه يَجري دمًا.[13]

 

إنَّ "مسألة إدراك اللفظة الأجود لا تكون إلاَّ جزءًا من قدرات الناقد الجيد، وليس من الممكن أن يصلَ إنسانٌ ما إلى مستوى النابغة في شعره، وإلى مستواه في النقد، وقَبوله حكمًا، ولا يتمكن من إدراك هذه الحقيقة"[14].

 

وكان العربي القديم إذا أعجبَ ببيت من الشعر أو بجزء من البيت، اتَّخذ إعجابه هذا تكأةً لإصدار حكم عام على الشِّعر أو الشاعر، "ومن ثَمَّ جاء نقدهم جزئيًّا، مسرفًا في التعميم، يُحس أحدُهم بجمال بيت من الشعر، وتنفعلُ به نفسه، فلا يرى غيره، ولا يذكر سواه، كدأبه في كل أمور حياته؛ إذ تجتمع نفسه في الحاضر الماثل أمامه.

 

وهذا ما يفسر ما نَجده في كتب الأدب من أحكام مُسرفة، كقولهم: "هذا أجود ما قالت العرب، وهذا الرجل أشعر العرب، وما إلى ذلك"[15].

 

ومن هذا القبيل حكمُ أم جندب على علقمة بن عبدة بأنه أشعرُ من امرئ القيس؛ وذلك بسبب إعجابها ببيت قاله علقمة في وصف فرسه، رأت أنَّه تفوَّق فيه على وصف امرئ القيس لحصانه[16].

 

ويستدعي هذا الخبر بعضَ الملاحظات، فقد كان مدارُ المعارضة موضوعًا مخصوصًا هو وصفُ الفرس في قافية وروي مُوحَّدين، ونلاحظ ثانيًا أنَّ المقام الذي وقع فيه التنازُع بين الشاعرين هو مقام مُشافهة اكتنف قولَ الشعر، كما اكتنف الحكم، فالمبدع والمتلقي يوجدان في حيِّز واحد؛ بحيث تكون الحكومة مُباشرة لا وقتَ فيها للتَّفكير في الأمر، وتدقيق معايير الحُكم، ونلاحظ ثالثًا أنَّ الحكم لم يَخلُ من أغراض لا صلةَ لها واضحة بما يكمُن في النص من قِيَم الجمال و"جهات الحسن" - على حد تعبير السكاكي - حتى إنَّ امرأ القيس عَلَّق على التحكيم قائلاً: "ما هو بأشعرَ مني، ولكنَّكِ له عاشقة"[17].

 

وما يُمكن أنْ يستنتج من هذه الملاحظات الثَّلاث هو أنَّ التَّلقِّي - في طور من أطواره - قام على الارتجال أساسًا؛ إذ ارتجل الشاعر الشعر، كما ارتجل المتلقي الحكم، ولعله من المنطقي أنْ ينطمسَ مِعيار التذوُّق، ويتغيَّب عَنِ التقويم في هذه الحالة.

 

وتُبرِزُ حكومةُ أم جندب أنَّ التلقيَ لا يُمكن أن يكون مُحايدًا قائمًا على جودة النص فحسب، بل إنَّ للأهواء والأغراض الدفينة - وإن بدت هينة قليلة الأهمية - أثرًا في الحكم للقول الأدبي أو عليه.

 

جاءت أحكام النُّقاد الجاهليين مُوجزة ومُركزة في غالب الأحيان؛ إذ كانوا يكتفون في تعليقاتِهم على ما يَسمعون من أبيات شعرية باللمحة الدَّالة، والإشارة المعبرة... ولعلَّ سببَ هذا الاختصار في النَّقد يرجع إلى أنَّ كلاًّ من الناقد والمستمع له كان على درجة مُتقاربة، وحظ مُتساوٍ من الحس اللغوي؛ مما يُمكنهما من القُدرة على الوقوف على مواطن الجمال، أو القُبح في الشِّعر موضوع النقد، هذا إضافة إلى أن سلامةَ الفطرة عند العربي، وصفاء طبعه - تجعلانه في غنى عن الإطالة والتَّكرار في الكلام، وقد جاء قول طَرَفَة: "استنوق الجمل" تعليقًا على بيت المتلمس (ت500 ق.هـ) مثالاً واضحًا لهذا الإيجاز في الحكم.[18]

 

كان التعبيرُ عن الاستحسان - إذًا - بالفعل المباشر، ولنا - اعتمادًا على المادة التي نظرنا فيها - أنْ نُبْرز حدَّين أقصَيَيْن من حدود التلقي.

 

يَصطنع المتلقي في الحد الأول أنظمةً علامِيَّة غير اللغة يعبر بها عن مَوقفه من النص استحسانًا واستهجانًا، من ذلك خلع الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بُردته على كعب بن زهير بعد سماع لاميته "بانت سعاد"[19]، ومنه ضرب الوليد بن عبدالملك برجله طربًا لسماع بيت من مُعلقة امرئ القيس[20]، إنَّ هذين الخبرين يدُلان على أن من المتقَبِّلين صنفًا يفتقر استحسانه للشعر إلى "علة معقولة"، فيعبر عنها بالفعل الذي يَسُدُّ مَسَدَّ العبارة في إبراز الوقع الحسن للنص في سَمعه.

 

ومن شواهد ذلك أيضًا قولُ أبي العتاهية - يَمدح المهدي، ويُشبِّب بجاريته عتب[21] - وبشار حاضر:

أَلاَ مَا لِسَيِّدَتِي مَا لَهَا
تُدِلُّ فَأَحْمِلُ إِدْلاَلَهَا

 

فلما وصل إلى المديح قال من جملته:

أَتَتْهُ الْخِلاَفَةُ مُنْقَادَةً
إِلَيْهِ تُجَرِّرُ أَذْيَالَهَا
فَلَمْ تَكُ تَصْلُحُ إِلاَّ لَهُ
وَلَمْ يَكُ يَصْلُحُ إِلاَّ لَهَا

 

فما أن فرغ من المديح حتى قال بشار: انظروا إلى أمير المؤمنين، هل طار عن أعواده؟ يريد: هل زال عن سريره؛ طربًا بهذا المديح؟

 

وَلعَمْري، إنَّ الأمرَ كما قال بشار، وخيرُ القولِ ما أسكرَ السامع، حتى ينقله عن حالته، سواء كان في مديح أم غيره.[22]

 

إنَّ أقلَّ الناس حظًّا في هذه الصناعة - البلاغة والنقد - مَن اقتصر في اختياره على سلامة الوزن، وإقامة الإعراب، وأداء اللغة فقط، ثم لا يعبأ بعد ذلك بجمال النظم، وإدراك العلاقات بين أجزاء الكلام، وضَرورة مُعايشة التجربة الجمالية؛ مما يَعوق سُبلَ التلقي، من أجل ذلك ذهب الجاحظُ إلى أن البيان "يَحتاج إلى تَمييز وسياسة، وإلى ترتيب ورياضة، وإلى تمام الآلة، وإحكام الصنعة... وأنَّ حاجةَ المنطق إلى الحلاوة والطلاوة، كحاجته إلى الجزالة والفخامة"[23]؛ أي: إنَّ الجاحظ نادى بإحكام التوازُن بين العلاقات الداخلية للنص، والعلاقات الخارجية؛ وذلك لإحداث التأثير في وجدان المتلقي وعقله.

 

فالكلام يَقْوَى تأثيره في المتلقي بترابُطه وتأكيد معانيه؛ إذ كلما "ازدادَ الكلام تأكيدًا كان أبلغ"[24]، وأقوى تأثيرًا؛ لقُدرته على تثبيت المعنى، وطَمس التردُّد من أفق النص، بمعنى أنَّ التأكيد يُلغي كلَّ ما يعكر تقبُّل الجمال؛ لأنه يتيح المجال بصورة أكبر لتقبله بنفسٍ مُطمئنة، والجمال في الأصل لا يقوى بناؤه إلاَّ بالراحة واللذة والطمأنينة، أمَّا الشك والريب والتردُّد، فهي معاول تَهدِمُ الجمالَ في النفس؛ لهذا قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2] في بداية القرآن؛ طردًا للشك والريب وترسيخًا للإيمان، وتهيئة لتلقي كلام الله الذي يخلق الانسجام في أنحاء الحياة وأنفُس البشر.

 

"إنَّ البلاغةَ فن إدراك العلاقات، وعبقرية الأداء، وحساسية التذوق"[25]، والكلام البليغ تهش له الأسماع، وترتاح له القلوب، ويصنع فيها صنيع الغَيْث في التربة، فاللَّذة الجمالية هي عين الإدراك الجمالي، وكلما كان الإدراك شموليًّا، كانت اللذة أعظم.

 

ثانيًا: معالم اهتمام النقاد العرب بالمتلقي بعد الإسلام:

وتأتي المراحل التي أعقبت الإسلامَ مُتسمة بمعالم إسلامية، علاوة على تعايُش الثَّقافات المختلفة، الشيء الذي جعل النَّقد العربيَّ يَهتم بالمتلقي في العملية الإبداعية، حتى إنَّه "طالب المبدعَ بأنْ يستوفي شروطَ التوصيل الصَّحيحة، حتى بات من أقسام عمود الشِّعر الوضوح، ومُناسبة المستعار له، والمقاربة في التَّشبيه ونحو ذلك، بحيث أصبحَ الغموض غير مرغوب فيه"[26]، وقد جمع المرزوقي (ت421هـ) سبعة أبواب رأى أنَّها تُمثل طريقة العرب في الشعر[27].

 

ويَمضي الزمان، وتتطور نظرةُ النقاد إلى الشعر، ومن ثَمَّ تطورت العلاقة بين المتلقي والنص على نحوٍ مغاير للعلاقة بينهما فيما سبق؛ حيثُ يتحقق نوع من الاندماج بين الذات المتلقية والموضوع.

 

وقد التفت ابنُ قتيبة إلى هذه الحالة، فسجَّلها على نحوٍ يُحسب له، وذلك عندما قال: "ولله دَرُّ القائل: أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه"[28].

 

ومعنى هذا أنَّ الشعرَ في أعلى مستوياته هو ذلك الذي لا تَمتلك الذات المتلقية إزاءه أنْ تظلَّ مُحتفظة بكينونتها مُستقلة عنه، أو تقف على بُعد مسافة منه، بل تَجد نفسها مستوعبة فيه، مشمولة به، حتى إنَّها لا تَملك من أمر نفسها شيئًا، سوى أنْ تستجيبَ لجاذبية هذا الشِّعر، وهو ما يبدو جليًّا وبشكل مكثَّف في عبارة: "من أنت في شعره"، حتى يُمكننا أنْ نعبر عن ذلك بمستوًى يصل إلى الاتِّحاد مع الشاعر في شعره، وهي درجة عالية من الجاذبية يعيشها المتلقي بأثر تقبُّله للنص.

 

ومن الجدير بالذِّكر في هذا الصَّدد الحديث عن بصر عمر بن الخطاب بالشِّعر وتذوقه ونقده... إنَّه لمَّا أطلقَ الحطيئةَ من حبسه إياه... قد قال له: إياك والهجاء المقذع، قال: وما المقذع يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تخايرَ بين الناس، فتقول: فلان خير من فلان، وآل فلان خير من آل فلان، فقال: أنت والله يا أمير المؤمنين أعلم مني بمذاهب الشعر[29].

 

فهذه الشهادة من الحطيئة الشاعر العالم بأصول صنعته، الخبير بأسرارها لعمر بن الخطاب تعتبر دليلاً قويًّا على بصره بالشعر وتذوقه له... مما يُؤكد أنَّ عمر كان ظاهرة نادرة في عالم فهم الشِّعر ونقده في هذه المرحلة الباكرة في عمر النقد الأدبي.

 

ومن الأدلة على صحة ما ذهبنا إليه في هذا الرأي ما قاله الجاحظ وهو العليم بالشعر والمتضلع منه: "كان عمر بن الخطاب - رحمه الله - أعلم الناس بالشعر"[30]، وهي شهادة جديرة بالتقدير، كما أنَّ شهادة الحُطيئة جديرة بالتقدير أيضًا؛ لأن الحطيئة كان راوية لكعب بن زهير، وتلميذًا في مدرسة عبيد الشعر التي عرفت بالتجويد والتهذيب والدِّقة في إنتاجه[31].

 

"ويُروَى أنه اجتمع في المدينة راوية جرير، وراوية نصيب، وراوية كثير، وراوية جميل، وراوية الأحوص، فادَّعى كل رجل منهم أنَّ صاحبَه أشعر، ثم تراضوا بسكينة بنت الحسين فأتوها وأخبروها..."[32]، وكان الخلفاء والأمراء أيضًا يكلفون بتقريب هؤلاء؛ ليَرووا لهم الأشعار في مَجالسهم، ويستمتعوا بها في ليالي أنسهم.

 

وقد عدَّ النقاد حُسن اختيار الأشعار عمومًا مسألة خاضعة للعقل: "وقد قيل: اختيار الرجل قطعة من عقله، كما أن شعره قطعة من علمه"[33]، لكنَّهم جعلوا حسن اختيار الأشعار للحفظ يتصدَّره مقياس البلاغة، "واعلم أنَّ الشعر أبلغ"[34].

 

وقد اهتم النُّقاد القدامى بجودة "الاستهلال" في القصيدة، واشترطوا على المبدع أن يتأنَّق فيه، ويُخرجه على أحسن صورة، وفسَّروا ذلك بأن جودة الاستهلال فيها الانطباع الأوَّلِي للنفس، فإذا كان حسنًا، انجذبت النفس إلى النص وتفاعلت معه، وبهذا يكون عاملاً مهمًّا في إثارة التخيُّلات المناسبة في القصيدة، وأقدر على إحداث الاستجابة المناسبة، فالاستهلالات - كما يرى حازم - هي رائد ما بعدها إلى القلب، وإنَّما كانت كذلك؛ لأنَّها أول ما يقرع السمع من الكلام[35]؛ لذلك يحذر أبو هلال من سوء الابتداء، فيقول: "ليس يُحمد من القائل أن يُعَمِّي معرفةَ مغزاه على السامع لكلامه في أول ابتدائه"[36]، وواضح من هذا القول اهتمامُ أبي هلال بحقِّ المتلقي في ابتدائه بما يشوقه إلى المتابعة، ويَجذبه إلى ساحة النص؛ ليتفاعل معه.

 

روي عن التوزي (ت 233هـ) أنَّه قال: "قلت للأصمعي: مَن أشعر الناس؟ فقال: من يأتي إلى المعنى الخسيس، فيجعله بلفظه كبيرًا، أو الكبير، فيجعله بلفظه خسيسًا، أو ينقضي كلامه قبل القافية، فإذا احتاج إليها، أفاد بها معنى، قال: نحو من؟ قال: نحو ذي الرمة حيث يقول[37]:

قِفِ الْعِيسَ فِي أَطْلاَلِ مَيَّةَ فَاسْأَلِ
رُسُومًا كَأَخْلاَقِ الرِّدَاءِ الْمُسَلْسَلِ

 

فتم الكلام، ثم قال: "المسلسل"، فزاد شيئًا.

قال: قلت: ونحو من؟ قال: الأعشى حيث يقول:

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيَفْلِقَهَا
فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الْوَعِلُ [38]

فزاد معنى، قال: قلت: وكيف صار الوعل مفضلاً على كل ما ينطح؟ قال: لأنه ينحَطُّ من أعلى الجبل على قرنيه، فلا يضيره.[39]

 

والأصمعي بهذا الخبر يضع يده على أساسٍ دقيق من أسس النَّقد الأدبي، هو قوة العبارة التي يستطيع الشاعر بها أنْ يقدم الفكرةَ المراد التعبير عنها في أسلوب أخَّاذ تجعل المتلقي للشعر مُتأثرًا بهذه الصياغة، مهما كان نصيب الفكرة من الكبر أو الخساسة؛ ذلك لأنَّ "غاية الشعر هي التأثير، والتأثير يعني تغيرًا في الاتِّجاه، وتحولاً في السلوك، والبداية الأولى للتأثير هي تقديم الحقيقة تقديمًا يَبْهَرُ المتلقي من ناحية، ويَبْدَهُه بها من ناحية أخرى... فتتبدى الحقائق من خلال ستار شفَّاف يُضفي عليها إبهامًا محببًا يثير الفضول، ويُغذي الشوق إلى التعرف"[40].



[1] النقد في أدق معانيه هو "فن دراسة النصوص والتمييز بين الأساليب المختلفة"، وهو روح كل دراسة أدبية إذا صحَّ أن الأدب هو كل المؤلفات التي تكتب لجميع المثقفين؛ "لتثير لديهم بفضل خصائص صياغتها صورًا خيالية، أو انفعالات شعورية، أو إحساسات فنية؛ "لانسون، منهج البحث في تاريخ الآداب، صـ 21، وينظر: النقد المنهجي عند العرب صـ 14".

[2] شكري المبخوت: "جمالية الألفة: النص ومتقبله في التراث النقدي"، المجمع التونسي للآداب والعلوم والفنون، بيت الحكمة، 1993م، صـ 8، 9.

[3] إبراهيم السعافين: "إشكالية القارئ في النقد الألسني"، مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت، عدد 60، 61، 1989م، صـ 37، وينظر: "البيان العربي دارسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى"، د/ بدوي طبانة، صـ 74، وما بعدها، مكتبة الأنجلو المصرية، ط6، 1976م.

[4] فاضل ثامر: "من سلطة النص إلى سلطة القراءة"، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 48/49، 1988م، بيروت، صـ 95، وينظر في ذلك: بحث الدكتور عز الدين إسماعيل بعنوان: "كيفيات تلقي الشعر في التراث العربي"، في كتاب "جائزة الشاعر محمد حسن فقي عن الشعر العربي المعاصر والجمهور"، مؤسسة يماني الثقافية الخيرية، 2000م، صـ 167 - 208.

[5] "جهود الرواة العلماء في النقد خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين"، صـ 1 - 15، وينظر: "كيف تلقى العرب القدامى الشعر"، مجلة عالم الفكر، صـ 7، وما بعدها.

[6] "ديوان الخنساء"، صـ 49.

[7] "ديوان النابغة الذبياني"، صـ 38، والمنتأى: الموضع الذي يُنتأَى به؛ أي: يُتباعَد، خطاطيف: جمع خطاف، وهو حديدة معوجة تستخرج بها الدلاء من البئر، حجن: جمع أحجن وهو المعوج.

[8] "الأغاني"، 11/6.

[9] "ديوان حسان بن ثابت"، صـ 130، 131.

[10] "الموشح"، صـ 82.

[11] "الموشح"، صـ 83.

[12] د/ بدوي طبانة، "دراسات في نقد الأدب العربي"، صـ 67، 68.

[13] "نقد الشعر"، صـ 91 – 94 (بتصرف).

[14] د/ داود سلوم، "مقالات في تاريخ النقد العربي"، صـ 33.

[15] "النقد المنهجي عند العرب"، صـ 17.

[16] يُنظر: "الموشح"، صـ 28 – 31، و"الأغاني"، 8/194، و"ديوان امرئ القيس"، صـ40.

[17] "الموشح"، صـ 29، وينظر: "جماليات الألفة"، صـ 55، 56.

[18] يقصد بقوله: "استنوق الجمل"؛ أي: جعله كالناقة، ينظر أصل البيت وقصته: "الشعر والشعراء"، 1/180، 181، و"الموشح"، صـ 110، و"العقد الفريد"، 5/359، و"الأغاني"، 21/132، وينظر: "قيم الإبداع الشعري في النقد العربي القديم"، صـ 17.

[19] "الشعر والشعراء"، 1/135.

[20] "الموشح"، صـ 32، 33، و"بيان إعجاز القرآن"، صـ 58.

[21] "الأغاني"، 4/33، و"المثل السائر"، 1/194، وينظر: د/ شوقي ضيف، "العصر العباسي الأول"، 245.

[22] "المثل السائر"، 1/194 (بتصرف).

[23] "البيان والتبيين"، 1/141.

[24] "الوساطة"، صـ 202.

[25] "فلسفة الجمال في البلاغة العربية"، صـ 364.

[26] إبراهيم السعافين، "إشكالية القارئ في النقد الألسني"، إن أية قراءة معاصرة لن تكون بمعزل في مشروعها القرائي عن أصول عمود الشعر العربي، وأن انطلاق الشعر الجديد إلى عالم الابتداع ليس مرهونًا بزوال تقاليد الشعر العربي القارة، فمفاهيم عمود الشعر تتَّسع للتجارب الحديثة؛ إذ لم توضع هذه المفاهيم انتصافًا لطريقة أدائية دون أخرى؛ (عمود الشعر العربي، صـ 33، 34).

[27] "شرح ديوان الحماسة"، 1/8، 9.

[28] "الشعر والشعراء".

[29] "الأغاني"، 2/187، و"العمدة"، 2/170، و"خزانة الأدب"، للبغدادي، 3/295.

[30] "البيان والتبيين"، 1/239.

[31] "نقد اللغويين للشعر العربي"، صـ 86.

[32] "الموشح"، صـ 252.

[33] "الصناعتين"، صـ 9.

[34] "البرهان"، لابن وهب، صـ350.

[35] "منهاج البلغاء"، صـ 309، و"العمدة"، 1/218، و"المثل السائر"، 3/98، وقارنه بما جاء عند أبي هلال في "الصناعتين"، صـ 451، وما بعدها، و"بديع القرآن"، صـ64، وينظر: "الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية"، صـ 90، وما بعدها، وما بعدها.

[36] "الصناعتين"، صـ 463.

[37] "ديوان ذي الرمة"، ق 50/1، ج3/1451.

[38] "ديوان الأعشى"، ق6، صـ 46، ب49.

[39] "نقد اللغويين"، صـ 177.

[40] "مفهوم الشعر"، صـ 73.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (1/ 10)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (3/ 10)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (4/ 10)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (10/5)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (8/ 10)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (10/9)

مختارات من الشبكة

  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (10/10)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (7/ 10)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ظهور منظور المتلقي في التراث النقدي عند العرب (6/ 10)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحضارات المجاورة لبلاد العرب عند ظهور الإسلام(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • دور الإعراب في تنبيه المتلقي إلى الخطاب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • خاتمة ونتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل في تاريخ الإسلام(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أثر ظهور أول تسجيل للقرآن الكريم في تاريخ الإسلام(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • ظهور المنكر بين الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة ظهور أول تسجيل صوتي لبعض سور القرآن الكريم(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب