• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    اللغة العربية في بريطانيا: لمحة من البدايات ونظرة ...
    د. أحمد فيصل خليل البحر
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

لغة السماء

لغة السماء
أ. منى مصطفى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/12/2022 ميلادي - 18/5/1444 هجري

الزيارات: 3123

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لغة السماء


خُلق الإنسان مجبولًا على حب الخلود فابتدع الفنون ليخلّد مواقفه ومشاعره وينقل خبرته لذويه بدءا من الصياد البري اليوناني الذي كان يمثل طريقة الصيد في أسماره لقبيلته تسرية عنهم وتعليما لصغارهم وانتهاء بالإلياذة والأوديسا تلك الملاحم الشهيرة.

 

ثم أيقن الإنسان أن الكتابة من أنفع الطرق للخلود فبدأ يسكب الرجل حكمته وخبرته منقوشة على الجلود أو الحجر أو الشجر والعظام والصخور والورق، فانتعشت الكتابة على مرّ العصور وفي جميع الأمم واللغات.

 

وها نحن نجد ذلك في الأثر الفرعوني والسومري والحميري... وفي كل لغة كانت هناك مشكلات تواجه الكتابة؛ فيبتكر أهل اللغة من الطرق ما ييسر عليهم الكتابة والفهم حتى يحققوا الغاية المنشودة وهي (ترك خبرتهم وعلمهم وتأملهم لجيل بعد جيل ثم الغاية الأسمى من ذلك وهي الخلود).

 

وليس عنا حجر رشيد ببعيد الذي حفظ لنا رموز اللغة الهيروغليفية وكذلك المخطوطات العربية التي نقلت لنا تطور الكتابة العربية وكذا الأمر في اللاتينية والفارسية والهندية إلى آخر الحضارات القديمة.

 

من هنا كانت الكتابة حركة حضارية مهمة جدا لابد لها أن تحظى بالعناية والتطوير وإزالة عقباتها تيسيرا للفهم وللنقل وللإبداع... وهنا نتناول قضية مستقبل الكتابة العربية، وهي قضية مهمة جدا لكل محب لدينه غيور على تراثه مهتم بمصير نتاج اللغة العربية العلمي والديني فهي ليست لغة ككل اللغات بل هي – كما يروق لي أن أسميها – هي لغة السماء، نعم هي لغة السماء، فبها جاء الوحي، وبها يتحدث أهل الجنة، وبها نطق ذو المرة عليه السلام، وكان أول ما أمر من السماء لمبلغ رسالة ربه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو (اقرأ)، ولا ينفك فعل القراءة عن الكتابة وكأن الأمر السماوي جاء باقرأ ما كُتب واحفظه وبلغه أيها الأمين لتقرأ الأمة وتكتبه خالدا بحفظى إلى ما شاء الله تعالى! ورغم أن النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أمي إلا أنه أول ما أمر به من السماء كان القراءة، وفي ذلك إشارة لما صارت إليه الأمة بعد ذلك، فقد حدثت ثورة علمية بعد موت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن أول كلمة نزلت من السماء متصلة بآخر ما كانت عليه الرسالة... وقد جعل المولى شأنا للكتابة عظيما حيث قال تعالى في إحدى الزهراوين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [البقرة: 282].

 

فلله الحمد على هذا الفضل ولله الحمد على نعمة وجدود الخلفاء الراشدين النابهين الذين ألهموا كتابة القرآن الكريم والحمد لله على نعمة العلماء الهادين المهديين الذين رقوا بالخط العربي والكتابة العربية والكلمة العربية والذوق العربي والفطرة العربية... حتى وصلنا إلى هذه المرحلة العظيمة من تطوير الكتابة والخط، الحمد لله أن جعلنا من أهل هذه اللغة المباركة لغة السماء...

 

ولأن الإنسان بطبيعته مجبول على النسيان فكان العلم المكتوب والمخطوط أكثر خلودا وتناقلا عبر الأجيال من العلم المسموع، وقد أكد ذلك إجماع الأمة على تدوين القرآن الكريم ثم السنة المطهرة إذ أن الكتابة هي الحلقة الجامعة لسلسة الزمن حاضرا وماضيا!

 

من هنا تتبدى لي أهمية البحث في مستقبل الكتابة العربية، وقد خلصت إلى هذه النقاط والتي نتقصاها عبر آراء العلماء ونتائج بحثهم حتى نصل للصورة الحقة التي عليها الكتابة العربية الآن وما يمكن فعله للحفاظ عليها أو تطويرها بحسب الحاجة... وسوف يكون مسار هذه الورقة البحثية كالتالي:

• عرض المشكلات التي تتربص بمستقبل الكتابة العربية.

• أسباب المشكلة ومظاهرها.

• الطرق التي تم اقتراحها من العلماء قديما وحديثا لعلاج المشكلات التي تواجه اللغة العربية. (النتائج)

• قائمة المصادر التي استعنت بها.

 

أولا: المشكلات التي تتربص بمستقبل الكتابة العربية:

يقول شيخ العربية محمود شاكر في كتاب رسالة في الطريق إلى ثقافتنا: (ألقَت الحياة الأدبية الفاسدة بكُلِّ فسادِهَا في حياتنا اللُّغوية والثقافية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية بل في صميم حياتنا الدينية أيضًا حتى أوشك أن يضيع كُلُّ شيء كان غير قابل للضياع).

 

فاللغة العربية لا تنفك عن الدين وعلوه علو لها ومحاربته محاربة لها، وما أكثر محاربي الدين على مرّ العصور بل كانت النافذة الواسعة التي يحارب من خلالها الدين هي اللغة العربية، لذلك كانت المشكلات التي تتربص بالكتابة العربية متعددة وفي هذه العجالة نوضح بعض هذه المشكلات:

1-  مشكلات تتعلق بالاستعمار والاستشراق:

يقول سيد إبراهيم: ” في السنة 1947م حينما كنت عضوا بلجنة النظر في تيسير الكتابة العربية بمجمع اللغة العربية، كانت ترد علينا لمقتراحات من جميع أنحاء العالم وكلها تدعو للتعسير لا للتيسير، ووجدت من بينها خطابا مرسلا من بعض المستشرقين الأمركيين يقول فيه: إنه كان أسيرا لدى اليابانيين ولما أطلق سراحه وجد نشرة أذاعتها إدارة الجيوش المتحدة تدعو فيها إلى الدخول في سبيل تيسير الكتابة العربية أعلن عنها وقتئذ”. وأدع القارئ يتأمل في دلالات هذه القصة ويتعجت من إدارة الجيوش المتحدة التي أنهكتها الحرب العالمية الثانية ولكنه مع ذلك لم تغفل عن قضية تبدو في الظاهر لا علاقة لم تغفل عن قضية تبدو في الظاهر لا علاقة لها بها وكل ذلك في سبيل إماتتة الحرف العربي.

 

• حركة الاستشراق اشتعلت لأسباب سياسية دينية فكان من أهدافها فهم اللغة والدين لمعرفة باب هدمهم إلا قلة قليلة منهم كانت تطلب العلم للعلم وتركت أثرا نافعا بالفعل.

 

• من أين أتت المشكلةإذن؟ من أن بعض أساتذتنا مفتونين بالمستشرقين وبدأوا يطعنون في اللغة وينتقدون صعوبتها وينسبون لها ما ليس فيها مثال على ذلك تضخيم أنيس فريحة لمشكلات الخط العربي لقبول فكرة تغيير الحروف العربية...

 

• فانعكس ذلك على تعلم الكتابة وتعليمها والعملية التعليمية كاملة وبالطبع انعكس ذلك على الكتابة العربية، ويقول محمود شاكر في رسالة في الطريق إلى ثقافتنا أيضا: ((وأقُص عليك قِصَّةَ تاريخ طويلٍ سوف أختصره لك اختصارًا مُوجَزًا أشدَّ الِإيجاز ما استطعتُ، وذلكَ لأن هذا الفَسادَ لم يدخل على ثقافتنا دخولاً يوشِك أنْ يَطْمِسَ مَعَالمها ويطفيء أنوارهَا، إلاّ بعد التصادمِ الصامتِ المخيفِ الذى حَدَث بيننا وبين الثقافة الأوربيّة الحاضرةِ، وإذا نحن أغفلنا هذا التاريخ ولم نتبينه تبيُّنًا واضحًا، فكأننا أغفلنا القضية كلَّهَا، وأسقطناهَا إسقَاطًا من عقولنا).

 

2- مشكلات تتعلق باللغة نفسها وطبيعة الكتابة العربية، ومنها:

• يقول أنيس فريحة في علاج هذه القضايا (لكي يجيد الطالب القراءة يحتاج إلى مدة من الزمن يحتاج إلى مدة تفوق المدة التي يحتاجها الطالب الذي تكتب لغته بالحرف اللاتيني وذلك يعود في رأيه لتعدد أشكال الحرف العربي عند وصله وفصله) ويعود ذلك لأسباب منها:

أ‌- كثرة قواعد الإملاء.

 

ب- تعدد صور الحرف الواحد في الكتابة حسب موقعه من الكلمة (ت – ة - ـتـ) وكذلك الجيم (جـ - ج) في أول الكلمة أو وسطها وآخرها فتصعّب تعلم الكتابة على المبتدئين.

 

ت‌- ارتباط قواعد الإملاء بالنحو والصرف، مثل: سما، وبكى، وثريا، و يحيى الاسم، ويحيا

الفعل.

 

ث- عدم المطابقة بين رسم الحرف وصوته، ومنها الحروف التي تنطق وال تكتب، مثل: عمرو، وكتبوا، أو الحروف التي تكتب وال تنطق، مثل: لكن، وهذا، وهذه، وهؤلاء.

 

ج- الحروف المهملة، والمعجمة وهي الحروف المتشابه في الرسم ولا يميزها إلا نقاط الإعجام (ع – غ – ج - ح –خ...) فلو نسي الكاتب النقطة أو تحولت عن موضعها سبب ذلك صعوبة في القراءة ولبسا في المعنى...

 

ح- استخدام الصوائت القصار، والتمييز بين الحركات وما يناسبها من حروف المد في حالة الإشباع أو القصر، مثل: منه ومنهو، ونعبد ونعبدو.

 

خ- الإعراب إذ يختلف رسم الحرف حسب موقعه من اإلإعراب، مثل: جاء زملاؤنا، رأيت زملاءنا، تعرفت على زملائنا... وكذلك الفرق في المعنى بين (هذا كتابي) و (النشاط الكتابي)

 

د- اختلاف علامات الترقيم الذي لها علاقة بالفهم والإعراب في حالتي الوصل أو الفصل مثل: مرض خالد وأخوه في السفر، وقولك: مرض خالد، وأخوه في السفر.

 

ذ‌- الكتابة دون حركات مما يترتب عليه الخطأ في القراءة حتى من أهل التخصص.

 

3- مشكلات ترتبط بالحالة الاقتصادية والسياسية والصناعية لأهل العربية:

من المعروف عبر التاريخ أن الحالة الاقتصادية والسياسية عندما تعلو وتقوى تقوى معها اللغة وعندما تهبط تهبط معها كذلك وقد جسد التاريخ ذلك ففي عصور قوة المسلمين كانت العربية متصدرة العالم واتخذتها غالب البلدان لغة للسانها أو رسم لغتها بحروفها كما حدث في تركيا وبعض بلاد شرق آسيا... وعندما تبدل الحال وصعدت الأمم الغربية سنام التقدم الاقتصادي والسياسي تصدرت لغتهم ناهيك عن الصناعة التي لم يعد للعرب منها نصيب في حين أنها ترفع اللغة لقمة الانتشار والقبول بين الناس فكانت العوامل الاقتصادية والسياسية من أهم المشكلات التي تواجه لغة قوم وخاصة العرب.

 

رابعا: الطرق التي تم اقتراحها من العلماء قديما وحديثا لعلاج المشكلات التي تواجه اللغة العربية:

يقول المستشرق فندريس (علم الكتابة العربية)

 

(لا يوجد رسم واحد يمثل اللغة المتكلّمة كما هي، ولا يوجد شعب لا يشكو من قصور الرسم غير أن ما تعانيه الإنجليزية والفرنسية قد يفوق ما في غيرهما).

 

وهذه المشكلات على تنوعها عولجت في اللغة العربية بشكل كبير وكان من أهم الأسباب التي نهضت بالعربية - بعد أن هاجمها سكان الكوكب لو جاز التعبير – هو ارتباط اللغة بالدين الإسلامي فقد سخر الله لها جندا من جنده يعملون حسبة لله لإحياء اللغة وتجديدها في سبيل الآجر من الله تعالى، فقد تصدوا للدعوات المهاجمة للعربية وطوروا الرسم والقواعد الكتابية والإملائية وولدوا القضايا النحوية وضاعفوا حركة التأليف والتصنيف فنهض كل ذلك بالكتابة العربية ولا يخلو الأمر من جهود في حل كل المشكلات السابقة على مستوى مهارة الكتابة نفسها وقد عولجت المشاكل السابق ذكرها ومن هذه الحلول والجهود: (مستفاد من كتاب الكتابة العربية.

 

• بتقديم طرق لتطوير الطباعة بحيث يضبط كل حرف على الأقل في مراحل التعليم الأولى.

 

• الاهتمام بتدريس اللغة خاصة القراءة والكتابة...ضبط النصوص الأصيلىة في بناء اللغة كالقرآن الكريم والحديث والشعر...

 

• وهذه مشكلة تواجه كل من يتعلم اللغة وليس فقط اللغة العربية ونجدها في كل اللغات تقريبا... وأصل حل مشكلة الكتابة في اللغة العربية هي الحركات فلو كتبت النصوص بالحركات الصحيحة لأصبحت مشكلة القراءة محلولة وبالتالي تحل مشكلة الكتابة...

 

• وقال العلماء قديما (إن الشكل (التحريك) يجب في كل ما يشكل (أي يلتبس) فإذا ما التزمنا ذلك تخلصنا من كل نقص ودل النطق على طريق الكتابة بوضوح بلا لبس...

 

• أما المروجون لقضية أن القارئ في اللغات الأوروبية يقرأ ليفهم وفي اللغة العربة يفهم ليقرأ فهو قول فيه من التهويل الكثير فإن كتب الكلام بالحركات نفى ذلك تماما... وأن كتب بدون تحريك فموقع الكلمة من الجملة يدلك على طريقة نطقها في الغالب... المطلوب من القارئ فقط أن تسبق عينه لسانه...

 

ولابد لنا أن نعلم أن اللغة بناء متكامل من المهارات والقدرات العقلية الأدائية المتداخلة التي لا تتجزأ، ويصعب الفصل بينها، وهذا الفهم للغة هو المدخل السهل لمعالجة الضعف في الكتابة اليدوية بخاصة، ولهذا دعا كثير من اللغويين والمربين والمخططين التربويين إلى النهوض بالكتابة العربية والخط العربي حتى نزلل كل عقبة تواجه.

 

لا يخفى على أحد مقدار تمكين الكتابة العربية ورسوخها في الاستخدام اليوم، بعد أن أزاحت عن طريقها (أي أخرجت منها) وساوس وتخرصات أطلقتها ألسنة وأقلام إن لم يخالطها سوء القصد فقد خالطها قصور التفكير.

 

وإذا نظرنا إلى الماضي وتأملنا في الحاضر أمكننا أن نبصر المستقبل المشرق للكتابة العربية، وها هو الحرف العربي الجميل الذي غاب عن الأعين في تركيا بعد حملة أتاتورك عليه يبرز من جديد، وإذا كنا لا نتوقع أن يغير الأتراك رسمهم الآن فإن عنايتهم بالخط العربي تزداد وولع خطاطيهم به يتجدد

 

ويبدو أن جهات كانت تسعى إلى إماتة الحرف العربي، وأن الدعوات التي قامت لتغيير شكله كانت تصب في ذلك الاتجاه، وقد تحقق هدفها في تركيا ولكنه أخفق في مصر وغيرها من بلاد العروبة والإسلام، ولعل من المفيد هنا للقارئ نقل القصة التي رواها الخطاط المصري الأستاذ سيد إبراهيم، بعد أن أعلن مجمع اللغة العربية في القاهرة عن رصد جائزة مالية لأحسن مقترح في تيسير الكتابة العربية.

 

الكتابة العربية أحسن حالا من كثير من الكتابات المشهورة ولا سيما بعد الإصلاحات التي أدخلها عليها علماء العربية الأوائل يقول علي عبد الواحد وافي في كتابه فقه اللغة (جاء نظام الكتابة في العربية نظاما مثاليا من حيث وضع رمز واحد مستقل لكل وحدة صوتية (حرف)، وهذا التفكير يتمشى مع أحدث منهج في التفكير الصوتي الذي يهدف إلى تأسيس نظم كتابية خالية من الاضطراب والتعقيد وتكون وفق المبدأ المشهور (رمز واحد لكل فونيم أو وحدة صوتية...).

 

ولا نغفل دور وجود القرآن الكريم وحفظ الله تبارك وتعالى له فقد حقق ثبات واستدامة اللغة العربية والحرف العربي فقد جاء في كتاب هيئة كبار العلماء (لم ينزل مكتوبا بالعربية أو بغيرها حتى نلتزم الحروف التي نزل مكتوبا بها، وإنما نزل وحيا متلوا، فأملاه النبي صلى الله عليه وسلم على كتبته وكان أميا، فكتبوه بما كان معهودا لديهم من الحروف، ولم يكن هناك نص من الكتاب.

 

أو السنة يلزمهم بذلك، إنما هو واقع لغتهم الذي التزموا من أجله كتابة القرآن بحروف لسانهم مع اختلاف منهم في رسم بعض الحروف، وإذا كان الأمر كذلك فلم لا يجوز أن يكتب المصحف بحروف غير عربية كاللاتينية، لوجود الداعي إلى ذلك مع عدم الضرر؟).

 

وهذه الحكمة الإلهية كانت من عوامل ثبات وتتطور الخط العربي والكتابة العربية بالإضافة إلى الثورة العلمية التي ترتبت على أن معجزة سيدنا محمد لغة فقد اشتعل المؤمنون تأليفا في التفسير والحديث والسنة والآدداب والرقائق وتاريخ العرب مما جعل تطوير الكتابة وانتشارها وبقائها رغم كل العقبات واقع كالشمس لا يطفئها غيم ولا غبار!

 

وفي خلود القرآن وما ترتب عليه من علوم أحكام تنصف العربية وتجعلها واجبة على أهل الدين بل تجعل تعلم العربية من أعظم مظاهر العلم وحفظ الشعر من أصول التفسير كما جاء في كتاب هيئة كبار العلماء: (أن تعلم الإنسان للغة غير لغته نطقا وقراءة وكتابة أمر عادي معهود عند الناس قد درجوا عليه قديما وحديثا، إشباعا لغريزة حب الاستطلاع ونهمة العلم، ورغبة في نيل الشهادات، وحرصا على تبادل المنافع وتعرف الصناعات إلى غير هذا من الدواعي التي تحفز الناس إلى تعلم غير لغتهم، فلا حرج على الأعاجم في أن يتعلموا اللغة العربية كتابة وقراءة، فإن ذلك في متناول الأيدي ومستوى الطاقة البشرية، بل يجب على المسلمين أن يتعلموها ليقرءوا بها القرآن ويطلعوا على السنة النبوية ويأخذوا منها أحكام الإسلام، بل هذا أحق من تعلم الإنسان غير لغته لنيل شهادة، أو تعلم طب أو صناعة، أو ما شابه ذلك من الأغراض الدنيوية، ومن رجع إلى ماضي المسلمين وجد من أسلم من الأعاجم قد تعلموا اللغة العربية، وأسهموا كثيرا في خدمتها.

 

وقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا في [مجلة المنار]: أن بعض المسلمين في الترنسفال كتب إلى جريدة في مصر ثلاثة أسئلة لعرضها على بعض علماء الأزهر فعرضتها على الشيخ محمد بخيت، فأجاب عنها ونشرت الجريدة أجوبته:

ومن الأسئلة الطريفة والربط العجيب بين اللغة والفقه بعقل راجح وقياس رشيد، فقد جاء أحد الأسئلة عن التزوج بأخت الرضيعة، وجوابه معروف وهو: أنه لا يحرم على الرجل إلا من رضعت هي وإياه من امرأة، وأما أخت الرضيعة فلا تحرم.

 

وعليه فلا يجوز قراءة القرآن بغير العربية لقادر عليها، وتجوز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها، بشرط أن لا يختل اللفظ ولا المعنى.

 

ومن هنا نجد أن مستقبل الكتابة العربية لا خوف عليه مادام الدين الإسلامي له رجاله على هذه الكوكب... ومادام في الأمة حراس لمرماها يصدون الأفكار الخبيثة والدعوات المغرضة التي تحارب اللغة والدين ما دام الليل.

 

خاتمة:

وهنا نصل لنتيجة راكزة أصيلة وهي أن مستقبل الكتابة العربية لاشك مزهر بكتابها السماوي وأبنائها المجتهدين المخلصين مهما حاول المغرضون، لا ننكرأننا في حالة ضعف وهجوم وتراجع وحرب ولكن لكل جواد كبوة لا يفتأ يحاول النجاة منها، اللهم أحيي الأمة وارزقها قائدا يرفع فيها راية الدين واللغة ويحيي سيّر أوائل هذه الأمة!.

 

المصادر والمراجع:

من عوائق هذا البحث قلة المراجع الخاصة بالموضوع وتفرق المعالجة في مراجع كثيرة منوعة الموضوعات.

 

م

الكتاب

الموؤلف

1

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا

محمود شاكر

2

كتاب هيئة كبار العلماء

مجموعة من العلماء

3

علم الكتابة العربية

غانم قدوري الحمد

4

نهاية المطلب في دراية المذهب

للجويني

5

فقه اللغة

د عبد الواحد وافي





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لغة السماء (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • إزالة الرماد عن لغة الضاد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عشقي للغة العربية: لغة الضاد وروح البيان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • لغة الخطاب القرآني عن العنف الأسري: دراسة تحليلية في ضوء علم اللغة الاجتماعي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رب قول معروف خير من صدقة وإن بلغت ما بلغت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهارة الاستماع وتجربتي في تدريسها لمتعلمي اللغة العربية لغة ثانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منزلة اللغة العربية بين اللغات المعاصرة: دراسة تقابلية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • لغة القرآن وتميزها على سائر لغات العالمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللغة العربية.. لغة القرآن وبيان القرآن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أهداف تعليم اللغة العربية كلغة ثانية (للناطقين بغيرها) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مشكلات يواجهها الناطقون بلغة هوسا عند تعلم اللغة العربية وتعليمها(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب