• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

وسائل التحويل من البنية العميقة إلى السطحية عند ابن جني (2)

وسائل التحويل من البنية العميقة إلى السطحية عند ابن جني (2)
أ. د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2016 ميلادي - 18/8/1437 هجري

الزيارات: 10842

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وسائل التحويل من البنية العميقة إلى السطحية عند ابن جني (2)


سادسًا: التَّضمين:

للتضمين مجموعةٌ من التعريفات أهمها: "أنْ يُؤَدِّي (أَوْ يُتَوَسَّعَ) في اسْتِعْمَالِ لَفْظٍ تَوَسُّعًا يجعله مُؤديًا مَعنى لفظٍ آخرَ مُنَاسِبٍ له، فيُعْطَي الأولُ حُكْمَ الثَّاِني في التَّعَدِّي واللُّزُوْمِ"[1]، وهو عند بعضهم: "إِشْرَابُ لَفْظٍ مَعْنَي لَفْظٍ آخرَ وإعْطَاؤُهُ حُكْمَهُ لِتَصِيْرَ الكَلِمَةُ تٌؤَدِّي مَعْنَى الكلمتين"[2]. و"إنَّ الغرضَ من التضمين إعطاءُ مجموعِ معنيين وذلك أقوى من إعطاءِ معنى واحدٍ"[3].

 

وعن كيفية وقوع التضمين يحدُّثنا ابن جني حيث يقول: "اعلم أنَّ الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعدى بحرفٍ والآخر بحرفٍ آخر؛ فإنَّ العرب قد تتوسع فتُوقع أحدَ الحرفين موقعَ صاحبه، إيذانًا بأنَّ هذا الفعل في معنى ذلك الآخر؛ فلذلك جِيءَ بالحرفِ المُعْتَادِ مع ما هو في معناه؛ وذلك كقوله تعالي « أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ » [4]، وأنت لا تقول (رفثت المرأة) ولكن تقول (رفثت بها أو معها)، لكنَّه لمَّا كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي (أفضيت) بإلى؛ كقولك: أفضيت إلي المرأة؛ جئت ب(إلي) مع الرفث إيذانًا وإشعارًا أنَّه بمعناه[5].

 

وقد امتدح ابن جني التضمين قائلاً:" وهذا من أسدِّ وأدمثِ مذاهبِ العربيةِ، وذلك أنَّه موضعٌ يملك فيه المعنى عنانَ الكلامِ، فأخذه إليه ويصرفه بحسب ما يُؤثره عليه"[6]. فمن المُؤكَّد أنَّ التَّضمين جاء لتحسين المعنى والعناية به، لأنَّ التَّضمين في الدرس النحوي ما هو إلا دراسة في المعنى، ويُؤدِّي فيه المعنى دورًا بارزًا؛ لأنَّ الاعتماد علي اللَّفظ المنطوق، وعن كثرة التَّضمين يقول ابن جني:" ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئًا كثيرًا لا يكاد يُحاط به، ولعلَّه لو جمع أكثره لا جميعه لجاء كتابًا ضخمًا، وقد عرفت طريقه، فإذا مرَّ بك فتقبَّله وأنس به، فإنَّه فصلٌ في اللغة لطيفٌ حسنٌ؛ يدعو إلي الأُنس بها "[7].

 

ولم نألف هذه الظاهرة عند البنيويين التحويليين، ولكن من الممكن أن يكون أقرب رمز عندهم لهذه الظاهرة على النحو الآتي: التعويض: (أ) - (ب).[8]

 

سابعًا: الاستغناء:

"هو استغناءُ العربِ بكلمةٍ عن كلمةٍ أو أكثر؛ عن طريقِ حَذْفِ بَعْضهِاَ أو تغيير صورتها، أو الاستعانة بكلمة ليست من اشتقاقها؛ لوجودِ قرينةٍ، وذلك استحسانًا وطلبًا للخفَّة والاختصار، ولضربٍ من البلاغة وتجويد المعنى"[9]، ومن ذلك ما ذكره سيبويه عن العرب في هذا الشَّأن:" ويستغنون بالشَّيءِ عنْ الشَّيءِ الذي أصله في كلامِهِمْ أن يُستعمل حتَّى يصيرَ ساقطًا".[10] وعن ذلك يقول ابن جني:" لا يُنكرُ أنْ يكونَ في كلامِهِمْ  العرب  أصولٌ غيرُ مَلْفُوْظٍ بِهَا، إلا أنَّهَا مع ذلك مُقَدَّرَةٌ، وهذا واسعٌ في كلامهم ".[11].

 

ويُؤكِّد ابن جني أنَّ الاستغناء من صُنع العرب، وعن قصد منهم؛ "لأنَّه لا يُستنكر الاعتداد بما لم يخرج إلي اللفظ؛ لأنَّ الدليل إذا قام علي شيء في حكم الملفوظ به، وإن لم يَجْرِ علي ألسنتهم استعماله"[12]. ويقولُ ابن جني:" وذلك أنَّا نرى العرب قد غيَّرت شيئًا من كلامها من صورةٍ إلي صورةٍ، فيجبُ حينئذٍ أن تتأتى لذلك وتُلاطفه لا أن تخبطه وتتعسَّفَهُ [13]"؛ أي: يُشترط في الاستغناء السُّهولة والمُلاطفة، كما يُشترط أن يتوافق اللَّفظ (المستغنى به) مع أمثلتهم وصورهم، كما كان المحذوف (المستغنى عنه) مُوافقًا. وعن ذلك يقول ابن جني:" العرب إذا غيَّرت كلمةً من صورةٍ إلي أخرى، اختارت أن تكون الثانيةُ مُشَابِهَةً لأصولِ كلامهم ومُعْتَادِ أمثلتهم، وذلك أنَّكَ تحتاجُ إلي أنْ تُنِيْبَ شيئًا عن شيءٍ؛ فأوْلى أحوالِ الثَّاني بالصَّواب أن يُشابِهَ الأولَ؛ ومن مُشابهته له أنْ يُوَافِقَ أمثلةَ القومِ، كما كان المُناب عنه مثالاً من مُثلهم أيضًا [14]". ويرى كثيرٌ من الباحثين أنَّ اللغة تُخفِّف حملها المعجمي عن طريق الاستغناء، وهو على أنواع:‏

1- نوع استعمالي؛ حيث تموت اللفظة المهجورة زمناً طويلاً، وفقاً للقاعدة نفسها التي تثبت بها اللفظة الجديدة عن طريق الاستعمال.‏

2- نوع تمنعه قواعد القياس، وهي القواعد التي تسمح في الوقت نفسه بتوسع اللغة، مثل صيغ التَّعجب والتَّفضيل من بعض الأفعال.‏

3- نوع اعتباطي لا ضابط له، كالاستغناء بجمع القلة عن الكثرة أو بالعكس، والاستغناء عن صيغ بعض الأفعال ببعضها الآخر كالاستغناء عن (فقر) و(شد) بصيغتي (افتقر) و(اشتد) والاستغناء عن الأصل المجرد بما استعمل مزيداً؛ وهو صدر صالح من اللغة كما يقول ابن جني؛ نحو (كوكب) و(حوشب)، إذ لم يرد في كلامهم (ككب) ولا (حشب).‏

وعليه، فالاستغناء كان مسؤولاً عن غياب بعض المفردات في البنية السطحية التي كانت في البنية العميقة، ولقد فطن ابن جني إلى دراسته، والصورة التي درس النحاة العرب بها الاستغناء، لا تتوافق مع أُسس البنيويين؛ لأنهم يدرسون الكلام المنجز أو المسموع، والكلام المُستغنى عنه خارجٌ عن ذلك، وهذا يُخالف المنهج الوصفي.

 

ثامنًا: الإجراء: ويُقصد به إجراء حكم كلمة على كلمة أخرى؛ لوجود أوجه تشابه بينهما [15]، وهذا التَّصرُّف من شأنه أن يُحوِّل الكلام من البنية العميقة إلى البنية السطحية، وقد فطن ابن جني لدراسة هذه الظاهرة ودرسها في الخصائص، ومن ذلك قوله:"باب في إجراء اللازم مجرى غير اللازم، وإجراء غير اللازم مجرى اللازم، وكما أجرَوا غير اللازم مجرى اللازم في قولهم: لَحْمَر ورُيّا، وقولهم: وَهْوَ الله، وَهْيَ التي فعلتْ ".[16] ومنه قوله:" وهو إجراء غير اللازم مجرى اللازم، وهو كثيرٌ؛ من ذلك قول بعضهم في الأحمر إذا خفَّفت همزته: لحمر".[17] ومن ذلك قوله:" ومن ذلك تسكينهم لام الفعل إذا اتَّصل بها علم الضمير المرفوع؛ نحو: ضربت وضربن وضربنا، وذلك أنَّهم أجروا الفاعل هنا مجرى جزء من الفعل ".[18] ومنه قوله:" ومنها أنَّهم قد أجروا الحرف المُتحرِّك مجرى الحرف المُشدد".[19] ويقول:" لكنهم أجَروُا التاء التى هي ضمير الفاعل في نحو: ضربتُك، وإن لم تكن من نفس حروف الفعل مُجرى نون التَّوكيد التي يبنى الفعل عليها، ويضمّ إليها في نحو: لأضرِبنّك".[20] ويقول:" وذلك أنَّهم أجَروْا فَعُولة مجرى فَعِيلة لمُشابهتها إيّاها من عِدّة أوجه... ".[21] ومنه قوله:" ومن ذلك تسكينُهم لامَ الفعل إذا اتّصل بها عَلَمُ الضمير المرفوعُ؛ نحو: ضَرَبْت وضَرَبْن وضربْنا، وذلك أنَّهم أجْرَوُا الفاعل هنا مُجرى جزء من الفعل".[22] ومن ذلك قوله:"فتكسيرهم (نَدًى) على (أندية) يشهد بأنَّهم أجرَوا نَدًى  وهو فَعَل  مجرى (فعال)، فصار لذلك: ندى وأندية، كَغَداء وأغدِية " [23].

 

ويمكن أيضًا أن يرمز له التوليديون التحويليون بالآتي: التعويض: (أ) - (ب) [24].

 

تاسعًا: النَّقل: يرد مصطلح النَّقل في الدرس اللغوي في باب العلم، وباب الفعل اللازم والمتعدي، وغيرهما، وهو أمر معروف لدى اللغويين العرب[25]، ومنهم ابن جني فقد درسه في الخصائص، ومن ذلك قوله عن العلم: " وهذا النَّقل إنَّما هو أمر يخصّ العَلَم؛ نحو: يشكر، ويزيد، وتغلب. قيل: قد يقع النَّقل في النكرة أيضًا. وذلك الينجلِب. فهذا منقولٌ من مضارع (انجلب) الذي هو مطاوعُ جلبته، ألا ترى إلى قولهم في التَّأخيذ: أخَّذته بالينحلِب فلم يَحُرْ ولم يغب. ومثله: رجل أُباتُر. وهو منقول من مضارع (باترت) فنُقِل فوصف به".[26] ومنه قوله:" (يزيد) ليس موضوعًا بعد النَّقل عن الفعلية إلا للعَلَميّة".[27] ويقول عن تعدي الفعل اللازم:" أن (تنقل بالهمز) فيُحدثَ النَّقل تعدّيا لم يكن قبله ".[28] ويقول:" لهمزة النقل في نحو: أمررت زيداً، وكذلك قولك: أخرجته وخرجت به، وأنزلته ونزلت به".[29] ويقول: "هذا في كلام العرب كثيرٌ فاشٍ، والقياس له قابل مُسوَّغٌ، فمن ذلك قولهم: مررتُ بزيدٍ، وما كان نحوه، ممَّا يلحق من حروف الجرّ مَعُونة لتعدِّي الفعل، فمن وجهٍ يُعتقَد في الباء أنَّها بعض الفعل من حيث كانت معدّية وموصلة له، كما أنَّ همزة النَّقل في أفعلت وتكريرَ العين في فَعَّلت يأتيان لنقل الفعل وتعديته؛ نحو: قام وأقمته وقوّمته، وسار وأسَرَّته وسيرته".[30].

 

ويقول عن نقل الحركة:" أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى ما قبلها في الوقف؛ نحو: هذا بَكُرْ ومررت بِبَكْرِ، ألا تراها لمّا جاورت اللام بكونها في العين صارت لذلك، كأنَّها في اللام لم تُفارقها".[31] ومن ذلك أيضًا قوله:" كما تغلب في يغزون ويرمين. يدلُّ على أنَّك لم تنقل الحركة هنا، كما نقلتها هناك، قولُهم في اسم الفاعل أيضًا كذلك، وهو (مشتدّ ومحمرّ)، ألا ترى أنّ أصله: مشتدِد ومحمرِر. فلو نقلت هذا لوجب أن تقول: مشتِدّ ومحمرّ. فلمَّا لم تقل ذلك وصحّ في المُختلفين اللذين النقل فيهما موجود لفظًا؛ امتنعت من الحكم به، فيما تحصل الصنعة فيه تقديرًا ووَهْمًا. وسبب ترك النقل في المفتوح انفراد الفتح عن الضمّ والكسر في هذا النحو؛ لزوال الضَّرورة فيه ومعه".[32] ويقول عن همزة التقرير:" ولأجل ما ذكرنا من حديث همزة التَّقرير ما صارت تنقل النفي إلى الإثبات، والإثبات إلى النفي".[33].

 

عاشرًا: الاَّتساع: وهو يعني: "المُرُوْنَةُ في اللَّفْظِ ومُرَاعَاةُ مُقْتَضَيَاتِ السِّيَاقِ في التَّرْكِيْبِ والعَلاقَاتِ النَّحْوِيَّةِ [34]"؛ وذلك لأنَّ "الشَّيْءَ قَدْ يَكُوْنُ له أصلٌ ثُمَّ يُتَّسَعُ فيه؛ أي: بخروجه عن هذا اًلأصل[35]". ويرى النُّحَاةُ أنَّ "الاتِّسَاعَ ضَرْبٌ من الحذف، إلا أنَّ الفرق بينهما أنَّك لا تُقِيْمُ المُتَوَسَّعَ فيه مَقَامَ المَحْذُوْفِ وتُعْرِبُهُ بإعرابه، وفي الحذف تحذف العامل فيه وتَدَعُ ما عَمَلَ فيه علي حَالِهِ في الإعرابِ، والاتِّسَاعُ العامل فيه بحاله، وإنَّمَا تُقيم فيه مقام المضاف إليه مقام المضاف، أو الظرف مقام الاسم، فالأول نحو قوله تعالي: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [سورة يوسف، الآية (82)]، والمعنى: أهل القرية، والثاني نحو: صيد عليه يومان، والمعني: صيد عليه الوحش في يومين"[36]. وعن الاتساع يقول ابن جني: "وكذلك قوله سبحانه: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [سورة يوسف، الآية (82)]، فيه المعاني الثلاثة: أمَّا الاتساع؛ فلأنه استعمل لفظ السؤال مع ما لا يصح في الحقيقة سؤاله، وهذا نحو: ما مضى ألا تراك تقول: وكم من قرية مسئولة، وتقول القرى وتسآلك؛ كقولك: أنت وشأنك، فهذا ونحوه اتساعٌ "[37]. واهتمام ابن جني بالاتساع ومظاهره في الخصائص أمرٌ واضحٌ. ولم نألف ظاهرة الاتساع عند البنيويين التحويليين بالمفهوم الذي درسها به ابن جني.

 

وبعد فقد تعرفنا على مظاهر اهتمام ابن جني والعرب بالبنية السطحية والعميقة، كما تعرفنا على الوسائل التي تتحول بها البنية العميقة إلى البنية السطحية؛ سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا المبدأ (التحويل) أخذه تشومسكي من النحو العربي والعبري من أجل تطوير نمطه التوليدي الذي يعجز عن تفسير جملة المبني للمجهول، نحو: ضربُ زيد. فهل زيد ضارب أو مضروب؟ ومن الجدير بالذكر أنَّ النحو العبري تقليدٌ للنحو العربي، كما ذكر فرستيج وغيره [38].

 

وبعد فإنَّ النحو التقليدي الذي ورثه وطوَّره ابن جني تفطَّن إلى هذا المبدأ (التَّحويل)، فالألفاظ أو الجمل قد تتفرع إلى أنماط جديدة بزيادات (أي: بتحويلات). وهذا التحليل يعدّ أقرب إلى الإجراءات الرياضية الحاسوبية وأكثر دقة من التحليل التركيبي الذي يعتمد التقطيع والاستبدال وسيلة لاستخراج بنية الجمل، كما هو الحال عند البنيويين.

 

ويذكر أنَّ العرب هم أول من لجأ إلى التقدير العقلي الضروري لتفسير الأبنية والتراكيب التي تعتريها بعض التحولات في سعة الكلام ونظمه؛ كالحذف والتقديم والتأخير وغيرها [39]. كما أنَّ " بعض التحويلات التي كانت معروفة في العربية القديمة قد عزف عنها الاستعمال وعوضت بتحويلات أخرى، من ذلك مثلا ظاهرة الاشتغال في اللغة، حيث أصبح الناس يكتفون بتقديم الفاعل تاركين المفعول به مكانه " [40]. ومع ذلك لا نغفل أهمية المعنى، فالمعنى أهم ما تسعى إليه الدراسة اللغوية، يقول تمام حسان:" لأنَّ كل دراسة لغوية  لا في الفصحى فقط بل في كل لغة من لغات العالم  لابُدَّ أن يكون موضوعها الأول والأخير هو المعنى، وكيفية ارتباطه بأشكال التعبير المختلفة".[41] وهو ما تسعى إليه كل المناهج اللغوية القديمة والحديثة، عند العرب ومنهم ابن جني، وعند البنيويين التحويليين التوليديين، والسيميائيين، والوظيفيين، والتداولية، وعلم لغة النص، وغيرهم.

 


[1] ينظر: الخصائص (2/ 308، 435).

[2] ابن هشام، مغني اللبيب، تحقيق: مازن المبارك، ط2، بيروت، مطبعة دار الفكر،(2/ 791), وينظر: الصبان، حاشية الصبان، القاهرة، ط الحلبي، 1366هـ، (2/ 95).

[3] السيوطي، الأشباه والنظائر، طبعة حيدر أباد، 1944م، (1/ 13).

[4]سورة البقرة، الآية (187).

[5] الخصائص (2/ 308).

[6] ابن جني، المحتسب، تحقيق: علي النجدي ناصف وآخرون، القاهرة، ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1386هـ، (1/ 52)، وينظر: ابن هشام، مغني اللبيب (2/ 609).

[7] الخصائص (2/ 310).

[8] ينظر: جون ليونز، نظرية تشومسكي اللغوية (ص32).

[9] ينظر: عبد الله جاد الكريم، ظاهرة الاستغناء في الدرس النحوي، القاهرة، مجلة المشرق، معهد الدراسات الشرقية، جامعة القاهرة ، 2005م.

[10] الكتاب (1/ 25)، (2/ 121).

[11] ابن جني، المنصف (1/ 348).

[12] الخصائص (2/ 343).

[13] المرجع السابق (2/ 470).

[14] المرجع السابق (2/ 66 ـ 67).

[15]ينظر في ذلك: حسن محمد نور، الإجراء في الصيغ والتراكيب النحوية، دكتوراه، دار العلوم القاهرة، 1999م.

[16]الخصائص )3/ 87)

[17]المرجع السابق (3/ 90)

[18]المرجع السابق (1/ 320)

[19]المرجع السابق (2/ 320)

[20]المرجع السابق (1 / 101).

[21]المرجع السابق (1 / 115).

[22]المرجع السابق (1 / 320).

[23]المرجع السابق (3 / 53).

[24] ينظر: جون ليونز، نظرية تشومسكي اللغوية (ص32).

[25]ينظر في ذلك: ياسر حسن رجب، ظاهرة النقل في الدراسات النحوية، رسالة ماجستير، دار العلوم، جامعة القاهرة، 1992م.

[26]الخصائص (3 / 180).

[27]المرجع السابق (3 / 273).

[28]المرجع السابق (2/ 215).

[29]المرجع السابق (1 / 106).

[30]المرجع السابق (1 / 341).

[31]المرجع السابق (3/ 220).

[32]المرجع السابق (3/ 139).

[33]المرجع السابق (2 / 463).

[34] ينظر: أحمد عطية المحمودي، الاتساع في الدراسات النحوية، ماجستير، دار علوم القاهرة 1989م، (ص 18).

[35] السيوطي، الأشباه والنظائر (1/ 35).

[36] ابن السراج، الأصول (2/ 205)، والسيوطي، الأشباه والنظائر (1/ 35).

[37] الخصائص (2/ 447).

[38] ينظر: ربحي كمال، دروس اللغة العبرية، بيروت، عالم الكتب، 1982م، (ص4)، وسيد سليمان عليان، قواعد اللغة العبرية، الرياض، النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود، لا طبعة، 2000م، ينظر؛ المقدمة.

[39] ينظر: عبد الرحمن حاج صالح، مدخل إلى علم اللسان الحديث، مجلة اللسانيات، المجلد (1) (ج2) 1971م، (ص59).‏

[40] محمد الحناش، النحو التأليفي مدخل نظري وتطبيقي: مجلة دراسات أدبية ولسانية، العدد الأول، السنة الأولى، 1985م (ص58).

[41] تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها،القاهرة، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1973م (ص 6).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وسائل التحويل من البنية العميقة إلى السطحية عند ابن جني (1)
  • الكفاية اللغوية والأداء اللغوي بين ابن جني وتشومسكي

مختارات من الشبكة

  • من البنية العميقة إلى البنية السطحية في الدلالة التوليدية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من البنية السطحية إلى البنية العميقة في النماذج التوليدية دراسة مقارنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • البنية السطحية والبنية العميقة عند ابن جني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • السلطات المتعددة للموبايل (البنية السطحية والبنية العميقة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البنية العميقة ومكانتها لدى النحاة العرب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل المكتوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاطع الصوتية التعليمية وسيلة من وسائل تعليم الكتابة والهجاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مظاهر اهتمام ابن جني بالبنية العميقة والسطحية في الخصائص (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مظاهر اهتمام ابن جني بالبنية العميقة والسطحية في الخصائص (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب