موضوع كتاب العلل، وموارد مؤلفه، ودراسة نسخه

موضوع كتاب العلل، وموارد مؤلفه، ودراسة نسخه

موضوع الكتاب

يكاد عنوان الكتاب أن ينبئ عما بداخله، فموضوعه هو الأحاديث التي اشتملت على علة ما، على التعريف الشامل المتقدم للعلة، وإن كانت العلة القادحة؛ سواء كانت خفية أم لا، تكاد تكون معظم مسائل الكتاب.

فقد أورد فيه مؤلفه كثيراً من هذه الأحاديث المعلة، مما جعله من أكثر الكتب المؤلفة في هذا الشأن؛ جمعاً لمسائل وأحاديث العلل، وهذا هو الغالب على مسائل الكتاب – أعني إيراده للأحاديث المعلة -، ولكنه أحياناً يذكر الحديث لأجل الكلام عن بعض رجاله وقد تكون المسألة بأكملها في تعيين رجل مبهم أو نحوه، مما سيأتي مفصلاً.

كما اشتمل الكتاب على أمور أخرى كثيرة، سيأتي تفصيل القول فيها في بيان مميزات الكتاب، ومن أهمها:

الكلام على كثير من الرجال ضمن مسائل الكتاب، وبيان أحوالهم من ناحية التوثيق والتضعيف، أو تعيين المبهمين منهم، أو المنسوبين، وغير ذلك.

وكذا الكلام على الأسانيد انقطاعاً واتصالاً.

أو تصحيح بعض الأحاديث أو تضعيفها، وغير ذلك مما سيأتي مفصلاً.

وقد سلك مؤلفه فيه طريقة السؤال لشيوخه، وتقييد إجاباتهم، مما سيأتي مفصلاً أيضاً.

موارد المؤلف في الكتاب

تكاد تنحصر موارد المؤلف في هذا الكتاب فيما تلقاه مشافهة من شيوخه، سواءً بعد سؤاله لهم، أو أثناء مذكراته لهم، أو تحديثهم بهذا الحديث أو ذاك بحضوره، ثم بيانهم لما فيه من العلل.

والمتأمل للكتاب يلاحظ أن معظم استفادة المؤلف كانت من أبيه وأبي زرعة، وعند تتبعي للكتاب كله وجدت أن استفادة المؤلف من أبيه تكاد تكون أكثر من أبي زرعة.

إلا أن المؤلف لم يقتصر عليهما فقط، فقد سأل غيرهما، ويأتي شيخه علي بن الحسين ابن الجنيد في المرتبة الثالثة بعد أبيه وأبي زرعة، وإن كان لا يقارن بأي منهما في عدد الروايات، فالأسئلة التي وجهها له ابن أبي حاتم قليلة جداً مقارنة بهما، كما سيأتي.

وأيضاً فقد سأل غير هؤلاء، وهذا يكاد يكون نادراً في عامة الكتاب، حيث سأل علي ابن الحسن الهسنجاني مرة، وسأل محمد بن عوف مرة.

وفيما يلي تفصيل ما تقدم، وسأقتصر على ما جاء في القسم المحقق، وذلك بالنسبة لأبي حاتم وأبي زرعة، وذلك لكثرة إجابتهما، كما تقدم:

فأما المسائل التي أجاب عنها، أو ذكرها أبو حاتم، فهي كما يلي:

501، 502، 503، 504، 515، 517، 518، 519، 523، 536، 540، 541، 542، 544، 545، 547، 548، 549، 551، 552، 553، 554، 560، 562، 564، 565، 567، 570، 571، 572، 575، 576، 577، 578، 579، 580، 581، 584، 585، 586، 587، 588، 589، 590، 591، 592، 593، 594، 595، 596، 598، 599، 600، 601، 602، 603، 604، 605، 606، 608، 609، 610، 611، 616، 617، 620، 623،624، 626، 627، 628، 629، 630، 631، 632، 633، 634، 636، 637، 638، 639، 640، 641، 642، 643، 645، 646، 647.

وأما التي أجاب عنها أبو زرعة فهي كما يلي:

504، 506، 507، 508، 509، 510، 511، 512، 513، 514، 516، 520، 521، 522، 524، 525، 526، 527، 528، 529، 530، 531، 532، 533، 534، 535، 537، 538، 539، 543، 550، 559، 561، 563، 566، 607، 612، 613، 614، 615، 618، 635، 649، 650، 651، 652.

وهناك أسئلة أجاب عليها أبو حاتم وأبو زرعة معاً، وهي كما يلي:

533، 546، 558، 568، 569، 573، 574، 582، 583، 597، 619، 621، 622، 625، 644، 648.

وهناك أسئلة سألها لأبيه في موضع، وسألها لأبي زرعة في موضع آخر:

فالمسألة 512 سأل فيها أبا زرعة. وقد سأل أباه عنها في المسألة 57.

وأما أسئلته لعلي بن الحسين، فليس له في القسم المحقق إلا موضعين (556، 557).

ولكن وجدت له في بقية الكتاب عدة مواضع، وقد يقتصر أحياناً على سؤاله لوحده، وأحياناً بعد إجابة أبيه أو أبي زرعة، يذكر سؤاله له.

انظر على سبيل المثال المسائل: (253، 431، 764، 874، 891، 1004، 1227، 1377، 1527) وغيرها.

كما نقل عن شيخه: علي بن الحسن الهسنجاني، انظر 1/481 (1438).

ونقل عن شيخه محمد بن عوف الحمصي، انظر 1/66 (175).

كما إن من موارده في هذا الكتاب بعض مؤلفات شيخه أبي زرعة، والتي كان يحدثهم بها ويبين علل الأحاديث الواقعة فيها، وقد وقفت على بعض هذه المؤلفات، مما صرح ابن أبي حاتم بالاستفادة منها، فمن ذلك:

قال في 1/46 (104): وقد كان أبو زرعة أخرج هذا الحديث في كتاب المختصر عن ابن أبي شيبة....الخ.

وقال في 1/400 (1199): وحدثنا بهذا الباب في كتاب النكاح بطرق عن معمر.

وقال 1/479 (1434): ولم يقرأ علينا في كتاب الشفعة.

وقال 2/11 (1505): وقرأ علينا أبو زرعة كتاب الأطعمة فانتهى إلى حديث... إلخ.

وقال 2/23 (1546): وانتهى أبو زرعة إلى حديث كان حدث به قديماً في كتاب الأطعمة.

وقال 2/51 (1640): وانتهى أبو زرعة فيما كان يقرأ من كتاب الفرائض إلى حديث....إلخ.

وقال 2/53 (1646): وسمعت أبا زرعة وقرأ علينا كتاب الفرائض، فانتهى إلى حديث.

وقال 2/288 (2370): سمعت أبا زرعة وانتهى إلى حديث في فوائده... إلخ.

وقال 2/337 (2533): وكان حدثهم قديماً في كتاب الآداب، فأبى أن يقرأه.

دراسة النسخ الخطية

لقد تيسر لي – ولله الحمد - الحصول على مصورات خمس نسخ خطية لهذا الكتاب، وهي جميع ما وجد حتى الآن من نسخ، ولعل الله أن يهيء لنا غيرها في مستقبل الأيام.

وهذه النسخ هي:

1- نسخة مكتبة أحمد الثالث، باستانبول في تركيا، رقم 531.

2- نسخة مكتبة فيض الله باستانبول، في تركيا، رقم 498.

3- نسخة مكتبة تشستربيتي، بايرلندا، رقم 3516.

4- نسخة دار الكتب المصرية، بالقاهرة، رقم 19483.

5- نسخة المكتبة التيمورية، المحفوظة بدار الكتب المصرية رقم 11816.

وبعد النظر في هذه النسخ لاختيار إحداها لتكون أصلاً أعتمد عليه، تبين لي أنه لا يمكن أن تكون نسخة معينة هي الأصل، وذلك أنه كثيراً في يوجد في بعض النسخ ما لا يوجد في الأخرى، إضافة إلى أنه ترجح لي أن هذه النسخ تنقل عن أصل واحد، وذلك أنه كثيراً ما تتفق هذه النسخ جميعاً على خطأ واضح، أو سقط بين، مما لا يمكن أن يكون له وجه من الصواب، كما سيأتي في التعليق على النص في ثنايا الرسالة، وهذا الأمر – أعني اتفاق النسخ على الخطأ أو السقط – ليس بقليل حتى يمكن تجاوزه، وإنما هو في مواضع كثيرة.

وبناءً على ما تقدم فإني لم أتخذ أياً من النسخ أصلاً، وإنما اعتمدت طريقة اثبات النص الصحيح في الأصل، والإشارة إلى الفروق والاختلافات في الهامش[1]. وهذه الطريقة في نظري أولى لجعل النص أقرب ما يكون كما وضعه مؤلفه، والله أعلم.

وأما وصف النسخ الخطية المتقدمة، فهو كما يلي:

1- نسخة أحمد الثالث:

وهي كما قدمت في مكتبة أحمد الثالث بتركيا، برقم 531، وعنها مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود، تحت رقم 552 ف، وفي الجامعة الاسلامية، رقم 1756، وعندي صورة لها،

وتقع هذه النسخة في 279 ورقة، كل ورقة من وجهين، ومسطرتها 18.5 × 26. وفي كل وجه 25 سطر تقريباً. وكتبت أوائل المسائل بخط عريض.

وهي نسخة كاملة، وبخط واضح في الغالب، ولعلها من أفضل وأكمل النسخ تقريباً. وجاء في الورقة الأولى منها أسماء عناوين أبواب الكتاب.

وقد قُسمت إلى أجزاء عديدة، بلغت سبعة عشر جزءاً.

وهي نسخة مقابلة ومصححة، كما هو بين في هوامش الكتاب، وناسخها هو محمد بن أحمد بن علي الخطيب، وقد فرغ من نسخها في السابع من شهر ربيع الأول من سنة ثلاثين وسبعمائة، بقرية العبادية بدمشق، كما جاء ذلك في آخر ورقة من المخطوط، ويبدأ القسم المحقق عندي في هذه النسخة من الورقة 51/ب إلى الورقة 66/أ.

2- نسخة فيض الله:

وهي موجودة في مكتبة فيض الله بتركيا رقم 498، وعندي صورة لها.

وتقع في 263 ورقة، وهي قريبة المواصفات من النسخة السابقة تماماً، ولعل كاتبهما واحد نظراً للتشابه بين الخطين، كما إنهما كتبتا في سنة واحدة.

وهي كسابقتها نسخة كاملة وواضحة في الغالب، واتخذت نفس التقسيم السابق، وتعتبر مع تلك النسخة أفضل نسخ الكتاب تقريباً.

ويبدأ القسم المحقق عندي من الورقة 51/أ، إلى الورقة 65/أ.

3- نسخة تشستربيتي:

وهي موجودة في مكتبة تشستبيتي في دبلن بإيرلندا، رقم 3516، وعنها مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود رقم 3516 ف، وفي الجامعة الإسلامية رقم 986، وعندي مصورة منها.

وتقع في 310 ورقة، كل ورقة من وجهين، وفي الوجه الواحد 25 سطر تقريباً.

وهي مقابلة ومصححة، وبخط واضح مقروء في الغالب، إلا أنه قد وقع تداخل في بعض الورقات بين الأوجه، ولعل ذلك من التصوير، كما وقع بياض في بعضها الآخر، ولعله من التصوير أيضاً.

وهي ناقصة من البداية بمقدار 4 ورقات تقريباً، وأول مسألة فيها تقابل المسألة رقم 45 من المطبوع، وتنتهي بنهاية الكتاب.

وناسخها هو علي بن عمر بن عبد الله[2]، وقد فرغ من كتابتها سنة 735هـ.

وهذه النسخة مقسمة أيضاً على نفس التقسيم السابق إلا أن ناسخها لم يعنون لهذه الأجزاء في أصل النسخة، وإنما يكتفي في نهاية كل جزء بقوله في الهامش: آخر الجزء كذا. ويبدأ القسم المحقق عندي من الورقة 51/ب إلى الورقة 67/ب.

4- النسخة التيمورية:

وهي موجودة في مكتبة العلامة أحمد تيمور باشا رقم 135 حديث، وتحتفظ بها الآن دار الكتب المصرية تحت رقم 11816، وعندي لها صورة.

وهي نسخة كاملة، وتقع في 364 ورقة تقريباً، ورقُم كل وجه لوحده، فبلغت 728 صفحة، وفي كل صفحة 23 سطر تقريباً.

وهي بخط واضح جداً، إلا أنه وقع في مصورتي بعض البياض في بعض الصفحات، ولعل الأصل خالٍ منها.

وقد جاء في ورقة العنوان إسناد الكتاب إلى مؤلفه، وهو من رواية أبي بكر محمد بن أحمد بن الفضل بن شهريار عن مؤلفه[3] وجاء في أسفل هذه الورقة بيان بأسماء عناوين أبواب الكتاب.

ولم يذكر اسم ناسخها، إلا أنه جاء في الورقة الأخيرة أنه انتهى من نسخها في يوم الأحد لليلتين بقيتا من شهر الله الأصم رجب، من سنة خمس عشرة وستمائة، بدمشق.

ويبدأ القسم المحقق من الورقة 54/ب، أي الصفحة 118، وينتهي بالورقة 77/ب، أي الصفحة رقم 154.

5- نسخة دار الكتب المصرية:

وهي موجودة في دار الكتب المصرية برقم 908 حديث، وعنها مصورة في المكتبة نفسها برقم 19483/ب، كما يوجد في نفس المكتبة نسخة مكتوبة عن النسخة السابقة، وهي برقم 19656/ب[4]. ولم يتيسر لي تصوير هذه النسخة كلها، وإنما صورت القسم الخاص بالدراسة والتحقيق في هذه الرسالة.

وهذه النسخة تقع 215 ورقة، وكل ورقة من وجهين، وقد رقمت على الصفحات كسابقتها، وهي ناقصة يسيراً من البداية، وتبدأ في آخر المسألة رقم 3 من المطبوع.

وهي نسخة واضحة في الغالب، وقد ميزت بداية المسائل بخط عريض.

قال عنها محب الدين الخطيب في تقديمه للكتاب: وهي في مجلد من القطع الكبير، في كل صفحة منه 29 سطراً، وقد فتكت بها الأرضة، وليس في آخرها تاريخ.

ويبدأ القسم المحقق من الصفحة 75 إلى الصفحة 94.

وعن هاتين النسختين قام محب الدين الخطيب بإخراج الكتاب في الطبعة الوحيدة له.

إلا أن هاتين النسختين وقع فيها الكثير من السقط والأخطاء، مما أمكن استدراك بعضه من بقية النسخ.

إلا أن هذه النسخ جميعاً مع توفرها لا يمكن الوثوق بها تماماً لإخراج نص كامل وصحيح للكتاب؛ حيث تقدم القول باتفاقها في كثير من الأحيان على السقط أو الخطأ.

وعليه فيجب لمن يتصدى لإخراج الكتاب كاملاً أن يكون متيقظاً ومنتبهاً لهذا الأمر، وألا يثق بكثرة النسخ، وأن يحاول قدر الإمكان أن يجمع المسائل التي نقلت عن المصنف في الكتب المتأخرة عنه، لكي يمكنه أن يخرج الكتاب على وجه أقرب ما يكون للصواب.

ولا يفهم من هذا أني أدعو إلى عدم إخراج هذا الكتاب عن هذه النسخ، بل أحبذ هذا وأرجو أن ينشط له بعض الباحثين المتمكنين، ولكن من باب التنبيه والتذكير، وعدم الاغترار بكثرة النسخ، والله الموفق.