• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    تربية الحيوانات (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / مكتبة المخطوطات / عروض ونقد النشرات
علامة باركود

الكافي في الإفصاح عن مسائل كتاب الإيضاح (تحقيق ودراسة)

د. فيصل الحفيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2010 ميلادي - 15/11/1431 هجري

الزيارات: 53318

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكافي في الإفصاح عن مسائل كتاب الإيضاح

لابن أبي الربيع السبتي الأندلسي (ت688)

 

مقدمة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

وبعد:

فإنَّ رجلاً كابن أبي الربيع حَقِيقٌ بأن يَنْهَد الباحث لدراسته، وإنَّ كتابًا ككتابه "الكافي" قَمِين بأن يلْقى العناية، ويحْظَى بانصراف الهمَّة له سنين عِدَّة، وكل مِن هذا وذاك يرجع لأسباب:

أمَّا الرجل فهو إمامٌ من أئمَّة الصنعة النحوية، وصَفَه أبو حيَّان - وهو مَن هو - بأنَّه "ملأ الأرض نحوًا"، والرجل - على مكانته - لم يعرفْه أهل الاختصاص، بَلْهَ غيرُهم، في عصْرنا إلا مؤخرًا.

 

وأمَّا "الكافي" فهو:

أولاً: شرْح لمتن ذائع الصِّيت "الإيضاح لأبي علي".

 

ثانيًا : شرْح كبير يقع في عِدَّة أسفار.

 

ثالثًا: الكتاب الوحيد الكامِل مِن تراث ابن أبي الربيع، الذي نجا من غَوائِل الزمان، لا يُشارِكه في ذلك سوى "الملخص".

 

رابعًا: مُقَدَّم على "الملخص" بأنَّ هذا الأخير ملخص منه.

 

خامسًا: مِن أنفس شروح "الإيضاح" على كثرتها، وإلى ذلك كلِّه، فإنَّ ثَمَّة أسبابًا أخرى لمكانة الرجل، ولقِيمة كتابه تتكشَّف في تضاعيف الدراسة التي نقدِّم لها.

 

والحق أنَّ اختياري لـ"الكافي" لم يكن وَلِيدَ لحظة، ولم يأتِ محض صُدفة، أو ثمرة إشارة لأخ أو لأستاذ، لقد حصلتُ على درجة الماجستير في عام 1988 عن تحقيق لجزءٍ من كتاب أبي علي الفارسي "الحجَّة في القراءات السبع"، وكانتْ في داخلي رغبةٌ في أن أختار شيئًا من تُراث أبي علي، أو تلميذه العظيم ابن جني، يكون موضوعًا لرسالتي للدكتوراه، وعلى الرغْم من أني أعمل في معهد المخطوطات العربية - وكان آنذاك في الكويت - فإنِّي لم أقفْ على أثر بِكْر لهذا أو ذاك في خزانته، فولِّيتُ وجهي نحو دراسة ترتَبِط بتراثهما، وأعددتُ قائمة طويلة بأفكار تحرَّيتُ ألاَّ تكون مطروقة، لكن أستاذي - رحمه الله - الدكتور إبراهيم عبدالرازق البسيوني لم يوافقْ على أيٍّ منها، وحثَّني على بذْل مزيدٍ من الجهد في البحْث والتقصِّي، ووقعَتْ تحت يدي نسخة من "حواشي الشلوبين على المفصل" فحملتها إلى د. إبراهيم، فوجدَتْ منه رضًا وقبولاً، ولكنْ كان في نفسي منها شيء، فهي ليستْ سوى حواشٍ مُوجَزة، وتعليقات على مواضع بعينها؛ لذا لم ألبثْ طويلاً حتى عزفتُ عنها، وأنا مُدرِك بعض ميزات لها، لعلَّ أهمَّها أنها - كما قال لي بعض الإخوة - تُقصِّر الطريق عليَّ في الحصول على الدرجة العلميَّة، وإذا كانَتْ هذه مَيْزَةً تُوافِق هوًى في النفس، فإنَّ نزعةً أخرى تتملَّكني دائمًا، وأَحْمَد الله عليها، قد صَرَعتْها هذه النزعة تدفَع بي إلى أن أسْعى جهدي لأكون داخلاً في مَن عناهم المتنبي في قوله:

عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ الْمَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ

 

وانتقل المعهدُ إلى القاهرة، فدخلتُ خزانتَه، وطفقتُ أقلِّب النظر في ما تحتويه، حتى وقفتُ على "الكافي"، وللكتاب صِلَة بأبي علي - كما أسلفتُ - وأقمتُ على إنعام النظر في مادَّة الجزء الأول منه أيامًا، فانشرح صدري له، ورأيتُني أحمله سعيدًا إلى أستاذي، فيسعد به أيضًا، ويوافِق لي على ما أردت، وكأنَّ اختياري قد صادَف حسنَ ظَنِّه، وهو الذي خبَرني في مرحلة الماجستير وقبلَها.

 

تلك كانتْ قصَّة اختياري للرجل وكتابه، ولقد وضَعتُ خُطَّة للدرس والتحقيق، وَجدتْ بعد ذلك تعديلاتٍ كثيرة، فرضَتْها طبيعةُ البحث التي تتكشَّف شيئًا فشيئًا، ودَفَع إليها التطوُّر البدهي الذي يطرأُ على الباحث نتيجةَ الاطِّلاع والمتابعة، وتعاور النظر في الأعمال العِلمية المشابهة.

 

وكان في حُسباني منذ البداية أن أكتب شيئًا في المتن "الإيضاح"، تلبِيَةً لضرورة منهجيَّة، فأنا أعمل في "شرح"، ولا بُدَّ لتكتمل صورةُ هذا الشَّرْح من التعريف بما قام عليه، وكان في حسباني أيضًا أن أُعَرِّف بالشارح، لكنَّ الأمرين لم يكونَا خالصين لي، فقد سُبِقتُ إلى الكتابة فيهما؛ ممَّا يجعل أمامي شَرَكين ينبغي أن أحْذَر من الوقوع فيهما:

الشَّرَك الأول يتصل بـ"الإيضاح"؛ فقد كَتَب فيه غيرُ باحث من المحدَثِين، أولهم - في ما أعلم - د. عبدالفتاح شلبي في كتابه "أبو علي الفارسي"، وآخِرهم د. يحيى ميرعلم يفي دراسته لـ"شرح الإيضاح"؛ للعكبري.

 

والشرك الثاني يتَّصل بترجمة ابن أبي الربيع، فقد كان للدكتور عياد الثبيتي فضلُ السبق إلى ذلك في تقديمه لأحَدِ كتب الرجل "البسيط"، فضلاً عن د. علي بن سلطان الحكمي في تقديمه لكتابٍ آخَرَ له "الملخص"، وزميلين حَقَّقا الجزء الثاني، والخامس من "الكافي" نفسه، وقبل هؤلاء جميعًا د. محمد حجي في بحْث منشور له في مجلة "المناهل المغربية"، تحت عنوان "ابن أبي الربيع إمام أهل النحو في زمانه".

 

وكان لا بُدَّ أن أطَّلع على ما كَتَبه هؤلاء، وأُفيد منه، دون أن أَسْقُط في هُوَّة التكرار، أو أدور في فلك ما كتبوا، وكلٌّ منهما في طبيعة الباحث.

 

وعيتُ ذلك مبكِّرًا، وأنا أخطُّ الكلمات الأولى في هذه الرِّسالة، فأعانني هذا الوعي على أن أتبيَّن مواقعَ قلمي، وجعلتُ رديفي أبدًا عينَ ناقد لا تغفل، وشكَّ باحثٍ لا يطمئنُّ إلا لحقيقة كالشمس سطوعًا.

 

أمَّا "الكافي" في جزئِه الأوَّل، وما حفل به من مسائل علمية، فقد كان حقلاً بكرًا، لم يَخُطَّ فيه أحدٌ قبلي، فانصرفتْ همَّتي له انصرافًا، وحرصتُ على مقايسة مسائله بمسائل كتابَي الرجل الآخرين: "البسيط" و"الملخص"، اللَّذين طُبِع الجزء الأول من كلٍّ منهما.

 

كما نظرت في تفسير ابن أبي الربيع الذي لا يزال مخطوطًا، وبدهيٌّ أن أنظرَ في أجزاء "الكافي" الأخرى، وبعضها ما يزال مخطوطًا، وقدْ أعانني الله فجمعتُ كلَّ أجزائه المتناثِرة في المكتبات المغربية.

 

وكان ذلك كلُّه ضروريًّا لأربطَ كلام الرجل ببعضه، سواء في كتابه، أو في كتبه الأخرى، وأظنُّ أنَّ هذه الرؤية الشاملة قد جعلتْني أقْدرَ على ما سعيتُ إليه من اتِّباع نهْج في الدراسة، يبتعد بي عن شبهة الأخْذ والتكرار، والتأثُّر بما كتبه مَنْ قبلي.

 

جاءتْ رسالتي هذه في قسمين رئيسَيْن: أحدهما للدراسة، والآخر للتحقيق، وقد صببتُ مادَّة الدِّراسة في تمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة.

 

أمَّا التمهيد فكنتُ مُتَردِّدًا، هل أجعله لكلامٍ في الزمان والمكان، وما يتَّصل بهما في تلك الفترة التي عاشَها ابن أبي الربيع، على ما جرَى عليه الباحثون، أم أجعله لِمَا سأكتبه في "الإيضاح"؟ ورأيتُني أميل إلى الخيار الثاني، فأوَّل ما يجب أن يعرفه قارئ لشرحٍ هو "المتن"، كما أنَّ كلامًا في الزمان والمكان بالقَدْر الذي تتطلَّبه مثلُ هذه الدراسة هو أقرب إلى عَظْم الدراسة وصلبها.

 

وجاء التمهيد في نقطتين رئيستين:

أولاهما: لمسائل عامَّة تتَّصل بـ"الإيضاح"، حقَّقتُ فيها عنوان الكتاب، رابطًا ما وصلتُ إليه بما ذَكَره ابن أبي الربيع في "الكافي"، كما حقَّقت العلاقة بين "الإيضاح" و"التكملة"، وهل هما كتابان أو كتاب واحد، وعرضتُ لتاريخ تأليف "الإيضاح"، ونظرتُ في الروايات المتدافِعَة التي ذكرتْها المصادر في سبب تأليفه، وأبَنتُ عن طبيعة الكتاب وغايته، ثم كشفتُ عن مكانته وحظِّه بين كتب أبي علي، وألمحتُ إلى السبب الحقيقي الذي جعل ابن الطراوةِ ينتقصه، ويُزرِي بصاحبه، مؤكِّدًا أنَّه خارج من عيبة الضَّغينة والحسد، وختمتُ هذه المسائل بالوقوف طويلاً عندَ ذيوع "الإيضاح"، ووصوله إلى المغرب العربي وما يَلِيه من الأندلس، وأجبتُ عن سؤال: ما هي الطُّرق التي سَلَكها، وعلى يَدِ مَن انتشر؟

 

وثانيتهما: لمسائل موضوعية، وقد تلبثتُ فيها عند مادَّة "الإيضاح"، وعدد أبوابه، وطريقة أبي عليٍّ في ترتيب هذه الأبواب، ثم مصادره، فشواهده، ونهْجه فيهما، وختمتُ ببيان أثر "الإيضاح" وامتداده في المكان، وعبر الزمان، مُشِيرًا إلى تلك الحَرَكة العلمية الخَصْبة التي قامَتْ عليه، وراصِدًا المؤلفات المغربية والأندلسية التي اتَّكأتْ عليه، فشرحتْه، أو شرحتْ شواهده، أو اختصرتْه، أو اختصرتْ شرحًا له، أو تتبَّعتْه بالاعتراض والنقد، أو تصدَّت لِمَن اعترضه ونقَدَه.

 

وخصَّصتُ الباب الأول لترجمة ابن أبي الربيع، ووزعتُ هذه الترجمة في فصلين:

أولهما: لسيرته الذاتية، التي شملتِ الكلام في اسمه ونسبه، وحياته، عارِضًا لأسرته، وتنقُّلاته، وصورة عصْره، سياسيًّا وعلميًّا، وأتْبَعتُ ذلك بالإشارة إلى العلاقات التي ربطَتْه برِجال عصره من ساسة، وعلماء، وشيوخ، وتلامِذَة، وما جرَى من مناظرته لمالك بن المُرَحَّل، ثم تأمَّلتُ في ملامح شخصيَّته وخلقه، وأثبتُّ ما هداني إليه هذا التأمُّل مِن أوجه شبهٍ كبيرة بينه وبين صاحبه أبي علي، ومن سماتٍ هي في مُجمَلِها وقار وصلاح، وحب للعلم، وانقباض عن الناس.

 

وختمت هذا الفصل بالإشارة إلى تاريخ وفاته، والمكان الذي دُفِن فيه.

 

وثانيهما: لسيرته العلمية، التي شملت الكشف عن روافد تكوينه العلمي، والمراحل التي مرَّتْ بها حياتُه، وقد صنَّفتُ الكتب التي قرأها إلى مجموعات على وَفْق العلوم التي تنتمي إليها، ثم عرَّفتُ بشيوخه، اعتمادًا على برنامجه الذي صنَعه تلميذُه ابن الشاط، وقد قرأتُ هذا البرنامج قراءةً متأنِّية، هدتْني إلى مجموعة ملاحظات مفيدة، ذيلتُ بها هذه النقطة، ثم عرضتُ لتلاميذه، مُؤكِّدًا أنَّ ما رصدته كتب التراجم لم تُحِطْ بهم.

 

ورغبتُ عن إعداد قائمةٍ اكتفاءً بالإحالة على ما كتبه د. الثبيتي ود. الحكمي في مقدمتيهما لـ"البسيط" و"الملخَّص"، مع ذكْر أنبه هؤلاء التلاميذ، واستدراك مَن فاتهما منهم، وفي نقطة تالية رصدتُ مصنفاتِه، وأغنيتُ الكلام فيها بإشارات إلى نُسَخها الخطيَّة، وإلى طبعاتها إنْ كانت قد طُبِعت، وإلى كونها مادةً لبحْث علمي إنْ كانت كذلك، ثم سجَّلتُ ملاحظاتٍ عامَّة تتَّصل بذلك كلِّه، وتَزِيد عليه، وختمتُ هذا الفصل بالتوقُّف عندَ مكانة ابن أبي الربيع، التي تجلَّت في: إجلاله والثناء عليه، وقَبول الناسِ كتبَه وقيامهم بها.

 

أمَّا الباب الثاني: فوقفتُه على كتاب "الكافي" نفسه، وجعلتُه في ثلاثة فصول:

الأوَّل: قدَّمت فيه الكتاب تقديمًا عامًّا، فحقَّقتُ عنوانه، ثم وثَّقتُ نِسبته من طُرق مختلفة، وقفوتُ ذلك بالبحْث في تاريخ تأليفه، مُحاوِلاً أن أحاصِرَ هذه المسألة في فترة زمنية محدودة، وانتقلتُ إلى سبب تأليفه وغَرَضه، فموضوعه.

 

وتلبَّثتُ عند تجزئة نُسخِه الخطية، فوصلتُ بالأجزاء الموجودة في العالَم إلى عشرة أجزاء، واحدٌ منها فقط في دار الكتب المصرية، والتِّسعة الباقية في المكتبات المغربية، وتلوتُ ذلك بالكلام في نُسَخِه الخطيَّة، ووصفتُها وصفًا تفصيليًّا، وسجَّلتُ ملاحظاتٍ مهمَّة عليها، وختمتُ هذا التقديم العام بدراسة مُرَكَّزة للغة الكتاب وخصائصه التعبيرية، مُفَرِّقًا بين مقدِّمة الكتاب، ومادته العلمية.

 

وفي الفصل الثاني شغلتني نقطتان: بناء "الكافي"، ومصادره، أمَّا النقطة الأولى فخصصتُها لطريقة ابن أبي الربيع في عَرْض المادة، والخصائص المنهجيَّة له، وأمَّا النُّقطة الثانية، فتَركَّز الجهد فيها على الكشْف عن مصادره، على ما في ذلك مِن صعوبة؛ إذ إنَّه لم يكن يُصرِّح بها إلا في مواطنَ محدودة، وقد صنَّفتُ هذه المصادر، على وَفقِ العلوم التي تنتمي إليها، فاجتمع لي منها: كتب في النحو والتصريف، وكتب في اللغة والمعجمات، وكتب في القراءات، وتفاسير، وكتب في الأدب والأخبار، وكتب أخرى.

 

ورصدتُ أولاً ما صرَّح به هو، ثم ما تأكَّد لديَّ أو غلب على ظني أنه أفاد منه، وفي ثَنايا ذلك قمتُ بعمل إحصاءات للأعلام الذين ذكرَهم، سواء صرَّح بكتبهم، أو لم يصرِّح، وما لم يصرِّح به هدتْني إليه نقولُه أحيانًا، ومقايستها بما جاء في كتب هؤلاء الأعلام.

 

أمَّا الفصل الثالث: فكان موضوعه "الأصول في الكافي"، وفيه تناوَلتُ الأصولَ النحوية العامَّة، مِن سَماع وقياس وإجماع، وقد كشفتُ عن موقفه من هذه الأصول الثلاثة، مُستَعِينًا بكلامه في كتابه، وبتطبيقاته لها، وأحكامه وقواعده العامَّة التي ينثرها بيْن الحين والآخر، وألحقتُ بالسماع ما يتَّصل به من مصادره: القرآن الكريم وقراءاته، والأحاديث الشريفة وآثار الصحابة، والأمثال والأقوال، وأخيرًا الشِّعر والرَّجَز، ولم أُغادِر مصدرًا منها قبل أن أُبِين عن موقِفه منه، ومنهجه في الإفادة منه، رابطًا ذلك كلَّه بمواقف أعلام النحويِّين قبله، وكاشِفًا عن نِقاط الالْتقاء معهم، والافتراق عنهم، وألحقتُ بأصل "القياس" ما يتَّصل به مِن نظريتي العلَّة والعامل، وتتبَّعتُ مظاهر هاتين النظريتين في كتابه. وفصَّلتُ القول في أصل "الإجماع"، فجعلتُه في نوعين: إجماع العرب، وإجماع أهل الصَّنعة، واستقرأتُ هذا وذاك في كلامه.

 

وقفوتُ ما سبق بالتلبُّث طويلاً عند شخصيَّة ابن أبي الربيع النحوية، مادة الباب الثالث، الذي سعيتُ فيه إلى استكمال رسْم ملامح شخصيَّة الرجل، والتركيز على تفصيلاتها، مِن خلال خمسة فصول، جعلت أوَّلها لـ"ابن أبي الربيع والنحويون"، واستهللتُه بإلْقاء نظرة عَجِلة على مذهبه النحوي، دالاًّ على بصريته، بما في الدراسة مِن مظاهرها، وما يأتي، وأعقبتُ ذلك بتتبُّع أصداء اتِّجاهات النحويِّين ومذاهبهم لديه، ففصَّلتُ القول في مواقفه من مسائل الخلاف عامَّة، وأعلام البصريِّين أصحابه، والكوفيِّين، والبغداديِّين، والمتأخِّرين.

 

وقصرتُ ثاني الفصول وثالثها على مَواقِفه من رجلين ذوي وضْع خاص، هما: أبو علي الفارسي، وابن الطراوة.

 

أمَّا رابِع الفصول فكان موضوعه: اجتهادات ابن أبي الربيع وأَثَره، ولقد رصدتُ فيه آراءً تفرَّد بها، وإضافاتٍ له على سابِقيه، وتحقيقات لمسائل، ونقدات، وتسويات، واختيارات.

 

كما رصدتُ فيه أثرَه في اللاحِقين، وانتقيتُ بعضَ كتب نابهة، وغير نابهة، مثل: "ارتشاف الضَّرَب"، و"الجَنَى الداني"، و"توضيح المقاصد"، و"مغني اللبيب"، و"المقاصد الشافية"، و"مصابيح المغاني"، و"الهمع"، و"الأشباه والنظائر"، و"نتائج التحصيل"، و"خزانة الأدب"، و"شرح أبيات المغني".

 

وفي الفصل الخامس والأخير نظرتُ فيما لابن أبي الربيع وما عليه، وصنَّفتُ هنَاتِه وعثراته التي أخذتُها عليه في شِقَّين: شِق يتَّصل بـ"الإيضاح"، وشِق يتَّصل بكتابه عينه.

 

وأخيرًا جاءتِ الخاتمة التي سجَّلت فيها أهمَّ النتائج التي خلصت إليها.

 

أمَّا القسم الثاني - قسم التحقيق - فقد استهللتُه بالإشارة إلى النُّسْخة الخطيَّة المعتمِدة إشارة سريعة، مُحِيلاً على ما سَبَق من وصْف تفصيلي في الدِّراسة، وبيَّنتُ - بإيجاز - أيضًا منهجي في تحقيقِ النص، وهو لا يخرج عمَّا استقرَّ من أصول هذا الفن، وتلوتُ حديثي عن المنهج بصُور مِن طرَّة غلاف النُّسخة المعتمَدة، وورقتها الأولى، والأخيرة، ثم جاء النصُّ المحقَّق الذي يشمل الجزءَ الأوَّل من "الكافي" على وَفْق تجزئة نسخة الزاوية الحمزاوية، ويتضمَّن شرحَ ما جاء في "الإيضاح" حتى نهاية "باب الأسماء التي سُمِّيت بها الأفعال".

 

•     •       •      •


والحقُّ أنَّ الدِّراسة قائمةٌ أساسًا على الجزء الأول المحقَّق، لكنَّها لم تقتصرْ عليه في مواطن، ونظرتْ في بقيَّة الأجزاء، وبخاصَّة تلك التي حُقِّقت، كما أنَّ عينيَّ كانتَا دائمًا على كتابي ابن أبي الربيع المطبوعين: "البسيط" و"الملخص" فضلاً عن تفسيره المخطوط - كما أسلفت - وإلى ذلك فإنَّ شرحَيْ "الإيضاح": "المقتصد" للجرجاني - وهو مطبوع - وشرح العُكْبري - وهو رسالة جامعيَّة - لم يغيبَا عني، فأغنيتُ تعليقاتي على النص مُستعِينًا بهما، كما أشرتُ بين الحين والآخَر إلى مواطن الزيادة والنقص، والقُوَّة والضعْف، في كلام ابن أبي الربيع، مُوازِنًا بما جاء في كلامهما.

 

ولَمَّا كانت المادة في "الكافي" ثريَّة ومتنوِّعة، فقد دفعتْني دفعًا إلى مصادرَ عديدة من المعجمات وكتب اللغة، والغريب، والأدب، والأخبار، والتراجم والطبقات بأنواعها، والشِّعر، سواء كانت دواوين وأشعارًا لشعراء بعَينهم، أو مجموعات شِعرية بأصنافها، بالإضافة إلى كُتب القراءات القرآنية، وكُتب الاحتجاج، والتفاسير، ومعاني القرآن، وغريبه، وإعرابه، ومجازه، وأيضًا المصنَّفات الحديثية، وكتب الفِقه وأصوله، والفلسفة، والتصوُّف، وما يتَّصل بذلك كلِّه من دِراسات حديثة في أوعية المعرِفة المختلفة، من كتب ومجلاَّت ودوريات.

 

ولم أسلُكْ في الدرس منهجًا واحدًا لا أتعدَّاه، وما كان لي ذلك، وإنْ ظلَّ المنهج النقدي مُلازِمًا لي أغلب الوقت، لقد لجأتُ إلى المنهج الوصفي عندما تطلَّب الأمر ذلك، واستعنتُ بالمنهج الإحصائي حيث كان مُفِيدًا، ويَخدُم أغراضًا سعيتُ إليها، وانحزت إلى المنهج التحليلي لأخلصَ إلى نتائج علمية مقبولة، ولم أنسَ المنهج التاريخي عندما رأيتُ أنَّ من الضروريِّ وضْعَ ظواهر أو أفكار في إطارها التاريخي لمعرفة المراحل التي مَرَّت بها، ومِن ثَمَّ فهمها فَهْمًا سليمًا يُعين على الدرس.

 

•      •      •


وليس لي أنْ أختِمَ مقدِّمتي هذه قبل أنْ أحمد الله - تعالى - على أنْ متَّع عملي هذا بإشراف ثلاثة من الأساتذة الأفاضل ورعايتهم، أمَّا أولهم: فهو الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالرزاق البسيوني - رحمه الله - الذي شَهِد ميلادَ هذه الرِّسالة، وأفكارها الأولى، وأما ثانيهم: فهو الأستاذ الدكتور عبدالفتاح السيد سليم الذي له فضلٌ لا يُنكر في متابعة تحقيقي النص حتى نَجِز كامِلاً، قبل أن ينتقلَ الإشراف لأستاذي الجليل الأستاذ الدكتور إبراهيم حسن إبراهيم، الذي لن أَفِيَه حقَّه من جميل الثناء، فقد فتَح لي عقلَه، ووسعني بقلْبه، وقرأ الدراسة كلمةً كلمة، وأغناها بنافذ نظرته، وسديد رأيه، وعَلَّمني قبلَ ذلك أنَّ الإشراف العلمي للأستاذ لا يَعني الحَجْر ولا القَسْر، فالبحث مسؤولية الباحث أوَّلاً وأخيرًا، والأستاذ هو تلك المنارة العالية التي تُضِيء وتُرشِد، فجزاه الله خير الجزاء.

 

وبعد، فهذا هو عملي، أخلصتُ له النيَّة، وصدقتُ فيه العمل، وأقمتُ له القصد، وبذلتُ مِن أجله النَّفْس سنين طويلة، فإنْ أكن أصبتُ فذلك فضْل الله وتوفيقه، وإنْ كبوت فحَسْبي ما ذكرت، والحمد لله أولاً وأخيرًا.

 

•     •     •

خاتمة

(خلاصة ونتائج)


تلك دراسة هدفت إلى أمرين:

أولهما: التعريف بنحويٍّ مُتَأخِّر، لم يُزْرِ التأخُّر بقدره، ولم يقصِّر مِن قامته.

 

وثانيهما: تقديم تحليل موضوعي وعلمي وافٍ للمادة التي احتَواها الجزءُ الأول من كتاب ذلك النحوي، وعنوانه "الكافي في الإفصاح عن مسائل كتاب الإيضاح".

 

وإنَّ مِن حقِّ هذه الدراسة أن تزعم - على استحياء - أنها أوَّل دراسة متأنية، ترسُم صورةً واضحةَ المعالِم لابن أبي الربيع السَّبتي، أحد أعلام القرن السابع الهجري، حياته وفكره النحوي، وتُجلِّي قيمةَ كتاب لا يقلُّ عن كتب النحو المتقدِّمة أصالةً وعمقًا، ويستحقُّ أن يَشْغَل مكانةً عالية بيْن كتب النحو المتأخِّرة بعامَّة، وشروح "الإيضاح" - على كثرتها - بخاصَّة.

 

ولا ينتقص الزعمُ السابق من جهود سلفت، كان لأصحابها فضْل السَّبْق، وأعظم به! ومنهم: د. عبدالعزيز الأهواني، ود. محمد حجي في التعريف بالرجل، ود. عياد الثبيتي في التعريف به ودرس نحوه، لكن هذه الدِّراسة وقفتْ واستوقفت، وصبرتْ فأطاقت، وجهدتْ في تتبُّعِ آرائه، ودرْسِها، وتحليلها، وتقويمها، ورَبْطها بما سبَقَها، وبيان أثرِها في ما لحقها، على أنَّ لها فضلَ السَّبْق في اللَّفت إلى أحد أهمِّ كتبه "الكافي"، وتحقيق الجزء الأول منه.

 

والحقُّ أنَّ الرجل - على علوِّ كعبه - قد غَطَّتْ عليه - كما غَطَّتْ على غيره من المتأخِّرين - شهرةُ ابن مالك الذي ملأ الدنيا، وشغَل الناس، وخطَف الأبصار، وذهب بالخير كلِّه، إلى أنْ جاء نفرٌ مِن الباحثين مَدُّوا نظرهم، وقلَّبوا في التراث، وأعادُوا بعض حَقٍّ لرِجال، كان منهم ابن أبي الربيع.

 

- 1-


بدأتِ الدراسة بوقفة طويلة عند المتْن الذي شرحه ابن أبي الربيع: "الإيضاح لأبي علي الفارسي" فبَنتْ على ما كتَبَه السابقون، وانتهجتْ نهجًا يقوم على الشكِّ، والعودة إلى المصادر الأصيلة، واستنطاقها.

 

أ- وقد استهللتُ الوِقفةَ برَصْد الصُّور التي ورد عليها عنوان كتاب أبي علي، فوصلتُ بها إلى سبع صُوَر، ولاحظتُ أن الجزء المشترك بينها جميعًا هو "الإيضاح"، أمَّا ما وراء ذلك مِن زيادات فغرَضُه التبيين أو النِّسبة، على أنَّ أبا علي نفسه اقتصرَ على "الإيضاح"، وعلى أنَّ ابن أبي الربيع لم يذكُرْه إلا بهذه الكلمة "الإيضاح"؛ وعليه فقد خلصتُ إلى أنه هو العنوان الذي وضَعَه أبو علي، وألممتُ بمسألة تتَّصل بعنوان للكتاب ورد في بعض المصادر، هو "الإيضاح والتكملة"، وتساءلتُ: هل هما كتابان أو كتاب واحد؟ وجزمتُ بأنهما كتاب واحد، وفي ذلك خلافٌ لظاهر د. شلبي، وصريح د. المرجان.

 

وحشدتُ أدلَّتي على ذلك، وعرضتُ لتاريخ تأليف الكتاب، ونظرتُ في الرِّوايات المتدافعة في بيان سبب التأليف، وأيَّدتُ د. شلبي الذي طعَن في روايةٍ مفادها: أنَّ عضد الدولة انتَقَص من قدر الكتاب، وأنَّه إنما يصلح للصبيان، لكنِّي أخذتُ عليه أنه لم يُشِر إلى أنَّ الطعن في هذه الرواية ليس من عنده، بل هو قديم، سَبَق إليه الأنباريُّ في كتابه "نزهة الألباء"، وهو من مصادره! وأبَنْتُ عن طبيعة "الإيضاح" وغايته، وناقشتُ ما ذهب إليه د. الطناحي من أنَّه كتاب ذو حظٍّ، انتشر وذاع لسهولته ويُسْره، وقلت: إنَّ اليسر والسهولة - مع التسليم بهما - ليسَا وراء ذيوعه، وأنَّ المسألة لا علاقة لها بالحظ، وتوقفتُ عند ابن الطراوة طعن مُنفرِدًا في "الإيضاح" وعاب في صاحبه: وقلتُ: إنَّ طعنه خارج من عَيْبَة الخِلاف في مفهوم الصَّنعة النحوية، ولا علاقة له بتباين مذهبيهما العقدي، وهو ما ذَهَب إليه د. الثبيتي، ثم توقَّفتُ عند الطُّرق التي سلَكَها "الإيضاح" حتى وصل إلى المغرب والأندلس، وتتبَّعتُ أسانيد روايته، ونسبتُ الفضل إلى جماعة، وأشرتُ إلى أنَّ د. شلبي غفل عن أبي الحسن هلال بن المحسن، وأنَّ د. يحيى ميرعلم غفل عن ابن أخت أبي علي أبي الحسين محمَّد بن الحسين بن عبدالوارث.

 

ب- ثم عرضتُ لمادَّة الإيضاح بجزأيه، وأبوابه، وصحَّحتُ بعض الأوهام التي وَقَع بعضُهم في عِدَّة هذه الأبواب، ثم كشفتُ عن منهج أبي علي في بنائه، ونقضت ما ذهب إليه د. شلبي من أنَّ أبا علي ابتكر فيه ترتيبَ أبواب النحو على وَفْق أثرها الإعرابي، وحقَّقتُ أن هذا الترتيب لشيخه أبي بكر بن السرَّاج.

 

كما حقَّقتُ أنَّ "الإيضاح"، و"التكملة" ذوا سِمات واحدة، وأنَّ صعوبة "التكملة" لا ترجِع إلا إلى طبيعة موضوعات عِلم الصَّرْف، ثم عرضتُ لمصادر الكتاب وشواهده، وما يتَّصل بذلك.

 

وختمتُ هذه المسائل بالكلام في أثَر "الإيضاح"، الذي انداح في الزمان وفي المكان، وحدَّدتُ هذا الأثر في ثلاث نقاط، منها تلك الحَرَكة العلميَّة الخصبة التي أثارها، حتى بلغ عِدَّة المؤلَّفات التي قامتْ عليه (64) مؤلفًا، على ما ذكر د. يحيى مير علم، على أني لم أرَ الرَّقْم على كبره دقيقًا ولا صادقًا، وقد أضفتُ إلى تلك المؤلَّفات شرحًا للشلوبين، وكتابًا عنوانه "الإرشاد"؛ للكيشي، ثم أعددتُ قائمة بالمؤلَّفات المغربية والأندلسية، بلغت (30) مؤلفًا، صنَّفها (26) نحويًّا، وقمتُ بتصنيف هذه المؤلفات فوزعتها إلى شروح، وشروح للأبيات، ومختصر للإيضاح، ومختصر لشرح له، وكتاب في الاعتراض عليه، وكتاب في ردِّ الاعتراض، وكان آخِر الشرَّاح ابن أبي الربيع الذي صَنَّف ثلاثة شروح، وأعقَبَه تلميذُه أبو الطيب القوصي الذي اختَصَر شرْح شيخه، ودوَّنتُ مجموعة ملاحظات، منها أنَّه لم يُطبَع من هذه المؤلَّفات المغربية والأندلسية جميعًا سوى الاثنين!

 

- 2-


أ- في تناوُلي لترجمة ابن أبي الربيع وَثَّقتُ أولاً اسمه ونسبه، وحقَّقتُ وهمًا وقع في أحد المصادر ترتَّب عليه سقطٌ في سلسلة نسبه، ووهمًا وقَع فيه باحثٌ مُحدَث، فظنَّ أنَّ ما سقط هو اسم جَدِّه، والحق أنَّه اسم أبيه واسم جَده.

 

وجزمتُ - أو كدتُ - أن ابن أبي الربيع لم يَعرِف سوى ثلاث من مدن المغرب، وأنَّه لم تكُن له رحلات إلى المشرق، وألمحتُ سريعًا بومضات عن الفترة الزمنية التي عاش خلالها، وما شهدَتْه مِن أحداث جِسام، وعن الحياة العِلمية التي كانتْ فيها، وعَرَّجْتُ على علاقات الرجل مع رجال عَصْره، من سياسيِّين وعلماء، وفيهم شيوخٌ وأنداد وتلامذة، ثم استقرأتُ سماتِ شخصيته وخلقه ممَّا قاله القُدَماء فيه، رابطًا بين أوجه شَبهٍ تكشَّفتْ لي بينه وبين صاحبه أبي علي، وحقَّقتُ زمان وفاته ومكانها.

 

ب- وأعقبتُ ما سلف من جوانب تتَّصل بسيرته الخاصَّة بالحديث عن سِيرته العِلمية، فكشفتُ عن روافد تكوينه العلمي، معتمدًا على برنامجه الذي صنعَه نيابةً عنه تلميذُه ابن الشاط، وقد تبيَّن في ثنايا ذلك تخليطٌ هيِّنٌ للدكتور الأهواني؛ إذ جعل عِدَّة الكتب المذكورة في البرنامج أربعين كتابًا، والحقُّ أنها (43) كتابًا.

 

وأمْكنني نتيجةً لقراءة واعية أن أُصنِّف كتب البرنامج، وقد أعقبتُ ما صنفته بكتب أخرى قرأها أو أقرأها، مُعتَمِدًا على كتب ابن أبي الربيع نفسِها، وما ذكره تلاميذُه، وقيَّدتْه كتب التراجم، ولاحظتُ أنه قد أخذ الكتب التي قرأها عن غير شيخ، ومن غير طريق، وعرضتُ بعد ذلك لشيوخه، ونفيتُ أن يكون أبو القاسم الحوفي منهم، على الرغم من أنَّ ابن القاضي قد عَدَّه فيهم، وأبنتُ عن سبب غلطه، ثم سردتُ قائمةً بأسماء شيوخه على وَفق ما تضمَّنه برنامجه سالف الذِّكْر، ولاحظتُ أنَّ بعض شيوخه إشبيليُّون، وأنَّ بعضَهم من الغرباء، وأنه لزم مجالس بعضهم، وأنه أكثر من الأخْذ عن ابن أبي هارون والشلوبين.

 

وقطعتُ أن ما تضمَّنه البرنامج من كُتب ليس كل ما أخَذَه، ودلَّلتُ على ذلك، وانتقلت إلى تلاميذه، فقلت: إنَّ ذِكْر الرجل طار في سَبْتة، وأشرتُ إلى أنَّ الذين تخرَّجوا به فيها أكثر، وألمحتُ إلى أنَّ ما حفظته لنا كتب التراجم من أسمائهم هو أقلُّ القليل، إذا ما جعَلْنا في حسابنا أنَّه ظلَّ يعلم (64) عامًا، منها (42) عامًا في سبتة، و(22) عامًا قبلها في إشْبيليَة، وذكرتُ عدَدًا من أنْبَهِ تلاميذه، مُحِيلاً على القائمة التي أعَدَّها د. الثبيتي، ود. الحكمي (39 تلميذًا)، على أني أضفتُ تلميذين أفلتَا منهما.

 

وعرَّجتُ على مصنفاته، فأعددتُ قائمةً منسوقة على حروف ألف باء، ووثَّقتُ عناوينها معتمِدًا على المصادر وفهارس المخطوطات، وأشرتُ إلى أماكن وجود نُسَخِها الخطيَّة، وما حفظتْه الأيام لنا، وما ضيَّعَتْه، وما جادتْ علينا ببعضه، وما طُبِع منه، وما كان موضوعًا لرسائل علميَّة، وما زال حبيسَ الخزائن، وجزمتُ - أو كدت - بأنَّ له شرحًا صغيرًا على "الجمل" وذلك اعتمادًا على مفهوم ما ذكرتْه المصادر من أنَّ له شرحًا أوسط عليه، وأيَّدتُ ذلك بأدلَّة أخرى، وتلبثتُ شيئًا عند مؤلَّفه "كان ماذا" الذي رَدَّ به على مالك بن المرحَّل، وعرضتُ لأصداء المنافَرة بين الرجلين لدى النحويِّين اللاحِقين، وفي كلامي على "الملخص" لم أوافق د. الحكمي الذي رَجَّح أنَّ أبا حيان خَلَّط إذ عزَا إلى الكتاب مرَّة باسم "الملخص"، مرة باسم "القوانين"، وقلت: إنَّ من المستبعَد أن يخلِّط رجلٌ في عِلم أبي حيان، ويتوهَّم كتابًا واحدًا لشيخه كتابين.

 

وخلصتُ من قراءة جريدة المصنَّفات هذه إلى أنَّ عدَّتها ثمانية، بين أيدينا منها خمسة أو أربعة، وأنَّ المفقود منها - حتى الآن - ثلاثة، وأنَّ الذي بقي منها كاملاً هو: "الكافي" و"الملخَّص"، وأنه لم يُطبَع منها سوى الجزء الأول مِن كلٍّ من "البسيط" و"الملخص"، أما التفسير فكان موضوعًا لرِسالة دكتوراه، وكذا "الكافي" في جزأيه الثاني والخامس، ولاحظتُ أن النسخ الخطية لكتب الرجل موزَّعة في مكتبات عربية وأجنبية، وأنَّ جُلَّها في المكتبات المغربيَّة، وأنَّها جميعًا في العربية والنحو، وأنَّ كِبَرَ الحجم يغلب عليها، وأنها عُرِفتْ بغير عنوان، وأنَّ مُعظَمها شروح وتعليقات على متون، وأنَّ في المصادر إشاراتٍ إلى وصولها إلى بلاد المشرق العربي.

 

وختمتُ ببيان مكانة الرجل، وجَلَوْتُها من خلال رَصْد ما جاء على لسان تلامذته وغيرهم مِن إجلاله والثناء عليه، والقبول الذي وجدَتْه كتبُه بين العلماء، وحِرْصهم على القيام بها؛ فقد حملوها إلى أمصار العالَم الإسلامي، وأقرؤوها، وشرحوها، واختصروها.

 

- 3 -


وشمل كلامي في "الكافي" تقديمًا عامًّا له، ودراسة لبنائه ومصادره، ثم للأصول النحويَّة وما يتَّصل بها.

 

أ- أمَّا التقديم العام فعالجتُ من خلاله عددًا من النِّقاط:

كان أولها: عنوان "الكافي"، فقد أحصيتُ الصور التي جاء عليها، فوصلتُ بها إلى سبع صُوَر، ورجَّحتُ أن يكون "الكافي في الإفصاح عن مسائل كتاب الإيضاح" هو الذي اختارَه ابن أبي الربيع، وكشفتُ عن الأسباب التي دعَتْني إلى ذلك.

 

الثانية: وثَّقتُ نِسبة الكتاب، وسقتُ مجموعةً من الأدلَّة جريًا على عادة المحقِّقين في ذلك.

 

الثالثة: جهدتُ في تحديد زمن تأليف الكتاب، وأزعمُ أني اقتربتُ أو كِدتُ - اعتمادًا على بعض القرائن - من الفترة الزمنية التي يغلب على الظنِّ أنه ألَّف الكتاب خلالها، وهي الفترة من 644هـ حتى 658هـ، وفي تَضاعِيف ذلك اجتهدتُ في ترتيب كتب ابن أبي الربيع جميعًا بصورة تقريبيَّة، ثم حشدتُ بعض الأسباب التي حفَّزتِ الرجل على تأليف كتابه.

 

الرابعة: نظرتُ في موضوع الكتاب، وقلت: إنَّه كتاب نحوي، وضَعَه صاحبه في قالب شرح.

 

الخامسة: نظرتُ في تجزئة الكتاب، وقلت: إنَّ عدد الأجزاء من النُّسخ الخطية المختلفة يبلغ في حدود ما نعرِفه حتى الآن عشرة، وحدَّدتُ المكتبات التي تُوجَد فيها، وقلت: إنَّه أمكنني - بحمد الله - أن أجمعَ أجزاء الكتاب جميعًا.

 

السادسة: استكمالاً لسابقتها فتتبَّعتُ من خلالها النسخ الخطية للكتاب، ووصفتُ كُلاًّ منها وصفًا تفصيليًّا، وسجَّلتُ ملاحظاتٍ مفيدةً عليها، خلاصتها أنَّ النسخ جميعًا غير تامَّة، وأن التجزئة مختلفة من نسخة لأخرى، وأنَّ أعْلى النُّسخ نفاسَةً هي نسخة المكتبة الكتانية، ورأيتُ أنَّ هذه النسخ مُحتاجَة إلى دراسة تفصيلية موازنة، لمعرفة علاقاتها ببعضها.

 

وختمتُ التقديم العام بكلام في لغة "الكافي" وخصائصه التعبيرية، مُفرِّقًا بين لُغة المقدِّمة، ولغة المادَّة العِلميَّة، ففي الأولى تجلَّتِ الصنعة النحويَّة والصرفية، والبلاغية والبديعية، وظهرت آثار ثقافته الشَّرعية، ونزعتِه الدينيَّة، ودلَّلتُ بذلك على قِصَر باعه في البيان.

 

وعلى النقيض كانتِ المادة العلميَّة مناسبةً في يسر وسهولة، ولعلَّ الأمر يعود إلى مِهنة التعليم التي نَذَر نفسه لها، ورصدتُ عُقيبَ ذلك خصائص أسلوبه، ملخِّصًا لها في: سهولة الألفاظ، وبساطة العبارة، والمخاطبة المباشرة، والتدرُّج في إيصال المعلومة، وقلَّة الاستطرادات، وشيوع بعض اللوازم الأسلوبية، واستخدام بعض التراكيب غير الجارِيَة على السنن المألوفة، على أنَّ هذه الخصائص قد تخلَّفتْ أحيانًا، فاعترتْ عبارتَه ركاكةٌ، ولم يخلُ أسلوبه من بعض الاعتراضات والاستطرادات.

 

ب- واستهللتُ دراسة بناء الكافي بعَرْض مادَّته، وطريقته فيها، ولاحظتُ أنَّه جارٍ على خُطَى أبي علي، فقد اعتمدَ أبواب "الإيضاح"، وصار يقتطعُ منها عبارةً أو عبارات يجعلها تحتَ عنوان "فصل"، فإذا ما قضَى نهمتَه اقتطع عبارةً أخرى، وعقد فصلاً آخَرَ، فإذا أراد أن يُدِير كلامًا مِن عنده، أو يستكمل نقطة لم يعرِض لها أبو علي، أو لم يجد لها مُتَّسعًا، فإنَّه يعقد مسألة.

 

الأبواب إذًا هي أبواب "الإيضاح"، والفصول للكلام المباشِر على عبارات "الإيضاح"، والمسائل لكلام ابن أبي الربيع نفسِه، ثم تتبَّعتُ خصائص منهجه، فرأيت فيها طول النفس في الشرح، واليقظة وحَشْد الهِمَّة التي تجلَّت في ربْط كتابه بكُتبه الأخرى، وعدم التَّكْرار، كما رأيتُ فيها النزعة التعليميَّة، والحِرْص على تحرير نصِّ الإيضاح، والعناية بعبارة أبي علي، وردِّ الاعتراضات عنه، والوَلَع بالتفريع والتشقيق، وبالجَدَل وفَرْض الأسئلة، وبالأصول والضوابط العامَّة، وبمسائل الخِلاف.

 

وأخيرًا: لاحظتُ انتشارَ كثيرٍ من الإشارات والفوائد التي تُبِين عن ثقافته الشاملة.

 

وتلوتُ حديثَ المنهج بحديث المصادر، فقلت: إنَّ العين لا تُخطِئ بحال ثلاثة أعلام كانوا ذوي أَثَر بالِغ في الكتاب، هم: سيبويه، والفارسي، والشلوبين، وأضفتُ إليهم رابعًا: ابن الطراوة، ولفتُّ إلى ابن أبي الربيع لم يذكر أيًّا مِن شروح الإيضاح على كثرتها، كما أنَّه لم يذكر أيًّا مِن الشارحين ما عدا ثلاثة: الشلوبين، وابن طاهر الخِدَبّ، والجزولي، ووجدتُ أنَّ جملةَ الكتب النحوية التي ذكرَها لم تجاوز ثمانية، في حين لم تتعدَّ كتب اللغة اثنين، والتفاسير تفسيرًا، والأدب والأخبار كتابين، وقرَّرتُ أنَّ ما ذكره ليس سوى إيماءةٍ إلى مصادرَ أخرى كثيرة، وأنَّ الأعلام أكثرُ صدقًا في التعبير عن مصادره.

 

جـ- وجاءتْ بعد ذلك دراسة الأصول النحويَّة، وقد بدأتُ بالسَّماع الذي احترَمَه الرجل احترامًا عظيمًا، وقدَّمه في مواطنَ كثيرة، ولذلك تجليات كثيرة رصدتُها في مواطنها، وتوقفتُ عند مصادر السَّماع، وأوَّلها القرآن الكريم، فقد أكثر الرَّجل مِن الاستِشهاد بالآيات الكريمة، فبلغَتْ عِدَّتها في الجزء الأول (المحقَّق) 288 آية ما خلا المكرَّر، وكشفتُ عن منهجه فيها.

 

أمَّا القراءات فقد خلصتُ إلى أنَّه كان معتدًّا بشرطي النسبة، وموافقة رسْم المصحف، وأنَّ موافقة العربية وحدَها لا تكفي مِن وجهة نظره، إنَّه يقف بيْن أهل صنعته من جِهَة، إذ يعتدُّ بموافقة العربية، والقرَّاء إذ تحمله الصنعة على الطعْن في قراءة صحيحة النسبة، ولقدْ جلوتُ موقفَه هذا من خلال عرْض كلامه في قراءة ابن عامر المشهورة: ﴿ وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ ﴾ [الأنعام: 137]، ومقايسته بكلام النحويِّين من المتقدِّمين والمتأخِّرين.

 

أمَّا القراءات الشاذَّة، فإنَّه يرى أنَّ الحُكم لا يثبت بها، وإنما تثبت بها اللغة، وعلى الرغم مِن ذلك فهو لم يجرحْها - في ما رأيت - ولم ينعَتْها بما يقدح، وللرجل طرائقُه في عرْض القراءات واحتجاجه بها، أو لها، وقد خدَم بذلك أغراضًا عديدة.

 

أمَّا الحديث الشريف والأثر فإنَّ ابن أبي الربيع حاذٍ حَذْوَ المتقدِّمين في التشدُّد في الاستشهاد به، على الرغم من أنَّه عصريُّ ابن مالك، كما أنَّه لم يعرِض - فيما رأيت - للقضية على نحوٍ نظري، على الرغم من أنَّه عصري ابن الضائع.

 

وقد أحصيتُ الأحاديث والآثار التي استشهد بها في الجزء المحقَّق، فوجدتها (18) حديثًا وأثرًا، منها (13) حديثًا وأثرًا استشهد بها على النحو والصَّرْف، والبقيَّة على اللُّغة والمعنى.

 

واحتجَّ بطائفةٍ من الأمثال والأقوال، وبعضها ممَّا كَثُر دورانه في كتب النحويِّين، وأوردها في سياقات مختلفة، ولغايات متباينة.

 

وأكثَرَ مِن الاستشهاد بالشِّعْر، فبلغ عدد شواهده الشعرية (251) شاهدًا، منها (25) من الرجز، وفيها (60) صدرًا وعجزًا، أو جزءًا مِن هذا أو ذاك، أو بعض صدر وعجز معًا، وعَوَّل كثيرًا على شواهد سيبويه وأبي عليٍّ، وغيرهما من المتقدِّمين، وخَدَم بهذه الشواهد أغراضًا مختلفة، ونسب منها (92) شاهدًا، وترك (159) غُفْلاً، نسبتُ (143) منها، وبقيتْ (16) لم أهتدِ إليها.

 

وشواهده لشعراء مِن قيس وتميم، وأسد وهذيل، وكنانة وطيِّئ، وأيضًا لشعراء مِن ثقيف وتغلب، وإياد وبكر بن وائل، وليس فيهم مُولَّد إلا أبو تمام، وإنَّما جاء في تضاعيف كلام أبي علي، فلا يُحسَب عليه، على أنَّه اعتَذَر لأبي علي، وظهر لي مِن منهجه في شواهده أنه عُنِي إلى حَدٍّ ما بالتنبيه على الخِلاف في رواياتها، وتوجيه ما يذكُره من هذه الرِّواية، على أنِّي استظهرتُ غياب بعض الرِّوايات عنه، كما أنَّه عُنِي إلى حدٍّ ما بغريب شواهده.

 

وتلا حديثَ السَّماع حديثُ القياس، ولم يعرِض ابن أبي الربيع في الجزء المحقَّق للقياس مِن الوجهة النظرية، على أني رأيتُ له في الجزء الخامس بعضَ كلامٍ يتَّصل بالنظر، ومهما يكن، فقد عُني الرجل بالقياس ولاذَ به، وحَكَم على بعض أنواعه بالفَساد، كما فاضَل بيْن الأقيسة وبعضها، ورَبَط بين القياس والكثرة.

 

والوجه الآخَر المقابِل للقياس عندَه هو الشُّذوذ، وما سُمِع شاذًّا لا يُتجاوَز إلى غيره، وترتبط بالقِياس فكرة العِلَّة، وقد فشَتْ في "الكافي" العِلل بأنواعها: التعليمية والقياسية والجدلية، وهي تتزاحَم في كلامه تزاحمًا، ويستخدم كثيرًا مسلكَ السَّبر والتقسيم في الوصول إلى الأحكام التي يسعَى إليها، ويستعين أحيانًا بتعليلات غيره، ولقد رصدتُ العلل المشهورة التي استخدمها ومثَّلتُ لها، وزدتُ عليها عِلَلاً أخرى لم ترِد في "الاقتراح"، وأطلقتُ عليها أسماء حذوتُ فيها حذوَ أسماء العِلل المشهورة.

 

كما ترتبط بالقياس فكرةَ العامل، وابن أبي الربيع مؤمِن بنظرية العاِمل هذه، وقد صرَّح بضرورتها لبِناء قانون يحكُم الكلام العربي، وعُني بها أيَّما عناية، وأفاد منها على امتدادِ الكتاب، وطبَّقها فأحسن تطبيقَها، وقد تتبعتُ تجليات عنايته، فرأيتُه يقول بأنَّ "العدم" مطلقًا كان أو مقيدًا لا يكون عاملاً، ورأيتُه لا يذكر من العوامل المعنويَّة سوى الابتداء، ومفهوم الابتداء عندَه "الإسناد"، أمَّا التعرِّي فشرط فيه، كما ذكر الوقوع موقعَ الاسم.

 

والعامل اللفظي عندَه أقوى من العامِل المعنوي، وبعض العوامل لا تعمل مقدرةً لضعفها، والعوامل ليستْ سواءً في قُدرتها على التأثير... إلخ.

 

ومِن الأصول "الإجماع"، وقد استخدَمَه بمعنى إجماع العرب، وبمعنى إجماع أهل الصَّنْعة، واعتدَّ به في الحالين، ومِن إجماع أهل الصنعة الإجماع المذهبي، وهو أيضًا يعتدُّ به، فإذا ما أجمع أصحابُه البصريُّون على مسألة، فإنَّه يعوِّل على إجماعهم.

 

- 4 -

وانتقلتُ بعدَ ذلك إلى شخصية ابن أبي الربيع النحويَّة:

أ- بيَّنت أولاً مذهبَ الرجل النحوي، وقلت: إنَّه بصري، ليس في ذلك شكٌّ، أصوله أصولهم، وقواعده قواعدهم، وآراؤه في بعض المسائل آراؤهم.

 

واحتشدتُ لجمْع ما تفرَّق مِن دلائل بصريَّته فيما فات من الدِّراسة، وفيما يأتي، مكتفيًا بالإشارة، ومعوِّلاً على الإحالة.

 

ثم تتبَّعت أصداءَ المذهب البصري في كتابه، فأحصيتُ المرَّات التي ذكر فيها البصريِّين، سواء كان ذلك بالتصريح أم بالكناية، وتبيَّن لي أنه كنَّى عنهم مثلاً بـ"أكثر النحويين" في (12) موضعًا، كما كنَّى عنهم بـ"المحققون"، و"محققو الصنعة"، و"جمهور النحويين"، و"أكثر النحويين"، و"النحويون المتقدِّمون"، ثم تتبعت مواقفه من مسائل الخلاف عامَّة، ومن أعلام البصريِّين، واكتفيت بـ"سيبويه" و"الخليل" و"المبرد"، ولاحظت أنه لَهِج بسيبويه، وأنَّه لا يغيب عن كلامه، ورصدتُ ألوان إفاداته منه، ووجدتُ أنَّ دأبه هو موافقته، وتخريج كلامه، والاستدلال له، وتحسينه، وتصحيحه، واستظهاره، وجعله الأقوى والأقرب والأمثل، كما رأيتُه حَفِيًّا بالخليل، مَعِنيًّا بالرد عنه، أمَّا المبرِّد فكان دون هذا وذاك في نفسه.

 

ومِن البدهي أن يعرض للكوفيِّين، حتى من باب نقض كلامهم والرد عليه.

 

وقد رأيتُه واقفًا لهم بالمِرْصاد يُخالفهم، ويُبطل كلامهم ويضعِّفه، ومواقفه مِن أعلامهم بخاصَّة لا تختلف عن مواقفه منهم بعامَّة، فقد ذكر الفرَّاء خمس مرَّات، أفسد فيها جميعًا كلامه، وأفاد من الكسائي قارئًا ومشافهًا للعرب، لكنَّه لم يرتضِ آراءه النحويَّة وخالفها، وذكر ثعلبًا، واقتصرتْ إفاداته منه على بعض النقول اللغوية.

 

وذكر البغداديِّين أربع مرَّات، حكى فيها جميعًا ما رووه من قول العرب "الثلاثة الدراهم"، والمراد بالغداديِّين عنده - كما خلصت الدراسة - فريقٌ من نحويي الكوفة سكنوا بغداد.

 

وتلبَّثتُ عند مَن أطلق عليهم "النحويون المتأخِّرون"، وهي تسمية تردَّدت كثيرًا في الكتاب، واتَّخذتْ صورًا عِدَّة، ولاحظت أنه يقول: "بعض المتأخِّرين"، ويريد: ابن الطراوة، أو ابن أبي العافية قطعًا، ويريد: الزمخشري، أو ابن ملكون، أو ابن السِّيد، أو ابن خروف، أو السهيلي احتمالاً.

 

ومهما يكن، فإنَّه ذكر عددًا من المتأخِّرين، منهم: الأعلم الشنتمري، والزمخشري، وابن طاهر الخِدَب، وابن ملكون، وابن أبي العافية، والجزولي، وكان أكثر المتأخِّرين تأثيرًا فيه شيخه الشلوبين، فقد اعتَمَد عليه في الانفصال عن الاعتراضات التي وُجِّهتْ لأبي علي، ولم يقتصرْ الأمر على انفصالاته على خطرها، فقد تكون مِن شرْحه المفقود على "الإيضاح"، بل تعدَّتها إلى التعويل كثيرًا على آرائه واختياراته، وأقواله وردوده على النحويِّين، وهو دائمُ التصويب لكلامه، والاستحسان له، وتقويته وترجيحه واستظهاره، على أنَّ ذلك لم يمنعْه من أن يسوِّي آراءه بآراء غيره إذا ما اتَّجهت له قوتها.

 

ب- وكان مِن حقِّ أبي عليٍّ أن تُفرد له الدراسة فصلاً، وتنظر في الطرائق التي اتَّخذها ابنُ أبي الربيع في الذَّوْد عن صاحبه، والاعتذار له، وبخاصَّة أنَّ هذا هدفٌ من الأهداف التي نهد لشرح "الإيضاح" من أجلها، لقد دافع عن ترجمات "الإيضاح"، أو عنايته، وردَّ الاعتراضاتِ على حدوده، وتأوَّل شواهده وأمثلته التي أشكلت، ووجَّه عباراتِه المحتملة، وانتصر لآرائه، وعُني بروايات "الإيضاح" ونقْدها والموازنة بينها، سعيًا منه لتحرير نص المتن الذي يشرحه، وقد كشفتِ الدراسة في تضاعيف ذلك كلِّه عن دِقَّة نظره، وتمكُّنه من أصول صنعته وجزئياتها، وقدرته على الوصول إلى الأحكام المصيبة.

 

على أنَّ هذا الحرْص على الردِّ عن أبي علي أخرج الرجلَ عن الصواب، وعَدَل به عن مقصود كلام أبي علي في بعض المواطن.

 

جـ- وما استحقَّه أبو علي استحقَّه ابنُ الطراوة، وإن اختلفتِ الجهة، فالرجلان موضع اهتمام ابن أبي الربيع، الأوَّل مِن باب الدِّفاع عنه، والثاني من باب نقض كلامه.

 

لقد اعترض ابن الطراوة أبا علي، وتتبَّعه في عباراته، وشواهده، وأمثلته، فضلاً عن آرائه ومذاهبه النحوية واللغوية، وأظهرتِ الدراسة أنَّه كان متحامِلاً، ولهذا فإنَّ نقض كلامه لم يحتجْ في الغالب كبيرَ عناء، ولقد أحصيتُ هذه الاعتراضات فوجدت عدَّتها (17) اعتِراضًا، خرج معظمها مِن عَيْبة التحامُل الشديد، فوقع صاحبها في الوهْم والخطأ والتناقُض، ورأيتُ بعض هذه الاعتراضات في "الإفصاح"، ولم أرَ بعضها الآخر فيه، وأغلب الظنِّ أنَّه في كتابه المفقود "المقدِّمات"، ونصر ابن أبي الربيع أبا علي في المواطن جميعًا، ولم يتخلَّ عنه التوفيق إلا في مسألة واحدة.

 

د- والحقُّ أن ابن أبي الربيع لم يكن مجدِّدًا، ولا ثوريًّا، ولا ذا مذهب خاص انفَرَد به، فهو ليس ابنَ مضاء الذي ثار على القديم، ودعا إلى هدْم أصوله، وليس ابن الطراوة الذي انتَقَص من قدر أبي علي، وهو مَن هو، وعلى الرغم مِن ذلك كانت له آراء انفرد بها، وإضافات تُحسَب له، وتحقيقات لمسائل مشكلة، أو مختلَف فيها، ونقدات تصِل إلى حدِّ التخطئة والتغليظ، والإبطال والاستبعاد والتضعيف، إذا كان ثَمَّة ما يدعو إلى ذلك، كما كانتْ له اختيارات.

 

وقد فصَّلتُ القول في ذلك كله، ونظرتُ في اتجاهه، وحقَّقتُ في ثنايا ذلك آراء عَدَّها القدماءُ ممَّا انفَرَد به، وهي ليستْ كذلك، ورصدتُ ما أضافه مِن تخريجات وتأويلات، وتعليلات وتفريعات، كان كثيرًا ما يأتي بها بعدَ لوازم أسلوبية، مِن مثل: "ويحتمل عندي"، أو "ويمكن عندي"، وألمحتُ إلى طُول نفَسِه في الجدل النحوي، وولعه بفَرْض الأسئلة، والإجابة عليها، وقُدرته على معالجة الأدلَّة المتعارِضة، والترجيح بينها، وأوضحتُ أنَّ اختياراته وإن كانتْ من جهة موافقات، فهي مِن جِهة أخرى مخالفات، قد تكون لأصحابه البصريِّين حينًا، ولواحدٍ أو أكثر من الثلاثة الكبار - أعني: سيبويه، وأبا علي، والشلوبين - في نفسه حينًا آخَرَ، ولعلماء جِلَّة مثل الأخفش والمبرد، والزجاج والمازني، وابن السراج والرماني، وغيرهم، على أنَّه قد يقف أحيانًا على جانب الحَيْدة إذا ما ظهر له اتِّجاه رأيين أو آراء، ولا يجد غضاضةً في أن يسوِّي بين مذهب أصحابه من البصريِّين وغيرهم.

 

ولا شكَّ أنَّ نحويًّا على هذه الدرجة سيترك أثرًا يُذكر في لاحقيه، ومِن هنا وقفتِ الدراسة عند عددٍ من النحويِّين الذين أفادوا منه، فتتبَّعتْه في مصنفاتهم، وقدَّمتْ نماذج لألوان هذه الإفادات، ومِن هؤلاء أبو حيان والمرادي، وابن هشام الأنصاري، والشاطبي والسيوطي، وعبدالقادر البغدادي، وقد انتهَتْ هذه الوقفةُ إلى أنَّ تأثيره بدأ مبكرًا في تلاميذه، وأنَّه استمرَّ - في حدود المصادر التي اطَّلعتُ عليها - إلى نهاية القرْن الحادي عشر الهجري، وأنَّ تأثيره لم يقتصرْ على المغرب العربي والأندلس، بل امتدَّ إلى المشرق، وأنَّ السيوطي وأبا حيان، وابن غازي والشاطبي، أكثرُ الذين أفادوا منه، وأنَّ ابن هشام انتَصَر له على ابن مالك والجوهري في موضع، في حين انتَصَر المرابط الدلائي لابن مالك وغيره عليه في موضع، وأنَّ البغدادي خالَفَه مُستِعينًا بكلام شهاب الدين الخفاجي.

 

هـ- وفي النهاية نظرتُ فيما لابن أبي الربيع، وما عليه، وانتهيتُ إلى أن كِفَّة حسناته أثقلُ كثيرًا من الكِفَّة الأخرى، وإن لم يخلُ الأمر مِن عثرات، هي مِن ذلك النَّوْع الذي لا ينجو منه بَشَر، وبدأتُ بالحسنات فأجملتها، ثم وقفتُ عند هفواته وعثراته، فوجدتُها تتصل بالمتن "الإيضاح" فقد تصرَّف أحيانًا في لفظ أبي علي، ونَدَّتْ عنه روايَةٌ أخرى للفظه، وغاب عنه في بعض المواطن ما في "الإيضاح" أو كتب أبي علي الأخرى، وخلَّط في العزو إلى هذه الكتب.

 

كما وجدتُها تتَّصل بكتابه نفسه "الكافي"، فقد أغْفل شروح "الإيضاح" ولم يذكر أيًّا منها، على كثرتها، وعلى أنَّ لشيخه الشلوبين شرحًا، وللخِدَبِّ طُرَرًا، وخرج في موطن وحيد عن الموضوعية، وظهرتْ فيه حِدَّة ليستْ في طبعه، وذلك عندما تحامَل على الزمخشري، كما أنَّه وَقَع في المناقضة؛ إذ تبايَن كلامه في مواطن من "الكافي" مع كلامه في كُتبه الأخرى، وحادَ عن الجادَّة في فَهْمِ بعض الآراء والمذاهب، وابتعدَ عن الصواب في نِسبة بعضها، وأجمل في مواطن كان حقُّه أن يُفصِّل فيها ويستقصي، ونَزَع أحيانًا إلى التعميم، فنأى عن الدِّقَّة حينًا، واقترب من الحِمَى المحظور "الخطأ"، بل وقع فيه حينًا آخَرَ، واستخدَم ألفاظًا ليستْ دقيقة في إصابة الغَرَض، وجنحتْ عباراته إلى مثل ذلك، ولم يخلُ الأمر من عثرات في الشواهد، فوَهِم في العزو، ولم يُحِطْ بالأوجه الإعرابية، والتخريجات، ونحو ذلك.

 

وأخذتُ عليه الاستطرادَ في مواطن محدودة، ورصدتُ بعض هَنَاتٍ هيِّنات، تتَّصل بزيادة لفظ على متن "الإيضاح"، أو الإحالة على كلامٍ له سَبَق، ولم يسبق، فضلاً عن مجانبته السلامة اللغوية، وما عليه الأفصحُ في بعض الألفاظ والتراكيب اللغوية.

 

وبعد:

فهذا غاية الجهد، ووُسْع الطاقة، في التعريف بشخصية نحويَّة متميِّزة في القرْن السابع الهجري، وما خَلَّفتْه من آثار، وما أسهمتْ به في ميدان الدرس النحوي.

 

وأرجو من الله - تعالى - أن أكون قد وُفِّقتُ في ما عملت، وأن أَجِدَ جزاءَ ذلك أجْرين، وما ذلك على الله بعزيز، وهو - سبحانه - من وراء القصد.

 

والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرؤية الخلدونية لصناعة العربية (1)
  • الرؤية الخلدونية لصناعة العربية (2)
  • الرؤية الخلدونية لصناعة العربية (3)
  • الرؤية الخلدونية لصناعة العربية (4)
  • تقييد وإيضاح على التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة فتح الوكيل الكافي بشرح متن الكافي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • محاضرتان بعنوان: مسائل الإيمان والقدر، ومسائل الصفات في فتح الباري، ومنهج الأشاعرة فيها(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أقوال الصحابة المسندة في مسائل الاعتقاد ( جمع ودراسة وتحقيق WORD )(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مسائل الإمام أحمد الفقهية رواية محمد بن الحكم في المعاملات (جمعًا وتوثيقًا ودراسة)(رسالة علمية - آفاق الشريعة)
  • سيبويه وبعض مسائل المعاملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عقوبات الذنوب والمعاصي: مختصرة من كتاب الجواب الكافي لابن قيم الجوزية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عقوبات الذنوب والمعاصي: مختصرة من كتاب الجواب الكافي لابن القيم(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أكثر من خمسين فائدة انتقيتها من كتاب الجواب الكافي لابن قيم الجوزية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- ألف شكر وتحية
حليمة إيمان - المغرب 02-04-2018 04:58 PM

هل من الممكن الحصول على هذا العمل المتميز؟ وجزاكم الله ألف خير.

3- شكر وتقدير على تحقيق هذا الأثر النفيس
أحمد مصطفى - مصر 03-09-2016 07:10 PM

نشكر وتقدر لفضيلة الدكتور تحقيقه لهذا الأثر النفيس

2- شكر
د. أنس - السعودية 19-04-2016 06:45 PM

نفع الله بجهودكم يا دكتور

لو تكرمت كيف الحصول على الرسالة للضرورة، علماً بأني أحتاجها لبحثي ولم أجد الكتاب متوفراً.

وشكراً لكم

1- مشكور
فراج محمد - مصر 01-11-2015 11:11 PM

مشكور

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب