أحكام القرآن للقاضي أبي بكر ابن العربي الأشبيلي (ت:543هـ) دراسة وتحقيقا

ملخص الرسالة

أحكام القرآن

لِلقَاضِي أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللهِ المَعْرُوفِ بابْنِ العَرَبِي الأشْبِيْلِي (ت:543هـ)

من سورة الحشر إلى آخر الكتاب

(دراسة وتحقيقًا)

الحمد لله مُولي الجَميل، واهب العَطاء الجزيل، أجود من أعطى، وأصدق من أوفى، نحمدك اللهمَّ ما هَمَع[1] سحاب، ولمَعَ سراب، واجتمع أحباب، وقُرئ كتاب، حَمْدًا حَمْدًا على الإكرام، وشُكْرًا شُكْرًا على الإنعام، والصّلاة والسلام على النِّبي الهادي، وصاحب المقام العالي، وعلى آله الطيبين، والصحابة والتابعين، ومن بعدهم بإحسان إلى يوم الدين؛ يا رب العالمين.

وبعد؛ فإنَّ المعارف جمَّة، وهيكلها مُهمَّة، وأهمّها ما بها لحياة الأبدية، والسعادة السرمَدية، وهوعلم كتاب الله تعالى، وغيره من العلوم كالأدوات، فهوالعروة الوثقى، والحصن الأقوى، حبل الله المتين، والذِّكر الحكيم، والصّراط المستقيم، الذى لا تَزيغ به الأهواء، ولا تَشبع منه العلماء، لا تَنْقضى عجائبه، من قال به صَدَق، ومن حَكَم به عَدَل، ومن خاصم به فَلَح، ومن دَعَى إليه فقد هَدَى إلى صراط مستقيم ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

لذلك ألف علماء الإسلام حول هذا الكتاب الكريم؛ فتنوعت مؤلفاتهم تجاهه، فمنهم من ألف في أسباب نزوله ومنهم من ألف في ناسخه ومنسوخه، ومنهم من ألف في غريبه، ومنهم من ألف في معانيه، ومنهم من ألف في إعرابه، إلى غير ذلك من العلوم المتعلقة به ومنهم من جعل مصنفاته شاملة فأورد فيها علومًا شتى؛ وهذه سمة كتب التفسير، ومنهم من عني بجانب الأحكام الشرعية في القرآن الكريم، فكانت كتب أحكام القرآن، فترك لنا علماء الإسلام تراثًا علميًّا عظيمًا، يشهد لإعجاز القرآن وعظمته، حيث لقي من العناية ما لم يلْقه كتاب آخر.

ولكن نالت من بعض ذلك التراث العلمي العظيم يد التحريف، وأصابته آفة التصحيف، فلرُب تحريف أوتصحيف غير معنى النص حتى صار على غير مراد المؤلف، فلزم المسلمين علماء كانوا أو طلابًا التصدّي لإخراج هذه الكتب وتحقيقها، ونفض ما أصابها من غبار الزمن، وخدمتها الخدمة العلميةاللائقة بمكانتها، فقام بذلك العمل المبارك علماء وباحثون، فخرجت إلى النور كتب كثيرة، بعضها خرج بحلة بهية مضبوطًا مخدومًا، إلا أن بعضها مازال ينتظر مزيد ضبط ومزيد تحقيق، وخدمة تليق به.

ولما منَّ الله تعالى عليَّ - بحوله وقوته - ووفقني للالتحاق بقسم التفسير في مرحلة العالمية (الماجستير) بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، رأيت أن تكون رسالتي العلمية، في خدمة تراث الأمة الإسلامية، لتتواصل الجهود، وتتكامل في ذلك الميدان النبيل، ووقع اختياري على تحقيق جزء من كتاب (أحكام القرآن لأبي بكر ابن العربي الإشبيلي (ت 543هـ)، وذلك لأسباب سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. وقد تم توزيع الكتاب على عدد من طلاب مرحلة الماجستير[2]، وكان نصيبي من هذا المشروعمن اول سورة الحشر إلى آخر القرآن في 90 صفحة.

هذا وقد تم تقسيم الكتاب وفق طبعة دار السعادة المطبوعة بمصر عام 1331هـ بأمر السلطان عبدالحفيظ العلوي سلطان المغرب آنذاك.

1- أسباب اختيار الموضوع وأهميته:

2- أهمية علم التفسير وجلالته؛ فهو المبيّن لكلام الله تعالى، وله شرف يتميز به على بقية العلوم لشرف موضوعه وغايته وشدة الحاجة إليه، لذلك فهو جدير بأن يولى العناية البالغة، وأنتصرف له الأوقات الواسعة، وأن تبذل له الجهود لتحريره وخدمته.

3- أن إخراج مثل هذا الكتاب القيم في رسائل علمية يُعد إضافة قيمة للمكتبة الإسلامية عمومًا، ولمصادر الدراسات القرآنية خصوصًا، فالكتاب مرجعمهم للمتخصصين في التفسير.

4- القيمة العلمية العالية لكتاب (أحكام القرآن) لابن العربي بين مصنفات كتب التفسير بصورة عامة، وكتب أحكام القرآن بصورة خاصة، وسيأتي بيان شيء من ذلك - إن شاء الله تعالى -.

5- العمل على تحقيق مثل هذا السفر النفيس يستلزم البحث في أمّهات كتب العلوم المتنوعة؛ من كتب العقيدة، والتفسير وما يتعلق به من علوم، والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، الأمر الذي يوفر فرصة رائعةللاطلاع وتنمية المعارف وتقوية البناء العلمي للباحث لاسيما في مقتبل حياته العلمية.

6- في إخراج هذا الكتاب وفاء لعلماء الأمة، ونشرلتراثهم وإبراز لجهودهم في خدمة العلم، وتفسير كتاب الله تعالى.

7- توصيات عدد من الباحثين بتحقيق الكتاب، وسيأتي تفصيل شيء من ذلك - إن شاء الله -.

8- سقط جزء من مقدمة الكتاب في جميع الطبعات، ولم يسلم في ثناياه من التحريف والسقط. فقد ذكر الأستاذ الدكتور علي العبيد أن مقدمة المؤلف لكتابه فيها خرم من أولها حيث تبدأ من قول ابن العربي (... الطبري شيخ الدين... ) وقال: ( وقد عثرت على المقدمة كاملة في نسختين يبدو أن المحقق لم يطلع عليهما، الأولى: في متحف طوبقبوسراي بمدينة استنبول... والثانية: في مكتبة برلين الوطنية بألمانيا... وتمكنت بحمد الله من نسخ المقدمة التي في تركيا ومن تصوير التي في ألمانيا، ونصها مايلي:...) ثم ذكرها[3].

9- إلى جانب هذا كله كان من أعظم الدوافع لي على اختيار الموضوع هو إيماني بهذا العمل الذي سأقوم به ما هو إلا إسهام مني في خدمة كتاب الله تعالى، وقيام مني ببعض الواجب نحو هذا الكتاب الكريم، وأضرب بسهم في خدمة التفسير، وبالتالي في خدمة كتاب الله تعالى.

10- توصيات الباحثين السابقين بتحقيق الكتاب:

مع القيمة العلمية الكبيرة للمؤلف، ومع ما ناله هذا الكتاب من مكانة عند أهل العلم، إلا أنه لم يحظ بالعناية اللائقة به، وقد ذكر ذلك عدد من الباحثين وممن اعتنوا بكتاب أحكام القرآن لابن العربي:

1- قال الدكتور محمد السليماني: "ومن عجيب الأمر أن ابن العربي هذا، لم يظفر بعناية الباحثين المحدثين، ولم يقم على نشر تراثه طائفة من ذوي الأقدار والأفهام، الذين يحسنون قراءة نصوصه، ويدركون مرامي إشاراته، فكان انتفاع الناس بتراثه المطبوع انتفاعًا قاصرًا، لما امتلأ به من غلط وتصحيف وتحريف ومسخ"[4].

وقال أيضا:"طبع هذا الكتاب - أي: أحكام القرآن- بمصر (ط: السعادة) بأمر مولاي عبدالحفيظ العلوي سلطان المغرب آنذاك، ثم أعيد طبعه بمصر عدة مرات، وآخر طبعة هي الطبعة الثالثة بتحقيق الأستاذ علي بن محمد بجاوي رحمه الله سنة 1972م[5] وتحتاج إلى مزيد تحقيق وعناية"[6].

2- وأوصى الباحث: د. صالح الحربي فقال: "إن كتاب أحكام القرآن -مع ما قام به بعض الأجلاء من خدمته- يحتاج إلى مزيد تدقيق، ومزيد تحقيق، وذلك أننا وجدنا كثيرًا من الاختلافات بين ما يثبته المحققون في نص الكتاب، وبين ما هو مسطور في ثنايا المخطوطات"[7].

3- وأوصى الباحث د. محمد بن سيدي عبدالقادر فقال: "إن من أهم التوصيات التي أوصي بها في هذا المجال يمكن إيجازها فيما يلي:

أولًا: الاعتناء بهذا الكتاب، وإخراجه إخراجًا علميًا دقيقًا، فإن الكتاب رغم ما ناله من عناية، وتعدد في الطبعات ما زال يحتاج إلى تحقيق جاد يكمل نقصه، ويحقق مسائله، وقد قام عبدالرزاق المهدي مشكورًا بخدمة هذا الكتاب من الناحية الحديثية فخرج أحاديثه تخريجًا جيدًا، وإن كان أغلب أحاديث المؤلف لا تخرج عن الصحاح والسنن"[8].

4- وقال الباحث موسى سليمان: "كتاب "أحكام القرآن" لا يزال بحاجة إلى مزيد من العناية، تحقيقا وتخريجا للأهمية التي حظي بها عند العلماء عامة، حيث إن يد التصحيف نالت منه؛ لذا فإن على قارئه اصطحاب "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي لأنه كثير النقل بالحرف من ابن العربي"[9].

فهذه توصيات عدد من الباحثين ممن عاشوا مدة من الزمن مع أحكام القرآن لابن العربيأثناءدراسة ترجيحاته، وقد خرجوا فيهابالتوصية بالعناية بأحكام القرآن خدمة وتحقيقا.

2- الدراسات السابقة حول الكتاب:

3- خطة البحث لدراسة وتحقيق الكتاب:

تتكون خطة البحث من: مقدمة، وقسمين، وفهارس:

المقدمة وتشتمل على:

1- أسباب اختيار الموضوع وأهميته.

2- الدراسات السابقة.

3- خطة البحث.

4- منهج البحث.

القسم الأول: الدراسة: وفيه فصلان:

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف بإيجاز، وفيه سبعة مباحث:

المبحث الأول: اسمه، ولقبه، وكنيته، ونسبه.

المبحث الثاني: مولده ونشأته ووفاته.

المبحث الثالث: شيوخه، و تلاميذه.

المبحث الرابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

المبحث الخامس: عقيدته.

المبحث السادس: مذهبه الفقهي.

المبحث السابع: مؤلفاته.

الفصل الثاني: التعريف بالكتاب باختصار، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: تحقيق اسم الكتاب ونسبته إلى المؤلف.

المبحث الثاني: القيمة العلمية للكتاب.

المبحث الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.

المبحث الرابع: مصادر الكتاب.

المبحث الخامس: وصف النسخ الخطية المعتمدة للكتاب ونماذج منها.

القسم الثاني: النص المحقق.

من: أول سورة الحشر.

إلى: آخر كتاب أحكام القرآن.

ويعادل 90 لوحة.

الفهارس العلمية على النحو التالي:

1- فهرس الآيات القرآنية المستشهد بها.

2- فهرس الأحاديث النبوية.

3- فهرس الآثار.

4- فهرس الأشعار.

5- فهرس الأعلام المترجم لهم.

6- فهرس الأماكن والبلدان.

7- فهرس المصادر والمراجع.

8- فهرس الموضوعات.

4- منهج البحث:

يتلخص المنهج الذي سأتبعه -إن شاء الله-في النقاط التالية:

1- اختيار النسخة الأممن بين النسخالمتوفرة وأعتمدها أصلًا لبقية النسخ.

2- نسخ الكتاب حسب القواعد الإملائية الحديثة.

3- ضبط الكلمات التي تحتاج إلى ضبط.

4- إثبات الفروق -التي لها تأثير في فهم النص- بين الأصل وبين النسخ الأخرى في الهامش؛ أما الفروق التي لا تأثير لها على النص فلا أثقل الحواشي بها، ولا أتصرف في الأصل، إلا إذا كان فيه خطأ ظاهر.

5- كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني،وعزوها بذكر اسم السورة ورقم الآية داخل النص.

6- عزو القراءات المتواترة والشاذة إلى مصادرها الأصلية مع توجيهها.

7- تخريج الأحاديث والآثار، وذلك بعزوها إلى مصادرها، ما لم يعزُهاالمؤلف فما كان منها في الصحيحين أو أحدهما أكتفي بتخريجه منهما،وإلا خرجته من كتب الحديث كالسنن والمسانيد والمعاجم، مع ذكر كلام المحدثين على درجة الحديث.

8- توثيق ما ينقله عن أهل العلم من كتبهم، فإن لم يكن للمنقول عنه كتاب فمن الكتب المعتمدة في ذلك الفن.

9- توثيق الشواهد الشعرية من مصادرها، ونسبتها إلى قائليها.

10- الترجمة للأعلام ترجمة موجزة.

11- بيان الغريب من الكتب المعتمدة في ذلك.

12- التعريف بالأماكن والبقاع والبلدان غير المشهورة.

13- التعليق على ما يحتاج إلى تعليق.

14- الاختصار والتركيز في التحقيق والتعليق.

15- تذييل البحث بالفهارس العلمية المنصوص عليها في الخطة.

16- فهرس الموضوعات

فهرس الموضوعات