نظام العقوبات في الصومال (القتل السرقة الزنا) دراسة وصفية تحليلية في ضوء الشريعة الإسلامية

نظام العقوبات في الصومال (القتل السرقة الزنا)

دراسة وصفية تحليلية في ضوء الشريعة الإسلامية

الملخص:

هذا البحث عبارة عن دراسة وصفية تحليلية لجرائم القتل والسرقة والزنا وعقوباتها في القانون الصومالي مقارنة بالشريعة الإسلامية من حيث الموافقة والمخالفة، ذلك لأن الصومال دولة مسلمة بشعبها، ودينها الرسمي الإسلام كما نص على ذلك دستورها، مما يُفترض أن تكون قوانينُها وأنظمتُها ودستورُها مستقاةً من الشريعة الإسلامية، إلاّ أن الواقع جاء على خلاف هذا الفرض، وقد قامت الباحثة بتقسيم البحث إلى مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة، لتتناول المقدمةُ الافتتاحيةَ بأهمية البحث، ومشكلة البحث، وأهداف البحث، والدراسات السابقة، والمنهج المتبع في البحث، وجاء في الفصل الأول المواد المتعلقة بالقتل، كما احتوى الفصل الثاني على المواد المتعلقة بالسرقة، واشتمل الفصل الثالث على المواد المتعلقة بالزنا، واتبعت الباحثة المنهج الاستقرائي والوصفي والتحليلي، حيث جمعت المتعلقة بكل من القتل والسرقة والزنا، ومن ثم تحليل تلك المواد وذلك بتكييفها في الشريعة الإسلامية، ثم مقارنة العقوبة الواردة فيه بالشريعة لمعرفة الموافقة والمخالفة، وقد توصلت الباحثة إلى أن القانون الصومالي لم تكن الشريعة هي مصدره ومستمده، على الرغم من كون دين الدولة هو الإسلام، وإنما كان استمداده من القوانين الوضعية التي لا تراعي تعليمات الدين أو العرف عند صياغة موادها، وأوصت الباحثة بضرورة اهتمام الباحثين بما تبقى من مواد القانون، وتناولهم إياها بالبحث والتحليل واقتراح البديل الشرعي لموادها.

المقدمة:

الحمد لله الذي شرع العقوبات على الجنايات لتكون رادعة للنفوس الظالمة من الإقبال على الظلم والتعدي، وليعيش خلقه في أمن واستقرار وطمأنينة، فله الحمد في الأولى والآخرة، والصلاة والسلام على أفضل من قام بتطبيق شرع الله تعالى المتعلق بالعقوبات، فعم الخيرُ العبادَ والبلادَ، وعاش الناس في رخاء وأمن واستقرار، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فإن حكمة الله تعالى اقتضت أن يشرع لعباده ما يحقق لهم المصالح ويدرأ عنهم المفاسد، ويحفظ عليهم ضرورياتهم الخمس التي لا يتصور عيش بدونها، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، فشرع لهم ما يحفظ عليهم هذه الضروريات من جانبين:

الجانب الأول: جانب الوجود، وذلك بالأوامر والحث والترغيب، فشرع الأحكام محققة لذلك من واجبات ومندوبات ومباحات.

الجانب الثاني: جانب العدم، وذلك بالنواهي، والترهيب والتخويف، وشرع الأحكام التي تحقق هذا المقصد، من تحريم وكراهة، وحدد العقوبات التي تردع من الإقبال والمِساس والتعدي على شيء من هذه الضروريات، فقضى بقتل المرتد حفاظا على الدين، وشرع القصاص لحفظ النفس، وأوجب رجم الزاني أو جلده لحفظ النسل، وحتّم قطع يد السارق لحفظ المال، وحدّد حد شارب الخمر لحفظ العقل.

ولما كان نظام العقوبات الجنائية في دولة الصومال أمرا يشوبه شيء من الغموض وعدم الشفافية أحيانا وذلك بسبب التطبيقات الخاطئة من بعض من وصلوا إلى الحكم، حيث وسّعوا دائرة إنزال العقوبات على جنايات لا يستحق أصحابها تلك العقوبات، مما حدا بالبعض إلى التشكّك من موافقة النظام الصومالي لشريعة الإسلام، كما أن هناك من يدعي بأن نظام القضاء الصومالي ومنه نظام العقوبات مأخوذ بحذافيره من الشريعة الإسلامية، فأصبح الشعب في حيرة من أمره، لا يدري ما هو وجه الصواب بين هذين الاتجاهين من الخطأ، وكانت الأمانة العلمية تقتضي وتتطلب الكشف والفحص الجاد عن الحقيقة المكمونة في هذا الأمر؛ أرادت الباحثة أن تتناول جانبًا من نظام العقوبات في القضاء الصومالي بشيء من الدراسة وصفًا وتحليلًا ومقارنة بالشريعة الإسلامية لمعرفة ما وافق الشريعةَ منه وما خالفها، واقتراحَ العقوبة المناسبة في حال المخالفة، راجيةً من الله تعالى أن ينفع به، وعسى أن يستفيد منه المسؤولون عند إعادة النظر في النظام.

هذا؛ وإن طبيعة البحث العلمي في هذه المرحلة (مرحلة الماجستير) تقيد الباحثة في حدود صفحات وكلمات لا ينبغي تجاوزها، لذلك رأت الباحثة أن تقتصر على جناية القتل والسرقة والزنا كحدود بحثها، لدراسة العقوبات المحددة لكل نوع من أنواع كل واحد من هذه الثلاثة، لتفتح الآفاق لغيرها من الباحثين في تناول ما بقي من نظام العقوبات بالدراسة المماثلة.

وسيتناول البحث الجناية من قتل أو سرقة أو زنى، وأنواعها، ثم شرح ما يحتاج منها إلى شرح وبيان، ثم وصف الجناية وتكييفها وتحليلها، ثم ذكر عقوبتها في النظام الصومالي، ومقارنة تلك العقوبة بما ورد في الشريعة الإسلامية.

وسيستند البحث في كل ذلك على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال السّلف والعلماء، وكتب الفقه من المذاهب الأربعة، والكتب الحديثة المؤلفة في مجال القانون والشريعة، فإن كان ما ورد في البحث صوابا فمن الله، وهو من وعد بالمزيد، وإن كان خطأ فمن الباحثة وتسأل الله العفو والمغفرة، وعذرها أنها اجتهدت للوصول إلى الحق، ويرجى ممن وقف على شيء من ذلك التنبيه والتوجيه مشكورا مأجورا.

مشكلة البحث:

إن إشكاليات هذا البحث تكمن في جوانب عدة، بدءًا من معرفة ماهية العقوبات الجنائية بدولة الصومال، وتحديد الجنايات التي يُستحق بها العقوبات، ومن ثم عرض تلك العقوبات على الشريعة الإسلامية لمعرفة الموافقة والمخالفة، خاصة وأن الأفكار تجاه ذلك النظام وتلك العقوبات متضاربة بين قائل بأن نظام القانون الصومالي في العقوبات الجنائية مأخوذ بحذافيره من الشريعة الإسلامية، فهو مطابق تمامًا لها، وبين قائل أو ظانٍّ بأن قانون العقوبات الجنائية لا صلة لها بالشريعة الإسلامية خاصة بعد وجود حالات طُبِّقت فيها العقوبات الجنائية مخالفة تمامًا للشريعة الإسلامية، مما خلق شكوكًا عند البعض، لذا رأت الباحثة حل تلك الإشكاليات؛ وذلك بتناول ذلك النظام، وتلك العقوبات بالدراسة والتحليل، فبرزت مشكلة وإشكاليات هذا البحث في التساؤلات الآتية:

أسئلة البحث:

1- ما هو مفهوم العقوبات الجنائية فى الشريعة الإسلامية وفي الدستور الصومالي؟

2- ما هي أنواع الجنايات (القتل، والسرقة، والزنا) وما هي عقوباتهافي القانون الصومالي؟

3- هل قانون العقوبات الجنائية فى الصومال مطابق للشريعة الإسلامية على اعتبار أن الصومال دولة مسلمة بعدد ساكنيها؟

4- في حالة كون الجواب لا ولو في بعض الجوانب، فكيف يتم توجيه ذلك واقتراح البديل الشرعي لجوانب المخالفات؟

هذه التساؤلات وغيرها هي التي سيجيب البحث عنها في الصفحات القادمة إن شاء الله تعالى.

أهداف البحث:

تَنصبُّ أهداف البحث على النقاط الآتية:

1- بيان مفهوم العقوبات الجنائية في الشريعة الإسلامية وفي القانون الصومالي.

2- بيان معرفة أنواع الجنايات (القتل والسرقة والزنا) وعقوباتها في القانون الصومالي.

3- مقارنة العقوبات الجنائية في القانون الصومالي بالشريعة الإسلامية لمعرفة مدى صلتها وعلاقتها بالشريعة الإسلامية موافقة ومخالفة.

4- ذكر العقوبات الجنائية المخالفة للشريعة الإسلامية -إن وجدت- واقتراح البديل الشرعي لها.

الدّراسات السابقة

لقد قام الباحثون والكُتَّاب بكتابة عدد من البحوث والمؤلفات عن دولة الصومال من جوانب عدة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وأما من ناحية تناول القانون الصومالي عموما ونظام العقوبات الجنائية خصوصًا بالدراسة المتفحصة والنقد والتحليل والمقارنة بالشريعة الإسلامية فلا توجد أي دراسة سابقة في ذلك حسب علم الباحثة بعد البحث والتحري.

منهج البحث

سلكت الباحثة في هذا البحث المنهج الاستقرائي ثم الوصفي فالتحليلي، حيث قامت باستقراء جميع أنواع الجرائم المتعلقة بالقتل، والسرقة، والزنا وعقوباتها، ثم وصف تلك الأنواع وشرحها، وأخيرا تحليلها ومقارنة تلك العقوبات لمعرفة موافقتها للشريعة الإسلامية أو عدم موافقتها لها.

وكان الاعتماد في جمع المادة العلمية على قانون أو نظام العقوبات الجنائية الصومالي، لعلاقة البحث المباشرة بذلك.

كما أن البحث اعتمد في وصف وتكييف وتحليل الجنايات، والجرائم، وعقوباتها، على كتب الفقه العامة والخاصة، وكذلك بعض المواد في الدستور الصومالي عند الحاجة.

وقامت الباحثة كذلك بذكر نوع الجناية كما وردت في النظام، ومن ثم تكييفها في نظر الشريعة، ثم إيراد عقوبتها المحددة لها في نظام العقوبات الجنائية في الصومال، ومقارنة تلك العقوبة بالشريعة الإسلامية.

وفي النهاية قامت الباحثة بتقسيم فصول الكتاب إلى مباحث، والمباحث إلى مطالب، ليتضمن كل مطلب النقاط الآتية:

1- نص مادة القانون ببنودها إن وجدت.

2- التحليل والتكييف الفقهي للجريمة الواردة في المادة.

3- مقارنة العقوبة الواردة في المادة بالشريعة الإسلامية لمعرفة الموافقة والمخالفة.

وأخيرا، وضعت الباحثة في نهاية كل فصل خلاصة للتحليلات والمقارنات.

هيكل البحث:

يتكون البحث من مقدمة، وفصل تمهيدي، وثلاثة فصول، وخاتمة، وفهارس.

تقسيمات البحث:

المقدمة: وتشتمل على:

أهمية الموضوع.

مشكلة البحث.

أهداف البحث.

الدراسات السابقة.

منهج البحث.

هيكلية البحث.

تقسيمات البحث.

الفصل التمهيدي: نظرة عامة عن الصومال، وبيان معاني مصطلحات البحث.

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تعريف موجز لدولة الصومال.

المبحث الثاني: بيان معاني مصطلحات البحث، وفيه مطالب:

المطلب الأول: تعريف القانون، والنظام، والعقوبة، والجناية في اللغة، ومفهوم نظام العقوبات الجنائية.

المطلب الثاني: تعريف القتل، والسرقة، والزنا في اللغة.

الفصل الأول: القتل وعقوباته في القانون الصومالي.

وفيه توطئة ومبحثان، وخلاصة:

التوطئة: في بيان ما يتعلق بالقتل من أحكام في الفقه الإسلامي، وسرد المواد المتعلقة بالقتل في نظام العقوبات الجنائية الصومالي.

المبحث الأول: المواد المتعلقة بالقتل العمد.

المبحث الثاني: المواد المتعلقة بالقتل الخطأ.

الخلاصة: في نتائج التحليلات والمقارنات.

الفصل الثاني: السرقة وعقوباتها في القانون الصومالي.

وفيه توطئة ومبحثان، وخلاصة:

التوطئة: في بيان ما يتعلق بالسرقة من أحكام في الفقه الإسلامي، وسرد المواد المتعلقة بالقتل في نظام العقوبات الجنائية الصومالي.

المبحث الأول: المواد المتعلقة بمقدمات السرقة.

المبحث الثاني: المواد المتعلقة بالسرقة نفسها.

الخلاصة: في نتائج التحليلات والمقارنات.

الفصل الثالث: الزنا وعقوباتها في القانون الصومالي.

وفيه توطئة ومبحثان، وخلاصة:

التوطئة: في بيان ما يتعلق بالزنا من أحكام في الفقه الإسلامي، وسرد المواد المتعلقة بالقتل في نظام العقوبات الجنائية الصومالي.

المبحث الأول: في المواد المتعلقة بجرائم الأخلاق والآداب العامة.

المبحث الثاني: في المواد المتعلقة بالجرائم غير الطبيعية.

الخلاصة: في نتائج التحليلات والمقارنات.

الخاتمة: وتشتمل على

أهم النتائج التي توصل إليها البحث، والتوصيات.

الفهارس العلمية.

ABSTRACT

This research is a descriptive and analysis study on the homicide, theft, adultery and their penalties in the Somali law compared to Islamic law, in terms of the approval, and the violation, because the people of Somalia, are Muslims, and the official religion is Islam as stipulated in the Constitution, which requires that the laws, regulations and constitution derived from Islamic law، but the reality was otherwise this hypothesis, and the researcher dividing the search to the introduction, three chapters and a conclusion, the introduction contained the opening speech on the importance of research, research problem, research objectives, and previous studies, the approach taken in the search, and came in the first chapter articles relating to homicide, the second chapter bears articles relating to theft, and the last chapter studied the articles related to adultery, the researcher has followed the inductive, descriptive and analytical approach, she collected all the articles related to the homicide, theft and adultery, and then analyze these articles and then compared the penalty contained therein Sharia to discover the approval and the violation, the research has concluded that the Somali law despite the fact that the state religion is Islam were not based on Shari'a law as a source, but was derived from statutory law that do not take into account the instructions of religion or custom when drafting articles, and researcher recommended the researchers from Somalia should be interested in the rest of the articles of the criminal law، in terms of study, analysis and critics, then propose a legitimate alternative to its articles.

فهرس موضوعات البحث