الإمام مطرف بن عبد الله بن مطرف المالكي وآراؤه الفقهية - دراسة مقارنة

ملخص الرسالة

الإمام مُطَرِف بن عبد الله بن مطرف المالكي

وآراؤه الفقهية - دراسة مقارنة

المقدمة:

الحمد لله ذي الملك والملكوت، والعظمة والجبروت، الحي الدائم الذي لا يموت، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الذين آمنوا بالله ورسوله، وعملوا بالدين ليرفعوا به الدنيا، وعملوا للدنيا ليخدموا بها الدين، وجمعوا بين الدين والدنيا ليكونوا في الحياة أعزاء، وفي الآخرة من السعداء.

أما بعد:

فقد اصطفى الله - سبحانه وتعالى - محمدًا -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا على حين فترة من الرسل، وأيده برجال: ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾ [الفتح: 29]، فناصروه، وهاجروا إليه، وجاهدوا بين يديه وقاتلوا حتى قام الدين واستقام. فاستحقوا ذلك الوسام العلمي بأن رضي الله عنهم ورضوا عنه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأولونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة:100]، وكيف لا يتميز الاصحاب الذين عاصروا الوحي، واكتحلت أعينهم برؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد لهم بالايمان، ومات وهو عنهم راض.

لقد استطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحول خامات الجاهلية الى عجائب للإنسانية بهذا الإيمان الواسع العميق، والتعليم النبوي المتقن، وبهذه التربية الحكيمة الدقيقة وبشخصيته الفذة، وبفضل هذا الكتاب السماوي المعجز الذي لا تنقضي عجائبه. فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الإنسانية المتحضرة حياة جديدة، فكان منها الأمير العادل، والخازن الأمين، والقاضي المقسط، والقائد العابد، والوالي المتورع، والجندي المتقي.

حمل أولئك الرجال هذه المبادىء، ونشروها شرقًا وغربًا، وأخذ عنهم من أخذ، فكان كالشمعة التي تضيء لتنير طريق الاخرين. وما حباه الله تعالى لهذه الأمة أن هيأ لها علماء أعلامًا، يحملون علوم الشريعة من كل خلف عدوله. وخاصة علم الفقه باعتباره يشكل جزءًا مهما من تلك العلوم، ولارتباطه الوثيق بحياة الانسان في علاقاته مع نفسه، وخالقه، ومجتمعه، سواء كان على مستوى الفرد أو الجماعة.

وكان من الذين نهلوا وأخذوا وحملوا من هؤلاء الرجال، أئمة المذاهب الأربعة الذين ملأ علمهم كل أصقاع الأرض. وقد أخذ عنهم علماء أعلام، فكانوا خير تلامذة لخير أساتذة.

ومن العلماء الذين نهلوا من منهل هؤلاء الأئمة الإمام مطرف بن عبد الله المالكي (رحمه الله)، وكان أحد الذين تمذهبوا بمذهب الإمام مالك (رحمه الله). فكان له الباع الطويل في نقل هذا المذهب والاجتهاد فيه، فكان عالما جليلا فذا.

ومن باب الوفاء لهذا الإمام الجليل الذي تفرق علمه في بطون الكتب، وصعب على غير المختص أن يصل الى تصور لهذه الشخصية. فما علينا الا أن نجمع سيرته وعلمه وآثاره في مكان واحد؛ ليسهل على الناس الاطلاع والاقتداء بتلك النخبة الطيبة المباركة. ولسعة فقه هذا الإمام الجليل فقد قمت بجمع آرائه الفقهية.

أما سبب اختياري لهذا الموضوع:

1) إنه أحد علماء مذهب المالكية الذين شُهد لهم شهادة عامة بالفضل، والسبق بالدين والعلم.

2) تناثر أقواله (رحمه الله) وآرائه في بطون الكتب، من غير وجود كتاب يجمع متفرق أقواله.

3) تناول أقواله الكثير من ابواب الفقه من غير اقتصار على باب دون غيره.

أما عن الصعوبات التي تواجه الباحث حين كتابته لفقه السلف: إن فقه هؤلاء العلماء مفرق في بطون الكتب، فلا بد من جمعها في مكان واحد. اضافة الى قلة المصادر في وقت يعاني البلد من أزمات كثيرة، فلا بد من جمعها في مكان واحد في وقت ضاق فيه متسع الوقت مع ما يمر به بلدنا العزيز من احتلال جائر كانت من نتائجه إحراق المكتبات، وسيطرة المليشيات الإجرامية، مما أدى الى قلة المصادر والمراجع التي يحتاجها طالب العلم. لأجل ذلك فإن كتابة مثل هذا الموضوع صعب جدًّا. علمًا أني قد استفدت ممن سبقني في كتابة فقه السلف.

وقد كان منهجي في كتابة هذه الأطروحة: أني أبدأ أولًا بذكر رأي الإمام مطرف بن عبد الله المالكي، ثم أذكر الذين ذهبوا الى هذا الرأي من الفقهاء من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، ومن وافقهم من ائمة المذاهب المعتمدين. ثم أذكر الدليل، وإيراد الاعتراضات عليه إن وجدت، ثم أعقبه بذكر الاجابة على هذا الاعتراض بحسب ما استطعت الوقوف عليه من اعتراضات العلماء. ثم أذكر مذهب المخالفين، وأدلتهم ومناقشتها بحسب الوسع وصولا الى ما بدا لي أنه الرأي الراجح.

كما أني اعتمدت في تفصيل آراء الفقهاء من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين. وخلفهم من أصحاب المذاهب الاخرى على أمهات الكتب وشروحها في كافة المذاهب.

هذا وقد قمت بترجمة للاعلام الذين وردت أسماؤهم في الأطروحة في ملحق ألحقته بها لكثرة ما ورد فيه من أعلام الفقهاء مما يؤدي إلى إثقال هامش الأطروحة بالترجمة.

أما خطة الأطروحة، فقد جعلتها على: مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، وملحق للاعلام.

أما المقدمة فقد ذكرت فيها أهمية دراسة فقه السلف، وماله من أثر في استنفار الهمم، والتشمير عن سواعد الجد والاجتهاد، بعد الاطلاع ومعرفة تلك النخبة الطيبة وما كانت عليه من علم وسيرة مباركة. ثم ذكرت الصعوبات التي تواجه الباحث في كتابته لفقه السلف.

أما الفصل الأول: فقد تضمن حياة الإمام مطرف بن عبد الله المالكي، والعصر الذي عاش فيه، واشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: حياة الإمام مطرف بن عبد الله المالكي.

والمبحث الثاني: عصر الإمام مطرف بن عبد الله المالكي.

أما الفصل الثاني: فقد ذكرت فيه آراء الإمام مطرف في الطهارة والصلاة، واشتمل على مبحثين.

المبحث الأول: آراؤه الفقهية في الطهارة.

المبحث الثاني: آراؤه الفقهية في الصلاة.

الفصل الثالث: فقد ذكرت فيه آراء الإمام مطرف في الجنائز والزكاة، واشتمل على مبحثين.

المبحث الأول: آراؤه الفقهية في الجنائز.

المبحث الثاني: اراؤه الفقهية في الزكاة.

الفصل الرابع: فقد ذكرت فيه آراء الإمام مطرف في الصيام والحج، واشتمل على مبحثين.

المبحث الأول: آراؤه الفقهية في الصيام.

المبحث الثاني: اراؤه الفقهية في الحج.

الفصل الخامس: ذكرت فيه مسائل متفرقة.

ثم ختمت الأطروحة بخاتمة ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت اليها.

ثم وضعت ملحقا ذكرت فيه ترجمة للأعلام الذين ورد ذكرهم في ثنايا الأطروحة.

هذا ما هو إلا جهد المقل فما كان فيه من صواب فهو من فضل الله عليَّ، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي، ولا عصمة إلا لكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

فهرس المحتويات