المكتبات الرقمية: دراسة استطلاعية للمكتبات الأعضاء في اتحاد المكتبات الرقمية واقتراح معايير لتقويمها

ملخص الرسالة

المكتبات الرقمية

دراسة استطلاعية للمكتبات الأعضاء في اتحاد المكتبات الرقمية

واقتراح معايير لتقويمها

مستخلص الدراسة:

يعدُّ موضوع المكتبات الرقميَّة من الموضوعات الرَّاهنة التي برزَت مع الثورة التقنية التي يَشهدها هذا العصر، وهو الأمر الذي يزيد من أهميَّة دراسة هذا الموضوع وبحثه من جميع جوانبه؛ ممَّا يساعد في إدراك وفهم طبيعة ذلك النوع من المكتبات، الذي لم ينَل حقَّه من الدراسة الجادَّة والعلمية، كما أنَّ عدم وجود معايير ومواصفات لتقويم المكتبات الرقميَّة، قد يؤدِّي إلى نَقصٍ في جودة المشروعات المعنيَّة بها، وكذلك غياب التخطيط المنهجي الذي يعتمد على معايير ومواصفات توفِّر الوقتَ والجهد وتحقِّق أفضلَ النتائج، ومن هذا المنطلق فقد رأى الباحث أنَّ هذا الموضوع جديرٌ بالبحث والدراسة؛ لكونه يمثِّل قضيَّة معاصرة حيوية ومهمة.

وقد هدفَت هذه الدراسة إلى محاولة استكشاف واقِع المكتبات الرقميَّة؛ للوقوف على أهمِّ خصائصها وسِماتها، والخروج ببعض الحقائق والمؤشرات التي تساعد على تَوضيح الصورة الواقعيَّة لتلك المكتبات، وبلوَرَة تصوُّرٍ مقترح لمجموعة من المعايير التي يمكن الاسترشادُ بها لتقويم المكتبات الرقميَّة.

ولتحقيق هذا الهدف فقد تمَّ استخدام المنهج الوصفي (المسحي)، إضافة إلى أسلوب تحليل المحتوى؛ وذلك على اعتبار أنَّ هذين المنهجين هما الأَنسب في هذا النوع من الدراسات؛ حيث عمد الباحثُ إلى استقصاء المعلومات حول عيِّنةٍ من المكتبات الرقميَّة الأعضاء في اتِّحاد المكتبات الرقمية (The Digital Library Federation)، التي بلغَت (28) مكتبة رقميَّة، تابعة لمكتبات جامعية، التي تمثِّل (٨٠ %) من مجموع المكتبات الأعضاء في الاتحاد.

وقد قام الباحث بجمع المعلومات باستخدام ثلاثة أساليب، تتمثَّل في استقراء أدبيات الموضوع، ويشمل ذلك الكتب والمق الات العلميَّة والتقارير وغيرها من مصادر المعلومات.

وكذلك الملاحظة المباشرة لمحتوى مواقع مكتبات العيِّنة على شبكة الإنترنت، من خلال زيارات مكثَّفة لمواقعها على شبكة الإنترنت، كما تمَّ استخدام قائمة مُراجعة Checklist، وكذلك استبانة Questionnaire محكمة، تمَّ تصميمها بما يحقِّق أهداف الدِّراسة، وقد تمَّ إرسال الاستبانات باستخدام البريد الإلكتروني، إلى المكتبات المعنيَّة بالدراسة، بعد تحديد الشخص المناسب للإجابة عليها، وقد تمَّ استيفاء جميع الاستبانات المرسلة.

ومن أهمِّ النتائج التي انتهَت إليها الدِّراسة: أنَّ شؤون المكتبة الرقميَّة تُدار من خلال وحدة إداريَّة مختصَّة؛ وذلك في جميع المكتبات محل الدِّراسة، وأنَّ معظم أمناء المكتبات الرقميَّة من المتخصِّصين، ويحملون درجة الماجستير أو شهادة الدبلوم العالي في علوم المعلومات، كما بيَّنَت الدراسة أنَّ حجم مجموعات المقالات هي الأكبر مقارنة بأنواع مصادر المعلومات الأخرى في المكتبات الرقميَّة، وأنَّ قواعد المعلومات التي تقدِّم النصوصَ الكاملة لمواد المعلومات هي الأعلى نِسبةً من بين أنواع قواعد المعلومات المتاحة في المكتبات محل الدراسة.

وتحرص المكتبات المدروسة على الالتزام بالحقوق الفكريَّة من خلال التزود بالموادِّ التي ليس لها حقوق فكريَّة؛ كبعض المواد التاريخية والتراثية، كما تقوم أيضًا بدَفع رسوم مقابل الحقوق الفكريَّة عن الأعمال العلميَّة الأخرى، أمَّا من حيث التنظيم، فقد أوضحَت الدراسة الحالية أنَّ مكتبات العيِّنة تنظِّم مجموعاتها الرقمية على مواقعها بطريقتين: إحداهما بحسب موضوعات مصادر المعلومات، وقد كانت نِسبة ذلك (٨٥.٧١ %)، والأخرى حسب أشكال مصادر المعلومات؛ كالكتب والمقالات، والصور ومواد الفيديو، والتسجيلات الصوتيَّة، وغيرها، وذلك بنسبة أقل بلغَت (٧٨.٥٧ %)، وقد أجمعَت المكتبات المدروسة على تَقديم خدمة استرجاع النُّصوص الكاملة لمصادر المعلومات الرقميَّة، وتقديم الخدمة المرجعيَّة للمستفيدين بقيود معيَّنة؛ كضرورة أن يكون المستفيد من مَنسوبي الجامعة التي تتبعها المكتبة، أو أن تكون الأسئلة تتعلَّق بنظام الجامعة وخدماتها وتخصُّصاتها، أو المدينة أو الولاية التي تَخدمها الجامعة.

واتفقَت المكتبات المدروسة في اتباعها ثلاث طرق لتوصيل المعلومات إلى جمهور المستفيدين؛ التي تتمثَّل في التسليم الشخصي، وإرسال المعلومات المطلوبة للمستفيد عبر البريد الإلكتروني، وطباعة المعلومات المطلوبة أو تحميلها على أيِّ وسيط إلكتروني مِن قِبَلِ المستفيد، ومن جانب آخر، فقد كانت أولى المشكلات التي تعاني منها المكتبات الرقميَّة ما يثيره قانون حماية الحقوق الفكريَّة من قضايا تُعيق عمليَّات تنمية المجموعات الرقميَّة، يليها عدم كفاية الميزانيَّة المخصصة لتنمية المجموعات الرقميَّة وتجهيز البنية التحتيَّة من التقنيات الآليَّة المتنوعة، وكذلك عدم ثبات واستقرار المحتوى الرقمي لمصادر المعلومات الرقميَّة، وخاصة ما يُتاح منها من خلال شبكة الإنترنت.

وفي ضوء ما توصَّلَت إليه الدراسةُ من نتائج، فقد اقترح الباحث مجموعةً من المعايير الخاصة بتقويم المكتبة الرقميَّة، وقد قسمها وفقًا لمحاور الدراسة الرئيسية؛ ومنها على سبيل المثال: ألا يقلَّ تأهيل أمين المكتبة الرقمية عن درجة الماجستير في تخصُّص علوم المعلومات أو الحاسب الآلي، وأن يعمل في المكتبة الرقميَّة ما لا يقِل عن (٢٨) فردًا، وأن تكون نِسبة الإداريين منهم (٢٥ %)، والباقي من الفنيين، وأن تتألَّف مجموعة قواعد المعلومات المتاحة للاستخدام في المكتبة الرقمية مما لا يقل عن (٦١٦) قاعدة معلومات، موزعة على أنواع قواعد المعلومات بنسَب محدَّدة، وأن توفِّر المكتبة الرقميَّة التي تخدم منسوبي الجامعة قاعدةَ معلومات واحدة على الأقل لكلِّ (٣٠) طالبًا في المرحلة الجامعية، ولكلِّ (١٤) طالبًا في مرحلة الدراسات العليا، ولكلِّ (٤) من أعضاء هيئة التدريس، كما تنظِّم مجموعاتها على موقعها بطريقتين: إحداهما بحسب موضوعات مصادر المعلومات، والأخرى حَسب أشكالها؛ كالكتب والمقالات، والصور ومواد الفيديو، والتسجيلات الصوتية، وغيرها.

وفي ختام الدِّراسة قدَّم الباحث جملةً من التوصيات التي تهدف إلى تطوير أوجه العمل في المكتبات الرقميَّة؛ ومن أهمها: حثُّ المكتبات بأنواعها - والجامعيَّة منها على وجه الخصوص - على تبنِّي مشروعات رقميَّة، وتدريب المستفيدين من خدمات المكتبات الرقميَّة على استخدام الإمكانات المتوافرة وأساليب البحث المتاحة، وضرورة إنشاء اتِّحاد للمكتبات الرقميَّة على المستوى الوطني والإقليمي؛ بحيث يعنى بتطوير أدوات العمل ونظمه في المكتبات الرقميَّة بالمنطقة، وضرورة العمل على تطوير معايير مبنيَّة على أسس علميَّة مناسبة لأوجه النَّشاط كافَّة، ممَّا يحقِّق جودة العمل في المكتبات الرقميَّة، ومن الممكن أن يسند ذلك إلى هيئة المواصفات والمقاييس، أو الجمعيَّة السعودية للمكتبات والمعلومات، أو المكتبة الوطنيَّة، أو بالتنسيق فيما بين تلك الجهات، وتؤكِّد الدِّراسة على أهمية قيام المكتبات الرقميَّة بإجراء تقويم دوري لأنشطتها والخدمات التي تقدِّمها؛ سعيًا للتحسين المستمر.

قائمة المحتويات