أفضل طبعات الكتب: (1) جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر القرطبي

أفضل طبعات الكتب

(1) كتاب "جامع بيان العلم وفضله"، لابن عبد البر القرطبي

الحافظ الكبير، شيخ الإسلام بالأندلس والمغرب، أبو عمر يوسف بن عبد الله، المعروف بـ "ابن عبد البر القرطبي"، صاحب التصانيف الجامعة، والمدونات الماتعة النافعة = صنَّف كتابًا من أنفع الكتب وأجمعها في بابه، ضمنه بحوثًا ومقالات عن العلم وفضله، وآداب العالم والمتعلم، وغيرِ ذلك من المواضيع النافعةِ، مؤيدًا قوله بالأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوال سلف الأمة من الصحابة والتابعين، فجاء كتابه عمدةً في بابه، لو عكف عليه المتعلم دهرًا يدرسه ويفقه ما فيه ويعمل به، لكان محقًا.

وقد سمَّى ابن عبد البر كتابه هذا: «جامع بيان أخذ العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله»[1].

وقد اهتم الناشرون بطبع هذا الكتاب وتحقيقه منذ زمنٍ بعيد، فصدر له عدَّة طبعات قديمة؛ أولها وأهمها:

• طبعة الشيخ محمد منير الدمشقي (ت 1367هـ = 1948م)، في دار الطباعة المنيرية، الطبعة الأولى 1346هـ = 1927م، معتمدًا على أصلين خطيين؛ الأول: نسخة في دار الكتب المصرية، والأخرى نسخة المكتبة الأزهرية، وأعاد طبعه عدَّة مرات.

• ثمَّ طبع الكتاب عدَّة مرات في المكتبة السلفية بالمدينة النبوية، وفي دار الكتب الحديثة بالقاهرة مع مقدمة للدكتور عبد الكريم الخطب، وفي بيروت بعناية فواز أحمد زمرلي، وفي مؤسسة الرسالة ناشرون، بعناية: ماهر ثملاوي، وحسن شلبي، الطبعة الأولى: 1433هـ = 2012م ... وأكثر هذه الطبعات بالاعتماد على طبعة المكتبة المنيرية.

ثم نشط بعض طلاب العلم لتحقيق الكتاب، وأحسن هذه التحقيقات:

1- تحقيق أبو الأشبال حسن بن مندوه الزهيري، طُبع عدَّة مرات الطبعة الأولى سنة 1414هـ = 1994م، بدار ابن الجوزي بالمملكة العربية السعودية، ثم أعيد طبعه عدة مرات بين يدي الطبعة الرابعة 1419هـ = 1998م.

وهي أقدم تحقيق علمي للكتاب، والمحقق الشيخ حسن بن أمين بن يوسف المندوه، أبو الأشبال الزهيري، من تلاميذ العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، وهو من أقران الشيخ أبي إسحاق الحويني، والشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف، ولد بمحافظة الدقهلية سنة 1376هـ = 1957م.

وقد اعتمد في إخراج الكتاب على ثلاثة أصول خطية نسختان في دار الكتب المصرية، والثالثة نسخة المكتبة الأزهرية.

2- تحقيق محمد بن عوض بن عبد الغني المصري، دار الإمام البخاري، بقطر، الطبعة الأولى 1437هـ = 2016م.

اعتمد على نسخة خطية من دار الكتب المصرية، ونسخة الأزهرية، وكلاهما من الأصول الخطية التي اعتمدها الشيخ أبو الأشبال.

وقد استفاد استفادة كبيرة من تحقيق الشيخ حسن المندوه، وزاد عليه في التخريج في مواضع، واختصر تخريجه في أكثر المواضع، وقام بتصحيح بعض الأخطاء التي وقعت في نسخة دار ابن الجوزي، لكن فاته الكثير من الأخطاء التي وافقه عليها.

ولم يذكر أي فروق بين الأصول الخطية مما أحدث عندي شبه يقين أنه لم يقابل النسخ الخطية وإنما اعتمد على النص الذي سبقه به الشيخ أبو الأشبال. وأكثر التصويبات التي صوبها لم يشر إليها، ولا ذكر من أين صوبها، وأغلب الظن عندي أنَّه اعتمد على مصادر التخريج في تصويبها.

لذلك فقوله في منهج العمل في الكتاب: (1- نسخت النسخة الخطية (أ)، وقارنتها بـ (ز)، وأثبت الفروقات المهمة بالهامش)، كلام غير دقيق.

وقد تميزت هذه النسخة بحسن الضبط اللغوي، وحسن الإخراج الطباعي، في مجلد واحد أنيق.

غير عنوان الكتاب إلى: (جامع بيان أخذ العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله)، وقد أخذ هذا العنوان – كما ذكر في مقدمة التحقيق ص 47 – من واقع ما ذكره ابن عبد البر في كتاب "التمهيد".

3- طبعة مركز مرآة الزمان، ودار روائع الكتب، بالرياض، وثقه وخرج أحاديثه وآثاره أبو يعقوب نشأت كمال المصري، الطبعة الأولى 1441هـ = 2020م.

هذه الطبعة بتحقيق الأخ الشيخ نشأت كمال المصري، نسخة جيدة اعتمد فيها على أصول خطية أكثر من الطبعات السابقة، وضبط متن الكتاب ضبطًا لا بأس به، وصوَّب كثيرًا من أخطاء طبعة دار ابن الجوزي، لكنه لم يقف على طبعة قطر ولذلك لم يتعرض لنقدها.

وفي الجملة قدم بمقدمة ضافية ومفيدة حول الكتاب ومصادر المؤلف فيه وسنده وتراجم رجال سند الكتاب إلى المؤلف، وتحقيق نسبته لمؤلفه، ونسخه الخطية وطبعاته.

والخلاصة: أحسن طبعات هذا الكتاب هي طبعة دار ابن الجوزي بتحقيق الشيخ حسن المندوه.

وتحقيق الشيخ نشأت كمال، وفقه الله، وقد استدرك على طبعة دار ابن الجوزي العديد من الأخطاء، لكن للشيخ حسن أجر السبق، إن شاء الله. والله أعلم.