عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب

يُعدُّ كتاب "عمدة الكتاب وعُدَّة ذوي الألباب" من أقدم المصادر الخاصة بصناعة المخطوط العربي، فقد توسَّع في تناول صناعة الأَمِّدَة والأحبار واللِّيَق، وصناعة الكواغد والآلات وغيرها، إلى جانب صَنْعَة التجليد، وهو يَسبق كتاب "المخترع في فنون من الصُّنَع"، بل إنَّ الأخير بنى أغلب مادته - المتعلقة بالموضوع - عليه، ونقَل عنه جلَّ ما أورَد، باستثناء فصْل التجليد، فقد انفرَد بزيادات أصيلة.

العنوان:

ورَد العنوان في أغلب نُسخه الخطيَّة: "عمدة الكتاب وعُدَّة ذوي الألباب"، على حين ورَد في نسخة دار الكتب (159 علوم صناعية) بإضافة: "وعُدَّة ذوي العقول والآداب والألباب في عمل الليق وصنعة الأدهان، وما يتعلق بالكتاب من الأسباب، مما لا بدَّ منه ولا غنى عنه للكُتاب"، وفي نُسخة دار الكتب (713 مجاميع طلعت): "كتاب الليق المسمَّى عمدة الكتاب وعدة ذوي العقول والألباب".

المؤلِّف والنِّسْبَة:

نسَب بعض المُحقِّقين والباحثين الكتاب إلى الأمير الصنهاجي المُعز بن باديس (ت 453 هـ)، على حين نسَبه آخرون إلى ابنه تميم (ت 501 هـ)، وقال بعضهم: إنه أُلِّف لأحدهما[1]، ولعل مرَد هذا إلى النسخ الخطيَّة، فقد جاء بعضها غفلاً من اسم المؤلف، وصرح بعضها بالمعز مؤلِّفًا، وبعضها بتميم ابنه، كما أن بعض النُّسخ ذكَرت أحدهما، لا على أنه المؤلِّف، بل المؤلَّف له!

وأخطأ بعض الباحثين فنسَبه إلى يوسف بن عبدالله الزجَّاجي اللغوي؛ لتشابُهه مع كتابٍ آخر يَحمل ذات العنوان "عمدة الكتاب"، إلاَّ أنَّ الأخير هو كتاب في المترادفات اللغويَّة، وهو تهذيب لـ "جواهر الألفاظ"؛ لقدامة بن جعفر (ت 948 هـ)[2].

ويَقترح إبراهيم شبُّوح أن يكون مؤلِّف "العمدة" رجلاً جامعًا بين فنون صناعة الكتاب؛ تجهيزًا، ونساخةً، وزخرفةً، وتذهيبًا، وتجليدًا، وأنه عاش في حياة بني باديس، في حدود القرن الخامس الهجري، ويرى أن تدرس إمكانية أن يكون مؤلِّف "العمدة" هو علي بن أحمد الورَّاق ناسخ مصحف الحاضنة[3].

وهو المصحف الشهير الذي قام بكتابته وشكْله، ورسْمه وتذهيبه وتجليده عليّ الورَّاق، بأمر فاطمة حاضنة باديس، على يد دُرَّة الكاتبة، وتَمَّ وقْفه على جامع القيروان، سنة 410 هـ حسب الوقفيَّة المنقوشة على الصندوق الخشبي الحافظ للمصحف[4].

ولعلَّ هذا يقودنا إلى جهالة المؤلِّف وعصره، خاصَّة أن أيًّا من المصادر القديمة لَم يذكره، ولا نسَبه للمعز أو تميم، إلاَّ أن نقل كتاب "المخترع في فنون من الصُّنَع" المنسوب للملك المـُظفَّر يوسف بن عمر الرَّسولي (ت 694 هـ) عن "العمدة" - يُشير إلى أنَّ الأخير سابقٌ له، وأنَّه أُلِّف قبل سنة 694 هـ، وقد صرَّح "المخترع" بنسبة "العمدة" إلى المعز بن باديس صاحب المهدية، أكثر من مرة في كتابه، غير أنَّ الأمر أبعد من ذلك؛ فـ "المخترع" ذاته غير مقطوع بنسبته للمُظَفَّر!

شكل (1) قيد الفراغ: مصحف الحاضنة – صفحة

المقدمة متحف رقادة – تونس عن: منال الرماح.

شكل (2) نص الوقفية: مصحف الحاضنة – صفحة

المقدمة متحف رقادة – تونس عن: منال الرماح.

المخطوطات:

يتميَّز الكتاب بوفرة مخطوطاته، وتوزُّع نُسخها في مختلف مكتبات العالم، إلى حدٍّ يَصعب تتبُّعها، إلاَّ أنَّ أقدم نُسخه المعروفة، بحسب ما ذكَره إبراهيم شبوح، ولَم يُعلِّل، هي نسخةٌ ذكَر أنها كانت في القيروان[5]، ثم أفاد أنها آلَت إلى المستشرق ليفي بروفنسال[6]، ولَم يوفَّق الباحث في الوقوف عليها، أو معرفة مآلها إلى الآن.

شكل (3) فاتحة نسخة القيروان من "عمدة الكتاب"

عن: إبراهيم شبوح.

شكل (4) خاتمة نسخة القيروان من "عمدة الكتاب"

عن: إبراهيم شبوح.

وقد قام الباحث بجمْع أكثر من عشرين نسخة خطيَّة، وسعى في طلب غيرها، لكنَّه لَم يوفَّق بعدُ، وتتمايز هذه النُّسخ التي وصَلتْنا فيما بينها تمايزًا شديدًا؛ في محتوى النَّص وفصوله وترتيبه؛ فأكثرها لا يحتوي على فصل التجليد مثلاً، وكُلها متأخرة لا يَصلح شيء منها لأن يكون أصلاً يُعتمد عليه؛ لذا فالكتاب بحاجة إلى استيفاءٍ لجميع النُّسخ التي يُمكن الوصول إليها، وتحديد علاقاتها، والقيام بدراسة تاريخيَّة للنص؛ للوصول إلى نصٍّ سليمٍ مفيد، وعليه؛ فقد اعتمَد الباحث في توثيقه للكتاب على إيراد نص النشرة الأولى له، بتحقيق الحلوجي وزميله - يأتي تفاصيلها - مع الرجوع إلى نُّسخ أخرى مخطوطة - يأتي وصفها كذلك - عند ورود بعض الإشكالات.

اعتمَد المحقِّقان النُّسخ التالية:

1- نسخة دار الكتب المصرية، رقم 345 الزكية، وهي نسخة تامَّة بقلم النسخ، تقع في 67 ق، ومسطرتها 21، وعليها تملك سنة 1193 هـ.

2- نسخة دار الكتب المصرية، رقم 38 صناعة، وهي نسخة تامَّة بقلم النسخ، تقع في 40 ق، ومسطرتها 23، وعليها تملك سنة 1193 هـ.

3- نسخة مكتبة رضا رامبور بالهند، وهي نسخة تامَّة بقلم النسخ، تقع في 22 ق، نُسخت بيد أحمد بن مصطفى المانستري المدني سنة 1118 هـ، وعليها مقابلة مؤرَّخة أيضًا سنة 1118 هـ.

شكل (5)، (6) "عمدة الكتاب": فاتحة وخاتمة نسخة دار الكتب المصرية

رقم 345 الزكية.

شكل (7)، (8) "عمدة الكتاب": فاتحة وخاتمة نسخة دار الكتب المصرية - رقم 38 صناعة.

شكل (9) "عمدة الكتاب": فاتحة نسخة رضا رامبور.

شكل (10) "عمدة الكتاب": خاتمة نسخة رضا رامبور.

أمَّا النُّسخ التي تَمَّ الرجوع إليها، إضافة إلى النسخ السابقة - خاصة في مواطن الإشكال - فهي كالتالي[7]:

1- نُسخة مكتبة معهد دمياط الديني، رقم 85 متنوعة، ويُفترض الآن أن تكون نُقلِت إلى المكتبة الأزهرية، ومُصورتها بمعهد المخطوطات العربيَّة، وهي بقلم نَسخ جميلٍ، تقع في 65 ق، ونُسخت بيد محمد بن بهاء الدين سنة 1007 هـ.

2- نسخة وهبي أفندي بالمكتبة السليمانية في إستانبول، رقم 1482، وهي بخط نسخ، تقع في 61 ق، وقد كُشِط اسم الناسخ وتاريخ النسخة، وكُتِب مكانه اسم صاحب المجموعة: عبدالوهاب الملقب بوهبي الدوري، سنة 1321 هـ[8].

3- نسخة مكتبة المعهد المصري للدراسات الإسلاميَّة بمدريد، ومصورتها بمكتبة الإسكندرية، وهي بقلم نسخ، تقع في 78 ق.

4- نسخة مكتبة شستربتي بأيرلندا، رقم 4587، ومصورتها بمكتبة الإسكندرية، وهي نسخة ناقصة بقلم نسخ، تقع في 16 ق.

شكل (11)، (12) "عمدة الكتاب": فاتحة وخاتمة نسخة معهد دمياط - مصورة معهد المخطوطات.

شكل (13)، (14) "عمدة الكتاب": فاتحة وخاتمة نسخة وهبي أفندي.

شكل (15)، (16) "عمدة الكتاب": فاتحة وخاتمة نسخة معهد مدريد.

شكل (17) "عمدة الكتاب": فاتحة نسخة شستربتي.

شكل (18) "عمدة الكتاب": خاتمة نسخة شستربتي.

النشرات المطبوعة:

نُشِر الكتاب ثلاثَ نشرات:

الأولى: تحقيق عبدالستار الحلوجي، وعلي عبدالمحسن زكي، نُشر في مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 17، ج1 (مايو 1979)، ص (44 - 172)، وقد اعتمَدا على نسختي دار الكتب، ونسخة رضا رامبور الموصوفة.

الثانية: تحقيق وتقديم نجيب مايل الهروي، وعصام مكيَّة، نُشِر في مشهد: مجمع البحوث الإسلامية، 1409 هـ، وذكر أنه نشَرها قبله (مصورة عن المخطوط رُبَّما) إيرج أفشار في مجلة "فرهنك إيران زمين" (مج 21)، وقد اعتمدا على نسخة حديثة سنة 1908، بخط ناسخ الدار المعروف محمود صدقي عن النسخة التيموريَّة، وكانت محفوظة حينها في مكتبة معهد الاستشراق بجامعة شيكاغو، تحت رقم [9](A12066) ، وهي ذات النُّسخة التي اعتمَدها روَّاد الباحثين الأجانب الذين عرَّفوه بالكتاب، وأفادوا منه [10].

الثالثة: تحقيق إياد خالد الطبَّاع، نُشِر في دمشق: وزارة الثقافة 2007، وقد اعتمَد على نُسخة المكتبة الأزهريَّة، التي سقَط منها باب فصل التجليد[11].

وتُعد النشرة الأولى أفضل النشرات المتوافرة حتى الآن.

شكل (19) "عمدة الكتاب": خاتمة نسخة شيكاغو

عن: طبعة مشهد.