قصيدة في السنّة للحكم بن معبد الخُزاعي (ت295)

قصيدة في السُّنَّة
للإمام الحَكَم بن مَعْبَد الخُزَاعي
(ت295)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فهذه قصيدة مختصرة في السّنّة، لأحد أعيان الحَنَفية المتقدمين وثقاتهم، وهو الأديب المحدّث الحَكَم بن مَعْبَد الخُزاعي، رحمه الله تعالى، وهي رائية من بحر الطويل.

ترجمته:
هو أبو عبد الله، الحَكَم بن مَعْبَد بن أحمد بن عُبيد بن عبد الله بن الأَحْجَم بن أَسَد بن أُسَيد الخُزاعي، الأَصْبَهاني.
وُلد في الربع الأول -تقديراً- من القرن الثالث.

وروى عن: أحمد الدَّوْرَقي، وعبد الله بن محمد بن النعمان، وعلي بن مسلم الطُّوْسي، ومحمد بن حُمَيْد الرّازي، ومحمد بن عبد الرحمن بن غَزْوان، ومحمد بن علي بن حارث، وأبي موسى محمد بن المثنى الزَّمِن، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَني، وموسى بن عبد الرحمن بن مَهْدي، ونصر بن علي الجَهْضَمي، ويعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، وغيرهم.

وروى عنه: أبو الشيخ بن حَيّان، والطَّبَراني، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم العَسّال القاضي، وآخرون.

وكان كثير الحديث ثقة، كما قال أبو الشيخ، وأبو نُعيم.

وكان فقيهاً، قال الذهبي وغيره: كان من كبار الحنفية وثقاتهم.

وكان من أهل اللغة، صاحب أدب وغريب، شاعراً.

وكان صاحب سنّة، كما تشهد أبياته في هذه القصيدة، وله كتاب مسند في الرد على الجهمية، نقل منه ابن تيمية والذهبي، ولعله كتاب السُّنَّة الذي نسبه له مترجموه.

توفي بأصبهان سنة خمس وتسعين ومائتين، رحمه الله تعالى.

من مصادر ترجمته:

طبقات المحدثين في أصبهان (4/51)، وذكر أخبار أصبهان (1/298)، ومرآة الجنان (2/167 العلمية)، وتاريخ الإسلام (6/941 بشار، 22/140 التدمري)، والعبر (1/428 العلمية)، والوافي بالوفيات (13/71)، والجواهر المضية (2/143)، وبغية الوعاة (1/545)، وشذرات الذهب (3/401 الأرناؤوط)، وغيرها.

إثبات نسبة القصيدة له:

نسبها له تلميذه الإمام الحافظ الثقة عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيّان؛ أبو الشيخ الأصبهاني؛ في كتابه طبقات المحدثين بأصبهان (4/53)، وسمعها منه، وأوردها بتمامها في ترجمته.

ونسبها له الحافظ الضياء المقدسي، ورواها إليه بسنده.

وكذلك نسبها له يوسف بن حسن بن عبد الهادي، كما سيأتي.

النسخ المعتمدة:
اعتمدت في ضبط القصيدة على ثلاث نسخ: إحداها بخط الحافظ الضياء المقدسي، والثانية بخط يوسف بن عبد الهادي، والثالثة ضمن مطبوعة طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني.

• أما الحافظ الضياء فأورد القصيدة كاملة في جزء بخطه من تقييداته بأصبهان سنة 608 (وهو في العمرية، مجموع 68 ق91)، إلا أنه سقط عليه بيتٌ واحد، ويظهر لي أن الجزء من مسوداته رحمه الله، دلَّ عليه عدم اكتماله، وما فيه من شطب وإلحاقات وتصحيحات بخطه.

وذكر الضياء أنه قرأها على الشيخ الأصيل أبي الحسن علي بن المديني أبي بكر بن علي بن أحمد بن سَلْم الخراساني الأصبهاني، أخبرنا أبو غالب محمد بن عمرو بن أحمد الشيرازي، أنشدنا أحمد بن أبي القاسم بن أحمد، أنشدنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الهمداني، أنشدنا عبد الله بن محمد الوراق، أنشدنا الحكم بن معبد لنفسه.. وساق الأبيات.

وعلى غلاف الجزء خط يوسف بن عبد الهادي وإسماعه له.

• وأما يوسف بن عبد الهادي فقد سرد كامل القصيدة آخر كتابه «محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب» الذي انتهى من كتابته في رمضان سنة 866، استفدتُ صورتها من مقدمة المحقق -جزاه الله خيراً- للكتاب (1/118)، ومكانها في المطبوعة (3/1008).

• وأما مطبوعة طبقات المحدثين بأصبهان فهي التي بتحقيق الشيخ عبد الغفور البلوشي (4/53)، كما تقدم.

إسنادي للمنظومة:
سمعتها على سماحة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل في منزله بقراءة الأخ الشيخ وليد بن محمد العلي الكويتي، فجر الخميس 7/5/1428، قال شيخنا: أنبأنا عبد الحق بن عبد الواحد الهاشمي، عن أحمد بن عبد الله البغدادي، عن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، عن جدّه الإمام، عن عبد الله بن سيف. (ح)

• ثم قرأتها على شيخنا محمد زهير بن مصطفى الشاويش في منزله بالحازمية ظاهر بيروت، عن حامد بن أديب التقي الدمشقي ومحمد علي ظبيان الكيلاني، كلاهما عن بكري بن حامد بن أحمد العطار، عن أبيه، عن جده، عن أحمد بن علي المنيني، كلاهما عن أبي المواهب محمد بن عبد الباقي التَّيْمي الحنبلي، عن النجم محمد بن البدر محمد الغزي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي شريف المقدسي وإبراهيم بن علي القلقشندي، كلاهما عن عبد الرحمن بن عمر القِبابي، عن عبدالله بن محمد بن قيم الضيائية، أخبرنا الفخر علي بن البخاري سماعاً عليه، عن محمد بن أبي زيد الكراني إجازة، أخبرنا إسحاق بن أحمد بن جعفر الراشتيناني، أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر الذكواني، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ، قال: أنشدنا الحكم لنفسه... الأبيات.

وبالإسناد إلى البدر الغزي، عن أبي الفتح محمد بن محمد المزي، عن عائشة بنت عبد الهادي، عن ست الفقهاء الواسطية، عن الضياء المقدسي، بسنده الماضي قريباً.

• ثم قرأتُها على المشايخ الكرام: محمد بن عبد العلي الأعظمي، وعبد الوكيل الهاشمي، مجتمعَين في الكويت، ومحمد بن الحسن الفَزَازي في فاس، وعائشة وكنزة ابنتي محمد المهدي الكتاني في سَلَا، بأسانيدهم.

وكتبه أفقر العباد
محمد زياد بن عمر التكلة
حامداَ مصليًّا مسلّماً
في الرياض ليلة السبت
29 صفر 1431

نماذج من النسختين الخطيتين

قال الحَكَم بن مَعْبَد الخُزاعي رحمه الله تعالى:

1. مَنَحْتُكُمُ يا أَهْلَ وُدِّيْ نَصِيْحَتِيْ وإنِّيْ بِها فِيْ العَالَمِيْنَ لَمُشْتَهَرْ 2. وأَظْهَرْتُ قَوْلَ الحَقِّ والسُّنَّةِ الَّتيْ عَنِ المُصْطَفَىٰ قَدْ صَحَّ عِنْدِيْ بِها الخَبَرْ 3. أَلَا إنَّ خَيْرَ النّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ سَلَامٌ [1] بِالعَشِيِّ وبِالبُكَرْ 4. أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ للهِ دَرُّهُ عَلَىٰ رُغْمِ مَنْ عَادَىٰ ومِنْ بَعْدِهِ عُمَرْ 5. وبَعْدَهُما عُثْمانُ ثُمَّتَ بَعْدَهُ أبو الحَسَنِ المَرْضِيُّ مِنْ أَفْضَلِ البَشَرْ 6. أُوْلئكَ أَعْلامُ الهُدَىٰ ورُؤُوْسُهُ وأَفْضَلُ مَنْ فيْ الأَرْضِ يَمْشِيْ عَلَى العَفَرْ 7. وحُبُّهُمُ فَرْضٌ عَلَىٰ كُلِّ مُسْلِمٍ وحُبُّهُمُ فَخْرُ الفَخُورِ إذا افْتَخَرْ 8. وحُبُّ الأُلَىٰ قَدْ هاجَرُوا ثُمَّ جَاهَدُوا فَفَرْضٌ ومَنْ آوَىٰ النَّبِيَّ ومَنْ نَصَرْ 9. وأَشْهَدُ أَنَّ اللهَ لا رَبَّ غَيْرُهُ لَهُ الفَضْلُ والنَّعْماءُ والحَمْدُ والشُّكَرْ 10. سَيَبْدُو لَنَا يَوْمَ القِيامَةِ بَارِزاً فَنُبْصِرُهُ[2] جَهْراً كَما نُبْصِرُ القَمَرْ 11. وأَنَّ كَلامَ اللهِ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ ومَنْ قالَ مَخْلُوقٌ فَبِاللهِ قَدْ كَفَرْ 12. أَدِيْنُ بِقَوْلِ الهاشِمِيِّ مُحَمَّدٍ وما بِمَقَالِ الجَهْمِ دِنْتُ ولا القَدَرْ 13. ولا الرَّفْضُ والإِرْجاءُ دِيْنِيْ وإنَّنِيْ لَبَانٍ عَلَى التَّنْزِيْلِ ثُمَّ عَلَىٰ الأَثَرْ 14. فَدِيْنِيَ دِيْنٌ قَيِّمٌ قَدْ عَرَفْتُهُ أَبُوْحُ بِهِ إنْ مُلْحِدٌ دِيْنَهُ سَتَرْ 15. بِهذا أُرَجِّيْ[3] مِنْ إلهِيَ عَفْوَهُ وأَرْجُوْ بِهَذَا الفَوْزَ يا رَبِّ مِنْ سَقَرْ 16. أَجِرْنِيَ يا رَحْمٰنُ إنَّكَ سَيِّدِيْ وجَارُكَ فيْ أَمْنٍ وفيْ أَعْظَمِ الحَبَرْ[4]