دفع المسؤولية المدنية في حوادث المرور - دراسة مقارنة

ملخص الرسالة

دفع المسؤولية المدنية في حوادث المرور

دراسة مقارنة

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصبحه أجمعين، وبعد:

فإن مبدأ العدالة يعد من أهم المبادئ التي حرصت الشريعة الإسلامية وكذا الشرائع السماوية السابقة على تأكيدها، وبالتالي فإن تحقيق العدالة بين الناس أمر واجب، فلا يجوز الافتئات على حقوق بعض الناس لمصلحة الآخرين منهم، فإذا ما وقع ضرر بالغير، فيجب أن نُلزم الفاعل الذي أحدث الضرر بالتعويض.

ومن أوجه الحماية التي قررتها الشريعة الإسلامية، وكذلك القوانين الوضعية للمتضررين: حفظ حقوقهم في التعويض - إذا لحقهم ضرر من حوادث السيارات - وبالتالي فإن حارس السيارة[1] يكون مسؤولاً عن الأضرار التي تنشأ عن الحادث، فيكون ملزمًا بتعويض المضرور، ولكن إذا كان الضرر الواقع على المضرور راجعًا إلى سبب أجنبي عن حارس السيارة، فإنه لا يكون هناك محل لمُساءلة حارس السيارة وإلزامه بالتعويض.

ولإعفاء حارس السيارة من المسؤولية المدنية، فإنه يتحتم عليه إثبات السبب الأجنبي الذي أحدث الضرر، وأنه لا يد له في الضرر.

ولقد أخذت الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية بفكرة السبب الأجنبي كوسيلة للإعفاء من المسؤولية.

فالقوانين الوضعية - حمايةً للمضرور - قررت للمسؤولية قواعد خاصة، فالقيام بهذه المسؤولية يتطلب أن يقوم المضرور بإثبات الخطأ في جانب حارس السيارة؛ لأنه المسؤول عن ارتكاب الفعل الذي أدَّى إلى الضرر.

أما الشريعة الإسلامية، فإنها لم تخصص المسؤولية المدنية بقواعد خاصة؛ لأن السيارة لم تكن موجودة في ذلك الوقت، على أنه يمكن الوقوف على أحكام المسؤولية من خلال قواعد الضمان المقررة في الشريعة الإسلامية، فالشريعة الإسلامية تُرتِّب على جميع التصرفات الفعلية التي فيها اعتداء على حقوق الغير الضمانَ؛ ويعني ذلك: وجوبَ التعويض، والقاعدة في ذلك: (أن المباشر ضامن، وإن لم يتعدَّ، وأن المتسبب لا يضمن إلا إذا كان متعدِّيًا).

وبالتالي فإن مسؤولية حارس السيارة، تقوم إذا ما باشر الحادث دون النظر إلى كونه متعديًا أو لا، ولا يستطيع حارس السيارة التخلص من المسؤولية، إلا إذا أثبت أن هناك سببًا أجنبيًّا هو الذي أدَّى لتدخل السيارة في إحداث الضرر.

فالمسؤولية في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية مسؤولية موضوعية، لا يحتاج لقيامها اشتراط توافر عنصر الخطأ، بل إنها تقوم حتى مع انعدامه، فالمهم هو وجود الضرر الذي لحق بالمضرور.

فهارس الموضوعات: