استقلال عضو هيئة التحقيق والإدعاء العام "دراسة مقارنة بين الفقه والنظام"

ملخص الرسالة

استقلال عضو هيئة التحقيق والإدعاء العام

"دراسة مقارنة بين الفقه والنظام"

مقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

وبعد:

لقد وُجِدتْ الولايات وسلطاتها المختلفة متزامنة مع بدايات نشأة المجتمع الإنساني وتعدد حاجاته، وظهور الدولة، الأمر الذي استلزم وجودها لتتولى شئونه وسياسة أموره، وحيث إن ولي الأمر لا يستطيع القيام بأعباء تلك الولايات بمفرده كان لابد له أن يستعمل لكل ولاية من هو أصلح لها؛ أدءاً لما كلفَّه الله به في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

وحيث إن من الولايات والسلطات الحديثة في النظام السعودي والمتفرعة عن ولاية الإمام سلطة عضو هيئة التحقيق والادعاء العام في المملكة العربية السعودية، والتي أضحت أنموذجًا حيًا للدولة الإسلامية الحديثة ومثالًا يحتذى به لا للبلاد الإسلامية فحسب، بل للعالم أجمع، وذلك بفضل الله تعالى الذي هيأ لها السياسة الحكيمة التي أصدرت عددا من الأنظمة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ومنها الأنظمة المنُظِّمة لسلطة عضو هيئة التحقيق والادعاء العام والتي تتناول الدعوى الجزائية منذ لحظة وقوع الجريمة إلى لحظة إعادة تأهيل مرتكبها عضوا صالحا في المجتمع؛ وهي نظام هيئة التحقيق والادعاء العام الصادر عام ١٤٠٩ هـ ولائحة أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام الصادرة عام ١٤٠٩ هـ ونظام الإجراءات الجزائية الصادر عام ١٤٢٢ هـ؛ حيث جمع المنظِّم السعودي فيها الأحكام والقواعد المنظِّمة للدعوى الجزائية وقام بتوحيد الجهات القائمة على تحريكها ومباشرتها والمشرفة على تنفيذ عقوبتها؛ وذلك للقضاء على سلبيات تعددية جهات التحقيق والادعاء العام، وأناطها بأشخاص ضمن لهم الاستقلال وهم أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام؛ لضمان سلامة جميع الإجراءات المتخذة في جميع مراحل الدعوى الجزائية من أي نفوذ أو تأثير من أي سلطة؛ نظرا لارتباطها بالأمن وبأعراض الناس وحرماتهم وحريَّاتهم وسائر حقوقهم؛ الأمر الذي يتطلب معه دراسة استقلالية هذه السلطة والتي يتمكن من خلالها عضو هيئة التحقيق والادعاء العام القيام بأعمال سلطاته ومباشرتها دون أي تدخل أو تأثير عليه وبيان أحكامها على ضوء الشريعة الإسلامية ومقارنتها مع نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ولائحة أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام ونظام الإجراءات الجزائية بالمملكة العربية السعودية.

هذا ولا يفوتني في هذا المقام أن أشكر كل من أعانني أو قدم لي توجيها وأخص منهم صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز المشرف على هذا البحث وسعادة الدكتور المستشار رضا الملاح على قبوله لمناقشته كما لا يفوتني أن أشكر فضيلة الشيخ الدكتور عارف العلي رئيس قسم السياسة الشرعية والذي أخذ بيدي باقتراحه علي في الالتحاق بقسم السياسة الشرعية وعلى متابعته الحثيثة لي فجزاهم الله خير الجزاء.

فهرس الموضوعات